خطبة : ( ما النجاح الذي تسعى إليه ؟! )

عبدالله البصري
1438/04/21 - 2017/01/19 19:57PM
ما النجاح الذي تسعى إليه ؟!
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم وَاخشَوا يَومًا لا يَجزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلا مَولُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيئًا إِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الغَرُورُ "
أَيُّها المُسلِمُونَ ، في أَيَّامِ الاختِبَارَاتِ المَدرَسِيَّةِ ، يَحلُو الحَدِيثُ عَنِ النَّجَاحِ ، وَيَطرُقُ هَذَا اللَّفظُ الرَّنَّانُ الأَسمَاعَ كَثِيرًا ، وَيَحُثُّ الآبَاءُ وَالمُعَلِّمُونَ عَلَيهِ الأَبَناءَ وَالطُّلاَّبَ ، وَيُزَيِّنُونَهُ لَهُم بِذِكرِ عَوَاقِبِهِ الجَمِيلَةِ وَآثَارِهِ الحَسَنَةِ ، وَالنَّجاحُ وَإِن كَانَ أَمرًا مُحَبَّبًا لِلنُّفُوسِ ، إِلاَّ أَنَّ ثَمَّةَ مَا يُشبِهُ المُبَالَغَةَ في وَصفِهِ في زَمَانِنَا وَالبَحثِ عَن أَسبَابِهِ ، خَاصَّةً وَقَد تَأَثَّرَت مُجتَمَعَاتُنَا بِأُمَمٍ لا تُؤمِنُ إِلاَّ بِالمَادَّةِ وَمَا يَنَالُهُ المَرءُ مِن حُطَامِ الدُّنيَا ، تَأَثُّرًا غَيَّرَ مَفهُومَ النَّجَاحِ وَالفَشَلِ ، وَاختَلَفَتِ النَّظرَةُ مَعَهُ إِلى المَعنى الحَقِيقِيِّ لِلرِّبحِ وَالخَسَارَةِ .
يُلحِقُ أَحَدُنَا أَبنَاءَهُ في المَدَارِسِ وَالمَعَاهِدِ وَالجَامِعَاتِ ، فَإِذَا مَا أَخفَقُوا فِيهَا أَو لم يُوَفَّقُوا لِنَيلِ شَهَادَاتِهَا ، حَزِنَ وَأَسِفَ وَانكَسَرَ خَاطِرُهُ ، وَاشتَدَّ في عِتَابِهِم وَبَالَغَ في لَومِهِم ، وَرُبَّمَا أَزرَى عَلَيهِم وَكَسَرَ خَوَاطِرَهُم بِكَثرَةِ الانتِقَادِ ...
وَيَدخُلُ آخَرُ مِنَّا في تِجَارَةٍ أَو مَشرُوعٍ ، فَيَخسَرُ فِيهِ أَو لا يُحَصِّلُ مَا حَلَمَ بِهِ مِن رِبحٍ مَادِيٍّ ، فَتُظلِمُ الدُّنيَا في وَجهِهِ ، وَيَكتَئِبُ وَتَنقَبِضُ نَفسُهُ ، وَيَرَى أَنْ لا سَبِيلَ بَعدَ ذَلِكَ إِلى السَّعَادَةِ ...
وَيَتَمَنَّى ثَالِثٌ مَنصِبًا فَتَقصُرُ بِهِ الخُطَا دُونَهُ ، فَيَأسَى عَلَى ضَيَاعِ عُمُرِهِ في طَلَبِهِ ، وَذَهَابِ جُهدِهِ دُونَ نَيلِهِ ، وَعَدَمِ رُؤيَةِ النَّاسِ لَهُ وَقَدِ اعتَلَى ذَاكَ الكُرسِيَّ فَأَمَرَ فِيهِ وَنَهَى ، وَخَفَضَ وَرَفَعَ ... وَهَكَذَا في غَايَاتٍ دُنيَوِيَّةٍ جَعَلَتِ النُّفُوسُ تَتَطَلَّعُ إِلَيهَا وَتَرغَبُ فِيهَا ، وَتَحسَبُ أَنَّهَا وَحدَهَا مَعَايِيرُ النَّجَاحِ وَمَقَايِيسُ الرِّفعَةِ ، وَكَأَنَّنَا لم نَقرَأْ يَومًا قَولَ الحَقِّ – تَبَارَكَ وَتَعَالى - : " نَحنُ قَسَمنَا بَينَهُم مَعِيشَتَهُم في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَرَفَعنَا بَعضَهُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعضُهُم بَعضًا سُخرِيًّا وَرَحمَةُ رَبِّكَ خَيرٌ مِمَّا يَجمَعُونَ "
أَجَل – أَيُّهَا الإِخوَةُ – لَقَد جَعَلَ اللهُ مِن سُنَنِ هَذَا الكَونِ تَفَاوُتَ النَّاسِ في تَحصِيلِ مَا يَصبُونَ إِلَيهِ ، وَقَضَى أَلاَّ يَكُونُوا عَلَى مُستَوًى وَاحِدٍ في مَعِيشَةٍ أَو دَرَجَةٍ ؛ لِيَكُونَ بِذَلِكَ لِكُلٍّ مِنهُم عَمَلٌ يَخُصُّهُ وَمِهنَةٌ يُنَاسِبُهُ ، يَخدُمُ بِها غَيرَهُ ، وَيَجِدُ فِيها رِزقَهُ ، فَإِذَا مَا أَدَّى الَّذِي عَلَيهِ وَأَبرَأَ ذِمَّتَهُ ، وَحَقَّقَ قَبلَ ذَلِكَ وَبَعدَهُ الغَايَةَ الكُبرَى الَّتي أَوجَدَهُ رَبُّهُ في هَذِهِ الحَيَاةِ لَهَا وَهِيَ عِبَادَتُهُ ، شَعَرَ إِذْ ذَاكَ بِالرِّضَا عَن نَفسِهِ ، وَكَانَ هُوَ النَّاجِحَ المُوَفَّقَ السَّعِيدَ ...
يُقَالُ هَذَا – أَيُّهَا الإِخوَةُ – وَنَحنُ في عَصرٍ حَمَلَ النَّاسُ فِيهِ شِعَارَاتٍ مَادِيَّةً بَحتَةً ، وَرَاحُوا يُرَدِّدُونَهَا بَينَهُم ، مُتَوَهِّمِينَ أَنَّ النَّجَاحَ مَحصُورٌ فِيهَا وَلا يَتِمُّ إِلاَّ بِهَا ، في تَقدِيسٍ لِلمَحسُوسَاتِ وَالمَادِّيَّاتِ ، وَمَيلٍ لِلمَكَاسِبِ الدُّنيَوِيَّةِ العَاجِلَةِ ، وَحَشرٍ لِمَفهُومِ النَّجَاحِ في اعتِلاءِ مَنصِبٍ أَو تَحصِيلِ سُلطَةٍ ، أَو تَحقِيقِ جَاهٍ وَشُهرَةٍ ، مَعَ التَّقلِيلِ مِن شَأنِ المَكَاسِبِ الأُخرَوِيَّةِ ، وَالغَفلَةِ عَن أَنَّ تِلكَ المُجتَمَعَاتِ الَّتي نَجَحَت في عَدَدٍ مِن مَنَاحِي حَيَاتِهَا ، وَمَلأَتِ الدُّنيَا بِمَصنُوعَاتِهَا ، وَضَاقَ البَرُّ وَالبَحرُ بِمُختَرَعَاتِهَا ، قَد فَشِلَت فَشَلاً ذَرِيعًا في جَلبِ السَّعَادَةِ لَهَا أَو لِشُعُوبِ الأَرضِ الأُخرَى ، بَل لَقَد طَالَ شَقَاؤُهَا بِتَسَلُّطِها عَلَى المُجتَمَعَاتِ الأَضعَفِ مِنهَا ، وَتَطَاوُلِهَا عَلَيهَا وَظُلمِهَا وَالتَّعَدِّي عَلَى حُقُوقِهَا .
إِنَّ النَّجَاحَ لَدَينَا أَهلَ الإِسلامِ ، لَيسَ في تَحقِيقِ أَعلَى مَكسَبٍ في تِجَارَةٍ ، وَلا في نَيلِ غِنًى مِن مُسَاهَمَةٍ ، وَلا في ظُهُورٍ في قَنَاةٍ إِعلامِيَّةٍ ، أَو لَمَعَانِ اسمٍ في وَسِيلَةٍ تَوَاصُلٍ ، أَو بِمَدحِ مُعجَبِينَ أَو كَثرَةِ مُتَابِعِينَ ، إِنَّ النَّجَاحَ لَدَينَا أَسمَى مِن ذَلِكَ وَأَكبَرُ وَأَوسَعُ ، فَمَتى حَقَّقَ المُسلِمُ الغَايَةَ مِن خَلقِهِ وَهِيَ عِبَادَةُ رَبِّهِ وَعِمَارَةِ الأَرضِ بما يُرضِيهِ ، وَصَلَحَ عَمَلُهُ عَلَى هَديٍ مِن كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ، فَهُوَ النَّاجِحُ المُفلِحُ وَإِن لم يَملِكْ مِنَ الدُّنيَا إِلاَّ قَلِيلاً ، وَأَمَّا الغِنَى وَالفَقرُ ، وَرِفعَةُ الدَّرَجَةِ في الدُّنيَا أَوِ انخِفَاضُهَا ، وَالنَّجَاحُ في اختِبَارٍ مَدرَسِيٍّ أَوِ الإِخفَاقُ فِيهِ ، فَمَرحَلَةٌ قَصِيرَةٌ سَتَنتَهِي يَومًا مَا ، وَلِبَاسٌ مُؤَقَّتٌ سَيُخلَعُ أَو يَبلَى بَعدَ حِينٍ ، وَلَن يُحَصِّلَ النَّجَاحَ الحَقِيقِيَّ في النِّهَايَةِ إِلاَّ مَن آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثم اهتَدَى .
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَقَد طَغَى التَّركِيزُ عَلَى مُصطَلَحِ النَّجَاحِ في مَجَالاتِ الحَيَاةِ الدُّنيَوِيَّةِ في عَصرِنَا ، وَكَثُرَ الحَدِيثُ عَنهُ وَتَردَادُهُ عَلَى الأَسمَاعِ حَتَّى تَشَبَّعَت بِهِ القُلُوبُ ، وَحَتى أَنسَانَا مُفرَدَاتٍ وَمُصطَلَحَاتٍ أَعلَى مِنهُ وَأَغلَى ، كَالصَّلاحِ وَالفَلاحِ ، وَالفَوزِ العَظِيمِ وَالفَوزِ الكَبِيرِ ، أَجَل – أَيُّهَا الإِخوَةُ – لَقَد تَشَعَّبَ المُثَقَّفُونَ وَالمُدَرِّبُونَ في الحَدِيثِ عَنِ النَّجَاحِ ، وَلَكِنَّ أَحَادِيثَهُم ظَلَّت تَدُورُ حَولَ النَّجَاحِ في تَحقِيقِ الثَّرَاءِ ، أَو كَيفِيَّةِ الوُصُولِ إِلى مَكَانَةٍ اجتِمَاعِيَّةٍ مَرمُوقَةٍ ، أَو طُرُقِ الوُصُولِ إِلى الشُّهرَةِ بِأَقصَرِ السُّبُلِ ، أَوِ القُدرَةِ عَلَى تَوسِيعِ دَائِرَةِ العِلاقَاتِ مَعَ الآخَرِينَ ، أَوِ الحُصُولِ عَلَى الرِّضَا الوَظِيفِيِّ ، أَوِ التَّمَكُّنِ مِنَ الإِلقَاءِ وَالإِمسَاكِ بِزَمَامِ التَّأثِيرِ في المُستَمِعِينَ ، في حِينِ كَادَ النَّجَاحُ الأُخرَوِيُّ يُهمَلُ وَيُنسَى وَيُغَيَّبُ ، وَلا يُتَحَدَّثُ عَنهُ وَلا تُتَنَاوَلُ أَسبَابُهُ وَلا تُذكَرُ وَسَائِلُهُ . إِنَّهُ لا يُقَالُ لِلنَّاسِ لا تَجتَهِدُوا في طَلَبِ السَّعَادَةِ في حَيَاتِكُم ، أَو لا تَبذُلُوا أَسبَابًا لِتَحصِيلِ قُوتِكُم وَرَاحَةِ نُفُوسِكُم ، كَيفَ وَقَد قَالَ – صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ – فِيمَا رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ : " المُؤمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلى اللهِ مِنَ المُؤمِنِ الضَّعِيفِ وَفي كُلٍّ خَيرٌ " وَلَكِنَّنَا يَجِبُ أَن نَنتَبِهَ إِلى أَنَّهُ عَبَّرَ عَنِ الفَردِ هُنَا بِالمُؤمِنِ ؛ لِيُنَبِّهَ إِلى أَنَّ الإِيمَانَ هُوَ أَغلَى المَكَاسِبِ وَأَفضَلُ النَّجَاحَاتِ ، فَمَتى اتَّصَفَ بِهِ العَبدُ كَانَ حَرِيًّا بِهِ بَعدَ ذَلِكَ أَن يَزدَادَ قُوَّةً في غَيرِهِ وَيَتَقَدَّمَ وَيَرفَعَ نَفسَهُ ، لَكِنَّهُ لَن يُعَدَّ فَاشِلاً وَإِن لم يَحصُلْ لَهُ شَيءٌ مِنَ الدُّنيَا مَا دَامَ مَعَهُ إِيمَانُهُ ، بَل هُوَ نَاجِحٌ وَمُفلِحٌ وَفَائِزٌ بِإِذنِ اللهِ ، بَل وَلَعَلَّهُ يَكُونُ خَيرًا مِمَّن هُوَ مُقَدَّمٌ لَدَى النَّاسِ عَلَيهِ لِنَجَاحِهِ في دُنيَاهِ ، وَلَقَد قَادَ الأًمَّةَ فِيمَا مَضَى مِن قُرُونِ عِزِّهَا وَعُهُودِ قُوَّتِهَا رِجَالٌ لَبِسُوا المُرَقَّعَ مِنَ الثِّيَابِ ، وَلم يَشبَعُوا مِن فَاخِرِ الطَّعَامِ والزَّادِ ، اِفتَرَشُوا الأَرضَ في بَعضِ أَحوَالِهِم وَالتَحَفُوا السَّمَاءَ ، وَمَعَ هَذَا كَانُوا أَئِمَّةً عُظَمَاءَ وَقَادَةً نُبَلاءَ وَعُلَمَاءَ فُضَلاءَ ، قَادُوا الجَحَافِلَ وَتَصَدَّرُوا في المَحَافِلِ ، وَخَدَمُوا المَحَابِرَ فَخَدَمَتهُمُ المَنَابِرُ ، وَدَانَت لَهُمُ البِلادُ وَأَذعَنَ لَهُمُ العِبَادُ ، فَلَهُم مَعَ فَقرِهِم وَقِلَّةِ مَا يَملِكُونَ ، خَيرٌ مِمَّن سَكَنَ القُصُورَ وَمَلَكَ القَنَاطِيرَ وَلَبِسَ الحَرِيرَ ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - : " رُبَّ أَشعَثَ مَدفُوعٍ بِالأَبوَابِ لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَعَن سَهلِ بنِ سَعدٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ – قَالَ : مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : " مَا تَقُولُونَ في هَذَا ؟ " قَالُوا : حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَن يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَن يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ أَن يُستَمَعَ " قَالَ : ثُمَّ سَكَتَ فَمَرَّ رَجُلٌ مِن فُقَرَاءِ المُسلِمِينَ فَقَالَ : " مَا تَقُولُونَ في هَذَا ؟ " قَالُوا : حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَلاَّ يُنْكَحَ ، وَإِنْ شَفَعَ أَلاَّ يُشَفَّعَ ، وَإِنْ قَالَ أَلاَّ يُستَمَعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " هَذَا خَيرٌ مِن مِلءِ الأَرضِ مِثلَ هَذَا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ .
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا الإِخوَةُ - وَلْنَحرِصْ عَلَى مَا يُقَرِّبُنَا إِلَيهِ وَيُبَلِّغُنَا رِضَاهُ وَجَنَّتَهُ ، أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ : " وَالوَزنُ يَومَئِذٍ الحَقُّ فَمَن ثَقُلَت مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ . وَمَن خَفَّت مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظلِمُونَ "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى - حَقَّ التَّقوَى ، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجعَلْ لَهُ مَخرَجًا . وَيَرزُقْهُ مِن حَيثُ لا يَحتَسِبُ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ النَّجَاحَ الحَقِيقِيَّ لَيسَ مَعرَكَةً مَعَ المَالِ أَوِ المَنصِبِ ، وَلا صِرَاعًا مَعَ الجَاهِ أَوِ الشُّهرَةِ ، وَلا هُوَ في النُّبُوغِ عَلَى الأَقرَانِ في أَمرٍ دُنيَوِيٍّ ، وَلَكِنَّهُ صُرُوحٌ مِنَ الرِّضا بِمَا قَسَمَ اللهُ تُبنَى في النُّفُوسِ ، وَكُنُوزٌ مِنَ القَنَاعَةِ تُملأُ بها القُلُوبُ ، وَإِيمَانٌ يُكسِبُ صَاحِبَهُ اليَقِينَ بِأَنَّ مَا عِندَ اللهِ خَيرٌ وَأَبقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُونَ ، وَالمُفلِحُ النَّاجِحُ هُوَ مَن مَلَكَ زِمَامَ نَفسِهِ وَأَمسَكَ بِخِطَامِهَا ، وَحَدَّ مِن جِمَاحِهَا وَقَهَرَ طُغيَانَهَا ، وَأَمَّا مَن أَتبَعَهَا هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ الأَمَانيَّ ، فَذَلِكَ هُوَ الفَاشِلُ وَالخَاسِرُ وَالمُخفِقُ ، وَإِن نَالَ الشَّهَادَاتِ وَحَصَّلَ أَعلَى الدَّرَجَاتِ ، وَنُودِيَ بِاسمِهِ في المُتَفَوِّقِينَ في الاختِبَارَاتِ ، قَالَ – سُبحَانَهُ - : " قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا . وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا "
وَقَالَ – تَعَالى - : " مَن عَمِلَ صَالِحًا مِن ذَكَرٍ أَو أُنثَى وَهُوَ مُؤمِنٌ فَلَنُحيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً "
وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا - : " الَّذِينَ آمَنُوا وَلم يَلبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدُونَ "
وَقَالَ – عَزَّ وَجَلَّ - : " وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا "
المرفقات

ما النجاح الذي تسعى إليه.doc

ما النجاح الذي تسعى إليه.doc

ما النجاح الذي تسعى إليه.pdf

ما النجاح الذي تسعى إليه.pdf

المشاهدات 1897 | التعليقات 2

جزيت خيرا


جزاك الله خيرا