خطبة مختصرة عن ( برد الشتاء) بجامع الديرة بحريملاء

راشد الناصر
1438/05/06 - 2017/02/03 07:12AM
أما بعد: فأوصيكم و نفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى
ثم أما بعد: ففي الصحيحين أن النبي قال: ((اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب، أكل بعضي بعضًا، فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشدّ ما تجدون من الحر من سموم جهنم، وأشدّ ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم .
عباد الله ان مِنْ نِعَمِ اللهِ سبحانه وتعالى على عباده أن جعل لهم فصولاً أربعة يتقلب فيها الزمان، على حرّ مصيف، ويبس خريف، وبرد شتاء، وحسن ربيع، تبعًا لحكمته البالغة ومشيئته النافذة وقدرته الباهرة، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ [القمر:5].
فأما المؤمن فيتذكر ويعتبر ويزداد إيمانًا إلى إيمانه، يأتي فصل الصيف بحرارته وشدته فيتذكر حرّ النار وسموم جهنم، ويتذكر قوله تعالى: قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا [التوبة:81]، فيزداد يقينًا إلى يقينه، ويسارع إلى طاعة ربه وإلى مرضاة مولاه وإلى أعمال صالحة مباعدة عن النار. ويأتي فصل الشتاء ببرده وقساوته فيتذكر زمهرير جهنم، ويعلم أنه في موسم من مواسم الإقبال على الله، فيتزوّد للقاء الله سبحانه وتعالى، كما قال أحد السلف: "الشتاء جنة المؤمن؛ طال ليله فقامه، وقصر نهاره فصامه".
هذا هو حال المؤمن، وأما الغافل فلا تذكّر ولا اعتبار، وإنما لهو ولعب وغفلة وبعد عن الله سبحانه وتعالى، حاله كحال القائل:
إذا كان يؤذيك حر المصيف ويبس الخريف وبرد الشتاء
ويلهيك حسن زمان الربيع فأخذك للعلم قل لِي متى؟
وهكذا المعرض عن الله يبدّد حياته ويضيّع عمره في كل معصية ولهو، حتى يأتيه الأجل وهو على هذه الحالة، فيندم ولات حين مندَم، ويتمنى الرجوع إلى هذه الدنيا ليعمل ولكن هيهات هيهات، وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ [سبأ:54]، أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [فاطر:37].
بارك الله لي ولكم في القران العظيم ................


الخطبة الثانية

معاشر الموحدين، ما أعظم المؤمن وهو يستعذب الألم في سبيل الله سبحانه وتعالى، يوم يقوم العبد وهو يسمع النداء لصلاة الفجر: "حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة خير من النوم"، فينتفض من فراشه الدافئ، ويتخلى عن لحافه الوثير، ويعمد إلى الماء ، فيتوضأ في شدة البرد، ولسان حاله يقول: "أحبُّه إلى الله أحبّه إلى نفسي"،
ما أعظم المؤمن وهو في هذه الحالة، يباهي به الله ملائكته، وقد ترك فراشه الدافئ ولحافه الوثير، وقام إلى الماء يتوضأ، وقام إلى ربه يناجيه ويدعوه،

يا لعظمة المؤمن وهو يخرج من بيته في ظلام الليل وفي شدة البرد وهو يستحضر قوله عليه الصلاة والسلام: ((بشّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة))، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) وذكر منهم: ((ورجل قلبه معلق بالمساجد.)).
إن على المؤمن أن يستشعر هذه المعاني، فيتذكر هذه الأحاديث حتى يزداد إيمانًا إلى إيمانه ويقينًا إلى يقينه وإقبالاً على طاعة ربه وشوقًا إلى مرضاة مولاه.
في حديث أبي هريرة ـ كما في صحيح مسلم ـ يقول عليه الصلاة والسلام: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط))
أيها المؤمنون إن المؤمن يعيش هذه التقلبات ويعيش معه إخوان لنا قُدِرْت عليهم أرزاقهم، وقصرت بهم النفقة، وهم بأمس الحاجة إلى العون والمساعدة في برد الشتاء، فقدموا لأنفسكم وتفقدوا إخوانكم المحتاجين، وابدؤوا بأقاربكم وذوي أرحامكم ثم جيرانكم وأهل بلدكم ثم الأقرب منكم فالأقرب، ولا يحقرن أحدكم من المعرف شيئاً، فقد قال النبي اتق النار ولو بشق تمرة )
اللهم اني اسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين
المرفقات

1242.zip

المشاهدات 4364 | التعليقات 0