خطب ومضى الثلث

طلائع السلوان
1432/09/11 - 2011/08/11 17:51PM
الخطبة الأولى


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله دائم الفضل والإحسان، أنعم علينا بشهر رمضان، وجعله أحدَ أركان الإسلام، وعجَّل فيه لعباده العطاء والإنعام، أحمده سبحانه على جوده المدرار، وأشكره على نعمه الغزار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .....


أمّا بعد: أيها الناس / اتقوا الله تعالى في الموارد والمصادِر، فتقواه خيرُ ما أعِدَّ لليومِ الآخر، والمتّقِي هو المنتصر والظافِر، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا


عباد الله / نعم الله تتجدد بمرور أيام رمضان، وآلاؤه تتوالى علينا بتوالي ليالي هذا الشهر الفضيل ، فلله الحمد على هذه النعمة.


ومعرفة نعمة الله علينا في هذا الشهر يا عباد الله هو الذي يجدد النشاط في النفس ويبعث العزيمة على استغلال كل لحظات هذا الشهر الكريم ، وأن يكون الشهر كله في عبادة وطاعة لله بل العمر كله قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ


عباد الله / لقد أنهينا ثلث رمضان الأول ، فلا بد من حساب، كيف مضت أيام الشهر الماضية؟ وكيف انقضت لياليه، ذهب الثلث والثلث كثير، فماذا فعلنا وقدمنا فيما مضى فإن كان خيراً فلنستمر على هذا الخير وإن كان ثم تقصير أو نقص أو كسل أو فتور وهذا هو الواقع والملاحظ فعلينا استدراك ذلك باستحضار النية أثناء الصيام ، وأن العبد يصوم لرب العالمين، والهدف من امتناعه عن الملذات هو إرضاء رب العالمين ، قال صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»متفق عليهومن ذلك تذكر الأجر في هذا الصيام والاحتساب في ذلك ، واستشعار قوله صلى الله عليه وسلم: «ومن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه عن أبي هريرة .


وهذا يكون في كل الشهر ، وكذلك نستشعر أجر الصيام العظيم والذي يكون بغير اعتبار عدد معين كما قال صلى الله عليه وسلم: (( يقول الله عز وجل: كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به، يدع شهوته وطعامه من أجلي )) رواه مسلم عن أبي هريرة .


وكذلك نستشعر أن الصيام سبب لتكفير جميع الذنوب، إلا الكبائر قال صلى الله عليه وسلم paranoid.gif(الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهنّ إذا اجتنبت الكبائر))


عباد الله / فضائل الصيام وأهله كثيرة متعددة، يفرح الصائم بفطره، وعند لقاء ربه، والباب المخصص الذي يدخله الصائمون إلى الجنة "باب الريان"، والخلوف الذي هو أطيب عند الله من ريح المسك، وفتح أبواب الجنة، وتغليق أبواب الجحيم، وسلسلة الشياطين كل هذه الأشياء وغيرها إذا استشعرنا فضلها وعملنا جادين على الحصول عليها يبعث الهمة ويضاعف الجهد في استغلال لحظات هذا الشهر الكريم.


قال صلى الله عليه وسلم paranoid.gif(إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردت الجن وغلّقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة- أول الشهر وأوسط الشهر وآخر الشهر كل ليلة، في جميع رمضان-: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر)).


وقال صلى الله عليه وسلم paranoid.gif( رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له من أدرك شهر رمضان ولم يغفر له فأدخله الله النار فأُدخل النار فأبعده الله قال جبريل لمحمد:قل آمين، قال محمد : آمين)) رواه الترمذي, وصححه الألباني .


وقال صلى الله عليه وسلم :((من صام يوماً في سبيل الله ـ يعني: صابراً ومحتسباً، وقيل في الجهاد ـ باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفاً))، وقال: ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله من جهنم مسيرة مائة عام))، وقال: ((من صام يوماً في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقاً كما بين السماء والأرض))، وقال: ((من صام يوماً في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفاً)).


عباد الله / ومما يدفع الهمة ويجدد النشاط في استغلال ماتبقى من هذا الشهر هو تنويع العبادة في أيام الشهر من صيام، وقيام، وقرآن، وإطعام، وإنفاق، وزكاة وصدقة، وصلة رحم ، وبر ، ودعوة ، وغير ذلك من أنواع العبادات .


ومما يدفع الهمة ويجدد النشاط في استغلال ماتبقى من هذا الشهر تذكر طول الوقت الذي سيمر حتى يأتي شهرنا مرة أخرى، أشهر طويلة عديدة مديدة ستبقى حتى يأتي الشهر مرة أخرى، وهذا إذا بقيت فكم من الناس الذين وافاتهم آجالهم ولم يدركوا هذا الشهر فهذا التذكر يبعث إلى ازدياد النشاط ومضاعفة العبادة وترك الكسل ونفض الغبار والقيام لله رب العالمين.


اللهم اجعلنا ممن عمر هذا الشهر بالعبادة، اللهم أعنا فيه على ذكرك و شكرك وحسن عبادتك، وارزقنا توبة نصوحاً، وعملاً متقبلاً، وصياماً مبروراً، وقياماً مشكوراً. اللهم إنا نبرأ إليك من تقصيرنا، اللهم إنا نسألك أن تتجاوز عما أسرفنا فيه من حق أنفسنا. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .












الخطبة الثانية


الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .


عباد الله / إن شهر الصيام فرصة تعلو فيها الهمم فما تزال الهمة العالية بصاحبها تضربه بسياط اللوم و التأنيب وتزجره عن مواقف الذل و اكتساب الرذائل و حرمان الفضائل حتى ترفعه من أدنى دركات الحضيض إلى أعلى مقامات المجد ، كيف لا و الصائم يقضي شهراً كاملاً من وقته يناجي ربه و يستغفره و يستهديه و يسأله المزيد من فضله ، يتلو كتاب الله ويتصدق و يصلي ويدعو فتطيب نفسه وينشرح صدره و غير ذلك من الفضائل ، وإن هذه المعاني و الأعمال الخيرة تحتاج من النفس إلى صبر و مصابرة و لكنها لذة بالنهاية فالمكارم منوطة بالمكاره و السعادة لا يعبر إليها إلا على جسر المشقة .


الله أكبر إن عيني قد رأت * نوراً بآفاق السما يتلالا


فلعله فجر الأخوة قد بدا * يحي النفوس و يبعث الآمالا


ويميط عن هذي القلوب قناعها * فتعود ترسل نورها إرسالا


وتروح بالإسلام تكسر قيدها * و تفك عن أعناقها الأغلالا


و ترد للدنيا عدالة أحمد * و تعيد للإسلام تلك الحالا


اللهم أحينا سعداء وتوفنا شهداء و اجعلنا في الجنة مع النبيين و الصديقين و الشهداء ، هذا وصلوا على النبي المجتبى والرسول المصطفى ...


(الخطبة الأولى )
أما بعد:

معاشرالمسلمين :
ما أسرع ما تمضي الأيام.. شهر رمضان، ضيف كريم استقبلناه بالأمس، وها هو اليوم قد إنقضى
الثلث الأول منه، وهل فينا من قام فيه بما عرف؟ وتشوقت نفسه لنيل الشرف؟

فاغتمنوا فرصة تمرُّ مرَّ السحاب، وادخلوا قبل أن يُغلق الباب.. فإنه يوشك الضيف أن يرتحل، وشهر الصوم أن ينتقل، فأحسنوا فيما بقي، يُغفَر لكم ما مضى، فإن أسأتم فيما بقي أُخذتم بما مضى وبما بقي.

رحل ثلث رمضان، وبين صفوفنا الصائم العابد، الباذل المنفق الجواد، نقي السريرة، طيب المعشر، فهنيئاً لهؤلاء العاملين ما ادخروه عند رب العالمين.

رحل ثلث رمضان، وبين صفوفنا صائم عن الطعام والشراب، يبيت ليله يتسلى على أعراض المسلمين، وتقامر عينه شهوة محرمة يرصدها في ليل رمضان، يده امتدت إلى عاملٍ مسكين فأكلت ماله، أو حفنةِ ربا فأخذتها دون نظر إلى عاقبة، أو تأمل في آخرة.

رحل ثلث رمضان، وبين صفوفنا من فاتته صلوات وجماعات، قد آثر النوم والراحة على كسب الطاعات.. وبين صفوفنا بخيلٌ شحيح، أسودُ السريرة، سيءُ المعشر، دخيلُ النية، فأحسن الله عزاء هؤلاء جميعاً في ثلثهم الأول، وجبرهم في مصيبتهم، وأحسن الله لهم استقبال ما بقي لهم.

أيها المفرطون في شهر
رمضان القائم، هل أنتم على يقين من العيش إلى رمضان قادم؟! فقوموا بحق شهركم، واتقوا الله في سرِّكم وجهركم، واعلموا أن عليكم ملكين يصحبانكم طول دهركم، ويكتبان كل أعمالكم، فلا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم.

إن أيام
رمضان يجب أن تُعظَّم وتصان، وتُكرَّم ولا تُهان، فهل حبستم غرضكم فيها عن فضول الكلام والنظر؟! وكففتم جوارحكم عن اللهو والعبث؟! واستعددتم من الزاد ما يصلح للسفر؟! أم أنتم ممن تعرض في هذا الشهر للمساخط، وقارف المظالم والمساقط.

كان قتادة رحمه الله يقول: كان يقال: من لم يغفر له في
رمضان فلن يغفر له.

أيها الإخوة المؤمنون:

إننا مسؤولون عن هذه الأوقات من أعمارنا، في أي مصلحة قضيناها؟ أفي طاعة الله وذكره، وتلاوة كتابه وتعلم دينه، أم قضيناها في المقاهي وأمام القنوات، أو في اللهو واللعب الذي لا يعود علينا بكبير فائدة، بل هو من أسباب البعد عن الله تعالى.
فلنستدرك باقي الشهر، فإنه أشرف أوقات الدهر، هذه أيام يحافظ عليها وتصان، هي كالتاج على رأس الزمان، ولنعلم أننا مسؤولون عما نضيعه من أوقات وأحيان.

أيها المؤمنون:
إن شهر
رمضان شهر العتق من النيران، شهر فكاك الرقاب من دار الشقاء والحرمان، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "لله عز وجل عند كل فطر عتقاء" [أخرجه أحمد والطبراني وحسنه الألباني.. وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند أحمد وصححه الألباني: "إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة يعني في [/COLOR][/FONT][URL="http://www.al-bjadyah.com/vb/showthread.php?t=5381"]رمضان [/URL]وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة.

فاجتهدوا – يا رعاكم الله – ما استطعتم في إعتاق رقابكم، وفكاك أبدانكم، وشراء أنفسكم من الله جل جلاله.

أيها المؤمنون:
هذا أوآن التوبة والاستغفار، والأوبة والانكسار.
متى يتوب، من لم يتب في رمضان؟ ورغم أنف رجل أدرك
رمضان فلم يغفر له.

إن
رمضان فرصة للمذنبين.. فالشياطين مصفدة.. وشهوات النفس مقيدة.. والنفحات ممنوحة.. وأبواب الجنة مفتوحة.

قال ابن رجب: وما في هذه المواسم الفاضلة موسمٌ إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته، ولله فيه لطيفة من لطائف نفحاته، يصيب بها من يعود بفضله ورحمته عليه، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات. اهـ

وقد روى الطبراني وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده".

الله أكبر.. هذه نفحات الرحيم قد تنزلت.. هذه نسمات الأنس قد هبت.. هذه بساتين الجنان قد تزينت.. وجدير بالمؤمن أن يشمر ويجتهد.. وحري بالغافل أن يعاجل، وجدير بالمقصر أن يشمر. وأن يقصر عن التقصير في الشهر القصير.

عباد الله:
ونحن نرى الناس في هذه الأيام يتهافتون على استثمارات الدنيا، من الأسهم والعقارات، والمصالح والتجارات.. ما أحرانا أن نستثمر
رمضان بالأعمال الصالحة، والتجارة الرابحة.. وإليكم بعض فرص الاستثمار الرابح.




فمن فرص الاستثمار الرابح في رمضان: بذل المعروف، ومد يد العون للمحتاجين، ورعاية الضعفاء والمعوزين.. فقد كان نبيك صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في
رمضان حين يلقى جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة كما يقول ابن عباس رضي الله عنهما، والحديث في الصحيحين.

ومن فرص الاستثمار الرابح: صلاة القيام، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من قام
رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه).. وأخبر صلى الله عليه وسلم (أن من من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة).. فهنيئاً للقائمين.

ومن فرص الاستثمار في رمضان: صلة الأرحام، وتحقيق معالم التواصل المفقود في حياة الكثير منا.

ومن فرص الاستثمار في رمضان: توسيع دائرة الأخلاق في التعامل مع الآخرين، فإن دائرة الأخلاق من أوسع الدوائر التي يلج منها الصائم إلى رضوان الله تعالى، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم عند الترمذي وغيره: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن).

إن صاحب الأخلاق الفاضلة يزيده
رمضان عطفاً على الآخرين، واحتراماً لهم، وتقديراً لظروفهم.. لا كما يفعله بعض الناس ممن تضيق أخلاقهم عند الصوم.
ومن فرص الاستثمار في رمضان: العمرة في رمضان، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما.

وقال صلى الله عليه وسلم لأم معقل رضي الله عنها: (عمرة في
رمضان تقضي حجة أو قال: كحجة معي).

ويمكن للمستثمر أن يوسّع دائرة الأجر بالمساهمة في معونة المحتاجين ليؤدوا العمرة.

ومن فرص الاستثمار في رمضان: تبنّي بعض الأعمال الدعوية والاجتماعية، كتعليم كتاب الله تعالى، وعمل المسابقات التربوية والاجتماعية للأسر أو الشباب، وإقامة رحلات العمرة، ونحو ذلك من الأعمال النافعة.


ومن فرص الاستثمار في رمضان: إحياء شعيرة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، فإنها من السنن التي كان يحافظ عليها نبي الهدى صلى الله عليه وسلم.

ألا فانتهزوا رحمكم الله هذه الفرص العظيمة، وما تقدوموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً، واستغفروا الله إن الله غفور رحيم).. أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فأستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



(الخطبة الثانية)

الحمد لله على إحسانه والشكر على توفيقه وإمتنانه ، وأشهد أن محمدآ عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
عباد الله:

ومن فرص الاستثمار الرابح في رمضان: العناية بالقرآن الكريم حفظاً وتلاوة وتفسيراً.

رمضان شهر تلاوة القرآن، وتدبُّر آي الفرقان، بمدارسة معاني الألفاظ، والرجوع إلى أهل العلم من القراء والحفاظ.

لقد شرفكم الله تعالى وتبارك، بهذا الكتاب المبارك، فتدبروا آياته، وتفكروا في بيِّناته، وقفوا عند عظاته،.

لقد كان السلف الكرام رحمهم الله يكثرون من ختم القرآن، فإذا جاء
رمضان إزدادوا من ذلك لشرف الزمان، وكان جبريل عليه السلام يلقى رسول الله في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن. وفي آخر عام من حياة سيد الأنام، عارضه جبريل القرآن مرتين على التمام.

وكان الأسود التابعي رحمه الله يختم القرآن في
رمضان كل ليلتين، وكان يختم في غير رمضان كل ست ليال.


وكان قتادة رحمه الله يختم القرآن في كل سبع ليال مرة، فإذا جاء
رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة، فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة.

وكان الشافعي رحمه الله يختم في شهر
رمضان ستين ختمة.

قال النووي: وأما الذي يختم القرآن في ركعة فلا يحصون لكثرتهم فمن المتقدمين عثمان بن عفان، وتميم الداري، وسعيد بن جبير رضي الله عنه ختمة في كل ركعة في الكعبة.

قال الذهبي: قد روي من وجوه متعددة أن أبا بكر بن عياش مكث نحواً من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة، ولما حضرته الوفاة بكت أخته فقال: ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختم أخوك فيها ثمانية عشر ألف ختمة.

عباد الله:
إن
رمضان فرصة حقيقية للاستثمار الرابح مع الله، واللبيب يدرك بصدق أن الفرص تلوح، وقد لا تعود، فاستثمروا رحمكم الله ما بقي من حياتكم.. وتزودوا لمعادكم قبل مماتكم.. (واتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه، وبشر المؤمنين)

وصلوا وسلموا رحمكم الله على خير البرية...
المشاهدات 8839 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا