خطبة : ( ومضى شهر الصوم )

عبدالله البصري
1435/10/04 - 2014/07/31 22:44PM
ومضى شهر الصوم 5 / 10 / 1435
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، حِينَ يَبدَأُ أَحَدُنَا في مَشرُوعٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِتمَامِهِ ، ثم يَقطَعُهُ تَكَاسُلاً وَلا يُتِمُّهُ ، فَإِنَّ هَذَا الصَّنِيعَ مِنهُ يُعَدُّ ضَعفًا في العَقلِ وَسَفَهًا في الرَّأيِ ، فَكَيفَ إِذَا كَانَ هَذَا المَشرُوعُ هُوَ حَيَاتَهُ وَمُستَقبَلَهُ ، وَرَجَاءَهُ وَغَايَتَهُ وَأَمَلَهُ ، وَعَلَيهِ يُبنَى كُلُّ مَا عَمِلَ وَحَصَّلَ طُولَ حَيَاتِهِ ؟!
لا تَذهَبَنَّ بِكُمُ الأَوهَامُ بَعِيدًا يَا عِبَادَ اللهِ ، فَتُفَكِّرُوا فِيمَا يُفَكِّرُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليَومَ ، مِمَّا يَعُدُّونَهُ مَشرُوعَ المُستَقبَلِ ، مِن دِرَاسَةٍ أَو وَظِيفَةٍ أَو تِجَارَةٍ ، أَو تَقَلُّدِ مَنصِبٍ أَو بُلُوغِ شُهرَةٍ ، فَكُلُّ أُولَئِكَ مَحَطَّاتُ مُرُورٍ عَابِرٍ ، وَاستِرَاحَاتُ مَسِيرٍ عَاجِلٍ ، لا بُدَّ مِن مُغَادَرَتِهَا وَتَجَاوُزِهَا يَومًا مَا ، وَإِنَّمَا المُستَقبَلُ الحَقِيقِيُّ وَالحَيَاةُ الكَامِلَةُ ، وَالمُستَقَرُّ الَّذِي لا سَفَرَ بَعدَهُ وَلا تَحَوُّلَ عَنهُ ، هُوَ مَا بَعدَ هَذِهِ الدُّنيَا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " يَومَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكرَى يَقُولُ يَا لَيتَني قَدَّمتُ لِحَيَاتي "
وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا إِلاَّ لَهوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الحَيَوَانُ لَو كَانُوا يَعلَمُونَ "
وَفي الصَّحِيحَينِ عَن أَنَسٍ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ النَّبيَّ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " اللَّهُمَّ لا عَيشَ إِلاَّ عَيشُ الآخِرَةِ "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَت لَهُم جَنَّاتُ الفِردَوسِ نُزُلًا . خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبغُونَ عَنهَا حِوَلاً "
وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " يَومَ يَأتِ لَا تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلاَّ بِإِذنِهِ فَمِنهُم شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ . فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُم فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ . خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيرَ مَجذُوذٍ "
يُقَالُ هَذَا الكَلامُ يَا عِبَادِ اللهِ ، وَكَثِيرٌ مِنَّا قَد قَضَى مِن عُمُرِهِ سَنَوَاتٍ عَدِيدَةً ، وَهُوَ يَبدَأُ في كُلِّ رَمَضَانَ في مَشرُوعَاتٍ أُخرَوِيَّةٍ نَاجِحَةٍ ، ثم لا يَلبَثُ أَن يَتَخَلَّى عَنهَا أَو عَن كَثِيرٍ مِنهَا بِمُجَرَّدِ إِعلانِ انقِضَاءِ الشَّهرِ وَحُلُولِ العِيدِ ، ثم لا يَعُودُ إِلَيهَا إِلاَّ بَعدَ عَامٍ كَامِلٍ بِحُلُولِ رَمَضَانَ الجَدِيدِ ، ثم يَترُكُهَا بِخُرُوجِهِ ، وَهَكَذَا تَمُرُّ بِهِ السَّنَوَاتُ في عَمَلٍ مُتَقَطِّعِ الأَوصَالِ ، بَل قَد يَكُونُ مَا يَهدِمُهُ في أَحَدَ عَشَرَ شَهرًا أَكثَرَ مِمَّا يَبنِيهِ في شَهرٍ ، وَتِلكَ لَعَمرُ اللهِ مُصِيبَةٌ عَلَى الإِنسَانِ ، لا يَتَنَبَّهُ لها إِلاَّ مَن أَحيَا اللهُ قَلبَهُ ، فَتَفَكَّرَ في سُرعَةِ مُرُورِ الأَيَّامِ وَتَصَرُّمِ اللَّيَالي ، وَانقِضَاءِ الأَعمَارِ وَحُلُولِ الآجَالِ .
لِيَسأَلْ كُلٌّ مِنَّا نَفسَهُ وَنَحنُ مَا زِلنَا نَستَنشِقُ عِطرَ شَهرِ رَمَضَانَ : كَم رَكعَةً صَلاَّهَا للهِ في لَيلِهِ بَعدَ رَمَضَانَ ؟
بَلْ هَل أَوتَرَ وَلَو بِرَكعَةٍ وَاحِدَةٍ ؟
وَكَم صَفحَةً مِن كِتَابِ اللهِ قَرَأَ ؟
أَمَا زَالَ مُحَافِظًا عَلَى الفَرَائِضِ ، حَرِيصًا عَلَى إِدرَاكِ تَكبِيرَةِ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ ؟
أَأَتَمَّ السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ وَذَكَرَ اللهَ وَدَعَا ؟!
البَذلُ وَالعَطَاءُ وَالصَّدَقَاتُ وَالهِبَاتُ ، وَتَفَقُّدُ الفُقَرَاءِ وَقَضَاءُ الحَاجَاتِ وَتَفرِيجُ الكُرُبَاتِ ، حِفظُ الجَوَارِحِ وَحُسنُ الخُلُقِ وَلُطفُ التَّعَامُلِ ، هَلِ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى أَشُدِّهَا إِلى الآنَ ـ أَمِ انقَضَت كُلُّها وَتَبَدَّلَت بِخُرُوجِ رَمَضَانَ ؟!
أَسئِلَةٌ كَثِيرَةٌ وَتَأَمُّلاتٌ عَدِيدَةٌ ، يَنبَغِي أَن يَسأَلَهَا كُلُّ امرِئٍ نَفسَهُ وَيَقِفُهَا مَعَ ذَاتِهِ ، إِذِ الأَصلُ أَنَّهُ عَبدٌ لِمَولاهُ طُولَ عُمُرِهِ ، لا يَخرُجُ عَن سُلطَانِهِ وَلا يُفلِتُ مِن قَبضَتِهِ " وَمَا تَكُونُ في شَأنٍ وَمَا تَتلُو مِنهُ مِن قُرآنٍ وَلَا تَعمَلُونَ مِن عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيكُم شُهُودًا إِذ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعزُبُ عَن رَبِّكَ مِن مِثقَالِ ذَرَّةٍ في الأَرضِ وَلا في السَّمَاءِ وَلا أَصغَرَ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكبَرَ إِلاَّ في كِتَابٍ مُبِينٍ "
عِبَادَ اللهِ ، العُمرُ يَذهَبُ وَيَمضِي ، وَعَمَلُ الآخِرَةِ لا يَنقَطِعُ وَلا يَنقَضِي ، وَرَبُّنَا ـ تَعَالى ـ يَقُولُ : " وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتى يَأتِيَكَ اليَقِينُ " وَمِن دُعَاءِ أُولي الأَلبَابِ " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعدَئِذْ هَدَيتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ " هَذَا وَهُم " يَذكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِم وَيَتَفَكَّرُونَ في خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ "
وَإِنَّ رَبَّ رَمَضَانَ هُوَ رَبُّ كُلِّ الشُّهُورِ ، وَهُوَ المُصَرِّفُ لِجَمِيعِ الدُّهُورِ " وَمَا الحَيَاةُ الدُّنيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعقِلُونَ "
وَمِن شُكرِ اللهِ عَلَى نِعمَةِ التَّوفِيقِ لِلحَسَنَةِ أَن يَستَمِرَّ العَبدُ عَلَى طَاعَةِ مُولِيهَا وَمُسدِيهَا ، بَل إِنَّ مِن عَلامَةِ قَبُولِ العَمَلِ الصَّالِحِ ، أَن تَنشَرِحَ النَّفسُ بَعدَهُ لِتَكرَارِهِ وَالتَّزَوُّدِ مِنهُ ، وَالرَّبُّ غَفُورٌ شَكُورٌ ، لا يَزِيدُ عَبدًا أَقبَلَ عَلَيهِ إِلاَّ تَوفِيقًا ، قَالَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ في الحَدِيثِ القُدسِيِّ الَّذِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ : " وَمَا يَزَالُ عَبدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحبَبتُهُ كُنتُ سَمعَهُ الَّذِي يَسمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتي يَبطِشُ بها ، وَرِجلَهُ الَّتي يَمشِي بها ، وَإِن سَأَلَني لأُعطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ استَعَاذَني لأُعِيذَنَّهُ "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ وَكُونُوا رَبَّانِيِّينَ وَلا تَكُونُوا رَمَضَانِيِّينَ " وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيرَ الزَّادِ التَّقوَى " وَاستَقِيمُوا ، وَإِيَّاكُم وَالنُّكُوصَ عَلَى الأَعقَابِ بَعدَئِذْ هَدَاكُمُ اللهُ ، أَو نَقضَ الغَزلِ مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا " إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ استَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحزَنُوا وَأَبشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتي كُنتُم تُوعَدُونَ . نَحنُ أَولِيَاؤُكُم في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفي الآخِرَةِ وَلَكُم فِيهَا مَا تَشتَهِي أَنفُسُكُم وَلَكُم فِيهَا مَا تَدَّعُونَ . نُزُلاً مِن غَفُورٍ رَحِيمٍ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ ـ تَعَالى ـ وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَدُومُوا عَلَى عِبَادَتِهِ حَتَّى تَلقَوهُ ، وَاستَقِيمُوا " وَلا تَطغَوا إِنَّهُ بما تَعمَلُونَ بَصِيرٌ . وَلا تَركَنُوا إِلى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِن دُونِ اللهِ مِن أَولِيَاءَ ثم لا تُنصَرُونَ "
عِبادَ اللهِ ، إِلى مَتى الاغتِرَارُ بِهَذِهِ الدَّارِ ؟!
وَحَتَّامَ الابتِعَادُ عَنِ اللهِ وَالفِرَارُ ؟!
" يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ " " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيَا وِلا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ . إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُم عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدعُو حِزبَهُ لِيَكُونُوا مِن أَصحَابِ السَّعِيرِ "
نَعَم يَا عِبَادَ اللهِ ، إنَّ للهِ الوَعدَ الحَقَّ ، وَهُوَ ـ سُبحَانَهُ ـ لا يُخلِفُ المِيعَادَ ، وَإِنَّ لِلشَّيطَانِ وَعدًا كَاذِبًا مُخلَفًا ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدخِلُهُم جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعدَ اللهِ حَقًّا وَمَن أَصدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً "
وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ عَظِيمٌ "
وَقَالَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ : " أَفَمَن وَعَدنَاهُ وَعدًا حَسَنًا فَهُوَ لاقِيهِ كَمَن مَتَّعنَاهُ مَتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنيَا ثُمَّ هُوَ يَومَ القِيَامَةِ مِنَ المُحضَرِينَ "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيطَانَ وَلِيًّا مِن دُونِ اللهِ فَقَد خَسِرَ خُسرَانًا مُبِينًا . يَعِدُهُم وَيُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيطَانُ إِلاَّ غُرُورًا "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَقَالَ الشَّيطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُم وَعدَ الحَقِّ وَوَعَدتُكُم فَأَخلَفتُكُم وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيكُم مِن سُلطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوتُكُم فَاستَجَبتُم لي فَلا تَلُومُوني وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَا أَنَا بِمُصرِخِكُم وَمَا أَنتُم بِمُصرِخِيَّ إِنِّي كَفَرتُ بما أَشرَكتُمُونِ مِن قَبلُ إِنَّ الظَّالمِينَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ "
خَسَارَةٌ وَأَيُّ خَسَارَةٍ أَن يَعِدَ اللهُ عَبدًا جَنَّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً في جَنَّاتِ عَدنٍ وَنَعِيمًا مُقِيمًا وَمَغفِرَةً مِنهُ وَأَجرًا في مُقَابِلِ الاستِقَامَةِ عَلَى أَعمَالٍ مُيَسَّرَةٍ ، فَيُعرِضَ أَو يَتَكَاسَلَ مُتَّبِعًا خُطُوَاتِ شَيطَانٍ رَجِيمٍ غَرُورٍ ، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُؤمِنُونَ ـ فَإِنَّ وَعدَ اللهِ الحَقَّ لا يُنَالُ إِلاَّ بِمُخَالَفَةِ الهَوَى وَصَبرٍ عَلَى الطَّاعَةِ وَاصطِبَارٍ ، وَتَوبَةٍ مِنَ الذَّنبِ وَالمَعصِيَةِ وَاستِغفَارٍ ، وَعَدَمِ اغتِرَارٍ بِالدُّنيَا وَلا خِفَّةٍ مَعَ الأَغرَارِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " فَاصبِرْ إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَاستَغفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمدِ رَبِّكَ بِالعَشِيِّ وَالإِبكَارِ "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " فَاصبِرْ إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَستَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ "
لَقَد كُنتُم في شَهرِ الصَّبرِ فَصَبَرتُم وَصَابَرتُم وَصُمتُم عَنِ الشَّهَوَاتِ ، وَمَا هِيَ إِلاَّ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ حَتَّى فَرِحتُم بِالعِيدِ ، فَاجعَلُوا حَيَاتَكُم كُلَّهَا كَرَمَضَانَ ، يَكُنْ يَومُ لِقَاءِ رَبِّكُم لَكُم عِيدًا ، فَإِنَّهُ مَا بَينَ الحَيَاةِ وَالمَمَاتِ إِلاَّ لَحَظَاتٌ " وَيَومَ يَحشُرُهُم كَأَنْ لم يَلبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَينَهُم " " كَأَنَّهُم يَومَ يَرَونَهَا لم يَلبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَو ضُحَاهَا " عَن أَبي مَالِكٍ الأَشعَرِيِّ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِن بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِن ظَاهِرِهَا ، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَن أَلانَ الكَلامَ ، وَأَطعَمَ الطَّعَامَ ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ ، وَصَلَّى بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ " رَوَاهُ البَيهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَعَن أَبي أَيُّوبَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ : " مَن صَامَ رَمَضَانَ ثم أَتبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهرِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ .
المرفقات

ومضى شهر الصوم.doc

ومضى شهر الصوم.doc

ومضى شهر الصوم.pdf

ومضى شهر الصوم.pdf

المشاهدات 2469 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا