خطبتان .. عن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم - مختصرة ومشكولة (DOC + PDF)
عبدالله اليابس
بسم الله الرحمن الرحيم
(1)
حادثة سب النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة 13/3/1442هـ
الحَمْدُ للهِ أَوْلَى مَا فَغَرَّ النَّاطِقُ بِهِ فَمَهُ، وَاِفْتَتَحَ كَلِمَهُ، عَظُمَتْ مِنَّتُهُ، وَعَمَّتْ رَحْمتُهُ، وَتَمَّت ْكَلِمَتُهُ، وَنَفِذَتْ مَشِيئَتُهُ، وَسَبَّحَ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالـمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ.
أَلَا إِنَّ رَبِّي قَوِيٌّ مَجِيـد *** لَطِيْفٌ جَلِيلٌ غَنِـيٌّ حَمِيْدُ
رَأَيْتُ الـمُلُوكَ وَإِنْ عَظُمَتْ *** فَإِنَّ الـمُلُـوكَ لِرَبِّي عَبِيـدُ
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَشَفِيعَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَخَلِيلُهُ.
خَيْرُ البَرِيَّةِ أَقْصَاهَا وَأَدْنَاهَا *** وَهْوَ أَبَرُّ بَنِي الدُّنْيَا وَأَوْفَاهَا
أَتَى بِهِ اللَّهُ مَبْعُوثًا وَأُمَّتُهُ *** عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَأَنْجَاهَا
وَأَبْدَلَ الخَلْقَ رُشْدًا مِنْ ضَلالَتِهِمْ *** وَفَلَّ بِالسَّيْفِ لَمَّا عَزَّ عُزَّاهَا
فاللهُمَ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيهِ وَعَلَى آَلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ الغُرِّ المَيَامِينَ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَومِ الدِّينِ..
أَمَّا بَعْدُ: {ياأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}..
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.. بُعِثَ الهَادِي الـمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ، بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى الـمَحَجَّةِ البَيْضَاءِ الوَاضِحَةِ، دِينٌ نَقِيٌّ صَافٍ يُوافِقُ الفِطْرَةَ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُشَرِّكَانِهِ).
مَن قَبِلَ هَذَا الحَقَّ البَيِّنَ أَفْلَحَ وَنَجَحَ، وَمَنْ عَانَدَ وَكَابَرَ خَابَ وَخَسِرَ. لَقَدْ كَايَدَ أَعْدَاءُ الإِسْلَامِ هَذَا الدِّينَ مُنْذُ عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَحَتَّى يَوْمِنَا هَذَا، وَحَاوَلُوا اِبْتِدَاءً مُقَابَلَةَ الحُجَّةَ بِالحُجَّةِ لَكِنْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ تَرْجِعُ عَلَيهِمْ حُجَّتُهُمْ بِالكَسَادِ، وَإِذَا جَاءَ نَهْرُ اللهِ بَطَلَ نَهْرُ مَعْقِلٍ، {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ}،{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}.
وَلَمَّا عَجَزُوا عَنْ مُقَارَعَةِ الحُجَّةِ بِالحُجَّةِ اِنْتَقَلُوا إِلَى حِيلَةٍ طُفُولِيَّةٍ، وَهِي الاِسْتِهْزَاءُ بِحَامِلِ الرِّسَالَةِ وَأَذِيَتِهِ، فَآذَوهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ، حَارَبُوهُ وَطَرَدُوهُ، وَرَمَوا عَلَيهِ سَلَا الجَزُورِ، وَأَدْمَوا عَقِبَيهِ، وَأَغْرَوا بِهِ الصِّبيَانَ وَالسُّفَهَاءَ، وَشَجُّوا رَأْسَهُ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَرَمَوهُ بِالسَّفَهِ وَالجُنُونِ، وَوَضَعُوا السُّمَّ فِي طَعَامِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَاضٍ فِي دَعْوَتِهِ، صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ.
وَلَمَّا تُوفِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ظَنَّ أُولَئِكَ الأَعْدَاءُ أَنَّ الدَّينَ مَاتَ بِمَوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، لَكِنِ اِنْقَلَبَ عَلَيهِمْ بَصَرُهُمْ حَسِيرًا بِأَنْ شَاهَدُوا أَمَامَهُمْ دِينَ اللهِ تَعَالَى يَمْتَدُّ، وَتسْقُطَ عَلَى يَدِيْهِ فِي سَنَواتٍ أَكْبَرُ اِمْبرَاطُورِيَتِيْنِ فِي وَقْتِهِ، لِتُنِيرَ دَعْوَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، وَاِسْتَمَرَ أَعْدَاءُ الإِسْلَامِ فِي نَهْجِهِمُ العِدَائِيِّ لِنَبِيِّ الرَّحْمَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلُوا عِرْضَهُ الشَّرِيفَ هَدَفًا لِسِهَامِهِمْ وَنِبَالِهِمْ، يَرْمُونَهُ بِالشَّنَائِعِ وَالقَبَائِحِ، يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ بِذَلِكَ يُنْقِصُونَ مِنْ قَدْرِهِ الشَرِيفِ، وَمَا دَرَوا أَنَّ اللهَ تَعَالَى رَفَعَ لَهُ ذِكْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَلَا يَضُرُّ السَّحَابَ نَبْحُ الكِلَابِ {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}.{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}.
فَكُلَّمَا لِلحَرْبِ نَارًا أَوْقَدُوا *** أَطْفَأَهَا اللَّهُ العَزِيزُ الأَحَدُ
وَتَسْتَمِرُّ حَمَلَاتُ تَشْوِيهِ الدِّينِ وَالنَّبِيِّ الكَرِيْمِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ تَتَدَثَرُّ بِدِثَارٍ، وَتَتَلَحَّفُ بِعَبَاءَةٍ، وَكَانَ آخِرَهَا حَمْلَةٌ رَفَعْتْ شِعَارَ حُرِّيَةِ الرَّأْيِ رَايَةً لَهَا، وَزَعَمُوا أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنَ الإِسَاءَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِدَعْوَى حُرِّيَةِ التَّعْبِيرِ وَالرَّأْيِ، فَلَّمَا عَبَّرَ الـمُسْلِمُونَ عَنِ اِسْتِيَائِهِمْ مِنْ ذَلِكَ غَضِبَ الـمُعْتَدُونَ وَأَزْبَدُوا وَأَرْعَدُوا، وَلَمَّا تَعَالَتِ الدَّعَواتُ بِالـمُقَاطَعَةِ الاِقْتِصَادِيَّةِ لِمُنْتَجَاتِهِمْ خَرَجَ كُبَرَاؤُهُمْ يَصِيحُونَ: اِرْجِعُوا عَنْ ذَلِكَ لِئَلَّا تَضُرُّونَا، وَاِحْتَرِمُوا حُرِّيَةَ الرَّأْيِ، فَمَا اِحْتَرَمُوا لَنَا رَأْيَاً، وَلَا رَأَوا لَنَا إِرَادَةً، وَكَأَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ صَكَّ الحُرِّيَةِ، يُعْطُونَهُ مَنْ شَاؤوُا، وَيَمْنَعُونَهُ عَمَّنْ شَاؤُوا.
حُقَّ لِأَيِّ قَبِيْلَةٍ يُنْتَقَصُ مِنْ كَبِيْرِهَا أَنْ تَغْضَبَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَحُقَّ لِأَيِّ أُمَّةٍ يُنْتَقَصُ مِنْ مَحْبُوبِهَا وَزَعِيمِهَا أَنْ تَهِبَّ وَتَنْتَفِضَ، فَكَيْفَ إِذَا كَانَ الـمُؤذَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}.
هَذَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمَّا مَاتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَدَّسَ أَوَامِرَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَأَنْفَذَ جَيْشَ أُسَامَةَ، وَقَاتَلَ الـمُرْتَدِّينَ، وَثبَّتَ اللهُ بِهِ الدِّينَ، وَقَالَ مَقَالَةً خَالِدَةً: "وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُعْطُونَهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُم عَلَى مَنْعِهِمْ".
وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي حَبْلَ رَاغِيَةٍ *** قَاتَلْتُهُمْ لَيْسَ إِلاَّ ذَاكَ إِقْرَارُ
فَلَيْتَ شِعْرِيَ لَوْ رَاءٍ لِحَاضِرِنَا *** وَالـمُسْلِمُونَ حَيَارَى أَيْنَمَا دَارُوا
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَرَاقِبُوهُ فِيْ السِّرِّ وَالَّنَجْوَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَنَا عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى..
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.. مِنْ أَعْظَمِ الـمَوَاقِفِ اليَوْمَ أَنْ نَنْتَفِضَ أَجْمَعِينَ نُصْرَةً لِلنَّبِيِّ الكَرِيْمِ، وَمِنْ أَعْظَمِ النُّصْرَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعُودَ الـمُسْلِمُ لِرَّبِهِ، وَيَتَّبِعَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَإِظْهَارُ السُّنَّةِ اليَوْمَ فِي أَفْعَالِكَ وَأَقْوَالِكَ هُو أَقْوَى مَوْقِفٍ تُسَجِّلُهُ اليَومَ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}.
رَوَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَا مَنْ أَبَى)، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: (مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى).
وَمِنْ وَسَائِلُ نُصْرَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: مُقَاطَعَةُ مُنْتَجَاتِ الدُّوَلِ التِي تُسِيءُ لِحَبِيبِنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
سِلَاحُ الـمُقَاطَعَةِ سِلَاحٌ مُؤَثِّرٌ فِي مُوَاجَهَةِ الأَعْدَاءِ، وَيَسْتَخْدِمُهُ الأَعْدَاءُ، وَهُوَ أَدْنَى مَا يُعبَّرُ بِهِ تَرْسِيخًا لِمَبْدَأِ الوَلَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَالبَرَاءِ مِنَ الكَافِرِينَ، وَلَا تَلْتَفِتُوا لِلْمُخَذِلِيْنَ، فَالـمُؤْمِنُ الحُرُّ يَأْنَفُ أَنْ يَشْتَرِي مَا يَنْفَعُ بِهِ الـمُعْتَدِيْنَ.
قَاطِعُوهُمْ هُمْ عَبِيدُ دَرَاهِمٍ *** وَجِرَاحُ عَبْدِ الـمَالِ لَا تَتَخَثَّرُ
قَاطِعُوهُمْ..
قَاطِعُوا كُلَّ البَضَائِعْ
قَاطِعُوا كُلَّ الـمَزَارِعْ
قَاطِعُوا كُلَّ الـمَصَانِعْ
قَاطِعُوا مَنْ بَاعَكُمْ
وَتَوَلَّاهُ.. وَتَابَعْ..
قَاطِعُوهُمْ..
إِنَّمَا الحُرُّ الـمُقَاطِعْ
وَغَدًا يُعْرَفُ حُرُّ رَدَّ ظُلْمًا..
وَيَبْقَى العَبْدُ خَانِعْ..
اللَّهُم اِنْصُرْ مَنْ نَصَرَ الدِّيْنَ، وَاِنْتَقِمْ لِسَيِّدِ الـمُرْسَلِينَ يَا رَبَّ العَالَمِينَ.
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِيْ كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، وَأَكْثِرُوا مِنْهَ فِي هَذَا اليَومِ الجُمُعَةِ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
عِبَادَ اللهِ.. إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى، وَيَنْهَى عَنْ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
(2)
حادثة سب النبيي صلى الله عليه وسلم الجمعة 13/3/1442هـ
الحَمْدُ للهِ الذِيْ أَنْقَذَنَا بِنُورِ العِلْمِ مِنْ ظُلُمَاتِ الجَهَالَةِ، الحَمْدُ للهِ الذِيْ أَنْقَذَنَا بِنُورِ الوَحْيِ مِنَ السُّقُوطِ فِي دَرَكِ الضَلَالَةِ، الحَمْدُ للهِ الذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ إِرْشَادَاً لَنَا وَدَلَالَةً.
لَكَ الحَمْدُ يَا ذَا الجُودِ وَالمَجْدِ وَالعُلَا *** تَبَارَكتَ تُعْطِي مَنْ تَشَاءُ وَتَمْنَعُ
إِلَهِي وَخَلَّاقِيْ وَحِرْزِي وَمَوْئِلِي *** إِلَيكَ لَدَى الإِعْسَارِ وَاليُسْرِ أَفْزَعُ
إِلَهِيْ لَئِنْ جَلَّتْ وَجَمَّتْ خَطِيئَتِي *** فَعَفْوُكَ عَنْ ذَنْبِي أَجَلُّ وَأَوْسَعُ
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله ُوَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
اللهُ زَادَ مُحَمَّدًا تَكْرِيمًا *** وَحَبَاهُ فَضْلاً مِنْ لَدُنْهُ عَظِيمًا
وَاِخْتَصَّهُ فِي الـمُرْسَلِينَ كَرِيمًا *** ذَا رَأْفَةٍ بِالـمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
يَا أَيُّهَا الرَّاجُونَ مِنْهُ شَفَاعَةً *** صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُـوا تَسْلِيمًا
فاللهُمَ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيهِ وَعَلَى آَلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ الغُرِّ المَيَامِينَ وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى دَرْبِهِ وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَومِ الدِّينِ..
أَمَّا بَعْدُ: {ياأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}..
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.. إِنَّ مِنْ مَسَاوِئِ الأَخْلَاقِ الاِسْتِهْزَاءَ بِمَنْ حَقُّهُ التَّقْدِيرُ، وَتَنَقُّصُ مَنْ حَقُّهُ الإِكْرَامُ، وَالنَّاسُ تَعُدُّ الـمُسْتَهْزِئَ مَذْمُومَاً مَلُومَاً مُحْتَقَرَاً مُهَانَاً، فَالنَّاسُ لَا تَرْضَى أَنْ يَسْتَهْزِئَ بِهَا أَحَدٌ أَوْ أَنْ يَذُمَّهَا، وَكِرَامُ النَّاسِ تَأْنَفُ مِنْ أَنْ تَسْتَهْزِئَ بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ.
أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الاِسْتِهْزَاءِ: الاِسْتِهْزَاءُ بِالرَّسُولِ الكَرِيمِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ الرَّحْمَةُ الـمُهْدَاةُ، وَالنِّعْمَةُ الـمُسْدَاةُ، وَالرَّحْمَةُ لِلْعَالَمِينَ، وَرَسُولُ الـمَوْلَى جَلَّ جَلَالُهُ إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَمَنْ سَبَّهُ أَوِ اِنْتَقَصَ مِنْهُ أَوْ عَادَاهُ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الـمِلَّةِ، وَآذَنَ نَفْسَهُ بِالهَلَاكِ، رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي تَفْسِيرِهِ لِقَولِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّا كَفَينَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ: "الـمُسْتَهْزِئُونَ: الوَلِيدُ بنُ الـمُغِيرَةِ وَالأَسْوَدُ بنُ عَبْدِ يَغُوثَ وَالأَسْوَدُ بنُ الـمُطَّلِبِ وَالحَارِثُ بنُ غَيطَلَةَ السَّهْمِيُّ وَالعَاصِي بنُ وَائِلٍ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَشَكَاهُمْ إِلَيهِ ـ بَعْدَمَا نَالَهُ مِنْهُمْ أَذىً عَظِيمٌ ـ، فَقَالَ: أَرِنِي إِيَّاهُمْ، فَأَرَاهُ إِيَّاهُمْ، وَجِبْرِيلُ يُشِيرُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَوْضِعٍ مِنْ جَسَدِهِ، وَيَقُولُ: كَفَيتُكَهُ، وَالنَّبِيُّ يَقُولُ:(مَا صَنَعْتَ شَيئًا)، فَمَا هِي إِلاَّ أَيَّامٌ حَتَّى مَرَّ الوَلِيدُ بِرَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ يَرِيشُ نَبْلاً، فَأَصَابَ أَبْجَلَهُ فَقَطَعَهَا، وَأَمَّا الأَسْوَدُ بنُ عَبْدِ الـمُطَّلِبِ فَنَزَلَ تَحْتَ سَمُرَةٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا بُنَيَّ، أَلاَ تَدْفَعُونَ عَنِّي؟! قَدْ هَلَكْتُ وَطُعِنْتُ بِالشَّوْكِ فِي عَينَيَّ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: مَا نَرَى شَيئًا، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى عَمِيَتْ عَينَاهُ، وَأَمَّا الأَسْوَدُ بنُ عَبْدِ يَغُوثٍ، فَخَرَجَ فِي رَأْسِهِ قُرُوحٌ فَمَاتَ مِنْهَا، وَأَمَّا الحَارِثُ فَأَخَذَهُ الـمَاءُ الأَصْفَرُ فِي بَطْنِهِ حَتَّى خَرَجَ خَرْؤُهُ مِنْ فِيهِ، فَمَاتَ مِنْهُ، وَأَمَّا العَاصِي فَرَكِبَ إِلَى الطَّائِفِ، فَرَبَضَ عَلَى شِبْرِقَةٍ، فَدَخَلَ مِنْ أَخْمَصِ قَدِمِهِ شَوْكَةٌ، فَقَتَلَتْهُ.
وَهَا هُوَ كِسْرَى حَاكِمُ اِمْبرَاطُورِيَةِ الفُرْسِ العُظْمَى فِي وَقْتِهِ، يُمزِّقُ كِتَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَيَسْخَرُ مِنْهُ وَمِنْ رَسُولِهِ، فَيَدْعُو عَلَيهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزِّقَ اللهُ مُلْكَهُ، فَمَا لَبِثَ إِلَا وَقْتاً يَسِيرًا حَتَّى مُزِّقَ مُلكُهُ، وقُتِلَ عَلَى يَدِ وَلَدِهِ أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَيهِ.
وَرَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: " كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا، فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ، فَأَمَاتَهُ اللهُ، فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ؛ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَقَالُوا: هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ؛ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيسَ مِنَ النَّاسِ، فَأَلْقَوْهُ.
حَدَّثَ اِبْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ فَقَالَ: "كَانَ النَّصَارَى يَنْشُرُونَ دُعَاتَهُمْ بَيْنَ قَبَائِلِ المَغُولِ طَمَعَاً فِي تَنْصِيرِهِم، وَقَدْ مَهَّدَ لَهُمْ الطَّاغِيَةُ هُولَاكُو سَبيِلَ الدَّعوةِ بِسبَبِ زَوْجَتِهِ الصَّلِيبِيَةِ ظَفْرْ خَاتُون، وَذَاتَ مَرَّةٍ تَوَجَهَ جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ النَّصَارَى لِحُضُورِ حَفْلٍ مَغُولِيٍّ كَبِيرٍ، عُقِدَ بِسَبَبِ تَنَصُرِ أَحَدِ أُمَرَاءِ الـمَغُولِ، فَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنْ دُعَاةِ النَّصَارَى فِي شَتْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ هُنَاكَ كَلْبُ صَيدٍ مَرْبُوط، فَلَمَّا بَدَأَ هذَا الصَلِيبيُّ الحَاقِدُ فِي سَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ زَمْجَرَ الكَلْبُ وَهَاجَ، ثُمَّ وَثَبَ عَلَى الصَّلِيبِي وَخَمَشَهُ بِشِدَّةٍ، فَخَلَّصُوهُ مِنْهُ بَعْدَ جَهْدٍ، فَقَالَ بَعْضُ الحَاضِرِينَ: هَذَا بِكَلَامِكَ فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَقَالَ الصَّلِيبِيُّ: كَلَّا؛ بَلْ هَذَا الكَلْبُ عَزِيزُ نَفْسٍ؛ رَآنيِ أُشِيرُ بِيَدِي، فَظَنَّ أَنِّي أُرِيدُ ضَرْبَهُ، ثُمَّ عَادَ لِسَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَأَقْذَعَ فِي السَّبِ، عِنْدَهَا قَطَعَ الكَلْبُ رِبَاطَهُ وَوَثَبَ عَلَى عُنُقِ الصَّلِيبيِّ وَقَلَعَ زَوْرَهُ فِي الحَالِ فَمَاتَ الصَّلِيبيُّ مِنْ فَوْرِهِ، فَعِنْدَهَا أَسْلَمَ نَحوَ أَرْبَعِينَ أَلْفَاً مِنَ الـمَغُولِ".
تَأَمَّلْ.. كَلْبٌ يُدَافِعُ عَنْ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَيَغَارُ مِنْ أَنْ يُنْتَقَصَ أَمَامَهُ، وَقَارِنْهُ بِحَالِ بَعْضِ مَنْ يُهَوِّنُ مِنَ الـمَوْضُوعِ، وَيَطْلُبُ عَدَمَ تَضْخِيمِ الأُمُورِ، {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}.
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالقُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، قَدْ قُلْتُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَقَيَّومُ السَّمَاوَات وَالأَرَضِين، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى الْمَبْعُوثِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين، وَعَلَى مَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّين.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَرَاقِبُوهُ فِيْ السِّرِّ وَالَّنَجْوَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَنَا عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى..
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.. فَضْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَى الأُمَّةِ كُلِّهَا، فَهُوَ السَّبَبُ فِي هِدَايَتِهَا لِلْحَقِّ، وَالسَّبَبُ فِي اِجْتِمَاعِهَا وَاِئْتِلَافِهَا عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ أُوذِيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ ذَلِكَ أَذَىً شَدِيدًا، وَكُلُّ ذَلِكَ مَحَبَّةً لِأُمَّتِهِ، وَكَانَ يُنَادِي رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا وَيَقُولُ: يَا رَبِّ؛ أُمَّتِي.. أُمَّتِي، وَمِنْ حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَلَينَا نُصْرَتُهُ وَالذَّبُّ عَنْهُ وَالدِّفَاعُ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}.
حَكَوا أَنَّ أَحَدَ خُطَبَاءِ مِصْرَ، كَانَ فَصِيحَاً مُتَكَلِّمَاً مُقْتَدِراً, وَأَرَادَ هَذَا الخَطِيبُ أَنْ يَمْدَحَ أَحَدَ أُمَرَاءَ مِصْرَ عِنْدَمَا أَكْرَمَ طَهَ حُسَين، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "جَاءَهُ الأَعْمَى، فَمَا عَبَسَ بِوَجْهِهِ وَمَا تَوَلَّى", فَمَا كَانَ مِنَ الشَّيْخِ مُحَمَّدْ شَاكِرْ - وَالِدِ الشَّيخِ أَحْمَدْ شَاكِر - إِلَّا أَنْ قَامَ بَعْدَ الصَّلَاةِ يُعْلِنُ للِنَّاسِ أَنَّ صَلَاتَهُمْ بَاطِلَة، وَعَلَيهِمْ إِعَادَتُهَا لِأَنَّ الخَطَيِبَ كَفَرَ بِمَا شَتَمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ أَحْمَدُ شَاكِر رَحِمَهُ اللهُ: "وَلَكِنَّ اللهَ لَمْ يَدَعْ لِهَذَا الـمُجْرِمِ جُرْمَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يَجْزِيَهُ جَزَاءَهُ فِي الأُخْرَى، فَأُقْسِمُ بِاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِي بَعْدَ بِضْعِ سِنِين، وَبَعْدَ أَنْ كَانَ عَالِياً مُنْتَفِخَاً، مُسْتَعِزّاً بِمَنْ لَاذَ بِهِمْ مِنَ العُظَمَاءِ وَالكُبَرَاءِ- رَأَيْتُهُ مَهِينَاً ذَلِيلَاً، خَادِمَاً عَلَى بَابِ مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ القَاهِرَةِ، يَتَلَقَى نِعَالَ الـمُصَلِّيَن يَحْفَظُهَا فِي ذِلَّةٍ وَصَغَارٍ، حَتَّى لَقَدْ خَجِلْتُ أَنْ يَرَانِي، وَأَنَا أَعْرِفُهُ وَهُوَ يَعْرِفُنِي، لَا شَفَقَةً عَلَيهِ، فَمَا كَانَ مَوْضِعَاً للِشَفَقَةِ، وَلَا شَمَاتَةً فِيهِ؛ فَالرَّجُلُ النَّبِيلُ يَسْمُو عَلَى الشَّمَاتَةِ، وَلَكِنْ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ عِبْرَةٍ وَعِظَةٍ).
هَذَا الذِي نَجْنِيهِ مِنْ حُرِّيةٍ *** قَالَتْ لِكُلِّ مُعَــــــاندٍ حَيـــَّـاكا
قَالُوا لِمَنْ سَبَّ الزَعِيمَ مُنَافِقٌ *** وَلِمِنْ رَمَى الـمُخْتَارَ أَنْتَ وَذَاكَا
لَا خَيْرَ فِينَا إِنْ سُلِبنا غَيْرةً *** وَقَضَى عَلَينَا مَاكِرٌ قـَــــدْ حَاكَا
يا أمتي قومي لنُصرةِ سيّدٍ *** هيَّا أزيلي السُّمَّ والأشـــْـوَاكا
هذا أوانٌ لامتحانٍ قَدْ نَرىْ *** مَنْ قَدْ بكى فِيهِ ومـــَـنْ يتبــَاكا
إنْ لَمْ يقم فينا حُمَاةُ محمَّدٍ *** فلسَوْفَ نلقى في الغداةِ هلاكا
يا ربُ أكرمنا بنصرةِ أحمَدٍ *** وادْحَرْ دعِيَّا قــــَـدْ أرادَ حِمـــَـاكا
يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. أَكْثِرُوا مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِيْ كُلِّ وَقْتٍ وَحِيْنٍ، وَأَكْثِرُوا مِنْهَ فِي هَذَا اليَومِ الجُمُعَةِ، فَاللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
عِبَادَ اللهِ.. إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى، وَيَنْهَى عَنْ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَاذْكُرُوا اللهَ العَظِيمَ الجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
المرفقات
سب-النبي1-13-3-1442
سب-النبي1-13-3-1442
سب-النبي1-13-3-1442-2
سب-النبي1-13-3-1442-2
سب-النبي-2-13-3-1442
سب-النبي-2-13-3-1442
سب-النبي-2-13-3-1442-2
سب-النبي-2-13-3-1442-2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق