خطبة يوم النحر أفصل أيام العام وفضل عرفة

عادل الحزنوي
1437/12/07 - 2016/09/08 21:29PM
الحمد لله المذكور بكل لسان المشكور على كل إحسان خلق الخلق ليعبدوه وأظهر لهم آياته ليعرفوه، ويسر لهم طرق الوصول إليه ليصلوه، فهو ذو الفضل العظيم والخير الواسع العميم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعد.فمن أعظم واجباتنا معاشر الإخوة تقوى الله تعالى في السر والعلن قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الحديد:28]
عباد الله : ونحن نتفيأُ ظلالَ هذه الأيامِ الفاضلةِ ونَنعمُ بفُرَصِها النادرةِ وأجورِها الزاخرة أيام عشر ذي الحجة التي هي أحب الأيام عند الله للعمل فيها. نجدُ الكريمَ الرحمن يتفضل علينا بمزيدِ فضلٍ ويختم هذه الأيام الزواهر بيومين عظيمين هما اليوم التاسع يوم عرفة واليوم العاشر يوم عيد النحر...
والحقيقة أن كلَ واحدٍ منهما له فضلٌ من جهة فيومُ عرفة يعطى الله فيه ما لا يعطي في غيره من حط الذنوب والخطايا وكبير الهبات والعطايا. ويوم النحر هو خير ايام العام على الاطلاق لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر. )رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه الألباني، حيث يشرع فيه من الأعمال الصالحة ما لا يشرع في غيره من الرمي وذبح الهدايا والأضاحي والطواف بالبيت وصلاة العيد وغيرها.. فيالله كم من التكبير والتهليل والتحميد لله في هذا اليوم يرفع، وكم من القرابين لله فيه تقدم..
أيها الإخوة: في يوم عرفة يكثر العتقاء من النار، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟" رواه مسلم. قال ابن عبد البر رحمه الله: "وهذا يدل على أنهم مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي بأهل الخطايا إلا بعد التوبة والغفران".
ومن فضائل هذا اليوم أنه يوم أكمل الله فيه الدين، وأتم النعمة فيه على المسلمين؛
ومن فضائل يوم عرفة أنه يومُ العِتْقِ من النار فيعتقُ اللهُ مِنَ النارِ مَنْ وَقَفَ بعرفَةَ ومن لم يقفْ بها من أهلِ الأمصارِ من المسلمين ممن يستحق المغفرة واقبل على الله بقلبه وتاب واناب ، فلذلك صار اليومُ الذي يليه عيداً لجميع المسلمين في جميع أمصارهم؛ من شهدَ الموسمَ منهم ومن لم يشهدْه؛ لا شتراكهم في العتق والمغفرة يومَ عرفَةَ.. كما أنه يستحب للمسلم حتى لو لم يكن حاجا أن يكثر في عشية يوم عرفة من الدعاء ومن الذكر وخير الدعاء قول لا اله الا الله وهذه تسمى بالتعريف لغير الحاج وقد فعل ذلك كثير من السلف ومنهم ابن عباس رضي الله عنه حيث كلن يعرف عشية عرفة ويجلس في المسجد للدعاء والعبادة والصلاة .
أيها الإخوة ومن فضائل يوم عرفة أنه يُشْرَعُ كذلك لمن لم يحجْ من أهلِ الأمصارِ في هذا اليوم العظيم الصيام، وفضل صيامِ يومِ عرفةَ فضلٌ كبير قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ. رواه مسلم عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه.
أيها المسلمون : عظِّموا هذا اليومَ وصوموه لله تعالى وحثُّوا أولادَكم وأهلِيكم على ذلكَ، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) [الحج:32] وادعوا وأنتم موقنون بالإجابة، فإنَّ الله قريبٌ يجيب دعوة الداعي إذا دعاه..
عباد الله ذلك يوم عرفة اما يوم النحر فقد خُصَ بالنسبة للحاج بأعمال كثيرة لا تجتمع في غيره هي رمي جمرة العقبة وذبح الهدي والحلق أو التقصير والطواف بالبيت العتيق وهذه الأعمال لا تجتمع إلا به وبالنسبة لغير الحاج شرع فيه عبادات عظيمة وأعظم العبادات في يوم العيد صلاة العيد وهي من آكد الشعائرِ وأعظمِها، لذلك اخرجوا لصلاة العيد مكبرين ومهللين وأخرجوا النساء والصغار إليها فقد قال بعض أهل العلم بوجوبها ومنهم شيخنا محمد العثيمين رحمه الله.
قَالَتْ أمُ عطية: كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا وحَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ
اللهم وفقنا لتعظيم شعائرك وتقبل منا إنك سميع الدعاء
قلت ما سمعتم واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية :
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لم أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم ما اتصلت عين بنظر وأذن بخبر وسلم تسليما …
ومن أعظم الأعمال وأفضلها في يوم العيد وأيام التشريق ذبحُ الأضاحي واعلموا أن ذبح الأضاحي شعيرة من شعائر الإسلام، م ونبيُّكمْ حثَّ على الأضحيةِ بقولهِ وعمله وأقرَّ عليها، ففي تفضيلها يقولُ صلى الله عليه وسلم : «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بِقُرُونِهَا، وَأَظْلَافِهَا، وَأَشْعَارِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ، لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» رواه ابن ماجه والترمذي وصححه الألباني.
إذًا أيّها المسلم: إن كنت قادراً لا تَدَعْ هذهِ السنةَ، وهيَ شاةٌ واحدةٌ عنكَ وعنْ أهلِ بيتِكَ، وينبغي للمسلمِ أنْ يُعنى باختيارِ الأضحيةِ، فيحرصُ على أكملِ الأضاحي في جميعِ الصفاتِ، وكلما كانتِ الأضحيةُ أغلى وأكملَ فهيَ أحبُّ إلى اللهِ وأعظمُ لأجرِ صاحبها، قالَ شيخُ الإسلامِ: "والأجرُ في الأضحيةِ على قدرِ القيمةِ مطلقًا" اهـ.
ولقدْ كانَ المسلمونَ في عهدِ رسولِ اللهِ ، يغالونَ في الهديِ والأضاحي، ويختارونَ السمينَ الحسنَ، قالَ أبو أمامةَ بنُ سهلٍ: «كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ» رواهُ البخاريُّ.
أما أفضلُ الأضحيةِ فهوَ ما كانَ كبشًا أملحَ أقرنَ، إذْ هذا هوَ الوصفُ الذي استحبهُ الرسولُ وضحى بهِ كما أخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ عنْ أنسٍ أنَّ النبيَّ ضحى بكبشينِ أملحينِ أقرنينِ، وفُسِّرَ الأملحُ بأنهُ الأبيضُ الذي يخالطهُ سوادٌ . عباد الله لا ينبغي أبدًا للقادر أن يُفَوِّت هذه الفرصة الثمينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره جدًّا للأغنياء أن يُهْملوا هذه السُّنَّة، إلى درجة أنه قال -كما روى ابن ماجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، وقال الألباني: صحيح-: "مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ، وَلَمْ يُضَحِّ، فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا"
تقبل الله من الجميع صالح العمل وأعان وييسر الفوز بهذه الأيام المباركة.
اللهم يسّر على الحجاج حجَّهم، وأتمم عليهم مناسكهم، وتقبّل منهم يا ربَّ العالمين.
اللهم وفقنا لصيام يومِ عرفة، وتقبله منا يا ربَّ العالمين.اللهم اجعلنا فيه من الموحدين، ومن عتقائك فيه من النار.اللهم اعتق رقابنا فيه من النار، وكفّر فيه عن ذنوبنا، واغفر اللهم لنا اللهم اغفر لنا ذنوبنا، واغفر لوالدينا ولجميع المسلمين .اللهم وفقنا فيها للعمل الصالح ، وتقبله منا يا سميع يا مجيب اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ..اللهم إنَّا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدن رحمة إنك أنت الوهاب)
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثتنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً نافعاً غير ضار،عاجلاً غير آجل
اللهم اسق عبادك، وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بشرِّ ما عندنا، اللهم إنا خلقٌ من خلقِك..
فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك يا ذا الجلال والإكرام..
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك وحبيبك محمد وعلى اله وصحبه وسلم
سبحان ربك ...
المشاهدات 1333 | التعليقات 0