خطبة كيف كانت حياة عائشة مع النبي ﷺ الشيخ صالح بن محمد باكرمان
شادي باجبير
خطبة : كيف كانت حياة عائشة مع النبي ﷺ ؟ }
للشيخ الفاضل / أبي مجاهد صالح بن محمد باكرمان حفظه الله تعالى
الخطبة الأولى
الحمدلله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ؛ ليظهره على الدين كله ، وكفى بالله شهيدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيدا ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيدا .
أمابعد : أيها المسلمون عباد الله ، اتقوا الله حق تقواه.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[سورة آل عمران: 102].
عباد الله ، سبق لنا حديث عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وعن شبهة زواجه بعائشة -رضي الله عنها- صغيرة ، ورددنا عن شبهة أن يكون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - شهوانيا ، أو أن يكون قد خالف بزواجه بها الأديان والأعراف .
وبقي لنا حديث عن حال عائشة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، هل سلبها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - طفولتها ؟ هل أصابها زواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بالعقد النفسية ، أم أنها كانت راضية سعيدة بزواجها من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وبحياتها معه ؟
كانت عائشة - رضي الله عنها وأرضاها - أسعد امرأة مع أسعد إنسان ، كانت أحظى النساء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت راضية بذلك ، معتزة مفتخرة بذلك ، ففي الحديث وقد سئلت - رضي الله عنها - وهي عالمة هذه الأمة التي بلَّغت عن نبيها - صلى الله عليه وآله وسلم - علماً كثيرا ، سئلت عن الزواج في شوال ، والبناء في شوال (البناء بالجماع في شوال) وقد تكلم بعض الناس في شؤم ذلك ، فقالت - رضي الله عنها وأرضاها - : " تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ - فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَائِهِ كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي ؟ " رواه ومسلم .
تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في شوال ، ودخل علي في شوال ، فهل كانت أحد من نسائه أحظى عنده مني ؟ ، هل كانت امرأة من النساء أكثر حظاً مني عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ؟ ، كلا والله أيتها الصديقة بنت الصديق ، لم يكن أحد من النساء أحظى منك عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
دخلت عائشة على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - صغيرة ، وأعطاها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حظها من اللعب واللهو ، كانت لها بنات وألعاب تلعب بها ، تصنع البنات من الأعواد والخرق ، وبقيت هذه البنات والألعاب في حجرتها إلى عهد بعيد ، جاء في الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما رجع من غزوة خيبر أو تبوك (شك الراوي) ، غزوة خيبر في السنة السابعة من الهجرة ، ولعائشة نحو خمس عشرة سنة ، وغزوة تبوك في السنة التاسعة من الهجرة ، ولعائشة - رضي الله عنها- نحو سبع عشرة سنة ، رجع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من خيبر أو تبوك ، قالت : ودخل الحجرة ، وهبت الريح على ستارة على سهوة لي (سهوة : مصناع في الجدار ، نسميه المصناع أو العمَّاري أو الرفوف ، وتضع عليه النساء إلى عهد قريب ستارة تحجبه عن الذين يدخلون ، كانت لها سهوة و رفوف ، هبت الريح فكشفت جانب الستارة عن بناتٍ وألعاب ، بقيت مع عائشة في حجرتها ربما للذكرى) فقال لها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يمازحها وهو يعلم ما يرى : " ماهذه ياعائشة ؟ ، قالت : هؤلاء بناتي يارسول الله ( بناتي : الألعاب ) ورأى وسطهن - صلى الله عليه وآله وسلم - شيئاً كفرس وقال : "ماهذا الذي وسطهن ياعائشة ؟ " ، قالت : هذا فرس ، قال - صلى الله عليه وآله وسلم - : " و ماهذا الذي عليه ؟ (في جانبيه من الخرق) ، قالت : هذان جناحان ، فقال لها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم - : " أفرس له جناحان ؟! " ، قالت : يارسول الله ، ألم تعلم أنَّ لسليمان - عليه الصلاة والسلام- خيلاً لها أجنحة ، قالت : فضحك النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى رأيت نواجده (أسنانه الداخلية) . رواه أبو داود .
هكذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مع عائشة ، لم يقل لها : إلى متى هذه الألعاب ؟ ، أنت كبيرة ، أنت امرأة ، أنت زوجة نبي ، كلا والله .
وكذلك أعطاها حقها من اللهو صلى الله عليه وآله وسلم ، جاء في الحديث عنها - رضي الله عنها- أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل عليها يوم عيد وعندها جاريتان تغنيان بغناء بُعاث ، جاريتان صغيرتان معها في حجرتها بل في غرفتها ، تغنيان وتنشدان بغناء بعاث ، وبعاث حرب كانت بين الأوس والخزرج في الجاهلية قبل بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانت فيها الغلبة للأوس على الخزرج ، وكانت فيها أشعار للأوس والخزرج في الفخر وفي ذكر الأيام والمواقف ومن قتل من ؟ ومن تبارز مع من ؟ ، هنا تغنيان بغناء بعاث، فدخل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولم يحرك منهما ساكناً ، واضطجع على سريره ، وأعطاهما ظهره ، ربما حتى لا يلتفت لهذا اللهو فهو أعلى درجه - صلى الله عليه وآله وسلم - من اللهو ، وربما كذلك من أجل أن تأخذا الفسحة ، ولاتتعقدان من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ولاتُحرجان ، وجاء أبوبكر - رضي الله عنه - دخل أبوبكر - رضي الله عنه - وهما تغنيان ، فزجر عائشة ، زجر ابنته ، وقال : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (صوت الشيطان : غناء ، فالرسول أرفع درجة من هذا اللهو ) ، فالتفت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى أبي بكر ، وقال له : " دعهما (دعهما يا أبابكر) " ، ثم ذهب أبوبكر ، ورجع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى حاله ، قالت عائشة - رضي الله عنها - : " فلما رأيت غفلته أشرت إليهما أن اخرجا "
امرأة ذكية حريصة على زوجها .
هكذا كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حريصاً على أن تأخذ حظها من اللهو .
وفي يوم العيد جاء الحبشة يرقصون بِالدَّرَقِ والرماح في المسجد ، والناس يجتمعون حولهم من أهل المدينة ، فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ( أو "قلت له " كما قالت عائشة ) قال : هل تريدين أن تنظري (هل تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ ؟) ، قالت : نعم ، قالت : فجعلني خلفه بباب الحجرة ، وغطاني بردائه ، ووضعت ذقني على كتفه أنظر ، وهو يقول : هل انتهيتي ؟ وأقول : لا ، ومابي النظر .
ولكنها تتدلل على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بقي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جالساً لها ؛ من أجل أن تنظر ... وتتمتع بهذا المشهد حتى تأخذ حظها من اللهو رضي الله عنها وأرضاها .
بل إنَّه كان - صلى الله عليه وآله وسلم - يسابقها في الأسفار ، جاء في الحديث عن عائشة - رضي الله عنها- في سنن أبي داود وابن ماجه ومسند الإمام أحمد ، أنَّها قالت : خرجت مع النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض أسفاره معه جيشه وأصحابه فقال لهم : تقدموا ، فتقدم القوم ، وتأخر هو وعائشة (في مؤخرة الركب) ، وقال لها : أتسابقينني ؟ (سباق : جري) قالت : نعم ، قالت : فسابقته فسبقته ، فسكت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قالت : حتى حملت اللحم وبدنت ونسيت وخرجت معه في بعض أسفاره ، وقال للقوم : تقدموا ، ثم قال : أتسابقينني ؟ ، قالت : نعم ، قالت : فسابقته فسبقني ، قال : هذه بتلك " .
هكذا كانت حياة عائشة - رضي الله عنها- مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، يراعي شأنها وصغرها ، ويعطيها حظها من اللعب واللهو ، ويربيها على الإيمان والحشمة والعفة ، ويسكب في قلبها من العلم والحلم والخير .
أقول ما سمعتم ، وأستغفر الله لي ولكم ، فاستغفروه إنَّه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمدلله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، وأصلي وأسلمي على المبعوث رحمة للعالمين ، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمابعد : أيها المسلمون عباد الله ، اتقوا الله حق تقواه.
عبادالله ، وجاءت الفرصة السانحة لعائشة - رضي الله عنها - أن تتخلى عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لو كانت شقية الحياة معه ، جاءتها الفرصة السانحة من رب العالمين - جل جلاله - في قصة التخيير لنسائه ، نساء النبي - صلى الله عليه وآله سلم ورضوان الله عنهن - كنساء العالمين ، طلبن الزيادة في النفقة من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأكثرن عليه ، وهو رسول الله - صلوات ربي وسلامه عليه - لا حظَّ له في الدنيا ، ولا ينظر إلى زهرة الدنيا أبدا ، وآلى منهن شهرا ، ثم أنزل الله - عزوجل - عليه آية التخيير ، أمره الله - عزوجل - أن يخيرهن ، من كانت تريد أن تبقى معه على شظف العيش ، ولكنَّ الخير لها في فضل الله وفي رسول الله وفي الآخرة ، ومن كانت تريد المتعة فإنَّه سيمتعها ويسرحها ويطلقها ويفارقها ، أنزل الله - عزوجل - عليه قوله : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِأَزواجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها فَتَعالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَراحًا جَميلًاوَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَالدّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِناتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظيمًا﴾ [الأحزاب: ٢٨-٢٩]
﴿قُل لِأَزواجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها فَتَعالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَراحًا جَميلًا ﴾
فبدأ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعائشة الحبيبة إليه - صلوات ربي وسلامه عليه - وهو الحريص عليها ، وقال لها - صلى الله عليه وآله وسلم- : " يا عائشة إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا عَلَيْكِ أَنْ لَا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ " لا تستعجلي في الرد حتى تستأمري أبويك (أبا بكر وأم رومان) ، قالت : وكان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ ، قال لها : قال الله - عزوجل - ﴿قُل لِأَزواجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَياةَ الدُّنيا وَزينَتَها فَتَعالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَراحًا جَميلًاوَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَالدّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِناتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظيمًا﴾ فماذا قالت الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها ؟ قالت : أفيك يارسول الله أستأمر أبوي ، بل أريد الله ورسوله والدار الآخرة .
هكذا اختارت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ لأنها كانت أسعد امرأة مع أسعد إنسان صلوات ربي وسلامه عليه .
بل أعظم من ذلك كانت - رضي الله عنها - تعتز بفضلها ومكانتها عند الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - على أزواجه ، وكانت تغار عليه غيرة شديدة ، تحبه حباً شديداً ، ولا تريده إلا لها ، وكانت أشد من تنافسها من أزواج الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - زينب بنت جحش ابنة عمته ، والمرأة التي زوجها الله من فوق سبع سماوات ، ﴿... فَلَمّا قَضى زَيدٌ مِنها وَطَرًا زَوَّجناكَها ... ﴾ [الأحزاب: ٣٧]
وكانت زينب تفتخر على أزواج الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - تقول : زوجكن آباؤكن وإخوانكن ، وأنا زوجني الله من فوق سبع سماوات .
وكنَّ أزواج النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما جاء في الحديث حزبين (جماعتين) تتنافسان على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : حزب عائشة ومعها حفصة وسودة وصفية ، وحزب زينب ومعها [أم سلمة] وجويرية وميمونة [وأم حبيبة] ، تَنافس على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
وكان من عادة النبي كما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها - وهو في البخاري ومسلم ، كان من عادته - صلى الله عليه وآله وسلم - إذا خرج من صلاة العصر يمر على زوجاته ، ويدنو منهن ، يطيب خواطرهن ، ويسأل عن أحوالهن ، وربما يسأل عن حاجاتهن حتى ينتهي إلى التي عندها الليلة، قالت عائشة - رضي الله عنها- : فاستأخر الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يوماً من الأيام في بيت زينب بنت جحش ، قالت : فسألتُ (منتظرة الرسول ، منتظرة مجيء الحبيب - صلى الله عليه وآله وسلم - كل يوم في شغف ما له تأخر ؟ سألت ) وفي رواية أنها أرسلت جارية من الحبشة تدخل على زينب فاكتشفت الأمر ، قالت لها : إنَّ امرأة من قريبات زينب أتت لها بعُكَّة من عسل ، وهي تسقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، الآن الرسول جالس مستريح يأكل العسل - وكان يحب العسل والحلوى صلوات ربي وسلامه عليه - فقالت عائشه : سنريهم ، وذهبت إلى حفصة وقالت لها : إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عند زينب بنت جحش يأكل العسل ، فإذا جاء إليك ودنا منك (وكذلك قالت لسودة) قولي له :" أكلت مغافير ؟ "(والمغافير نوع من النبت له رائحة كريهة ، والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يكره الرائحة الكريهة ) كيد نساء ، كيد سببه الحب للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، قولي له : أكلت مغافير ؟ سيقول لك : لا ، ولكني أكلت العسل عند زينب بنت جحش ، قولي له : جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ ( النحلة التي صنعت هذا العسل وقعت على شجرة المغافير والعرفط ومن هنا جاءت الرائحة الكريهة) وإذا جاء عندي قلت له مثل ذلك ، خرج الرسول دخل على حفصة ، دنا منها : أكلتَ المغافير يارسول الله ؟ ، قال : لا ، ولكني أكلت العسل عند زينب بنت جحش ، قالت : جرست نحله العرفط ، ثم خرج الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وذهب إلى عائشة ، ودنا منها : أكلتَ المغافير يارسول الله ؟ ، قال : لا ، ولكني أكلت عسل عند زينب بنت جحش ، قالت : جرست نحله العرفط (هذا يشكك الإنسان ، الرسول لايحب الرائحة الكريهة) فحرّم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على نفسه أن يأكل العسل؛ حتى لاتستروح منه أزواجه رائحة كريهة ، وأنزل الله - سبحانه وتعالى - : ﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبتَغي مَرضاتَ أَزواجِكَ وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌقَد فَرَضَ اللَّهُ لَكُم تَحِلَّةَ أَيمانِكُم وَاللَّهُ مَولاكُم وَهُوَ العَليمُ الحَكيمُوَإِذ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعضِ أَزواجِهِ حَديثًا فَلَمّا نَبَّأَت بِهِ وَأَظهَرَهُ اللَّهُ عَلَيهِ عَرَّفَ بَعضَهُ وَأَعرَضَ عَن بَعضٍ فَلَمّا نَبَّأَها بِهِ قالَت مَن أَنبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ العَليمُ الخَبيرُإِن تَتوبا إِلَى اللَّهِ ...﴾ حفصة وعائشة .
﴿ ... فَقَد صَغَت قُلوبُكُما وَإِن تَظاهَرا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولاهُ وَجِبريلُ وَصالِحُ المُؤمِنينَ وَالمَلائِكَةُ بَعدَ ذلِكَ ظَهيرٌ﴾ [التحريم: ١-٤] كانت حظِيَّة عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
بقيت كذلك إلى موته صلوات ربي وسلامه عليه ، لما مرِض مرَض الموت كان يقول : متى يوم عائشة ؟ ، حتى علمن زوجاته أنَّه يريد أن يتحول إلى عائشة ، فتنازلنَّ عن أيامهنَّ ومُرِّض في بيت عائشة - رضي الله عنها - ومات بين سَحرها ونحرها حتى قالت في الحديث : إنَّ من نعمة الله علي ، أنَّ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - توفي بين سحري ونحري (وهي واضعة رأسه بين سحرها - جنبها - ونحرها ) توفي بين سحري ونحري ، وفي يومي ، واجتمع ريقه مع ريقي (وذلك في السواك الذي أخذته من أخيها وطيبته ثم استاك منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ) .
هكذا كانت حياة عائشة - رضي الله عنها- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وهذه قطرة من بحر وغيض من فيض .
أسأل الله - سبحانه وتعالى- أن يبارك لنا ولكم ، وأن يوفقنا وإياكم إلى كل خير ، وأن يثبتنا على الحق والإيمان ، وعلى هدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم !
اللهم اغفر للمسلمين ، والمسلمات ، والمؤمنين ، والمؤمنات ، الأحياء منهم ، والأموات !
اللهم اغفر لنا ، وارحمنا ، وعافنا ، واعفُ عنا ، وتب علينا ، واسترنا !
اللهم يسر أمورنا ! اللهم يسر أمورنا ! اللهم يسر أمورنا !
اللهم رخص أسعارنا ، غزر أمطارنا ، ولِّ علينا خيارنا ، اصرف عنا أشرارنا !
اللهم بارك لنا يارب العالمين ! اللهم ارفع عنا غضبك وسخطك ! اللهم اكشف عنا الكرب والهم والغم والشدة !
اللهم يسر أمورنا ! اللهم يسر أمورنا !
اللهم رحماك بالمستضعفين من المسلمين في كل مكان !
ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار !
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم !
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
لتحميل الخطبة صوتية من هنا