خطبة : ( يوم صالح ودروس بالغة )
عبدالله البصري
1435/01/11 - 2013/11/14 18:58PM
يوم صالح ودروس بالغة 11 / 1 / 1435
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبيرٌ بما تَعمَلُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، صُمتُم يَومَ عَاشُورَاءَ اقتِدَاءً بِنَبِيِّكِم ، وَطَلَبًا لِلأَجرِ مِن رَبِّكُم ، فَأَبشِرُوا وَأَمِّلُوا خَيرًا ، فَإِنَّ رَبَّكُم ـ تَعَالى ـ غَفُورٌ شَكُورٌ ، لا يُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً ، وَقَد قَالَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ في صِيَامِ يَومِ عَاشُورَاءَ كَمَا عِندَ مُسلِمٍ : " إِنِّي أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبلَهُ "
وَإِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ يَومٌ عَظِيمٌ مِن أَيَّامِ اللهِ ، وَفِيهِ دُرُوسٌ كَثِيرَةٌ وَفَوَائِدُ غَزِيرَةٌ ، يَجِبُ أَلاَّ تَغِيبَ عَن بَالِ كُلِّ مُسلِمٍ وَهُوَ يَصُومُهُ ، إِذْ كَانَ حَدَثًا تَارِيخِيًّا عَظِيمًا ، وَنُقطَةَ تَحَوُّلٍ في حَربِ الإِيمَانِ مَعَ الكُفرِ وَالطُّغيَانِ ، وَمِن ثَمَّ فَقَد كَانَ صِيَامُهُ مَعرُوفًا مُنذُ عَهدِ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ حَتى كَانَ النَّاسُ يَصُومُونَهُ في الجَاهِلِيَّةِ ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : كَانَ يَومُ عَاشُورَاءَ يَومًا تَصُومُهُ قُرَيشُ في الجَاهِلِيَّةُ ... " الحَدِيثَ .
وِفِيهِمَا عَنِ ابنِ عَبَّاسِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ قَالَ : قَدِمَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ المَدِينَةَ فَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا فَقَالَ : " مَا هَذَا ؟ " قَالُوا : هَذَا يَومٌ أَنجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغرَقَ فِيهِ فِرعَونَ ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكرًا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " نَحنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم " فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ . وَفي قُولِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " نَحنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم " بَيَانٌ وَاضِحٌ وَتَقرِيرٌ بَيِّنٌ لِكَونِ رَابِطَةِ الدِّينِ هي أَقوَى رَابِطَةِ ، وَأَنَّ المُسلِمِينَ أَولَى بِبَعضِهِم وَإِن تَبَاعَدَت أَزمَانُهُم أَو تَنَاءَت دِيَارُهُم ، فَالمُسلِمُونَ مِن أُمَّةِ محمدٍ هُم وَنَبِيُّهُم أَولى بِالأَنبِيَاءِ وَبِأَتبَاعِهِم المُؤمِنِينَ مِنَ القَومِ الكَافِرِينَ ، وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ الكَافِرُونَ أَقرَبَ نَسَبًا وَأَدنى دَارًا ، وَفي هَذَا تَقوِيَةٌ لِرَابِطَةِ الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ ، وَتَعزِيزٌ لِلوَلاءِ لِلمُؤمِنِينَ وَالبَرَاءِ مِنَ الكُافِرِينَ ، فَأَين مِن ذَلِكَ أَقوَامٌ مِنَ المُسلِمِينَ اليَومَ ، ضَعُفَت عِندَهُمُ الرَّابِطَةُ الدِّينِيَّةِ ، وَقَطَعُوا آصِرَةَ الأُخُوَّةِ الإِسلامِيَّةِ ، فَهُم مَا بَينَ مُتَكَبِّرٍ على إِخوَانِهِ مُستَضعِفٍ لَهُم ، أَو آكِلٍ لِحُقُوقِهِم وَخَاصَّةً الخَدَمَ وَالعُمَّالَ لأَنَّ اللهَ مَلَّكَهُ أَمرَهُم ، أَو آخَرَ لا يَهتَمُّ لأَمرِ إِخوَانِهِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ في مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا ، تَحتَ وَطأَةِ الفَقرِ أَوِ الحَربِ ، أَوِ الاعتِدَاءَاتِ الظَّالِمَةِ الغَاشِمَةِ مِن أَعدَاءِ الدِّينِ ؟!
وَفي يَومِ عَاشُورَاءَ تَذكِيرٌ لأَهلِ الأَرضِ عَامَّةً وَلِلمُؤمِنِينَ خَاصَّةً ، بِقُربِ نَصرِ اللهِ لأَولِيَائِهِ وَإِن حُورِبُوا وَقُتِّلُوا أَو ضُيِّقَ عَلَيهِم واستُضعِفُوا ، وَخِذلانِهِ ـ تَعَالى ـ لأَعدَائِهِ وَإِن طَغَوا وَعَلَوا وَتَكَبَّرُوا ، وَهَذَا يُجَدِّدُ في النُّفُوسِ الأَمَلَ ، وَيَدعُوهَا لِلبَحثِ عَن أَسبَابِ النَّصرِ وَالعَمَلِ بها ، وَمِن أَهَمِّهَا نَصرُ دِينِ اللهِ ، وَإِقَامَتُهُ في النُّفُوسِ ، وَتَعلِيقُ القُلُوبِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيهِ وَتَفوِيضُ الأُمُورِ إِلَيهِ ، إِذْ هُوَ القَوِيُّ العَزِيزُ القَادِرُ القَاهِرُ ، الَّذِي لا يُعجِزُهُ شَيءٌ في الأَرضِ وَلا في السَّمَاءِ ، إِذَا قَضَى أمرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .
وَالحَربُ بَينَ المُؤمِنِينَ وَالكَافِرِينَ ، لَيسَت حَربَ قُوَّةٍ مَادِّيَّةٍ تَدُورُ عَلَى تَكَافُؤِ العَدَدِ وَالعُدَّةِ فَحَسبُ ، وَإِنَّمَا هِيَ حَربُ عَقِيدَةٍ ثَابِتَةٍ وَيَقِينٍ رَاسِخٍ ، وَإِرَادَةٍ قَوِيَّةٍ وَصَبرٍ شَدِيدٍ .
وَإِذَا كَانَ المُسلِمُونَ اليَومَ لا يَملِكُونَ مِنَ الأَسلِحَةِ الفَتَّاكَةِ الَّتي يَملِكُهَا العَدُوُّ شَيئًا ذَا بَالٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ بِحَالٍ أَن يُوقِعَهُم في الهَزِيمَةِ النَّفسِيَّةِ أَو يُلبِسَهُم ثِيَابًا مِنَ اليَأسِ وَالقُنُوطِ ، فَيَستَعِينُوا بِغَيرِ اللهِ ، أَو يَطلُبُوا النَّصرَ مِن سِوَاهُ ، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ نَصرَ اللهِ لأَولِيَائِهِ ، لا يَكُونُ دَائِمًا بِهَزِيمَتِهِم في مُوَاجَهَةٍ عَسكَرِيَّةٍ ، وَلا بِغَنِيمَةٍ تُنَالُ مِنهُم في حَربٍ ، بَل لَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ ، وَمِنهَا إِهلاكُ العَدُوِّ بِجُندٍ لا يَعلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ، فَيُكفَى المُسلِمُونَ شَرَّهُم ، وَتَسلَمَ لَهُم أَجسَادُهُم وَأَموَالُهُم ، وَهَذَا مَا حَدَثَ بِإِغرَاقِ فِرعَونَ وَجُنُودِهِ في البَحرِ ، وَإِنجَاءِ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامِ ـ وَمَن مَعَهُ ، وَقَد حَدَثَ مِثلُهُ لِنَبِيِّنَا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصحَابِهِ في غَزوَةِ الخَندَقِ ، حَيثُ أَرسَلَ اللهُ عَلَى الأَحزَابِ رِيحًا وَجُنُودًا لم يَرَهَا أَحَدٌ ، فَاقتَلَعَت خِيَامَهُم وَكَفَأَت قُدُورَهُم ، فَهَرَبُوا مُنهَزِمِينَ وَوَلَّوا مُدبِرِينَ ، وَكَفَى اللهُ المُؤمِنِينَ القِتَالَ ، وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا .
وَللهِ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَمثَالُهَا ، فَمَا عَلَى المُسلِمِينَ سِوَى إِخلاصِ التَّوَجُّهِ إِلَيهِ وَحدَهُ ، وَالاتِّصَالِ بِهِ اتِّصَالَ المُتَوَكِّلِينَ عَلَيهِ الرَّاغِبِينَ فِيمَا عِندَهُ ، وَتَقوِيةِ الإِيمَانِ في قُلُوبِهِم ، وَتَرسِيخِ العَقِيدَةِ في نُفُوسِهِم ، وَالبُعدِ كُلَّ البُعدِ عَن طَلَبِ النَّصرِ مِنَ العَدُوِّ أَوِ الاستِكَانَةِ لَهُ ، وَحِينَهَا فَليبشِرُوا بِنَصرِ اللهِ لَهُم وَتَأيِيدِهِ إِيَّاهُم .
وَإِنَّ مِن أَعظَمِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤخَذُ مِن دُرُوسِ عَاشُورَاءَ ، وُجُوبَ مُخَالَفَةِ هَديِ المُشرِكِينَ في كُلِّ أَمرٍ ، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالعِبَادَاتِ ؛ فَإِنَّ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ صَامَ يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُ يَومٌ يُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى . فَقَال : " لَئِن بَقِيتُ إِلى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ ، وَمَا هَذَا مِنهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ إِلاَّ تَربِيَةٌ لأُمَّتِهِ في وُجُوبِ مُخَالَفَةِ هَديِ المُشرِكِينَ وَمُجَانَبَةِ طَرِيقِ الكَافِرِينَ ، لِعِلِمِهِ أَنَّهُ مَتى تَشَابَهَتِ الأَعمَالُ في الظَّاهِرِ ، وَأَخَذَ المُسلِمُونَ عَادَاتِ الكَافِرِينَ شِعَارًا لَهُم وَذَابُوا في أَخلاقِهِم ، فَلَن يَكُونَ لَهُم عَلَيهِم فَضلٌ في دَينٍ ، وَالأَعَمُّ الأَغلَبُ أَنَّ المُؤمِنِينَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَقَلُّ مِنَ الكَافِرِينَ عَدَدًا ، فَمَا لَم يَكُنْ لَهُم تَمَيُّزٌ بِاتِّصَالِهِم بِرَبِّهِم وَخَالِقِهِم وَنَاصِرِهِم ، فَلَن يَكُونَ لَهُم قُوَّةٌ عَلَى غَيرِهِم ، وَلَن يَحظَوا بِسُمُوٍّ فَوقَهُم وَلا عُلُوٍّ عَلَيهِم . وَإِنَّ مِن وُجُوهِ المُخَالَفَةِ لِليَهُودِ وَالَّتي اتَّضَحَت في يَومِ عَاشُورَاءَ ، أَنَّهُم كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا ، وَتِلكَ عَادَتُهُم وَذَلِكَ دَيدَنُهُم ، حَيثُ يَتَّخِذُونَ المُنَاسَبَاتِ أَعيَادًا ، فَأَمَرَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ بِمُخَالَفَتِهِم وَصِيَامِهِ شُكرًا للهِ ، فَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أَبي مُوسى ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : كَانَ أَهلُ خَيبَرَ يَصُومُونَ يَومَ عَاشُورَاءَ يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا وَيُلبِسُونَ نِسَاءَهُم فِيهِ حُلِيَّهُم وَشَارَتَهُم . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " فَصُومُوهُ أَنتُم "
وَإِنَّ مِنَ الانهِزَامِيَّةِ الظَّاهِرَةِ وَالتَّبَعِيَّةِ المَقِيتَةِ ، مَا جَعَلَ أَقوَامٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ في زَمَانِنَا يُسَارِعُونَ إِلَيهِ ، مِن التَّشَبُّهِ بِاليَهُودِ في جَعلِ كُلِّ مُنَاسَبَةٍ وَطَنِيَّةٍ أَو قَومِيَّةٍ عِيدًا يُحتَفَلُ لَهُ وَيُحتَفَى بِهِ ، وَكُلُّ هَذَا ضَلالٌ وَتَخَاذُلٌ وَنُكُوصٌ عَنِ الدِّينِ الحَقِّ ، الَّذِي لم يُجعَلْ لِلمُسلِمِينَ فِيهِ سِوَى عِيدَينِ اثنَينِ ، وَهُوَ مِمَّا يُضعِفُ شَأنَ الأُمَّةِ وَيَفُتُّ في عَضُدِهَا ؛ لِكَونِهَا خَالَفَت أَمرَ اللهِ وَأَمرَ رَسُولِهِ ، وَقَد قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ :" وَمَن يَعصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا "
وَإِنَّ مَنهَجَ الأَنبِيَاءِ الَّذِينَ هُم أَعلَمُ النَّاسِ بِاللهِ ، أَنْ كَانُوا يَشكُرُونَ رَبَّهُم بِالإِكثَارِ مِن طَاعَتِهِ وَلُزُومِ عِبَادَتِهِ ، لا بِابتِدَاعِ البِدَعِ وَالخُرُوجِ عَن أَمرِهِ وَإِضَاعَةِ حُدُودِهِ ، وَقَد صَامَ مُوسَى عَاشُورَاءَ شُكرًا للهِ ، وفي الصَّحِيحَينِ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَامَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حَتى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ , فَقِيلَ لَهُ : قَد غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ . قَالَ : " أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا ؟! "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُم ، وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُم مُؤمِنِينَ ، فَإِنَّهُ ـ تَعَالى ـ عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ بِهِ ، وَهُوَ مَعَهُ إِذَا ذَكَرَهُ وَدَعَاهُ " إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ "
وَإِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ يَومٌ عَظِيمٌ مِن أَيَّامِ اللهِ ، وَفِيهِ دُرُوسٌ كَثِيرَةٌ وَفَوَائِدُ غَزِيرَةٌ ، يَجِبُ أَلاَّ تَغِيبَ عَن بَالِ كُلِّ مُسلِمٍ وَهُوَ يَصُومُهُ ، إِذْ كَانَ حَدَثًا تَارِيخِيًّا عَظِيمًا ، وَنُقطَةَ تَحَوُّلٍ في حَربِ الإِيمَانِ مَعَ الكُفرِ وَالطُّغيَانِ ، وَمِن ثَمَّ فَقَد كَانَ صِيَامُهُ مَعرُوفًا مُنذُ عَهدِ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ حَتى كَانَ النَّاسُ يَصُومُونَهُ في الجَاهِلِيَّةِ ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : كَانَ يَومُ عَاشُورَاءَ يَومًا تَصُومُهُ قُرَيشُ في الجَاهِلِيَّةُ ... " الحَدِيثَ .
وِفِيهِمَا عَنِ ابنِ عَبَّاسِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا ـ قَالَ : قَدِمَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ المَدِينَةَ فَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا فَقَالَ : " مَا هَذَا ؟ " قَالُوا : هَذَا يَومٌ أَنجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغرَقَ فِيهِ فِرعَونَ ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكرًا . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : " نَحنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم " فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ . وَفي قُولِهِ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ : " نَحنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم " بَيَانٌ وَاضِحٌ وَتَقرِيرٌ بَيِّنٌ لِكَونِ رَابِطَةِ الدِّينِ هي أَقوَى رَابِطَةِ ، وَأَنَّ المُسلِمِينَ أَولَى بِبَعضِهِم وَإِن تَبَاعَدَت أَزمَانُهُم أَو تَنَاءَت دِيَارُهُم ، فَالمُسلِمُونَ مِن أُمَّةِ محمدٍ هُم وَنَبِيُّهُم أَولى بِالأَنبِيَاءِ وَبِأَتبَاعِهِم المُؤمِنِينَ مِنَ القَومِ الكَافِرِينَ ، وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ الكَافِرُونَ أَقرَبَ نَسَبًا وَأَدنى دَارًا ، وَفي هَذَا تَقوِيَةٌ لِرَابِطَةِ الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ ، وَتَعزِيزٌ لِلوَلاءِ لِلمُؤمِنِينَ وَالبَرَاءِ مِنَ الكُافِرِينَ ، فَأَين مِن ذَلِكَ أَقوَامٌ مِنَ المُسلِمِينَ اليَومَ ، ضَعُفَت عِندَهُمُ الرَّابِطَةُ الدِّينِيَّةِ ، وَقَطَعُوا آصِرَةَ الأُخُوَّةِ الإِسلامِيَّةِ ، فَهُم مَا بَينَ مُتَكَبِّرٍ على إِخوَانِهِ مُستَضعِفٍ لَهُم ، أَو آكِلٍ لِحُقُوقِهِم وَخَاصَّةً الخَدَمَ وَالعُمَّالَ لأَنَّ اللهَ مَلَّكَهُ أَمرَهُم ، أَو آخَرَ لا يَهتَمُّ لأَمرِ إِخوَانِهِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ في مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا ، تَحتَ وَطأَةِ الفَقرِ أَوِ الحَربِ ، أَوِ الاعتِدَاءَاتِ الظَّالِمَةِ الغَاشِمَةِ مِن أَعدَاءِ الدِّينِ ؟!
وَفي يَومِ عَاشُورَاءَ تَذكِيرٌ لأَهلِ الأَرضِ عَامَّةً وَلِلمُؤمِنِينَ خَاصَّةً ، بِقُربِ نَصرِ اللهِ لأَولِيَائِهِ وَإِن حُورِبُوا وَقُتِّلُوا أَو ضُيِّقَ عَلَيهِم واستُضعِفُوا ، وَخِذلانِهِ ـ تَعَالى ـ لأَعدَائِهِ وَإِن طَغَوا وَعَلَوا وَتَكَبَّرُوا ، وَهَذَا يُجَدِّدُ في النُّفُوسِ الأَمَلَ ، وَيَدعُوهَا لِلبَحثِ عَن أَسبَابِ النَّصرِ وَالعَمَلِ بها ، وَمِن أَهَمِّهَا نَصرُ دِينِ اللهِ ، وَإِقَامَتُهُ في النُّفُوسِ ، وَتَعلِيقُ القُلُوبِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيهِ وَتَفوِيضُ الأُمُورِ إِلَيهِ ، إِذْ هُوَ القَوِيُّ العَزِيزُ القَادِرُ القَاهِرُ ، الَّذِي لا يُعجِزُهُ شَيءٌ في الأَرضِ وَلا في السَّمَاءِ ، إِذَا قَضَى أمرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ .
وَالحَربُ بَينَ المُؤمِنِينَ وَالكَافِرِينَ ، لَيسَت حَربَ قُوَّةٍ مَادِّيَّةٍ تَدُورُ عَلَى تَكَافُؤِ العَدَدِ وَالعُدَّةِ فَحَسبُ ، وَإِنَّمَا هِيَ حَربُ عَقِيدَةٍ ثَابِتَةٍ وَيَقِينٍ رَاسِخٍ ، وَإِرَادَةٍ قَوِيَّةٍ وَصَبرٍ شَدِيدٍ .
وَإِذَا كَانَ المُسلِمُونَ اليَومَ لا يَملِكُونَ مِنَ الأَسلِحَةِ الفَتَّاكَةِ الَّتي يَملِكُهَا العَدُوُّ شَيئًا ذَا بَالٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ بِحَالٍ أَن يُوقِعَهُم في الهَزِيمَةِ النَّفسِيَّةِ أَو يُلبِسَهُم ثِيَابًا مِنَ اليَأسِ وَالقُنُوطِ ، فَيَستَعِينُوا بِغَيرِ اللهِ ، أَو يَطلُبُوا النَّصرَ مِن سِوَاهُ ، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ نَصرَ اللهِ لأَولِيَائِهِ ، لا يَكُونُ دَائِمًا بِهَزِيمَتِهِم في مُوَاجَهَةٍ عَسكَرِيَّةٍ ، وَلا بِغَنِيمَةٍ تُنَالُ مِنهُم في حَربٍ ، بَل لَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ ، وَمِنهَا إِهلاكُ العَدُوِّ بِجُندٍ لا يَعلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ، فَيُكفَى المُسلِمُونَ شَرَّهُم ، وَتَسلَمَ لَهُم أَجسَادُهُم وَأَموَالُهُم ، وَهَذَا مَا حَدَثَ بِإِغرَاقِ فِرعَونَ وَجُنُودِهِ في البَحرِ ، وَإِنجَاءِ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامِ ـ وَمَن مَعَهُ ، وَقَد حَدَثَ مِثلُهُ لِنَبِيِّنَا ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصحَابِهِ في غَزوَةِ الخَندَقِ ، حَيثُ أَرسَلَ اللهُ عَلَى الأَحزَابِ رِيحًا وَجُنُودًا لم يَرَهَا أَحَدٌ ، فَاقتَلَعَت خِيَامَهُم وَكَفَأَت قُدُورَهُم ، فَهَرَبُوا مُنهَزِمِينَ وَوَلَّوا مُدبِرِينَ ، وَكَفَى اللهُ المُؤمِنِينَ القِتَالَ ، وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا .
وَللهِ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَمثَالُهَا ، فَمَا عَلَى المُسلِمِينَ سِوَى إِخلاصِ التَّوَجُّهِ إِلَيهِ وَحدَهُ ، وَالاتِّصَالِ بِهِ اتِّصَالَ المُتَوَكِّلِينَ عَلَيهِ الرَّاغِبِينَ فِيمَا عِندَهُ ، وَتَقوِيةِ الإِيمَانِ في قُلُوبِهِم ، وَتَرسِيخِ العَقِيدَةِ في نُفُوسِهِم ، وَالبُعدِ كُلَّ البُعدِ عَن طَلَبِ النَّصرِ مِنَ العَدُوِّ أَوِ الاستِكَانَةِ لَهُ ، وَحِينَهَا فَليبشِرُوا بِنَصرِ اللهِ لَهُم وَتَأيِيدِهِ إِيَّاهُم .
وَإِنَّ مِن أَعظَمِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤخَذُ مِن دُرُوسِ عَاشُورَاءَ ، وُجُوبَ مُخَالَفَةِ هَديِ المُشرِكِينَ في كُلِّ أَمرٍ ، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالعِبَادَاتِ ؛ فَإِنَّ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حِينَ صَامَ يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّهُ يَومٌ يُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى . فَقَال : " لَئِن بَقِيتُ إِلى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ ، وَمَا هَذَا مِنهُ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ إِلاَّ تَربِيَةٌ لأُمَّتِهِ في وُجُوبِ مُخَالَفَةِ هَديِ المُشرِكِينَ وَمُجَانَبَةِ طَرِيقِ الكَافِرِينَ ، لِعِلِمِهِ أَنَّهُ مَتى تَشَابَهَتِ الأَعمَالُ في الظَّاهِرِ ، وَأَخَذَ المُسلِمُونَ عَادَاتِ الكَافِرِينَ شِعَارًا لَهُم وَذَابُوا في أَخلاقِهِم ، فَلَن يَكُونَ لَهُم عَلَيهِم فَضلٌ في دَينٍ ، وَالأَعَمُّ الأَغلَبُ أَنَّ المُؤمِنِينَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَقَلُّ مِنَ الكَافِرِينَ عَدَدًا ، فَمَا لَم يَكُنْ لَهُم تَمَيُّزٌ بِاتِّصَالِهِم بِرَبِّهِم وَخَالِقِهِم وَنَاصِرِهِم ، فَلَن يَكُونَ لَهُم قُوَّةٌ عَلَى غَيرِهِم ، وَلَن يَحظَوا بِسُمُوٍّ فَوقَهُم وَلا عُلُوٍّ عَلَيهِم . وَإِنَّ مِن وُجُوهِ المُخَالَفَةِ لِليَهُودِ وَالَّتي اتَّضَحَت في يَومِ عَاشُورَاءَ ، أَنَّهُم كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا ، وَتِلكَ عَادَتُهُم وَذَلِكَ دَيدَنُهُم ، حَيثُ يَتَّخِذُونَ المُنَاسَبَاتِ أَعيَادًا ، فَأَمَرَ ـ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ بِمُخَالَفَتِهِم وَصِيَامِهِ شُكرًا للهِ ، فَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أَبي مُوسى ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : كَانَ أَهلُ خَيبَرَ يَصُومُونَ يَومَ عَاشُورَاءَ يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا وَيُلبِسُونَ نِسَاءَهُم فِيهِ حُلِيَّهُم وَشَارَتَهُم . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " فَصُومُوهُ أَنتُم "
وَإِنَّ مِنَ الانهِزَامِيَّةِ الظَّاهِرَةِ وَالتَّبَعِيَّةِ المَقِيتَةِ ، مَا جَعَلَ أَقوَامٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ في زَمَانِنَا يُسَارِعُونَ إِلَيهِ ، مِن التَّشَبُّهِ بِاليَهُودِ في جَعلِ كُلِّ مُنَاسَبَةٍ وَطَنِيَّةٍ أَو قَومِيَّةٍ عِيدًا يُحتَفَلُ لَهُ وَيُحتَفَى بِهِ ، وَكُلُّ هَذَا ضَلالٌ وَتَخَاذُلٌ وَنُكُوصٌ عَنِ الدِّينِ الحَقِّ ، الَّذِي لم يُجعَلْ لِلمُسلِمِينَ فِيهِ سِوَى عِيدَينِ اثنَينِ ، وَهُوَ مِمَّا يُضعِفُ شَأنَ الأُمَّةِ وَيَفُتُّ في عَضُدِهَا ؛ لِكَونِهَا خَالَفَت أَمرَ اللهِ وَأَمرَ رَسُولِهِ ، وَقَد قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ :" وَمَن يَعصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا "
وَإِنَّ مَنهَجَ الأَنبِيَاءِ الَّذِينَ هُم أَعلَمُ النَّاسِ بِاللهِ ، أَنْ كَانُوا يَشكُرُونَ رَبَّهُم بِالإِكثَارِ مِن طَاعَتِهِ وَلُزُومِ عِبَادَتِهِ ، لا بِابتِدَاعِ البِدَعِ وَالخُرُوجِ عَن أَمرِهِ وَإِضَاعَةِ حُدُودِهِ ، وَقَد صَامَ مُوسَى عَاشُورَاءَ شُكرًا للهِ ، وفي الصَّحِيحَينِ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَامَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ حَتى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ , فَقِيلَ لَهُ : قَد غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ . قَالَ : " أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا ؟! "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُم ، وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُم مُؤمِنِينَ ، فَإِنَّهُ ـ تَعَالى ـ عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ بِهِ ، وَهُوَ مَعَهُ إِذَا ذَكَرَهُ وَدَعَاهُ " إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ حَقَّ تُقَاتِهِ ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ ، وَاحمَدُوه عَلَى كَرِيمِ عَطَايَاهُ وَجَزِيلِ هِبَاتِهِ ، حَيثُ أَعطَاكُمُ الثَّوَابَ الجَزِيلَ عَلَى العَمَلِ القَلِيلِ ، وَجَعَلَ تَكفِيرَ ذُنُوبِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ في صِيَامِ يَومٍ وَاحِدٍ ، وَفي هَذَا مَا يَحدُو النُّفُوسَ إِلى الطَّاعَةِ وَيُحَبِّبُ إِلَيهَا القُربَةَ ، وَيُرَغِّبُ المُؤمِنِينَ في العِبَادَةِ ابتِغَاءَ مَا عِندَ اللهِ ، وَكَم هُوَ حِرمَانٌ لِلنَّفسِ أَن يُفَرِّطَ بَعضُنَا في عَظِيمِ الأَجرِ ، وَلا يَكُونَ لَهُ حَظٌّ في صِيَامَ الأَيَّامِ الَّتي جَاءَت سُنَّةُ الحَبِيبِ مُرغِّبَةً في صِيَامِهَا ، في حِينِ أَنَّ الصَّحَابَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُم ـ كَانُوا يَصُومُونَهَا وَيُرَبُّونَ عَلَيهَا صِبيَانَهُم ، فَفِي البُخَارِيِّ وَمُسلِمٍ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنتِ مُعَوِّذٍ قَالَت : أَرسَلَ النَّبيُّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلى قُرَى الأَنصَارِ : " مَن أَصبَحَ مُفطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ ، وَمَن أَصبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ " قَالَت : فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعدُ وَنُصَوِّمُ صِبيَانَنَا ، وَنَجعَلُ لَهُمُ اللُّعبَةَ مِنَ العِهنِ ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُم عَلَى الطَّعَامِ أَعطَينَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِندَ الإِفطَارِ . وَفي تَعوِيدِ الصَّحَابَةِ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُم ـ صِبيَانَهُم عَلَى الصِّيَامِ ، إِشَارَةٌ إِلى أَنَّهُ يَنبَغِي إِظهَارُ شَعَائِرِ الدِّينِ حَتى عِندَ غَيرِ المُكَلَّفِينَ ، لِيَقوَى لَدَيهِمُ الانتِمَاءُ لِهَذَا الدِّينِ ، وَلِيَتَعَوَّدُوا العِبَادَةَ وَيَألَفُوا الطَّاعَةَ .فـ" يَا قَومَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغفِرْ لَكُم مِن ذُنُوبِكُم وَيُجِرْكُم مِن عَذَابٍ أَلِيمٍ . وَمَن لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللهِ فَلَيسَ بِمُعجِزٍ في الأَرضِ وَلَيسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ في ضَلَالٍ مُبِينٍ "
المرفقات
يوم صالح ودروس بالغة.doc
يوم صالح ودروس بالغة.doc
يوم صالح ودروس بالغة.pdf
يوم صالح ودروس بالغة.pdf
المشاهدات 2661 | التعليقات 2
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله كل خير
قاسم احمد الصامطي
تعديل التعليق