خطبة مختصرة: استغلال العشر الأواخر من شهر رمضان والإشارة إلى ليلة القدر

فيصل التميمي
1435/09/20 - 2014/07/17 23:09PM
من المحفوظات مع تعديل بسيط جزى الله من أعدها خير الجزاء
ونفع بكم الإسلام والمسلمين
استغلال العشر الأواخر من شهر رمضان والإشارة إلى ليلة القدر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره؛ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا؛ ومن سيئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضل له؛ ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:- فأيها الناس: اتقوا الله تعالى, وراقبوه, واعلموا أن أفضلَ الناسِ أكثرُهُم للموت ذِكْرا, وأحسَنُهم لما بعدَه استعداداً. و أفضلِ ما يستـعد به المرءُ, استغلاله لمواسم الخير والعبادة, ومن أعظمها وأجلها أيام هذا الشهر المبارك ، وعشْرهُ الأواخرُ بالأخص, فإن لياليها أفضلُ ليالي العام, وفيها ليلةٌ خير من ألف شهر,. فحريٌّ بالمؤمن أن لا يفرّط في هذه الليالي المباركة, وأن لا يفتح بابًا للكسل والتفريط فيها أو الإنشغال في لياليها, فهي ليال فاضلة, إنْ مَضَت على المؤمن دون أن يستغلها, فهو محروم حقاً, لأنه فوَّت على نفسه درة ليالِ العام ، وموسم عظيم لمغفرة الذنوب ومضاعفة الحسنات والعتق من النار.
ألا فاقدروا لهذه الليالي قدرها بالتفرغ فيها قدر المستطاع للعبادة والإقبال على الله. والإكثار من الدعاء والإستغفار والإنابة إليه.
عباد الله: ولقد كان قدوتنا وحبيبنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان مالا يجتهد في غيره, ويجتهد في العشر الأواخر أكثر مما يجتهده في غيرها , فيعتكف فيها ويلازم مسجده , ويَشُدُّ مِئزَرَه, وَيُحْيِي ليلَه, ويوقظُ أهله, وما ذاك إلا لفضل هذه الليالي, وطمعاً في موافقة ليلةِ القدر, التي شَرَّفَها الله, وبارك فيها.
تلكم الليلةُ الشريفةُ التي أُنزل فيها القرآن العظيم، ويُفْرَقُ فيها كلُّ أمرٍ حكيم،.
تلكم الليلة الكريمة التي يكثر فيها نزول الملائكة والرحمات ، وتكثر فيها البركات , وهي سلام للمؤمنين من كُلِّ مَخُوف لِكَثْرَة العتقاء فيها من النار, والسالمين منالعذاب . وليلة بتلكم المنزلة العلية والمرتبة السنية حقيقٌ أن يبذل العبدُ كاملَ اجتهاده في تحرّيها وطلبها بكثرة العبادة والتقرب إلى خالقه ومولاه.
عباد الله: ومن رحمة الله بعباده أن أخْفَى عليهم تحديد ليلة القدر من ليال العشر, إلا أنه ثبت في السُّنَّةِ أن نتحراها في الليالي الوترية أكثر من غيرها ، وهي ليالي إحدى وعشرين, وثلاث وعشرين, وخمس وعشرين, وسبع وعشرين, وتسع وعشرين.
وعدم تحديدها رحمةً من الله بِعِبَادِه ، ليَكْثُر عملُهم في طلبها بالصلاةِ والذكرِ والدعاءِ, فيزدادُوا قُرْبةً من الله وثواباً، و ليتبيّنَ بذلك مَنْ كانَ جادَّاً في طلبها حريصاً عليها مِمَّنْ كانَ كسلانَ متهاوناً، فإنَّ مَنْ حرصَ على شيءٍ جدَّ في طلبِه وهانَ عليه التعبُ في سبيلِ الوصولِ إليهِ والظَفر به .
فاللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك, واغفر لنا ولوادينا ولجميع المسلمين, إنك أنت الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله ثم اعلموا رحمكم الله بأن أمَ المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا سألتْ النبيَ صلى الله عليه وسلم عما تقوله في ليلة القدر إن هي وافقتها فقَالَتْ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟"، قَالَ: “قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي) فحافظوا على هذا الدعاء في كل لياليها رجاء موافقتها والفوز بعفو الله ومغفرته.
وأفضلُ ما يتقرب به العبد في العشر الأواخر بعد أداء الفرائض صلاة الليل, وأفضل وقتها: الثلث الأخير منه, لأنه وقت النزول الإلهي الذي يستجاب فيه الدعاء. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟).
فاحرصوا رحمكم الله على صلاة القيام في هذه الليالي المباركة, واجتهدوا في الدعاء لأنفسكم ولوالديكم ، ولأهلكم وإخوانكم المسلمين. وبأن ينصر الله الإسلام وأهله, وأن يرفع البلاء عن المسلمين في سوريا وغزة وعن أهل السنة في كل مكان، واجتهدوا في التأسي بنبيكم الكريم صلى الله عليه وسلم بإحياء سنة الإعتكاف في هذه العشر المباركة ، بلزوم المسجد والتفرغ للعبادة ، فذلك من أكبر العون على تحصيل أجورها وجني بركتها.كما كان يفعل نبيكم صلى الله عليه وسلم إذا دخلت هذه الليالي الجليلة.
هذا وصلّوا وسلّموا على الرحمة المهداة والنعمة المسداة محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك ربكم فقال سبحانه..(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا)
المشاهدات 3409 | التعليقات 0