خطبة مختصرة: " أهمية اجتماع الكلمة وأثرها "

فيصل التميمي
1434/01/23 - 2012/12/07 05:51AM
الخطبة في أصلها للشيخ علي الحذيفي حفظه الله

وقد اختصرتها وعدلت عليها بما يناسب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أهمية اجتماع الكلمة وأثرها" 23 /1/ 1434هـ



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:-
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْـدَآءً فَاَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَاَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأنْقَذَكُم مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
معاشر المؤمنين، إن من أعظمِ غاياتِ الشريعةِ الإسلاميّة الكثيرة اجتماعُ الكلمة وألفَة القلوب بين المسلمين؛ لأنّه باجتماع الكلمة وألفةِ القلوب تتحقّقُ مصالح الدّين والدنيا، ويتحقّق التناصرُ والتعاون والتعاضُد، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) ، وقال تعالى: ( وَأَنَّ هَذَا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) ، وقال تعالى: ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ، وقال عزّ وجلّ: ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) ، وقال عزّ وجلّ: ( فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) ، وفي الحديث عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : « مثَل المؤمنين في توادّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثَل الجسدِ الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسّهر والحمَّى » رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، وفي الحديث الآخر: « المؤمنِ للمؤمن كالبنيان يشُدّ بعضُه بعضاً » رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري ، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « من لم يهتمَّ بأمرِ المسلمين فليس منهم » .
ومِن أعظم ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم الفرقةُ والاختلاف، قال الله تعالى: ( وَلاَ تَنَـازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّـابِرِينَ) ، وقال تعالى: ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيّنَـاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ، وقال عزّ وجلّ ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَئ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ) ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تختلفوا فتختلفَ قلوبُكم » ، أو قال: « تختلف وجوهُكم » ، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الخلاف شرٌّ كلّه) ، وقال الحسن بن علي رضي الله عنه: (أيّها النّاس، إنَّ الذي تكرَهون في الجماعة خيرٌ مما تحِبّوه في الفرقة) .

وهذه المعاني العظيمة واجبة في كلِّ وقتٍ على المسلم، ولكنّها متأكّدة الوجوبِ في أوقاتِ الشدائد والأزمات والفِتن، حفاظاً على حوزة المسلمين وحراسة للملّة والدين؛ لأنَّ اجتماع الكلمة قوّةُ المسلمين، واختلافُ الكلمة ضعفُ المسلمين، ولذلك أمر النبي بلزوم إمامِ المسلمين وجماعتِهم، فعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من مات وليس له إمامٌ مات ميتةً جاهليّة » رواه أحمد والطبراني وابن حبان ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من خلع يداً من طاعة لقي الله يومَ القيامة ولا حُجّة له، ومن مات وليس في عنقِه بيعةٌ مات ميتة جاهليّة » رواه مسلم ، وعن الحارث الأشعريّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « أنا آمركم بخمسٍ اللهُ أمرني بهنَّ: بالجماعة وبالسمع والطاعة والهجرة والجهادِ في سبيل الله، فإنّه من خرج من الجماعة قيدَ شبرٍ فقد خلع رِبقةَ الإسلام من عنقه إلى أن يرجِع، ومن دعا بدعوَى الجاهليّة فهو من جُثاءِ جهنم » ، قالوا: يا رسول الله، وإن صام وصلى؟! قال: « وإن صام وصلى وزعَم أنّه مسلم، فادعوا المسلمين بأسمائِهم بما سمّاهم الله عز وجل: المسلمين المؤمنين عبادَ الله عز وجل » حديث صحيح رواه أحمد والترمذي والحاكم ، وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاثة لا تَسْأل عنهم: رجل فارَق الجماعة وعصى إمامَه ومات عاصياً، وعبدٌ أبق فمات، وامرأة غابَ عنها زوجُها يكفيها المؤنة فتبرّجت من بعدِه » حديث صحيح رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم ، ومعنى: ((لا تسأل عنهم)) أي: إنهم هالكون لعظم معصيتِهم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « يدُ الله على الجماعة » رواه الطبراني .
نسأل الله بمنه وكرمه أن يعيد للأمة الإسلامية وحدتها، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يحفظ علينا أمننا واستقرارنا إنه ولي ذلك والقادر عليه
بارك الله لي ولكم في القران والسنة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والعظات والحكمة ، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ؛ والشكر له على توفيقه وامتنانه ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه ؛ وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكُروا نعمَ الله عليكم الظاهرة والباطنة، وحاسبوا أنفسَكم قبلَ العرض على الله، واعمَلوا الخيراتِ في الرّخاء يتولّ الله أمرَكم في الشدائد والمحن، والزَموا التّوبة في كلّ حالٍ من جميع الذنوب يدفع الله عنكم المكروهاتِ والكربات، قال الله تعالى: (وَإِنّي لَغَفَّارٌ لّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهْتَدَى )
أيها المؤمنون الموحدون: مِن كمالِ شريعة الإسلام إيجابُها وافتراضها على المسلمين اجتماعَ كلمتهم ولزومَ جماعتهم وإمامِهم، ليكونوا كالجبال الرواسي أمام رياح الفتن والشدائد، ويحافظوا على دينهم من التغيير والتبديل، وعلى مصالحِ دنياهم التي هي قِوام حياتِهم، ويحفظوا للأمة وحدتها وهيبتها، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً وجِلت منها القلوب، وذرفَت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله، كأنّها موعظة مودِّع فأوصنا، قال: « أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمّر عليكم عبد، فإنّه من يعِش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثاتِ الأمور، فإن كلَّ بدعة ضلالة » رواه أبو داود والترمذي وقال: "حديث حسن صحيح" .
فاتقوا الله أيها المسلمون واعتصموا بحبل الله المتين ، وكونوا يداً واحدةً أمام التحديات التي تهدِّد كيانَكم وتستهدف أمنكم ووحدتكم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه.. فقال قولاً كريماً..
المشاهدات 4966 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا