خَطَرَ الْمُخَدِّرَاتِ وَأَضْرَارُهَا وَحُرْمَةِ تَعَاطِيهَا

الْخُطْبَةِ الأُولَى:

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾

﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿ وَإِن تَعُدّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ﴾فإن نعم الله علينا كثيرة أمرنا الله تعالى بشكره على هذه النعم،ومن أعظم وأجل هذه النعم نعمة العقل,فبالعقل ميز الله عز وجل الإنسان وكرمه على سائر خلقه قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾والشريعة الإسلامية جاءت للمحافظة على ضروريات الحياة الخمس وهي:الدين والنفس والنسل والعقل والمال ،فالعقل هو مناط التكليف الشرعي؛ فمن فقد نعمة العقل رُفع عنه التكليف ومما يذهب بالعقل الإدمان على المخدرات والمسكرات وغيرها.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾وإنَّ تعاطي المخدرات يؤدي الى مضار جسمية ونفسية واجتماعية، قَالَ تَعَالَى:﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾والمخدرات من الخبائث ،وهي جزء من كيد الاعداء لهذه البلاد لاستغلال ابناء بلاد التوحيد من خلال بث سموم المخدرات في المدارس وغيرها،يريدون أن ينشأ جيلٌ لا عقل له ولا دين فيخربون بيوتهم بأيديهم لتسهيل عمل المفسدين الذين يستهدفون مختلف الأعمار وتركيزهم على مرحلة المراهقة والشباب فهم الدرع الحصين للدفاع عن حياض هذه البلاد ،فالمخدرات من أعظم المشكلات التي تهدّد أمن وسلامة المجتمعات وتعوق تقدمها في كافة المجالات وتُشكل خطراً محققاً يجب الحذر منه وتوعية الناشئة من هذا الخطر المدمر ،وقد حرم العلماء المخدرات؛نظراً لآثارها السلبية السيئة، وضررها على الأفراد والمجتمعات قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾والمخدرات تذهب بالعقل.قَالَﷺ:«كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:«مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ، لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ»قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ،وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ:«عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ»أَوْ «عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ:«الْخَمْرُ أُمُّ الْخَبَائِثِ فَمَنْ شَرِبَهَا لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ فِي بَطْنِهِ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً» حَسَّنَهُ الأَلْبَانيُّ.وَقَالَﷺ:«لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْني وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..

الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِه ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمَاً لِشَأْنِه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .

عِبَادَ اللَّهِ:لا يَنفَكُّ أَعدَاءُ الدِّينِ وَشَانِئُو الفَضِيلَةِ مِن دُعَاةِ الشَّرِّ وَمُرَوِّجُو الرّذِيلَةِ-لا يَنفَكُّونَ يَطرُقُونَ إِلى الفِتنَةِ كُلَّ بَابٍ، وَيَسلُكُونَ إِلى الإِفسَادِ كُلَّ طَرِيقٍ،ومن الطرق الغريبة أن بعض دول الجوار روجت المخدرات مع الطيبات من الفواكه والخضار لان هَمُّهُم زعزعة الأمن في بلاد الحرمين الشريفين  قَالَ تَعَالَى:﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ﴾.

لذا فلا بدّ من الوعي بحقائق الأمور وإدراك حجمِ الخطر، ثم التكاتُف والتآزر والتعاون بين أفراد المجتمع للحدّ من هذا الوباء وصدّه،ولا بدّ من تنمية الرقابةِ الذاتيّة بالإيمان والخوف من اللهِ في قلوبِ الناس عامّةً والناشئة والشّباب خاصّة،ولا بدّ من تكثيفِ التوعية بأضرار المسكرات والمخدّرات،وتجب العنايةُ بالشباب وملءُ فراغهم بما ينفعُهم وينفعُ مجتمعَهم. ويجب الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر فهي مهمة كلِّ مسلمٍ ،ولا بدّ أن يتكاتفَ أفراد المجتمع مع الجهاتِ المسؤولة على نبذِ المروّجين والتبليغ عنهم لتجفيف هذا المنبع الخطير.

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين.واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.اللّهمّ واصرف عن بلادنا جائحة كورونا وعن سائر بلاد المسلمين ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. عِبَادَ اللَّهِ: اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.