خطبة : ( متعرضون للنفحات في شهر البركات )

عبدالله البصري
1437/09/11 - 2016/06/16 10:03AM
متعرضون للنفحات في شهر البركات 12 / 7 / 1437
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، ثِنتَا عَشرَةَ لَيلَةً مِن رَمَضَانَ مَضَت ، وَمَا زَالَ المُسلِمُونَ بِعَونِ اللهِ وَتَوفِيقِهِ يَزدَادُونَ هِمَّةً وَنَشَاطًا ، يُجَدِّدُونَ العَهدَ مَعَ رَبِّهِم ، وَيَتَسَابَقُونَ في التَّقَرُّبِ إِلى مَولاهُم ، حَرِيصِينَ عَلَى أَن يَأتُوا مِنَ الأَعمَالِ أَفضَلَهَا ، وَيُقَدِّمُوا مِنَ الحَسَنَاتِ أَكمَلَهَا ، وَيَختَارُوا مِنَ القُرُبَاتِ أَحسَنَهَا وَأَجمَلَهَا ، يَجِدُّونَ في لَيلِهِم وَنَهَارِهِم ، وَيَجتَهِدُونَ في تَصحِيحِ مَسَارِهِم ، وَيَسلُكُونَ إِلى الخَيرِ كُلَّ سَبِيلٍ ، وَيَطلُبُونَ الأَجرَ مِن كُلِّ بَابٍ ، يَحدُوهُم في كُلِّ ذَلِكَ ظَنٌّ حَسَنٌ بِرَبِّ العَالَمِينَ ، وَأَمَلٌ صَادِقٌ في أَن تَشمَلَهُم رَحمَتُهُ ، أَو تُدرِكَهُم نَفحَةٌ مِن نَفَحَاتِهِ ، فَيَكُونُوا مِنَ العُتَقَاءِ مِنَ النَّارِ ، وَيَسعَدُوا سَعَادَةً دَائِمَةً لا يَشقَونَ بَعدَهَا أَبَدًا .
مَا أَجمَلَ المُسلِمِينَ شَبَابًا وَشِيبًا وَكُهُولاً ، وَهُم يَتَسَابَقُونَ إِلى مَسَاجِدِهِم قُبَيلَ الأَذَانِ أَو مَعَهُ ، لِيَركَعُوا للهِ رَكَعَاتٍ مُطمَئِنَّةً ، وَيَسجُدُوا بَينَ يَدَيهِ سَجَدَاتٍ خَاشِعَةً ، وَيَقرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ لَهُم مِن كِتَابِهِ ، أَو يَرفَعُوا إِلَيهِ دَعوَةً خَالِصَةً ! وَمَا أَحسَنَهُم وَقَد أَدرَكُوا تَكبِيرَةَ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ ، وَصَفُّوا مَعَ إِخوَانِهِم عَلَى مِثلِ صُفُوفِ المَلائِكَةِ ! ثم مَا أَجمَلَهُم بَعدَ ذَلِكَ وَقَد بَقُوا في أَمَاكِنِهِم مُطمَئِنِّينَ سَاكِنِينَ ، يُسَبِّحُونَ وَيَحمَدُونَ وَيُكَبِّرُونَ وَيُهَلِّلُونَ ، ثم يُكمِلُ أَحَدُهُم لَحَظَاتٍ إِيمَانِيَّةً عَاشَهَا قَبلَ الصَّلاةِ مَعَ كِتَابِ اللهِ ، فَيُتِمُّ جُزءًا بَدَأَهُ ، أَو يَختِمُ سُورَةً شَرَعَ فِيهَا !
إِنَّهُم في تِلكَ اللَّحَظَاتِ الإِيمَانِيَّةِ المُبَارَكَةِ ، الَّتي يُتَاجِرُونَ فِيهَا مَعَ رَبِّهِمُ الكَرِيمِ ، إِنَّهُم لَيَرجُونَ أَن يَنَالُوا أُجُورًا مُضَاعَفَةً وُعِدُوا بها ، فَغَدَوا لِعَظِيمِ إِيمَانِهِم بِرَبِّهِم وَتَصدِيقِهِم بِمَوعُودِهِ لَكَأَنَّمَا يَرَونَهَا بِأَعيُنِهِم ، بَل لَكَأَنَّمَا أَحَدُهُم يَذُوقُ حَلاوَتَهَا وَيَستَطعِمُ لَذَّتَهَا في لَحظَتِهِ ، يَجِدُهَا في خُطُوَاتِهِ إِلى المَسجِدِ ، وَيَذُوقُهَا في أَدَائِهِ النَّافِلَةَ قَبلَ صَلاتِهِ وَبَعدَهَا ، وَيَحتَسِبُهَا في انتِظَارِهِ الصَّلاةَ ، وَيُحِسُّ بها في كُلِّ حَرفٍ مِن كِتَابِ اللهِ يَقرَؤُهُ ، وَيَستَشعِرُهَا في رَفعِ يَدَيهِ لِتَكبِيرَةِ الإِحرَامِ مَعَ الإِمَامِ ، وَتَسِيرُ مَعَهُ وَهُوَ يُؤَدِّي صَلاتَهُ مَعَ الجَمَاعَةِ ، وَيَتَنَفَّسُهَا مَعَ كُلِّ تَسبِيحَةٍ وَتَحمِيدَةٍ وَتَكبِيرَةٍ وَتَهلِيلَةٍ ، ثم لا يَزَالُ يَجِدُ رَوحَهَا سَعَةً في صَدرِهِ ، وَطُمَأنِينَةً في قَلبِهِ ، وَرَاحَةً في نَفسِهِ ، تُرَغِّبُ إِلَيهِ اللُّبثَ في مُصَلاَّهُ وَالجُلُوسَ في مَسجِدِهِ ، حَتى لَكَأَنَّمَا يَسمَعُ مَلائِكَةَ الرَّحمَنِ وَهِيَ تَستَغفِرُ لَهُ حَالَ جُلُوسِهِ ، أَو تَكتُبُ لَهُ حَسَنَاتٍ وَتَمحُو عَنهُ سَيِّئَاتٍ ، فَمَا أَوفَرَ حَظَّهُ وَقَد حَظِيَ بِكُلِّ هَذِهِ الكَرَامَاتِ مِن رَبِّهِ ، وَمَا أَسعَدَهُ وَقَدِ اجتَمَعَت لَهُ كُلُّ هَذِهِ الفَضَائِلِ مِنَ الغُفُورِ الشَّكُورِ ! وَتَاللهِ لَولا إِيمَانُهُ بِرَبِّهِ وَاحتِسَابُهُ مَا عِندَهُ ، وَطَمَعُهُ في جَنَّتِهِ وَمَا أَعَدَّهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ ، لَجَلَسَ في بَيتِهِ ، أَو لَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ ، أَو لَلَبِثَ يَطرُدُ دُنيَاهُ ، أَو لاشتَغَلَ بِلَهوٍ أَو لَعِبٍ أَو قَضَاءِ شَهوَةٍ ، وَلَكِنَّ شُعُورَهُ بِأَنَّ رَمَضَانَ أَيَّامٌ مَعدُودَاتٌ سَرِيعَةُ المُرُورِ ، وَلَيَالٍ كَرِيمَةٌ خَاطِفَةُ العُبُورِ ، يَدفَعُهُ لاغتِنَامِ وَقتِهِ ، وَيُشَجِّعُهُ عَلَى مُسَابَقَةِ الزَّمَنِ ، وَيَقُودُهُ لاستِثمَارِ فُرَصِ العُمُرِ ، وَكُلَّمَا فَتَرَت نَفسُهُ أَو تَكَاسَلَت ، أَو وَجَدَ مِنهَا ضَعفًا أَو تَرَاجُعًا ، قَالَ لها يَا نَفسُ اصبِرِي قَلِيلاً وَتَجَمَّلِي ، وَوَاصِلِي المَسِيرَ وَتَحَمَّلِي ، وَاقرَئِي سِيَرَ الصَّالِحِينَ وَتَأَمَّلِي ، لِتَعلَمِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَد وَاصَلَ صِيَامَ اليَومَينِ وَالثَّلاثَةِ لِمَا يَجِدُهُ مِن حَلاوَةِ العِبَادَةِ ، وَأَنَّهُ قَد تَفَطَّرَت قَدَمَاهُ مِن طُولِ القِيَامِ لِمَا يَلقَاهُ مِن لَذَّةِ المُنَاجَاةِ ، وَأَنَّهُ كَانَ في رَمَضَانَ أَجوَدَ بِالخَيرِ مِنَ الرِّيحِ المُرسَلَةِ لِيَقِينِهِ بِأَنَّ رَبَّهُ سَيُخلِفُ عَلَيهِ وَيُعطِيهِ حَتى يَرضَى ، وَأَنَّهُ كَانَ يَعتَكِفُ في مَسجِدِهِ يَتَحَرَّى لَيلَةَ القَدرِ لِعِلمِهِ بِشَرَفِهَا وَمَا يَتَنَزَّلُ فِيهَا ، وَهَكَذَا كَانَ مَن بَعدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَصَالِحِي الأُمَّةِ ،،،
فَتَشَبَّهِي إِن لم تَكُوني مِثلَهُم *** إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالكِرَامِ فَلاحُ

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، مَا يُقَلِّبُ النَّاظِرُ بَصَرَهُ يَمنَةً وَيَسرَةً في هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ ، إِلاَّ رَأَى زَكَوَاتٍ تُخرَجُ بِنُفُوسٍ طَيِّبَةٍ ، وَصَدَقَاتٍ تُبذَلُ بِأَرِيحِيَّةٍ تَامَّةٍ ، وَتَفطِيرًا لِلصَّائِمِينَ في سُرُورٍ وَغِبطَةٍ ، وَأَفوَاجًا تَقطَعُ القِفَارَ وَتَتَحَمَّلُ مَشَقَّةَ الأَسفَارِ ، آمِّينَ البَيتَ الحَرَامَ يَبتَغُونَ فَضلاً مِن رَبِّهِم وَرِضوَانًا ، وَيَرجُونَ بِأَدَاءِ العُمرَةِ في هَذَا الشَّهرِ أَن يَنَالُوا أَجرَ حَجَّةٍ ، فَالحَمدُ للهِ الَّذِي أَعَانَ عِبَادَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَحَبَّبَهَا إِلَيهِم ، وَوَفَّقَهُم لَهَا وَيَسَّرَ لهم فِعلَهَا ، وَإِلاَّ لَمَا اهتَدُوا إِلى خَيرٍ سَبِيلاً ، فَكَم في هَذِهِ الأَرضِ مِمَّن أُوتُوا عُقُولاً ثَاقِبَةً وَأَفهَامًا نَيِّرَةً ، وَأَذهَانًا صَافِيَةً وَمَدَارِكَ وَاسِعَةً ، فَأَعمَلُوهَا في إِصلاحِ دُنيَاهُم ، وَأَدأَبُوهَا في التَّفكِيرِ فِيمَا يُرِيحُ أَجسَادَهُم ، فَبَلَغُوا في دَرَجَاتِ الدُّنيَا مَا بَلَغُوا ، وَنَالُوا مِن زِينَتِهَا مَا نَالُوا ، وَلَكِنَّهُم لم يُهدَوا لإِسلامِ وُجُوهِهِم للهِ ، وَلم يَتَعَرَّفُوا إِلَيهِ بِآيَاتِهِ الكَونِيَّةِ أَوِ القُرآنِيَّةِ " يَعلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُم عَنِ الآخِرَةِ هُم غَافِلُونَ " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحمَدُوهُ إِذَ هَدَاكُم وَاصطَفَاكُم ، وَكَفَاكُم وَآوَاكُم ، وَقُولُوا كَمَا يَقُولُ أَهلُ الجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوهَا : " الحَمدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَن هَدَانَا اللهُ " فَإِنَّ الشُّكرَ طَرِيقُ الزِّيَادَةِ " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرْتُم لأَزِيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرْتُم إِنَّ عَذَابي لَشَدِيدٌ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعظِمْ لَهُ أَجرًا "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، يَا مَن وَفَّقَكُمُ اللهُ في هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ فَنَوَّعتُمُ الأَعمَالَ الصَّالِحَاتِ ، وَأَخَذتُم مِن كُلِّ خَيرٍ بِسَبَبٍ ، اِستَبشِرُوا وَأَمِّلُوا خَيرًا ، فَإِنَّ رَبَّكُم جَوَادٌ كَرِيمٌ ، يُضَاعِفُ لِكُلِّ مَن عَمِلَ صَالِحًا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشرَ أَمثَالِهَا ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثَالِهَا " وَهَذَا الجَزَاءُ الكَبِيرُ – أَيُّهَا الإِخوَةُ - يَنَالُهُ كُلُّ عَامِلٍ بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ ، غَيرَ أَنَّ عَطَاءَهُ – تَعَالى – لا يُحَدُّ بِحَدٍّ ، بَل إِنَّهُ وَهُوَ الوَاسِعُ العَلِيمُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ أَضعَافًا كَثِيرَةً لا يُحصِيهَا غَيرُهُ ، وَمِن ثَمَّ كَانَ مِن فِقهِ المُسلِمِ وَتَوفِيقِ اللهِ لَهُ وَخَاصَّةً في هَذَا الشَّهرِ الكَرِيمِ ، أَن يَحرِصَ عَلَى بَذلِ الأَسبَابِ الَّتي تُضَاعَفُ بها أُجُورُهُ وَحَسَنَاتُهُ ، فَيَتَحَرَّى إِخلاصَ العَمَلِ للهِ وَأَن يُتَابِعَ فِيهِ رَسُولَ اللهِ ، قَالَ – تَعَالى - : " إنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ " وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " مَن صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . وَمِن أَسبَابِ مُضَاعَفَةِ الأَجرِ أَن يَكُونَ نَفعُ العَمَلِ مُتَعَدِّيًا ، وَأَثَرُهُ في النَّاسِ كَبِيرًا ظَاهِرًا ، وَفِعلُهُ يَدعُو الآخَرِينَ لِلتَّشَبُّهِ بِصَاحِبِهِ وَالاقتِدَاءِ بِهِ أَو مُشَارَكَتِهِ فِيهِ ، وَمِن ذَلِكَ تَعلِيمُ العِلمِ وَإِرشَادُ الجَاهِلِينَ ، وَالدَّعوَةُ إِلى الخَيرِ وَالنَّهيُ عَنِ الشَّرِّ ، وَالعَمَلُ في مَشرُوعَاتِ تَفطِيرِ الصَّائِمِينَ وَدَعمُهَا ، وَالمُسَاهَمَةُ في دَعمِ المَشرُوعَاتِ الخَيرِيَّةِ وَالأَوقَافِ ، الَّتي فِيهَا إِعَانَةٌ لِلمُسلِمِينَ عَلَى أُمُورِ دِينِهِم ، أَو إِغَاثَةٌ لهم في شُؤُونِ دُنيَاهُم ، وَنَفعُهَا مُستَمِرٌّ وَإِحسَانُهَا مُتَسَلسِلٌ ، قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " مَن سَنَّ في الإِسلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجرُهَا وَأَجرُ مَن عَمِلَ بها بَعدَهُ مِن غَيرِ أَن يَنقُصَ مِن أُجُورِهِم شَيءٌ ... " رَوَاهُ مُسلِمٌ . وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " إِذَا مَاتَ الإِنسَانُ انقَطَعَ عَنهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِن ثَلاثَةٍ : إِلاَّ مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَو عِلمٍ يُنتَفَعُ بِهِ أَو وَلَدٍ صَالِحٍ يَدعُو لَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ . وَمِنَ الأَعمَالِ المُضَاعَفَةِ الأَجرِ مَا كَانَ لَهُ وَقعٌ عَظِيمٌ في نَفسِ مَن يَحتَاجُ إِلَيهِ ، كَكَشفِ كُربَةٍ مَكرُوبٍ ، أَو قَضَاءِ حَاجَةِ مُحتَاجٍ ، أَو سَدَادِ دَينٍ مَدِينٍ ، أَو إِنجَاءِ مُشرِفٍ عَلَى الهَلَكَةِ مِنهَا ، أَو تَنفِيسِ عُسرٍ أَو إِزَالَةِ ضَرَرٍ ، وَإِذَا كَانَتِ امرَأَةٌ بَغِيٌّ قَد سَقَـت كَلبًا فَغُفِرَ لها بَغيُهَا ، فَكَيفَ بِمَن أَحسَنَ إِلى المُسلِمِينَ في رَمَضَانَ ، وَأَدخَلَ عَلَيهِمُ السُّرُورُ في شَهرِ الإِحسَانِ ، وَقَضَى حَاجَاتِهِم وَفَرَّجَ كُرُبَاتِهِم عَنِ احتِسَابٍ وَإِيمَانٍ ؟! وَمِن أَسبَابِ مُضَاعَفَةِ الحَسَنَاتِ الصَّدَقَةُ مِنَ الكَسبِ الطَّيِّبِ ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " مَن تَصَدَّقَ بِعَدلِ تَمرَةٍ مِن كَسبٍ طَيِّبٍ وَلا يَقبَلُ اللهُ إِلاَّ الطَّيِّبَ ، فَإِنَّ اللهَ يَقبَلُهَا بِيَمِينِهِ ثم يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُم فَلُوَّهُ حَتى تَكُونَ مِثلَ الجَبَلِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . وَمِن أَسبَابِ مُضَاعَفَةِ الأَجرِ أَن يَكُونَ العَبدُ حَسَنَ الإِسلامِ حَسَنَ الطَّرِيقَةِ ، تَارِكًا لِلذُّنُوبِ غَيرَ مُصِرٍّ عَلَى شَيءٍ مِنهَا ؛ قَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – : " إِذَا أَحسَنَ أَحَدُكُم إِسلامَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعمَلُهَا تُكتَبُ لَهُ بِعَشَرِ أَمثَالِهَا إِلى سَبعِ مِئَةِ ضَعفٍ ..." مُتَّفَقٌ عَلَيهِ . أَلا فَاتَّقُوا اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَاحرِصُوا عَلَى إِحسَانِ أَعمَالِكُم تُضَاعَفْ أُجُورُكُم ، أَدُّوا صَلاةَ الفَرِيضَةِ مَعَ الجَمَاعَةِ تُضَاعَفْ لَكُم ، وَقُومُوا مَعَ الإِمَامِ في التَّرَاوِيحِ حَتى يَنصَرِفَ يُكتَبْ لَكُم قِيَامُ لَيلَةٍ ، وَدَاوِمُوا عَلَى قِيَامِ لَيَالي رَمَضَانَ كُلِّهَا تُدرِكُوا لَيلَةَ القَدرِ ، فَإِنَّ إِدرَاكَهَا خَيرٌ مِن عِبَادَةِ أَلفِ شَهرٍ ، وَاصبِرُوا وَلا تَمَلُّوا ، وَدَاوِمُوا عَلَى الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ وَانصَبُوا ، فَعَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لها في عُمرَتِهَا : " إِنَّ لَكِ مِنَ الأَجرِ عَلَى قَدرِ نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ " رَوَاهُ الحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
المرفقات

متعرضون للنفحات في شهر البركات.doc

متعرضون للنفحات في شهر البركات.doc

متعرضون للنفحات في شهر البركات.pdf

متعرضون للنفحات في شهر البركات.pdf

المشاهدات 2251 | التعليقات 3

جزاك الله خيرا


لله درك ياشيخنا الغالي زادك الله علما وفقها


ما شاء الله .. لا قوة إلا بالله ..

خطبة شائقة فائقة رائقة ..

ماتعة رائعة نافعة بإذن الله ..

أسأل الله أن يبارك في علمك وعقلك وقلمك شيخ عبدالله ويزيدك من فضله وتوفيقه ..