خطبة واجبنا نحو القرآن الكريم للشيخ سعد الشهاوى

الدكتورسعد الشهاوى
1437/05/01 - 2016/02/10 19:20PM
خطبة واجبنا نحو القرآن الكريم للشيخ سعد الشهاوى

العناصر:
القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة.
منزلة القرآن الكريم وفضائله.
منزلة أهل القرآن الكريم في الدنيا والآخرة
تأثير القرآن الكريم على القلوب والأرواح والنفوس
واجب المسلمين نحو القرآن الكريم.
أ- تعظيمه وقراءته وتدبر آياته
ب- الأدب مع القرآن ، والتخلق بأخلاقه.
ج – العمل بأوامره ونواهيه.

القرآن الكريم معجزة الإسلام الخالدة.
إن القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الكبرى في كل زمان فهو كلام الله جل وعلا، وهذا أعظم دليل على إعجاز القرآن، فمصدرية القرآن دليل على إعجازه فهو كلام الله الذي يصل فضله على كل الكلام كفضل الله على كل الخلق ولذلك تحدى الله به البشرية عامة وتحدى به المشركين خاصة وما زال التحدي قائماً إلى يوم القيامة فعجِز الإنسُ والجنُّ مجتمعين ومتفرقين عن الإتيان بمثلِه،قال تعالى: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88) (سورة الإسراء) وقوله تعالى:[FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاَّ يُؤْمِنُون* فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِين [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] (سورة الطور، الآيتان: 33، 34) فلما عجزوا عن الإتيان بقرآن مثله خفف الله التحدي إلى عشر سور فقط فقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (13) (سورة هود ) فعجزوا عن الإتيان بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ فخفف الله التحدي إلى أقل درجاته فتحداهم أن يأتوا بسورة واحدة من مثل سور القرآن الجليل فعجزوا قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (38) (سورة يونس). وقال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * ) (23) (سورة البقرة.) وقد سمع هذا التحدِّي من سمع القرآن وعرفه الخاص والعام،ولم يتقدم أحد على أن يأتي بسورة مثله من حين بعث النبي صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلى هذا اليوم وإلى قيام الساعة، والقرآن يشتمل على آلاف المعجزات؛ لأنه مائة وأربع عشرة سورة، وقد وقع التحدي بسورة واحدة، حتى لوأقصر سورة في القرآن سورة الكوثر، وهي ثلاث آيات قصار، والقرآن يزيد بالاتفاق على ستة آلاف آية ومائتي آية، ومقدار سورة الكوثر من آيات أو آية طويلة على ترتيب كلماتها له حكم السورة الواحدة،ويقع بذلك التحدي والإعجاز؛ ولهذا كان القرآن يُغني عن جميع المعجزات الحسِّية والمعنوية؛ لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد،
فعجِز الإنسُ والجنُّ عن أن يأتُوا بمثلِه قال سبحانه (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (24) (سورة البقرة.)وقال سبحانه:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].

ولقد أنزله الله تعالى على قلب النبي (صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) هداية للناس إلى الطريق المستقيم ، ينير به الحياة ، ويهديَ به الحيارى ، فهو دستور المسلمين ، به تحيا القلوب ، وبه تَزْكُو النفوس ، وبه تتهذب الأخلاق ، يقول سبحانه :{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[البقرة:1-3] ، ويقول عز وجل : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء: 9] ، من تمسك به نجا من الفتن ، إنه روح المؤمن ونور هدايته ، قال تعالى:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}[الشورى: 52، 53].

ومن جمال نوره سمعه فريق من الجن فآمنوا به وعظموه فاهتدوا به إلى الصراط المستقيم ، ثم ولوا إلى قومهم منذرين ، كما حكي القرآن الكريم ، يقول سبحانه:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[ الأحقاف : 29-32].

وإذا كان هذا حال الجن مع القرآن الكريم فإن للملائكة أيضًا حالاً معه ، فعَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ البَقَرَةِ، وَفَرَسُهُ مَرْبُوطَةٌ عِنْدَهُ، إِذْ جَالَتِ الفَرَسُ فَسَكَتَ فَسَكَتَتْ، فَقَرَأَ فَجَالَتِ الفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الفَرَسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَالَتِ الفَرَسُ فَانْصَرَفَ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى مَا يَرَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ: اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، قَالَ: فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ المَصَابِيحِ ، فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ أَرَاهَا، قَالَ: «وَتَدْرِي مَا ذَاكَ؟»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «تِلْكَ المَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لَأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا ، لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ» (صحيح البخاري). هكذا يكون أثر القرآن حين يتلى.
وفى رواية عن أسيد بن حضير رضي الله عنه أنه كان يقرأ وهو على ظهر بيته، وهو حسن الصوت، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بينا اقرأ إذ غشيني شيء كالسحاب والمرأة في البيت والفرس في الدار فتخوفت أن تسقط المرأة وتنفلت الفرس فانصرفت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرأ يا أسيد فإنما هو ملك استمع القرآن.أخرجه عبد الرزاق: 4182، 2/486، والحاكم في المستدرك: 5259، 3/326، والطبراني في الكبير: حديث/ 563، 1/207. ]صحيح[.

وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَاْلَ : كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ فَجَعَلَتْ تَدْنُواْ مِنْهُ ، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ مِنْهَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلَكَ فَقَاْلَ : ( تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرآنِ ) رواه البخاريّ (4724) ومسلم (795) .
- الشَّطَنُ : الْحَبْلُ الْقَوِيُّ .

إنه كلام الله (عز وجل) الذي لا تنقضي عجائبه ، تكفل الله تعالى بحفظه من التحريف والتبديل ، فقال :{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9] ، من ابتغى الهُدى فى غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم،وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعَّب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يملّه الأتقياء، ولا يخلق على كثرة الردِّ، ولا تنقضي عجائبه، من عَلِم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجِر، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم (انظر: الترمذي، برقم 2906، وكل ما جاء في هذا الأثر فمعناه صحيح حتى ولو لم يأتِ في حديث، لكن المعنى تدل عليه عموم الأدلة من الكتاب والسنة.).
جعله الله – عز وجل- رحمة وشفاء ، فقال سبحانه :{وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء: 82] ، وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَنِ النَّبِيِّ (صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) قَالَ: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ فَاقْبَلُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ حَبْلُ اللَّهِ ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ عِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنْ تَبِعَهُ، لَا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ، وَلَا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلَا يَخْلَقُ مِنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، اتْلُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلَاوَتِهِ كُلَّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ وَلَامٌ وَمِيمٌ) (مستدرك الحاكم).

منزلة القرآن الكريم وفضائله.
رفع الله منزلته فوصفه بأجل الصفات ، وذكره بأعظم الأسماء ؛ ليعلم الناس قدره وعظمته، فله صفات عظيمة يعجز البشر عن حصرها،ولكن منها الصفات الآتية: فوصفه الله تعالى كتاب عام للعالمين قال تعالى : [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] سورة الفرقان، الآية: 1.ووصفه الله تعالى بقوله:{كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}[هود:1]، وقوله :{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 41، 42]، إلى غير ذلك من الصفات التي تدل على عظمته ومنزلته وقدره.
ولقد أخبرنا النبي (صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) بفضائل كثيرة للقرآن الكريم تعود بالنفع على الإنسان في الدنيا والآخرة ، من هذه الفضائل:الخيرية لأهله ، لحديث عُثْمَان بن عفان (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَنْ النَّبِيِّ (صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) قَالَ : (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) (صحيح البخاري)...والشفاعة لصاحبه ، لحديث أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ (رضي الله عنه) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) يَقُولُ: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ) (صحيح مسلم).والقرآن يشهد لصاحبه يوم القيامة،ويدخل السرور عليه؛لحديث بريدة عن أبيه رضى الله عنه،قال:قال رسول الله صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ :((يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب،فيقول:أنا الذي أسهرت ليلك وأظمأت نهارك))(الشاحب: متغيِّر اللون، والجسم العارض: من سفرٍ، أو مرضٍ، أو نحوهما. [النهاية في غريب الحديث وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، 3/239، والحاكم، وصححه. وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ((حسن لغيره)).
وذكر السندي رحمه الله: أن القرآن: ((كأنه يجيء على هذه الهيئة؛ ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا، أو للتنبيه له على أنه كما تغيَّر لونه في الدنيا؛ لأجل القيام بالقرآن كذلك القرآن؛ لأجله في السعي يوم القيامة حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة))( شرح السندي على سنن ابن ماجه، 4/ 238، المطبوع مع سنن ابن ماجه.).

وعنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَان رضى الله عنه قَاْلَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ : ( يُؤْتَى بِالْقُرآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُواْ يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ – وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَلاَثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ قَاْلَ - كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ، أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِن طَيْرٍ صَوَّافِ تُحَاجَّانِ عَن صَاحِبِهِمَا ) رواه مسلم .
- الْغَمَامَةُ : كُلُّ شَيءٍ أَظَلَّ الإِنْسَانَ فَوْقَ رَأْسِهِ .
- فِرْقَانِ : جَمَاعَتَانِ ، أَوْ فِرْقَتَانِ .

يرفع الله بالقرآن العاملين به، ويضع من أعرض عنه؛ فعن نافع بن عبد الحارث أنه لقي عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة، فقال عمر: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى قال عمر: ومن ابن أبزى؟ قال: مولىً من موالينا، قال عمر: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله [FONT="][FONT="]U[/FONT][/FONT] ، وإنه عالمٌ بالفرائض، قال عمر: أما إنَّ نبيكم صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قد قال: ((إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَاْ الْكِتَابِ أقْوامَاً ويَضَعُ بِهِ آخَرِين ))( مسلم برقم 817.).
وكان عليه الصلاة والسلام يستعرض السرية من الصحابة فيقول لأحدهم: {كم معك من القرآن؟ قال أحدهم: أحفظ سورة البقرة، قال: اذهب فأنت أميرهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وهم ذو عدد فاستقرأهم فاستقرأ كل رجل منهم ما معه من القرآن فأتى على رجل منهم من أحدثهم سنا، فقال: ما معك يا فلان قال معي كذا وكذا وسورة البقرة، قال: أمعك سورة البقرة، فقال: نعم قال فاذهب فأنت أميرهم، فقال رجل من أشرافهم: والله يا رسول الله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا خشية ألا أقوم بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلموا القرآن فاقرؤه وأقرئوه فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشو مسكا يفوح بريحه كل مكان، ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب وكئ على مسك.)أخرجه الترمذي:وقال: حديث حسن، والنسائي في الصغرى ] حسن[.فقرب الناس من الرسول عليه الصلاة والسلام كان بالقرآن، وحبه لهم كان لصلتهم بالقرآن، وكثرة تلاوة الصحابة للقرآن؛ كانت تقربهم إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ونحن كذلك لو واظبنا عليها.وصح من حديث جابر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو بالشهداء في أحد فيقول: {أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فيقولون: هذا، فيقدمه إلى القبلة ثم من بعده، ثم يصلي عليهم }......فعَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِن قَتْلَى أُحُدٍ في ثَوْبٍ وَاْحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ : أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذَاً لِلْقُرآنِ ؟ فَإِذَاْ أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ في الَّلحْدِ وَقَاْلَ : أَنَاْ شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ ) رواه البخاريّ

وكان النبى يزوج الشباب بحفظهم للقرآن فكأنه مهرا للعروسة إذا كان عريسها لا يملك شيئا عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت: إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فقال ما لي في النساء من حاجة، فقال رجل: زوجنيها، قال: أعطها ثوبا، قال: لا أجد، قال: أعطها ولو خاتما من حديد، فاعتل له، فقال: ما معك من القرآن: قال: كذا وكذا قال فقد زوجتكها بما معك من القرآن.)أخرجه البخاري والترمذي والنسائي وأبو داود وغيرهم
ومن إجلال الله إكرام حامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه؛ لحديث أبي موسى الأشعري رضى الله عنه قال: قال رسول الله صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ((إنَّ من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط))( أبو داود، كتاب الأدب، باب في تنزيل الناس منازلهم، برقم 4843، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 3/189.

والأجر العظيم لقارئه من قرأ حرفاً فله به عشر حسنات؛ لحديث عَبْد اللهِ بْن مَسْعُودٍ رضى الله عنه، قَاْلَ : قَاْلَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ( مَن قَرَأَ حَرْفَاً مِن كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، لا أَقُولُ : " ألــم " حَرْفٌ ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ) " صحيح " رواه الترمذيّ وصححه الألبانيّ . وقد عدَّ بعض العلماء أحرف القرآن الموجودة في المصحف في القراءة الموجودة، فكان عدد حروفه ((ثلاثمائة ألف حرف وأحد عشر ألفاً ومئتان وخمسون حرفاً، وحرف (311250)))( التذكار في أفضل الأذكار، للإمام محمد بن أحمد بن فرح القرطبي الأندلسي، المتوفى سنة 671، ص23.)،فانظر كم لمن قرأ هذه الأحرف من الأجر العظيم، والثواب الكثير.

الحفظ للبيوت العامرة بقراءته ، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) قَالَ: (لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ) (صحيح مسلم).
مَن قَرَأَ الْقُرآنَ فَقَدِ اسْتَدْرَجَ النُّبُوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروِ بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَاْلَ : قَاْلَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ( مَن قَرَأَ الْقُرآنَ فَقَدِ اسْتَدْرَجَ النُّبُوَّةَ بَيْنَ جَنْبَيْهِ غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُوحَى إِلَيْهِ ، لاَ يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرآنِ أَنْ يَجِدَّ مَعَ جَدٍّ ، وَلاَ يَجْهَلَ مَعَ جَهْلٍ وَفي جَوْفِهِ كَلاَمُ اللهِ تَعَالَى ) " صحيح " رواه الحاكم (2028) .
- أَيْ : لاَ يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرآنِ أَنْ يَغْضَبَ وَيَشْتُمَ وَيَسُبَّ وَيَذُمَّ غَيْرَهُ ، لأَنَّ في قَلْبِهِ كَلاَمُ اللهِ

البيت الذي يقرأ فيه القرآن تحصل فيه الخيرات والبركات ويحفظ الله تعالى أهل هذا البيت من كل سوء عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنه كَانَ يَقُولُ : إِنَّ الْبَيْتَ لَيَتَّسِعُ عَلَى أَهْلِهِ وَتَحْضُرُهُ الْمَلائِكَةُ وَتَهْجُرُهُ الشَّيَاطِينُ وَيَكْثُرُ خَيْرُهُ أَنْ يُقْرَأَ فِيهِ الْقُرْآنُ وَإِنَّ الْبَيْتَ لَيَضِيقُ عَلَى أَهْلِهِ وَتَهْجُرُهُ الْمَلائِكَةُ وَتَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ وَيَقِلُّ خَيْرُهُ أَنْ لا يُقْرَأَ فِيهِ الْقُرْآنُ ))رواه الدارمي في فضائل القرآن ورجاله ثقات موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة علي بن نايف الشحود
وعَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : " الْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ تَحْضُرُهُ الْمَلائِكَةُ ، وَتَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيَاطِينُ ، وَيَتَّسِعُ بِأَهْلِهِ وَيَكْثُرُ خَيْرُهُ، وَالْبَيْتُ الَّذِي لاَ يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ تَحْضُرُهُ الشَّيَاطِينُ ، وَتَخْرُجُ مِنْهُ الْمَلائِكَةُ ، وَيَضِيقُ بِأَهْلِهِ وَيَقِلُّ خَيْرُهُ " (مصنف ابن أبي شيبة).
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ) الْبَيْتُ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ يتراءى لِأَهْلِ السَّمَاءِ، كَمَا تتراءى النُّجُومُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ (رواه البيهقي رحمه الله في " شعب الإيمان " و جلال الدين السيوطي في الحبائك في أخبار الملائك والحديث إسناده ضعيف
إلى غير ذلك من الفضائل التي لا تنتهي

منزلة أهل القرآن الكريم في الدنيا والآخرة
التالي لكتاب الله العامل به يُوفَّى أجره ويزيده الله من فضله؛ لقوله تعالى: [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ الله وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُور * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] (سورة فاطر، الآيتان: 29- 30.).

مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجّة؛ لحديث أبي موسى الأشعري رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ((مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لا يَقْرَأُ الْقُرآنَ، كَمَثَلِ التَّمْرَةِ ، لا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِيْ يَقْرَأُ الْقُرآنَ، كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الذي لا يَقْرَأُ الْقُرآنَ ، كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ(الحنظلة: واحد الحنظل، وهو نبات معروف شديد المرارة، له فوائد طبية عديدة. [انظر: تاج العروس، مادة ((حنظل))].) لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ ) رواه البخاريّ ومسلم.
والأُتْرُجَّة: ثمرة طيِّبة المذاق، طيِّبة الريح، ويبدو أنها غالية الثمن. وثمره كالليمون الكبَار ، وهو ذهبّي اللون ، ذكيُّ الرائحة ، حامض الماء .
وحافظ القرآن العامل به من أهل الله وخاصته ؛ لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (رضي الله عنه) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) : “إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ"[سنن ابن ماجه وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، وفي صحيح الترغيب والترهيب]، فقارئ القرآن منتسب إلى الله- تعالى- ، فما أعظمه من شرف ، وبقدر ما يحفظ الإنسان من القرآن يكون الشرف والمنزلة، فأهل القرآن يرفع الله قدرهم بين العباد. (وأهل الله وخاصته؛ أي أولياؤه المختصون به) .
والماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة؛ لحديث أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَـــائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَاْلَتْ : قَـاْلَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ( المَاهِرُ بِالْقُرآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاْقٌّ فَلَهُ أَجْرَانِ ) روه مسلم (789) . (السفرة الكرام البررة: السفرة: جمع سافر، ككاتب وكتبة، والسافر: الرسول، والسفرة: الرسل؛ لأنهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل: السفرة: الكتبة، والبررة: المطيعون، من البر، والماهر: الحذق الكامل الحفظ، الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة لجودة حفظه. [شرح النووي على صحيح مسلم، وقيل: (السفرة: هم الملائكة). [النهاية 2/371].) فالماهر أجره أكثر،وأفضل،وأما الذي يتتعتع فيه:فهو الذي يتردَّد فيه لضعف حفظه،فله أجران:أجر بالقراءة،وأجر بتعتعته في قراءته ومشقته))( قال القاضي: ((يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقاً للملائكة السفرة لا تصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى، ويحتمل أن يراد: أنه عامل بعملهم،وسالك مسلكهم)).[شرح النووي، 6/332].).

ويُحلَّى صاحب القرآن بتاج وحُلَّة الكرامة ويرضى الله عنه؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَاْلَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَاْلَ : ( يَجِئُ الْقُرآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ : يَا رَبِّ حَلِّهِ ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ زِدْهُ ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ : يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ ، فَيَرْضَى عَنْهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ وَارْقَ ، وَتُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً ) " صحيح " رواه الترمذيّ وقال:حسن صحيح. وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي0

وحافظ القرآن له درجات في الجنة بقدر تلاوته ويقرأ في الجنة أيضا ، لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروِ بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَاْلَ : قَاْلَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ( يُقَاْلُ لِصَاحِبِ الْقُرآنِ : اقْرَأْ ، وَارْقَ ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) "(سنن أبي داود ورواه الترمذيّ وقال: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

بل وربما قرأ في قبره كما كان يقرأ في الدنيا فعَنْ أَبِى الْجَوْزَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:ضَرَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النبي صلى الله عليه وسلم خِبَاءَهُ( خيمته)عَلَى قَبْرٍ وَهُوَ لاَ يَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الذي بِيَدِهِ الْمُلْكُ حَتَّى خَتَمَهَا فَأَتَى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى ضَرَبْتُ خِبَائِى عَلَى قَبْرٍ وَأَنَا لاَ أَحْسِبُ أَنَّهُ قَبْرٌ فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبَارَكَ الْمُلْكُ حَتَّى خَتَمَهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هِىَ الْمَانِعَةُ هِىَ الْمُنْجِيَةُ تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.)أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقال الشيخ الألباني : ( ضعيف )

حامل القرآن يُعطَى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويُوضَع على رأسه تاج الوَقار، ويُكسَى والداه حلتين لا تقوم لهما الدنيا وما فيهما؛ لحديث أبي هريرة رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ((يَجِيءُ القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه: هل تعرفني؟ أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظمئ هواجرك، وإنَّ كلّ تاجر من وراء تجارته، وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر، فَيُعطَى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويُوضَع على رأسه تاج الوقار، ويُكسى والداه حلتان لا تقوم لهما الدنيا وما فيهما، فيقولان: يا ربِّ أنَّى لنا هذا؟ فيُقال لهما: بتعليم ولدكما القرآن))( أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط وذكر طرقه الألباني، وشاهد عن بريدة بتمامة عند ابن أبي شيبة، وأخرجه الدارمي أيضاً مطولاً عن بريدة، ، قال الألباني عن حديث أبي هريرة في سلسلة الأحاديث الصحيحة، الحديث حسن أو صحيح؛ لأن له شاهداً من حديث بريدة بن الحصيب مرفوعاً بتمامة..)). [

وفى رواية عَن بُرَيْدَةَ رضى الله عنه قَاْلَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الْقُرآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ ، فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِيْ ؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ !! فَيَقُولُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ في الْهَوَاْجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ ، وإنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِن وَرَاْءِ تِجَارَتِهِ وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِن وَرَاْءِ كُلِّ تِجَارَةٍ ، فَيُعْطَى المُلْكَ بِيَمِينِهِ ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ ، وَيُكْسَى وَاْلِدَهُ حُلَّتَيْنِ لا يُقوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا ، فَيَقُولانِ : بِمَ كُسِينَا هَذَاْ ؟ فَيُقَاْلُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرآنَ ، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ : اقْرَأْ، وَاصْعَدْ في دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا . فَهُوَ في صُعُودٍ مَاْدَاْمَ يَقْرَأُ هَزَّاً كَاْنَ أَوْ تَرْتِيلاً ) "حسن " رواه أحمد (23000) .

عَن بُرَيْدَةَ رضى الله عنه قَاْلَ : قَاْلَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : ( مَن قَرَأَ الْقُرآنَ ، وَتَعَلَّمَهُ ، وَعَمِلَ بِهِ أُلْبِسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَاجَاً مِنْ نُورٍ ضَوْؤُهُ مِثْل ضَوْءِ الشَّمْسِ ، وَيُكْسَى وَاْلِدَيْهِ حُلَّتَانِ لا يُقوَّمُ بِهِمَا الدُّنْيَا ، فَيَقُولاَنِ : بِمَ كُسِينَا؟ فَيُقَاْلُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرآنَ ) " صحيح " رواه الحاكم وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب2/169].

تأثير القرآن الكريم على القلوب والنفوس والأرواح
القرآن العظيم مُؤثِّر في القلوب والنفوس والأرواح؛ لأنه كلام العليم الخبير بما يصلح هذه القلوب والنفوس في الدنيا والآخرة، ومن هذا التأثير ما يأتي: تأثيره على علماء أهل الكتاب وغيرهم من أهل العقول، قال الله تعالى: [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الـْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِين [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] سورة المائدة، الآية: 83.
وقال تعالى (الذين أوتوا العلم من قبله يتأثَّرون به، قال الله تعالى: [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] سورة الإسراء، الآيات: 107- 109.
وكذلك الذين أنعم الله عليهم إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خرُّوا سُجَّداً وبُكِيّاُ: قال تعالى: [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] سورة مريم، الآية: 58.
والتأثر بالقرآن من علامات الإيمان ، قال تعالى: [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] إِنَّمَا الـْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] سورة الأنفال، الآيتان: 2- 3..
المُؤمنون الصادقون في إيمانهم، الخائفون من ربهم تقشَعِرُّ جلودهم عند قراءة القرآن، قال سبحانه: [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الـْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَاد [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] سورة الزمر، الآية: 23.
الصادقون مع الله تخشع قلوبهم لذكر الله، قال [FONT="][FONT="]U[/FONT][/FONT]: [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله وَمَا نَزَلَ مِنَ الـْحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُون [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] سورة الحديد، الآية: 16. فعن عامر بن عبد الله بن الزبير أن أباه أخبره أنه لم يكن بين إسلامهم وبين أن أنزلت هذه الآية يعاتبهم الله بها إلا أربع سنين(ابن ماجه، كتاب الزهد، باب الحزن والبكاء، برقم 4192، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 3/369.
ولقد ضرب لنا رسول الله (صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ) المثل الرائع في التأثر بالقرآن والتجاوب مع آياته الكريمة وجاءت الأحاديث تدل على خشوع النبي صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وتأثُّره بقراءة القرآن الكريم ومن ذلك:
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تلا قول الله [FONT="][FONT="]U[/FONT][/FONT] في إبراهيم:[FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT]رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي[FONT="][FONT="]/FONT][/FONT] (سورة إبراهيم، الآية: 36) الآية، وقال عيسى [FONT="][FONT="]u[/FONT][/FONT]: [FONT="][FONT="[/FONT][/FONT] إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لـَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الـْحَكِيم [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] (سورة المائدة، الآية: 118.) الآية. فرفع يديه وقال: ((اللهم أمتي أمتي))، وبكى فقال الله [FONT="][FONT="]U[/FONT][/FONT]: ((يا جبريل اذهب إلى محمد وربُّك أعلم فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل [FONT="][FONT="]u[/FONT][/FONT] فسأله، فأخبره رسول الله صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بما قال وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل! اذهب إلى محمد فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك))( مسلم برقم 202.).
وعن أبي ذر رضى الله عنه ،قال:قام النبي صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بآية حتى أصبح يردِّدها،والآية: [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT]إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لـَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الـْحَكِيم[FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] (سورة المائدة، الآية: 118.) (أخرجه: النسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه البوصيري في مصباح الزجاجة، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه.

وأَمَرَ النبيُّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أن يُقرأ عليه القرآن فبكى لسماعه ،فعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه، قال:قال لي رسول الله صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ :((اقرأ عليَّ القرآن))،قال:فقلت:يا رسول الله أأقرأ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ فقال: ((إني أشتهي أن أسمعه من غيري))، وفي لفظ للبخاري: ((فإني أحب أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي))، فَقَرَأْتُ عليه النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} (سورة النساء الآية: 41)، } قَالَ لِي: كُفَّ، – أَوْ أَمْسِكْ- فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَان»وفي لفظ للبخاري: ((فقال حسبك الآن))، فرفعت رأسي، أو غمزني رجلٌ فرفعت رأسي، فرأيت دموعه تسيل))متفق عليه: البخاري ومسلم

وعن عائشة رضي الله عنها في حديث طويل ذكرت فيه صلاة النبي صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بالليل وأنه بكى مرات،قالت:((فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي،قال:يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟قال:((أفلا أكون عبداً شكوراً؛لقد نزلت عليَّ الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها [FONT="][FONT="]][/FONT][/FONT] إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ... [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] (سورة آل عمران، الآية 190) الآية كلها(ابن حبان في صحيحه، برقم 620، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان: ((إسناده صحيح على شرط مسلم))، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 86: ((وهذا إ سناد جيد)).).

وعن ثابت عن مطرف بن عبد الله الشخير عن أبيه عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي وبصدره أزيز كأزيز المرجل البيهقى في شعب الإيمان ج2/ص362(2049)وفى لفظ (كأزيز الرحا من البكاء )

ولو تأملنا حال الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) مع القرآن الكريم لوجدنا أنهم لم يكتفوا بالقراءة أو الاستماع فقط ، بل قرأوا وتدبروا ، فتعلقت به قلوبهم ، وارتبطت به نفوسهم ، فكانوا يطبقونه قولاً وعملاً ، يأتمرون بأوامره ، ويبتعدون عن نواهيه ، لذلك بلغوا ما بلغوه من الفضائل والرفعة بفضل العمل بالقرآن الكريم ، واستجابة لأوامره ، لقد حفظ سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) سورة البقرة في ثماني سنوات ليس لبطء في حفظه ولكن لأنه كان يحرص على العلم والعمل معًا ، يقول أبو عبد الرحمن السلمي (رضي الله عنه): «كُنَّا إِذَا تَعَلَّمْنَا الْعَشْرَ مِنَ الْقُرْآنِ لَمْ نَتَعَلَّمِ الْعَشْرَ الَّتِي بَعْدَهَا حَتَّى نَتَعَلَّمَ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا وَأَمْرَهَا وَنَهْيَهَا» [مصنف عبد الرزاق].

كانت الآية تنزل فيقرأها النبي فتتحول فى التو واللحظة إلى واقع ... وكان الصحابة الكرام (رضي الله عنهم أجمعين) يفقهون آيات القرآن الكريم ويتعايشون معها وجدناهم يسارعون إلى طاعة أوامر الله (عز وجل) واجتناب نواهيه ، فقد كان الصحابة فى المدينة يشربون الخمر ولم تحرم بعد، فلما دخل صحابي عليهم، وكؤوس الخمر بينهم نزلت آيات النهي عن شرب الخمر ونادي منادٍ : " ألا إن الخمر قد حُرِّمَت" وقرأ عليهم قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (90) سورة المائدة. فلما قرأ الآية عليهم تجاوبوا جميعًا مع القرآن والله ما أكمل صحابي جرعة الخمر في يده ما قال: نكمل هذه الجرار، وهذه الكؤوس وننتهي لا بل كان من في يده شيء من الخمر رماه ، والذي كان في فمه شربة مجَّها ، والذي كان عنده خمر في أوان أراقها، استجابة لأوامر القرآن الكريم ، وقام أنس بن مالك فسكب آنية وجرار الخمر وسكب الصحابة الخمر في الشوارع حتى سالت في طرقات المدينة وامتلأت بها سكك المدينة وقالوا انتهينا يا ربنا ، وقالوا على لسان رجل واحد: { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (285) سورة البقرة.
وكذلك حين نزل قول الله تعالى:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}[آل عمران: 92] قام سيدنا أبو الدحداح إلى أجمل حديقة عنده وأحبها إليه وتصدق بها، ومن هنا استطاع الصحابة الكرام (رضي الله عنهم) حفظ كتاب الله لأنه لم يكن بالنسبة لهم مجرد كلمات ؛ بل كان منهجًا تربويًّا سلوكيًّا إيمانيًّا ظهر في تعاملاتهم فيما بينهم؛ بل ومع غيرهم.

إن شأن المؤمن أن يتفاعل كيانه كله مع كلام الله (عز وجل)، يقول الله تعالى: ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(23)))((الزمر23)) فكانوا إذا سمعوا القران اقشعرت جلودهم ولانت قلوبهم إلى الله رب العالمين كانوا إذا مروا بآيات فيها ذكر النار صرخوا منها خوفا كأن النار خلقت لهم وكأن الآخرة أمام أعينهم
وعن عبد الله بن عروة بن الزبير قال قلت لجدتي أسماء كيف كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا القرآن قالت تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم كما نعتهم الله (البيهقى فى شعب الإيمان ج2/ص365رقم(2062)

وذُكِر أنه قدم أُناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق رضى الله عنه، فجعلوا يقرؤون القرآن ويبكون فقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه: ((هكذا كنَّا))( ذكره النووي في التبيان في آداب حملة القرآن، ص69.).

وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ذُكِر عنه أنه صلى بالجماعة صلاة الصبح، فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته، وفي رواية: أنه كان في صلاة العشاء، فيدل على تكريره منه، وفي رواية أنه بكى حتى سُمِعَ بكاؤه من وراء الصفوف(ذكره النووي في التبيان في آداب حملة القرآن، ص69.).
ويقول عبد الله بن شداد بن الهاد سمعت نشيج عمر بن الخطاب وأنا في آخر الصفوف في صلاة الصبح يقرأ من سورة يوسف يقول إنما أشكو بثي وحزني إلى الله )البيهقى في شعب الإيمان ج2/ص364(2057)
وعن علقمة بن وقاص قال صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه عشاء الآخر فقرأ بسورة يوسف فلما أتى على ذكر يوسف نشج عمر حتى سمعت نشيجه وإني لفي آخر الصف) (البيهقى في شعب الإيمان ج2/ص364(2058)
وعن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر أن عمر قرأ سورة مريم فسجد ثم قال هذا السجود فأين البكاء) البيهقى في شعب الإيمان ج2/ص365(2059)

قال البيهقى في شعب الإيمان وروينا في فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الحسن قال كان عمر بن الخطاب يمر بالآية في ورده فتخيفه فيبكي حتى يسقط ويلزم بيته اليوم واليومين حتى يعاد ويحسبونه مريضا (البيهقى في شعب الإيمان ج2/ص364(2056)

وهذا أبيّ بن كعبرضى الله عنه عن أنس بن مالك رضى الله عنه:أن رسول الله صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قال لأبيّ بن كعب: ((إن الله [FONT="][FONT="]U[/FONT][/FONT] أمرني أن أقرأ عليك))، قال: آلله سمَّاني لك؟ قال: ((الله سمَّاك لي))، قال فجعل أُبيّ يبكي))، وفي رواية: ((إن الله أمرني أن أقرأ عليك: ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [FONT="][FONT="][[/FONT][/FONT] (سورة البينة، الآية: 1.) قال: وسمَّاني لك؟ قال: ((نعم)) قال: فبكى) رواه مسلم

وهذا ابن عباس عن بن أبي مليكة قال سمعت بن عباس من مكة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة وكان يصلي ركعتين فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن يقرأ حرفا حرفا ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب ويقرأ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) البيهقى في شعب الإيمان ج2/ص365و ص366 (2061)

وهذا رجل أعرابي جلس أمام النبي صلى الله عليه وسلم وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ (إذا زلزلت الأرض زلزالها)، والرجل يسرح في معاني الآيات حتى وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر السورة(( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)) (سورة : الزلزلة آية رقم : 7) فقال الأعرابي : يا رسول الله ، أمثقال ذرة ؟ قال : « نعم » . فقال الأعرابي : واسوأتاه . مرارا ، ثم قام وهو يقولها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لقد دخل قلب الأعرابي الإيمان» فضائل القرآن للقاسم بن سلام رقم (450)

وهذا ثابت عن حماد قال كان ثابت يقرأ بتلك الآية(( أكفرت بالذي خلقك من تراب )) وهو يصلي صلاة الليل ينتحب ويرددها) البيهقى في شعب الإيمان ج2/ص366(2063)

وهذا الفضيل قال بشر بن الحكم النيسابوري كانت امرأة الفضيل تقول لا تقرؤا عند إبني بالقرآن قال بشر وكان إذا قرئ عنده القرآن غشى عليه قال بشر وكان بن الفضيل لا يقدر على قراءة القرآن فقال لأبيه يا أبة ادع الله لعلي استطيع أن أختم القرآن مرة واحدة ) البيهقى في شعب الإيمان ج2/ص366(2064)

وهذا الأصمعي يقول أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة وبينما أنا في بعض سككها إذ أقبل أعرابي جلف جاف على قعود له متقلدا سيفه وبيده قوس فدنا وسلم وقال ممن الرجل فقلت من بني الأصمع فقال لي أنت الأصمعي قلت نعم قال من أين أقبلت قلت من موضع يتلى كلام الرحمن فيه قال أو للرحمن كلام يتلوه الآدميون فقلت نعم يا أعرابي فقال أتل علي شيئا منه فقلت انزل من قَعُودك(القَعُودُ : صغير الإبل إلى أن يبلغ السَّادسة من عمره ) فنزل وابتدأت بسورة الذاريات ذروا حتى انتهيت إلى قوله تعالى (وفي السماء رزقكم وما توعدون) سورة الذاريات اية22
قال الأعرابي يا أصمعي هذا كلام الرحمن قلت إي والذي بعث محمدا بالحق إنه لكلامه أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال لي حسبك فقام إلى ناقته فنحرها بسيفه وقطعها
المرفقات

واجبنا نحو القرآن الكريم للشيخ سعد الشهاوى.doc

واجبنا نحو القرآن الكريم للشيخ سعد الشهاوى.doc

المشاهدات 1503 | التعليقات 0