خطبة : ( وكانوا بآياتنا يوقنون )

عبدالله البصري
1438/07/02 - 2017/03/30 19:38PM
وكانوا بآياتنا يوقنون 3 / 7 / 1438
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، المُؤمِنَ الَّذِي يَعبَدُ رَبًّا لَم يَرَهُ ، وَيَتَّبِعُ نَبِيًّا لم يَصحَبْهُ ، وَيُقِيمُ الصَّلاةَ وَيُؤتي الزَّكَاةَ ، وَيَستَقِيمُ عَلَى صِرَاطِ رَبِّهِ حَتَّى المَوتِ ، لم يَكُنْ لَهُ أَن يَكُونَ كَذَلِكَ لَولا إِيمَانُهُ بِالغَيبِ ، وَيَقِينٌ وَقَرَ في قَلبِهِ وَامتَلأَت بِهِ جَوَانِحُهُ ، فَصَارَ الغَيبُ أَمَامَهُ كَالشَّهَادَةِ ، وَالبَاطِنُ عِندَهُ كَالظَّاهِرِ ، وَالآخِرَةُ كَالأُولى ، أَجَلْ – أَيُّهَا المُؤمِنُونَ – إِنَّ اليَقِينَ شُعُورٌ عَظِيمٌ يَقذِفُهُ اللهُ في قَلبِ عَبدِهِ المُؤمِنِ ، فَيُصبِحُ وَكَأَنَّهُ قَدِ انتَقَلَ مِن حَيَاتِهِ الدُّنيَا وَصَارَ في الآخِرَةِ ، فَغَدَت حَقَائِقُهَا ماثِلَةً بَينَ يَدَيهِ ، حَتَّى لَكَأَنَّهُ يُشَاهِدُ عَرشَ الرَّحمَنِ تَحُفُّ بِهِ المَلائِكَةُ ، بَل حَتَّى لَكَأَنَّهُ قَد حَظِي بِالنَّظَرِ إِلى وَجهِ رَبِّهِ الكَرِيمِ وَمُصَاحَبَةِ نَبِيِّهِ في الجَنَّةِ ، وَوَجَدَ مَا وُعِدَ بِهِ مِنَ النَّعِيمِ المُقِيمِ وَالجَزَاءِ الحَسَنِ .
وَلأَنَّ المَوتَ حَقٌّ لا شَكَّ فِيهِ وَلا امتِرَاءَ في تَجَرُّعِ كَأسِهِ ، سَمَّاهُ اللهُ – تَعَالى - يَقِينًا فَقَالَ : " وَاعبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأتِيَكَ اليَقِينُ " وَلِعِلمِ المُؤمِنِينَ وَيَقِينِهِم بِأَنَّهُم مَيِّتُونَ وَلا شَكَّ ، وَأَنَّهُم بَعدَ المَوتِ مُلاقُو اللهِ فَمُحَاسَبُونَ ، فَقَدِ اطمَأَنَّت بِذَلِكَ اليَقِينِ قُلُوبُهُم ، وَصَارَ هُوَ المُحَرِّكَ لَهُم لِلعَمَلِ الصَّالِحِ وَاكتِسَابِ الحَسَنَاتِ ، وَالكَافَّ لَهُم عَنِ المَعَاصِي وَالمُخَالَفَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ، وَالمَانِعَ لَهُم مِن ظُلمِ النَّاسِ أَوِ التَّعَدِّي عَلَيهِم وَبَخَسِهِم حُقُوقَهُم .
بِاليَقِينِ وَصَفَ اللهُ عِبَادَهُ المُتَّقِينَ ، وَبِهِ رَفَعَ قَدرَهُم ، وَبِهِ أَخبَرَ عَن هِدَايَتِهِم وَفَلاحِهِم ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيبَ فِيهِ هُدًى لِلمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِالغَيبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ . وَالَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُم يُوقِنُونَ . أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِن رَبِّهِم وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ "
وَبِاليَقِينِ تَجَرَّدَ المُوَفَّقُونَ مِن أَهوَائِهِم وَرَغَائِبِ نُفُوسِهِم ، وَاستَسلَمُوا لِرَبِّهِم وَخَالِقِهِم ، فَعَادُوا لا يَرَونَ في هَذَا الكَونِ حُكمًا هُوَ خَيرًا وَلا أَحسَنَ وَلا أَكمَلَ مِن حُكمِهِ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللهِ حُكمًا لِقَومٍ يُوقِنُونَ "
بَل إِنَّ هَذَا الكَونَ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ ، لم يَخرُجْ عِندَ أَهلِ اليَقِينِ عَن كَونِهِ شَاهِدًا عَلَى وُجُودِ الخَالِقِ – سُبحَانهُ – وَدَالاًّ عَلَى أَنَّهُ المُستَحِقُّ لِلعِبَادَةِ دُونَ سِوَاهُ ، وَلِذَا كَانَتِ الآيَاتُ الكَونِيَّةُ طَرِيقًا لأَهلِ اليَقِينِ لِلتَّصدِيقِ بِالآيَاتِ القُرآنِيَّةِ وَالانتِفَاعِ بِهَا ، قَالَ – سُبحَانهُ - عَن إِبرَاهِيمَ - عَلَيهِ السَّلامُ - : " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ " وَقَالَ – تَعَالى - : " إِنَّ في السَّمَاوَاتِ وَالأَرضِ لآيَاتٍ لِلمُؤمِنِينَ . وَفي خَلقِكُم وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَومٍ يُوقِنُونَ . وَاختِلافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِزقٍ فَأَحيَا بِهِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا وَتَصرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَومٍ يَعقِلُونَ . تِلكَ آيَاتُ اللهِ نَتلُوهَا عَلَيكَ بِالحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعدَ اللهِ وَآيَاتِهِ يُؤمِنُونَ " وَقَالَ – تَعَالى - : " وَفي الأَرضِ آيَاتٌ لِلمُوقِنِينَ . وَفي أَنفُسِكُم أَفَلا تُبصِرُونَ . وَفي السَّماءِ رِزقُكُم وَما تُوعَدُونَ . فَوَرَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثلَ ما أَنَّكُم تَنطِقُونَ " وَقَالَ – سُبحَانَهُ - : " هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِقَومٍ يُوقِنُونَ " وَقَالَ – تَعَالى - : " وَقالَ الَّذِينَ لا يَعلَمُونَ لَولا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَو تَأتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم مِثلَ قَولِهِم تَشابَهَت قُلُوبُهُم قَد بَيَّنَّا الآياتِ لِقَومٍ يُوقِنُونَ "
وَلا عَجَبَ أَن يَعلُوَ اليَقِينُ بِأَهلِهِ حَتَّى يُصبِحُوا هُمُ الأَئِمَّةَ الهُدَاةَ ، قَالَ – تَعَالى - : " وَجَعَلنَا مِنهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَن أَيقَنَ بِاللهِ ، تَعَلَّقَ قَلبُهُ بِبُيُوتِهِ ، وَحَرِصَ عَلَى إِقَامَةِ الصَّلاةِ فِيهَا ، وَوَجَدَ فِيهَا أُنسَهُ وَرَاحَتَهُ ، وَدَاوَمَ عَلَى قِرَاءةِ كَلاَمِ رَبِّهِ ، وَحَرِصَ عَلَى حِفظِهِ أَو حِفظِ مَا تَيَسَّرَ مِنهُ ، مَعَ فَهمِهِ وَتَدَبُّرِهِ وَالعَمَلِ بِمَا فِيهِ ، مَن أَيقَنَ بِاللهِ أَحَبَّ سُنَّةَ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَحَرِصَ عَلَى اتِّبَاعِ مَا كَانَ عَلِيهِ هُوَ وَأَصحَابُهُ ، مَن أَيقَنَ بِاللهِ خَافَ لِقَاءَهُ – تَعَالى- وَخَشِيَ مِن عَذَابِهِ ، فَأَحدَثَ ذَلِكَ لَهُ انكِفَافًا عَنِ المَعَاصِي كَبِيرِهَا وَصَغِيرِهَا ، وَعَظُمَ رَجَاؤُهُ بِرَبِّهِ وَأَحسَنَ الظَّنَّ بِهِ ، فَأَلَحَّ عَلَيهِ في الدُّعَاءِ ، وَأَدَامَ التَّقَرُّبَ إِلَيهِ بِصَالِحِ القَولِ وَالعَمَلِ ، مَن أَيقَنَ بِاللهِ تَذَكَّرَ المَوتَ وَسَكرَتَهُ وَشِدَّتَهُ ، وَالقَبرَ وَضَمَّتَهُ وَوَحشَتَهُ ، وَيَومَ القِيَامَةِ وَأَهوَالَهُ وَرَهبَتَهُ ، فَاستَعَدَّ لِذَلِكَ تَمَامَ الاستِعدَادِ ، وَزَهِدَ في الدُّنيَا وَتَخَفَّفَ مِن شَهَوَاتِهَا .
وَالعَكسُ مِن ذَلِكَ صَحِيحٌ ، فَمَن ضَعُفَ يَقِينُهُ هَزُلَ دِينُهُ ، وَنَقَصَ إِيمَانُهُ وَقَلَّ إِحسَانُهُ ، وَلم يَأبَهْ بِتَركِ وَاجِبٍ وَلا فِعلِ مُحَرَّمٍ ، وَلم يَتَزَوَّدْ بِنَفَلٍ وَقَصَرَ يَدَهُ عَنِ البَذلِ ، وَسَكَتَ عَنِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكِرِ ، وَلم يَتَمَعَّرْ وَجهُهُ غَضَبًا للهِ ، وَازدَادَ عَلَى الدُّنيَا حِرصُهُ ، وَقَلَّت فِيهَا قَنَاعَتُهُ ، وَلم يَطمَئِنَّ بِمَا رَزَقَهُ اللهُ وَلا شَكَرَ نِعمَتَهُ .
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَكُونُوا مِن أَهلِ اليَقِينِ تَنجُوا وَتُفلِحُوا ، وَاصبِرُوا فَإِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَلا تَجزَعُوا ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لأَبي هُرَيرَةُ : " فَمَن لَقِيتَ مِن وَرَاءِ هَذَا الحَائِطِ يَشهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ مُستَيقِنًا بِهَا قَلبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالجَنَّةِ " أَخرَجَهُ مُسلِمٌ ، وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - :" سَيِّدُ الاستِغفَارِ أَن يَقُولَ العَبدُ : اللَّهُمَّ أَنتَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ خَلَقتَني وَأَنَا عَبدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهدِكَ وَوَعدِكَ مَا استَطَعتُ ، أَعَوذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا صَنَعتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنبي فَاغفِرْ لي إِنَّهُ لا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنتَ ، مَن قَالَهَا مُوقِنًا بِهَا حِينَ يُمسي فَمَاتَ مِن لَيلَتِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ ، وَمَن قَالَهَا مُوقِنًا بِهَا حِينَ يُصبِحُ فَمَاتَ مِن يَومِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ ، وَقَالَ – تَعَالى – لِنَبِيِّهِ وَهُوَ تَوجِيهٌ لأُمَّتِهِ مِن بَعدِهِ : " فَاصبِرْ إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَستَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ " أَعَوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ ، بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ : " أَلهَاكُمُ التَّكَاثُرُ . حَتَّى زُرتُمُ المَقَابِرَ . كَلاَّ سَوفَ تَعلَمُونَ . ثُمَّ كَلاَّ سَوفَ تَعلَمُونَ . كَلاَّ لَو تَعلَمُونَ عِلمَ اليَقِينِ . لَتَرَوُنَّ الجَحِيمَ . ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَينَ اليَقِينِ . ثُمَّ لَتُسأَلُنَّ يَومَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّ اليَقِينَ هُوَ العِلمُ التَّامُّ الَّذِي لَيسَ فِيهِ أَدنى شَكٌّ ، وَلا يَكُونُ اليَقِينُ صَادِقًا مَا لم يُوجِبْ لِصَاحِبِهِ العَمَلَ بِمَا يَعلَمُ ، أَرَأَيتُم ذَلِكَ المُسلِمَ الَّذِي يَسمَعُ قَولَ نَبِيِّهِ - عَلَيهِ الصَلاةُ وَالسَّلامُ - : " رَكعَتَا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيَا وَمَا فِيهَا " ثُمَّ هُوَ يَتَلَذَّذُ بِفِرَاشِهِ وَيُفَضِّلُ النَّومَ عَلَى القِيَامِ لِصَلاةِ الفَجرِ ، أَو ذَاكَ الَّذِي يَسمَعُ قَولَهُ - عَلَيهِ الصَلاةُ وَالسَّلامُ - : " لأَن أَقُولَ سُبحَانَ اللهِ وَالحَمدُ للهِ وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبَرُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ " ثُمَّ لا يُحَرِّكُ شَفَتَيهِ بِذِكرٍ مُطلَقًا ، أَو ذَاكَ الَّذِي يَقرَأُ قَولَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفضَلُ مِن صَلاةٍ الفَذِّ بِسَبعٍ وَعِشرِينَ دَرَجَةً " ثُمَّ يَهجُرُ المَسَاجِدَ وَلا يَكَادُ يَأتي الجَمَاعَةَ ، أَو مَن يَقرَأُ قَولَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " مَا نَقَصَت صَدَقَةٌ مِن مَالٍ " ثُمَّ هُوَ يَبخَلُ وَيُمسِكُ خَشيَةَ الفَقرِ ، أَو مَن هَجَرَ أَخَاهُ المُسلِمَ وَأَصَرَّ عَلَى القَطِيعَةِ لِشَيءٍ في نَفسِهِ وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّ عَمَلَهُ لا يُرفَعُ ، أَرَأَيتُم أُولَئِكَ وَغَيرَهُم مِمَّن يَعلَمُونَ كَثِيرًا وَلا يَعمَلُونَ ، وَمِمَّن يُؤمِنُونَ بِالجَنَّةِ فَلا يَطلُبُونَهَا ، وَبِالنَّارِ فَلا يَهرُبُونَ مِنهَا ، إِنَّهُ لِيُخشَى عَلَيهِم أَن يَكُونُوا قَد تَلبَّسُوا بِشَيءٍ مِنَ الكِبرِ وَالتَّعاظُمِ في أَنفُسِهِم ، وَذَلِكُم هُوَ عَينُ مَا كَانَ عَلَيهِ الكُفَّارُ ، فَقَد كَانُوا عَلَى يَقِينٍ بِصِدقِ الوَحيِ ، وَلَكِنَّهُم أَعرَضُوا عَنهُ تَكَبُّرًا وَعُلُوًّا ، قَالَ - سُبحَانَهُ - : " وَجَحَدُوا بِهَا وَاستَيقَنَتهَا أَنفُسُهُم ظُلمًا وَعُلُوًّا "
فَالحَذَرَ الحَذَرَ - أَيُّهَا المُسلِمُ - إِذَا عَلِمتَ الدَّلِيلَ وَبَانَ لَكَ الحَقُّ بَيَانًا وَاضِحًا لا لَبسَ فِيهِ أَن تَتَهَاوَنَ وَتَتَبَاطَأَ ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَن هَلَكَ بِمَا دَاخَلَ قُلُوبَهُم مِنَ الشَّكِّ وَالرَّيبِ ، قَالَ - تَعَالى - : " وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيبَ فِيهَا قُلتُم مَا نَدرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحنُ بِمُستَيقِنِينَ "
فَاللَّهُمَّ اقسِمْ لَنَا مِن خَشيَتِكَ مَا يَحُولُ بَينَنَا وَبَينَ مَعَاصِيكَ وَمِن طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَينَا مُصِيبَاتِ الدُّنيَا وَمَتِّعْنَا بِأَسمَاعِنَا وَأَبصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحيَيتَنَا ، وَاجعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا ، وَاجعَلْ ثَأرَنَا عَلَى مَن ظَلَمَنَا وَانصُرْنَا عَلَى مَن عَادَانَا وَلا تَجعَلْ مُصِيبَتَنَا في دِينِنَا وَلا تَجعَلِ الدُّنيَا أَكبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبلَغَ عِلمِنَا وَلا تُسَلِّطْ عَلَينَا مَن لا يَرحَمُنَا .
المرفقات

وكانوا بآياتنا يوقنون.doc

وكانوا بآياتنا يوقنون.doc

وكانوا بآياتنا يوقنون.pdf

وكانوا بآياتنا يوقنون.pdf

المشاهدات 1496 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا