خطبة ( هَل أنْتَ مَحْبُوبٌ عندَ اللهِ تَعَالى ؟) مختصرة

سعيد الشهراني
1446/05/17 - 2024/11/19 09:55AM

الخطبة الأولى :

الْحَمْدُ للهِ الذِي شَرَحَ صَدْرَ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ لِلْهِدَايَةِ بِرَحْمَتِه، وَأَضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ مَنْ شَاءَ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِه، وأَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ ورسُولُهُ، صلَّى اللهُ عليْهِ وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ تَسْلِيمَاً كثَيراً .

أَمَّا بَعْدُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ .

أَيُّهَا المُسْلِمُون: مَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلَّا وَهُوَ يَسْعَى لِنَيْلِ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ، وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُنَا أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ لَمَا وَسِعَتْهُ الدُّنْيَا مِنْ البهجة والسرور، وَلَهَانَ عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا مَحَبَّةُ مَلِكِ الْمُلُوكِ لِعَبْدٍ مَخْلُوقٍ مَمْلُوكٍ،
وَإليكَ أَخِي الكَرِيمَ: عَلَامَاتٌ تَسْتَدِلُّ بِهَا عَلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَ، وَأَعْمَالٌ تَجْلِبُ مَحَبَّةَ اللَّهِ لَكَ فَلْتَحْرِصْ عَلَيْهَا:
فَأَصْلُها وَأَهَمُّها الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْإِيمَانَ، وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ؛ وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَقْوَى إِيمَانًا وَأَكْثَرَ عَمَلًا صَالِحَاً ازْدَادَ مَحَبَّةً عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ،وَأَعْظَمُ الأَعْمَالِ مَا افْتَرَضَهُ اللهُ وَأَوجَبَهُ على عِبَادِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: "وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ". فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فَلْيَزْدَدْ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَليَجْتَنِبْ مَا نَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَسُولُهُ.
عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ عَلَامَاتِ حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ: اتِّبَاعُ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، ، فَكُلَّمَا كُنْتَ أَحْرَصَ عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَالْعَمَلِ بِهَا؛ فَأَبْشِرْ بِمَحَبَّةِ اللهِ لَكَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمَ﴾ .

وَمِنْ عَلَامَاتِ حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ: تَسْدِيدُهُ وَتَوْفِيقُهُ لِلطَّاعَاتِ، وَحَجْبُهُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ بِأنْوَاعِهَا، قَالَ اللَّهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: (وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ.(
وَمِنْ عَلَامَاتِ حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ: أَنْ يَكُونَ مُتَجَرِّدًا فِي حُبِّهِ وَبُغْضِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَيُوَالِي أَوْلِيَاءَ اللَّهِ ، وَيُعَادِي أَعْدَاءَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ فَيَبْنِيَ عَلَاقَاتِهِ مَعَ إخْوَانِهِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَبَّةِ الْخَالِصَةِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ فَيُحِبُّهُمْ وَيُجَالِسُهُمْ وَيَزُورُهُمْ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ القَائِلِ : (وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ).
وَمِنْ عَلَامَاتِ حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ: حُبُّ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ، وَبَسْطُ الْقَبُولِ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَقَدْ قَالَ أَصْدَقُ القَائِلِينَ:﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ أَيْ: مَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ. وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ(.
وَمِنْ عَلَامَاتِ حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ: حُلُولُ الْبَلَاءِ بِهِ، وَصَبْرُهُ عَلَيْه، وَالْأَصْلُ يَا رَعَاكُمُ: أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَتَمَنَّى الْبَلَاءَ وَلا يَفْرَحُ بِهِ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ، بَلْ عَليهِ أنْ يَسْأَلَ اللَّهَ العفو والْعَافِيَةَ دَومَاً وَأَبَدَاً كَمَا هُوَ تَوْجِيهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما قَالَ» :إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ، وَمَنْ جَزِعَ فَلَهُ الْجَزَعُ « رَوَاهُ أَحْمَدُ. نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا وَوَالِدِينَا مِنْ أَحْبَابِهِ وَأَوْلِيَائِهِ، وَأَنْ يُوَفِّقَنَا لِمَا يُحِبُّهُ وَيُرْضِيهِ، وَأَنْ يُجَنِّبَنَا أسْبَابَ سَخَطِهِ وَمَعَاصِيهِ .

أقولُ ما سَمِعتُم واستَغفِرُ اللهَ لي ولَكُم ولِسائِرِ المُسلِمينَ من كلِّ ذَنبِّ وخَطِيئَةٍ فاستَغفِرُوهُ إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.

 

الخطبة الثانية:
الحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ, وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وُرَسُولُهُ, صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ فَإِنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ، وَمَنْ نَالَ مَحَبَّةَ اللَّهِ تَعَالَى صَارَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، وَذَلِكَ هو الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.
عِبَادَ اللهِ : ألا وَإنَّ وَمِنْ عَلَامَاتِ حُبِّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ: أَنْ يُحِبَّ العَبْدُ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى» فَمَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ «كَمَا قَالهُ نَبِيُّنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
فَلتَحْرِصْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ أَنْ تَأتِيَ بِأَسْبَابِ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى لَكَ، وَأَنْ تُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ لِنَيْلِها. فَإِنَّ مَنْ نَالَهَا سَعِدَ فِي الدُّنْيَا بِطِيبِ الْعَيْشِ وَرَاحَةِ الْقَلْبِ، وَفَازَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْزًا عَظِيمًا. فاللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَالْعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِا حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّنا مِنْ أنَفْسِنا وَأَهْلِينا وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ على الظمأ برحمتك يا أرحم الرحمين .

هذا وصلوا وسلموا على نبيكم محمد ...(الدعاء مرفق)

المرفقات

1731999326_خطبة ( هَل أنْتَ مَحْبُوبٌ عندَ اللهِ تَعَالى ؟) مختصرة.docx

المشاهدات 2015 | التعليقات 0