خطبة: كيفَ نَستقبلُ رمضان؟

وليد بن محمد العباد
1444/08/24 - 2023/03/16 00:22AM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: كيفَ نستقبلُ رمضان؟

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

لقد أظلَّكم شهرٌ عظيمٌ وموسمٌ كريم، إنّه شهرُ رمضان، شهرُ الصّيامِ والقيامِ والقرآن، شهرُ الرّحمةِ والمغفرةِ والعتقِ مِن النّيران، شهرٌ تُفَتّحُ فيه أبوابُ الجنّاتِ وتُضاعفُ الحسنات، وتُقالُ العثراتُ وتُجابُ الدّعوات، شهرٌ جعلَ اللهُ صيامَه أحدَ أركانِ الإسلام، مَن صامَه إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تَقدّمَ مِن ذنبِه، ومَن قامَه إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تَقدّمَ مِن ذنبِه، فيه ليلةُ القدرِ خيرٌ مِن ألفِ شهر، مَن قامَها إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تَقدّمَ مِن ذنبِه. فاستقبلوه بالعزيمةِ الصّادقةِ على صيامِه وقيامِه، وعلى المسابقةِ فيه إلى الطّاعاتِ والمسارعةِ إلى الخيرات، استقبلوه بالجدِّ والنّشاطِ والاجتهادِ والإخلاص،  استقبلوه بالعزمِ على مجاهدةِ النّفسِ على التّبكيرِ للصّلواتِ وختمِ القرآنِ عدّةَ خَتمات، استقبلوه بالحزمِ في استغلالِ الأوقاتِ والتّخفيفِ مِن الانشغالِ بالجوّالِ وسائرِ الملهيات، استقبلوه بالحرصِ على أداءِ الحقوقِ وبِرِّ الوالدينِ وصلةِ الأرحام، استقبلوه بتطهيرِ النّفوسِ مِن الضّغائنِ والتّخاصمِ والآثام، استقبلوه بالفرحِ والسّرورِ والتّوبةِ وكثرةِ الاستغفار، فما استُقبلتْ مواسمُ الخيراتِ بمثلِ التّوبةِ والاستغفار، والفرحِ والاستبشار (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) فهنيئًا لكم قربُ شهرِ رمضان، فقد لاحتْ على الأفُقِ بَوارقُ أنوارِه، وفاحتْ على القلوبِ نَسائمُ أزهارِه، غدًا تُضاءُ في ليالي رمضانَ المصابيح، وتُعمرُ المساجدُ بالقيامِ والقرآنِ والتّراويح، غدًا تُفتحُ الجِنانُ وتُغلقُ النّيرانُ ويَنْدحرُ الشّيطان، غدًا يُقْبِلُ العبادُ على المساجد، فتراهم ما بينَ تالٍ وتائبٍ وباكٍ وراكعٍ وساجد، يقولُ النّبيُّ صلى اللهُ عليه وسلم: إذا دخلَ رمضانُ فُتّحتْ أبوابُ الجنّة، وغُلَّقتْ أبوابُ النّار، وسُلسِلت الشّياطين، ويُنادي منادٍ: يا باغيَ الخيرِ أقبلْ، ويا باغيَ الشّرِّ أقصرْ، وللهِ عُتقاءُ مِن النّار، وذلك كلَّ ليلة. فاغتنموا هذا الشّهرَ العظيم، واعْمُروه بالعبادةِ والذّكرِ والدّعاءِ والقُرُبات، والمبادرةِ لسائرِ أبوابِ البرِّ والإحسانِ والصّدقات، فقد كانَ رسولُ اللهِ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أجودَ النّاسِ، وكانَ أجودَ ما يكونُ في رمضان. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واعرفوا عظيمَ فضلِ اللهِ عليكم ببلوغ شهرِ رمضان، فأَرُوا اللهَ فيه مِن أنفسِكم خيرًا، وتَزوّدوا فإنّ خيرَ الزّادِ التّقوى. واحذروا مِن البغضاءِ بينَكم والقطيعةِ والشّحناءِ، فهي مِن موانعِ المغفرةِ وأسبابِ ردِّ الدّعاء، فلا يَدْخلنَّ عليكم رمضانُ إلا بقلوبٍ طاهرة، وصدورٍ سليمةٍ، وأيدٍ مُتصافحة، ونفوسٍ مُتصالحة (أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأُصلي وأُسلّمُ على خاتمِ النّبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعدُ عبادَ الله

اتّقوا اللهَ حقَّ التّقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)

اللهمّ بلغْنا رمضانَ، ونحن في أحسنِ حالٍ مِن الدّنيا والدّين، اللهمّ أعنّا على صيامِه وقيامِه إيمانًا واحتسابًا، وأتمّه علينا بالعفوِ والعافيةِ والقبول، وبالمغفرةِ والرّحمةِ والعتقِ من النّار، اللهمّ إنّا نسألُك فعلَ الخيراتِ وتَركَ المنكراتِ وحُبَّ المساكين، وأنْ تَغفرَ لنا وتَرحمَنا وإذا أردّتَ بعبادِك فتنةً فاقبضْنا إليك غيرَ مفتونين، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين

عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 25/ 8/ 1444هـ

المشاهدات 1295 | التعليقات 0