خطبة : " قفوا ولا ترجفوا "

عبدالله البصري
1436/06/21 - 2015/04/10 05:08AM
قفوا ولا ترجفوا 21 / 6 / 1436
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ " " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، في مِثلِ حَالِنَا اليَومَ ، وَالمُسلِمُونَ يَخُوضُونَ حُرُوبًا مَعَ أَعدَائِهِم في جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، لا يَفتَأُ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ في مَجَالِسِهِم عَمَّا يَقَعُ هُنَا وَهُنَاكَ ، وَيَجعَلُونَ مَا يَجرِي مِن أَحدَاثٍ وَمُشكِلاتٍ فَاكِهَةً لاجتِمَاعَاتِهِم ، وَمَادَّةً يَتَبَادَلُونَ حَولَهَا الآرَاءَ وَالتَّصَوُّرَاتِ ، وَيَتَنَاوَلُونَهَا بِالتَّعلِيقَاتِ وَالتَّعقِيبَاتِ ، وَهَذَا وَإِن كَانَ لَيسَ عَيبًا في ذَاتِهِ ، إِلاَّ أَنَّ مِمَّا يُذَمُّ وَيُعَابُ وَلا يُرضَى ، أَن يَخُوضَ النَّاسُ فِيمَا يَعلَمُونَ وَفِيمَا لا يَعلَمُونَ ، وَأَن يَتَحَدَّثُوا فِيمَا يَتَصَوَّرُونَ وَفِيمَا لا يَتَصَوَّرُونَ ، وَأَن يَنتَشِرَ فِيهِم التَّزَيُّدُ في الكَلامِ وَالمُبَالَغَاتُ ، وَيَنقُلُوا الأَرَاجِيفَ وَالشَّائِعَاتِ ، وَيَجعَلُوا الصَّغِيرَ كَبِيرًا وَالحَقِيرَ خَطِيرًا ، وَيَتَنَاوَلُوا أَحدَاثًا مُتَوَهَّمَةً وَنَتَائِجَ مُتَوَقَّعَةً ، تُبنَى مِنهَا جِبَالٌ تَقصِمُ الظُّهُورَ ، أَو تُفتَلُ حِبَالٌ تَلتَفُّ حَولَ الرِّقَابِ ، في تَهوِيلٍ وَتَخوِيفٍ وَبَثٍّ لِلفَزَعِ في النُّفُوسِ ، حَتَّى لَكَأَنَّمَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنهُم هُوَ النَّذِيرُ العُريَانُ ، الَّذِي يَقُولُ لِلنَّاسِ قَد صَبَّحَكُمُ العَدُوُّ أَو مَسَّاكُم ، في حِينِ أَنَّ الأَمرَ لا يَعدُو أَن يَكُونَ جَعجَعَةً وَلا طِحنٌ ، وَكَلامَ مُرجِفِينَ يُفسِدُونَ أَكثَرَ مِمَّا يُصلِحُونَ .
نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ إِنَّهَا لا تَخلُو أَيُّ أَحدَاثٍ تَمُرُّ بِالأُمَّةِ مِن أَقوَامٍ مُرجِفِينَ ، يَنقُلُونَ الأَحدَاثَ بِصُورَةٍ مُزَيَّفَةٍ ، مِلؤُهَا الإِثاَرَةُ وَالتَّخوِيفُ وَالتَّخذِيلُ ، وَبَثُّ القَلَقِ في النُّفُوسِ وَتَثبِيطُ العَزَائِمِ وَإِسقَاطُ الهِمَمِ .
وَقَد وُجِدَ المُرجِفُونَ في زَمَنِ رَسُولِ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصحَابِهِ ، فَكَانُوا لا يَفتَؤُونَ يَنشُرُونَ في المُؤمِنِينَ مَا يَسُوءُهُم ، مِن تَحقِيرِ شَأنِهِم وَتَهوِيلِ شَأنِ عَدُوِّهِم ، أَو يُشِيعُونَ عَنِ المُسلِمِينَ إِذَا خَرَجُوا في غَزوٍ أَنَّهُم قُتِلُوا أَو هُزِمُوا ، أَو أَنَّ العَدُوَّ قَد خَلَفَهُم عَلَى المَدِينَةِ وَأَهلِيهِم . وَأَمَّا في زَمَانِنَا الَّذِي تَنَوَّعَت فِيهِ أَجهِزَةُ التَّوَاصُلِ وَانتَشَرَتِ الشَّبَكَاتِ ، وَضَعُفَ الوَازِعُ الدِّينِيُّ وَهَزُلَتِ العُقُولُ ، وَتَلَوَّثَتِ الأَفكَارُ وَاختَلَطتِ الرُّؤَى ، فَقَدِ ازدَادَ الإِرجَافُ وُجُودًا وَانتِشَارًا ، وَظَهَرَ مَسمُوعًا وَمَقرُوءًا وَمُصَوَّرًا ، يُنشِئُهُ في الغَالِبِ قَومٌ أُشرِبَت نُفُوسُهُمُ الإِعجَابَ بِالكُفَّارِ ، وَالانبِهَارَ بما لَدَيهِم مِن عُدَّةٍ وَعَتَادٍ وَصِنَاعَةٍ وَثَقَافَةٍ ، فَغَدُوا لا يَألُونَ في وَصفِهِم بِالقُوَّةِ ، وَالمُبَالَغَةِ في تَعظِيمِ مَا يَملِكُونَ مِن أَسلِحَةٍ فَتَّاكَةٍ وَآلاتٍ مُدَمِّرَةٍ ، وَكَأَنَّمَا هُم بَإِرجَافِهِم هَذَا يَقُولُونَ لِلمُسلِمِينَ : ارفَعُوا أَيدِيَكُم وَضَعُوا أَسلِحَتَكُم ، وَالزَمُوا بُيُوتَكُم وَابكُوا عَلَى أَنفُسِكُم ، فَلا طَاقَةَ لَكُم بِهَؤُلاءِ وَجُنُودِهِم !! وَمِن دُونِ هَؤُلاءِ قَومٌ مِن أَشبَاهِ العَوَامِّ وَإِن حَسِبُوا أَنفُسَهم مِنَ المُثَقَّفِينَ ، لا يَعرِفُونَ تَثَبُّتًا وَلا تَبَيُّنًا ، وَلا يُهِمُّهُم أَن يَكُونُوا أَصحَابَ مِصدَاقِيَّةٍ أَو أَن يُنقَلَ عَنهُمُ الكَذِبُ ، فَتَرَاهُم عِندَ كُلِّ حَدَثٍ يَكتُبُونَ وَيُحَلِّلُونَ وَيَنشُرُونَ ، وَيُفَصِّلُونَ كَمَا يَتَخَيَّلُونَ أَو يَتَوَهَّمُونَ ؛ وَكُلُّ هَمِّ أَحَدِهِم أَن يَكتُبَ شَيئًا يَقرَؤُهُ النَّاسُ وَيَخُوضُونَ فِيهِ ، دُونَ نَظَرٍ إِلى عَوَاقِبِهِ الوَخِيمَةِ وَمَآلاتِهِ الضَّارَّةِ ، أَو مَا قَد يُسَبِّبُهُ مِن تَلَوُّثٍ فِكرِيٍّ ، أَوِ اضطِرَابٍ أَمنِيٍّ أَو خَلَلٍ اجتِمَاعِيٍّ ، أَو إِضعَافٍ لِلرُّوحِ المَعنَوِيَّةِ لِلمُجتَمَعَاتِ المُسلِمَةِ ، أو تَحطِيمٍ لما تَحمِلُهُ القُوَى الإِيمَانِيَّةُ مِن تَفَاؤُلٍ بِانتِصَارِ الإِسلامِ وَأَهلِهِ المُصلِحِينَ ، وَاندِحَارِ الكُفرِ وَحِزبِهِ المُفسِدِينَ .
إِنَّ الإِرجَافَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ في أَوقَاتِ الحُرُوبِ وَالفِتَنِ وَالمِحَنِ ، يَظهَرُ في صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَشكَالٍ مُختَلِفَةٍ ، بَينَ نَشرِ أَحَادِيثَ مُوضُوعَةٍ ، وَبَثِّ قِصَصٍ مَكذُوبَةٍ ، وَنَقلِ رِوَايَاتٍ بَاطِلَةٍ ، وَتَهوِيلِ أَخبَارٍ غَيرِ مَوثُوقٍ فِيهَا ، وَتَضخِيمِ أَنبَاءٍ غَيرِ صَحِيحَةٍ ، وَنَقلِ أَحدَاثٍ مِن مَصَادِرَ مَجهُولَةٍ .
وَأَمَّا الإِرجَافُ الَّذِي يَكُونُ هَدَفُهُ أُولِي الأَمرِ وَالمُجَاهِدِينَ وَالعُلَمَاءَ وَالدُّعَاةَ وَالمُصلِحِينَ ، فَحَدِّثْ عَنهُ وَلا حَرَجَ ، فَهَذَا مُبَدَّعٌ وَذَاكَ مُفَسَّقٌ ، وَهَذَا مُخَطَّأٌ وَذَلِكَ مَشكُوكٌ في نِيَّتِهِ ، وَلا تَسَلْ عَن خُطُورَةِ الطَّعنِ في القَادَةِ وَالمُجَاهِدِينَ وَالعُلَمَاءِ وَالمُصلِحِينَ ؛ فَكَم يُخَذِّلُ عَنِ اتِّبَاعِهِم ، وَيَصُدُّ عَنِ الخَيرِ الَّذِي يَحصُلُ بِالالتِفَافِ حَولَهُم ، وَيَحُولُ دُونَ التَّعَاوُنِ عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى ، وَيَؤُولُ بِالنَّاسِ إِلى التَّفَرُّقِ وَالاختِلافِ وَالتَّنَازُعِ وَالشِّقَاقِ ، وَعَدَمِ ثِقَةِ بَعضِهِم في بَعضٍ ، وَمِن ثَمَّ يَكُونُ الفَشَلُ وَذَهَابُ الرِّيحِ ، وَالقُعُودُ عَن جِهَادِ الأَعدَاءِ ، وَتَعوِيقُ مَسِيرَةِ الدَّعوَةِ وَنَشرِ الدِّينِ الحَقِّ .
إِنَّ الإِرجَافَ وَإِذَاعَةَ المَرءِ بِكُلِّ مَا يَصِلُهُ ، دُونَ رَدٍّ لِلأَمرِ لأَهلِهِ العَالِمِينَ بِهِ ، إِنَّهُ لَمِمَّا يَخفِضُ شَأنَ المُسلِمِينَ وَيُوهِنُ قُوَاهُم عَن جِهَادِ أَعدَائِهِم ، وَيُضعِفُ هِمَمَهُم عَنِ العَمَلِ الدَّعَوِيِّ وَالإِصلاحِيِّ ، وَيَخدِمُ الأَعدَاءَ مُبَاشَرَةً وَيَصُبُّ في مَصَالِحِهِم ، حَيثُ يَنفَرِدُونَ بِالمُجتَمَعَاتِ الإِسلامِيَّةِ الَّتِي قَعَدَ أَبنَاؤُهُا عَنِ التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاوُنِ ، وَمَاتَت في نُفُوسِهِم الآمَالُ في إِعَادَةِ أَمجَادِ أُمَّتِهِم ، وَشُغِلُوا بِتَنَاقُلِ الأَحدَاثِ الكَاذِبَةِ ، الَّتِي تُوحِي بِهَزِيمَةِ المُسلِمِينَ وَكَسرِ شَوكَتِهِم .
وَمِن آثَارِ الإِرجَافِ السَّيِّئَةِ أَن يَتَوَقَّفَ المُسلِمُونَ عَن إِغَاثَةِ إِخوَانِهِم في البِلادِ الَّتِي تَسَلَّطَ عَلَيهَا الأَعدَاءُ ، وَلا يُحِسُّوا بِمُصَابِهِم وَلا يَحمِلُوا هَمَّهُم ، هَذَا عَدَا مَا يُصَابُ بِهِ الجَمِيعُ مِن سُوءِ ظَنٍّ بِرَبِّهِم ، وَضَعفِ تَوَكُّلٍ عَلَيهِ ، وَالتِفَاتٍ عَنِ الاستِعَانَةِ بِهِ وَاستِغَاثَتِهِ ، إِلى التَّعَلُّقِ بِالمَخلُوقِينَ وَالاستِنصَارِ بِهِم وَبِهَيئَاتِهِم وَمُنَظَّمَاتِهِم ، أَوِ الوُصُولِ إلى حَالٍ مُزرِيَةٍ مِنَ اليَأسِ مِن رَوحِ اللهِ وَالقُنُوطِ مِن رَحمَتِهِ ، وَعَدَمِ اليَقِينِ بِنَصرِةِ لِعِبَادِهِ المُؤمِنِينَ ، وَامتِلاءِ النُّفُوسِ بِالهَمِّ وَالحَزَنِ ، وَإِحَاطَةِ العَجزِ وَالكَسَلِ بها .
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَلْنَحذَرِ الإِرجَافَ بِكُلِّ صُوَرِهِ وَأَشكَالِهِ ؛ فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ لما فِيهِ مِن أَذِيَّةٍ لِلمُسلِمِينَ ، وَأَصحَابُهُ مُتَعَرِّضُونَ لِلَّعنِ وَالطَّردِ مِن رَحمَةِ اللهِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ : " لَئِن لم يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ في قُلُوبِهِم مَرَضٌ وَالمُرجِفُونَ في المَدِينَةِ لَنُغرِيَنَّكَ بِهِم ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً . مَلعُونِينَ أَينَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقتِيلاً . سُنَّةَ اللهِ في الَّذِينَ خَلَوا مِن قَبلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبدِيلاً "
إِنَّهُ لَوَاجِبٌ عَلَى المُسلِمِ أَن يَتَثَبَّتَ وَيَتَبَيَّنَ ، وَأَن يُمَحِّصَ الأَخبَارَ قَبلَ نَقلِهَا وَسَردِهَا ، وَأَن يَرُدَّ الأَمرَ إِلى أَهلِهِ المُختَصِّينَ بِهِ ، وَأَلاَّ يَستَجرِيَهُ الشَّيطَانُ أَو يَستَخِفَّهُ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ، فَيَندَمَ اليَومَ أَو غَدًا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُم فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَومًا بِجَهَالَةٍ فَتُصبِحُوا عَلَى مَا فَعَلتُم نَادِمِينَ " وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَإِذَا جَاءَهُم أَمرٌ مِنَ الأَمنِ أَوِ الخَوفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَو رَدُّوهُ إِلى الرَّسُولِ وَإِلى أُولي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَستَنبِطُونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لاتَّبَعتُمُ الشَّيطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ حَقَّ تُقَاتِهِ ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ ، وَاحذَرُوا مِن نَقَلَةِ الكَذِبِ وَرُوَاتِهِ ، وَلا تَكُونُوا أَبوَاقًا لَهُم بِنَقلِ كُلِّ مَا تَسمَعُونَ أَو تَقرَؤُونَ ، أَو أَدَوَاتٍ لِلقَصِّ وَاللَّصقِ وَالنَّسخِ وَالنَّشرِ ، فَبِئسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا ، وَيَكفِي المَرءَ مِنَ الإِثمِ نَقلُهُ لِكُلِّ خَبرٍ بِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ ، وَبَثُّهُ دُونَ تَثَبُّتٍ أَو تَبَيُّنٍ ، قَالَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " كَفَى بِالمَرءِ كَذِبًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ ، وَعِندَ أَبي دَاوُدَ وَغَيرِهِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ : " كَفَى بِالمَرءِ إِثمًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ "
نَعَم ـ أَيُّهَا الإِخوَةِ ـ إِنَّهُ لإِثمٌ كَبِيرٌ أَن يَنقُلَ المَرءُ كُلَّ مَا وَصَلَهُ وَيُسَارِعَ في بَثِّهِ وَنَشرِهِ ، فَكَيفَ إِذَا كَانَ مَا يَنقُلُهُ يَحوِي إِخَافَةً لِلآخَرِينَ ، أَو يَحمِلُ إِرجَافًا في الصُّفُوفِ وَإِضعَافًا لِلعَزَائِمِ ؟!
وَأَمَّا مَن وَفَّقَهُ اللهُ ، فَكَانَ لِلِسَانِهِ خَازِنًا وَلِقَلَمِهِ حَافِظًا ، لا يَنقُلُ الأَخبَارَ إِلاَّ بَعدَ تَثَبُّتٍ وَتَبَيُّنٍ ، وَرَدٍّ لِلأَمرِ إِلى أَهلِهِ ، فَعَلَيهِ أَن يَثِقَ بِرَبِّهِ ، وَأَن يُقَوِّيَ رَجَاءَهُ بِهِ ـ سُبحَانَهُ ـ ، مُفَوِّضًا الأَمرَ إِلَيهِ ، مُعتَمِدًا عَلَيهِ ؛ مُكثِرًا مِن قَولِ : " حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ " كَمَا فَعَلَ عِبَادُ اللهِ المُتَوَكِّلُونَ " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَد جَمَعُوا لَكُم فَاخشَوهُم فَزَادَهُم إِيمَانًا وَقَالُوا حَسبُنَا اللهُ وَنِعمَ الوَكِيلُ . فَانقَلَبُوا بِنِعمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضلٍ لم يَمسَسْهُم سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضوَانَ اللهِ "
ثُمَّ لنَعلَمْ جَمِيعًا ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ أَنَّ الحَقَّ وَالبَاطِلَ يَتَعَالَجَانِ وَيَتَصَارَعَانِ إِلى أَن تَقُومَ السَّاعَةُ ، وَكَم مِن مِحنَةٍ وَقَعَت لِلمُسلِمِينَ عَلَى مَرِّ التَّارِيخِ ، فَكَانَت لَهُم في أَثنَائِهَا عَطَايَا عَمِيمَةٌ وَمِنَحٌ جَسِيمَةٌ ، وَمَا ارتِفَاعُ رَايَةِ الجِهَادِ مِن هَذِهِ البِلادِ ، لِحَربِ المُبتَدَعَةِ وَدَحرِ البَاطِنِيَّةِ ، وَنَصرِ أَهلِ السُّنَّةِ وَحِمَايَةِ دِيَارِهِم وَالذَّبِّ عَن أَعرَاضِهِم ، إِلاَّ تَوفِيقٌ مِنَ اللهِ وَفَضلٌ مِنهُ وَمِنَّةٌ ؛ فَليَستَبشِرْ أَولِيَاءُ اللهِ وَجُنُودُهُ وَلْيَصبِرُوا ، وَلْيُصَابِرُوا وَلْيُرَابِطُوا ، مُعتَصِمِين بِحَبلِ اللهِ وَاثِقِينَ بِهِ ، جَاعِلِينَ الأَرَاجِيفَ وَالشَّائِعَاتِ خَلفَ ظُهُورِهِم ؛ فَإِنَّمَا هِيَ مِن جُندِ الشَّيطَانِ وَكَيدِهِ " إِنَّ كَيدَ الشَّيطَانِ كَانَ ضَعِيفًا " " إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أَولِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُم وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُؤمِنِينَ "
المرفقات

قفوا ولا ترجفوا.doc

قفوا ولا ترجفوا.doc

قفوا ولا ترجفوا.pdf

قفوا ولا ترجفوا.pdf

المشاهدات 2857 | التعليقات 3

جزاك الله خيرا


بارك الله فيك وحفظك الله خطبه هذا وقتها


وفقكم الله لما يحب ويرضى
وكتب أجركم