خطبة لذة العبادة في رمضان

عبدالوهاب بن محمد المعبأ
1437/09/04 - 2016/06/09 19:19PM
خطبة الجمعة
*لذة العبادة في رمضان*
إعداد عبدالوهاب المعبأ
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وشرح صدورنا بالإيمان، ووفقنا لطاعته بالعون والإلهام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له صاحب الجود والإنعام والهادي إلى دار السلام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خير من تلذذ بطاعة الرحمن صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فهي وصية الله تعالى لعباده المؤمنين:[واتقون يا أولي الألباب]، فأصحاب القلوب المؤمنة التقية المخلصة هم الذين يعرفون معنى التقوى ويلتزمون بها ظاهراً وباطنا، فبالتقوى ينال العبد السعادة في الدنيا والآخرة.

عباد الله:إن الله تعالى بعظمته وحكمته خلقنا لعبادته، ومن عرف العبادة حق المعرفة وذاق حلاوتها اجتهد في سبيل الوصول إلى أعلى درجاتها، فالعبادة كما عرفها العلماء: هي كل ما يحبه الله تعالى من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة،
فكل طاعة يقوم بها العبد هي سبيله إلى السعادة والراحة في الدارين، فمن أراد أن ينال الرضا والرضوان ومجاورة الكريم المنان فليسعى للحصول على هذه اللذة التي لا يستطيع أحد الحصول عليها إلا بمحبة الله والتعلق به، والتوكل عليه، والتلذذ بطاعته، والعمل بما يرضيه.

عباد الله إن لذة الطاعة وطعم العبادة أيها الكرام لا تشترى بالمال،ولا تتحقق بتوفر سبل الراحة في هذه الدنيا الفانية، وإنما يجدها العبد الأواب بتوفيق العزيز الوهاب، وسعيه لتحقيق ما يعين على ذلك من الأسباب،
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله-:"ففي القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله،وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته،وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه،وفيه نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضى بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه،وفيه طلب شديد لا يقف دون أن يكون هو وحده مطلوبه،وفيه فاقة لا يسدها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة منه أبدا"
.مدارج السالكين(3/164)
أيها المسلمون:
لذة العبادة انما تحصل بحصول أسبابها، وحريٌّ بالمسلم أن يسعى في تحصيلها لينعم بالحياة السعيدة.
لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لبلال: "أرحنا بالصلاة يا بلال"؛ وذلك لما يجده فيها من اللذة والسعادة القلبية.
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)(رواه أحمد والنسائي).
قال ابن القيم رحمه الله: (الصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها وأكمل خشوعها ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقالبه، فهذا إذا انصرف منها وجد خفة من نفسه وأحس بأثقال قد وضعت عنه، فوجد نشاطاً وراحة وروحاً حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها لأنها قرة عينه، ونعيم روحه، وجنة قلبه، ومستراحه في الدنيا، فلا يزال كأنه في سجن وضيق حتى يدخل فيها فيستريح بها، لا منها، فالمحبون يقولون: نصلي فنستريح بصلاتنا، كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم: (يا بلال أرحنا بالصلاة)، ولم يقل أرحنا منها)انتهى كلامه.
فالصلاة فيها الراحة، وفيها السعادة، وفيها اللذة التي لا تضاهيها لذة، فمن أحب ربه، وقام بين يديه وركع وسجد، وتلذذ بمناجاته وقربه نال السعادة وكيف لا ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)، وقال: (يا بلال:أرحنا بالصلاة)
قال ثابت البناني: كابدت الصلاة عشرين سنة وتنعمت بها عشرين سنة.
وكان عبدالله بن مسعود رضي الله عنه إذا هدأت العيون وأرخى الليل سدوله، سمع له دويّ كدوي النحل وهو قائم يصلي.
وهذا عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما كان إذا قام في الصلاة كأنه عود من شدة الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذع حائط.
وكان أبو مسلم الخولاني رحمه الله يصلي من الليل فإذا أصابه فتور أو كسل قال لنفسه : أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يسبقونا عليه ، والله لأزاحمنهم عليه ، حتى يعلموا أنهم خلفوا بعدهم رجالا !! ثم يصلي إلى الفجر .
وكان عبد العزيز بن أبي روّاد رحمه الله يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل ، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول : ما ألينك ولكن!!! فراش الجنة ألين منك ثم يقوم إلى صلاته .
وقال بعض السلف: إني لأفرح بالليل حين يقبل لما يلتذ به عيشي، وتقر به عيني من مناجاة من أحب، وخلوتي بخدمته، والتذلل بين يديه، وأغتم للفجر إذا طلع لما اشتغل به.
وكان ثابت البناني يقول: " اللهم إن كنت أعطيت أحدًا الصلاة في قبره فأعطني الصلاة في قبري".
نعم، لم يعد للصلاة عندنا طعم ولا لذة، وإنما أصبحت مجرد حركاتٍ تؤدى دون أن يصاحبها الاستشعار لعظمة الله، والتذلل له، والاستسلام له، والاستشعار للثواب والعقاب.

معاشر الصائمين والصائمات ولقراءة القرآن لذَّة وجمال، وسُرورٌ وجلال، كلامُ الله يُتلَى على الألسُن، ويطرُقُ الآذان، فتخشع النفوسُ، وتلينُ القلوب، وتسكُن الجوارِح؛ خشيةً وخشوعًا، حبًّا وحبورًا. ولا شيءَ عند المُحبِّين أحلى من كلام محبوبِهم؛ فهو لذَّة قلوبهم، وغايةُ مطلوبهم.
وكيف يشبعُ المُحبُّ من كلام من هو غايةُ مطلوبه؟! يقول عثمانُ بن عفان - رضي الله عنه -: "لو طهُرت قلوبُكم لما شبِعَت من كلام الله".
في تلاوة القرآن الكريم وفي تدبره سعادة لا تعدلها سعادة وأنساً لا يحس به إلا من ذاقه , والمؤمن لو صح إيمانه وصلح قلبه ما شبع من كلام ربه سبحانه ,
واللذَّةُ في الذكر - عباد الله - روحٌ وريحانٌ، ولهذا سُمِّيَت مجالِسُ الذكر برياضِ الجنَّة، وما تلذَّذ المُتلذِّذون بمثلِ ذكر الله - عز وجل -. فليس شيءٌ من الأعمال أخفَّ مؤونةً، ولا أعظمَ لذَّةً، ولا أكثرَ فرحةً وابتِهاجًا للقلبِ من الذكر.
عباد الله في الذكر والدعاء سعادة وهناء ’ وفي تركهما بؤس وشقاء , قال تعالى : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) سورة طه .
وقال : {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد.
قيل لبعض الصالحين لما أكثر الخلوة: ألا تستوحش؟ قال: وهل يستوحش مع الله أحد؟!!.
وقال آخر: كيف أستوحش وهو يقول: وأنا معه إذا ذكرني؟!.
فالذي يذكر ربه صاحب قلب حي يحس طعم الإيمان وحلاوته , عَنْ أَبِي مُوسَى ، قال : قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ ، وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ رَبَّهُ ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ.
قال ابن القيم رحمه الله :" إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فأفرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله، وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة،
قال بعض الزهاد ما علمت أحداً سمع بالجنة والنار تأتي عليه ساعة لا يطيع الله فيها بذكر أو صلاة أو قراءة أو إحسان
عباد الله أين الشعور بلذة العبادة التي وجدها السلف يوم أن قال قائلهم: "إنه لتمرّ بالقلب أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا؛ إنهم لفي عيش طيب!" ويقول الآخر: مساكين أهل الدنيا! خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قالوا: وما أطيب ما فيها؟ قال: محبة الله، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والإقبال عليه، والإعراض عمن سواه".

وفي الإنفاق ايها المسلمون لذَّةٌ وجد حلاوتَها
وهذا أبو الدحداح الأنصاري -رضي الله عنه- حين نزل قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَة...) [البقرة:245]، قال: يا رسول الله، وإن الله لَيريد منا القرض؟ قال: "نعم يا أبا الدحداح"، قال: أرِني يدك رسول الله، فناوله يده، قال: فإني أقرضت ربي حائطي.

ولقد كان حائطه من سبعمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها، فجاء إليهم ونادى: يا أم الدحداح، قالت: لبيك، قال: اخرجي، فقد أقرضته ربي -عزَّ وجل-.
. فقالت: ربِحَ البيع!ابا الدحداح
فخرجَت من مزرعتها فرِحَةً مسرورة، فقد أبدلَها الله - تبارك وتعالى - أجرًا جزيلاً، ولذَّة إنفاق، وحلاوةَ إيمان تجعلُ القلبَ يرقصُ فرحًا وهو يبذلُ أغلى ما يملِك.
وكان الصحابة إذا دعاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- للإنفاق وليس عندهم شيء قصدوا السوق فاشتغلوا حمالين، وأنفقوا ما كسبوا ولو كان قليلاً لتنفيذ أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "كنا نحمل على ظهورنا".

وأما الأغنياء من الصحابة فقد أنفقوا النفقات العظيمة في سبيل الله تعالى؛ فأنفق أبو بكر ماله كله، وأنفق عمر نصفه.

وجَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَلْفِ دِينَارٍ... حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ، فَنَثَرَهَا فِي حِجْرِهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ وَيَقُولُ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَوْمِ". مَرَّتَيْنِ. رواه الترمذي وحسنه.

قال الخطابي -رحمه الله تعالى-: "كان عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف خازنين من خُزَّان الله تعالى في أرضه ينفقان في طاعته، وكانت معاملتهم لله تعالى بقلوبهما.

وكان النساء ينافسن الرجال في الإنفاق، فدعاهن النبي -عليه الصلاة والسلام- للإنفاق فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا وَسِخَابَهَا. رواه الشيخان، والخرص حلية الأذن، والسخاب قلادة الرقبة.
ولكم يحس المؤمن بطعم الإيمان حينما تمتد يده لمساعدة الناس , حينما تمتد يده لتأخذ بيد مصاب أو منكوب , حينما تمد يده لمسح دمعة حزين أو تمسح على رأس يتيم .
ايها المسلمون المؤمن يبكي ويتحسّر عندما يرى من هو مشرّد جائع ومحتاج ضائِع وبائس فقير ، المسلم لا يشبع وأخوه جائع، ولا يرتاح وأخوه يعاني الفاقة والشدة
كيف نفرح وبين أظهرنا فقراء محاويج؟!
كثير من البيوت حولكم ليس عندهم ماياكلون ، بيوتهم خاويه، ليس بها زاد إلا رحمة ربّ العباد،
وكم من أرمله مغمومة مهمومة، يتلوّى صغارها، ويتقطع خمارها، ولكن هيهات أن تجد مغاثها إلا من الرحمن الرحيم، ونحن متفرّجون ولها مكذّبون، نظنّ حالهم أعلى من حالنا، والله أعلم بما تخفي وتكِنّ من فقرها.
وتلك نبذها أهلها ومعها أبناؤها وصغارها فمن سيعلوهم ويقوم بحقهم ويعطيهم الطعام حسبناوحسبهم الله ونعم الوكيل
أينَكم أيها المسلمون؟! ايها المسؤلون هل يهنأ لكم عيش وتفرحون ومن حولكم يتجرّعون غصص الجوع؟! انظروا المحاويج والمعسرين، ما أكثر من أثقلتهم المتغيرات والخطوب وطحنتهم الاحداث والحروب فأصبحو في فقر وبطاله وذل ومهانة
وتشريد ونزوح لا تاويهم البيوت، ولا يسعهم مكان فأين نحن منهم؟! ألا نستحي من الله؟! أعطانا الكثير وأمرنا بإخراج القليل، كسانا وعافانا وآوانا، وهم يستجدون ولا مجيب.
كم متعفّف بات خاليًا، وكم من آيسة ضائِقة بائسة استهواها الشيطان وحزبُه لفقرها وحاجتها وبكاء صغارها، والذئاب يريدون أن يفتكوا بعرضِها، أينكم يا مسلمون؟! الكثير من الأسر بيوتهم أوهى من بيت العنكبوت، الرياح تسقطها والمطر مصدَر بؤسها. لا يفرحون بالغيث لأنه زوال بيوتهم، والله المستعان ؟!
أينكم يا من بالملذات تفتخرون وتتنعمون ولها تنوِّعون؟! موائدكم متعدّدة، وبطونهم متيبّسة من خواها، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمْ الظَّالِمُونَ [البقرة:254]،
بارك الله لي ولكم ,,,,,,

الخطبة الثانية

معاشر الصائمين والصائمات هذا الاسبوع الأول من شهر رمضان المبارك يوشك على الرحيل وإني أساءل نفسي وأتمنى أن تساءل نفسك كم مرة وجدت حلاوة الصيام حتى تمنيت من تلك الحلاوة أن يتأخر الغروب..؟.
وكم مرة استعجلت فيها الآذان لتفطر وكأن الصيام ثقل جاثم على قلبك..؟.
كم مرة تلذذت فيها بقراءة القرآن فهزك وعيده فاضطربت وبكيت وذرفت عيناك الدموع،
وفرحت لوعده،فأخذت تتلوه بلذة حتى أنك لم تضعه من يديك إلا اضطراراً وتمنيت أن عشت معه ساعات أطول..؟.
وكم مرة تلوت القرآن فلم تعقل ما قرأت وكان همك أخر السورة أو الحزب الذي وضعته لنفسك شوقاً للجوال والفيسبوك والوتساب أو الحديث مع الأهل والاصحاب ..؟.
كم مرة تلذذت فيها بصلاة التراويح حتى أنك تمنيت أن لا ينتهي منها الإمام..؟.
وكم مرة وقفت وأن متململ تنتظر متى ينتهي الإمام حتى تنطلق لدنياك..؟.
كم مرة تلذذت بدعاء القنوت فما شعرت بطول القيام..؟.
وكم مرة تمنيت أن يختصر الإمام..؟.
عباد الله إن لم نجد حلاوة الطاعةِ والعبادةِ في رمضان فمتى..؟.حُقَ لنا أن نقف مع أنفسنا لنتفكر ونتساءل من أين أوتينا..؟. كيف أصابتنا هذه الرزية العظيمة فَقْدُ التلذذ بالطاعات..؟ والانس به جلا وعلاء والخشوع والخضوع ورقة القلب واسبال الدمعة
.قال الإمام ابن الجوزي في صيد خاطره"قال بعض أحبار بني إسرائيل:يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني..؟. فقيل له:كم أعاقبك وأنت لا تدري، أليس قد حرمتك حلاوة مناجاتي..!.
قال وهب بن الورد وقد سئل: أيجد لذة الطاعة من يعصي؟ فقال:ولا من هم-أي ولا من هم بالمعصبة-
وقال ذو النون: (كما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه كذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب).
فرب شخص أطلق بصره فَحُرِمَ اعتبارَ بصيرته، أوأطلق لسانه فحرمه الله صفاء قلبه،أو آثر شبهةً في مطعمه فأظلم سره، وحُرِمَ قيام الليل وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك
عبادالله الله أكبر فرب ذنب لم نلق له بال وعددناه من الصغائر أوردنا ما نحن فيه، من القسوة والضيق
ورب صغائر تهاونا في أمرها وشأنها فتكاثرت على قلوبنا حتى أصبحنا على الحال التي نحن فيها،ورب لقمة من حرام أو شبهة حرام تساهلنا فيها فأصابنا ما أصابنا،ورب ذنب هممنا به في الشهر المبارك فكانت ثمرة ذلك الهم ما فقدناه من حلاوة العبادة ولذة المناجاة.وضياع الاوقات المباركة والساعات الفاضلة
أخي الصائم اختي الصائمة اسمع معي لكلام الصالحين عن حلاوة العبادة ؛
فهذا أبو سليمان الداراني يقول: "لأهل الطاعة بالهمِّ ألذ من أهل اللهو بلهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.
وقال: لو لم يبك العاقل فيما بقي من عمره إلا على لذة ما فاته من الطاعة فيما مضى
وقال: ليس العجب ممن يجد لذة الطاعة، إنما العجب ممن وجد لذتها ثم تركها كيف صبر على تركها
عباد الله وإن من العقوبة والحِرمان، والألَم والخُسران أن يُحرَم العبدُ لذَّة الطاعة والعبادة.
قال شيخُ الإسلام - رحمه الله -: "إذا لم تجِد للعمل حلاوةً في قلبِك وانشراحًا فاتَّهِمه؛

لا إله إلا الله نشكو إلى الله حالنا..
كم كنا نتباكى على قيام الليل وتقصيرنا فيه،فأصبحنا نتباكى على التفريط في السنن الرواتب،ثم أنحدر الأمر حتى صرنا نتباكى على التفريط في الصف الأول وتكبيرة الإحرام،وقد وصل الحال ببعضنا إلى التباكي على ترك بعض الفرائض جماعة.فيا مسلمون إلى أين نحن سائرون كل هذا يصيبنا ولم نفق بعد!. فهل قست القلوب؟.هل مرضت القلوب؟.هل ماتت القلوب؟.عياذاً بالله .
رب رحماك بنا فإنك بنا راحم ..
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، هَل وَجَدَ لَذَّةَ العِبَادَةِ مَن نَامَ عَنِ الصَّلاةِ المَكتُوبَةِ في رَمَضَانَ ؟
هَل وَجَدَ لَذَّةَ الطَّاعَةِ مَن لا يَقُومُ حَتَّى يَسمَعَ الإِقَامَةَ لِلِصَّلاةِ ؟
هَل وَجَدَهَا مَن يَتَمَلمَلُ في المَسجِدِ وَكَأَنَّهُ عُصفُورٌ في قَفَصٍ ؟
هَل وَجَدَهَا مَن إِذَا زَادَ الإِمَامُ في صَلاةِ التَّرَاوِيحِ دَقَائِقَ عَنِ المَسَاجِدِ الأُخرَى انسَحَبَ وَخَرَجَ ؟
هَل وَجَدَ لَذَّةَ المُنَاجَاةِ مَن يَستَثقِلُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ؟
هَل أَحَسَّ بِطَعمِ العِبَادَةِ مَن لا يَختِمُ كِتَابَ اللهِ في شَهرِ رَمَضَانَ وَلَو مَرَّةً وَاحِدَةً ؟
لذة العبادة هي الدافع لعبادة حية وإن فُقِدَتْ عياذاً بالله تصبح العبادةُ كجسدٍ ميتٍ لا روح فيه،
لذة العبادة هي أجملُ لذةٍ في الدنيا وكم والله هو مسكين من خرج من الدنيا ولم يذق قلبه تلك اللذة والحلاوة،لذة العبادة لو ذاقها الملوك وأبناء الملوك لتركوا الدنيا والملك وراء ظهورهم ولجالدوا الصالحين عليها بسيوفهم .
لذة الطاعة فاقت عند العارفين لذة النوم ودفء الفرش فقاموا يناجون ربهم معظم ليلهم فأعد لهم ربهم جنات وعيون وأثنى عليهم ربهم وحبيبهم بقوله:{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ()آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ()كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ()وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الذاريات:15-18).
فيا مسلمون هيا ..هيا لنجعل من شهر رمضان شهر لذة وحلاوة المناجاة.هيا لنتلذذ بمناجاة الحبيب الأعظم ربنا جل في علاه هيا لنحقق قوله تعالى:{..وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ..}(البقرة:165).
عباد الله العبادة سهلة ميسرة لمن يسرها الله عليه،ولا تحتاج من المرء إلا أن يضع أقدامه على الطريق الصحيح بجد وعزم وإخلاص وسوف يعينه الله كيف لا وهو قد وعد وربنا لا يخلف الميعاد بقوله :
{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}(العنكبوت:69).
وقال في الحديث القدسي في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه قَالَ:قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً
فاالله الله عباد الله أكثروا من الاستغفار تُغْسَلُ وتَطْهُرُ قلوبكم،وأكثروا من التضرع والدعاء في شهر الدعاء أن يذيق الله قلوبنا وقلوبكم حلاوة الإيمان ولذة الطاعة والمناجاة إن سميع قريب مجيب
أسأل الله تعالى بمنه وكرمه وجوده وإحسانه أن يمن علينا بلذة الطاعة، وأن يجعل طاعته أحب إلينا من الماء البارد على الظمأ، وأن يمن علينا بحلاوة الإيمان في قلوبنا، وأن يعيننا على كل ما يرضيه عنا، وأن يغفر لنا تقصيرنا وزللنا.
اللهم أذقنا حلاوة طاعتك، ولذة عبادتك، وبر عفوك ومغفرتك.
اخوكم ’عبدالوهاب المعبأ
جوال 00967773027648
المشاهدات 3049 | التعليقات 0