خطبة مختصرة لعيد الأضحى المبارك 1437 هـ

عبدالرحمن اللهيبي
1437/12/08 - 2016/09/09 23:43PM
هذه خطبة مختصرة من خطبة قديمة للشيخ صلاح البدير في عيد الأضحى المبارك

الحمد لله لا نِدَّ له ولا نظير ، ولا عديل له ولا مثيل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تَعصِمُ صاحبَها وتُعليه، وتُقرِّبه لمولاهُ وتُدنيه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله من اتبعه فلا البدع تستهويه، ولا الخرافة تُغويه، صلى الله وسلَّم عليه وعلى الخِيَرة المُصطفَيْن من آله، والمُقتدين بشرف فِعاله وكريم خِصاله.
الله أكبرُ عددَ ما غرَّدَت الأطيار، الله أكبر عدد ما لبَّى المُلبُّون من الحُجَّاج والعُمَّار، الله أكبر كم أعتق برحمته عبدًا من النار، الله أكبرُ كم تجاوز عن الذنوب والأوزار، الله أكبر كم عفا عن عباده وهو الرحيم الغفار.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أما بعد، فيا أيها المسلمون:
هنيئًا لكم عيد الأضحى المبارك , هنيئًا لكم يوم الحج الأكبر، هنيئًا لكم يوم الجمع الأعظم، يومٌ عظيمٌ يُهراقُ فيه الدم، وتحِلُّ فيها الحُرم، الوقوف في ليلته، والرمي والنحر والطواف في صبيحته، والحجيج في عند الكعبة تبتهل وتتضرع، وتُنادي ربها وتخشع، قد طمِعَت في رحمته وغفرانه، وكرمه ورضوانه، وكيف لا تطمع وهو الرحيم التواب، الكريم الوهاب، يفتح بابًا، ويقبل متابًا، ويُعتِق رقابًا، ويمحوا أوزارا، فسبحان من دانَت له جميع الكائنات، وذلَّت له جميع المخلوقات، وخضعَت له الملائكة في سائر الأقطار والجهات.

فارفعنا اللهم بطاعتك، وأعِزَّنا بقربك وخشيتك، وأدخِلنا في رحمتك.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون:
إن ربَكم جليلٌ عظيم فاجعلوه ذُخركم وملجأكم، ومقصدكم ومفزَعكم، أطيعوا أمره، وحاذروا معصيته، فما من عبادةٍ عُبِدت، ولا من فريضةٍ فُرِضَت إلا لتكبيره وتعظيمه، وإجلاله وتوحيده، وهو المستحق لأكمل الثناء، وأجلِّ الحمد والتعظيم، لا تليق العبادة إلا له، ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته، تعالى وتقدَّس، وتنزَّه وتعاظَم، وجلَّ وعزَّ أن يكون له شريكٌ أو نظير، أو والدٌ أو ولد، قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ .
من تعلَّق به كفاه، ومن اعتمد عليه وقاه، ومن لجأ إليه حفِظَه وتولاَّه، فكيف يلجأ العبد عند حاجته وشدَّته إلى غير الله أو إلى أضرحة وأموات، وحجارة ورُفَات، وخرافات وخُزعبلات، وتمائمَ وحُجُبٍ وخيوطٍ ومُعلَّقات؟! كيف يلجأ العبد عند مرضه وبليَّته إلى سحرةٍ كفرة، وكهنةٍ مكَرة، ومُشعوذِين فَجرة، لا يلجأ إليهم إلا من وُكِل إلى الخسران والخذلان، ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر: 13، 14]، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ .
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون:
لوذوا بالكتاب والسنة، واعتصموا بهما، واعملوا بهما، واحذروا الأفكارَ الزائغة، والعقائدَ المنحرفة، والبدعَ المُضِلَّة، لا تسلكوا غير طريق الشريعة التي جاء بها نبينا وسيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وسار عليها أهل القرون المُفضَّلة، فهي المَتجر الرابح، والميزان الراجح، والمنهج الصالح.
يقول الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -: "يسقط كل شيء خالَفَ أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يقوم معه رأيٌ ولا قياس؛ فإن الله قطع العُذر بقوله صلى الله عليه وسلم ".
ويقول الإمام الزهري - رحمه الله -: "من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا القبول والتسليم".
فعظِّموا نصوص الكتاب والسنة وامتثِلوها، وانقادوا لها ولا تُعارِضوها.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون:
المنايا للخلق راصدة، والحوادث لهم حاصِدة، وداء الموت ليس له دواء، من استوفى أجلَه حلَّت ساعتُه، وقامت قيامتُه، فادلِفوا إلى باب التوبة، ولوذوا بباب الإنابة، وهُبُّوا من رَقدة الهوى، واستفيقوا من غفلة الرَّدَى، واعلموا أن أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عمله صلاتُه؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسِر، فإن انتقص من فريضته شيئًا قال الرب - عز وجل -: «انظروا هل لعبدي من تطوُّع، فيُكمَّل منها ما انتقص من الفريضة».
ومن كانت عنده مظلِمةً لأخيه فليتحلَّله منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالح أُخِذ منه بقدر مظلِمته، وإن لم يكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِلَت عليه، ثم طُرِح في النار.
واعفوا واصفحوا، عودوا المريض، وصِلوا الرَّحِم، وأطعِموا الجائع، وأعطوا الفقير، ووفُّوا حق الأجير، واحنُوا على الوالدين، وأحسِنوا إليهما، واستوصوا بالنساء خيرًا، عامِلوهن بالمحبة والإكرام ، والتقدير والاحترام، واحذروا التسرُّع في الفراق والطلاق، واحفظوا أولادكم، وأحسِنوا أدبهم وتربيتهم، وغُضُّوا أبصاركم، واحفظوا فُروجكم، واتقوا الدنيا، واتقوا النساء، وما خلا رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
والراشي والمُرتشي والساعي بينهما ملعونون على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن غشَّ المسلمين فليس منهم، ومن استُعمِل على عملٍ فليجِئ بقليله وكثيره، ولا يكتم منه شيئًا؛ فإن كتم كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة.
يا من ابتُلِي بالدخان والشيشة، أو بما هو أخبث وأعظم من الخمرة والمُخدِّرات! بادِر بادِر قبل أن ينزل بك ما تُحاذِر، بادِر إلى تركها قبل أن تدَعَك طريحًا، وتذَرَك صريعًا، وتقتلك سريعًا.
يا من ابتُلِي بأكل الربا! تذكَّر يوم يُوضَع القطن على عينيك، وتُلفُّ الأكفان على جانبيك، وتكون أموالك وبالاً عليك.
يا من ابتُلِي بالذنوب والمعاصي! أقبِل على مولاك مُنكسرًا، ولُذ بباب جُوده مُعتذرًا، وابسط كفَّ اضطرارك مُفتقرًا، فما للعبد سوى مولاه، فإما أدناه منه فضلاً أو أقصاه.
فما لنا في الحالتين مذهبُ عن باب مولانا إلى من نذهبُ
«إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له».
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيها المسلمون:
الأضحية قُربةٌ جليلة، ونسيكةٌ عظيمة، لا ينبغي للمُوسِر تركها؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له سَعة ولم يُضحِّ فلا يقربنَّ مُصلاَّنا»؛ أخرجه أحمد وابن ماجه.
وأفضلها أسمنُها وأطيبها، وأكثرها ثمنًا.
وحاذِروا العيوب المانعة من الإجزاء، فلا تُجزئُ ذات عيبٍ بيِّنٍ من مرضٍ أو عَوَر أو عَرَجٍ أو عَجَفٍ أو عمى بصر.
تقبل الله ضحاياكم، ورضِي عنكم وأرضاكم، وحقَّق في الخير مُناكم، وأسعدكم ولا أشقاكم.
أعاد الله علينا وعليكم هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنةً مديدة، ونحن في صحةٍ وعافيةٍ وحياةٍ سعيدة.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل بلادنا هذه آمنةً مطمئنةً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا ، وأصلِح له بطانته،
اللهم ادفع عنا شر الكائدين، ومكر الماكرين، وعدوان المعتدين.
اللهم يا رب العالمين، اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحم موتانا، وانصرنا على من عادانا يا رب العالمين.
اللهم احفظ حُجَّاج بيتك الحرام، اللهم تقبَّل مساعيَهم وزكِّها، وارفع درجاتهم وأعلِها، اللهم حقِّق لهم من الآمال أعلاها، ومن الآمال مُنتهاها، اللهم اجعل حجَّهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا، اللهم رُدَّهم إلى ديارهم سالمين غانمين، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم انجي المستضعفين من المسلمين وفرج همهم واكشف كربهم وارفع البلاء عنهم وأهلك عدوهم وانصرهم على القوم المعتدين، اللهم مُنَّ على جميع بلاد المسلمين بالأمن والرخاء والاستقرار، برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا وسيدنا محمد بشير الرحمة والثواب، الشافع المُشفَّع يوم الحساب، اللهم صلِّ عليه، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنا معهم بمنِّك وكرمك وجُودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
المشاهدات 2848 | التعليقات 0