خطب عيد الأضحى المبارك 1432 مختارات الشبكة وخطب أعضاء الملتقى مدمجة هنا

صالح العويد
1432/12/06 - 2011/11/02 03:52AM
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر
الله أكبرالله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
الله أكبر عدد ما أحرم الحجاج من الميقات ، وكلما لبى الملبون وزيد في الحسنات ، الله أكبر عدد ما دخل الحجاج مكة ومنىً ومزدلفة وعرفات الله أكبر عدد ما طاف الطائفون بالبيت الحرام وعظموا الحرمات ، الله أكبر عدد من سعى بين الصفا والمروة من المرات ، والله أكبر عدد ما حلقوا الرؤوس تعظيماً لرب البريات
الحمد لله الذي سهل لعباده طرق العبادة ويسر ، وتابع لهم مواسم الخيرات لتزدان أوقاتهم بالطاعات وتعمر ، الحمد لله عدد حجاج بيته المطهر ، وله الحمد أعظم من ذلك وأكثر ، الحمد لله على نعمه التي لا تحصر ، والشكر له على آلائه التي لا تقدر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ملك فقهر ، وتأذن بالزيادة لمن شكر ، وتوعد بالعذاب من جحد وكفر
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الوجه الأنور ، والجبين الأزهر ، طاهر المظهر والمخبر ، وأنصح من دعا إلى الله وبشر وأنذر ، وأفضل من صلى وزكى وصام وحج واعتمر ووحدوكبر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مديداً وأكثر . . . أما بعد :
فاتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من نعمة الدين العظيم ، الذي أكمله لكم ، وأتم عليكم به النعمة ، ورضيه لكم ديناً ، قال تعالى : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " ،
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
إخوةَ الإسلام، خطبةُ الوداع جاءت تذكِّر الأمّة في كلِّ حين بأسباب
الحياةِ المثلى، وتبصِّرها بسُبل الوقاية من الشرور والفتَن
ففي خطبة الوداع يقول عليه الصلاة والسلام : ((إن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم ((مبادئ خالدة لحقوق الإنسان لا يبلغها منهج وضعي ولا قانون بشري، فلصيانة الدماء يقول تعالى: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حياةٌ [البقرة:179]، ولصيانة الأموال يقول تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38]، ولصيانة الأعراض يقول تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِى فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ [النور:2]، هذا لغير المحصن، أما المحصن فعقوبته الرجم حتى الموت، فلا كرامة لباطل ولا حصانة لفوضى خلقية.
ولصيانة الأعراض كذلك(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4)
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
معاشرَ المسلمين، في موقفِ الوداع يُعلن المصطفى حكمَ الإسلام
الأبديَّ في قضيةٍ خطيرة من قضايا الاقتصاد، إنها قضيّة الربا، فيقول عليه أفضل الصلاة والسلام: ((وإنّ ربا الجاهليّة موضوعٌ، وإنّ أوّلَ ربًا أبدأ به ربا العباس بن عبد المطلّب) حرم الله الربا لعظيم ضرره وكثرة مفاسده ولهذا أعلن الله تعالى الحرب على أصحابه ومروجيه، حرب في الدنيا: غلاء في الأسعار، أزمات مالية، أمراض نفسية ، أما في الآخرة فعذاب أليم
ويعتبر النظام الربوي مسئولاً عن كثير من الأزمات المالية والاقتصادية على مستوىالأفراد والجماعات والدول
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
أمّةَ
الإسلام، المرأة في الإسلام شقيقةُ الرجال في إقامة الحياة على خيرِ حال، علاقتها به علاقةُ مودّةٍ ورحمة وسَكَنٍ وطمأنينة، يقول عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع: ((فاتّقوا الله في النّساء، فإنّكم أخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله))(5)[5]، ولئن حكى التاريخ تحقيرَ العصور الجاهليّة الأولى للمرأةِ وسلبَها حقوقها وكرامتَها فإنّ الحالَ اليومَ أسوأُ [منه] في حضاراتِ غير الإسلام،
وفي أمتنا اليوم من يتباكى على حال المرأة، فينصبون أنفسهم مدافعين عن حقوقها، منصفين لأوضاعها المهضومة، فهي كما يزعمون كمٌ مهمل وطاقة مهدرة ورئة معطلة.
وإن مما تأسف له النفوس أن هناك ثلة من المسلمين اليوم هضموا حقوق المرأة في الإسلام ، فحرموها من الميراث المقدر لها شرعاً وعرفاً ، ومنعوا التعدد ، وعضلوهن عن الزواج من أجل أكل رواتبهن ، وأهملوا العدل بين الزوجات ، وكل ذلك حرام ، ففي الميراث: " للذكر مثل حظ الأنثيين " ، وفي زواجهن من الخاطب الكفء قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ " [ أخرجه الترمذي وابن ماجة وحسنه الألباني ] ، وفي شأن العدل بين الزوجات يقول الله تعالى : " فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط " [ أخرجه الخمسة وغيرهم ، بسند صحيح ]
فاتقواالله عبادالله واستوصوابالنساءخيرا وارفقوا ببناتكم وأخواتكم ومن هن تحت ولايتكم ، فهن الحجاب من النار ، أخرج البخاري ومسلم من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " من ابتلي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بشيء فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ
أمة الإسلام : لقد أعز الإسلام المرأة ، ورفع مكانتها ، وأعلى من شأنها ، ولهذا أمرها بالحجاب والستر والعفاف والقرار في البيوت ، كي لا تصل إليها يد العابثين بالأعراض ، قال تعالى : " وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " ، وقال تعالى : " وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن
أيتها النساء اتقين الله ، ودعن لباس العاهرات ، شرقيات كن أم غربيات ، ولا تتتبعن الموضات ، وإياكن وتقليد الكافرات في قصات شعرهن ، والفاضح من لباسهن وتجنبن النقاب ذا الزينة والتبرج ، واحذرن من العباءة المخصرة وذات الزمام والمزركشة ، فكل تلك الألبسة لا تمت للإسلام بصلة ، بل هي طريق ممهد إلى النار والعياذ بالله ، قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا وذكر وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا " [ أخرجه مسلم ] معاشر النساء، إن من شكر الله تعالى في حقكن أن تلتزمن بأدب الإسلام فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاْولَى وَأَقِمْنَ الصلاةَ وَءاتِينَ الزكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب:32، 33]، وأطعن أزواجكن بالمعروف واحفظن أعراضكن والتزمن بالحجاب الشرعي بحشمة وعفة، وتصدقن ولو من حليكن.
أيّها المسلمون، وتُختَم كلمات الوداع من نبيّ الأمّة وهو يفارقها بوَصيّة تضمَن لها السعادة والرفعةَ والنصرَ والعزّ، إنها وصيّة الالتزام بالتمسك بالوحيين والاعتصام بالهديين، قال : ((تركتُ فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا بعدي: كتابَ الله وسنتي))(8)[8]. تمسُّكٌ بهما في شتَّى الجوانب، واعتصامٌ بهما في جميع الأحوال، عقيدةً وعملاً، شريعةً وتحاكمًا.
ألا فليكن التنظيمُ في حياة المسلمين على
وفقهما، وليُنهَج في ديار المسلمين الإصلاحُ في ضوء مذهبهما، نظامُ حياةٍ كامل، ودستور إصلاح شامِل،وانظرإلى كتاب الله وهويقررويوضح لنا بجلاءٍ ما الذي أصابَ ويصيبُ الأمة اليوم قال تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَاذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165]، نعم قل: هو من عند أنفسكم، ضعفٌ في الإيمان، وصدعن كتاب الله وسنة رسول اللهٌ ، تضييعٌ لآكد أركانِ الإيمان الصلاة، منعُ للزكاة، تراشقٌ بالتهَم بين المسلمين، حبُّ الدنيا، فشوّ المعاصي، ضعفُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تقاطعٌ وتدابر، تشاحن وسوءُ ظن، إلى غير ذلك من أفعال تهدم الأمة برمتها
أمة الإسلام، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سياج متين تقوم به الأمة لتحفظ دينها ويدوم خيرها، فتحفظ الصالح من أمورها وشئونها وتقضي على السيئ والفاسد من أحوالها وأوضاعها ولا تستوفى أركان الخيرية لهذه الأمة إلا به كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، بدونه تضمحل الديانة وتعم الضلالة وتفسد الديار ويهلك العباد.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.
أمة الإسلام : إن يومكم هذا يوم عظيم ، هو يوم الحج الأكبر ، وهو آخر الأيام المعلومات ، وأول الأيام المعدودات وحُقّ للمؤمن أن يفرحَ ويتهللّ عقِب عشرٍ مباركة عظيمةٍ من شهر ذي الحجَّة صام فيها وقامَ وتقرب بأنواع القربات ولهج لسانه بالذكروالدعوات
يقعُ هذا العيدُ شكراً لله تعالى على العبادات الواقعة في شهر ذي الحجة
يومُ العيد يمثّل وسطيّةَ الدين، بهجة النفس مع صفاء العقيدة، إيمان القلب مع متعة الجوارح. العيدُ في حساب العمر وجريِ الأيام والليالي أيامٌ معدودة معلومَة، ومناسبةٌ لها خصوصيّتها، لا تقتصر الفرحةُ فيه على المظاهر الخارجيّة، لكنّها تنفذ إلى الأعماق وتنطلق إلى القلوب، فودِّع الهمومَ والأحزان، ولا تحقد على أحد من بني الإنسان، شاركِ الناسَ فرحتَهم، أقبِل على الناس، واحذَر ظلمَهم والمعصيةَ،فكل يوم لايعصى الله فيه فهوعيد
العيد فرحةٌ تشمَل الغنيَّ والفقير، ومساواةٌ بين أفرادِ المجتمع كبيرِهم وصغيرِهم تتصافى القلوب، وتتصافَح الأيدي، ويتبادَل الجميعُ التهانيَ
في هذا اليوم ينبغي أن ينسلخَ كلّ إنسان عن كبريائه، وينسلخَ عن تفاخرِه وتباهيه، فلا يفكّر بأنّه أغنى أو أفضل من الآخرين،
إنَّ يومَ العيد ليسَ تمرّداً من معنى العبوديّة وانهماكاً في الشهوات، كلاَّ فلم يكن فرحُ المسلمين في أعيادهم فرحَ لهوٍ ولعب، تُقتحَم فيه المحرَّمات، وتنتَهَك الأعراض، وتشرَّد فيه العقول أو تُسلَب، إنما هو فرحٌ تبقى معه المعاني الفاضلةُ التي اكتسبَها المسلمُ من العبادة، وليسَ كما يظنّ بعضُهم أنَّ غيرةَ اللهِ على حدودِه ومحارمِه في مواسمَ محدّدةٍ ثم تُستبَاح المحرَّمات.
العيد ـ عباد الله ـ مناسبةٌ للمراجعة الصادقة مع النفس، نتأمَّل فيها حكمةَ الله في قضائه، نتأمَّل قدرتَه وحكمَ آجاله، نتذكَّر إخوةً لنا أو أصدقاءَ أو أقرباءَ كانوا معنا في أعيادٍ مضت، كانوا ملءَ السمع والبصر اخترمتهم المنون، فندعو لهم بالرحمة والمغفرة والرضوان.
الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ،
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
المشاهدات 13303 | التعليقات 16

الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد
الحمد لله مدبّرِ الأحوال، أحمده سبحانه وأشكره في الحال والمآل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تفرّد بالعظمة والجلال، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أكرمه الله بأفضل الخصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما دامت الأيام والليال.

أما بعد: أيها المسلمون،اتقواالله وزينوا عيدكم بالتكبير وعموم الذكر،
وأدخلوا السرور على أنفسكم وأهليكم، واجعلوا فرحتكم بالعيد مصحوبة بتقوى الله وخشيته
يقول المصطفى : ((أيام العيد أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى)) ولذلك لايجوزصيام يومي العيد وأيام التشريق
أيهاالأحبة، رحم الإنسان هم أولى الناس بالرعاية، وأحقهم بالعناية، وأجدرهم بالإكرام والحماية، صلتهم مثرات في المال، ومنسأة في الأثر، وبركة في الأرزاق، وتوفيق في الحياة وعمارة للديار، يقول النبي : ((من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه)) رواه البخاري.صلتهم أمارة على كرم النفس وسعة الأفق وطيب المنبت وحسن الوفاء، ومعاداة الأقارب شر وبلاء، الرابح فيها خاسر، والمنتصر مهزوم، وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها، وتشهد عليه بقطيعة إن كان قطعها.وأعظم الرحم والداك فاعلم أن الله قرن طاعتهما بطاعته ، وحقهما بحقه ، فقال سبحانه : " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً)) فاجعلوا عيد هذا اليوم منطلق لوأد القطيعة وطي صحيفة الشقاق والنزاع فمن بشاشة عند اللقاء ولين في المعاملة إلى طيب في القول وطلاقة في الوجه، زيارات وصلات، تفقد واستفسار، مهاتفة ومراسلة كف مبذول، وبر جميل، وإذا أحسنت القول فأحسن الفعل وإن من خيار بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وخفض الجناح لليتامى والبائسين دليل الشهامة وكمال المروءة ويحفظ بإذن الله من المحن والبلايا.
عبادالله اعلمواأن من خيرأعمالكم في هذااليوم ذبح الأضاحي والأضحية مشروعة بكتاب الله وسنة رسوله وإجماع علماء المسلمين، وبها يشارك أهل البلدان حجاج بيت الله الحرام في بعض شعائر الحج؛ فالحجاج يتقربون إلى الله بذبح الهدايا وأهل البلدان يتقربون إليه بذبح الضحايا، وهذا من رحمة الله بعباده، فضحّوا أيها المسلمون عن أنفسكم وعن أهليكم تعبدًا لله تعالى وتقربًا إليه واتباعًا لسنة رسوله . ويبدأ وقت ذبحها من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق ومن ذبح قبل الصلاة فهي شاة لحم وليست بأضحية ، ولم يصب سنة المسلمين ، قال صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ نُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى ، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ " [ متفق عليه ] ،، والذبح في النهار افضل ويجوز في الليل .والواحدة من الغنم تجزئ عن الرجل وأهل بيته، الأحياء والأموات ، ومن الخطأ أن يضحي الإنسان عن أمواته من عند نفسه ويترك نفسه وأهله الأحياء.ومن كان عنده وصايا بأضاحي فليعمل بها كما ذكر الموصى، فلا يدخل مع أصحابها أحدًا في ثوابها، ولا يخرج منهم أحدًا، وإن نسي أصحابها فلينوها عن وصية فلان فيدخل فيها كل من ذكر الموصي.
والسنة أن يذبحها المضحي بنفسه، ومن كان لا يحسن الذبح فليحضر ذبحها ، ويسمي المضحي أضحيته فيقول إذا أضجعها للذبح على جنبهاالأيسرمتجهة إلى القبلة: بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا منك ولك وإن كان سيشرك أحدافيقول عني وعن أهل بيتي الأحياءوالأموات أوالأحياءفقط وإن كان موصى بذبحهافيقول عن فلان أوفلانة ويسمي من الأضحية له
وأما مسح الظهر للأضحية فلا أصل له وليس من السنة
فاتقوا الله يا عباد الله ، واقتدوا بالنبي e . واتقوا الله في هذه البهائم ، اذبحوها برفق ، وأحدوا السكين ، ولا تحدوها وهي تنظر ، ولا تذبحوها وأختها تنظر إليها ، وأمروا السكين بقوة وسرعة ولا تلووا يدها وراء عنقها فإن في ذلك تعذيبا لها وإيلاما دون فائدة . ولا تكسروا رقبتها أو تبدأو بسلخها قبل تمام موتها ، ولا تدفعوا للجزار أجرته منها واحذروا ذبح من هو تارك للصلاة وكلوا من الأضاحي واهدوا وتصدقوا وانبذوا عن أنفسكم الشح والبخل، وإذا عجزت عن الأضحية فاعلم أن رسول الهدى قد ضحى بكبشين أملحين أقرنين، أحدهما عن نفسه وأهل بيته، والآخر عن أمته الله أكبر .. الله أكبر ، لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد .


شكر الله لكم شيخ صالح ونفع بكم


خُطْبَةُ عِيدِ الْأَضْحَى 1432هـ
للشيخ/ محمد بن مبارك الشرافي
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ !
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ !
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ !
اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا هَلَّ هِلَالٌ وَأَبْدَرَ , اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا لَبَّى حَاجٌّ وَكَبَّرَ , اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا تَرَاكَمَ سَحَابٌ وَأَمْطَرَ , و اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا نَبَتَ نَبَاتٌ وَأَزْهَرَ , واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ .
الْحَمْدُ للهِ الذِي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طُرُقَ الْخَيْرَاتِ , وَيَسَّرَ لَهُمْ سَبِيلَ الْعِبَادَاتِ , وَوَعَدَهَمْ بِالثَّوَابِ عَلَى أَعْمَالِهِمُ الصَّالِحَاتِ , أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وَهَوَ الْمُسْتَحِقُ أَنْ يُحْمَدَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ , وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ رَبُّ الأَرْضِينَ السَّبْعِ وَالسَّمَاوَاتِ , وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مَحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه الشَّافِعُ الْمُشَفَّعُ يَوْمَ حَشْرِ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ , صَلَّى اللهُ عَلِيْهِ وَعَلَى آلِ بَيْتِهِ الطَّاهِرِينَ وَعَلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ الَّلَاتِي كُنَّ لَهُ نِعْمَ الزَّوْجَاتِ , وَعَلَى أَصْحَابِهِ الَّذِينَ خَلَفُوهُ فِي أُمَّتِهِ فَنَشَرُوا سُنَّتَهُ وَبَلَّغُوهُمُ الآيَاتِ , وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى الْمَمَاتِ , وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أَمَّا بَعْدُ : فِإِنَّنَا نَحْمَدُ اللهَ وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ هَذَا الْعِيدِ الذِي نَفْرَحُ فِيهِ وَنَبْتَهِجُ وَنُظْهِرُ الْمَسَرَاتِ , وَنَشْكُرُهُ وَنُثْنِي عَلِيْهِ عَلَى مَا شَرَعَ لَنَا فِيهِ مِن هَذِهِ الاجْتِمَاعَاتِ , وَعَلَى مَا أَبَاحَ لَنَا فِيهِ مِن الطَيِّبَاتِ وَأَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا مِنْ الْخَيْرَاتِ !
أَيَّهَا الْمُسْلِمُونَ : اتَّقُوا اللهَ , وَاعْلَمُوا أَنَّ أَعْظَمَ نِعْمَةٍ امْتَنَّ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا هِيَ أَنْ جَعَلَنَا عَلَى هَذَا الدِّينِ الْقَوِيمِ , دِينِ الإِسْلامِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينَا) ... فَيَجِبُ أَنْ نَعْرِفَ قَدْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ فَنَشْكَرَهَا وَيَجِبُ أَنْ نَتَيَقَّنَ أَنَّ اللهَ لا يَقْبَلُ دِينَاً سِوَاهُ فَنَثْبُتَ عَلِيْهِ , وَبِمَبْعِثِ النَّبِيِ مُحَمَّدٍ r نُسَخَتْ كُلُّ الْأَدْيَانِ فَلاَ تُقْبَلُ , قَالَ اللهَ تَعَالَى (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أُمَّةَ الإِسْلامِ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْمُدَبِّرُ لِأُمُورِ الْعَالَمِ عُلْوِيِّهِ وَسُفْلِيِّهِ , فَمَا مِنْ حَرَكَةٍ وَلا سُكُونٍ ، ومَا مِن خَيْرٍ يَنْزِلُ أَوْ شَرٍّ يَحْصُلُ إِلا بِتَقْدِيرِهِ عَزَّ وَجَلَّ , فُهُوَ الذِي يُعْطِي وَيَمْنَعُ , وَيَخْفِضُ وَيَرْفَعُ , يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ , وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ يَشَاءُ , وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ , وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ , بِيَدِهِ الْخَيْرُ , وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , خَلْقُهُ دَائِرُونَ بَيْنَ حِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ)
وَإِنَّ مَا نَشْهَدُهُ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ مِنْ أَحْدَاثٍ مُتَلاحِقَةٍ تَمُرُّ بِالأُمَّةِ الإِسْلامِيَّةِ لَهِيَ بِعِلْمِ اللهِ وَتَدْبِيرِهِ , فَلَهُ الْحِكْمَةُ البَالِغَةُ وَالْمَشِيئَةُ النَّافِذَةُ لا مَانَعَ لِمَا أَعْطَى وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ , وَلا رَادَّ لِحُكْمِهِ وَلا مُعَقِّبَ لِقَضَائِهِ ! /FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic]لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ[/FONT][/COLOR][COLOR=black][FONT=Traditional Arabic
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّ مَوْقِفَنَا مِنَ هَذِهِ الأَحْدَاثِ مَوْقِفُ الْمُؤْمِنِ الْوَاثِقِ بِرَبِّهِ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى مَوْلَاهُ , إِنْ حَصَلَ خَيْرٌ شَكَرْنَا اللهَ وَأَثْنَيْنَا عَلَيْهِ , وَإِنْ حَصَلَ شَرٌ صَبَرْنَا وَحَمِدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَجَأْنَا إِلَيْهِ وَانْتَظَرْنَا الفَرَجَ مِنْهُ , قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) رَوَاهُ مَسْلِمٌ
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
ثُمَّ إِنَّ الْوَاجِبَ هُوَ اللُجُوءُ إِلَى اللهِ , وَالتَّضَرُعُ إِلَيْهِ فِي كِلِّ حِينٍ وَآنٍ وَلا سِيَّمَا فِي وَقْتِ الشَّدَائِدِ وَالْبَأْسِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
فَعَلَيْنَا أَنْ نُكْثِرَ مِن التَّعَبُّدِ لِرَبِّنَا وَنُقْبِلَ عَلَيْهِ , وَلا نَنْشَغِلَ بِمَتَابَعَةِ الأَحْدَاثِ والْتِقَاطِ الأَخْبَارِ مِنْ وَسَائِلِ الإِعْلَامِ الَّتِي كَثِيرٌ مِنْهَا إِعْلامٌ مُوَجَّهٌ , لَهُ أَهْدَافٌ وَغَالِبُهَا ضِدُّ الْمُسْلِمِينَ , ثُمَّ نَنْشَغِلُ بِذَلِكَ عَمَّا خُلِقْنَا مِنْ أَجْلِهِ وَهُوَ العِبَادَةُ ! بَل الذِي يَنْبَغِي هُوَ العَكْسُ , فَفِي مِثْلِ هَذِهِ الأَحْدَاثُ نَتَوَجَّهُ بِكُلِّيَّتِنَا إِلَى اللهِ وإِلَى عِبَادَتِهِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) وعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى) رَوَاهُ أَبُو دَاوودَ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ .
وَلَمَا كَانَتْ اللَيْلَةُ التِي سَبَقَتْ مَعْرَكَةَ بَدْرٍ الْكُبْرَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ , بَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَيْلَةَ يُصَلِّى إِلَى جِذْمِ شَجَرَةٍ هُنَاكَ ، وَيُكْثِرُ فِي سُجُودِهِ أَنْ يَقُولَ :
[يَا حَىُّ يَا قَيُّومُ] يُكَرِّرُ ذَلِكَ وَيُلِظُّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ [ذَكَرَهُ ابنُ كَثِيرٍ في السِّيرِةِ]
فَأَيْنَ نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ مِنْ هَذَا ؟ أَيْنَ نَحْنُ مِن الإِقْبَالِ عَلَى قِيَامِ اللَيْلِ ؟ أَيْنَ نَحْنُ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآَنِ وَتَدَبُّرِ آَيَاتِهِ والاعْتَبَارِ بِعِظَاتِهِ ؟ بَلْ أَيْنَ نَحْنُ مِنْ دُعَاءِ اللهِ لأَنْفُسِنَا وَلإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بَلَادِ الأَرْضِ ؟
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّ مِمَّا تَجِبُ الْعِنَايَةُ بِهِ والاهْتِمَامُ , لا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَحْدَاثِ جَمْعُ الْكَلِمَةِ وَتَوْحِيدُهَا وَالْحَذَرُ مِنْ الْفُرْقَةِ والاخْتَلافِ , فَنَلْتَفَّ حَوْلَ عُلَمَائِنَا وَحُكَّامِنَا وَنَصْدُرَ عَنْ آرَائِهِمْ وَنَنْصَحَ لَهُمْ وَنَحْذَرَ مِن تَطْبِيلِ كِلِّ نَاعِقٍ وَتَشْوِيشِ كِلِّ مُفْسِدٍ , وَنَدْعُوَ اللهَ لَهُمْ بِالسَّدَادِ وَالهِدَايَةِ وَالرَّشَادِ , وَنَكِلَ الأَمْرَ إِلَى أَهْلِهِ , وِلا يَتَدَخَّلُ الإِنْسَانُ فِيمَا لا يَعْنِيهُ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) متفق عليه , وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أَيُّهَا الأَوْلِيَاءُ مِنَ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ : إِنَّ الأُسْرةَو
هِيَ الْلَّبِنَةُ الأُوْلَى لِلْأُمَّةِ وَهِيَ الخَطْوَةُ الأُوْلَى لِبَناءِ الْمُجْتَمَعِ , فَعَلَيْنَا جَمِيعاً رِجَالاً وَنِسَاءً أَنْ نَهْتَمَّ بِأَوْلَادِنَا مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ , فَنُرَبِيَهِمْ مُنْذُ نُعُومَةِ أَطْفَارِهِمْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ , وَنُعَظِّمَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ ثُمَّ نَكُونُ قُدْوَةً صَالِحَةً لَهُم قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) ... و عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضَيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا) مُتَّفَقٌ عَلْيهِ
وَإِنَّ مِمَّا يَجِبُ الحَذَرُ مِنْهُ وَسَائِلُ الاتْصَالَاتِ الحَدِيثَةُ مِنِ الجَوْالَاتِ بِأَنْوَاعِهَا , وَالشَّبَكَاتِ أَوْ غَيْرِهَا !!! فَنَاصِحُوهُمْ وَحَذِّرُوهُمْ وَرَاقِبُوهُمْ بِطَرِيقَةٍ لَبِقَةِ لَا إِهْمَالَ فِيهَا وَلَا اسْتِفْزَازَ وَعَدَمَ ثِقَةٍ , ثُمَّ أَكْثِرُوا دَعَاءَ اللهِ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَالحِفْظِ فَإِنَّ الله سُبْحَانَهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ , الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ !
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ !
اللهُ أَكْبَرُ !
أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) وَإِنَّ الأُضْحِيَةَ مِمَّا جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا , فَنَذْبَحُ أَضَاحِيَنَا تَقَرُّبَاً إِلَى رَبِّنَا وَتَعَبُّدَاً لَهُ واقْتِدَاءً بِنَبِيَّيْهِ الْكَرِيمَيْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ !
أَيَّهُا الْمُسْلِمُونَ : اذْبَحُوا أَضَاحِيَكُمْ عَلَى اسْمِ اللهِ ,قَائِلِينَ : بِاسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ , اللَّهُمَّ هذَا مِنْكَ وَلَكَ , اللَّهُمَّ عَنِّي وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِي , أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , بِحَسْبِ الأُضْحِيَةِ وَمَنْ هِيَ لَهُ !
وَاعْلَمُوا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ ذَبْحِ الأَضَاحِي بَعْدَ صَلاةِ العِيدِ , فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَشَاتُهُ شُاةُ لَحْمٍ , يُطْعِمُهَا أَهْلَهُ , وَيَذْبَحُ أُخْرَى مَكَانَهَا , ثُمَّ إِنَّ التَّسْمِيِةَ شَرْطٌ لِحِلِّ الذَّبِيحَةِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ) مُتَفَقٌ عَلَيْهِ
فَمَنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ جَهْلاً أَوْ نِسْيَانَاً أَوْ عَمْدَاً فَذَبِيحَتُهُ حُرَامٌ وَعَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ أُخْرَى مَكَانَهَا .
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَتِكَ , وَتَتَصَدَّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ , وَتُهْدِيَ لِمَنْ شِئْتَ مِنْ أَقَارِبَكَ وَجِيرَانِكَ , وَلَيْسَ هُنَاكَ تَحْدِيدٌ وَاجِبٌ فِي ذَلِكَ , وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ : إِنَّهُ يَأْكُلُ ثُلُثَهَا وَيَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهَا وَيُهْدِي ثُلُثَهَا , فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَحَسَنٌ !
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : اجْعَلُوا عِيدَكُمْ عِيْدَ مَحَبَّةٍ وَوِئَامٍ , وَصِلَةٍ لِلْأَرَحَامِ وَبُعْدٍ عَنِ الآثَامِ , فَتَزَاوَرُا وَلْيُهَنِّئْ بَعْضُكُمْ بَعْضَاً , وَانْشُرُوا الْخَيْرَ ! وَمَنْ كَانَ قَطَعَ رَحِمَهُ أَوْ هَجَرَ أَخَاهُ فَلْيَكُنِ اليَوْمُ بِدَايَةً لِزَوَالِ الهَجْرِ وَمَحْوِ القَطِيعَةِ فَإِنَّ النُّفُوسَ فِي العِيْدِ مُقْبِلَةٌ وَالقُلُوبُ قَرِيبَةٌ , قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ) متفق عليه
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضَيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا, أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا , أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا) رواه مسلم
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ , وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ , وَنَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ , وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ , وَنَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ , وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ , وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ . اللَّهُمَّ رَبَّ النَّبِىِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا ذَنُوبَنَا ، وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلُوبَنَا ، وَأَجِرْنَا مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ مَا أَحْيَيْتَنَا . اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا ، وَزَكِّها أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاَهَا . اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ , وَمِنْ قُلُوبٍ لا تَخْشَعُ ، وَمِنْ نُفُوسٍ لاَ تَشْبَعُ , وَمِنْ دَعَوَاتٍ لا يُسْتَجابُ لَهَا .
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا وَأَصْلِحْ لِوُلَاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتِهِمْ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ يَا ارْحَمِ الرَّاحِمِينَ . اللَّهُمَّ كُنْ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كَلِّ مَكَانٍ . اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُمْ وَاجْعَلْهُمْ عِنْدَكَ مِنَ الشُّهَدَاءِ . اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي نُحُورِهِمْ . اللَّهُمَّ اجْعَلْ تَدْبِيرَهُمْ تَدْمِيراً لَهُمْ . اللَّهُمَّ فَرِّقْ جَمْعَهُمْ وَشَتِّتْ شَمْلَهُمْ وَضَيْعْ كَلِمَتَهُمْ يَا قَوِيُ يَا عَزِيزُ . اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا غيثاً مغيثاً سَحَّاً غَدَقَاً مُجَلِلَاً طَبَقَاً نَافِعَاً غَيْرَ ضَارٍ عَاجِلَاً غَيْرَ آجِلٍّ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فِى الْعَالَمِينَ ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ , وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ





خطب عيد الأضحى المبارك
ملتقى الخطباء - الفريق العلمي


جمعها الفقير الى عفوربه ابو مزون الشامي
الخطبة الثانية للشيخ عبدالله البصري وفقه الله


الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ ! اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ
اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا هَلَّ هِلَالٌ وَأَبْدَرَ اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا لَبَّى حَاجٌّ وَكَبَّرَ اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا تَرَاكَمَ سَحَابٌ وَأَمْطَرَ و اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَانَبَتَ نَبَاتٌ وَأَزْهَرَ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ .
الْحَمْدُ للهِ الذِي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طُرُقَ الْخَيْرَاتِ , وَيَسَّرَ لَهُمْ سَبِيلَ الْعِبَادَاتِ أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وأشكره وأثني عليه واستغفره وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ الهٌ كريم يغفر الذنب العظيم ويقبل التوبة ويقيل العثرة وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أرسله إلى الناسأجمعين، وبعثه رحمة للعالمين، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده وتركنا على المحجةالبيضاء ليلُها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، ووفقنا لاتباع سنته وحشرنا يوم القيامة في زمرته، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم واقتفى أثرهم يوم الدين، أما بعد عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله جل وعلا ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْرَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَاوَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ً﴾اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُواللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
إخوة الايمان إنَّ أَعْظَمَ نِعْمَةٍامْتَنَّ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا أَنْ جَعَلَنَا عَلَى هَذَا الدِّينِ الْقَوِيمِ دِينِ الإِسْلامِ قَالَ اللهُ تَعَالَى(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينَا}فَيَجِبُ أَنْ نَعْرِفَ قَدْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ فَنَشْكَرَهَا وأن نعلم أنّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ هُوَ الْمُدَبِّرُ لِأُمُورِ الْعَالَمِ فَمَامِنْ حَرَكَةٍ وَلا سُكُونٍ ، ومَا مِن خَيْرٍ يَنْزِلُ أَوْ شَرٍّ يَحْصُلُ إِلابِتَقْدِيرِهِ عَزَّ وَجَلَّ , فُهُوَ الذِي,يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ , وَيَنْزِعُالْمُلْكَ مِمَّنْ يَشَاءُ , وَيُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ , وَيُذِلُّ مَنْ يَشَاءُ , بِيَدِهِ الْخَيْرُ , وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَإِنَّ مَا نَشْاهَدُهُ فِي هَذِهِالأَيَّامِ مِنْ أَحْدَاثٍ مُتَلاحِقَةٍ تَمُرُّ بِالأُمَّةِ الإِسْلامِيَّةِلَهِيَ بِعِلْمِ اللهِ وَتَدْبِيرِهِ فَلَهُ الْحِكْمَةُ البَالِغَةُ وَالْمَشِيئَةُ النَّافِذَةُ لا مَانَعَ لِمَا أَعْطَى وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَوَلا رَادَّ لِحُكْمِهِ وَلا مُعَقِّبَ لِقَضَائِهِ{لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَإِنَّ مِمَّا تَجِبُ الْعِنَايَةُ والاهْتِمَامُ بِهِ, لا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَحْدَاثِ جَمْعُ الْكَلِمَةِ وَتَوْحِيدُهَا وَالْحَذَرُ مِنْ الْفُرْقَةِ والاخْتَلافِ , فَنَلْتَفَّ حَوْلَ عُلَمَائِنَا وَحُكَّامِنَا وَنَصْدُرَ عَنْ آرَائِهِمْوَنَنْصَحَ لَهُمْ وَنَحْذَرَ مِن تَطْبِيلِ كِلِّ نَاعِقٍ وَتَشْوِيشِ كِلِّمُفْسِدٍ , قَالَ اللهُ تَعَالَى{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَاتَفَرَّقُوا}وعلينا التمسكِ بكتاب الله وسنة نبيه انفاذا لوصيته صلى الله عليه وسلمحِينَ قَالَ : " تَرَكتُ فِيكُم أَمرَينِ لَن تَضِلُّوا مَا إِن تَمَسَّكتُم بهما : كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتي ))فبالتَّمَسُّكِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ،حِفظٌ لنِعمَةِ الإِيمَانِ وَالحَذر مِن كُفرِهَا ،وَمُجَانَبَةَ البَاطِلِ وَأَهلِهِ الدَّاعِينَ إِلَيهِ ، وَالوُقُوفَ صَفًّاوَاحِدًا ضِدَّ دَعَوَاتِ التَّغرِيبِ المَسعُورَةِ وَخَاصَّةً تِلكَ المُوَجَّهَةَ لِلمَرأَةِ بِقَصدِ إِخرَاجِهَا مِن بَيتِهَا الَّذِي هُوَحِصنُهَا وَمَلاذُهَا وَإِنزَالِهَا مِن بُرجِ عَفَافِهَا وَسِترِهَاوَالزَّجِّ بها في مَوَاطِنِ الفِتنَةِ وَالرِّيبَةِاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِالْحَمْدُ
أيها الجمع المبارك كانت آخرَ وصايا نبينا صلى الله عليه وسلم الصلاةالصلاة فهي قِوام هذا الدين، وعموده المتين وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} وقال صلى الله عليه وسلم ((العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر )) ويقول عبد الله بن مسعود: ((من سره أن يلقى الله غداً مؤمناً؛ فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيثُ ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سننَ الهدى وإنهن من سننِ الهدى، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها -يعني الصلاة مع الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف )) الله أكبر هذه هي همة الصحابة وهمة السلف في المحافظة على هذه الصلوات الخمس فما بال هذه الصلوات اليوم طاش ميزانها، وخف معيارها ومثقالها عند الكثير ولا سيما الشباب أما علم هؤلاء أن من حافظ على هذه الصلوات فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وهي أول ما يسأل عنه العبد،فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر والعياذ بالله
أمة الاسلام : أما آن الأوان لإخوة متقاطعين وأبناءِ عمومة متباغضين وعلى ماذا على حطام الدنيا أو زلةِ كلمةأما آن لهم أن يفسحوا لهذا العيد ليقول للنفوس المتنافرة ,كفى خصامٌ وهجران كفىإعراضٌ ونكران نعم أيها المتخاصمون لقد جاء العيد ليذكركم بقول الله تعالى{ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَفَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } فيكفيك يا من عفوت وصالحت أن أجرك على الله , فكمستنال من خيرات , وكم ستُرزق من هباتجاء العيد ليذكر المتخاصمين العاملين بالليل والنهار والمجتهدين بالطاعات ، ويقول لهم استيقظوا فقد تُرد عباداتكم , ولن تُرفع لله أعمالكم فقد جاء في الحديث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُواهَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا )) فاغتنم يا عبدالله هذا اليوم المبارك الأغر ليكون تطهيرا للقلوب من الخصومة والشحناء وأكمل فرحة قلبك وادخل السرور على أحبابك بالتلاقي والتصافي وابــــشـــربجميل الذكر بين الناس وأنتم يا من تعرفون المتقاطعين أصلحوابينهم فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ((أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ)) قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قال ((إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ)) اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ اكبر ولله الحمد معاشرالشباب : هذه وصيةٌ من أخٍ محب لكم ومشفق عليكم إحذروا من قرناء السوء وجلساء الرذيلة فوالله سيندمُ المرءُ على الصداقة التي لم تكن من أجل الله { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}وقال تعالى {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً *يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً}فيا شباب الاسلام ما وقع من وقع في وحَلِ المخدرات إلا بسبب جلساء السوء وما ارتُكبت الجرائم إلا بسب القرين والصديق قال صلى الله عليهوسلم (( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أيها الناس اتقوا الظلم يا رعاكم الله ولاسيما ظلم الزوجات (فالظلم ظلمات يوم القيامة) كم هي النساء المظلومات في البيوت مظلومة إما في نفقة أو عطاء أوعدم عدل بين النساء كم هي البيوت التي تعيش جحيماً في علاقاتها الزوجية ؟ وإنعلى الرجل كفلٌ عظيم في ذلك ، كفى ظلماً أيها الأولياء للنساء وامتهاناً لحقوقهن فإن قدرت عليهاأيها الظالم فتذكر أن الله أقدرُ عليك منهاقال صلى الله عليه وسلم ((استوصوا بالنساءخيرا))وإنك لتعجب من تعامل بعضِ الأزواج في بيوتهم فهو لا يعرفُ في بيته إلا لُغةَ الأوامرِ والنواهي نسأل الله أن يرزقنا العدل والاحسان الى من ولينا رعايتهم
أيها الجمع المبارك:ظاهرةٌ انتشرت وعمَّت في مجتمعنا منبعض شبابنا هداهم الله ظاهرةُ تدل على نكرانٌ نعمة الله وجحودها إنها ظاهرة التفحيط والعبث بالسيارات فكم بسب هذه الظاهرة من أنفسٍ أزهقت وممتلكاتٍ دمرت وأموالٍ أهدرت بل أصبحت شوارعنا مرتعا خصبا لمن يمارس هذه الظاهرة من ابناء المنطقة ومن آخرين خارج المنطقة التي ربما لم يستطع أن يمارسها في منطقته فليعلم هؤلاء أن التفحيط وإيذاء الناس والمارة ، والتجمعات الشبابية ، والتحزبات الهمجية ماهي والله الا نقيصة في الأدب وعيب في التربية ومثلبة في الرجولة فمن هو العاقل الذي يرضى لنفسه بالسفول وأن ينظرَ الناسُ إليه بعينالازدراء والاستهزاء ووالله إنك لتعجب اشد العجب من أب ينامُ قريرَ العين وأبنائه من بين تلك الجموع التي تتجمهر حول المفحطين وربما كان الإبنُ أحدهم فيا أَيُّهَا الآبَاءِ:أتقوا الله ولا تخونوا أماناتكم وخذوا على أيدي أبنائكم واهتموا بترَبِيَتهم عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ وعظموا ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ وكونواقُدْوَةً صَالِحَةً لَهُم قَالَ تعالى {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُواأَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَامَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَمَا يُؤْمَرُونَ) و قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) مُتَّفَقٌ عَلْيهِ وإنني ومن على منبر محمد صلى الله عليه وسلم أناشد كل مسؤول عن الأمن أخذ الأمر ماخذ الجد لقمع هؤلاء الجاحدين لنعمة الله بإيقاع أقصى العقوبة للحد من تلك الظاهرة المشينة والله أسأل أن يهدي شباب المسلمين وأن يرد ضالهم اليه ردا جميلا اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ , وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ , وَنَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِمَا تَعْلَمُ , وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ وَنَسْتَغْفِرُكَ لِمَاتَعْلَمُ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ ! اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ
الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا اله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله الداعي الى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا ....

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالىوَأَطِيعُوهُ وَاعلَمُوا أَنَّكُم في يَومٍ عَظِيمٍ فَعَظِّمُوهُ ، وَانظُرُواهَديَ نَبِيِّكُم وَإِمَامِكُم فَطَبِّقُوهُ فَقَد قَالَ لَهُ سُبحَانَهُ وَقَدِ امتَنَّ عَلَيهِ : " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانحَرْ "
وَعَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ : خَطَبَنَا النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَومَ النَّحرِ فَقَالَ : "إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبدَأُ بِهِ في يَومِنَا هَذَا أَن نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرجِعَفَنَنحَرَ فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَقَد أَصَابَ سُنَّتَنَا " مُتَّفَقٌ عَلَيه. أَلا فَاحمَدُوا اللهَ عَلَىمَا أَنتُم عَلَيهِ مِن رَخَاءٍ ، وَاشكُرُوهُ عَلَى مَا تَتَقَلَّبُونَ فِيهِ مِننَعمَاءَ ، وَضَحُّوا وَاختَارُوا أَطيَبَ الضَّحَايَا وَأَجمَلَهَا وَأَكمَلَهَا ،وَسَمُّوا اللهَ وَكَبِّرُوا ، مَن كَانَ مُحسِنًا لِلذَّبحِ فَلْيُبَاشِرْهُبِنَفسِهِ ، وَمَن كَانَ لا يُحسِنُ فَلْيَحضُرْ ذَبِيحَتَهُ ، وَكُلُوا مِنضَحَايَاكُم وَأَهدُوا وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا ، وَأَخلِصُوا للهِ وَاطلُبُوامَا عِندَهُ ؛ فَـ" لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْيَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم "وَإِيَّاكُم وَالمَعِيبَةَ بِأَحَدِ أَربَعَةِ عُيُوبٍ فَقَد قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ " أَربَعٌ لا يُجزِينَ فيالأَضَاحِي : العَورَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَاوَالعَرجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالعَجفَاءُ الَّتي لا تُنقِي" صَحَّحَهُ الألبانيُّ
وَوَقتُ الذَّبحِ مُمتَدٌّ مِن بَعدِ صَلاةِ العِيدِإِلى غُرُوبِ شَمسِ اليَومِ الثَّالِثِ مِن أَيَّامِ التَّشرِيقِ ، وَيَحرُمُصِيَامُ هَذِهِ الأَيَّامِ لأَنَّهَا أَيَّامُ أَكلٍ وَشُربٍ وَذِكرٍ للهِعَزَّ وَجَلَّ ـ فَكُلُوا وَاشرَبُوا وَعَظِّمُوا شَعَائِرَ اللهِ ، وَأَكثِرُوامِن ذِكرِهِ في أَدبَارِ الصَّلوَاتِ وَفي جَمِيعِ الأَوقَاتِ .

اللهُ أَكبرُ اللهُ أَكبرُ ،لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِ الحَمدُ .
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ذَنُوبَنَا ، وَأَذْهِبْ غَيْظَ قَلُوبَنَا ، وَأَجِرْنَامِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ مَا أَحْيَيْتَنَا .
اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَاتَقْوَاهَا وَزَكِّها أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا ، أنْتَ وَلِيُّهَاوَمَوْلاَهَا .
اللَّهُمَّ إنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ وَمِنْقُلُوبٍ لا تَخْشَعُ وَمِنْ نُفُوسٍ لاَ تَشْبَعُ وَمِنْ دَعَوَاتٍ لايُسْتَجابُ لَهَا .
اللَّهُمَّ آمِنَّافِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا وَأَصْلِحْ لِوُلَاةِ أُمُورِنَابِطَانَتِهِمْ وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ يَا ارْحَمِ الرَّاحِمِينَ .

اللَّهُمَّ كُنْ لِلْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي كَلِّ مَكَانٍ . اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُمْ وَاجْعَلْهُمْ عِنْدَكَمِنَ الشُّهَدَاءِ .
اللَّهُمَّ رُدَّ كَيْدَ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِينُحُورِهِمْ . اللَّهُمَّ اجْعَلْ تَدْبِيرَهُمْ تَدْمِيراً لَهُمْ . اللَّهُمَّفَرِّقْ جَمْعَهُمْ وَشَتِّتْ شَمْلَهُمْ يَا قَوِيُ يَاعَزِيزُ .
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَاحَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . الا وصلوا رحمكم الله على من أمرتم بالصلاة عليه سُبْحَانَ رَبِّكَرَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ , وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُلِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ


خطبة موفقة ومسددة بارك الله فيك وفيها


كانت عندي خطبة قربية من منها خطبتها قبل سنتين ، وترددت في نشرها ، وحسمت الموضوع لما قرأت خطبتك

زادك الله بسطة في العلم والعمل


الخطبة الأولى

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلاً، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كلما أحرم الحجاج من الميقات وكلما لبى الملبون وزيد في الحسنات، الله أكبر كلما دخلوا فجاج مكة آمنين وكلما طافوا بالبيت الحرام وسعوا بين الصفا والمروة ذاكرين الله مكبرين.
الحمد لله على ما منَّ به علينا من مواسم الخيرات وما تفضل به من جزيل العطايا والهبات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مسبغ النعم ودافع النقم وفارج الكربات، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أكمل الخلق وأفضل البريات صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان ما دامت الأرض والسماوات.

ايها المسلمون عندما يقبِل العيدُ تشرِق الأرضُ في أبهى صورَة، ويبدو الكونُ في أزهى حللِه، كلّ هذه المظاهر الرائعةِ تعبيرٌ عن فرحةِ المسلمين بالعيد، وهل أفرحُ للقلب من فرحةٍ نال بها رضا ربّ العالمين لِما قدّمه من طاعةٍ وعمل وإحسان.
سرورُ المسلم بسعيه وكدحه وفرحتُه بثمرة عمله ونتاج جهدِه من الأمورِ المسلّم بها، بل إنَّ أهلَ الآخرة وطلابَ الفضيلة لأشدّ فرحاً بثمرة أعمالهم مع فضل الله الواسع ورحمته الغامرة، قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مّمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58].

فهنيئًا لكم عباد الله عيدُ الأضحى المبارك وقد هبَّ نسيمه مِسكًا عبِقًا وخيرًا غدِقًا، هنيئًا لكم يوم الحج الأكبر، هنيئًا لكم يومُ الجمع الأعظم، يومٌ يُهراق فيه الدم، ويُوضع فيه الشعر، ويُلقَى فيه التَّفَث، وتحِلُّ فيها الحُرَم، الوقوف في ليلته، والرمي والنحرُ والحلقُ والطواف في صبيحتِه، فما أعظمه من يوم! وما أكرمه من جمع!
والحجيج في البِطاحِ المُقدَّسة تبتهل وتضرع، وتُنادي ربها وتخشَع، قد طمِعَت في رحمته وغفرانه، وكرمه ورضوانه، وعطائه ونواله، وهو الرحيم التواب، الكريم الوهاب، يفتح بابًا، ويقبَل مَتابًا، ويُعتِق رقابًا، ويُعطي رِغابًا، فسبحان من خضعَ له كلّ شيء! سبحان من دان له كل شيء!

سبحان من يرفع من تواضع وتذلَّل وتخشَّع، ويضع من تعالى وتكبَّر وترفَّع!

وإذا تذلَّلَت الرقابُ تخشُّعًا منَّا إليك فعزُّها في ذُلِّها

فارفعنا اللّهمّ بطاعتك، وأعِزَّنا بقربك وخشيتك، وأدخِلنا في رحمتك، وأنت أرحمُ الراحمين.

الله أكبر، الله أكبر، لا إلهَ إلا الله، والله أكبر، الله أَكبر، ولله الحَمد.

عباد الله ادلِفوا إلى باب التوبة، ولوذوا بباب الإنابة، وهُبُّوا من رَقدة الهوى، واستفيقوا من غفلة الرَّدَى، واعلموا أنَّ أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عمله صلاتُه؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجَح، وإن فسدت فقد خاب وخسِر، فإن انتقص من فريضته شيئًا قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوُّع فيُكمَّل منها ما انتقص من الفريضة. وأدُّوا زكاة أموالكم طيبةً بها نفوسكم. ومن كانت عنده مظلمةً لأخيه من عِرْضه أو شيء فليتحلَّله منه اليوم قبل أن لا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالح أُخِذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِلَت عليه، ثم طُرِح في النار.
ولا يزال المؤمن في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا، ولزوال الدنيا أهونُ على الله من قتل مؤمنٍ بغير حقّ. ولا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاث؛ فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. ولا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسق أو الكفر إلا ارتدَّت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك. والمُتسابَّان ما قالا فعلى البادي منهما حتى يعتديَ المظلوم. وحُسن الخُلُق وحسن الجوار يُعمِّران الديار ويزيدان في الأعمار.
إن الشيطان يئس أن يعبده المُصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم، يُغري بعضهم ببعض بما يُوجِب الفُرقة وتنافُر القلوب وحصول الهُجران وسوء الظن وتبادل التهم والتلاسن والفجور في الخصومة، فكفُّوا عن اللغى والخصام، واعفوا واصفحوا، ولا تكونوا ممن يُصِرُّ على البغيَّة، فما يُبقي للحُسنى بقيَّة. ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا.
عودوا المريض، وصِلوا الرَّحِم، وأطعِموا الجائعَ، وأعطوا الفقير، وفُكُّوا العاني الأسير، ووفُّوا حقَّ الأجير، واحنُوا على الوالدين، وأحسِنوا إليهما، واستوصوا بالنساء خيرًا، عامِلوهن بالمحبة والتقدير والإكرام والاحترام، واحذروا التسرُّع في الفراق والطلاق، واحفظوا أولادكم، وأحسِنوا أدبهم وتربيتهم، وأنفِقوا عليهم؛ فإن أفضل النفقة نفقة الرجل على أهله وعياله، ففي الحديث: ((دينارٌ أنفقته في سبيل الله، ودينارٌ أنفقته في رقبة، ودينارٌ تصدَّقتَ به على مسكين، ودينارٌ أنفقته على أهلك، أعظمُها أجرًا الذي أنفقته على أهلك)).
غُضُّوا أبصاركم، واحفَظوا فُروجكم، واتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، وما خَلا رجلٌ بامرأةٍ إلا كان الشيطان ثالثَهما، والمرأة المُتبرِّجة السافِرة المُتعطِّرة التي تفتِن الرجال بزينتِها وملابسها مُتوعَّدةٌ بالنار وغضب الجبار.
والراشي والمُرتشي والساعي بينهما ملعونون على لسان رسول الله . ومن غشَّ المسلمين فليس منهم، والخداع والمكر في النار، ومن استُعمِل على عملٍ فليجِئ بقليله وكثيره، ولا يكتم منه شيئًا، فإن كَتَم كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة.
يا من ابتُلِي بالدّخان والشيشة والخمرة والمُخدِّرات، بادِر بادِر قبل أن ينزلَ بك ما تُحاذِر، بادِر إلى تركها قبل أن تدَعَك طريحًا، وتذَرَك صريعًا، وتقتلك سريعًا.
يا من ابتُلِي بأكل الربا، تذكَّر يوم يُوضَع القطن على عينَيك، وتُلفُّ الأكفان على جانبيك، وتكون أموالك وبالاً عليك.
يا من ابتُلِي بالذنوب والمعاصي، أقبِل على مولاك مُنكسرًا، ولُذ ببابِ جُوده مُعتذرًا، وابسُط كفَّ اضطرارك مُفتقرًا.
فمــــــا للعبـــــد ســـــوى مولاه أدنــــاه فضــــلاً منه أو أقصـــــــــاه
فما لنا في الحالتين مذهبُ عن باب مولانا إلى من نذهبُ
إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه إنه كان للأوابين غفورًا.

الخطبة الثانية
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله العلي الكبير، اللطيف الخبير، خلق كلَّ شيء فأحسن التقدير، ودبَّر الخلائق فأحسَن التدبير، أحمده وقد صانَ مواردَ الدين من التحريف والتكدير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبدٍ مُعترِفٍ بالضّعف والتقصير، شهادة عبدٍ يرجو العفو والغفران والنجاة من عذاب السعير، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً مُتضاعفةً دائمةً إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيها المسلمون، اتقوا الله عز وجل الذي لا يخفى عليه شيءٌ من المقاصد والنوايا، ولا يستتر دونه شيءٌ من الضمائر والخفايا، السرائر لديه بادية والسرّ عنده علانية، وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
عباد الله، إن يومكم هذا هو يوم الحج الأكبر، وهو عيد الأضحى والنحر، ومن أعظم ما يتقرب به إلى الله في هذه الأيام الأضاحي، يقول عز وجل: لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـٰكِن يَنَالُهُ ٱلتَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ ٱلْمُحْسِنِينَ [الحج:37]، والتي ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وهي سنة أبينا إبراهيم المؤكدة، ويكره تركها لمن قدر عليها، كما أن ذبحها أفضل من التصدق بثمنها، وتجزئ الشاة عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة.
ثم اعلموا أن للأضحية شروطًا ثلاثة، أولها: أن تبلغ السن المعتبر شرعًا، وهو خمس سنين في الإبل، وسنتان في البقر، وسنة كاملة في المعز، وستة أشهر في الضأن.
والشرط الثاني: أن تكون سالمة من العيوب التي نهى عنها الشارع، وهي أربعة عيوب: العرجاء التي لا تعانق الصحيحة في الممشى، والمريضة البين مرضها، والعوراء البين عورها، والعجفاء وهي الهزيلة التي لا مخ فيها، وكلما كانت أكمل في ذاتها وصفاتها فهي أفضل.
والشرط الثالث: أن تقع الأضحية في الوقت المحدد، وهو الفراغ من صلاة العيد وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث بعد العيد، فصارت الأيام أربعة.
ومن كان منكم يحسن الذبح فليذبحها بنفسه، ومن لا يحسنه فليوكل غيره ممن يحسنه، وليرفق الجميع بالبهيمة، وليرح أحدكم ذبيحته، وليحد شفرته، فإن الله كتب الإحسان على كل شيء، حتى في ذبح البهيمة، ثم ليسمّ أحدكم عند ذبحها ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عن فلان أو فلانة، ويسمي صاحبها. والسنة نحر الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى، والبقر والغنم على جنبها الأيسر متوجهة إلى القبلة، ويستحب أن يأكل ثلثًا ويهدي ثلثًا ويتصدق بثلث، لقوله تعالى: فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ [الحج:36]. ولا يعطي الجزار أجرته منها.
فكلوا من الأضاحي وأهدوا وتصدقوا، وانبذوا عن أنفسكم الشح والبخل تقبل الله ضحاياكم، ورضِي عنكم وأرضاكم، وحقَّق في الخير مُناكم، وأسعَدَكم ولا أشقاكم، وعاوَدَتكم السعود ما عاد عيدٌ واخضرَّ عود.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد

أيها المسلمون، هذا يومُ التسامح، هذا يوم التصافح، فتصافَحوا، وتسامحوا، وتراحموا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، ومن غدا منكم من طريق فليرجع من طريقٍ أخرى إن تيسَّر له ذلك اقتداءً بسنة سيّد المرسلين محمد
أعاد الله علينا وعليكم هذه الأيامَ المباركة أعوامًا عديدة وأزمنةً مديدة ونحن في صحةٍ وعافيةٍ وحياةٍ سعيدة.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين..


خطبة مميزه بارك الله فيك
أسأل الله أن ينفع بها .


خطبة عيد الأضحى 1431هـ
(مظاهر التوحيد في الحج والعيد، وأحكام ذبح الأضحية)
محمد بن فهد الأحمد – خطبة العيد في جامع السيف بالدمام 10/12/1431هـ


الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الله أكبر ما عنت الوجوه لعظمته، وذلَّت الخلائق لقدرته.
الله أكبر ، وهو الحي القيوم الذي خضع له كلُّ شيءٍ بعزه وهيبته.
الله أكبر عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته.
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً .
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد ...

الحمد لله {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِين (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم}[الجاثية:36-37] وأشهد ألا إله إلا الله { الْوَاحِدُ الْقَهَّار (65) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّار}[ص:65-66]، وأشهد أن محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، بعثَه اللهُ على حين فترةٍ من الرسل، بعدما أظلمت الدنيا بالشرك، واسودت من الظلم، فأنارَ اللهُ به القلوب، وزكَّى به النفوس، وأعاد الحنيفية التوحيدية، وأزال مظاهر الوثنية.
أيها المسلمون، يقول الحقُّ تبارك وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}[الذاريات:56]، إذن فأساس خَلْقِنا وأُسُّ وجودنا هو عبادةُ الله وحده .
إنَّ توحيد الله وإفرادَه بالعبادة والتوجُّهَ الخالصَ إليه، هو ما يأمرنا الله به، وهو الذي جاءت به جميع الأنبياء والرسل على مرِّ العصور، أتوا ليذكروا أقوامَهم بعبادة الله وتوحيدِه، وجاؤوا ليدعونهم إلى نبذ الأصنام والطواغيت {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ }[النحل:36] .
أُمرَ الناسُ كافَّةً أن يقولوا: لا إله إلا الله، وأن يكفروا بكلِّ معبودٍ سواه، فلا معبودَ بحقٍّ إلا الله، ولا خالقَ إلا الله، ولا مدبّر إلا الله، ولا مؤثِّر إلا الله .
فأَلْزَمُ ما على العبد في هذه الدنيا أن يدرك معنى كلمة التوحيد، وأن يفهم مقصودها، وأن يعمل بمقتضاها
فتوحيد الله هو مناطُ النجاة في الآخرة، ومعيار النجاح يوم تُوضع موازين القسط يوم القيامة .
توحيدُ الله والإيمانُ به، لا يحتاج تعقيداتِ الفلاسفة، ولا جدلَ أهلِ الكلام، بل هو توجّهٌ إلى الله وحده، وإيمانٌ بأنه هو الخالق الرازق القادر، وتنزيهه عن كلِّ ما يُلحق النقصَ به، وتطهيره عن كلِّ شريك مخلوق.
فلا خوف إلا من الله، ولا رجاء إلا بالله، ولا رزق إلا من الله، ولا شافي إلا هو، ولا نافع إلا هو، ولا ضار إلا هو سبحانه وتعالى .
فلا سلطانَ جائرَ يَضرُّ بنا إلا بإذنه، وليست للشياطينِ ولا للسحرةِ ولا لأهلِ الدنيا كلِّهم تصرّفٌ إلا بإذن الله، ((وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ )).
لا إله إلا الله محمد رسول الله.. شعارُ الإسلام، ((وكلمةٌ تنخلع بها جميع الآلهة الباطلة، ويثبت بها استحقاق الله وحده للعبادة)).

الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلا.

عندما هيأ اللهُ البيتَ الحرامَ لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ودلَّه عليه، بعد انتشار الشرك في البشر، جعلَ الشرطَ على إبراهيمَ ومن يليه، أن يُطهرَ البيتَ عمَّا يخدشُ توحيدَ الله {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود}[الحج:26]
(وَطَهِّرْ بَيْتِيَ) تطهيرٌ من الأصنام والأوثان، والكفر والبدع والأنجاس والأدناس.
فجعلَ تطهيرَ البيتِ سابقاً على الأمر بالحج، ولذلك فرض الله الحج على إبراهيم بعد أن أمره بتطهير البيت الحرام، فقال بعد هذه الآية: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيق}[الحج:27].

فأقام إبراهيمُ عليه السلام التوحيد في البيت الحرام، ونادى بالحج، وتبعه أبناؤه وأتباعُه على ذلك، حتى دخل الشركُ جزيرة العرب، فأدخلوا بعضَ وثنيتهم وشركِهم في شعيرة الحج، فبعث الله النورَ المبين، والسراجَ المنير، محمدَ بنَ عبدِالله صلى الله عليه وسلم، ليُطهرَ البشرية بالتوحيد، وينير القلوبَ المظلمة بما أنزله الله من القرآن المجيد، وما أوحاه الله إلى رسوله من القول السديد.
فأنزل الله على رسولِ التوحيدِ قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا}[التوبة:28]
فأذَّن في مكةَ أن (لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ) معلناً بذلك انتهاء الشرك في الحرم، وإقامة التوحيد فيها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد .

ولا يزال الحجيج مُذْ إعلانِ النبي صلى الله عليه وسلم للتوحيد وإنهاء الشرك في الحرم، وإلى هذه اللحظة يفدون إلى البيتِ الحرام، معلنين التوحيدَ، ومتبرئين من الشرك، مبتهلين إلى الرحمن، متعلقين بالرحيم.

يصف لنا جابرٌ رضي الله عنه حجةَ النبي صلى الله عليه وسلم ، وعندما ذكر ابتداءَ إحرامِه وتلبيتِه قال: فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ : ((لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ))
التلبية شعارُ الحج، وتصريح بالتوحيد للعزيز الحميد.
يقف الحجيجُ بعرفة ملبّين، وبالطاعة معلنين، ولرب العالمين مستجيبين، رافعين أكف الضراعة والابتهال لأرحم الراحمين، ويتجلى التوحيد في دعاء يوم عرفة، حينما يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ قَبْلِي عَشِيَّةَ عَرَفَةَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ، لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)).

ثم ينفر الموحِّدون الحجاج إلى مزدلفةَ ملتزمين الدعاءَ لذي الجلال والإكرام، ويذكرون الله عند المشعر الحرام، { فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّين}[البقرة:198]

وفي فجر هذا اليوم يتبعون أمر الواحد الديان عندما قال: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[البقرة:199] فهاهم في منى يرمون الجمرات، ويكبّرون الله مع كلِّ حصاة، لأن الله أكبر من كل الطغاة.
ثم ينحرون هديهم على اسمِ الله المنان، الذي امتن عليهم بهذه النعمة، نعمةِ الحجِّ وذبحِ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}[الحج:28].

يحلق النُّسَّاك شعورهم، تذلّلاً لله الواحد القهار، وخضوعاً للملك الجبَّار، رامين بترفهم وزينتهم، معلنين بذلك رجوعَهم وتوبتَهم.

يلبِّي الحجيجُ، وقد توحدت قلوبهم بتوحيد رب العالمين، مؤمنين بأنه اللهُ الذي لا إله إلا هو، وتوحدت وجْهتُهم إلى قبلة أهل الإسلام، إلى الكعبةِ البيتِ الحرام، مؤمنين بأنه لا تُصرف العبادة لغيره.
يتوجه الحجاج إلى الله بالدعاء والتوحيد، وقد توحدت ألبستُهم عن كلِّ مظهرٍ من مظاهر الترف، لباسُهم واحد، لا فرق بين عربي وأعجمي، ولا فرق فيه بين غني وفقير؛ في صورةٍ سامية يتجلَّى فيها نزعُ الإسلامِ للفوارق العنصرية والدنيوية، ليُبقِي على معيارٍ واحدٍ في التفاضل؛ ألا وهو معاير التوحيد والتقوى.

يتجلى التوحيد في طواف المسلمين على الكعبة، لأن الله خالقُ كلِّ شيءٍ هو من أمرنا أن نطوف بها {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق}[الحج:29] [الحج:29]، ولذلك عندما أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليقبِّل الحجر الأسود قال: ((إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ)).
الله أكبر .. هذا هو التوحيد الذي يؤمن أنَّ كلَّ حجارةٍ وقبرٍ ووليٍّ لا ينفعُ ولا يضر، ويعلمُ أنه ليس بيننا وبين الله واسطة، وأنا توحيدنا لله خالصٌ له؛ لا نعبد الله سبحانه وتعالى إلا بما أمر، وأن كلَّ تعظيم وتقديس لحجرٍ وقبرٍ على وجه العبادة ما هو إلا شركٌ بالله.

يتجلى التوحيد في كلِّ مناسك الحج، ومنه السعي بين الصفا والمروة، نبدأ السعيَ بتوحيد الله، يقول جابر رضي الله عنه في صفة سعي النبي صلى الله عليه وسلم: ((فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عليه حتى رَأَى الْبَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ الله وَكَبَّرَهُ، وقال: لَا إِلَهَ إلا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له له الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وهو على كل شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إلا الله وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ)).
كلُّ ذلك تعظيماً لله وتوحيداً له، ليعلم الجميعُ أنه ليست في الإسلام وثنية؛ لا نُعظِّمُ حجراً ولا مكاناً ولا نفعلُ عبادةً إلا بأمرِ الله وتشريعِه، موحِّدين الله في أقوالنا وأفعالنا.

أيها المسلمون .. هاهو العيد الأكبر، ويوم النحر المبارك، يُطِلُّ علينا بنوره، ويُبهجنا بقدومه في أحلى زينته، يأتي إلينا جميعاً لنفرح بنعمة الله.
أيها المسلمون.. يتجلى توحيد الله في هذا العيد في عدة جوانب منه، فابتداءً من تشريعه، فقد (قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ : " مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ ؟ " قَالُوا : كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا : يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ )، نعم؛ كما قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا}[الحج:34] ( )، أنزل الله علينا فرحة هذا العيدِ من السماء، لأنه ليس لأعياد أهل الشرك مكان في دين التوحيد .
يتجلى التوحيد في هذا العيد، بتشريع سنة التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد .
نعم؛ فالله أكبر من شرك النصارى بعيسى، وأكبر مما أشرك به كلُّ المشركون، والله أكبر عن كلِّ نقيصة ألحقها به الملحدون.

يتجلى التوحيد في هذا العيد، بتشريع سنة الأضحية، سنةِ أبينا إبراهيم عليه السلام، جاء الإسلامُ ليُطهِّرَ هذه الشعيرةَ من الشرك، وليتحقق فيها توحيد الله {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر} [الكوثر:2] خلافاً لأهل الشرك الذي يذبحون لغير الله، فنحن نذبحها ونُسيلُ دماءها لله ربِّ العالمين: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِين (162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين}}[الأنعام:162-163] ولذلك فلا يصحُّ في الإسلام أية ذبيحةٍ لا يُذكر اسمُ الله عليها، وليسَ اللهُ بحاجةٍ لذبائحنا، ولكنه يريد منَّا توحيدَه وصرفَ العبادة له: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ }[الحج:37] ،
فلتحتسبْ، ولتُحقِّق التوحيد وأنت تُهرقُ الدمَ لله سبحانه وتعالى تقرباً إليه، فما فعلتَ ذلك إلا إيماناً بالله، وتطبيقاً لشرعه، وإعمالاً لسنّتِه.

الله أكبر عدد ما وحده الموحدون، الله أكبر عدد ما ذكره المؤمنون ، الله أكبر عدد ما لبّى لبيته الملبون، الله أكبر عدد ما كبَّره في الأرض المسلمون .

عباد الله .. حينما نعلم أهمية التوحيد، وندرك أن الله ما خلقنا إلا لتوحيده، ونستشعر التوحيدَ في شعائر الإسلام المختلفة، فليكن لتحقيقِ كلمةِ التوحيد نصيبٌ في جميع أعمالنا، ولتكن جموعُ المسلمين المتوحدةِ في مناسك الحج وفي شعائر العيد منمِّيةً فينا عقيدة الولاء بين المسلمين، فربنا واحد، وديننا واحد، وعقيدتنا واحدة، وتوحُّدُنا في هذا العيد- إما في الاجتماع في مناسك الحج، أو الاجتماع في صلاة العيد- لا يجمعه إلا رابطة الولاء لربِّ العالمين، ولا يؤلِّفُ بيننا إلا دينُ الإسلام، لا فرقَ بينك وبين من بجانبِك إلا بالتقوى والقرب من الله.
تركنا جميعاً كلَّ هتافات الدنيا، ونبذنا دعواتِ العصبية والقومية والإقليمية، معلنين أن الولاء والبراء هو بمعيار الإسلام، وأن أوثق العُرى فيما بيننا هي عُرى ((الحبُّ في الله والبغضُ في الله))، فلتكن هذه المعاني العالية والصورُ السامية، هي ما نحتذيها في جميع أيامنا وكلِّ حياتنا، وإننا حين نُحقِّقُ التوحيد ونستحضِرُه دائماً، لم يكن لتعظيم غير الله نصيب، ولم يكن للشرك طريق، وستنشأ عزةُ المسلم الذي يبحثُ عن نصرة دينه ويُعلي راية ربِّه، ويكونُ هو خليفةُ الله ال‍مُستحقِّ في أرضه.

ولنحذر من كلِّ ما يخدش التوحيد، فخدشه مزلقٌ خطير، ومهلك عظيم، فكلُّ ذنبٍ يَغفره الله، إلا الشرك وما يتعرض للتوحيد بالنقص {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}[النساء:48]
ولذلك فقد قال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي الذي رواه مسلم: ((وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً))، فانظر إلى رحمةِ الله بعباده، وتأمل كيف أن رحمته مشروطةٌ بعدم وجود الشرك.
وفي المقابل يذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن شهادة ألا إله إلا الله أن محمداً رسول الله: ((لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ)) رواه مسلم.
أيها المسلمون، يكون الشركُ بعبادة غير الله، ويكون أيضاً بصرف العبادة لغيره، ويكون أيضاً باعتقاد التأثير من غيره كالسحرة والشياطين الذين لا حول لهم ولا قوة، فلا مدبِّر في هذا الكون إلا الله، {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُير}[الأنعام:17].
ومن الشرك أيضاً، ما يُسمى بالشرك الخفي أو الشرك الأصغر، والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ، قَالَ : وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ ؟ قَالَ : الرِّيَاءُ)) ، فاتِّقِ الله في قولك، وراقب الخبيرَ في عملك، ولا يكن للشيطان طريق إلى قلبك.
فاللهم وفقنا للإيمان بك، وتحقيق توحيدك، وأعذنا من كلِّ شركٍ وظلم، وطهِّر قلوبنا من الرياء والنفاق وسيء الأخلاق.

عباد الله .. أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم من كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنَّه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد خير النبيين وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فاتقوا الله ربكم، واعلموا أنكم في يومٍ هو أفضلُ أيام السنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ))، فسابقوا إلى الخيرات في هذا اليوم العظيم ، واحتسبوا واستشعروا حينَ قيامِكم بشعيرة الأضحية وسنةِ التكبير، أنكم تفعلون ذلك في أعظم أيام السنة عند الله، وهو أحدُ الأيام العشر التي يكون ((الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ)) من العمل في غيرها، فمن تهاون في هذه الشعائر فلا يزال في الوقت سعة، فبادر إليها، ولتجعلها في صحيفة أعمالك يوم القيامة.

أيها المسلمون، شرع َ الله لنا في هذا اليومِ العظيم شعيرةَ الأضحية، وهي من أحب الأعمال إلى الله في هذا اليوم، وهي سنةٌ، ويُكره تركُها لمن قدر عليها.
ذكرنا في خطبة الجمعة الماضية بعضاً من أحكام الأضحية التي تسبق أحكام هذا اليوم، أمَّا أحكامها لهذا اليوم، فهو أنه يجوزُ ذبحها من انتهاء المسلمين من الصلاة، ولو كان أثناء الخطبة، ومن ذبح بعد الخطبة فهو أفضل.
فعن البراء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ . مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ لَيْسَ مِنْ ‏ ‏النُّسُكِ ‏‏فِي شَيْءٍ)).
فإذا أردتَ أن تذبحها، فيجبُ على المسلم أن يختارَ الآلةَ الحادة، حتى لا يؤذي الذبيحة، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما أراد أن يضحّي أمرَ عائشةَ أن تأتي له بِمُدْية (سكين) وأمرها أن تشحذها بحجر( )، قال صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ)( )، ويستحب ألا يشحذ الإنسان سكّينه أمام الأضحية، وألا يذبح واحدة بحضرة الأخرى( ) حتى لا تكون عليها الميتةُ ميتتان، وهذا من رحمة الإسلام بالبهائم.
فإذا تهيأتَ للذبح، فيُستحبُّ لك أن توجه الذبيحة إلى القبلة، وتُضجِعَها على جنبها الأيسر، لتذبحها بيدك اليمنى، فإن كنتَ أعسراً تعمل بيدك اليسرى، فيجوز لك إضجاعُها على جنبها الأيمن وأن تذبحها بيدك اليُسرى( )، وتقولَ قبلَ الذبح: بسم الله . فالتسمية على الذبيحة واجبة، ويستحبُ أن تزيد فيها بقولك: بسم الله والله أكبر، اللهم إنها عنّي وعن أهل بيتي( )، أو: بسم الله والله أكبر، اللهم تقبل مني ومن أهل بيتي( ). ويقول أيضاً: اللهم منك ولك( )، والأمرُ في ذلك واسع، وال‍مُعتبر في ذلك نيةُ الإنسان.
فإذا أنهرتَ الدم، وانتهيتَ من ذبحها وسلخها، فيُستحب لك أن تقسمها أثلاثاً، ثلثٌ لك ولبيتك، وثلثٌ تتصدّق به، وثلثٌ تهديه لمن تحب( )، وإن أردتَ أن تجعلها لبيتك كاملةً فتصدَّقْ ولو بشيء يسير فهو أفضل، للأمر في قول الله تعالى{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير }[الحج:28]، وخروجاً من خلاف بعض أهل العلم الذين أوجبوا التصدق بشيء منها.
ومن لم يستطع الذبح في هذا اليوم، فإن وقتَها لم ينتهِ بعد، فيجوز للإنسان أن يضحي حتى اليوم الثاني( ) من أيام التشريق.

أيها المسلمون، من شعائر هذه الأيام: سنة التكبير، سواء أكانت مقيدةً بأدبار الصلوات، أومطلقة في كلِّ وقت ومكان، ولا تنتهي هذه السُّنَّةُ إلا بانتهاء اليوم الثالث من أيام التشريق، فاحرصوا عليها، وأظهروها، فأيام التشريق أيامٌ فاضلة،(( أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لله تعالى))، { وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ } [البقرة:203]
الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً .

اللهم تقبَّل من الحجَّج حجَّهم، وآمنهم في مناسكهم، وتقبَّل دعاء من تخلَّف عنهم.
اللهم تقبَّل منَّا أعمالَنا، واهدنا إلى صراطك المستقيم، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادك، واجعلنا اللهم من الموحدين السالكين لطريقك المستقيم .
واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، وأصلح اللهم وليَّ أمرنا وارزقه البطانة الصالحة.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثتنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار،عاجلاً غير آجل.
اللهم اسق عبادك، وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت
عباد الله .. صلوا وسلموا على الرحمة المهداة والنعمةِ المسداة، محمَّد بن عبد الله، كما أمركم ربُّكم تعالى فقال -جلَّ في علاه-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
فاللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسول وخليلك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

المرفقات

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/6/9/خطبة%20عيد%20الأضحى%201431هـ%20-%20مظاهر%20التوحيد%20في%20الحج%20وأحكام%20الأضحية%20-%20خط%20عادي.doc

https://khutabaa.com/wp-content/uploads/attachment/5/6/9/خطبة%20عيد%20الأضحى%201431هـ%20-%20مظاهر%20التوحيد%20في%20الحج%20وأحكام%20الأضحية%20-%20خط%20عادي.doc


خطبة عيد الأضحى 1432هـ
فهد بن فالح الشاكر مدينة تربة ـ حائل
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، له الأسماء الحسنى، والصفات العلى، الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه؛ شرع لنا عيدنا، واختار لنا ديننا، وعلمنا مناسكنا، ورزقنا أضاحينا، فهي منه وإليه، نذبحها على اسمه، ونبرهن بها على توحيده، ونظهر شعيرته، ونعلن ذكره وشكره..
شرع لنا الشرائع لنكبره تكبيرا، فالله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله و الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر ما قصد الحجاج بيت الله الحرام إجلالًا وتعظيمًا الله أكبر ما فارقوا ديارهم وأموالهم قاصدين ربا كريمًا الله أكبر ما لبسوا ملابس الإحرام وجردوا لله تجريدا الله أكبر ما طاف الطائفون تسبيحا وتحميدا الله أكبر ما خرج المسلمون إلي صلاة العيد مهللين مكبرين مسبحين بكرة وأصيلا الله أكبر الله أكبر ولله الحمد اللهم صل علي سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد وعلي أصحاب سيدنا محمد وأزواجه و ذريته وسلم تسليمًا كثيًرا.
اللهم لك الحمد على كل نعمة أنعمتَ بها علينا
في قديم أو حديث، أو خاصة أو عامة، أو سرٍّ أو
علانية.. اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرِّضـا..
لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، لك الحمد على العافية.. ونسألك العافية في الدنيا والآخرة.
الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.
أيها المسلمون
عيدكم مبارك وتقبل الله منكم صالح الأعمال ووفقكم لما يحبه ويرضاه
ما أجمل هذا الجمع .. وما أبهى هذه المناسبة ...
اليوم يا عباد الله يوم الذكر والشكر، وهو يوم الذبح والنحر، هو يوم التضحية والفداء فضحوا تقبل الله تعالى ضحاياكم، وكبروا الله تعالى كما هداكم، واشكروه على ما أعطاكم؛ فإن ربكم غني عنكم، وأنتم الفقراء إليه
الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.
عباد الله أعظم مطلوب وأكبر مقصود أجلُّ ما في الحياةِ تحقيقُ التعبُّد للهِ -جلّ وعلا-، ولأجل ذا فالتّوحيد أعظم مطلوبٍ وأكبر مقصود، فلا إلهَ إلا الله هي زُبدة دعوةِ الرسل وخلاصة رسالتهم، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25].
"لا إله إلا الله" لها من الفضائل العظيمةِ والمزايا الكبيرة والثّمار النافعة والأجورِ الكريمةِ ما لا يمكن لأحدٍ استقصاؤه ولا لمخلوقٍ عدُّه، لها مِنَ الأجر العظيم والثّواب الكبير ما لا يخطُر ببالٍ ولا يدور في خيال، قال سفيان بن عُيينة -رحمه الله-: "ما أنعَمَ الله على العبادِ نعمةً أعظمَ من أن عرَّفهم لا إله إلا الله".
هي الكلِمة الطيّبة والقول الثابت والعروةُ الوثقى وكلِمة التقوى، من تمسَّك بها نجا، ومن فرَّط فيها هلَك، ففي الصحيحين أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنّ اللهَ حرَّم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغِي بذلك وجه الله

الله أكبر كبيرا والحمد لله كثير وسبحان الله بكرة وأصيلا
الله الله عباد الله في الصلاة
لاحظَّ في الإسلام لمن تَرَك الصلاة، أوصيكم ونفسي بِصلاة الجَماعَة، والمحافَظَة عليها في المساجد؛ فمَن صلَّاها بلا عُذرٍ في بيته فلا قَبِلَها الله؛ فإنَّ مِن شروط صحَّتها صلاتُها في جماعة؛ ولذلك يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((والذي نفسي بيده، لقد هَمَمْت أن آمُر بالصَّلاة فتُقام، ثمَّ أخالِفَ إلى أُناسٍ لا يَشهَدون الصَّلاةَ معنا فأُحرِّق عليهم بُيوتَهم بالنار(
الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.
إن الناظر إلى حال هذه الجزيرة وإلى عهد قريب وقبل عقود قليلة من الزمن كان الناس يعيشون حالاً من الفقر والجوع ، وشظف العيش ، وقلة ذات اليد مما حدا ببعضهم إلى السفر إلى بعض البلدان المجاورة أو البعيدة بحثاً عن لقمة العيش وبحثا عن مصدر قوت تستقيم به حياتهم ويسدون به رمقهم وينفقونه على من يعولون وكانوا يتكبدون من أجل ذلك المشاقَ والمصاعبَ عبر البراري والبحار يواصلون المسير الليل بالنهار ، ثم بعد أن من الله على هذه البلاد بنعمة التوحيد والسنة وقيام هذه الدولة المباركة وفتحت عليها أبواب الأرزاق والخيرات وانعم الله عليها بأنعم عجزنا عن إحصائها .(وان تعدوا نعمة الله لاتحصوها ).

فأصبحت ترد الى هذه البلاد فواكه الصيف والشتاء طوال العام فضلاً عما أخرجه الله من أرض هذه البلاد من الكنوز والخيرات مما جعل الأنظار تلتفت إلى هذه البلاد وجعل القلوب تتهافت إليها فسعوا إلى الحصول على تأشيرات للعيش على هذه الأرض المباركة و الإستفادة من خيراتها قال تعالى(أولم نمكن لهم حرماً آمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء رزقا من لدنا ).
أصبحت بلادنا ولله الحمد هي مهوى أفئدةِ كثيرٍ من العالم طلباً للرزق وامتلأت بيوتُنا بالخدم والخادمات ومصانعُنا ومؤسساتُنا بأهل المهن والعمال من مختلف الدول والجنسيات ، ولكن بعض الناس لم يقدروا لهذه النعمة قدرها ولم يشكروها حق شكرها فتجبروا وتكبروا وتعاملوا مع تلك الأيدي العاملة بأخلاق ومعاملات لاتليق ببني البشر فضلاً عن كونه مسلماً ينتمي إلى هذا الدين العظيم وإلى هذا الوطن الكريم .
إن كثيراً من العمالة هم ممن باع ما يملك ، وربما رهن داره إن بقي له دار من أجل الحصول على تأشيرة سفرٍ إلى هذه البلاد وربما ودَّع أهله وهو يعدهُم ويمنيهُم بأنه سيرسل إليهم الأموال والهدايا، وجزيل الهبات و العطايا ، وأنَّهُ ستُسَدَدُ ديونهُم وتتحسن معيشتُهم ، وما أن يصلَ إلى هذه البلاد ليبدأ بالعمل وإذا به يفاجأ أن تلك الأحلامَ قد تبددت ، وتلك الآمال قد تحطمت على صخرة كفيل ظالم معاند لا يرقب في عامل أو خادم إلاً ولا ذمةً فيضطرُ هؤلاءِ المساكين وتحت قهرِ الحاجةِ ، وعنجهيةِ الظلمِ والإستبداد إلى الرضا بالواقع والتسليم لما آل إليه الحال ، والصبر على ألم الغربة والفراق فلا حول ولا قوة إلا بالله

الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.

أيها المؤمنون أحذروا هذه الكبائر من الذنوب
قال عليه الصلاة والسلام((اجتنبوا السبع الموبقات، قِيل: يا رسولَ الله، وما هنَّ؟ قال: ((الشركُ بالله، والسحرُ، وقتلُ النفس التي حرَّم الله إلاَّ بالحق، وأكلُ الربا، وأكلُ مال اليتيم، والتولِّي يوم الزحف، وقذفُ المحصنات الغافلات))، ((إنَّ من أكبر الكبائر: الشِّرك بالله، وعقوق الوالدين، واليمين الغموس...))،
((مَن أتى كاهنًا أو عرَّافًا فصدَّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد))،))،((مَن حلف بغير الله فقدْ كَفَر، أو أشرك)), ((...لَعَن الله مَن لعن والديه...))، ((...لَعَن الله مَن غيَّر منار الأرض...))، ((العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))،((لعن الله آكلَ الرِّبا، ومؤكلَه، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء)).

((إنَّ على الله - عز وجل - عهدًا لِمَن يشرب المُسكِر أن يسقيَه من طينة الخبال، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار)), ((أتدرون ما المفلس؟)) قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: ((إنَّ المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكَلَ مالَ هذا، وسفك دمَ هذا، وضرب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإنْ فَنِيتْ حسناتُه قبل أن يقضى ما عليه، أُخِذ من خطاياهم فطُرِحتْ عليه، ثم طُرِح في النار))، ((ثلاثةٌ قد حرَّم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والدَّيُّوث: الذي يُقِرُّ في أهله الخَبَث
و((لعن الله المتشبهين من الرِّجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال))،
((مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومَن أخذها يُريد تلافها أتلفه الله))
((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيِّروه، أوشك الله أن يَعمَّهم بعقاب من عنده))، ((أنهلِكُ وفِينَا الصالحون؟! قال: ((نعم، إذا كَثُرَ الخَبَث))،
((أتاني الليلة آتيان، فقالا لي: انطلق حتى أتينا على مثل بناء التنور، فإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فيه، فإذا فيه رجال ونساء عُرَاة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب صاحوا، فلما سأل عنهم الملائكة، قالوا: أمَّا الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل التنور فإنهم الزناة والزواني))،
الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.
مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَمَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمْرَ دُنْيَاهُ
الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا. أيها المسلمون
إخوة متقاطعون ، وأبناء عمومة متباغضون ، وعلى ماذا على حطام الدنيا ، أو زلة كلمة
فجاء هذا العيد ليقول للنفوس المتنافرة ,كفى خصام وهجران ، كفى إعراض ونكران
جاء ليذكرها بقول الله تعالى (ا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)
فيكفيك يا من عفوت وصالحت أن أجرك على الله , فكم ستنال من خيرات , وكم ستُرزق من هبات
جاء ليذكر المتخاصمين العاملين بالليل والنهار والمجتهدين بالطاعات ، ويقول لهم استيقظوا فقد تُرد عباداتكم , ولن تُرفع للعلام أعمالكم
فقد جاء في الحديث .. (تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين و يوم الخميس ، فيغفر فيها لكل عبد لا يشرك بالله شيئا ؛ إلا رجلا كانت بينه و بين أخيه شحناء ، فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا)صحيح الجامع
فاجعل هذا اليوم المبارك يوم إزالة الخصومة والشحناء واغتنم هذا اليوم الأغر ليكون تطهير القلوب من الأدران
أكمل فرحة قلبك وادخل السرور على أحبابك بالتلاقي والتصافي وابــــشـــر براحة النفس , وجميل الذكر بين الناس
وأنتم يا من تعرفون المتقاطعين أصلحوا بينهم واشفعوا تؤجروا ، فقد صح عنه  أنه قال ((ألا أخبركم بأفضل درجة من الصيام والصلاة والصدقة)) قالوا بلي يا رسول الله قال : ((إصلاح ذات البين)) .
الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.
أيها الإخوة في الله الغيبة مظهر من مظاهر الخلل في المجتمع ودليل على ضعف الديانة، يقول الحسن البصري رحمه الله: "والله للغيبة أسرع في دين الرجل من الأكلة في الجسد" المبتلى بها ذو قلب متقلب وفؤاد مغتم انطوى على بغض الخلق قلبه، مؤتفك مريض، يحسد في السراء، ويشمت في الضراء، على الهم مقيم، وللحقد ملازم يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله: "فر من المغتاب فرارك من الأسد" إن لكل الناس عورات ومعايب وزلات ومفالت، فلا تتوهم أيها المغتاب أنك علمت ما لا يعلم غيرك أو أنك أدركت ما عجز عنه غيرك، فظُن الخير بإخوانك، والموفق من شغله عيبه عن عيوب الناس،
الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.

أيها الجمع المبارك أولادنا ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، وفلذات أكبادنا ، وأحشاء أفئدتنا ، وزينة حياتنا ، قال تعالى : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " ، الأولاد قرة الأعين ، وبهجة الحياة ، وأنس العيش ، بهم يحلو العمر ، وعليهم تعلق الآمال ، وببركة تربيتهم يستجلب الرزق ، وتنزل الرحمة ، ويضاعف الأجر ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ " [ أخرجه مسلم ] ، وقد أحسن من قال :
إنما أولادنا بيننا *** أكبادنا تمشي على الأرض
لو هبت الريح على بعضهم *** لامتنعت عيني عن الغمض
فالله الله في تربيتهم التربية الحسنة

الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.
يا شباب المسلمين أنتم أمل الأمة وعمادها وعزها ومجدها أنتم ركيزة المجتمع وقوته فالله الله في طاعته الله الله في مكارم الأخلاق بروا أبائكم واطيعوهم (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا)
إياكم ومساوي الأخلاق وسفا سف الأمور فكم في البيوت من أنين الأمهات وحسرة الآباء والزفرات ، من عقوق فلذات الأكباد ،فهذا ابن يلعن أباه ، وفتاة تقطع علاقتها مع أمها عشرون سنة حتى ماتت الأم ولم ترها ، وابن يرفع يده على أمه المسكينة يوم أن نصحته شفقة عليه ، أما علمتم أيها الأبناء أن حرفان يغضب لهما الجبار جل جلاله  فَلاَ تَقُل لّهُمَآ أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذّلّ مِنَ الرّحْمَةِ وَقُل رّبّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبّيَانِي صَغِيراً  .
وها هي الرحم تتعلق بعرش الرحمن فيرضيها ربها بقوله ((أما ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك)) .
يا شباب الإسلام أحذروا من قرناء السوء وجلساء الرذيلة فوالله سيندم المرء على الصداقة التي لم تكن من أجل الله {{ الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }
{ ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا* لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا (

ما وقع من وقع في وحل المخدرات إلا بسب الجلساء والخلطاء وما ارتكبت الجرائم إلا بسب القرين والصديق قال صلى الله عليه وسلم { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل }
أيها الشباب أيها الأولياء أيها المربون أيها المعلمون أيها المسؤلون
ظاهر انتشرت وعمت وطمت في مجتمعنا من بعض شبابنا هداهم الله ظاهرة التفحيط والترفيع فكم بسب هذه الظاهر من أنفس أزهقت وممتلكات دمرت وأموال بذرت فإلى الله المشتكى
ألا فاعلموا أيها الشباب أن التفحيط والتنطيط ، وإيذاء الناس والمارة ، والتجمعات الشبابية ، والتحزبات الهمجية ، والحركات اللا منهجية ، لو كانت كل تلك المهازل والمفاسد رفعة في الدرجات ، وزيادة في الحسنات ، والله لما سبقتم إليها العلماء والعقلاء والفضلاء والنبلاء ، ولكنها انحطاط في الخلاق ، ونقيصة في الأدب ، وعيب في التربية ، ومثلبة في الرجولة ، فمن هو العاقل الذي يرضى لنفسه بالسفول وضياع الأخلاق ، وأن ينظر الناس إليه بعين الازدراء والاستهزاء ،
والله إنك لتعجب الشد العجب من أب ينام قرين العين وأبنائه من بين تلك الجموع التي تتجمهر حول المفحطين وربما كان الأبن أحدهم
فيا أيه الأب المبارك خذ على أيدي أبنائك ويا أيها المعلم والمربي حذر طلابك من هذه الظاهره ويا أيها المسوول عليك بأخذ الأمر ما خذ الجد وأن تبذل الجهد للتقليل من هذه الظاهره

الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.
اتقوا الظلم يا رعاكم الله (فالظلم ظلمات يوم القيامة) كم هي النساء المظلومات في البيوت ، مظلومة إما في نفقة أو عطاء أو عدم عدل بين النساء . كم هي البيوت التي تعيش جحيماً في علاقاتها الزوجية ؟! وإن على الرجل كفل عظيم في ذلك ، كفى ظلماً للنساء وامتهاناً للحقوق إن قدرت عليها فتذكر أن الله أقدر عليك منها .
قال نبيكم صلى الله عليه وسلم { استوصوا بالنساء خيرا}
وإنك لتعجب من صور التعامل التي يعامل بها بعض الأزواج زوجاتهم ؛ فمن الرجال : من لا يعرفُ في بيته إلا لُغةَ الأوامرِ والنواهي ، يكشّر ويزمجر ، ويستطيل ويستبد ؛ سيء العشرة ، ثقيل الطبع ، بطيء الرضا ، سريع الغضب ، شديد الإنفعال ؛ إن تكلم فأحمق ، وإن تصرف فأخرق إن دخل بيته فمنّان ، وإن خرج منه فظنّان ، ليس بلطيف ولا حنّان ، تعيش زوجته معه في عناء ، وتتقلّب في شقاء ، وتتجرّع معه الغصص والبلاء
وقد وُجد من الزوجات من تشتكي زوجها : بأنه لا يحضر الجمع ولا الجماعات ، وأخرى تخبر:أنه يتعاطى المسكرات ، ويدمن المخدّرات ، وثالثة تفيد : أنه كثير السهرات ، والسمرات والسفرات ، ورابعة : تشتكي علاقاته المشبوهة ، وهلم جرّا ، فرحماك ربّنا رحماك .
ومن الظلم ظلم الزوجة زوجها
فمنهن من لا تعرف من زوجها إلا الخادم الذليل ، تمطره بوابل الطلبات والحاجات ، وتزعجه بقوائم المشتريات والكماليات .
ومن الزوجات :من تكلف شططا ، وتقول غلطا ، وتكثر لغطا وتتبع سقطا، كنود عنود ، غير رضية ولا ودود ، إذا دخل الرجل بيته يجد التطاول والزعق ، تصبح وهي نوّامة ، وتمسي وهي لوّامة ، ، ولا تعرف إلا الخروج إلى الصاحبات ، والذهاب إلى الحفلات ؛ فلا دين يردعها ، ولا خُلق يقومها ، تدعو بالويل والثُبور ,وعظائم الأمور ، عند أدنى فتور ، مترجّلة ، لا خير فيها لأهل بيتها ، ولا لزوجها ، ولا لأولادها ؛ فاللهم عفوك وعافيتك يا ألله ..
فيا أيها الأزواج والزوجات ، إن على كل واحد منكم أن يعرف واجباته وحقوقه ، فيقوم بها خير قيام ، ووالله لو قام كل واحد بدوره وواجبه ، لما عانت الأسر من مشكلات تقضّ المضاجع ، نعم والله تُقضّ المضاجع (5)ومعضلات ومنازعات تجعل البيوت بلاقع .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
إن من أعظم ما يتقرب به إلى الله في هذه الأيام الأضاحي، يقول عز وجل: لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَـاكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج:37]، ويبدأ وقت ذبحها من بعد صلاة العيد إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، ولا يجزئ من الإبل إلا ما تم له خمس سنين، ولا من البقر إلا ما تم له سنتان، ولا من المعز إلا ما تم له سنة، ولا من الضأن إلا ما تم له ستة أشهر، وتجزئ الشاة عن الرجل وأهل بيته، والبدنة والبقرة عن سبعة من المضحين، وأفضل كل جنس أثمنه وأغلاه ثمنًا، والسنة أن يذبحها المضحي بنفسه، ولا يجوز أن يعطي الجزار أجرته منها، ولا يجزئ في الأضاحي المريضة البين مرضها، ولا العوراء البين عورها، ولا العرجاء التي لا تطيق المشي مع الصحيحة، ولا الهزيلة التي لا مخ فيها.
وكلوا من الأضاحي واهدوا وتصدقوا وانبذوا عن أنفسكم الشح والبخل، وإذا عجزت عن الأضحية فاعلم أن رسول الهدى قد ضحى بكبشين أملحين أقرنين، أحدهما عن نفسه وأهل بيته، والآخر عن أمته.
الله أكبر كبيرًا .. والحمد لله كثيرًا .. وسبحان الله بُكرَة وأصيلًا.
أيها الـأخوات المومنات
بُشْراكُنَّ قول المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا صلَّت المرأة خمسَها، وصامتْ شهرَها، وحصَّنتْ فرجَها، وأطاعتْ زوجَها، قيل لها: ادخلي الجنة من أيِّ أبواب الجنة شئتِ))؛ رواه البخاري، فاللهَ اللهَ يا مسلمة في طاعة الزوج وحسن التبعُّل له، اللهَ اللهَ في رعاية البيت المسلم وحسن تربية الأولاد؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: ((المرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها))؛ متفق عليه.
ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على نبيه فقال في محكم التنزيل إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين...
اللهم أنت الله لا إله إلا أنت أنت الغني ونحن الفقراء اللهم أنزل.علينا الغيث......