(خطبة) واجب ولي الأمر تجاه بيته وقت الفتن

خالد الشايع
1441/02/19 - 2019/10/18 00:21AM

الخطبة الأولى ( واجب ولي الأمر تجاه أسرته وقت الفتن )   19/2/1441

أما بعد فيا أيها المؤمنون : اتقوا الله وراقبوه ، واعلموا أنكم عما قريب ملاقوه ، فاستعدوا ليوم تعنو الوجوه فيه للحي القيوم ، يوم يعرض فيه الناس لا تخفى منهم خافية ، فوالله إنه لجدير بالاستعداد ، وحقيق بالخوف ، وكفيل بالانسان أن يكثر من الدعاء أن يجعله ممن يأتيه بقلب سليم .

عباد الله : هكذا هي الدنيا ، فتن وهرج ومرج ، قل أن تصفو لأهلها ، خلطت الخير بالشر ، والفرح بالحزن ، والسعة بالضيق ، لا تصفو لأحد أبدا ، أبى الله أن يجعل الراحة إلا لأوليائه في جنته .

  • والمسلم في هذه الحياة وفي خضم أحداثها ، عليه واجبات يجب عليه القيام بها ، ومتى فرط فيها ، أوشك أن يكون من الهالكين ، ونحن في هذا الزمن كبرت المسؤولية على أولياء الأمور ، فقد فتحت أبواب الشر  ، وأصبح انحراف فلذات الأكباد أقرب إلى أحدهم من شراك نعله ، وهنا يأتي دور الولي العاقل ، الناصح المبصر ، الذي يحفظ وصية الله في من ولاه الله عليهم ، فيأخذ بأيديهم إلى بر الأمان ، فيبصرهم بالشر حتى لا يقعوا فيه ، ويبين لهم طريق الخير ليسلكوه ، فهو راع وكل راع سيسأل عن رعيته ، ومن مات وهو غاش لرعيته فالجنة عليه حرام ، كما صح في الأثر .

أيها المسلمون : نحن في زمن تكالبت فيه الشرور ، وفتحت أبواب الفتن على مصاريعها ، وأصبحت الفتنة والضلالة أقرب للعبد من شراك نعلة ، ولهذا وجب على الولي في هذا الزمن مالم يجب عليه من ذي قبل ، لأن الشر أعظم ، تجاه البنات والبنين ، ووالله إن الخطر عظيمٌ ، والناسَ في غفلة عظيمة إلا من رحم الله .

فالواجب على كل ولي استخدام جميع وسائل التربية والنصح ، ومشاركتهم العقول ، حتى إذا لم ينفع ذلك استخدم أسلوب الشدة ، ولا يترك الأمر مفتوحا ويستسلم للواقع ، فوالله إننا على يقين بأنها تيارات ستمر على الناس ، وتمضي فالثبات الثبات ، والصبر الصبر ، حتى تنكشف الغمة ، ويظهر الحق ، ويزول الظلام ، ويسطع النور .

أيها المؤمنون : إن ما نحن فيه من فتن  ، يذكرنا بفتنة الدجال ، التي تجتاح العالم في أربعين يوما ، ويضل الناس ، ولا يثبت إلا المؤمنون ، حتى إن الرجل ليخاف على نسائه أن يخرجوا إلى الدجال أخرج أحمد في مسنده من حديث بن عمر رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ بِمَرِّ قَنَاةَ - وادٍ بالمدينة - فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ "

ونحن في هذا الزمن قد يحتاج المسلم إلى منع نسائه بالقوة من الخروج لمواطن الفتن ، كما يمنعهن من الخروج إلى الدجال ، وإن كان الواجب علينا جميعا أن نستخدم أسلوب الحوار والمناقشة والإقناع ، ونربي على الخوف من الله ، ونغرس الدين والإيمان في القلوب ، وعندما لا ينفع ذلك نستخدم أسلوب القوة ، فإن أهل العلم ذكروا في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ) أن التغيير باليد هو للسلطان ولمن تحت يدك من أهل بيتك ممن ولاك الله أمرهم .

لنتحصن بالتوكل على الله ، والدعاء بالثبات ، وكثرة العبادات ، والصدق مع الله .

اللهم اعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ، أقول قولي هذا ...........

                                        الخطبة الثانية

أما بعد فيا أيها الناس : في آخر الزمن يكثر الخسف والمسخ والزلازل ، وذلك لكثرة المنكرات ، وقلة من ينكر .

أخرج الترمذي في جامعه من حديث عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، فقال رجل من المسلمين : يارسول الله ومتى ذلك ؟ قال : إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور

فأما الخسف : فهو ذهاب الشيء في الأرض، وأما المسخ : فهو تغيير الخلقة إلى أخرى أقبح . وأما القذف : فهو الرمي بالحجارة  .

فإذا كثرت المعاصي في الأرض، وعم الفساد يبدأ الهلاك العام بالحصول، ويبدأ الموت الكبير بالوقوع، ولو كان هنالك صالحون يعمهم العذاب لأنهم لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، فإذا صاروا مصلحين استثناهم الله من العذاب، وقد جاء هذا الوعيد أي الخسف والمسخ والقذف لأناسٍ من أهل المعازف والغناء وشُرّاب الخمور، وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الراعي لديهم يعود إليهم وقد باتوا على لهوٍ ولعبٍ وقيانٍ يعني مغنيات، فيجدهم قد مسخوا، وبدل الله صورهم صور القردة والخنازير، وهذا الاسترسال في الحرام قد وقع منه الآن أشياء كثيرة جداً، فأما الزلازل فقد قال أهل العلم : أنها قد وقع منها الشيء كثير فيما تقدم، وهلك بسببها خلق كثير، وقال القرطبي: وقع بعضها بعراق العجم والمغرب. وهلك، بسببها خلق كثير .

وأما الغناء والرقص وشرب الخمور ، فحدث ولا حرج والعياذ بالله ، فأركان وقوع العقوبة قد تمت ، نسأل الله العافية والسلامة

معاشر المؤمنين : نحن في آخر الزمن ، وقد كثرت الفتن ، وتسلط الأعداء ، فالواجب على المسلم أن يطبق ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري قال صلى الله عليه وسلم ( من رآى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) وفي رواية وليس وراء ذلك حبة من إيمان .

وقال أهل العلم إن من لوازم إنكار المنكر بالقلب ، مفارقة المكان ، وعدم حضور المنكر ، ونحن في هذا الزمن لا يملك المسلم إلا الإنكار بالقلب ، ومجانبة أماكن المنكر ، وكراهية ذلك بالقلب ، حتى تنكشف الغمة وينتصر العفاف .

اللهم ارفع راية العفة والعفاف ، ونكس راية التغريب يارب العالمين

المشاهدات 1639 | التعليقات 0