خطبة 1437/12/7 " عرفة والعيد والأضحية...فضائل وأحكام

أحمد بن عبدالله الحزيمي
1437/12/04 - 2016/09/05 03:42AM
خطبةُ "عرفة والعيد والأضحية, فضائل وأحكام" 7/12/1437

الحمد لله، ولا نعبد إلا إياه، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
ما بعد: فأُوصيكم - أيّها الناس - بتقوى الله سبحانه والاستمساك بعروته الوثقى، والاعتصام بحبله المتين، ولُزوم جماعة المسلمين، ( وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) عباد الله:
ما زلنا ننعمُ بفضلِ اللهِ وجودهِ وإحسانهِ وتتابعِ فضلهِ وإنعامهِ، فالموفقُ يا عباد الله منْ عرفَ قدر أيام العشر وعملَ فيها بوسعهِ وطاقتهِ؛ لأنَّ منْ كانتْ هذهِ حالهُ فليعلمْ أنها منحةٌ منَ الربِّ الكريمِ يهبها لمنْ يشاءُ منْ عبادهِ، وكمْ رأينا منَ الإعراضِ عنِ الجدِّ فيها والتكاسلِ عنِ العملِ فيها.
عبادَ اللهِ:
بعد أيام قلائل سيمر علينا يوم مبارك من أيام شهر ذي الحجة، يوم من الأيام التي اقسم الله بها في كتابه الخالد، هذا اليوم شرفه الله وفضله بفضائل عظيمة، اليوم الذي خصه الله بالأجر الكبير والثواب العظيم عن كل أيام السنة، اليوم الذي يعم الله عباده بالرحمات، ويكفر عنهم السيئات ويمحو عنهم الخطايا والزلات ويعتقهم من النار .
لَا يومَ كهذا اليومِ، ولَا عَشِيَّةَ كعشيَّتِهِ، اجتماعٌ عظيمٌ لتعظيمِ اللهِ –تعالَى- وذكرِهِ وشكرِهِ وعبادتِهِ؛
يوم عرفة يوم يجتمع فيه الحجيج على صعيد عرفات في أكبر تجمّع سنوي دوريّ للمسلمين في العالم إذ لا يمكن للمسلمين أبدا أن يجتمعوا ويحتشدوا بهذا العدد في وقت واحد وفي مكان واحد يلبون تلبية واحدة ويلبسون ثيابا واحدة إنها ثياب الإحرام إلا على صعيد عرفات ـ فسبحان من يسمع دعاءهم ويجيب نداءهم على اختلاف لغاتهم وألسنتهم ، فيعطي كل واحد منهم مسألته دون أن تختلط عليه المسائل والحاجات أو تخفى عليه الأصوات والكلمات.
وفي عشيَّة هذا اليوم ينزل ربُّنا عزَّ وجل إلى السماء الدنيا حتَّى يدنو من الحجَّاج بعرفة، كما يليق بجلاله وعلوِّه، ففي تمام حديث عائشة كما عند مسلم عن النبيِّ : ((إنَّ الله عزَّ وجل يدنو ـ يعني من الحجَّاج ـ ثم يباهي بهم الملائكة ، وفي مسند الإمام أحمد بسند صحيح أن النبيِّ قال: إنَّ الله تعالى يباهي ملائكته عشَّية عرفة بأهل عرفة، يقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا.
منْ فضائلِ هذا اليومِ أنهُ يومٌ أكملَ اللهُ فيهِ الدينَ وأتمَّ النعمةَ وهو ما تمنى اليهود أن يكون عندهم يوما كهذا ليتخذوه عيدا أخرج البخاري عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا قَالَ أَيُّ آيَةٍ قَالَ ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) قَالَ عُمَرُ قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.
ومن فضائله إنهُ يومُ مغفرةِ الذنوبِ والعتقِ منَ النارِ والمباهاةِ بأهلِ الموقفِ:
ففي صحيحِ مسلمٍ عنْ عائشةَ- رضيَ اللهُ عنها- عنِ النبيِّ- صلى اللهُ عليهِ وسلمَ-قالَ: « مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ،
وفي الحديثِ القدسيِّ أنهُ سبحانهُ يقولُ: ((أشهدكمْ أني قدْ غفرتُ لهمْ، فتقولُ الملائكةُ: يا ربِّ فلانٌ مرهقٌ ( أيْ مثقلٌ بالذنوبِ ) فيقولُ: قدْ غفرتُ لهمْ))
وهذا ما جعلَ الشيطانُ يحثو الترابَ على رأسهِ يدعو بالويلِ والثبورِ، فيجتمعُ إليهِ جنودهُ فيقولونَ: ما لكَ؟ فيقولُ: قومٌ فتنتهمْ منذُ ستينَ سنةً وسبعينَ سنةً غفرَ لهمْ في طرفةِ عينٍ، كما وردتْ بذلكَ الآثارُ. ولأجل أن نستفيد من هذا اليوم المبارك إليك هذه الخطوات العملية لإدراك هذا اليوم:
أولاً: التفرغُ التامُّ للعبادةِ في هذا اليومِ بدءًا منْ ليلتهِ بالقيامِ، ونهارهِ بأنواعِ الطاعاتِ والقرباتِ، وتركِ المشاغلِ والأعمالِ وتأجيلها إلى يومٍ آخرٍ كشراءِ الأضحيةِ ونحوها.
ثانياً: صيام هذا اليوم فقدْ خصهُ النبيُّ- صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- بمزيدِ عنايةٍ حيثُ خصهُ منْ بينَ أيامِ العشرِ، وبينَ ما ترتبَ على صيامهِ منَ الفضلِ العظيمِ.
فعن أبي قتادةَ- رضيَ اللهُ عنهُ- أنَّ رسولَ اللهِ- صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- سُئلَ عنْ صومِ يومَ عرفةَ، فقال: « صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رواه مسلم.
فالحذرُ منَ التفريطِ في صيامِ هذا اليومِ، فإنَّ صيامهُ سنةٌ مؤكدةٌ يكفرُ اللهُ فيهِ السيئاتُ ويرفعُ اللهُ بهِ الدرجاتِ، وينبغي حثُّ الأهلِ والأولادِ لصيامِ هذا اليومِ وإدراكهِ.
ومنها الإكثارُ منَ التهليلِ والتسبيحِ والاستغفارِ في هذا اليومِ العظيمِ: فعنْ ابنِ عمرَ- رضيَ اللهُ عنهما- قالَ: (كنا معَ رسولِ اللهِ- صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- في غداةِ عرفةَ، فمنا المكبرُ ومنا المهللُ.
ومنها التكبيرُ: حيث يبدأُ التكبيرُ المقيد عقبَ صلاةِ الفجرِ منْ هذا اليومِ إلى آخرِ أيامِ التشريقِ.
وللدعاءِ يومَ عرفةَ مزيةٌ على غيرهِ فإنَّ النبيَّ- صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- قالَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ» وليحرصِ المسلمُ المقيمُ على الدعاءِ في هذا اليومِ العظيمِ اغتنامًا لفضلهِ ورجاءً للإجابةِ والقبولِ، وأنْ يدعوَ لنفسهِ ووالديهِ وأهلهِ وللإسلامِ والمسلمينَ، وإذا صامَ هذا اليومَ ودعا عندَ الإفطارِ فما أقربَ الإجابةَ، وما أحري القبولَ.
ومنها الإكثارُ منْ شهادةِ التوحيدِ في هذا اليومِ: فإنَّ النبيَّ- صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- قالَ: "وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » أخرجه الإمام أحمد وصححه الالباني.
عبادَ اللهِ، عيدُ الأضحى منْ أفضلِ أيامِ العامِ، بلْ قالَ بعضُ العلماءِ: إنهُ أفضلُ الأيامِ على الإطلاقِ كما صحَّ عنهُ : «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» رواه الإمام أحمد وأبو داوود والنسائي وصححه الألباني.
والفرحُ فيهِ فهوَ منْ محاسنِ هذا الدينِ وشرائعهِ، فعنْ أنسٍ قالَ: قدمَ النبيُّ ولأهلِ المدينةِ يومانِ يلعبونَ فيهما في الجاهليةِ، فقالَ: ((قدمتُ عليكمْ، ولكمْ يومانِ تلعبونَ فيهما في الجاهليةِ، وقدْ أبدلكمُ اللهُ بهما خيرًا منهما: يومَ النحرِ، ويومَ الفطرِ)) رواهُ أحمدُ وأبو داودَ والنسائيُّ.
ويسنُّ الإمساكُ عنِ الأكلِ في عيدِ الأضحى حتى يصليَ، ليأكلَ منْ أضحيتهِ. بخلافِ عيدِ الفطرِ؛ فإنَّ السنةَ أنْ يأكلَ قبلَ الخروجِ إلى الصلاةِ.
ويشرعُ للمسلمِ التجملُ في العيدِ بلبسِ الحسنِ منَ الثيابِ والتطيبِ
وذهبَ جمعٌ منَ المحققينَ إلى أنَّ صلاةَ العيدِ واجبةٌ على الأعيانِ، ومنهمْ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ.
ويستحبُّ لهُ الخروجُ ماشيًا إنْ تيسرَ، ويكثرُ منَ التكبيرِ حتى يحضرَ الإمامُ ويرجعُ منْ طريقٍ آخرٍ. هكذا كانَ يفعلُ رسولُ اللهِ- صلى اللهُ عليهِ.
نَسْأَلُ اللهَ -تَعَالَى- أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا وَمِنَ الْحُجَّاجِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاهُمْ وَوَالِدِينَا وَالْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ مِنْ عُتَقَائِهِ مِنَ النَّارِ، وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِصَلَاحِ الْقُلُوبِ وَالْأَعْمَالِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ
الخطبةُ الثانيةُ: (غدًا عرفةُ)
الحمد لله وكفى يجزي أهل الوفى بالتمام والوفى وسلام على عباده الذين اصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأطهار الحنفاء.أما بعد:فاتقوا الله
أيها المسلمُ، اعلمْ أنَّ الأضَاحيَ سنَّةُ إبراهيمَ- عليه السلامِ- وسنةُ نبيِّكمْ ، عِبادةٌ قديمةٌ تعبَّدَ اللهُ بها الأمَمَ:{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ }[الحج:34]، أيْ: لكلِّ أمّةٍ منَ الأممِ جعلنا منسكًا، شريعةً في الذبحِ، وقالَ جلَّ وعلا لنبيِّهِ :{ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ }[الكوثر:2]، فكانَ نبيُّكمْ كثيرَ الصَّلاةِ كثيرَ النّحرِ.
ونبيُّكمْ حثَّ على الأضحيةِ بقولهِ وعمله وأقرَّ عليها، ففي تفضيلها يقولُ : «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِقُرُونِهَا، وَأَظْلَافِهَا، وَأَشْعَارِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ، لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني.
نبيُّكمْ رفَعَ شأنَ هذهِ الأضحيةِ وعظَّمها؛ لأنَّ تعظيمَها منْ تعظيمِ اللهِ ومِنْ إقامةِ شعائرِ اللهِ، فكانَ نبيُّكمْ يحافِظُ عليها مدَّةَ بقائِهِ في المدينةِ منذُ هاجَرَ إلى أنْ لقِيَ ربَّهُ، يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ- رضيَ اللهُ عنهما- أقامَ النبيُّ بالمدينةِ عشرًا يضحِّي كلَّ عامٍ.
إذًا أيّها المسلم: إن كنت قادراً لا تَدَعْ هذهِ السنةَ، وهيَ شاةٌ واحدةٌ عنكَ وعنْ أهلِ بيتِكَ، ولا يخدعنَّكَ منْ يهوِّنُ شأنَها ويقلِّلُ منْ قدرِها، أوْ يقولُ: اللحمُ كثُرَ ولا حاجةَ للأضاحي، أوْ يقولُ: أضع قيمتَها في مواضعَ أُخَرَ إلى آخرِ ذلكَ، هذهِ سنّةُ محمدٍ ، وعمَلُ أمةِ الإسلامِ، فلا يجوزُ للمسلمِ أنْ يستخِفَّ بشأنها، ولا أنْ يقلِّلَ منْ قدرها، ولا أنْ يظنَّ أنَّ إنفاقَها لقيمَتِها قائمٌ مقامَ هذهِ السنةِ وهذهِ الشعيرةِ العظيمةِ.
وينبغي للمسلمِ أنْ يُعنى باختيارِ الأضحيةِ، فيحرصُ على أكملِ الأضاحي في جميعِ الصفاتِ، وكلما كانتِ الأضحيةُ أغلى وأكملَ فهيَ أحبُّ إلى اللهِ وأعظمُ لأجرِ صاحبها، قالَ شيخُ الإسلامِ: "والأجرُ في الأضحيةِ على قدرِ القيمةِ مطلقًا" اهـ.
ولقدْ كانَ المسلمونَ في عهدِ رسولِ اللهِ ، يغالونَ في الهديِ والأضاحي، ويختارونَ السمينَ الحسنَ، قالَ أبو أمامةَ بنُ سهلٍ: «كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ» رواهُ البخاريُّ.
وتسمينُ الذبيحةِ منْ تعظيمِ شعائرِ اللهِ كما قالَ ابنُ عباسٍ- رضيَ اللهُ عنهما-وقالَ اللهُ: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32].
أما أفضلُ الأضحيةِ فهوَ ما كانَ كبشًا أملحَ أقرنَ، إذْ هذا هوَ الوصفُ الذي استحبهُ الرسولُ وضحى بهِ كما أخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ عنْ أنسٍ أنَّ النبيَّ ضحى بكبشينِ أملحينِ أقرنينِ، وفُسِّرَ الأملحُ بأنهُ الأبيضُ الذي يخالطهُ سوادٌ .كما جاءَ عندَ مسلمٍ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ يَطَأُ فِي سَوَادٍ، وَيَبْرُكُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ، هَلُمِّي الْمُدْيَةَ»، ثُمَّ قَالَ: «اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ»، فَفَعَلَتْ: ثُمَّ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ» رواه مسلم.
قال النووي: ( معناه أن قوائمه وبطنه وما حول عينيه أسود والله أعلم ) أهـ
عباد الله لا ينبغي أبدًا للقادر أن يُفَوِّت هذه الفرصة الثمينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره جدًّا للأغنياء أن يُهْملوا هذه السُّنَّة، إلى درجة أنه قال -كما روى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وقال الألباني: صحيح-: "مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا"
تقبل الله من الجميع صالح العمل وأعان وييسر الفوز بهذه الأيام المباركة.
صلوا وسلموا
المشاهدات 3742 | التعليقات 0