خطبة كيف كانت حياة عائشة مع النبي ﷺ الشيخ صالح بن محمد باكرمان

شادي باجبير
1444/02/24 - 2022/09/20 16:54PM

خطبة : كيف كانت حياة عائشة مع النبي ﷺ ؟ }
للشيخ الفاضل / أبي مجاهد صالح بن محمد باكرمان حفظه الله تعالى

الخطبة الأولى

الحمدلله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ؛ ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيدا ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيدا .

أمابعد : أيها المسلمون عباد الله ، اتقوا الله حق تقواه.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[سورة آل عمران: 102].

عباد الله ، سبق لنا حديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعن شبهة زواجه بعائشة -رضي الله عنها- صغيرة ، ورددنا عن شبهة أن يكون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - شهوانيا ، أو أن يكون قد خالف بزواجه بها الأديان والأعراف .

وبقي لنا حديث عن حال عائشة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، هل سلبها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - طفولتها ؟ هل أصابها زواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالعقد النفسية ، أم أنها كانت راضية سعيدة بزواجها من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وبحياتها معه ؟

كانت عائشة - رضي الله عنها وأرضاها - أسعد امرأة مع أسعد إنسان ، كانت أحظى النساء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت راضية بذلك ، معتزة مفتخرة بذلك ، ففي الحديث وقد سئلت - رضي الله عنها - وهي عالمة هذه الأمة التي بلَّغت عن نبيها - صلى الله عليه وآله وسلم - علماً كثيرا ، سئلت عن الزواج في شوال ، والبناء في شوال (البناء بالجماع في شوال) وقد تكلم بعض الناس في شؤم ذلك ، فقالت - رضي الله عنها وأرضاها - : " تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي ؟ " رواه ومسلم .

تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في شوال ، ودخل علي في شوال ، فهل كانت أحد من نسائه أحظى عنده مني ؟ ، هل كانت امرأة من النساء أكثر حظاً مني عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ، كلا والله أيتها الصديقة بنت الصديق ، لم يكن أحد من النساء أحظى منك عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

دخلت عائشة على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - صغيرة ، وأعطاها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حظها من اللعب واللهو ، كانت لها بنات وألعاب تلعب بها ، تصنع البنات من الأعواد والخرق ، وبقيت هذه البنات والألعاب في حجرتها إلى عهد بعيد ، جاء في الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما رجع من غزوة خيبر أو تبوك (شك الراوي) ، غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة ، ولعائشة نحو خمس عشرة سنة ، وغزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة ، ولعائشة - رضي الله عنها- نحو سبع عشرة سنة ، رجع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من خيبر أو تبوك ، قالت : ودخل الحجرة ، وهبت الريح على ستارة على سهوة لي (سهوة : مصناع في الجدار ، نسميه المصناع أو العمَّاري أو الرفوف ، وتضع عليه النساء إلى عهد قريب ستارة تحجبه عن الذين يدخلون ، كانت لها سهوة و رفوف ، هبت الريح فكشفت جانب الستارة عن بناتٍ وألعاب ، بقيت مع عائشة في حجرتها ربما للذكرى)  فقال لها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يمازحها وهو يعلم ما يرى   : " ماهذه ياعائشة ؟ ، قالت : هؤلاء بناتي يارسول الله ( بناتي : الألعاب ) ورأى وسطهن - صلى الله عليه وآله وسلم - شيئاً كفرس وقال : "ماهذا الذي وسطهن ياعائشة ؟ "  ، قالت : هذا فرس ، قال - صلى الله عليه وآله وسلم - : " و ماهذا الذي عليه ؟ (في جانبيه من الخرق) ، قالت : هذان جناحان ، فقال لها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - : " أفرس له جناحان ؟! " ، قالت : يارسول الله ، ألم تعلم أنَّ لسليمان - عليه الصلاة والسلام- خيلاً لها أجنحة ، قالت : فضحك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى رأيت نواجده (أسنانه الداخلية) . رواه أبو داود .

هكذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع عائشة ، لم يقل لها : إلى متى هذه الألعاب ؟ ، أنت كبيرة ، أنت امرأة ، أنت زوجة نبي ، كلا والله .

وكذلك أعطاها حقها من اللهو صلى الله عليه وآله وسلم ، جاء في الحديث عنها - رضي الله عنها- أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل عليها يوم عيد وعندها جاريتان تغنيان بغناء بُعاث ، جاريتان صغيرتان معها في حجرتها بل في غرفتها ، تغنيان وتنشدان بغناء بعاث ، وبعاث حرب كانت بين الأوس والخزرج في الجاهلية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت فيها الغلبة للأوس على الخزرج ، وكانت فيها أشعار للأوس والخزرج في الفخر وفي ذكر الأيام والمواقف ومن قتل من ؟ ومن تبارز مع من ؟ ، هنا تغنيان بغناء بعاث، فدخل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولم يحرك منهما ساكناً ، واضطجع على سريره ، وأعطاهما ظهره ، ربما حتى لا يلتفت لهذا اللهو فهو أعلى درجه - صلى الله عليه وآله وسلم - من اللهو ، وربما كذلك من أجل أن تأخذا الفسحة ، ولاتتعقدان من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولاتُحرجان ، وجاء أبوبكر - رضي الله عنه - دخل أبوبكر - رضي الله عنه - وهما تغنيان ، فزجر عائشة ، زجر ابنته ، وقال : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  (صوت الشيطان : غناء ، فالرسول أرفع درجة من هذا اللهو  ) ، فالتفت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أبي بكر ، وقال له : " دعهما (دعهما يا أبابكر) " ، ثم ذهب أبوبكر ، ورجع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى حاله ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : " فلما رأيت غفلته أشرت إليهما أن اخرجا "

امرأة ذكية حريصة على زوجها .

هكذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حريصاً على أن تأخذ حظها من اللهو .

وفي يوم العيد جاء الحبشة يرقصون بِالدَّرَقِ والرماح في المسجد  ، والناس يجتمعون حولهم من أهل المدينة ، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ( أو "قلت له " كما قالت عائشة ) قال : هل تريدين أن تنظري (هل تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ ؟) ، قالت : نعم ، قالت : فجعلني خلفه بباب الحجرة ، وغطاني بردائه ، ووضعت ذقني على كتفه أنظر ، وهو يقول : هل انتهيتي ؟ وأقول : لا ، ومابي النظر .

ولكنها تتدلل على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جالساً لها ؛ من أجل أن تنظر  ...  وتتمتع بهذا المشهد حتى تأخذ حظها من اللهو رضي الله عنها وأرضاها .

بل إنَّه كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يسابقها في الأسفار ، جاء في الحديث عن عائشة - رضي الله عنها- في سنن أبي داود وابن ماجه ومسند الإمام أحمد ، أنَّها قالت : خرجت مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض أسفاره معه جيشه وأصحابه فقال لهم : تقدموا ، فتقدم القوم ، وتأخر هو وعائشة (في مؤخرة الركب) ، وقال لها : أتسابقينني ؟ (سباق : جري) قالت : نعم ، قالت : فسابقته فسبقته ، فسكت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قالت : حتى حملت اللحم وبدنت ونسيت وخرجت معه في بعض أسفاره ، وقال للقوم : تقدموا ، ثم قال : أتسابقينني ؟ ، قالت : نعم ، قالت : فسابقته فسبقني ، قال : هذه بتلك " .

هكذا كانت حياة عائشة - رضي الله عنها- مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، يراعي شأنها وصغرها ، ويعطيها حظها من اللعب واللهو ، ويربيها على الإيمان والحشمة والعفة ، ويسكب في قلبها من العلم والحلم والخير .

أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمدلله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، وأصلي وأسلمي على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

أمابعد : أيها المسلمون عباد الله ، اتقوا الله حق تقواه.

عبادالله ، وجاءت الفرصة السانحة لعائشة - رضي الله عنها - أن تتخلى عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لو كانت شقية الحياة معه ، جاءتها الفرصة السانحة من رب العالمين - جل جلاله - في قصة التخيير لنسائه ، نساء النبي - صلى الله عليه وآله سلم ورضوان الله عنهن - كنساء العالمين ، طلبن الزيادة في النفقة من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأكثرن عليه ، وهو رسول الله - صلوات ربي وسلامه عليه - لا حظَّ له في الدنيا ، ولا ينظر إلى زهرة الدنيا أبدا ، وآلى منهن شهرا ، ثم أنزل الله - عزوجل - عليه آية التخيير ، أمره الله - عزوجل - أن يخيرهن ، من كانت تريد أن تبقى معه على شظف العيش ، ولكنَّ الخير لها في فضل الله وفي رسول الله وفي الآخرة ، ومن كانت تريد المتعة فإنَّه سيمتعها ويسرحها ويطلقها ويفارقها ، أنزل الله - عزوجل - عليه قوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِأَزواجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها فَتَعالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَراحًا جَميلًا۝وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَالدّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِناتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظيمًا﴾ [الأحزاب: ٢٨-٢٩]

﴿قُل لِأَزواجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها فَتَعالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَراحًا جَميلًا ﴾

فبدأ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعائشة الحبيبة إليه - صلوات ربي وسلامه عليه - وهو الحريص عليها ، وقال لها - صلى الله عليه وآله وسلم- : " يا عائشة إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ " لا تستعجلي في الرد حتى تستأمري أبويك (أبا بكر وأم رومان) ، قالت : وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم  - : قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ ، قال لها : قال الله - عزوجل - ﴿قُل لِأَزواجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها فَتَعالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَراحًا جَميلًا۝وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَالدّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِناتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظيمًا﴾ فماذا قالت الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها ؟ قالت : أفيك يارسول الله أستأمر أبوي ، بل أريد الله ورسوله والدار الآخرة .

هكذا اختارت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لأنها كانت أسعد امرأة مع أسعد إنسان صلوات ربي وسلامه عليه .

بل أعظم من ذلك كانت - رضي الله عنها - تعتز بفضلها ومكانتها عند الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - على أزواجه ، وكانت تغار عليه غيرة شديدة ، تحبه حباً شديداً ، ولا تريده إلا لها ، وكانت أشد من تنافسها من أزواج الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - زينب بنت جحش ابنة عمته ، والمرأة التي زوجها الله من فوق سبع سماوات ، ﴿... فَلَمّا قَضى زَيدٌ مِنها وَطَرًا زَوَّجناكَها ... ﴾ [الأحزاب: ٣٧]

وكانت زينب تفتخر على أزواج الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - تقول : زوجكن آباؤكن وإخوانكن ، وأنا زوجني الله من فوق سبع سماوات .

وكنَّ أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما جاء في الحديث حزبين (جماعتين) تتنافسان على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : حزب عائشة ومعها حفصة وسودة وصفية ، وحزب زينب ومعها [أم سلمة] وجويرية وميمونة [وأم حبيبة] ، تَنافس على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .

وكان من عادة النبي كما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها - وهو في البخاري ومسلم ، كان من عادته - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا خرج من صلاة العصر يمر على زوجاته ، ويدنو منهن ، يطيب خواطرهن ، ويسأل عن أحوالهن ، وربما يسأل عن حاجاتهن حتى ينتهي إلى التي عندها الليلة، قالت عائشة - رضي الله عنها- : فاستأخر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يوماً من الأيام في بيت زينب بنت جحش ، قالت : فسألتُ (منتظرة الرسول ، منتظرة مجيء الحبيب - صلى الله عليه وآله وسلم - كل يوم في شغف ما له تأخر ؟ سألت ) وفي رواية أنها أرسلت جارية من الحبشة تدخل على زينب فاكتشفت الأمر ، قالت لها : إنَّ امرأة من قريبات زينب أتت لها بعُكَّة من عسل ، وهي تسقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، الآن الرسول جالس مستريح يأكل العسل - وكان يحب العسل والحلوى صلوات ربي وسلامه عليه - فقالت عائشه  : سنريهم ، وذهبت إلى حفصة وقالت لها : إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عند زينب بنت جحش يأكل العسل ، فإذا جاء إليك ودنا منك (وكذلك قالت لسودة) قولي له :" أكلت مغافير ؟ "(والمغافير نوع من النبت له رائحة كريهة ، والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يكره الرائحة الكريهة ) كيد نساء ، كيد سببه الحب للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، قولي له : أكلت مغافير ؟ سيقول لك : لا ، ولكني أكلت العسل عند زينب بنت جحش ، قولي له : جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ ( النحلة التي صنعت هذا العسل وقعت على شجرة المغافير والعرفط ومن هنا جاءت الرائحة الكريهة) وإذا جاء عندي قلت له مثل ذلك ، خرج الرسول دخل على حفصة ، دنا منها : أكلتَ المغافير يارسول الله ؟ ، قال : لا ، ولكني أكلت العسل عند زينب بنت جحش ، قالت : جرست نحله العرفط ، ثم خرج الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وذهب إلى عائشة ، ودنا منها : أكلتَ المغافير يارسول الله ؟ ، قال : لا ، ولكني أكلت عسل عند زينب بنت جحش ، قالت : جرست نحله العرفط (هذا يشكك الإنسان ، الرسول لايحب الرائحة الكريهة) فحرّم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على نفسه أن يأكل العسل؛ حتى لاتستروح منه أزواجه رائحة كريهة ، وأنزل الله - سبحانه وتعالى - : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبتَغي مَرضاتَ أَزواجِكَ وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ۝قَد فَرَضَ اللَّهُ لَكُم تَحِلَّةَ أَيمانِكُم وَاللَّهُ مَولاكُم وَهُوَ العَليمُ الحَكيمُ۝وَإِذ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعضِ أَزواجِهِ حَديثًا فَلَمّا نَبَّأَت بِهِ وَأَظهَرَهُ اللَّهُ عَلَيهِ عَرَّفَ بَعضَهُ وَأَعرَضَ عَن بَعضٍ فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ قالَت مَن أَنبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ العَليمُ الخَبيرُ۝إِن تَتوبا إِلَى اللَّهِ ...﴾ حفصة وعائشة .

﴿ ... فَقَد صَغَت قُلوبُكُما وَإِن تَظاهَرا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولاهُ وَجِبريلُ وَصالِحُ المُؤمِنينَ وَالمَلائِكَةُ بَعدَ ذلِكَ ظَهيرٌ﴾ [التحريم: ١-٤] كانت حظِيَّة عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

بقيت كذلك إلى موته صلوات ربي وسلامه عليه ، لما مرِض مرَض الموت كان يقول : متى يوم عائشة ؟ ، حتى علمن زوجاته أنَّه يريد أن يتحول إلى عائشة ، فتنازلنَّ عن أيامهنَّ ومُرِّض في بيت عائشة - رضي الله عنها - ومات بين سَحرها ونحرها حتى قالت في الحديث : إنَّ من نعمة الله علي ، أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - توفي بين سحري ونحري (وهي واضعة رأسه بين سحرها - جنبها - ونحرها ) توفي بين سحري ونحري ، وفي يومي ، واجتمع ريقه مع ريقي (وذلك في السواك الذي أخذته من أخيها وطيبته ثم استاك منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) .

هكذا كانت حياة عائشة - رضي الله عنها- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذه قطرة من بحر وغيض من فيض .

أسأل الله - سبحانه وتعالى- أن يبارك لنا ولكم ، وأن يوفقنا وإياكم إلى كل خير ، وأن يثبتنا على الحق والإيمان ، وعلى هدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم !

اللهم اغفر للمسلمين ، والمسلمات ، والمؤمنين ، والمؤمنات ، الأحياء منهم ، والأموات !

اللهم اغفر لنا ، وارحمنا ، وعافنا ، واعفُ عنا ، وتب علينا ، واسترنا !
اللهم يسر أمورنا ! اللهم يسر أمورنا ! اللهم يسر أمورنا !

اللهم رخص أسعارنا ، غزر أمطارنا ، ولِّ علينا خيارنا ، اصرف عنا أشرارنا !

اللهم بارك لنا يارب العالمين ! اللهم ارفع عنا غضبك وسخطك ! اللهم اكشف عنا الكرب والهم والغم والشدة !

اللهم يسر أمورنا ! اللهم يسر أمورنا !
اللهم رحماك بالمستضعفين من المسلمين في كل مكان !

ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار  !

وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم !

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

 

 

لتحميل الخطبة صوتية من هنا

المشاهدات 1329 | التعليقات 0