خطبة من نجالس؟ للشيخ الفاضل د.صالح بن مبارك دعكيك

شادي باجبير
1444/12/29 - 2023/07/17 17:19PM

خطبة: من نجالس؟
للشيخ الفاضل د.صالح بن مبارك دعكيك
ألقيت في مسجد آل ياسر، المكلا، ٢٠٢٣/٧/١٤م
                   الخطبة الأولى
        إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيرا.
        عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل- القائل في كتابه الكريم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢].
        عباد الله، إن من سنن الله -عز وجل- في الكون أن جعل الإنسان اجتماعياً بطبعه، فلا يستطيع أن يعيش وحده، فلا بد له من أن يخالط الناس، ولابد له من أن يعيش مع إخوانه، تلك المخالطات والصداقات والاجتماعات لا يستغني عنها الإنسان؛ لأنه لا يستطيع أن يعيش بمفرده، ولكن تلك الخلطة والصداقات لها سلبياتها ولها إيجابياتها، أيضا فالناس يختلفون في طبائعهم كما يختلفون في أخلاقهم، فمنهم السهل الطيب، ومنهم الصعب الخبيث، والكل من قبضة الله -عز وجل- حينما قبض في الأرض ليخلق آدم، فكان منهم من كان على درجات عليا من الأخلاق والطبائع، ومنهم من كان دون ذلك، وفي الواقع نشاهد أن الاختلاط بتلك الفئة أو بالأخرى مما يحدد مصير الإنسان في الدنيا، مثلاً من جالس وصاحب المبدعين، والمفكرين، والناجحين، في حياتهم فإنه يصل إلى النجاح بإذن الله -سبحانه وتعالى- كأثر من آثار أولئك عليه، ومن صاحب وجالس الكسالى، والفاسدين، والبطالين، والفاشلين، فإنه يضيف رقماً آخر إلى رقم الفاشلين في المجتمع، ذلك أثر نلمسه من واقع حياتنا.
        وأما في الآخرة فمن صاحب العلماء، والأخيار، والأبرار، فإنه يتأثر بعلمهم وصلاحهم وبرهم، فسيسوقونه حتماً إلى النجاة من النار، ومن صاحب الأشرار، والمنافقين، ساقوه إلى دار البوار والخسران، شاهد ذلك ما ذكره الله -عز وجل- في كتابه فقال: ﴿وَيَومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيهِ يَقولُ يا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسولِ سَبيلًا۝يا وَيلَتى لَيتَني لَم أَتَّخِذ فُلانًا خَليلًا۝لَقَد أَضَلَّني عَنِ الذِّكرِ بَعدَ إِذ جاءَني وَكانَ الشَّيطانُ لِلإِنسانِ خَذولًا﴾ [الفرقان: ٢٧-٢٩].
ماذا يقول هذا الرجل في هذا المقطع القرآني، وهو يتحدث عن ذلك الظالم الذي يتألم، ويتأسف على تلك الحياة التي قضاها؛ فيعض ليس على يد واحدة، وإنما يعض على كلتي يديه؟ ﴿وَيَومَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيهِ يَقولُ يا لَيتَنِي اتَّخَذتُ مَعَ الرَّسولِ سَبيلًا۝ يا وَيلَتى لَيتَني لَم أَتَّخِذ فُلانًا خَليلًا﴾ ماذا فعل به؟ ﴿لَقَد أَضَلَّني عَنِ الذِّكرِ بَعدَ إِذ جاءَني وَكانَ الشَّيطانُ لِلإِنسانِ خَذولًا﴾ يعلم أنه ذكر، ولكن كان ذلك الخليل وذلك الجليس وذلك الصديق مؤثراً عليه، فاختار الطريق الأخرى بدلاً من أن يختار طريق الرسول عليه الصلاة والسلام.
       وأخبر الله -عز وجل- عن أخبار أصحاب النار، حينما يوردون عليها أرتالاً، قال الله -عز وجل-: ﴿...كُلَّما دَخَلَت أُمَّةٌ لَعَنَت أُختَها حَتّى إِذَا ادّارَكوا فيها جَميعًا...﴾ اجتمع الجميع {...قالَت أُخراهُم لِأولاهُم رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلّونا فَآتِهِم عَذابًا ضِعفًا مِنَ النّارِ قالَ لِكُلٍّ ضِعفٌ وَلكِن لا تَعلَمونَ﴾ [الأعراف: ٣٨]. كل فرقة تلعن أختها، وتود لو أنها تورد إلى أشد العذاب بما أثروا عليهم في الدنيا، بأن سلكوا معهم ذلكم الطريق.
        صديق السوء -أيها الأحبة- يوقع صاحبه في الشكوك في الله عز وجل، ودينه، ورسوله، واليوم الآخر، وهذا أخطر ما يمكن أن يكون، أن يأتي إليك الصديق والخليل ليورد عليك الشبهات من هنا وهناك، لقيت طالباً يوماً على مدخل الكلية ويقول: يا شيخ، جلست مع أحدهم، فيقول: إنما أنتم عليه من هذه العادات، والتقاليد، والرسوم، والديانات، كلها خطأ، عد إلى عقلك، الغي كل شيء، وانظر بمنظار العقل؛ لتقيم الحياة من جديد.
أي كلام هذا؟! أي كلام خطير هذا؟! ولربما وقع فعلاً في قلب صاحبه فأثر عليه، والله -عز وجل- يذكر لنا مقطعاً في كتابه الكريم عمن وصل إلى مثل هذه الحالة، قال الله -عز وجل-:﴿فَأَقبَلَ بَعضُهُم عَلى بَعضٍ يَتَساءَلونَ ۝قالَ قائِلٌ مِنهُم إِنّي كانَ لي قَرينٌ﴾ صاحب ﴿...إِنّي كانَ لي قَرينٌ۝يَقولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المُصَدِّقينَ﴾ تصدق هؤلاء! ﴿...إِنّي كانَ لي قَرينٌ۝يَقولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ المُصَدِّقينَ۝ أَإِذا مِتنا وَكُنّا تُرابًا وَعِظامًا أَإِنّا لَمَدينونَ﴾ هل نبعث بعد أن نكون ترابا؟! أي كلام هذا! قال الله -عز وجل-: ﴿قالَ هَل أَنتُم مُطَّلِعونَ﴾ أريد أن أطلع على صاحبي هذا ﴿قالَ هَل أَنتُم مُطَّلِعونَ۝فَاطَّلَعَ فَرَآهُ في سَواءِ الجَحيمِ۝ قالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَ لَتُردينِ۝وَلَولا نِعمَةُ رَبّي لَكُنتُ مِنَ المُحضَرينَ﴾ [الصافات: ٥٠-٥٧]. لولا أن أنعم الله علي بيقين الإيمان، وبطريق أهل الإسلام لكنت في موقعك الذي رأيتك فيه، تالله إن كدت لتردين.
        نعم هي نعمة الله -عز وجل- بالإيمان الصادق وبالصحبة الصالحة، ولهذا -أيها الإخوة- فإن كل الصداقات يوم القيامة تعود إلى عداوات، مالم تُبْنَ على الإيمان والتقوى، قال الله -عز وجل-: ﴿الأَخِلّاءُ يَومَئِذٍ بَعضُهُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ إِلَّا المُتَّقينَ﴾ [الزخرف: ٦٧]. (الأَخِلّاءُ) الخلة هذه منزلة فوق الصداقة، أن يتخلل إلى قلبك فيصير ليس صديقا فقط، بل يصير خليلا. (الأَخِلّاءُ يَومَئِذٍ بَعضُهُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ )  إنه كلام الله. (إِلَّا المُتَّقينَ) الصداقة التي بنيت على الإيمان وعلى التقوى، تلك الصداقات التي تبقى ويبقى أثرها إلى يوم القيامة.
        أخي المبارك، من أسوأ الصداقات صداقات توردك المهالك، صداقات تمشي معها حتى تصل في آخر حياتك إلى الموت، ومازلت مع أولئك الذين يغرونك بالباطل والكفر والشرك، هذا أبو طالب عم رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، وأحب الناس إليه، دخل عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو في مرض موته -كما في البخاري-، فوجد عنده أبا جهل، وعبدالله بن أبي أمية، فقال: " يَا عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله؛ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ ". فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ : هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا الله". إنها ميتات السوء؛ بسبب أصحاب السوء، لو قدر الله أنه كان خالياً ربما وجدت هذه الكلمة إلى قلبه سبيلا، ولكن ذلك حكم الله -سبحانه وتعالى-، فقال -عليه الصلاة والسلام-: " أَمَا وَاللهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ ". أبو طالب كم قدم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم! وكم قدم للدعوة! ولكنه كان ولم يزل مشركاً، " أَمَا وَاللهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ ". فنهي عنه -عليه الصلاة والسلام- بقوله -سبحانه وتعالى-: ﴿ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذينَ آمَنوا أَن يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولي قُربى مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ لَهُم أَنَّهُم أَصحابُ الجَحيمِ﴾ [التوبة: ١١٣]. فانظروا إلى هذه الخاتمة السيئة بسبب تلك الرفقة السيئة.
        نعم عباد الله، لهذا فإن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ما زال يرشدنا إلى تحري الصداقات الطيبة والرفقة الصالحة، ويذكر لنا بين الفينة والأخرى إرشاداً أو مثالاً، حتى قال -عليه الصلاة والسلام- كما في البخاري: (مَثَلُ جَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ) الذي يبيع المسك المكان كله الروائح (فَحَامِلُ الْمِسْكِ؛ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ) يهديك هدية (وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ) تشتري منه (وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً) في النهاية ستخرج بعبق الريح في أنفك، وربما في ثيابك من مجالسة صاحب المسك (وَنَافِخُ الْكِيرِ ؛ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً). عياذاً بالله.
        لقد رفع الله -عز وجل- شأن الجليس الصالح، حتى ذكر الله -عز وجل- في كتابه الكريم الكلب الذي كان مع أصحاب الكهف، وخلد ذكره في القرآن لصحبته الأخيار، كما قال الله- عز وجل-: ﴿سَيَقولونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُم كَلبُهُم وَيَقولونَ خَمسَةٌ سادِسُهُم كَلبُهُم رَجمًا بِالغَيبِ وَيَقولونَ سَبعَةٌ وَثامِنُهُم كَلبُهُم ...﴾ [الكهف: ٢٢].
كان بالإمكان للقرآن أن يلغي مشهد الكلب هذا، ولكن أثر الصداقة والرفقة الحسنة -ولو كان بالكلب مع الرفقة الصالحة- تخلد الأخيار، ويكون شرفاً للمصاحب.
نعم أخي الكريم، لك أن تسأل الشباب في السجون، كيف وصلوا إلى تلك الغرف المغلقة؟ وكيف صاروا خلف القضبان الحديدية؟ إنه بلا شك أثر عظيم من آثار الرفقة السيئة، واسأل أيضاً عن تلك الخطوات التي جاءت بهم إلى تلك النهايات، الخطوة الأولى، والحبة الأولى، والكأس الأول، والجلسة الأولى، التي قادته بعد ذلك إلى أن يصل إلى آخر المطاف، كم ضل من ضل بسبب قرين فاسد أو مجموعة من القرناء والأشرار! وكم أنقذ الله -عز وجل- بقرناء الخير من كانوا يمشون في طريق الخراب، وكانوا على شفا جرف هار! وكم أيضاً ممن كان في الأخيار، تجرجر يوما حتى وصل إلى تلك المستنقعات الآسنة، فصار من أهلها، وربما كان من بيت طيب ومن أسرة كريمة!
        راقبوا أولادكم، وراقبوا بناتكم أيضا، فإنهن أشد تأثرا، وأشد سمعة على البيت، إنك قيم البيت ولابد أن يكون كل شيء تحت نظرك، أرشدهم بما استطعت، ولكن يجب أن تؤدي ذلك الواجب بكل اقتدار، وبكل قوامة.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم، بمنه وكرمه أن يأخذ بأيدينا إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يصلح شأننا كله، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير!
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
              الخطبة الثانية

        الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
        عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، لا شك -أيها الأحبة- أن النفس الأمارة بالسوء تريد أن تنطلق إلى الشهوات، وإلى اللهو واللعب، ولن يكون ذلك إلا مع أولئك الأخلاء، وتلك المجالس المشبوهة، ولهذا يحتاج الإنسان إلى أن يصابر نفسه في مفارقة تلك المجالس السيئة، وأن يصبر ويحمل النفس على مجالسة أهل الخير والذكر والدعوة، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: ﴿وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ...} وهو توجيه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتوجيه لنا بعده ﴿وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذينَ يَدعونَ رَبَّهُم بِالغَداةِ وَالعَشِيِّ يُريدونَ وَجهَهُ وَلا تَعدُ عَيناكَ عَنهُم تُريدُ زينَةَ الحَياةِ الدُّنيا وَلا تُطِع مَن أَغفَلنا قَلبَهُ عَن ذِكرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: ٢٨].
ولهذا الذي يريد أن يسلك الطريق الصحيح، يتجنب تلك المجالس وأولئك الأصدقاء الذين يقودون إلى الباطل، والشهوات، والمنكرات، حتى يستطيع أن يستقيم على طاعة الله سبحانه وتعالى، وذلك بطبيعة الحال -أيها الشاب الكريم، وأيها الأخ الكريم- يحتاج إلى قرار، نعم يحتاج إلى قرار منك على مستوى إيمانك، وعلى مستوى رجولتك، وعلى مستوى شخصيتك وتميزها، هذا قرار تتخذه لكي تصل به إلى سبيل النجاة، وإن فاتك كثير من تلك الشهوات ولكنك تمشي في طريق سوي، وتتذكر دائما أنك تقرأ الفاتحة وتقول: ﴿اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ﴾ [الفاتحة: ٦]. فاصبر على الصراط المستقيم ومع أهل الصراط المستقيم.
       ولنتذكر -أيها الأحبة- كيف كان هدي السلف الصالح وهم يرشدون الأمة إلى الرفقة الحسنة، واجتناب الرفقة السيئة، يقول علي -رضي الله تعالى عنه-: (لا تصاحب الفاجر فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله). فيحببون له تلك المنكرات، وتلك الضلالات، وتلك الانحرافات، حتى تستقر في قلبه وفي صدره.
وقيل لأحد الصالحين: من نجالس؟ انظروا إلى جوابه قال: (من تذكركم الله رؤيتُه ويزيد في عملكم منطقه، ويرغبكم في الدار الآخرة عمله). وقال مالك بن دينار -رحمه الله تعالى-: (لو أنك تنقل الأحجار مع الأبرار، خير لك من أن تأكل الحلوى مع الفجار). وفعلا سيقربون لك الحلوى وكثير من الحلويات الشهية؛ حتى تستمر معهم في ذلك الطريق، ثم تستقر معهم في الشر والانحراف عياذاً بالله تعالى.
ذكر ابو قلابة التابعي -رحمه الله تعالى- قصة رجلين خليلين من الأخيار الاتقياء في السوق، فقال أحدهما للآخر: تعالى نستغفر الله -تعالى- في غفلة الناس؛ لأن الشيطان إنما يركز حربته في السوق. تعال نذكر الله -تعالى- في غفلة الناس ثوانٍ وربما دقائق، ففعلا ذلك فمات أحدمها، فرآه الآخر في المنام، قال: ما فعل الله بك. قال: غفر لي ولك باستغفارنا في السوق في ذلكم اليوم. كرامات وإعانات وتوفيقات من المولى سبحانه وتعالى.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم، أن يهدينا سواء السبيل، وأن يخرجنا من الظلمات إلى النور، وأن يعيننا على رفقة الأخيار، ويصبرنا عليهم، إنه جواد كريم!
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات! اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، واكشف كروبنا، وتولَّ أمرنا، وأحسن خلاصنا، وبلغنا مما يرضيك آمالنا، أحسن ختامنا، أصلح أولادنا وأزواجنا!
اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، وارحم موتانا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، اجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله، برحمتك يا أرحم الراحمين!
عباد الله، صلوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما أمركم الله في كتابه الكريم فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾ [الأحزاب: ٥٦].
اللهم صلِّ على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد! اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد!
عباد الله، إن الله يأمركم بثلاث، وينهاكم عن ثلاث، إن الله يأمر بالعدل، والإحسان، وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء، والمنكر، والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله، وأقم الصلاة

المشاهدات 458 | التعليقات 0