خطبة مختصر لعيد الأضحى جُمعت بتصرف
عبدالرحمن اللهيبي
الحمد لله لا نِدَّ له ولا نظير يُساميه، ولا عديل له ولا مثيل يُدانيه، أحمده حمد مُعترِفٍ بجزيل نعمه وأعاطيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تعصِمُ صاحبها وتُعليه، وتُقرِّبه لمولاه وتُدنيه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله من اتبعه فلا البدع تستهويه، ولا الخرافة تُغويه، صلى الله وسلَّم عليه وعلى الخِيَرة المُصطفَيْن من آله، والمُقتدين بشرف فِعاله وكريم خِصاله.
أما بعد:
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد،
الله أكبر عدد ما لبَّى المُلبُّون من الحُجَّاج والعُمَّار، الله أكبر كم أعتق الله برحمته عبدًا من النار، الله أكبر كم تجاوز عن الذنوب والأوزار.
يا أيها المسلمون: هنيئًا لكم عيد الأضحى المبارك ، هنيئًا لكم يوم الحج الأكبر، هنيئًا لكم يوم الجمع الأعظم، يومٌ يُهراق فيه الدم، والرمي والنحر والطواف في صبيحته، فما أعظمه من يوم، وما أكرمه من جمع
فها هم الحجيج الآن في المسجد الحرام تبتهل وتضرع، وتُنادي ربها وتخشع، قد طمِعَت في رحمته وغفرانه، وكرمه ورضوانه، وعطائه ونواله، وهو الرحيم التواب، الكريم الوهاب، يفتح بابًا، ويقبل متابًا، ويُعتِق رقابًا، فسبحان من خضع له كل شيء، وسبحان من دان له كل شيء.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون: اجعلوا الله ذُخركم وملجأكم، ومقصِدَكم ومفزَعكم، هو المستحق لأجلِّ الحمد وأكمل الثناء، فلا تليق العبادة إلا له، ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته، تعالى وتقدَّس، وتنزَّه وتعاظَم، وجلَّ وعزَّ أن يكون له شريكٌ أو نظير، أو والدٌ أو ولد: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) من تعلَّق به كفاه، ومن اعتمد عليه وقاه، ومن لجأ إليه حفِظَه وتولاَّه
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون: لوذوا بالكتاب والسنة، واعتصموا بهما، وتمسكوا بهديهما، وافهموهما كما فهِمَهما سلف الأمة، واحذروا الأفكار الزائغة، والعقائد المنحرفة، والبدع المُضِلَّة، لا تسلكوا غير طريق الشريعة التي جاء بها نبينا وسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وسار عليها أهل القرون المُفضَّلة، ففيها الفلاح والنجاة وهي المَتجر الرابح، والمنهج الصالح.
فعظِّموا نصوص الكتاب والسنة وامتثِلوها، وانقادوا لها ولا تُعارِضوها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون: حسن الخُلُق وحسن الصلة وحسن الجوار يُعمِّران الديار، ويزيدان في الأعمار.
"فإن الشيطان يئس أن يعبده المُصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم"، يُغري بعضهم ببعض بما يُوجِب الفُرقة، وتنافُر القلوب، وحصول الهُجران، وسوء الظن، والفجور في الخصومة، فكفُّوا عن الخصام، واعفوا واصفحوا، ولا تكونوا ممن يُصِرُّ على البغيَّة، ولا يُبقي للحُسنى بقيَّة.
عودوا المريض، وصِلوا الرَّحِم، وأطعِموا الجائع، وأعطوا الفقير، ووفُّوا حق الأجير، واحنُوا على الوالدين، وأحسِنوا إليهما، واستوصوا بالنساء خيرًا، استوصوا بالنساء خيرًا، استوصوا بالنساء خيرًا، عامِلوهن بالمحبة والتقدير، والإكرام والاحترام والتوقير، واحذروا التسرُّع في الفراق والطلاق، واحفظوا أولادكم، وأحسِنوا أدبهم وتربيتهم. وغُضُّوا أبصاركم، واحفظوا فُروجكم، واتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، وما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
يا من ابتُلِي بالذنوب والمعاصي: أقبِل على مولاك مُنكسرًا، ولُذ بباب جُوده مُعتذرًا، وابسط كفَّ اضطرارك مُفتقرًا، فما للعبد سوى مولاه، أدناه فضلاً منه أو أقصاه.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون: الأضحية قُربةٌ جليلة، ونسيكةٌ عظيمة، ومَعلمٌ ظاهرٌ وشعيرة، لا ينبغي للمُوسِر تركها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كان له سَعة ولم يُضحِّ فلا يقربنَّ مُصلاَّنا". أخرجه أحمد وابن ماجه.
وأفضلها أحسنها وأسمنُها وأكملها وأطيبها، وأكثرها ثمنًا.
وحاذِروا العيوب المانعة من الإجزاء، فلا تُجزئُ ذات عيبٍ بيِّنٍ من مرضٍ أو عَوَر أو عَرَجٍ أو عَجَفٍ أو عمى بصر. ومن كان ذبح قبل الصلاة فليُعِد أضحيته.
تقبل الله ضحاياكم، ورضِي عنكم وأرضاكم، وحقَّق في الخير مُناكم، وأسعدكم ولا أشقاكم، وعاوَدَتكم السعود ما عاد عيدٌ واخضرَّ عود.
أعاد الله علينا وعليكم هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنةً مديدة، ونحن في صحةٍ وعافيةٍ وحياةٍ سعيدة.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل بلادنا هذه آمنةً مطمئنةً وسائر بلاد المسلمين.