خطبةُ مَن للحرائر؟؟ - نايف الحربي
عزام عزام
1434/06/15 - 2013/04/25 06:29AM
خطبةُ مَن للحرائر؟؟.. جامع العزيزية 24/5/1434هـ
نايف بن حمد الحربي
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ سُبُلَ الهدى بالنورِ عَلَّم, و أهواءَ النفوسِ بالوحيِّ قَوَّم, لَمَّا لُزومَ الصراطِ بالنّصِّ حَتَّم, فشتان ما بينَ مُستَمسِكٍ صابر, وما بينَ مُتخَاذلٍ ناكل, ومِثلِهِ مَن على مُستمسِكٍ في ثباتهِ لَوّم, وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ, صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه, وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان ٍإلى يومِ الدين..
أما بعد: فعليكم بتقوى اللهِ عبادَ الله , تَجِدُونَهَا مَأمَنَةً مِن الفزع, وضَمَانَةً عندَ الجزع, مَن تَدرعَهَا فحريٌ أن يُهدَى إلى الحقِ حيثُ نَبع..
معاشر المسلمين .. في غيرِ ما إبهام, أو عبارةٍ تُورِثُ الفَهمَ إيهام, سأستعرضُ وإيَّاكم مواقفَ مِن التاريخ, فيها إلى واقعِ الحالِ إيعَاز , فافهموها على ظواهرها, مِن غيرِ تَكَلُفٍلإلغَاز.
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ &كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ &ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها &تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
توحيدُ الجبهةِ الداخليةِ, بَدِيهِةٌ لصَدِ العُدوانِ الخارجي, وهذا عَينُ ما فعلَهُ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم, حالَ قُدُومِهِ المدينة, فبعدَ مُؤاخَاتِهِ بينَ المهاجرينَ والأنصار, عَقَدَ عهداً مع ساكنيها مِن يهود, تَعَاهَدوا فيه على دفعِ الظُلم, وصَدِّ العدوان, والنُصحَ في الأمر, لكنَّمَا الوفاءُ لا يَتَأتَى مع دَخَلِ النفوس, ففي ذاتِ يومٍ, قَدِمَت امرأةٌ مِن العرب بِجَلَبٍ لها, فباعتُهُ بسوقِ بني قَينُقَاع, وجلست إلى صَائغٍ منهم, فأرَادُوهَا على كَشْفِ وجهِهَا فَأَبَت, فعَمِدَ الصائِغُ إلى طَرَفَ ثَوبِهَا, فعَقَدَهُ على ظَهرِهَا وهي غافلة, فلَمَّا قامَت انكشفت سَوأتُهَا, فاستَصرَخَت, فوَثَبَ رجلٌ مِن المسلمينَ على الصائغِ فقَتَلَه, فتكاثرَ اليهودُ على الرجلِ فقتلوه, فماذا حَدَثَ بعد؟ جَهَزَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ جيشاً, فحَصَرَهُم خمَسَةَ عشرَ يوماً, حتى نَزَلُوا على حكمه, فنفَاهُم إلى الشام, فيا سبحانَ الله, اعتداءٌ على امرأةٍ واحدة, يُعتَبَرُ نقضاً للعهد, يَعظُمُ لأجلِه الخَطْب, فتُسَيَّر الجيوش, وتُغَلَّظ العقوبة, ولكن, في فَهمِ مُحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم..
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
وإبَانَ الخلافةِ الأموية, أبحرت سَفينةٌ مِن جزيرةِ سَرَندِيب, يُرِيدُمُعتَلوهَا, حَجَّ البيتِ الحرام, فتَقَاذفَتهَا الأمواجُ حتى ألقَتْ بها إلى سواحلِ السِند, فنَهَبَهَا أهلُ الساحل, وأخذوا مَن عليها أُسَارى, فنَدَبَت امرأةٌ مِن بني يَربُوعَ قائلة: واحجاجاه, فلَمَّا بلغَ الحجاجَ خبرُهَا, اشتعلت غَيرَتُه, وثَارت نَخوتُه, فَوَجّه القادة, وسيَّرَ الجيوش, فقُتِلَ له قائدان, ولم يَثنِهِ ذاك, وإنَّما أَتبَعَهُم بمحمدٍ بنِ القاسم, فكانَ على يدهِ فَتحُ بلادِ السندِ كاملةٍ وقَتْلُمَلِيكِهَا, والسببُ الأول, صرخةٌ من امرأة..
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
وفي خلافةِ بني العباس, كانت النتيجة :
يا رُبَّ حوباءَ لمَّا اُجتُثَّدَابِرُهُمْ طابَتْ ولَوْ ضُمخَتْ بالمِسْكِلم تَطِبِ
ومُغْضَبٌ رَجَعَتْ بِيضُالسُّيُوفِ بِهِ حيَّ الرِّضا منْ رَدَاهُمْ ميِّتَالغضبِ
لَمَّا كانت الحال :
تَدْبيرُ مُعْتَصِم بِاللَّهِمُنْتَقِمِ للهِ مُرتقبٍ في اللهِ مُرتَغِبِ
وقد كانَ السبب :
لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيّاًهَرَقْتَ لَهُ كأسَ الكرى ورُضَابَ الخُرَّدِالعُرُبِ
عَدَاكَ حرُّ الثغورِ المُستَضَامِة ِعنْ بردِ الثُّغور وعنْ سلسالهاالحَصِبِ
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
وفي بلادِ أسبانيا اليوم, كانَ عُبَادُ الصليبِ يَدفَعُونَ الجزيةَ للمسلمينَ قُرُونَ مُتَطاوِلَة, ومِن ذاك, دفعُ مملكةِنافارَ لها, للمنصورِ بنِ أبي عامر, وذاتَ يوم, لم يَرُعْ عُبَادَ الصيبِ إلا وجحافلُ جيوشِ المسلمينَ تَكَادُ تُزَلَزَلُ الأرضُ مِن تحتها, مُتَوجِهَةٌ قُبَالَةَ مملكةِنافار, فسَارَعَ مَلِكُهُم مذعوراً, يَستَفصِلُ عن سببِ الغزو, ولم يكونوا قد أخلوا في أداءِ جِزيَةٍ قط,فقال الحاجب: بلَغَنَا أنَّ ثلاثَ نِسوةٌ مِن المسلمينَ أسيراتٍ لديكم, فسَارَعَالمَلِكُ لإيجادِهِن, فأرسَلَهُن إلى الحاجبِ المنصور, وأقسَمَ الأيمَانَ المُغَلظة, أنَّه لم يكن يَعلمُ بشَأنِهن..
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
أقول قولي هذا, واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة,..
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ مُحيي الأُمة, وكاشفِ الغُمَة, فارجِالكُرُبَات, وإن بَدَت في الأذهَانِ مُدلَهِمَة , المِنَّةُ على مَن استَعمَلَ لنُصرَةِ دينهِ, أبصرت عَينَاهُ النصرَ, أو قبلَ بُدُوهِ قَبرُهُ ضَمَّه, والمغبُونُ مَن تَخاذلَ أو خذَّلَ عنها, وإن عَظُمَت بينَ البرايا له عُمَّة, فسبيلُهُ ممقوت, وآراءُهُ تُورِدُ غياهِبَ جَمَّة, وصلى اللهُ وسلمَ على عبدهِ ورسولهِ محمد, وعلى آلهِ وصحبهِ والتابعين, ما اجترأَ مِقدَامٌ, وصدقت له عزمة..
أمـــــــا بعد..أهلَ الإسلام, شُعُورٌبالاعتزاز, قد تَسَلَلَ إلى نفوسِ الكثيرينَ بينَنَا, ولا غَرو, فالغَيَّرَةُ على الحُرُم, فضلاً عن كَونِهَا واجبٌ شرعي, هي فِطرَةٌ في نفوسِ الأسوياء, ولكنَّ واقعَ الحالِ اليومِ يقول:
كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
فأيهما أحرى أنَّ يَقتُلَكَ كَمَداً, أهو انتهاكُ أعراضِ المسلمات؟ أم المواقفُ المُخزِيَّةُ إزَائِه؟ فأَرعُونِي أسمَاعَكُم, وأيُّ نبأٍ لا تَجِدُونَ عليهِ دليل, فلَكُم أنَّ تَرَدُوا به جميعَ مَقَالتي, فكم هي صُورُ اغتصابِ جنودُ الاحتلالِ الأمريكانِ لنساءِ المسلمينَ في العراق, ثم ماذا؟ هل تَعلَمونَ أنَّ في سجونِهِم في العراق, عشرةُ آلاف امرأة, خَلَفَهُم عَلَيِهِنَّ الروافض, فما تُرَاهُم فاعِلُون؟ خُذ هذه الحادثة, لتَكشِفَ لَكَ وجهَ الحقيقة, أحدُ المُعتَقَلِين, سَمِعَ أنَّ أُختَهُ في سجنِ النساء, مُنذُ سِتَةِ أشهُر, فطَلَبَ زِيَارَتَهَا, فذَهَبُوا بهِ إليها ظَهِيرة, فلَمَّا رَأهَا, وجَدَهَا حاملاً, وكانَ عَهدُهُ بها أنَّها بِلا زوج, فرجعَ إلى زَنزَانَتِه, يَقولُ مَن يُخبِرُ عنه: فلَمَّا أتيتُلإيقَاضِهِ لصلاةِ العصر, وجدتُهُ جُثةً هَامِدَة..
فكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
وفي بلادِ الشامِ اليوم, وَثّقَت الإحصاءاتُ أكثرَ مِن ألفٍ وخمسمائةِ حالةِ اغتصاب, ولكَ في نَقلِ العَدَسَاتِ الحيّ, مايُغنِيِّكَ عن هذا, فهاتانِ امرأتانِ يُقتَدنَ مِن الطريق, فيَستَغِثنَ ولا مُنجِد, وأخرى تُدخَلُ إلى البَرَاد, فيُسَلِمُ الجنديُّ سِلاحَهُ إلى زميله, ليَعْلُوهَا رَاغِمَة, وثالثةُ يُفجَرُ بها أمامَ ذويها, إمعَاناً في إذلالهِم..
وكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ومع كُلِ هذا, فالموقفُ السياسيُّ لنُصرَتِهِنَ مَعدُوم, أمَّا الموقفُ الشرعيُّ الرسمي, فيَكَادُ أنَّ يَكُونَ على النَفسِ أشَدُّ نِكَايةً مِن الاغتصاب, إذْ قد بَشَرَ مَن يُحسَبُ على العِلمِ الشرعي, بَشَرَ المُغتَصَبَات, بَشَرَهُنَ بماذا؟ بَشَرَهُنَ أنَّهُ يُوشِكُ أنَّ تَصدُرَ فتوى, تُبِيِّحُ للمُغتَصَبَاتِ إسقَاطَ أجِنَتِهِنَ مِن أثرِ الاغتصاب, فليَغتَصِبُ الرومُ والفُرسُ نِسَائَنَا, ثُمَّ لِيَكُن غايةَمالديَّنَالمحو العَار عَنهُنَ, أنْ نُجِيَّزَ لَهُنَّ إسقَاطَ الأجِنَّة..
فكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ولقائلٍ قد يَقول: هَوّن عليك, لا تُشطِط, ولا تذهب بِكَ العَاطفةُ, أُريِدُ أن اذَكَرَهُ, وإلا فلا أخالُهُ يَجهل, ففي صحيحِ مُسلمٍ مِن حديثِ جريرٍ بنِ عبدِالله رضي اللهُ عنه, أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ لَمَّا رأى فُقَرَاءَ مُضَر, تَمَعَّرَ وجهُهُ, ودَخَلَ وخَرَج, ولم يَنكَشِف مَا حَلَّ به حتى كُفُوا, فهذا النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَعلُوهُ مِن الهَمِ مالا يَتَمَكَنُ مَعَه مِن الثَبَاتِ في مكانه, لفَقرٍ أصابَ رِجَالاً من المسلمين, فكيفَ بأعراضِ المُسلِمَات التي تُهَتَّك, عليها تَعلُو النَزوَة, ومِنها يَقضِي العِلجُ الشهوة..
فكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ولآخَرَ قد يقول: النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ لم يُنجِد سُمَيَّةَ وقد قُتِلَت لدينها, فأقولُ له: صدقت, لكنَّمَا سُمَيَّةَ عُذِبَت ولم يُنتَهَك عِرضُهَا, والنبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ وإنْ لم يُنجِدهَا لعَجزِه, لكنَّهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ لم يَتَوانَ لَحظَةً واحدة, في السعيلحِيَازَةِ وسائلِ القوة, فكانت المُحَصِلَة: أنْ آلت العِزَةُإلى أهلِ الإسلام , فكيفَ يُبَرَرُ بفعلِهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ لأُنَاسٍ, لم يَغضَبُوا لدِين, ولم تُحرِكهُم غَيِّرَة, وإنَّمَا رَضُوا بحياةِ العبيد, في ظِلِ آمالِ البهائم, ولرُبَمَا وَجَدُوا مَن يُشرعِنُ لَهُم هذا, بدعوى المَصَالِحِ والمفاسد, ومَا عَلِمَ هذا المُشَرعِنُ أنَّهُ في نُفوسِ مَن يُشرعِنُ لَهُم, بمنزلةِ أحجارِ الاستجمار, يُزَالُ بها الأذى, ثُمَّ تُلقَى غَيرَ مَأبُوهٍ بها, فَصَدَقَ في حَقِهِ مَفهُومُ المُخالَفةِ, لقولِ أبي الحسنِ الأنباري: فلأن كانَ في حَقِ الوزيرِ ابنِ بَقيّة:
عُلوٌ في الحياةِ وفي المماتِ&لَحقٌ أنتَ إحدى المعجزاتِ
ففي حَقِ هذا المُشرعِن:
دُنوٌ في الحياةِ وفي المماتِ &لَحقٌ أنتَ إحدى المُخزياتِ
فكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ولثالثٍ قد يقول: نحنُ في مَأمَنٍ مما يَجري, فمن اعتدوا على نساءِ المسلمينَ هُنَاك, لن يَفعَلُوا هذا مَعَنَا, فنحنُ تَربِطُنَا معهم عُهُودُ ومواثيقُ, ومَصَالِحُ مُشتَرَكة, ولرُبَمَا أواصرُ أُلفَةٍ ومودة, لهؤلاءِ جميعاً أقول: يقولُ اللهُ تعالى{إِنيَثْقَفُوكُمْيَكُونُوالَكُمْأَعْدَاءوَيَبْسُطُواإِلَيْكُمْأَيْدِيَهُمْوَأَلْسِنَتَهُمبِالسُّوءِوَوَدُّوالَوْتَكْفُرُونَ}فاللهُ يقول:{إِنيَثْقَفُوكُمْ}تَسنَحُ لهم الفُرصَةُ لإيذائِكُم {يَكُونُوالَكُمْأَعْدَاء}فأيُّهُمَا أُصَدِّق؟ أنتم أَمِ الله؟
كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ويَبقَى السؤالُ الذي أكادُ أنْ اجزمَ أنَّهُ يَتَرَددُ في أذهَانِكُم, ما السبيلُ إلى نُصرةِ الحرائر؟ فأقولُ لكم: السَبِيلُ إلى نُصرَتِهِنَّ بإذنِ الله, هو انتصَارُ الثورتينِ في الشامِ وفي العراق, فاجْهَدُوا لنُصرَةِ هاتينِ الثورتين, أمَّا إذا تَسألتُم عن وسائلِ نَصْرِهِمَا, فَلن اذكر لكم وسائلَ فأحصُرُكُم فيها, وإنَّمَا مَرَدُ هذا إلى وعيِكِمُ بالواقعِ الذي تَعِيِشُونَ فيه, والمُستَقبَلَ الذي يُرَادُ لكم, فمَن وَعَى, أبدعَ مِن وسائلِ النُصرَةِ مالا يَخطُرُ على البَال, ومَن لم يَعِي, فحديثي إليه, لا يَعدُ أن يَكونَ كلامٌ يَسمَعَهُ من اليُمنَى, فلا يَلبث أن يَخرُجَ مِن اليُسرَى..
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
إذَا ما أَضَعْنَا شَامَهَا وَعِرَاقَهَا & فَتِلْكَ مِن البَيْتِ الحَرَامِ مَدَاخِلُهُ
جَعَلَنَا اللهُ لدينِهِ خَدَمَا, ولحُرُمَاتِهِ حَرَمَا, وعلى الهُدَى عَلَمَا..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, واخذل الكفر والكافرين, واحم حوزةَ الدين واجعل هذا البلد..
نايف بن حمد الحربي
الخطبة الأولى
الحمدُ للهِ سُبُلَ الهدى بالنورِ عَلَّم, و أهواءَ النفوسِ بالوحيِّ قَوَّم, لَمَّا لُزومَ الصراطِ بالنّصِّ حَتَّم, فشتان ما بينَ مُستَمسِكٍ صابر, وما بينَ مُتخَاذلٍ ناكل, ومِثلِهِ مَن على مُستمسِكٍ في ثباتهِ لَوّم, وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ, صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه, وعلى آله وصحبه وتابعيهم بإحسان ٍإلى يومِ الدين..
أما بعد: فعليكم بتقوى اللهِ عبادَ الله , تَجِدُونَهَا مَأمَنَةً مِن الفزع, وضَمَانَةً عندَ الجزع, مَن تَدرعَهَا فحريٌ أن يُهدَى إلى الحقِ حيثُ نَبع..
معاشر المسلمين .. في غيرِ ما إبهام, أو عبارةٍ تُورِثُ الفَهمَ إيهام, سأستعرضُ وإيَّاكم مواقفَ مِن التاريخ, فيها إلى واقعِ الحالِ إيعَاز , فافهموها على ظواهرها, مِن غيرِ تَكَلُفٍلإلغَاز.
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ &كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ &ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها &تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
توحيدُ الجبهةِ الداخليةِ, بَدِيهِةٌ لصَدِ العُدوانِ الخارجي, وهذا عَينُ ما فعلَهُ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلم, حالَ قُدُومِهِ المدينة, فبعدَ مُؤاخَاتِهِ بينَ المهاجرينَ والأنصار, عَقَدَ عهداً مع ساكنيها مِن يهود, تَعَاهَدوا فيه على دفعِ الظُلم, وصَدِّ العدوان, والنُصحَ في الأمر, لكنَّمَا الوفاءُ لا يَتَأتَى مع دَخَلِ النفوس, ففي ذاتِ يومٍ, قَدِمَت امرأةٌ مِن العرب بِجَلَبٍ لها, فباعتُهُ بسوقِ بني قَينُقَاع, وجلست إلى صَائغٍ منهم, فأرَادُوهَا على كَشْفِ وجهِهَا فَأَبَت, فعَمِدَ الصائِغُ إلى طَرَفَ ثَوبِهَا, فعَقَدَهُ على ظَهرِهَا وهي غافلة, فلَمَّا قامَت انكشفت سَوأتُهَا, فاستَصرَخَت, فوَثَبَ رجلٌ مِن المسلمينَ على الصائغِ فقَتَلَه, فتكاثرَ اليهودُ على الرجلِ فقتلوه, فماذا حَدَثَ بعد؟ جَهَزَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ جيشاً, فحَصَرَهُم خمَسَةَ عشرَ يوماً, حتى نَزَلُوا على حكمه, فنفَاهُم إلى الشام, فيا سبحانَ الله, اعتداءٌ على امرأةٍ واحدة, يُعتَبَرُ نقضاً للعهد, يَعظُمُ لأجلِه الخَطْب, فتُسَيَّر الجيوش, وتُغَلَّظ العقوبة, ولكن, في فَهمِ مُحمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم..
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
وإبَانَ الخلافةِ الأموية, أبحرت سَفينةٌ مِن جزيرةِ سَرَندِيب, يُرِيدُمُعتَلوهَا, حَجَّ البيتِ الحرام, فتَقَاذفَتهَا الأمواجُ حتى ألقَتْ بها إلى سواحلِ السِند, فنَهَبَهَا أهلُ الساحل, وأخذوا مَن عليها أُسَارى, فنَدَبَت امرأةٌ مِن بني يَربُوعَ قائلة: واحجاجاه, فلَمَّا بلغَ الحجاجَ خبرُهَا, اشتعلت غَيرَتُه, وثَارت نَخوتُه, فَوَجّه القادة, وسيَّرَ الجيوش, فقُتِلَ له قائدان, ولم يَثنِهِ ذاك, وإنَّما أَتبَعَهُم بمحمدٍ بنِ القاسم, فكانَ على يدهِ فَتحُ بلادِ السندِ كاملةٍ وقَتْلُمَلِيكِهَا, والسببُ الأول, صرخةٌ من امرأة..
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
وفي خلافةِ بني العباس, كانت النتيجة :
يا رُبَّ حوباءَ لمَّا اُجتُثَّدَابِرُهُمْ طابَتْ ولَوْ ضُمخَتْ بالمِسْكِلم تَطِبِ
ومُغْضَبٌ رَجَعَتْ بِيضُالسُّيُوفِ بِهِ حيَّ الرِّضا منْ رَدَاهُمْ ميِّتَالغضبِ
لَمَّا كانت الحال :
تَدْبيرُ مُعْتَصِم بِاللَّهِمُنْتَقِمِ للهِ مُرتقبٍ في اللهِ مُرتَغِبِ
وقد كانَ السبب :
لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيّاًهَرَقْتَ لَهُ كأسَ الكرى ورُضَابَ الخُرَّدِالعُرُبِ
عَدَاكَ حرُّ الثغورِ المُستَضَامِة ِعنْ بردِ الثُّغور وعنْ سلسالهاالحَصِبِ
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
وفي بلادِ أسبانيا اليوم, كانَ عُبَادُ الصليبِ يَدفَعُونَ الجزيةَ للمسلمينَ قُرُونَ مُتَطاوِلَة, ومِن ذاك, دفعُ مملكةِنافارَ لها, للمنصورِ بنِ أبي عامر, وذاتَ يوم, لم يَرُعْ عُبَادَ الصيبِ إلا وجحافلُ جيوشِ المسلمينَ تَكَادُ تُزَلَزَلُ الأرضُ مِن تحتها, مُتَوجِهَةٌ قُبَالَةَ مملكةِنافار, فسَارَعَ مَلِكُهُم مذعوراً, يَستَفصِلُ عن سببِ الغزو, ولم يكونوا قد أخلوا في أداءِ جِزيَةٍ قط,فقال الحاجب: بلَغَنَا أنَّ ثلاثَ نِسوةٌ مِن المسلمينَ أسيراتٍ لديكم, فسَارَعَالمَلِكُ لإيجادِهِن, فأرسَلَهُن إلى الحاجبِ المنصور, وأقسَمَ الأيمَانَ المُغَلظة, أنَّه لم يكن يَعلمُ بشَأنِهن..
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
أقول قولي هذا, واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب وخطيئة,..
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ مُحيي الأُمة, وكاشفِ الغُمَة, فارجِالكُرُبَات, وإن بَدَت في الأذهَانِ مُدلَهِمَة , المِنَّةُ على مَن استَعمَلَ لنُصرَةِ دينهِ, أبصرت عَينَاهُ النصرَ, أو قبلَ بُدُوهِ قَبرُهُ ضَمَّه, والمغبُونُ مَن تَخاذلَ أو خذَّلَ عنها, وإن عَظُمَت بينَ البرايا له عُمَّة, فسبيلُهُ ممقوت, وآراءُهُ تُورِدُ غياهِبَ جَمَّة, وصلى اللهُ وسلمَ على عبدهِ ورسولهِ محمد, وعلى آلهِ وصحبهِ والتابعين, ما اجترأَ مِقدَامٌ, وصدقت له عزمة..
أمـــــــا بعد..أهلَ الإسلام, شُعُورٌبالاعتزاز, قد تَسَلَلَ إلى نفوسِ الكثيرينَ بينَنَا, ولا غَرو, فالغَيَّرَةُ على الحُرُم, فضلاً عن كَونِهَا واجبٌ شرعي, هي فِطرَةٌ في نفوسِ الأسوياء, ولكنَّ واقعَ الحالِ اليومِ يقول:
كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
فأيهما أحرى أنَّ يَقتُلَكَ كَمَداً, أهو انتهاكُ أعراضِ المسلمات؟ أم المواقفُ المُخزِيَّةُ إزَائِه؟ فأَرعُونِي أسمَاعَكُم, وأيُّ نبأٍ لا تَجِدُونَ عليهِ دليل, فلَكُم أنَّ تَرَدُوا به جميعَ مَقَالتي, فكم هي صُورُ اغتصابِ جنودُ الاحتلالِ الأمريكانِ لنساءِ المسلمينَ في العراق, ثم ماذا؟ هل تَعلَمونَ أنَّ في سجونِهِم في العراق, عشرةُ آلاف امرأة, خَلَفَهُم عَلَيِهِنَّ الروافض, فما تُرَاهُم فاعِلُون؟ خُذ هذه الحادثة, لتَكشِفَ لَكَ وجهَ الحقيقة, أحدُ المُعتَقَلِين, سَمِعَ أنَّ أُختَهُ في سجنِ النساء, مُنذُ سِتَةِ أشهُر, فطَلَبَ زِيَارَتَهَا, فذَهَبُوا بهِ إليها ظَهِيرة, فلَمَّا رَأهَا, وجَدَهَا حاملاً, وكانَ عَهدُهُ بها أنَّها بِلا زوج, فرجعَ إلى زَنزَانَتِه, يَقولُ مَن يُخبِرُ عنه: فلَمَّا أتيتُلإيقَاضِهِ لصلاةِ العصر, وجدتُهُ جُثةً هَامِدَة..
فكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
وفي بلادِ الشامِ اليوم, وَثّقَت الإحصاءاتُ أكثرَ مِن ألفٍ وخمسمائةِ حالةِ اغتصاب, ولكَ في نَقلِ العَدَسَاتِ الحيّ, مايُغنِيِّكَ عن هذا, فهاتانِ امرأتانِ يُقتَدنَ مِن الطريق, فيَستَغِثنَ ولا مُنجِد, وأخرى تُدخَلُ إلى البَرَاد, فيُسَلِمُ الجنديُّ سِلاحَهُ إلى زميله, ليَعْلُوهَا رَاغِمَة, وثالثةُ يُفجَرُ بها أمامَ ذويها, إمعَاناً في إذلالهِم..
وكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ومع كُلِ هذا, فالموقفُ السياسيُّ لنُصرَتِهِنَ مَعدُوم, أمَّا الموقفُ الشرعيُّ الرسمي, فيَكَادُ أنَّ يَكُونَ على النَفسِ أشَدُّ نِكَايةً مِن الاغتصاب, إذْ قد بَشَرَ مَن يُحسَبُ على العِلمِ الشرعي, بَشَرَ المُغتَصَبَات, بَشَرَهُنَ بماذا؟ بَشَرَهُنَ أنَّهُ يُوشِكُ أنَّ تَصدُرَ فتوى, تُبِيِّحُ للمُغتَصَبَاتِ إسقَاطَ أجِنَتِهِنَ مِن أثرِ الاغتصاب, فليَغتَصِبُ الرومُ والفُرسُ نِسَائَنَا, ثُمَّ لِيَكُن غايةَمالديَّنَالمحو العَار عَنهُنَ, أنْ نُجِيَّزَ لَهُنَّ إسقَاطَ الأجِنَّة..
فكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ولقائلٍ قد يَقول: هَوّن عليك, لا تُشطِط, ولا تذهب بِكَ العَاطفةُ, أُريِدُ أن اذَكَرَهُ, وإلا فلا أخالُهُ يَجهل, ففي صحيحِ مُسلمٍ مِن حديثِ جريرٍ بنِ عبدِالله رضي اللهُ عنه, أنَّ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ لَمَّا رأى فُقَرَاءَ مُضَر, تَمَعَّرَ وجهُهُ, ودَخَلَ وخَرَج, ولم يَنكَشِف مَا حَلَّ به حتى كُفُوا, فهذا النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ يَعلُوهُ مِن الهَمِ مالا يَتَمَكَنُ مَعَه مِن الثَبَاتِ في مكانه, لفَقرٍ أصابَ رِجَالاً من المسلمين, فكيفَ بأعراضِ المُسلِمَات التي تُهَتَّك, عليها تَعلُو النَزوَة, ومِنها يَقضِي العِلجُ الشهوة..
فكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ولآخَرَ قد يقول: النبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ لم يُنجِد سُمَيَّةَ وقد قُتِلَت لدينها, فأقولُ له: صدقت, لكنَّمَا سُمَيَّةَ عُذِبَت ولم يُنتَهَك عِرضُهَا, والنبيُّ صلى اللهُ عليه وسلمَ وإنْ لم يُنجِدهَا لعَجزِه, لكنَّهُ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ لم يَتَوانَ لَحظَةً واحدة, في السعيلحِيَازَةِ وسائلِ القوة, فكانت المُحَصِلَة: أنْ آلت العِزَةُإلى أهلِ الإسلام , فكيفَ يُبَرَرُ بفعلِهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ لأُنَاسٍ, لم يَغضَبُوا لدِين, ولم تُحرِكهُم غَيِّرَة, وإنَّمَا رَضُوا بحياةِ العبيد, في ظِلِ آمالِ البهائم, ولرُبَمَا وَجَدُوا مَن يُشرعِنُ لَهُم هذا, بدعوى المَصَالِحِ والمفاسد, ومَا عَلِمَ هذا المُشَرعِنُ أنَّهُ في نُفوسِ مَن يُشرعِنُ لَهُم, بمنزلةِ أحجارِ الاستجمار, يُزَالُ بها الأذى, ثُمَّ تُلقَى غَيرَ مَأبُوهٍ بها, فَصَدَقَ في حَقِهِ مَفهُومُ المُخالَفةِ, لقولِ أبي الحسنِ الأنباري: فلأن كانَ في حَقِ الوزيرِ ابنِ بَقيّة:
عُلوٌ في الحياةِ وفي المماتِ&لَحقٌ أنتَ إحدى المعجزاتِ
ففي حَقِ هذا المُشرعِن:
دُنوٌ في الحياةِ وفي المماتِ &لَحقٌ أنتَ إحدى المُخزياتِ
فكفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ولثالثٍ قد يقول: نحنُ في مَأمَنٍ مما يَجري, فمن اعتدوا على نساءِ المسلمينَ هُنَاك, لن يَفعَلُوا هذا مَعَنَا, فنحنُ تَربِطُنَا معهم عُهُودُ ومواثيقُ, ومَصَالِحُ مُشتَرَكة, ولرُبَمَا أواصرُ أُلفَةٍ ومودة, لهؤلاءِ جميعاً أقول: يقولُ اللهُ تعالى{إِنيَثْقَفُوكُمْيَكُونُوالَكُمْأَعْدَاءوَيَبْسُطُواإِلَيْكُمْأَيْدِيَهُمْوَأَلْسِنَتَهُمبِالسُّوءِوَوَدُّوالَوْتَكْفُرُونَ}فاللهُ يقول:{إِنيَثْقَفُوكُمْ}تَسنَحُ لهم الفُرصَةُ لإيذائِكُم {يَكُونُوالَكُمْأَعْدَاء}فأيُّهُمَا أُصَدِّق؟ أنتم أَمِ الله؟
كفى بكَ داءً أنْ ترَى الموْتَشافِيَا وَحَسْبُ المَنَايَا أنْ يكُنّأمانِيَا
ويَبقَى السؤالُ الذي أكادُ أنْ اجزمَ أنَّهُ يَتَرَددُ في أذهَانِكُم, ما السبيلُ إلى نُصرةِ الحرائر؟ فأقولُ لكم: السَبِيلُ إلى نُصرَتِهِنَّ بإذنِ الله, هو انتصَارُ الثورتينِ في الشامِ وفي العراق, فاجْهَدُوا لنُصرَةِ هاتينِ الثورتين, أمَّا إذا تَسألتُم عن وسائلِ نَصْرِهِمَا, فَلن اذكر لكم وسائلَ فأحصُرُكُم فيها, وإنَّمَا مَرَدُ هذا إلى وعيِكِمُ بالواقعِ الذي تَعِيِشُونَ فيه, والمُستَقبَلَ الذي يُرَادُ لكم, فمَن وَعَى, أبدعَ مِن وسائلِ النُصرَةِ مالا يَخطُرُ على البَال, ومَن لم يَعِي, فحديثي إليه, لا يَعدُ أن يَكونَ كلامٌ يَسمَعَهُ من اليُمنَى, فلا يَلبث أن يَخرُجَ مِن اليُسرَى..
فإنَّكَ بَينَ اثنينِ فاخترْ ولا تَكُنْ & كَمَن أوقَعَتْهُ في الهَلاكِ حبَائِلُهُ
فمِن أملٍ يَفنَى ليَسلَمَ رَبُهُ & ومِن أَمَلٍ يَبقَى لِيَهلَكَ آمِلُهُ
فَكُن قَاتلَ الآمالِ أو كُن قَتَيِّلَها & تَساوى الرَدى يا صاحبي وبَدَائِلُهُ
إذَا ما أَضَعْنَا شَامَهَا وَعِرَاقَهَا & فَتِلْكَ مِن البَيْتِ الحَرَامِ مَدَاخِلُهُ
جَعَلَنَا اللهُ لدينِهِ خَدَمَا, ولحُرُمَاتِهِ حَرَمَا, وعلى الهُدَى عَلَمَا..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين, واخذل الكفر والكافرين, واحم حوزةَ الدين واجعل هذا البلد..
المرفقات
320.zip