خطبة وفاة الرسول للدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي - الجمعة 1/5/1436

د صالح بن مقبل العصيمي
1436/04/28 - 2015/02/17 14:30PM

الخطبة الأولى
إنَّ الْحَمْدَ للهِ،نَحْمَدُهُ،وَنَسْتَعِينُهُ،وَنَسْتَغْفِرُهُ،وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ ألَّا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.
أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا،وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ،وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ،لَمَّا ثَقُلَ الْمَرَضُ عَلَى النَّبِيُّ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا:وَاكَرْبَ أَبَاهُ،فَقَالَ لَهَا:(لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ .(ثُمَّ اِشْتْدَّ الْوَجَعُ بالرَّسُولِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَأَسْنَدَتْهُ عَائِشَة، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، إلى صَدْرِهَا،وبَيْنَ يَدَيْهِ عُلْبَةٌ فِيهَا مَاءٌ،فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، وَيَقُولُ: «(لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ (، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: (فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى) حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ؛مُعْلِنَةً وَفَاتُهُ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَيَالَهُ مِنْ خَبَرٍ مُحْزِنٍ أَلِيمٍ! ماتَ رسولُ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،ماتَ أعظمُ خلقِ اللهِ، ماتَ خِيرَةُ خلقِ اللهِ. وَاِنْتَشَرَ النَّبَأُ المحزن الْمُفْجِعُ،فِي جَمِيعِ نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَأَظْلَمَتْ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَرْجَاؤُهَا وَآفَاقُهَا ، كَيْفَ لَا وَقَدِ اِنْطَفَأَ ضِيَاؤُهَا،وخبأ سِرَاجُهَا ؟! قَالَ أَنَسٌ ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ،:(شَهِدْتُهُ يَوْمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ، فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أَحْسَنَ،ولَا أَضْوَأَ مِنْ يَوْمٍ دَخَلَ عَلَيْنَا فِيهِ،وَشَهِدْتُ يَوْمَ مَاتَ،فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَانَ أَقْبَحَ وَلَا أَظْلَمَ مِنْ يَوْمٍ مَاتَ فِيهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ .
بِطِيبَة رَسْمٌ للرَّسُــــــولِ وَمَعْهَــــــــد مُنِيـرٌ، وَقَدْ تَعْفُو الرُّسُومُ وتَـهْمَدُ
وَضَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالبُكَاءِ،فلقدْ حلَّتْ بِهَا قَاصِمَةُ الظَّهْرِ، ومُصِيبَةُ الدَّهْرِ؟فَاشَّتَدَّتِ الرَّزِيَّةُ،وَعَظُمَ الْخَطْبُ وَجَلَّ الأمْرُ،وأُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ بنبِيِّهِمْ، فمِنْهُمْ مَنْ دُهِشَ فَخُولِطَ،ومِنْهُمْ مَنْ أُقْعِدَ فلَمْ يُطِقِ القِيامَ، وَمِنْهُمْ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ فلَمْ يُطِقِ الكَلَامَ، ودَخَلَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ ،وَالْمُغِيرَةُ ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا،لِيتَأَكَّدَا مِنْ صِحَّةِ الْخَبَرِ؛فَلَمَّا نَظَرَا إِلَيهِ قَالَ عُمَرُ):واغَشِيَاهُ! غُشِيَ عَلَى رسولِ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فقَالَ الـْمُغِيـرَةُ):يَا عُمَرُ،مَاتَ رسُولُ الله،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ:(لَا،لَا يَـمُوتُ رسولُ اللهِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ،حتـَّى يُفنـِيَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ). ثم أقبلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رضيَ اللهُ عنهُ- مُفَجَّعًا؛بعدَمَا سَمِعَ بالخَبَرِ،ودَخَلَ علَى رسولِ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فلمَّا نظرَ إليهِ قالَ): إنَّا للهِ وإِنَّا إليهِ راجِعُونَ !مَاتَ رسولُ اللهِ( ، وجَاءَ مِنْ قِبَلِ رأسِه،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،وقَبَّـلَ جَبْهَتَــهُ وقالَ: (وَا نَبـِيَّاهُ !( ثُـمَّ رفَعَ رأسَهُ ثانية،ً وقَبَّــلَّ جبهتَــهُ وقالَ: (وَا صَفِيَّاهُ( ! ثُمَّ قَبَّلَهُ ،وَقَالَ) : وَاخَلِيلاَهُ ! مَاتَ رَسُولُ اللهِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، .( ثُــمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ وَهُمْ جُمُوعٌ فِي الْمَسْجِدِ، فِي خَطْبٍ مُؤْلِمٍ، وَفِي أَمْرٍ جَسِيمٍ، وهُمٍّ عَظِيمٍ،مُـختلِفُونَ في هَذَا النَّبَأِ،فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ): مَاتَ رسُولُ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)،ومنهُمْ مَنْ يقولُ: بلْ لـَمْ يَـمُتْ،وإنَّما غُشِيَ عليهِ؛ فالأمرُ أشدُّ مِنْ أَنْ يَحْتَمِلُوهُ،والخَطْبُ عَظِيمٌ، ومِنْ هولِهِ كَانَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ،رَضِيَ اللهُ،عَنْهُ ثَالِثُ رَجُلٍ فِي الإِسْلَامِ مَذْهُولاً؛يَخْطُبُ في الناسِ، ويقولُ ): لَمْ يمتْ رسولُ اللهِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يَمُوتُ رَسُولُ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتَّى يُفْنـِيَ اللهُ المُنَافِقِينَ)، ويتقدَّمُ الصِّدِّيقُ رضيَ اللهُ عنهُ، هذهِ الْجُمُوعَ العظِيمةَ فِي الْمَسْجِدِ، ويَخْطُبُ بِهِمْ خُطْبَةً بَلِيغَةً؛ ثَبَّتَ اللهُ بِهَا الْقُلُوبَ المُؤْمِنَةَ، حَيْثُ حَمِدَ اللهَ وَأَثنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ كَلِمَتَهُ الْمَأْثُورَةَ الَّتِي تَنَاقَلَتْهَا الأَجْيَالُ،وَسَطَّرَتْهَا الأَقْلَامُ، وَحَفِظَهَا الصِّغَارُ والْكِبَارُ:(مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ،وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ)، ثُمَّ تَلا قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: ثُمَّ تَلا قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)(آل عمران : 144) . وقَرَعَتِ الآيَةُ آذَانَ الصَّحَابَةِ، وَرَفَعَتْ عَنْ أَعْيُنِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْ مِنْهُمُ الْخَبَرَ الْغِشَاوَةَ، فَتَأَكَّدَ الجمِيعُ مِنْ صِحَّةِ خَبر الوفاةِ،وأَخَذُوا يُرَدِّدُونَ الآيَةَ، حَتَّى كَأَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَّا الآنَ؛ قَالَ عُمَرُ- رضيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ -:«وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا فَعَقِرْتُ، حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلاَيَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا،عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ مَاتَ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . قَالَ حَسِّانُ :
فَظَلَلْتُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُتَبَلِّــــــــــــدًا مُتَلدِّدًا يَا لَيتَني لم أُولَـــــــــــــــــــدِ
أَأُقِيمُ بَعدكَ بالمدينةِ بينهُم ؟ يَا ليتني صُبِّحْتُ سُمَّ الأَسْوَدِ
أَوْ حَلَّ أمرُ اللهِ فينَا عَاجِـــلاً في رَوْحَةٍ مِن يومِنَا أو مِنْ غَدِ
وَأَقْبَلَتْ فاطمةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-مَذْهُولةً مَفْجُوعةً؛ بَعْدَمَا وَصَلَهَا الْخَبَرُ، وَهِيَ تَقُولُ):يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَلِسَانُ حَالِهَا،كَمَا قَالَ حَسَّانُ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :
مُفَجَّعَةً قدْ شَفَّهَا فَقْدُ أَحْمَــــــدٍ فَظَلَّتْ لِآلَاءِ الرَّسُولِ تُعَـــــــــــــــــــــــــدِّدُ
فَبَكِّي رسولَ اللهِ يَا عَيْــنُ عَبـْرَةً وَ لاَ أَعْرِفنْكِ الدهرَ دَمْعُكِ يَجْمَدُ
قَالَتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ):مَا عَلِمْنَا بِدَفْنِ النَّبيِّ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي فِي جَوْفِ لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ ( ( ).
وَقَالَتْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: ) بَيْنَا نَحْنُ مُجْتَمِعُونَ نَبْكِي لَمْ نَنَمْ، وَرَسُولُ اللَّهِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي بُيُوتِنَا، وَنَحْنُ نَتَسَلَّى بِرُؤْيَتِهِ عَلَى السَّرِيرِ،إذْ سَمِعْنَا صَوْتَ الفُؤوسِ فِي السَّحَرِ، لِحَفْرِ قَبْرِه،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ، فَصِحْنَا وَصَاحَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ ،فَارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ صَيْحَةً وَاحِدَةً،وأذَّن بِلَالٌ بِالْفَجْرِ، فَلَمَّا وَصَلَ لِقَوْلِهِ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، بَكَى وانتَحَبَ،فزادَنَا حُزنًا، فَيَا لَهَا مِنْ مُصِيبَةٍ مَا أُصِبْنَا بَعْدَهَا بِمُصِيبَةٍ ،إِلَّا هَانَتْ إِذَا ذَكَرْنَا مُصِيبَتَنَا بِهِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،(
وَمَا فَقَدَ الــمَاضُونَ مِثْلَ محمدٍ وَلا مِثْلُهُ حتَّى القيامةِ يُفْقَدُ
وهلْ عَـــــدَلَتْ يومــاً رَزِية هالكٍ رَزِية يومٍ ماتَ فيهِ محمَّدُ ؟!!
فَلَمَّا دُفِنَ، قَالَتْ فَاطِمَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا): يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التُّرَابَ )؟ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .

تَهِيلُ عليهِ التُـرْبَ أيدٍ وأَعْيُـــــــــــــــــنٌ عليهِ،وقدْ غَارَتْ بِذَلِكَ أسْعُـــــــــدُ
فَبُورِكتَ،يا قبرَ الرّسولِ،وَبُورِكـَــتْ بِلاَدٌ ثَوَى فيهَا الرَّشِيدُ المُسَــدَّدُ
وَبُورِكَ لَحْدٌ مِنْكَ ضُمِّنَ طَيَّبًــــــــــــــا عَلَيهِ بِنَاءٌ مِنْ صَفِيحٍ مُنَضَّــــــــــــــــدِ
لقد غَيّبوا حِلْماً وعِلْماً وَرَحْمْـــــــة عِشِيَّة عَلَّوهُ الثَّرَى ، لا يُوسَّـــــــدُ
وبموتِه،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، انقطَعَ الوحيُ منَ السَّماءِ وتلكَ وربي مُصيبةٌ أخرى بَكَى لأجلِهَا صَحَابةُ رسولِ اللهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،، قَالَ أَبُو بَكْرٍ، لِعُمَرَ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،يَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالَا لَهَا : مَا يُبْكِيكِ ؟مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،فَقَالَتْ: مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ)، فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ مَعَهَا . رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
بـِهَا حُجُرَاتٌ كَانَ يَنْزِلُ وَسْطَهَـــــــــا مِنَ اللهِ نُورٌ يُسْتَضَــــــاءُ، وَيُوقَــــــدُ
ظَلَلْتُ بِهَا أَبْكِي الرسولَ، فَأَسْعَــــدَتْ عُيونٌ، وَمِثْلاهَا مِنَ الجَفْنِ تُسعِـــــدُ
عَفُوٌ عَنِ الزَّلاتِ يَقْبَــــلُ عُــــــذْرَهُـــم وَإِنْ يُحْسِنُوا فَاللهُ بِالْخَيْرِ أجْــــــــوَدُ
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ..






الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ،وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً أمَّا بَعْدُ..
فَاِتَّقُوا اللهَ-عِبَادَ اللهِ-حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ اللهِ،هَذَا نَبَأُ وَفَاةِ نبينا محمد،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا بَالُنَا لَا نَتَّعِظُ بِمَوْتِ مُحَمَّدٍ ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،؟! سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ، وَخَلِيلِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ هَلْ نَظُنُّ أنَّنَا مُخَلَّدُونَ ؟!
لَو كَانَتِ الدُّنْيَا تَدُومُ لِأَهْلِهَا لَكَانَ رَسُولُ اللهِ حَيًّا يُخَلَّدُ
نَعَمْ ،لنْ يُخَلَّدَ في الدُّنْيَا أَحَدٌ؛ بَلِ الأمْرُ كمَا قالَ اللهُ تَعَالَى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)؛ فَأَعِدُّوا عُدَّةَ الرَّحِيلِ قَبْلَ فَوَاتِ الْأَوَانِ، فِإنِّ الآجَالَ تَنْزِلُ بِلاَ اِسْتِئْذَانٍ، وَتَحُلُّ بِلاَ إِعْلَانٍ، فَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اللَّذَاتِ،ومُفرِّقِ الْجَمَاعَاتِ ، فاعْلَمْ بأن الْمَوْتَ آتِيكَ،فلاَ تَغْتَرَّ بِصِحَّتِكَ،ولا بِقُوَّتِكَ، ولا بِشَبَابِكَ،وفُتُوَّتِكَ؛ فَالْمَوْتُ لَا يُفَرِّقُ بينَ صَغِيرٍ وكَبِيرٍ، وَلَا بَيْنَ غَنِيٍ وَفَقِيرٍ، وَلَا بَيْنَ عَظِيمٍ وَحَقِيرٍ،ولا بينَ شَرِيفٍ وَوَضِيعٍ،وَلَا رَئِيسٍ وَ مَرْؤُوسٍ، وَلَا بَيْنَ صَحِيحٍ وَعَلِيلٍ ؛ فاِسْتَـعِدَّ لهُ بالعملِ الصَّالِحِ فَلا تَعْلَمُ - واللهِ - مَتَى يَفْجَؤُكَ الأَجَلُ .
قم في الدُّجَى واتْلُ الكتابَ ولا تَنــــمْ إلا كـنومـةِ حَـائِــــرٍ وَلْهَـــانِ
فلـرُبَّمَـا تـأتـِي الْمَنِيَّـةُ بغتــــــــةً فتُسَــاقُ مِنْ فُرُشٍ إِلَى أَكْفَـــــان

نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا حُسْنَ الْخَاتِمَة، ونقولُ كَمَا قَالَ حَسَّانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :
يَــــــــا رَبُّ فَاجْمَعْنَـــــــا مَعًا وَنَبِيَّنَا فِي جَنَّةٍ تُثْنـِي عُيُونَ الْـحُسَّـــــــــــــــــــدِ
فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ فَاكْتـُــبْـهَا لَـــــنَا يَا ذَا الْـجَلَالِ وَذَا الْعُلَا وَالسُّؤْدَدِ
اللَّهُمُّ اِحْمِ بِلادَنَا مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا،وَمَا بَطَنَ،وَسَائِرَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى،وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى،وَاِجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ،وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيَّا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ . اللَّهُمُّ اِهْدِ شَبَابَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ،وَاِجْعَلْهُمْ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لِآبَائِهِمْ،اللَّهُمُّ اِحْمِ نِسَاءَ الْإِسْلَامِ مِنَ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ،وَمُشَابَهَةِ أَهْلِ التَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ، اللَّهُمُّ ثَبِّتْنَا عَلَى دِينِكَ .

المرفقات

مَشْكُولَةٌ.docx

مَشْكُولَةٌ.docx

مَشْكُولَةٌ.pdf

مَشْكُولَةٌ.pdf

غير مشكولة.docx

غير مشكولة.docx

المشاهدات 2889 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا