(خطبة) منهج النبوة في التربية

خالد الشايع
1443/07/09 - 2022/02/10 14:37PM

الخطبة الأولى ( منهج النبوة في التربية)  10/7/1443

إن الحمد لله.........................أما بعد فيا أيها المسلمون :

إن جانب تربية الأبناء جانب مهم ،  والنبي صلى الله عليه وسلم هو القدوة الكاملة في التربية ومن سار بسيرته فلا شك أنه على الهدى كيف لا والله سبحانه قد جعله لنا قدوة حسنة ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )

معاشر المسلمين :إن أول ما يجب على المسلم أن يغرسه في نفس مولوده العقيدة الصحيحة

فهذه المهمة الأولى لكل مرب مسلم وهي الغاية التي لأجلها خلق الله الخلق كما قال تعالى(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) والغاية التي لأجلها بعث الرسل (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)

ولقد كان صلى الله عليه وسلم حريصا على تعلق قلوب الأطفال و الناشئة بالله تعالى وحده لا شريك له كما أخرج ا لترمذي في جامعه قوله لابن عباس وكان غلاما صغير السن ( احفظ الله يحفظك ؛احفظ الله تجده تجاهك؛إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله؛تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ؛واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ؛واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب )

هكذا كان اهتمامه صلى الله عليه وسلم بعقيدة الأطفال ؛أما اليوم فأكثرنا يغفل قضية العقيدة ومنها الإيمان بالقضاء و القدر وأن الأمور كلها بيد الله تعالى ؛فلا يربي أبناءه عليها.

ومما غرسه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قلوب المربين الاهتمام بالصلاة ولأهمية الصلاة في تربية الطفل فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حث عليها الآباء منذ  الصغر  أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو قال صلى الله عليه وسلم ( مروا أولادكم بالصلاة و هم أبناء سبع سنين و اضربوهم عليها و هم أبناء عشر سنين و فرقوا بينهم في المضاجع )  .  فهذا تأكيد على عظم شأن الصلاة وهذا الضرب لا يأتي إلا بعد مرور ما يزيد على ألف ومائة وتسعين يوما من الأمر للطفل المميز ويتكرر الأمر بما يقارب خمسة آلاف وستمائة مرة بحسب عدد الصلوات في تلك الفترة مع رؤية الطفل لأبيه وأمه يصليان أمامه في كثير من الأحيان ، ومن واقع التجربة نرى أن انحراف الشباب وعقوقهم لوالديهم وعدم توفيقهم في الدراسة لها ارتباط مباشر بأداء الصلاة والمحافظة عليها أو إهمالها .

ومما غرسه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قلوب المربين أن الوقاية خير من العلاج ، فقد جعل دون كل محرم سورا منيعا ، ومن صور ذلك الأمر بالتفريق بين الذكور والإناث في المضاجع إذا بلغوا العاشرة أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو قال صلى الله عليه وسلم (و فرقوا بينهم في المضاجع ) وذلك حماية للأطفال من فرط الشهوة حتى ولو كانت أخته الشقيقة ، فقلة الحيطة والمقاربة من الحران يوقع فيه .

عباد الله : أين نحن من هذه الوقاية التي حث عليها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فالقنوات الفضائية يشاهدها الأبناء والبنات بدون ضوابط، و بعضها في غاية السفل والخطورة ، وكذلك الإنتر نيت المفتوح للجميع هاتف جوال بالكاميرا من غير رقابة ولا متابعة ، ألقه في اليم مكتوفا وقال له           إياك إياك أن تبتل بالماء

ومما يظهر لنا جليا في أساليب النبوة في التربية غرس الثقة بالنفس ، فإنها هي مفتاح التفوق بإذن الله ولو نظرنا لتطبيق ذلك في زمن النبوة لوجدنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم طبق ذلك جليا في حياة الشباب فهاهو معاذ بن جبل يصلي بقومه وهو شاب يافع ، ومثله أسامة بن زيد قاد الجيش وهو لم يتجاوز السابعة عشر من عمره ، وقبلهما علي بن أبي طالب نام على فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة الهجرة وهي مسئولية عظيمة تتطلب ثقة وشجاعة وتضحية .

أمل ا ليوم فحال الكثير منا مع أطفاله عدم الثقة بهم وعدم توليتهم حتى صغار الأمور .

وهذا لا شك أنه يؤثر فيهم مستقبلا ويحول دون كثير من النجاح .

اللهم أقر عيوننا بصلاح أبنائنا ...أقول قولي هذا ......

                               

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ......................أما بعد فيا أيها الناس : إن واقع النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الأطفال هو عين التربية الحقة حيث كان شديد الحرص على توجيه الأطفال إلى السلوك الحسن ولو كانوا صغارا فانظر إليه وهو يأكل مع الصبي الصغير ويلقي إليه بالإرشادات أخرج البخاري و مسلم من حديث عمر بن أبي سلمه قال كنت غلاما في حجر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة فقال ( يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك )

وانظر إليه كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة وهو يوجه الحسن لما أراد أن يأكل تمرة من تمر الصدقة فوضعها في فيه فقال له (  كخ كخ ارم بها أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة  ؟   ) . ‌وكما في البخاري من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) وكذا توجيهه للحسن بتلك الوصية العظيمة وهي مارواه الترمذي من حديث الحسن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة و الكذب ريبة )

ومن معالم التربية الحقة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم المكافأة على السلوك الحسن وهو مايسمى بالتعزيز للفعل الإيجابي ، فبعض الناس لا يملك إلا التوبيخ واللوم والصراخ كل يوم ، والتعزيز يكون حتى بالكلمة الطيبة والدعاء الحسن فانظر إليه كما في الصحيح وهو يقول لابن عمر ( نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل ) وانظر إلى أثرها في قلب ابن عمر حيث يقول تلميذه فكان ابن عمر بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا .وكما اخرج النسائي في سننه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ ( يامعاذ والله إني لأحبك ) وذلك لما رأى فيه من الحرص على طلب العلم وملازمته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وحسن سؤاله ، فكانت هذه الكلمة دافعا قويا لمعاذ في مواصلة طلب العلم حتى استحق أن يكون داعية اليمن في زمن النبوة ورفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من شأنه لما وصفه بالفقه أخرج أبو نعيم في الحلية من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( معاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله و حرامه)

وأطرى بالثناء عليه أخرج أبو نعيم في الحلية من عمر قال صلى الله عليه وسلم ( إن العلماء إذا حضروا ربهم كان معاذ بن جبل بين أيديهم رتوة بحجر  ). ‌

ومن مزايا التربية عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يفتح باب الحوار مع الجميع حتى الشباب ومن ذلك ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث تفسير ابن كثير ج3/ص39

أبي أمامة أن فتى شابا أتى النبي  صلى الله عليه وسلم  فقال يا رسول الله أئذن لي بالزنى فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا مه مه فقال أدنه فدنا منه قريبا فقال اجلس فجلس فقال أتحبه لأمك قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم قال أفتحبه لابنتك قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لبناتهم قال أفتحبه لأختك قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال أفتحبه لعمتك قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لعماتهم قال أفتحبه لخالتك قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال فوضع يده عليه وقال اللهم أغفر ذنبه وطهر قلبه وأحصن فرجه قال فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء .

عباد الله : إن فتح باب الحوار مع الأبناء يجعلهم يطبقون الأوامر بقناعة ، وأما التربية على روتين أفعل واترك فهذا سريعا ما يتلاشى وينسى ولا يربي على الأخلاق الفاضلة .

معاشر المؤمنين : لعل البعض يقول إن صلاح الأبناء من الله فهو الهادي والمصلح وهذا كلام صحيح ، ولكن الله جعل للأب والأم دورا هاما في تغيير السلوك ، وحسن التربية ومن دلالات ذلك اختلاف الأخلاق من شخص لآخر ، فلنرب أبناءنا على سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ولا نتثاقل ذلك ولا نمل منه ، وسوف نرى التغير السريع في أخلاق أولادنا قريبا .

اللهم أحسن خلقنا وخلقنا يا رب العالمين

اللهم أعز ......اللهم أبرم لهذه الأمة ...................اللهم اغفر للمسلمين ...

اللهم أنج المستضعفين .....سبحان ربك رب العزة............

المشاهدات 851 | التعليقات 0