خطبتا الحرمين الشريفين الجمعة 4 ربيع ثاني 1439هـ
الفريق العلمي
خطبة المسجد الحرام بعنوان (من صفات الطيبين) للشيخ فيصل غزاوي
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، المبعوث بالرحمة والهدى، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وتمسكوا بدينكم حتى تلقوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].
إخوة الإسلام: من أوصاف المؤمن التي تبيِّن حقيقةَ حاله وتكشف عن نُبْل أصله وكريم خصاله وصفه بأنه طيب، وكل امرئ يحب أن يوصف بذلك، ويكره ويبغض أن يوصف بأنه خبيث، بل وينفر من أن يكون من أهل هذا الطبع، فإذا كان الأمر كذلك، فما هي صفات الطيبين؟ وبأي شيء يمتازون؟ وكيف يعيشون؟
إليكم –عباد الله– جملة من النصوص الشرعية التي تجيبنا عن هذه التساؤلات:
ففي مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنَّ مَثَلَ الْمُؤْمِنِ لَكَمَثَلِ النَّحْلَةِ أَكَلَتْ طَيِّبًا، وَوضَعَتْ طَيِّبًا، وَوقَعَتْ عَلَى فَلَمْ تَكْسِرْ، وَلَمْ تُفْسِدْ” فشبَّه -عليه الصلاة والسلام- المؤمن الذي تكاملت فيه خصال الخير باطنا وأخلاق الإسلام ظاهرا بالنحلة التي تأكل بأمر مسخِّرها -سبحانه-، (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ) [النَّحْلِ: 69]، وإن وضعت وضعت طيبا، فلا يخرج منها إلا الطيب، (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ)[النَّحْلِ: 69]، وهكذا المؤمن طيب الأفعال كريم الأخلاق صالح الأعمال.
معاشر المسلمين: إن الإنسان الطيب هو الطاهر المطهَّر الذي يحرص على أن يتجرد من كل نقص ودنَس يتطرق إليه، ويخل بإيمانه، وينأى بنفسه عن التلبس بالجهل والفسق، وقبائح الأعمال، وفي المقابل يتحلى ويتجمَّل بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال، ويسعى في إصلاح نفسه وتقويمها وتكميلها، فطاب قلبه بمعرفة الله ومحبته، ولسانه بذكره والثناء عليه، وجوارحه بطاعته والإقبال عليه، روى الإمام أحمد وغيره عن علي -رضي الله عنه- قال: “جَاءَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ، مَرْحَبًا بِالطَّيِّبِ المُطَيَّبِ“، أي الطاهر المطهر.
أيها المسلمون: المؤمن طيب في كل شيء، في أعماله وتصرفاته، في تجواله وتنقلاته، في حياته وبعد مماته، فإن سألتم عن نفس المؤمن فهي نفس طيبة، فعن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن عمه قال: كُنَّا فِي مَجْلِسٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِهِ أَثَرُ مَاءٍ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُنَا: نَرَاكَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ، فَقَالَ: “أَجَلْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ” ثُمَّ أَفَاضَ الْقَوْمُ فِي ذِكْرِ الْغِنَى، فَقَالَ: “لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى، وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النَّعِيمِ“. (رواه ابن ماجه).
فمن النعيم -يا عباد الله- أن يكون العبد طيب النفس، وقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : “يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ مَكَانَ كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَأَرْقُدَ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ“.
قال ابن حجر -رحمه الله-: “والذي يظهر أن في صلاة الليل سِرًّا في طيب النفس“، وقال ابن عبد البر -رحمه الله-: “هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعها، أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل فغلبته عينه فنام فقد ثبَت أن الله يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة“.
أيها الإخوة: للمؤمن كلمة طيبة يعتز بها، لا تفارق لسانه مدةَ بقائه وعند مماته، وقد جاء ذكرها في قوله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) [إِبْرَاهِيمَ: 24-25]، هذه الكلمة الطيبة هي شهادة ألا إله إلا الله، فطب نفسا وقر عينا أيها المسلم بهذه الكلمة الطيبة كلمة التوحيد، واستحضرها دوما، وتذكر أن من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة، فسل ربك الثبات حتى الممات.
وقال الله -تعالى-: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ)[الْحَجِّ: 24]، فهدى الله المؤمن إلى الطيب من القول، الذي أفضله وأطيبه كلمة الإخلاص، ثم سائر الأقوال الطيبة التي فيها ذكر الله، أو إحسان إلى عباد الله، وقال -جل ثناؤه-: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)[فَاطِرٍ: 10]، الكلم الطيب من قراءة وتسبيح وتحميد وتهليل، وكل كلام حسن طيب، فيُرفع إلى الله ويُعرض عليه، ويثني على صاحبه بين الملأ الأعلى، ومما يحرص عليه المؤمن: إفشاء السلام؛ فإنها تحية من عند الله مباركة، وموصوفة بأنها طيبة، لأنها من الكلام الطيب المحبوب عند الله الذي فيه طيب نفس للمحيا، ومحبة وجلب مودة.
عباد الله: والطيبون من الرجال والطيبات من النساء يحرصون على أشباههم وما يوافق أفعالهم: قال -تعالى-: (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ)[النُّورِ: 26]، فكل طيب من الرجال والنساء والكلمات والأفعال مناسب للطيب وموافِق له، ومقترن به ومُشَاكِل له، والطيبات من الكلام أفضله وأحسنه فاعملوا بوصية نبيكم -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: “أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَأَطِيبُوا الْكَلَامَ” (رواه الطبراني) عن علي -رضي الله عنه-.
وتذكروا بشارة الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: “إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَغُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا” فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ؟ قَالَ: لِمَنْ طَيَّبَ الْكَلَامَ وَأَدَامَ الصِّيَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ” (رواه الترمذي) من حديث علي -رضي الله عنه-.
ويحرص المؤمن أن يكون كسبه طيبا، (روى مسلم في صحيحه) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [الْمُؤْمِنُونَ: 51] وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [الْبَقَرَةِ: 172]. ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ” قال القرطبي -رحمه الله- -تعالى-: “سَوَّى اللهُ -تعالى- بين النبيين والمؤمنين في الخطاب بوجوب أكل الحلال وتجنُّب الحرام، ثم شمل الكلَّ في الوعيد الذي تضمنه قوله -تعالى-: (إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ)[الْمُؤْمِنَونَ: 51]، صلى الله على رسله وأنبيائه، وإذا كان هذا معهم فما ظَنّ كل الناس بأنفسهم.
ويحرص المؤمن كذلك أن تكون صدقته من كسب طيب عملًا بقوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)[الْبَقَرَةِ: 267]، أمَر الله أن يقصد العباد الطيب عند الإنفاق ولا يقصدوا الخبيث، وما أعظم أجرَ من تصدق من كسب طيب ولو كان شيئا يسيرا؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ” (رواه مسلم).
أيها الإخوة: ومن علامات طيبة المؤمن التزاور والتواصل مع إخوانه المسلمين وهو في سبيل تحقيق ذلك يمشي إلى الخير، ويسعى إلى الطيب، جاء في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ مُنَادِيًا مِنَ السَّمَاءِ أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ، قَدْ تَبَوَّأْتَ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا” قال الطيبي -رحمه الله-: “دعاء له بطيب العيش في الأخرى، كما أن “طبت” دعاء له بطيب العيش في الدنيا“.
أيها الإخوة: وتطييب قلوب عباد الله من علامات طِيب القلوب كما جاء في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين يؤدون إلى الناس حقوقَهم وافيةً زائدةً: “إِنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللَّهِ عِنْدَ اللَّهِ الْمُوفُونَ الْمُطَيَّبُونَ“(رواه الطبراني) من حديث أبي حميد الساعدي.
وأقصر طريق إلى القلوب الكلمة الطيبة: قال -صلى الله عليه وسلم-: “اتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ“(رواه البخاري) من حديث عدي بن حاتم -رضي الله عنه.
والمؤمن أيضا -عباد الله- يطلب الطيب في مظهره فيلبس البياض، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: “الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ“(رواه النسائي) من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه-، قوله: “وأطيب” لغلبة دلالتها على التواضع والتخشع، وعدم الكِبْر والعُجْب، ولهذه الأَطْيَبِيَّة ندب إيثارها في المحافل؛ كشهود جمعة وحضور مسجد؛ ولذلك فضلت في التكفين كما قال -صلى الله عليه وسلم-: “وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ“.
ومن اهتمام المؤمن بطهارة جسده اهتمامه بنظافة فمه، يطهره ويطيبه بالسواك كما في الحديث: “السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبّ” (رواه النسائي) من حديث عائشة -رضي الله عنها-، فهو يطيب فمه إذ هو محل الذكر والمناجاة وكذلك يتطيب في جسده اقتداء بنبيه -صلى الله عليه وسلم-، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُكَّة يتطيب منها، ومعنى السُّكَّة: طِيب مجموع من أخلاط، ويحتمل أن يكون وعاء يجعل فيه الطيب، وهكذا -أيها الإخوة في الله- فإن الطيبين حياتهم طهارة وزكاة ونقاء، فأسأل الله أن يجعلنا جميعا من أهل النفوس الطيبة وممن أحياهم حياة طيبة.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، جعل الحياة الطيبة لمن اتبعه وعمل برضاه، والصلاة والسلام على عبده ومصطفاه، إمام المتقين الطيبين وأشرف الخلق أجمعين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيعيش المؤمن في هذه الحياة حياة سعيدة مستقرة وذلك لطمأنينة قلبه وسكون نفسه وانشراح صدره إنه يعيش حياة طيبة وهذا ما وعده الله عباده المؤمنين في كتابه المبين: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)[النَّحْلِ: 97]، وبعد أن يعيش في هذه الدنيا حياة طيبة، يتوفى طيبا ويموت طاهرا، قال -تعالى-: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[النَّحْلِ: 32]، طيبين طاهرين من الشرك صالحين زاكية أفعالهم وأقوالهم، وتكون وفاتهم طيبة سهلة لا صعوبة فيها ولا عسر ولا ألم، معافين من الكرب وعذاب الموت، تقول لهم الملائكة: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) طمأنة لقلوبهم وترحيبا بقدومهم، (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تعجيلا لهم بالبشرى هذه هي النفوس المؤمنة الطيبة، تبشر عند موتها وتخرج طيبة وينادى عليها.
وقد روى ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ الْمَيِّتَ تَحْضُرُهُ الْمَلَائِكَةُ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلَ الصَّالِحَ، قَالَ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ، كَانَتْ فِي جَسَدٍ طَيِّبٍ، اخْرُجِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَيَقُولُونَ ذَلِكَ حَتَّى تَخْرُجَ، ثُمَّ يُعْرَجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَيُسْتَفْتَحُ لَهَا، فَيُقَالُ: مَنْ هَذَا؟، فَيُقَالُ: فُلَانٌ، فَيُقَالُ: مَرْحَبًا بِالنَّفْسِ الطَّيِّبَةِ، كَانَتْ فِي الْجَسَدِ الطِّيبِ، ادْخُلِي حَمِيدَةً، وَأَبْشِرِي بِرَوحٍ وَرَيْحَانٍ وَرَبٍّ غَيْرِ غَضْبَانَ، فَيُقَالُ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ“. فيا لها من خاتمة حسنة، وثمرة طيبة نسأل الله من فضله.
ثم يوم القيامة وعلى أبواب الجنة يقال لهم: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ)[الزُّمَرِ: 73]، ويجدون من النعيم الدائم الذي لا ينقطع، قال -تعالى-: (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ)[الرَّعْدِ: 29]، طوبى: قيل: هي اسم شجرة في الجنة، وقيل: بل إشارة إلى كل مستطاب في الجنة؛ من بقاء بلا فناء، وعِزّ بلا زوال، وغنى بلا فقر، الله أكبر فازوا وربِّ الكعبة، ولهم ما لهم من النعيم، عند الرب الكريم قال -تعالى-: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[التَّوْبَةِ: 72]، وتأملوا في قوله: (وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً) قد طاب مرآها وطاب منزلها ومقيلها وجمعت من آلات المساكن العالية ما لا يتمنى فوقه المتمنون.
أيها الإخوة: إن على رأس أولئك الطيبين الأطهار المطهرين الأخيار إمامُهم وقدوتهم وسيدهم وأشرف الخلق أجمعين وخاتم الأنبياء والمرسلين بأبي هو وأمي -صلى الله عليه وسلم-، فلما مات جاء أبو بكر -رضي الله عنه- فكشف عنه الغطاء فقبله قائلا: “بأبي أنت وأمي طِبْتَ حيًّا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا“.(رواه البخاري) من حديث عائشة -رضي الله عنها- وعن علي -رضي الله عنه- قال: لما غسل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ذهب يلتمس منه ما يلتمس من الميت فلم يجده، فقال: “طبت حيا وطبت ميتا“، رواه ابن ماجه. إنه أبو القاسم وأبو عبد الله، الطاهر الطيب الذي عاش طَيِّبَ النفس، طيبَ اللسانِ، طيبَ الأفعال، طيبَ الخصالِ، وفاضت روحُه الشريفةُ الطاهرةُ بعد أن عاش حياة طيبة لا يذوقها إلا أولياء الله المؤمنون فَاقْتَدُوا به، واعملوا بسنَّته، وتمسَّكُوا بشرعه، وعيشوا طاهرين مطهرين لعلكم تفلحون، وامتثلوا أمرَ الله بالصلاة والسلام على نبيكم في يومكم هذا خاصة، وفي سائر أيامكم (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الكفر والكافرين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك -صلى الله عليه وسلم- وعباد الصالحين.
اللهم انصر إخواننا المسلمين في كل مكان اللهم كن لهم معينا ونصيرا ومؤيدا وظهيرا، اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك وعمل برضاك يا رب العالمين.
اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى وخذ بناصيته للبر والتقوى.
اللهم انصر إخواننا المستضعفين والجاهدين في سبيلك والمرابطين في الثغور وحماة الحدود واربط على قلوبهم وثبت أقدامهم واخذل عدوهم واهزمهم شر هزيمة.
اللهم احفظ المسجد الأقصى وحرره من ظلم الظالمين، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين ودينهم ومقدساتهم بسوء وكيد فاجعل كيده في نحره وأنزل عليه بأسك يا قوي يا عزيز، اللهم أنج إخواننا المستضعفين في كل مكان، في فلسطين وفي سوريا وفي العراق وفي اليمن، وفي بورما وفي كل مكان اللهم أصلح أحوالهم ودمر عدوهم يا قوي يا عزيز اللهم إنا نسألك الطيبات وترك المنكرات.
خطبة المسجد النبوي بعنوان (أسباب صلاح الأسرة) للشيخ الحذيفي
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي خلق الأزواجَ كلَّها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون، أمَر -عز وجل- بالصلاح والإصلاح، ونهى عن الفساد بقوله: (وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)[الْأَعْرَافِ: 142]، وشرَع -تبارك وتعالى- التشريع للمصالح والمنافع، ودرء المفاسد والمضارّ، في حقّ المكلَّفِين، أحمدُ ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، الغني عن العالمين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، الصادق الأمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله في السر والعلانية، فما فاز أحدٌ في حياته وبعد مماته إلا بالتقوى، وما خاب أحد وخسر إلا باتباع الهوى.
أيها الناس: اذكروا مبدأَ خلقكم وكثرةَ رجالكم ونسائكم من نفس واحدة، خلَق اللهُ منها زوجَها، قال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً)[النِّسَاءِ: 1]، وقال -تعالى-: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) [الْأَعْرَافِ: 189].
ثم جَرَتْ سُنَّةُ اللهِ -تعالى- وشريعته أن يقترن الرجلُ بالمرأة بعقد النكاح الشرعي لِيَبْنِيَا بيتَ الزوجية تلبيةً واستجابةً لمطالب الفطرة والغريزة البشرية من طريق النكاح لا من طريق السفاح؛ فطريق الزواج هو العفاف والبركة والنماء والطُّهْر والرزق، وصحة القلوب وامتداد العمر بالذرية الصالحة، وطريق السفاح والزنا هو الخُبْث وأمراض القلوب وفساد الرجل والمرأة، وذُلّ المعصية، وآفات الحياة، والذهاب ببركتها والخلل في الأجيال والعذاب في الآخرة.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رأى ليلةَ الإسراء والمعراج من العجائب: “ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ تُرْضَخُ رُؤُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ، كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ وَلَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ، شَيْئًا، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ! مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَلُ رُؤُوسُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، قَالَ: ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ عَلَى أَقْبَالِهِمْ رِقَاعٌ وَعَلَى أَدْبَارِهِمْ رِقَاعٌ يَسْرَحُونَ كَمَا تَسْرَحُ الْإِبِلُ وَالنَّعَمُ، وَيَأْكُلُونَ الضَّرِيعَ وَالزَّقُومَ، وَرَضْفَ جَهَنَّمَ وَحِجَارَتَهَا، قَالَ: مَا هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ صَدَقَاتِ أَمْوَالِهِمْ، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ شَيْئًا، ثُمَّ أَتَى عَلَى قَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ لَحْمٌ نَضِيجٌ فِي قِدْرٍ، وَلَحْمٌ آخَرُ نِيءٌ خَبِيثٌ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنَ النِّيءِ الْخَبِيثِ وَيَدَعُونَ النَّضِيجَ الطَّيِّبَ، فَقَالَ: يَا جِبْرِيلُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ مِنْ أُمَّتِكَ تَكُونُ عِنْدَهُ الْمَرْأَةُ الْحَلَالُ الطَّيِّبُ فَيَأْتِي امَرْأَةً خَبِيثَةً فَيَبِيتُ مَعَهَا حَتَّى يُصْبِحَ، وَالْمَرْأَةُ تَقُومُ مِنْ عِنْدِ زَوْجِهَا حَلَالًا طَيِّبًا فَتَأْتِي رَجُلًا خَبِيثًا فَتَبِيتُ مَعَهُ حَتَّى تُصْبِحَ” (رواه ابن جرير في تفسيره).
وفي حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الإسراء والمعراج قال: “ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ فَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ -يَعْنِي الْخِوَانَ: الْمَائِدَةُ الَّتِي يُؤْكَلُ عَلَيْهَا لَحْمٌ مُشَرَّحٌ- لَيْسَ يَقْرَبُهَا أَحَدٌ، وَإِذَا أَنَا بِأَخْوِنَةٍ أُخْرَى عَلَيْهَا لَحْمٌ قَدْ أَرْوَحَ وَنَتِنَ، عِنْدَهَا أُنَاسٌ يَأْكُلُونَ مِنْهَا، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلَ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ يَتْرُكُونَ الْحَلَالَ وَيَأْتُونَ الْحَرَامَ، ثُمَّ مَضَتْ هُنَيَّةٌ فَإِذَا أَنَا بِأَقْوَامٍ بُطُونِهِمْ أَمْثَالِ الْبُيوتِ، كُلَّمَا نَهَضَ أَحَدُهُمْ خَرَّ يَقُولُ: اللهُمَّ لَا تُقِمِ السَّاعَةَ قَالَ: وَهُمْ عَلَى سَابِلَةِ آلَ فِرْعَوْنَ قَالَ: فَتَجِيءُ السَّابِلَةُ فَتَطَأَهُمْ قَالَ: فَسَمِعْتُهُمْ يَضِجُّونَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ. قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ” (رواه البيهقي في الدلائل).
والزوجية بيت يحتضن الذرية ويحنو عليهم ويرعاهم ويعلمهم، وأبوة وأمومة تُعِدّ الأجيالَ للقيام بأعباء الحياة ونفع المجتمع، ورُقِيّه في كل شأن، وتُوَجّه إلى كل خُلُق كريم وتمنع من كل خُلُق ذميم، وتربِّي على الصالحات في الدار الآخرة والحياة الأبدية، ويقتدي الصغيُر بما يرى فيتأثر بما يشاهِد ويسمع؛ حيث لا قدرةَ له على قراءة التاريخ وأَخْذ العِبَر منه والقدوة.
وعقد الزواج ميثاق عظيم، ورباط قوي، وصلة شديدة، قال الله -تعالى-: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا)[النِّسَاءِ: 20-21]، قال المفسرون: “هو عقد النكاح”، وهذا العقد اشتمل على مصالح ومنافع للزوجين ومنافع ومصالح للأولاد ومصالح ومنافع لأقرباء الزوجين ومنافع ومصالح للمجتمع، ومنافع ومصالح للدنيا والآخرة، لا تعد هذه المنافع ولا تحصى.
وَنَقْضُ هذا العقدِ وإبطالُ هذا الميثاقِ وقَطْع حبل الزوجية بالطلاق يهدِم تلك المصالحَ والمنافعَ كلَّها، ويقع الزوجُ في فتن عظيمة، تضرُّه في دينه ودنياه وصحته، وتقع المرأة بالطلاق في الفتن، بأشد مما وقع فيه الزوج، ولا تقدر أن تعيد حياتها كما كانت، وتعيش في ندامة لا سيما في هذا الزمان الذي قَلَّ فيه الموافِقُ لحالها، ويتشرد الأولاد ويواجهون حياةً شديدةَ الوطأة تختلف عما كانت عليه وهم في ظل اجتماع الأبوينِ فيفقدونَ كلَّ سعادة تبتهج بها الحياةُ ويكونون معرضينَ للانحراف بأنواعه المختلفة، ومعرضين لأمراض مختلفة، ويتضرر المجتمع بالآثار الضارة التي تكون بعد الطلاق وتستحكم القطيعة للأرحام، ومهما أُحصي من مفاسد الطلاق فهي أخطر من ذلك.
ولتعلم مفاسد الطلاق وكثرة أضراره الخاصة والعامة تأمَّلْ في حديث جابر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً قَالَ: فَيَأْتِيهِ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ: مَا فَعَلْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَأْتِيهِ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، فَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ“، (رواه مسلم).
وقد استخف بعض الناس بالطلاق فاستسهل أمره، ووقع في أمور خطيرة وشرور كثيرة، وأوقع غيره فيما وقع فيه، وقد كثر الطلاق في هذا الزمان لأسباب واهية ولعلل واهنة، وأسباب الطلاق في هذا الزمان كثيرة، ومن أكبرها الجهل بأحكام الطلاق في الشريعة وعدم التقيُّد بالقرآن والسُّنَّة، وقد أحاطت الشريعة الإسلامية عقد الزواج بكل رعاية وعناية، وحفظته بسياج من المحافظة عليه؛ لئلا يتصدع وينهدم ويتزعزع أمام عواصف الأهواء؛ لأن سبب الطلاق قد يكون من الزوج، وقد يكون من الزوجة، وقد يكون منهما، وقد يكون من بعض أقاربهما، فعالجت الشريعة كل حالة قد تكون سببا في الطلاق فأمر الله -تعالى- في كتابه الزوج أن يعظم عقد الزواج، قال -تعالى-: (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا)[الْبَقَرَةِ: 231]، وقال -تعالى-: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ)[الْبَقَرَةِ: 228].
قال المفسرون: “للمرأة على الرجل مثل ما للرجل على المرأة، في حُسْن العِشْرة، ويَفْضُلُها في القِوَامة، وعلى الرجل العِشْرَة بالمعروف والإحسان، وإذا كرهها صبر عليها، لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا”. ولعل الحال تتبدل إلى أحسن منها أو لعله يرزق منها بأولاد صالحين ويؤجر على صبره عليها، قال الله -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النِّسَاءِ: 19]. وعلى الزوجين أن يعرف كل منهما صاحبه؛ فيأتي كل منهما ما هو أرضى لصاحبه، ويجتنب كل منهما ما لا يحبه الآخَر فهذا ميسور لا يخفى.
ومن أسباب بقاء الزوجية: الإصلاح بين الزوجين من أهل الخير المصلحين، من الأهل وغيرهم، حتى يتحقق لكل منهما حقه الواجب له على صاحبه، قال الله -تعالى-:(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا)[النِّسَاءِ: 35].
ومن أسباب دوام الزواج وسعادته: الصبر والتسامح فمرارة صبر قليل يعقبه حلاوة دهر طويل، وما استُقبلت المكروهات بمثل الصبر، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزُّمَرِ: 10]، والتسامح والعفو تزهو به الحياة ويكسوها البهجةُ والسرورُ والجَمَالُ، وتندمل به جراح العِشْرَة والتسامح، والعفوُ أمرٌ ضروري للحياة، ولاسيما بين الزوجين، وإذا كان في أمور كمالية، أو في أمور قابلة للتأخير فالتسامح هنا خير للزوجين، وفي هذا الزمان أُرهق كثيرٌ من الأزواج بمطالب الحياة وإنجازها حتى وإن كانت كمالية، واستقصاء كل الحقوق وعدم التسامح والعفو في بعضها يورث النفرة والتباغض بين الزوجين.
والزواج روحه التعاون والرحمة، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[التَّغَابُنِ: 14]، والعداوة هنا هي التثبيط عن الخير أو عدم الإعانة على الخير أو المنع منه، وقال -تعالى-: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ)[الْأَعْرَافِ: 199].
ومن أسباب دوام الزواج: القيام بالحقوق وتقويم الزوج ما اعوجَّ من أخلاق المرأة بما أباحه الشرع وَأَذِنَ فيه، قال الله -تعالى-: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا)[النِّسَاءِ: 34]، وعلى القضاة الإصلاح بين الزوجين فيما يُرفع إليهم من القضايا حتى يتم الاتفاق وينتفي الطلاق.
وحقُّ المرأة على الزوج: عشرتها بالمعروف، وسكنها الذي يصلح لمثلها، والنفقة والكسوة وبذل الخير وكفّ الأذى والضرر عنها، وقد يكون السبب في الطلاق من المرأة لبذاءة لسانها وسوء خُلُقها وجهلها؛ فعليها أن تقوِّم أخلاقها وتطيع زوجها وتبذل جهدها في تربية أولادها التربية الصحيحة وأن توافق الزوج فيما يحب إلا فيما يغضب الله، عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إِذَا صَلَّتِ الْمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ” (رواه أحمد) وهو حديث حسن.
وعلى المرأة أن تخدم زوجها بالمعروف تأسِّيًا بالصحابيات -رضي الله عنهن-، وما أحسن أن تكون مشاركة المرأة لزوجها في سروره أو حزنه، وأن تكون عونًا له على طاعة الله -عز وجل-.
ومن أسباب الطلاق: تدخُّل أقرباء أحد الزوجين بينهما أو أقرباء كل منهما فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا، وفي الحديث: “لَعَنَ اللَّهُ مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا” أي: أَفْسَدَهَا عليه، أو زوجًا على زوجته، وعلى المرأة أن تقوم بحقِّ أقرباءِ الزوجِ، ولاسيما الوالدين، وعلى الزوج أن يقوم بحق أقرباء الزوجة، فكثيرا ما يكون التقصير في حق أقربائهما سببا من أسباب الطلاق.
ومن أسباب الطلاق: التتبُّع للمسلسلات الفضائية التي تهدم الأخلاق أو المواقع المحرمة التي تنشر الفساد.
ومن أسباب الطلاق: خروج الزوجة بغير إذن الزوج، ولا يحل لها أن تخرج إلا بإذنه وهو الذي يقدر الأمور.
وإذا تعذرت أسباب بقاء الزوجية فقد أحل الله الطلاق وهو أبغض شيء إليه، وفي الحديث: “أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ” فيطلِّق الزوجُ الطلاقَ الشرعيَّ بعد رَوِيَّةٍ وتأنٍّ كما أمر الله -تعالى- في قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ)[الطَّلَاقِ: 1]، قال المفسرون: “يطلقها في طُهْر لم يجامعها فيه، طلقةً واحدةً، فإن شاء راجعها في العدة وإلا تركها حتى تنقضي عدتها فتخرج من عصمته، والطلاق بهذه الطريقة يفتح باب الأمل بالرجعة لبقاء الزواج، أو بعَقْد جديد مع المهر بعد العدة.
فانظروا إلى تأكيد عقد الزواج وحمايته في الشرع الحنيف، وإلى الاستهانة بالطلاق في هذا الزمان وما جَرَّ من المآسي، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)[النُّورِ: 21].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، شرع الأحكام بعلمه وحكمته، ورحمته، فسبحانه من إله عظيم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له العليم الحكيم، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله الكريم، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه المتمسكين بشرعه القويم.
أما بعد: فاتقوا الله حق التقوى، وتمسَّكُوا من الإسلام بالعروة الوثقى.
عباد الله: يقول -عز وجل-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[الْمَائِدَةِ: 2].
أيها المسلمون: صار الطلاق جاريًا على ألسنة بعض الشباب من دون مراعاة لحقوق ولد، ولا قريب ولا اعتبار لأحد، وقد يقع بتكراره في أزمنة متباعدة أو تكراره في مجلس واحد، ثم يتلمَّس الفتاوى، وقد يحتال وقد تنسد عليه الطرق ويندم ندامة لا تنفعه، والله -تعالى- يقول: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطَّلَاقِ: 2-3]، ومن اتقى الله في طلاقه على الوجه الشرعي جعل الله له مخرجا، وَمَنْ عَظَّمَ عقدَ الزوجية ولم يستخِفَّ به بارك الله له في زواجه ونال عاقبةً حسنةً، وبعض أنواع الطلاق الخاصة والحالات يكون الطلاق فيها إثما على الزوج، كما قال -صلى الله عليه وسلم- لأبي أيوب: “إِنَّ طَلَاقَ أُمِّ أَيُّوبَ لَحُوبٌ“؛ يعني إثم.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الْأَحْزَابِ: 56].
فصلوا وسلموا على سيد المرسلين، وإمام المتقين.
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وسلم تسليما كثيرا.
اللهم وارض عن الصحابة أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وارض عنا معهم بمنك وكرمك برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين يا رب العالمين، اللهم فقهنا والمسلمين في الدين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- بقدرتك وعزتك يا رب العالمين، اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل يا ذا الجلال والإجرام.
اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين، اللهم ضاعف حسناتهم وتجاوز عن سيئاتهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، اللهم أصلح لنا شأننا كله، اللهم اقض الدين عن المدينين من المسلمين، اللهم واشف مرضانا ومرضى المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعذنا وأعذ ذرياتنا من إبليس وشياطينه يا رب العالمين، وأوليائه إنك على كل شيء قدير، اللهم أعذ المسلمين وذرياتهم من الشيطان الرجيم وذريته برحمتك يا أرحم الراحمين، إنك على كل شيء قدير، اللهم إنا نسألك أن تحفظ بلادنا من كل شر ومكروه يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم فُكَّ أسرَ بيت المقدس، اللهم فُكَّ أسرَ بيت المقدس، اللهم فُكَّ أسرَ بيت المقدس، اللهم واجعله شامخا عزيزا منيعا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعله معمورا بعبادتك إلى يوم الدين، اللهم اجعله معمورا بعبادتك يا رب العالمين، اللهم احفظه من آثام الآثمين، واعتداء المعتدين وظلم الظالمين يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
اللهم ارفع عن المسلمين ما نزل بهم من الكربات يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ارفع الكربات التي نزلت بالمسلمين وأطفئ الفتن التي حلت بساحتهم يا رب العالمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماءهم واحفظ دماءهم واحفظ دينهم واحفظ أموالهم يا رب العالمين، واستر عوراتهم إنك على كل شيء قدير.
اللهم كُنْ لهم ناصرا ومعينا يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ارزقنا والمسلمين التوبة إليك، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.
اللهم وَفِّقْ خادمَ الحرمينِ الشريفينِ لِمَا تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، اللهم أعنه على كل خير وارزقه الصحة إنك على كل شيء قدير.
اللهم أَعِنْهُ على كل خير يا رب العالمين، اللهم وَفِّقْ وليَّ عهده لِمَا تحب وترضى، اللهم وفقه لهداك واجعل عمله في رضاك، اللهم أَعِنْهُ على كل خير إنك على كل شيء قدير، يا ذا الجلال والإكرام.
(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201].
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)[النَّحْلِ: 90-91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
المرفقات
صفات-الطيبين-1
صفات-الطيبين-1
صلاح-الأسرة-1
صلاح-الأسرة-1