خطبة مختصرة : كورونا نصائح وارشادات 18 /7 /1441هــ

محمد ابراهيم السبر
1441/07/18 - 2020/03/13 09:37AM

خطبة  كورونا نصائح وارشادات

الجمعة 18 /7 /1441هــ جامع الأميرة موضي السديري بالرياض

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده وعبد ربه مخلصاً حتى أتاه اليقين، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.

عباد الله، مرت بنا أيام وأحداث اتخذت فيها بلادنا -حرسها الله- إجراءات واحترازات لحفظ النفوس والأبدان من وباء استشرى في العالم خطرة وبان ضرره فعلقت العمرة والزيارة وأجلت الدراسة بشكل مؤقت وبذلت جهود وتعاونت سواعد لمواجهة الوباء المسمى كورونا ومحاصرته قبل تفشيه.

وفي هذا الصدد عباد الله نقول إن في شريعة الإسلام إرشادات وتوجيهات ودواء ناجع في مواجهة الأوبئة والأمراض فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا سمعتُم به – يعني الطاعون - بأرضٍ فلا تَقْدُمُوا عليه، وإذا وقَع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه " رواه البخاري ومسلم، فمن هدي الإسلام أن منع من الذهاب إلى المناطق الموبوءة، ومنع الخروج منها لِمَن كان فيها، وهذا ما يُسمَّى في عصرنا بالحجْر والعزل الصحي.

وفي المقابل ينبغي أن يقوي قي النفس جانب التوكل على الله، وتفويض الأمر إليه والثقة به سبحانه، قال تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾، والمعنى: أننا والخلق جميعًا تحت مشيئة الله وقدره، وهو سبحانه مولانا؛ أي: ملجؤنا ومتولي تصريف أمورنا، فعلينا الرضا بأقداره وتفويض الأمور إليه.

وفي الحين نفسه ينبغي أن نأخذ بجملة الأسباب التي أمر بها العبد لمدافعة المرض، من التداوي والبعد عن مسببات المرض، وتجنبه، ففي صحيح مسلم عن الشريد بن عمرو الثقفي قال:" كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم ارجع فقد بايعناك"، وفي الصحيحين: " لا يورد ممرض على مصح" أي لا يدخل صاحب الإبل إبله المريضة على الإبل الصحيحة، قال صلى الله عليه وسلم " فر من المجذوم فرارك من الأسد". رواه البخاري.

فهذه النصوص وغيرها تدل على وجوب الأخذ بالأسباب، وأنه من الشرع، ولا ينافي التوكل على الله، وعلى المسلم ألا يُفْرِط في الأخذ بالأسباب بحيث يعتقد أنها تدفع عنه المرض بنفسها، بل يعتقد أن الأمر كله لله، وأن ما قدره الله فلا راد له.

ولما خرج عمر رضي الله عنه إلى الشام أُخبر أن الطاعون قد وقع بها فاستشار من معه من الصحابة رضي الله عنهم في ذلك، فأشار عليه بعضهم بالمضي قدمًا، وأشار عليه البعض الآخر بعدم الدخول حفاظًا على أنفس من معه، فقرر عدم الدخول، فاعترض عليه أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بقوله: "يا أمير المؤمنين، أفرارًا من قدر الله تعالى؟ فقال له: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، نعم، نفرُّ من قدر الله تعالى إلى قدر الله"، فقدر الخوف يُستدفَع بقدر الأمن.

وعقيدة المؤمن تقوم على الإيمان بالقضاء والرضا بالقدر خير وشره، والصبر على الوجع، احتسابًا لما عند الله؛ ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: " الطاعون شهادة لكل مسلم ".

وشأن المؤمنين الخلص الالتِجاء إلى الله تعالى وقت المصائب والشدائد، وحسنُ الظن به، واليقين التامُّ أنه لا كاشفَ للضرِّ ولا رافعَ للبأسِ إلا هو سبحانه وتعالى.  

والمحن والبلاء لا تقابل باليأس والقنوط من رحمة الله والتسخط والجزع، فهذا يُنافِي كمال الإيمان، قال علي رضي الله عنه: " إن صبرتَ جَرَتْ عليك المقادِير وأنت مأجور، وإن جزعت جَرَتْ عليك المقادِير وأنت مأزور".

عباد الله: لقد جاءت الإجراءات والاحترازات التي اتخذتها حكومةُ بلادنا -حرسها الله- بتعليق العمرة والزيارة مؤقَّتًا وتعليق الدراسة ومنع السفر إلى بعض الدول للحدِّ من انتشار هذا الوباء جاءت متوافقةً مع الشريعة المطهرة، فحفظُ الأرواح والأبدان من مسؤوليات الحاكم، وله تقديرُ ذلك بالرجوع إلى أهل العلم والاختصاص.

والواجب على المسلمين كافةً التضرُّع والالتجاء إلى الله بالدعاء أن يرفع عن خلقه ما نزَل بهم، فالدعاء ينفع ممَّا نزَل وممَّا لم ينزل:(قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ). فنسأل الله أن يديم لطفه وحفظه وعافيته على بلادنا وبلاد المسلمين، بمن فيها وما فيها، رعاة ورعية، وأن يرفع هذا البلاء عنا وعن المسلمين.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ....  

 الخطبة الثانية:

 الحمد لله، وكفى وسمع الله لمن دعا، وبعد فاتقوا الله عباد الله حق التقوى وأعلموا أن نبيكم عليه الصلاة والسلام كان يعجبه الفأل، والأوبئة تكون ثم تهون، وكم من أوبئة حلَّت ثم اضمحلت، وجَلَّت ثم جَلَتْ، وتوالت ثم تولت، واعلموا أن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسراً، ولن يغلب عسر يسيرين، فانشروا الفأل والطمأنينة في مجتمعكم، وحذار من الشائعات والأراجيف وترويع الناس، وردوا الأمر إلى أهله وتقيدوا بتعليمات الجهات الرسمية والسلطات الصحية فالأخبار تتلقى من مصادرها الموثوقة. والتجئوا إلى الله على الدوام بالدعاء والإنابة وكثرة الاستغفار، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة.

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.

اللهم إنا نعوذ بك من الطعن والطاعون، وعظم البلاء في النفس والأهل والمال والولد، الله أكبر، الله أكبر مما نخاف ونحذر، اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام، ومن سيئ الأسقام.

 واعلموا رحمكم الله أن الله أمرَكم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال في مُحكَم تنزيله: (إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا ). اللهم صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن بقية العشرة وأصحاب الشجرة وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعنَّا معهم بجُودِك وكرمِك يا أكرم الأكرمين. اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المشاهدات 918 | التعليقات 0