خطبة مختصرة: مصيبة الموت ووفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله

فيصل التميمي
1436/04/03 - 2015/01/23 06:30AM
أحسن الله عزاء الجميع في وفاة خادم الحرمين الشريفين تغمده الله وبرحمته وأسكنه فسيح جناته وأخلف على الأمة خيراً في فقده
وهذه خطبة اختصرتها ونسقتها من بعض الخطب في هذا المنتدى المبارك مع اضافات بسيطة
نفع الله بكم وبعلمكم
مصيبة الموت ووفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله 3/4/1436هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتقوى الله عزّ وجلّ فإنها أمانٌ عند البلايا وذُخْرٌ عند الرزايا،وعصمة من الدنايا، فاتقوا الله رحمكم الله ولا تغرّنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنّكم بالله الغَرُور( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ )
أيها المسلمون ما كان حديثًا يُفترَى، ولا أمرًا يُزْدَرَى؛ أنّ هذه الدار دار امتحان وابتلاء فهو القائل سبحانه (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فالحقيقة الحاضرة الغائبة أنّ الموت في هذه الدنيا نهاية كل حي، وختام كل شيء قال تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) ولذلك وجب عدم الغفلة عن هذا المصير قال صلى الله عليه وسلم (أكثروا من ذكر هاذم اللذات )
وما الدهرُ إلا كَرُّ يومٍ وليـلةٍ *وما الموت إلا نـازِلٌ وقريبُ
معاشر المسلمين: إنًّ العُمُرَ قصيرٌ وإن طالَ التـَّمَتـُّعُ بهِ, وإنَّ القبرَ يَضِيْقُ إﻻ‌َّ لِمَنْ أعدَّ لهُ، واليومَ عملٌ وﻻ‌ حِسابْ, وغداً حِسابٌ وﻻ‌ عَمل,فلا بدَّ واللهِ منَ التفكـُّرِ والتدبُّرِ, أيها المؤمنون:إن الموت سُنّة الله في الكون لاتتبدل ولاتتحول (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)(وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً) فالموت كأس وكل الناس شاربه، وقد تحسَّى مرارته الأنبياء والأولياء، والعلماء والزعماء.
وبموت الإنسان تنقطع أعماله، وتُطوَى صحائفه ، ولن يُسمح لشيء يصحبه إلا عمله الذي عمله إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر ، وفي الحديث (يتبع الميت ثلاث: أهله وماله وعمله، فيرجع الأهل والمال، ويبقى العمل( ولا يفارقه دافنوه وهو يسمع قَرْع نعالهم حتى يأتيه الملكان فيسألانه عن ربه، عن دينه، عن نبيه.
عباد الله.. وفي تذكّر الموت عظة للعبد وإيقاظ له من سِنَته وغفلته، وحث له على الازدياد من الأعمال الصالحة، (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).
والمسلم أمام مصاب الموت صابر محتسب، في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله لعجب؛ إن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وهو عند المصائب يرضى ويسلّم، ويتذكّر قول الله (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (
ولئن كانت مصيبة الموت بعامّةٍ كبيرة، والفاجعة بالفَقْد عظيمة؛ فإن الرزِيّة تكون أعظم وقْعًا وأكبر أثرًا حينما تكون بفَقْد ولي أمر المسلمين لم يألوا جهداً في نصرة قضاياهم والعمل على خدمتهم.
و كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
معاشر المسلمين: لقد فُجعت الأمة اليوم بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته،فإنا لله وإنا إليه راجعون ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها.
اخوة الإيمان ومع فَدَاحة المصيبة، وعِظَم الفَجِيعة في وفاته رحمه الله فلا نملك حيالها إلا الرضا والتسليم والتذرُّع بالصبر والاحتساب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون. ونلهج بالدعاء له بأن يتغمده الله برحمته و أن لا يحرمه ثواب ما قدّم للإسلام والمسلمين من حرصه على جمع الكلمة وتوحيد الصف في وقت وظروف تعد من أصعاب الأوقات والظروف التي مرت وتمر بالأمة العربية والإسلامية اليوم، مع ما عمل وحرص عليه رحمه الله من توسعة للحرمين الشريفين كأكبر توسعة لهما يشهدها التاريخ وكذلك المشاعر المقدسة وتسهيل كل الصعاب التي تحول بين الحجاج والمعتمرين وأدائهم لنسكهم بكل يسر وسهولة وأمان، مع ما شهده البلد في عصره من نهضة لم يشهدها من قبل من إنشاء الجامعات والمستشفيات ومشاريع النقل فرحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله عنا وعمّا قدّم للإسلام والمسلمين خيرًا.
اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعِيت به أجبت، وإذا سُئلت به أعطيت؛ أن تحسن عزاء الجميع، وأن تخلف عليهم الخَلَف المبارك، وأن تجبر المصاب، وتغفر للفقيد. والحمد لله على قضائه وقدره، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى.
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ونفعني وإياكم بهدي نبيه الكريم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
الحمد لله الذي كتب على عباده الموت والفناء، وتفرد سبحانه بالحياة والبقاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد فاتقوا الله عباد الله ثم اعلموا رحمكم الله أن مما يسلينا عن مصيبتنا، ويهوّن علينا هذا المصاب الجَلَل ما مَنّ الله به علينا من الاتفاق واجتماع الكلمة واتحاد الصفّ والتحام القيادة، فهذه من أجلّ نعم الله علينا بعد نعمة الإسلام وما شهدناه من من انتقال سلس في الولاية للحكم إلى ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز والناس مستمرون في معاشهم وسبل حياتهم آمنين في دورهم وعلى أموالهم وأعراضهم لهي من أعظم النعم وأجلها، فنحمد الله ونشكره على ذلك.
عباد الله في استمرار أمن واستقرار هذا البلد المبارك أمان واستقرار لكثير من المسلمين الذين يعيشون فيه وهم في أمن واستقرار ورعاية للعهود وحفظ للعقود، وهذا من رحمة الله بنا جميعاً، فلنحمد الله ولنشكره عليها وقد قال سبحانه أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ .
معاشر المسلمين. قال صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه مسلم في صحيحه: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتةٍ جاهلية) وفي حديث عبادة قال (بايعْنا رسول الله على السمع والطاعة في عُسْرِنا ويُسْرِنا، ومَنْشَطِنا ومَكْرَهِنا، وأَثَرَة علينا وأن لا نُنازع الأمر أهله) فالبيعة لولي الأمر قرّرتها الشريعة وأوجبتها نصوص الكتاب والسنة وحكى الإجماع عليها غير واحد من أهل العلم، فهي أصل من أصول الديانة، ومَعْلَم من معالم المِلّة ومنهج السنة، يجب التزامها والوفاء بها؛ لأنها أصل عقدي، وواجب شرعي. يقول الإمام النووي رحمه الله: "وتنعقد الإمامة بالبيعة"، ولذلك فإنا نوصي المسلمين جميعًا بلزوم البيعة لولي الأمر على الكتاب والسنة ومنهج سلف هذه الأمة.
سائلين الله تعالى لعبده عبدالله بن عبدالعزيز المغفرة والرحمة وأن يجزيه خير ما جزى به وليًّا عن رعيته، وأن يسكنه فسيح جناته، كما نسأله جل جلاله أن يسدد ويعين ولي أمرنا سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده على هذه الأمانة العظيمة، وأن يوفقهما لما يحب ويرضى، وأن يُعز بهما الإسلام والمسلمين وأن ينصر بهما الحق والمعروف في كل مكان. اللهم وارزقهما البطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على كل خير وتحذرهم إن من كل شر إنك ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال قولاً كريماً...
المشاهدات 2681 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا