خطبة قيمة العمل فى الإسلام للشيخ سعد الشهاوى

الدكتورسعد الشهاوى
1436/10/19 - 2015/08/04 20:14PM
[FONT="]خطبة قيمة العمل فى الإسلام للشيخ سعد الشهاوى [/FONT][FONT="]‏[/FONT][FONT="][/FONT]
[FONT="] [/FONT] الحمدُ لله فاطرِ الأرض والسموات، عالم الأسرار والخفيات، المطلع على الضمائر والنيات، أحاط بكل شيء علماً، ووسع كل شيء رحمة وحلماً، وقهر كل مخلوق عزة وحكماً، يعلم ما بين أيديهم وما خلفَهم ولا يحيطون به علماً. لا تدركه الأبصار، ولا تغيره الدهور والأعصار، ولا تتوهّمه الظنون والأفكار، وكل شيء عنده بمقدار، أتقن كلَّ ما صنعه وأحكمه، وأحصى كلَّ شيء وقدّره، وخلق الإنسان وعلّمه.
فلك المحامدُ والثَّناءُ جميعهُ *** والشُّكْرُ مِن قلبي ومِن وجداني
فَلَأَنْتَ أهلُ الفضلِ والمنِّ الَّذي *** لا يستطيع لشُكْرِهِ الثَّقَلان
أنت القويُّ وأنت قهَّارُ الورى *** لا تعجزنَّك قوَّةُ السُّلْطَان
فلك المحامدُ والمدائحُ كُلُّها *** بخواطري وجوانحي ولساني
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
توكلت في رزقي على الله خالقي و أيقنت أن الله لاشك رازقي
و ما يك من رزقي فليس يفوتني و لو كان في قعر البحار العوامق
سيأتي به الله الكريم بفضله و لو لم يكن منى اللسان بناطق
فعلام تذهب النفس حسرة و قد قسم الرحمن رزق الخلائق
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صدع بالحق وأسمعه، اللهم صل على عبدك ورسولك سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسائر من نصره وكرمه، وسلم تسليماً كثيراً. أمَّا بَعْــــــــد:
العناصر
1. ما هو العمل
2. فضل العمل
3. حثَّ الإسلام على العمل
4. الأنبياء والعمل
5. الصحابة والعمل
6. العلماء والعمل
7. آداب العمل
8. حقوق العامل وصاحب العمل
9. أسباب ترك العمل
10- مشكلة البطالة و آثار ها
عبــــاد الله: لقد وردت في القرآن الكريم نحو ثلاثمائة وستين (360) آية تحدثت عن العمل وحيث أن السنة القمرية 365 يوما فهذا يوحي بأن العمل في كل يوم من أيام السنة متواصلا دون انقطاع
فما هو العمل العمل أيها الأخوة ذلك المجهود الذي يقوم به الإنسان وحده أو مع غيره، لإنتاج سلعة، أو تقديم خدمة، وهو السلاح الأول لمحاربة الفقر. فسيدنا عمر رضي الله عنه كان في جولة تفقدية، فإذا بلدة إسلامية كل أصحاب النشاطات الاقتصادية فيها ليسوا مسلمين، فتألم أشدّ الألم وعنفهم أشدّ التعنيف، وقال لهم: كيف بكم إذا أصبحتم عبيداً عندهم؟ والحقيقة الصارخة أن العالم اليوم منقسم لا إلى شرق وغرب، ولا إلى شمال وجنوب، ولا إلى يمين ويسار، ولكن العالم اليوم منقسم إلى منتج ومستهلك، فالمنتج قوي متحكم، والمستهلك ضعيف مُستَحكم.
فالمسلم يجب أن يصنع سلاحه بيده وينتج قوته من أرضه ومن أقوالهم( بئست أمة أكلت خبزا لم تزرعه ولبست ثوبا لم تصنعه)إن الأمر جد خطير إذا اعتمد المسلمون على أعدائهم فى إستيراد لقمة العيش والخبز والدواء واللباس وكل المستلزمات الحيوية الضرورية وما كل ذلك إلا للتأكيد على أهمية العمل والإنتاج، إذ إن الأمم تستورد قوتها من يد عدوها ولا تملك كلمتها ولا إرادتها إلا إذا عمل أبناؤها جميعًا على رقيها ونهضتها، واستطاعت أن تنتج طعامها، وشرابها، وكساءها، ودواءها، وسلاحها، وسائر مقومات حياتها، ولن يكون ذلك إلا بالعلم والعمل والتخطيط الجيد فينبغى أن تعمل الأمة جيدا وتعلم أن ما هدم فى سنوات طويلة لا يمكن أن يبنى في أيام قليلة ومن أقوال فضيلة الشيخ محمد متولي الشعرواى رحمه الله"لن تكون كلمة الأمة من رأسها إلا إذا كانت لقمتها من فأسها"
والناظر في آيات القرآن الكريم، وفي أحاديث رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، يرى العناية الكبيرة بكل ما يصلح حياة الإنسان في دينه ودنياه ويصلح حياته ومماته . والنجاح و الإصلاح في الدنيا مرتبط بالعمل، فارتباط السعادة والفوز بالعمل الصالح ليس مقصورًا على الآخرة وحدها ، فلا يخيب سعي ساع ، ولا جهد مجتهد يقول تعالى : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]ويقول تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات إِنَّا لَا نُضِيع أَجْر مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ) [الكهف: 30 ] ، فمن عمل أُجر ومن قعد حُرم. والعمل المفيد يٌجزى عليه صاحبه في الدنيا والآخرة ، فيصلح الله جميع أحواله ، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً، يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ...» رواه مسلم ، فالعمل المفيد يريح النفس،ويسعد القلب ويُطيّب العيش، ويذهب الحزن والهم والقلق ؛ فالمسلم يجد فرحة ولذة بعد إتمام كل عمل صالح يعمله، وهذه السعادة لا تُباع ولا تُشترى، ولا يستوي من يعمل صالحا ومن يعمل سيئًا أو يسيئ إلى غيره ، كما لا يستويان في الممات {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية: 21] .
عبـــــــاد الله: لقد عظم الإسلام من شأن العمل مهما كان هذا العمل في المصنع أو في المتجر أو في المستشفى أو في الوزارة أو في السوق أو في بناء العمارات وتشييد المباني أو في الزراعة وحراثة الأرض، أو حتى كان العمل في حفظ الأمن وحراسة الأموال والأعراض أو حتى كان في القضاء والفصل بين الناس أو غير ذلك بل حتى عمل المرأة في بيتها لزوجها وأولادها فإنها تؤجر عليه.. فعلى قدر عمل الإنسان يكون جزاؤه
فضل العمل
إن العمل هو السبب الأول في جلب المال والسلاح الأول لمحاربة الفقر و وليس الفقر من مقاصد ديننا ويؤثر عن علي أنه قال: {لو كان الفقر رجلاً لقتلته} وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول{اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر}.
و العمل هو العنصر الأول في عمارة الأرض، التي استخلف الله فيها الإنسان، وأمره أن يعمرها، قال تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ سورة [هود:61]فبالعمل يؤدي الإنسان مَهمَّةَ الإعمارِ في الأرض قال ابن كثيرٍ: أي جعلكم عُمَّارًا تعمرونها وتستغلونها فلقد جعل الله الأرض مستقر حياة الإنسان ومعاشه في هذه الدنيا وأوجد فيها الكثير من النعم وسخر جميع المخلوقات لخدمته ونوع له أبواب الرزق وطرقه وذلل له سبل الوصول إليه قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ * وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ) [يس: 71ـ73] وقال تعالى: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ * وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ * وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) [الحجر: 19ـ21].
وقال الله تعالى: (وَآيَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ) [يس:33-35]، لماذا هيأ الله الأرضَ؟ قال: لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ، إنه تنبيهٌ لشرف عمل اليد. وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[الملك: 15] . فالرزق مضمون و مكفول و لكن ثمنه السعي : اقتضت سنة الله في الخلق، أن هذه الأرزاق التي ضمنها الله عز وجل والأقوات التي قدرها، والمعايش التي يسرها، لا تُنال إلا بجهد يبذل، وعمل يُؤدى، ولهذا رتب الله الأكل من رزقه بعد المشي في مناكب أرضه، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ فمن مشى أكل، ومن كان قادراً على المشي ولم يمش كان جديراً ألا يأكل، وهذه سنة الله في خلقه
أيها الإخوة المسلمون: لقد امتنَّ الله تعالى على عباده بجعله النهارَ لهم ضياءً يبتغون فيه من فضله: (وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) [النبأ:11]، وامتنَّ بجعله الأرض ميدانًا لهذا الكسب والمعاش، قال تعالى: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) [الأعراف:10]. ومن هنا يتضح حرص الإسلام على السعي والاجتهاد ، شريطة أن يكون العمل في صالح البلاد والعباد، يقول الله تعالى للسيدة مريم حين جاءها المخاض وهي بجوار النخلة: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}[مريم 25]، فأمرها الله بالجد وبذل الجهد أولاً ، فيجب على الإنسان ذكرًا كان أو أنثى أن يسعى وينصب ؛ ليرزقه الله من فضله ونعمه .
العمل عبادة
ينبغي على العامل أن يعلم بأن العمل عبادة وطاعة لله (سبحانه وتعالى) وأن الله تعالى سوف يحاسبه يوم القيامة عن عمله قال الله تعالى : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[التوبة: 91].
لقد نظر الإسلام إلى العمل نظرة توقير وتمجيد ، فرفع قدر العمل وقيمته وجعله سبيلا للرقي والتقدم، وجعله عبادة يثاب عليها ،وأصبح الكسلُ وترْكُ العمل نقصًا في حق الإنسان ، فقد حث القرآن الكريم من خلال آياته على السعي على المعاش و العمل، وجعله في مصافّ العبادات، فقد نادانا الحق سبحانه لصلاة الجمعة بأمرٍ، ثم صرفنا إلى العمل بأمرٍ مساوٍ له وجاء الأمرُ بالانتشار في الأرض طلبًا للرزق الحلال بعد الأمر بالصلاة يقول تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة 9 – 10 وكان سيدنا عِرَاكُ بْنُ مَالِكٍ (رضي الله عنه) إِذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ انْصَرَفَ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَجَبْتُ دَعْوَتَكَ وَصَلَّيْتُ فَرِيضَتَكَ، وَانْتَشَرْتُ كَمَا أَمَرْتَنِي، فَارْزُقْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (تفسير ابن كثير.
أيها الإخوة: إن الكسب بقدر الكفاية لنفسه وعياله، وقضاء دينه، ونفقةِ من يجبُ عليه نفقتُه؛ فرضٌ من الفروض. ولا يجوز للقوي القادر أن يجلس، أو يسأل الناس، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ"[رواه أبو داود وصححه الألباني]. ثم إن الإنفاق على العيال أفضل الإنفاق على الإطلاق؛ فعَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ" قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: "وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ راوي الحديث: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا، مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ، يُعِفُّهُمْ أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللهُ بِهِ، وَيُغْنِيهِمْ". وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ"[رواهما مسلم].
وقال صلى الله عليه سلم لسعد بن أبي وقاص ( إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بها وَجْهَ اللَّهِ إلا أُجِرْتَ عليها حتى ما تَجْعَلُ في في امْرَأَتِكَ ) البخاري (56) ومسلم (1628)
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ( رضي الله عنهما ) قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) عَنْ أَطْيَبِ الْكَسْبِ، فَقَالَ: «عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٌ» [أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في المعجم الكبير.
وعن عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن أطيب ما أكلتم من كسبكم". أخرجه الترمذي في سننه، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "خير الكسب كسب العامل إذا نصح". أخرجه أحمد في مسنده.
أيها الإخوة: لقد سمى فقهاؤنا -رحمهم الله- حاجاتِ الأمةِ من الأعمال والصنائع والحرف فروضَ كفايات، وهي تشمل حراسة الأمن، ودواوين القضاء، وإجادة الأعمال، وامتهانَ الحرف، وكلَّ ما فيه عمران الأمة؛ صنوف متعددة لا يحسنها كلُ أحد، ولا يقوى عليها كلُ أحد، ولكن يحتاج إليها كلُ أحد، إنما هي مواهب وقدرات، وهمم متفاوتة، قسمها الله بين خلقه، ليتخذ بعضُهم بعضاً سخريا.
العمل يغفر الله به الذنوب
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) :"إِنَّ مِنَ الذُّنُوبِ ذَنُوبًا لا تُكَفِّرُهَا الصَّلاةُ وَلا الصِّيَامُ وَلا الْحَجُّ وَلا الْعُمْرَةُ"، قَالُوا: فَمَا يُكَفِّرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:"الْهُمُومُ فِي طَلَبِ الْمَعِيشَةِ"أخرجه الطبراني،
وعن عبد الله بن عباس عن أبيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفورًا له". أخرجه الطبراني في الأوسط، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم (من بات كالا من طلب الحلال بات مغفورا له) رواه ابن عساكر عن أنس ورمز له السيوطى فى الجامع الصغير بعلامة الصحة
والإسلام رفع العامل إلي درجة الشهيد
رفع الله جل جلاله العمل والكسب الحلال إلى مستوى الجهاد في سبيل الله ومن يسعى على كسب معاشه ورزق أولاده من حلال فهو في درجة الشهيد أو المرابط في سبيل الله وما ذلك إلا لأهميته وفضــله فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:" ما من حال يأتيني عليها الموت بعد الجهاد في سبيل الله، أحب إلي من أن يأتيني وأنا ألتمس من فضل الله يعنى: "والله ما أحب أن يأتيني الموت إلا على أحد شكلين؛ إما مجاهدًا في سبيل الله أو ساعيًا لطلب الرزق". ثم تلا هذه الآية: ﴿وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ سورة المزمل : 20 فقرنَ المولى سبحانَه في كتابِه بينَ المجاهدينَ في سبيِلِه والذينَ يضربونَ في الأرضِ يبتغونَ من فضلِ اللهِ قال الإمام القرطبي - رحمه الله - في تفسيره لهذه الآية: "سوى الله تعالي في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال ، فكان هذا دليلاً على أن كسب المال بمنزلة الجهاد لأنه جمعه مع الجهاد في سبيل الله"
وهذا ما أكده الرسول [FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT] - لأصحابه فعن كعب بن عُجْرَةَ قال: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَصْحَابِهِ، فَرَأَوْا مِنْ جَلَدِهِ وَنَشَاطِهِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ -يعني في الجهاد- فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يُعِفُّهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ"[ رواه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني في صحيح الترغيب 1692].
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ : « السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ – وَأَحْسِبُهُ قَالَ – وَكَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ» متفق عليه.
ورفع رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي بإسناد حسن، حاثَّاً على العمل ولاسيما التجارة، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَالَ: التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ)))الترمذي عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري وقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ]
لماذا؟.. لأنه يحقق للناس مصالحهم، ويؤمِّن لهم حاجاتهم، بطريقة شريفة، وبصدق شديد، وبإخلاص تام، وبإتقان، وبمعاملة طيبة، فهو داعية إلى الله من دون أن يدري، ولذلك تجد أكبر قطر إسلامي على الإطلاق (إندونيسيا) الذي يعد مئة وخمسين مليوناً، هذا القطر الإسلامي وصلت إليه الدعوة عن طريق التجَّار فقط، ولم يُفتح بالسيف، لذلك يستحق التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الْأَمِينُ أن يكون مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يوم القيامة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: استقيموا يُستقم بكم )) الطبراني عن سمرة استقامتك دعوة، عفتك دعوة، صدقك دعوة، أمانتك دعوة، إخلاصك دعوة وأنت ساكت، هذا الذي لا يُحسن أن ينطق بكلام فصيح، ولا أن يأتي بالحجج الدامغة، ولا أن يأتي بأقوال متعددة يؤكد بها رأيه، هذا الذي لا يُحسن أن يقول هو داعية من دون أن يدري.
صعد أحد الخلفاء الراشدين وأظنه سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه المنبر، فأُرتج عليه، فقال:" أنتم إلى إمام عامل، أحوج منكم إلى إمام قائل " لغة العمل أبلغ من لغة القول..
ورد في الأثر: "أن خير الكسب كسب التجَّار، الذين إذا حدَّثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا اشتروا لم يذموا، وإذا باعوا لم يطروا، وإذا كان لهم لم يعسِّروا، وإذا كان عليهم لم يُمطلوا ". فالنبي عليه الصلاة والسلام حثنا على الكسب المشروع، وعلى التجارة الصادقة
وقد شجع الإسلام على جميع الأعمال التي تدرّ على الإنسان بالرزق، سواء زراعة أو صناعة أو عملاً مهنيًّا أو تجارة، قال المصطفى وهو يحبّذ ويشجّع على التجارة: "تسعة أعشار الرزق في التجارة"، وروى الإمام أحمد في المسند أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أطيب الكسب عملُ الرجل بيده وكل بيعٍ مبرور".
وقد ورد في الجامع الصغير، ورمز له السيوطي بعلامة الصحة:" من بات كالاً في طلب الحلال بات مغفوراً له".
وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يرفع من شأن الحرفيين فيجيب دعوتهم، فعن أنس بن مالك قال: "إن خياطًا دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الطعام، فقرب إليه خبزًا من شعير ومرقًا فيه دباء، ( الدباء ) القرع قال أنس: فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتتبع الدباء من حول القصعة، فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم". متفق عليه.
قال النووي: "فيه فوائد، منها إباحة كسب الخياط"، وقال ابن حجر: "فيه دليل أن الخياطة لا تنافي المروءة"، قال العيني: "وفيه جواز أكل الشريف طعام الخياط والصائغ، وإجابته إلى دعوته".
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: جاء رجل من الأنصار يكنى أبا شعيب، فقال لغلام له قصاب -أي:[FONT="] [/FONT]جزار -: اجعل لي طعامًا يكفي خمسة، فإني أريد أن أدعو النبي -صلى الله عليه وسلم- خامس خمسة، فإني قد عرفت في وجهه الجوع، فدعاهم، فجاء معهم رجل، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن هذا قد تبعنا، فإن شئت أن تأذن له فائذن له، وإن شئت أن يرجع رجع"، فقال: لا، بل قد أذنت له. قال النووي: "أي: يبيع اللحم، وفيه دليل على جواز الجزارة وحل كسبها".
وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يشيد بالمبدعين من أصحاب الصنائع ويوكلهم بالأعمال، فعن قيس بن طلق عن أبيه قال: بنيت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسجد المدينة فكان يقول: "قدموا اليمامي من الطين؛ فإنه من أحسنكم له مسًّا". رواه ابن حبان. وزاد أحمد: "وأشدكم منكبًا".
ولقد حثَّ الإسلام على العمل والاحتراف والإنتاج ، ورغَّب فيه وشجّع عليه ، وصغَّر مِن شأن مَن يتهاون به، أو يحتقره ونوَّه القرآن بأعمالٍ كثيرةٍ في الصناعة والزراعة والتجارة وغيرها ، ومما يدل على ذلك أن القرآن الكريم دعا إلى الصناعات التي هي من مقومات الحياة كصناعة الحديد وما فيها من فوائد في الحياة ، قال الله تعالى عن صناعة الحديد: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ }[الحديد: 25]وقال الله تعالى عن مهنة الحدادة: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا) [الكهف:96].
وقال تعالى عن صناعة التعدين: (وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) [سبأ:12]أي النحاس المذاب المستعمل في صنع الجفان والقدور.
وقال سبحانه في صناعة الجلود : {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ}[النحل: 80]. ومن الصناعات التي لا يستغني عنها الإنسان صناعة الملابس والكساء قال تعالى عنها: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ}[النحل: 80]
وقال تعالى في صناعة الكساء: {وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ }
وقال تعالى في بناء المساكن: (وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) [الأعراف:74]. وقال تعالى في صناعة السفن قال: (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ) [الرحمن:24]
وقال تعالى في في الصيد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوالَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ) [المائدة:94]، وقال تعالى في: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ) [المائدة:96].
وقال تعالى في البيع والتجارة قال: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)[البقرة:275]، وقال تعالى: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةَ تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ) [البقرة:282]. وقال تعالى في الفلاحة والزراعة قال: (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ * أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [الواقعة:63-64].
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ ))[متفق عليه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ] صدقة.. مادام قد زرع زرعاً عمَّ الرخاء، وتوافرت حاجات الناس، ورخصت الأسعار، ومن كان في خدمة المسلمين كان في عبادة عالية جداً.
وممَّا جاء الإسلامُ بتأكيده، والحثِّ عليه: العمل وبناءُ الأرض وعمارِتُها؛ فدعانا إلى أن نعمل إلى آخر لحظة من حياتنا وحتى لحظةَ قيام الساعة حتى لو لم ندرك ثمرة هذا العمل ، وما ذلك إلا لبيان قيمة العمل وأهمية الإنتاج للأفراد والأمم فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: "إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا "[[الأدب المفرد للبخاري ورواه الإمام أحمد بإسنادٍ صحيح].في هذا الحديث تقديس للعمل، وأنه لا ينقطع العمل في إعمار الأرض حتى حين تنقطع الحياة كلها.
وقد رأى شابٌّ شيخًا هَرِمًا يغرس شجرةً، فقال له: يا شيخ، لِمَ تغرس شجرة وقد لا تدرك ثمرتها إلا بعد سنين؟ فردَّ عليه الشيخ: يا هذا، غرَس مَن قبلنا فأكلنا، ونحن نغرس ليأكل من بعدنا.
ولذلك هناك جملة من أعمال الخير والبر أجرها خالد وأن ثوابها متجدد حتى بعد أن ينتقل المسلم من الحياة إلى الموت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ بعد موته مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا أَوْ أَجْرَى نَهْرًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ غَرَسَ نَخْلًا أَوْ بَنَى مَسْجِدًا أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ }
( البزار عن أنس . وأبو نعيم والبيهقي وقال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 3602 في صحيح الجامع (صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته المؤلف : محمد ناصر الدين الألباني) وهذه الأعمال السبعة مختلفة المظهر والجهد وبعضها يمكن عده من الأعمال الدنيوية
الأنبياء والعمل
اعلموا -معاشر الشباب- ويا من يشكي من البطالة، وقلَّة الوظائف، ويا من يشمئزُّ من الحرف اليدوية، والتجارةِ الحرّة، اعلموا: أنَّ أنبياء الله -عليهم السلام-مع عُلُوِّ درجتهم ونبْل مكانتهم، وشرف رسالتهم كانوا يمتهنون حِرَفًا وأعمالاً، فسيدنا نوحٌ -عليه السلام- مارس مِهْنةَ صناعة السفن: قال تعالى في حق نبي الله نوح في صناعة السفينة: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) [هود:37]. وقال تعالى {فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}[المؤمنون: 27]
وسيدنا داود -عليه السلام- كان خليفةً في الأرض، ومع ذلك كان لا يَأْكُلُ إلا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، فأصبح حدَّادًا يصنع الدروع من الحديد وهي مهنة سيدنا داود (عليه السلام) قال تعالى(وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ)[الأنبياء:80]، يعني صنعة الدروع. قال ابن حجرٍ -رحمه الله-: "الذي كَانَ يَعْمَلُهُ دَاوُدُ بِيَدِهِ: هُوَ نَسْجُ الدُّرُوعِ، وَأَلَانَ اللَّهُ لَهُ الْحَدِيدَ، فَكَانَ يَنْسِجُ الدُّرُوعَ وَيَبِيعُهَا، وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ، مَعَ كَوْنِهِ كَانَ مِنْ كِبَارِ الْمُلُوكِ، قَالَ تعالى-: (وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ) [ص: 20]" انتهى كلامه وقال تعالى: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ * أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ‌ فِي السَّرْ‌دِ}[سبأ:10 ، 11] وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ" رواه البخاري.
ونبيُّ الله موسى -عليه السلام-: أجَّر نفسه راعيًا للغنم عشر سنين عشر حجج عمل أجيرًا وراعيَ غنمٍ عند الرجل الصالح ، لكي يُعفّ نفسه ويصونَها، بزواجه من ابنة الرجل الصالح في مدين. قال تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ) [القصص: 27]، فتزوج ابنته وعمل عنده عشر سنين.
ونبيُّ الله زَكرِيّا -عليه السلام- كَانَ نَجَّارًا، كما في صحيح مسلم، فكان يصنع ويُصلح الأخشاب قال -صلى الله عليه وسلم-: "كَانَ زَكرِيّا -عليه السلام- نَجَّارًا" رواه مسلم؛ قال الشيخ العثيمين: وهذا يدل على أن العمل والمهنة ليست نقصًا؛ لأن الأنبياء -عليهم السلام- كانوا يمارسونها.
بل وجميعُ الأنبياء -عليهم السلام-، وفي مُقدِّمتهم سيدنا محمدٌ خيرٌ الأنام صلَّى الله عليه وسلَّم: كانوا رُعاةً للغنم، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ" فَقَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَنْتَ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ"[رواه البخاري]. سيد الخلق وحبيب الحق، سيد ولد آدم المبعوث رحمة للعالمين، عمل عملاً لا يرضى الآن أحد أن يعمل به، عمل راعي غنم.
ونبينا محمد-صلى الله عليه وسلم- خير الأنبياء رعى الغنم في صباه، وعمل -صلى الله عليه وسلم- أيضاً في التجارة، فخرج إلى الشام في تجارة عمه وزوجته خديجة -رضي الله عنها في شبابه،وقد كان النبيُّ ( صلَّى الله عليه وسلَّم ) يعمل بنفسه، ويقوم على خدمة أهله ، قالت عائشة (رضي الله عنها): "كان رسول الله ( صلَّى الله عليه وسلَّم ) يَخصِفُ نعله، ويَخيط ثوبَه، ويعمل في بيته كما يعمل أحدُكم في بيته"[أخرجه أحمد والترمذي].
قال ابن القيم -رحمه الله- إن النبي-صلى الله عليه وسلم- باع واشترى، وآجر واستأجر، وضارب وتوكل، ووهب واستوهب، واستدان واستعار، وضمن عامًّا وخاصًّا، ووقف وشفع، ولم يعتب ولم يغضب، وحلف واستحلف، ومازح وورَّى ولم يقل إلا حقًّا، وهو الأسوة والقدوة-صلى الله عليه وسلم-.
الصحابة والعمل
وهاهم أفضل وأكرم الخلقِ بعد الأنبياء، الصحابة- رضي الله عنهم-، عملوا فكان لكل واحد منهم حرفته وله عمله الذى يكسب منه قوت يومه ليتقوى على عبادة ربه لكى يعف نفسه عن الحاجة فكان منهم الراعي والكاتب والخادم والتاجر والخياط والحلاق والنبَّال والسقَّاء والفلاّح وغيرها كثير. فكانوا تُجَّاراً في الأسواق، ومُنشغلين بالبيع والزراعة وجلبِ الأرزاق، قَالَ أَبو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: "يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ: كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ"[متفق عليه].
قال ابن بطالٍ -رحمه الله-: في هذا الحديث: "عمل الصحابة في الحرث والزرعِ بأيديهم، وخدمةُ ذلك بأنفسهم، وأنَّ الامتهانَ في طلب المعاش للرجال والنساء: مِن فعل الصالحين، وأنه لا عار فيه ولا نقيصةَ على أهل الفضل" انتهى كلامه.
ولقد كانَ أصحابُ النبى محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلمَ عُمالُ أنفُسِهم كما تقولُ عائشةُ رضي اللهُ عنها
فها هو سيدنا أبو بكرٍ الصديقُ رضي اللهُ عنه من أتجرِ قريشٍ
وكان سيدنا عمر-رضي الله عنه- يعمل في الزراعة و كان يقول: "يا أيها الناس: كتب عليكم أن يأخذ أحدكم ماله فيبتغي فيه من فضل الله -عز وجل-؛ فإن فيه العبادة والتصديق، وأيم الله، لأن أموت في شعبتي رحلي، وأنا ابتغي بمالي في الأرض من فضل الله، أحب إليّ من أن أموت على فراشي".
وكان سيدنا عثمانُ بنُ عفانَ -رضي الله عنه- تاجرا وما قُتلَ حتى بلغت غَلّةُ نخلِه مائةَ ألفٍ "
فعن أبي مسعود البدري قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرنا بالصدقة، فما يجد أحدنا شيئًا يتصدق به حتى ينطلق إلى السوق، فيحمل على ظهره، فيجيء بالمدّ فيعطيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإني لأعرف اليوم رجلاً له مائة ألف ما كان له يومئذ درهم". رواه النسائي.
وسيدنا عليِّ بنِ أبي طالبٍ -رضي الله عنه- حينما أَرَاد أَنْ يتزوج فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وليس عنده مالٌ ولا وظيفة، إنما كَانَتْ له ناقتان، فبدأ يعمل ويُتاجر بهما، فيحمل عليهما المتاعَ ويبيعه في السوق؟.
وكانَ سيدنا عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ رضي اللهُ عنه تاجرا وكانَ يقولُ: يا حبذا المالَ أصونُ به عرضِي، وأتقربُ به إلى ربي"
وكان سيدنا الزبير بن العوام رضي اللهُ عنه خياطا
وقد كان كبار الصحابة، وزُهُّادُهم وعُلماؤهم: يعملون بالتجارة، ويسعون إلى تنميةِ أموالهم روى البخاري في صحيحه أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- دَعَا لعَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ بالبركة، وكَانَ يَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ، فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ -رضي الله عنهما-، فَيَقُولَانِ لَهُ: أَشْرِكْنَا في تجارتك؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ، فَفعل ذلك وأشْرَكَهُمْ. وهم يفعلون ذلك؛ لما علموه من منافع الأموال وفائدتِها، والضررِ المترتِّب عند الحاجةِ إليها وعدم وجودها
ولقد كان أزواجه صلى الله عليه وسلم يعملن بغزل الصوف ودبغ الجلود ويخدمن من في المعارك وكان أصحابه أصحاب مهن ولم تكن هناك مهنه يترفع القوم عنها
وهكذا كان الأفاضل من الصحابة والتابعين والصالحين، مع اهْتمامهم بأمور الآخرة، إلا أنهم كانوا يُمارسون الحرف والتجارة، ولا يرونها عيباً ومهانة. قال سفيان الثوري -رحمه الله-: "عليك بعمل الأبطال، الكسب من الحلال، والإنفاق على العيال".
العلماء والعمل
وكان علماء المسلمين يعملون بأيديهم، رغم أنهم قادة وأساتذة وأدباء، لا يجدون غضاضة في ذلك ولا عجب إن رأينا أئمة الإسلام، وأكابر علمائه، الذين سارت بذكرهم الركبان، والذين خلدتهم آثارهم، ومؤلفاتهم، كانوا لا يُنسبون إلى آبائهم ولاأجدادهم، بل إلى حرفهم وصناعاتهم، التي كانوا يتعيشون منها، ولم يجدوا أية غضاضة في ذلك، أو أية مهانة في الانتساب إلى تلك الحرف والصناعات وعلى ذلك صار مجتمعهم الإسلامي على مرّ العصور
واشتهرت أسماؤهم بأسماء مهنهم وحرفهم، فمنهم: الخشَّاب بائع الخشب والحدَّاد (صانع يحمي الحديد و يطرقه لتشكيله بحسب الشكل المطلوب) والصوَّاف بائع الصوف والخصَّاف ((من يخصف النعال) والعلَّاف (بائع العلف) والقطَّان (من يتجر بالقطن) والطحَّان (الذي يعمل في الطاحونة يطحن الطحين) والبقَّال( بائع البقول و نحوها والبصَّال (الذى يتاجر أويعمل بالبصل) والقفَّال (من يصنع الأقفال أو يبيعها) والبزَّاز (بائع البزور) الخياط (من حرفته الخياطة) الصبان (صانع الصابون وبائعه) والجمَّال (صاحب الجمل و العامل عليه) والنجَّار (من حرفته نجر الخشب وصنعه )والبنَّاء ( من حرفته البناء) والجصَّاص (صانع الجص و بائعه والجص من مواد البناء) والخواص (بائع الخوص و الذي يعمل الأشياء منه من ورق النخل و المقل) والغَزَّالي (الذى يعمل بصناعة الغَزْل) والإسْكَافي (يصلح الأحذية) والآجُرِّي (صناعة الآجُرِّ) والقُدُوْرِي (صناعة وبيع القُدُور) والبَاقِلَّاني (بيع الباقلاء)، والمَاوَرْدِي (صنع وبيع ماء الورد).
وكلهم من كبار العلماء، الذين سارت بذكرهم الركبان، وخلدتهم مؤلفاتهم، وإنتاجهم العلمي، ولعل من السلف الصالح من علماء دمشق من كان نجاراً، ومن كان قصَّاباً وهو من أئمة القرَّاء، ومن كان حداداً، هذا شيء يرفع من قيمة العلم، بل إن الإمام أبا حنيفة النعمان كان تاجر أقمشة.
ويقولُ صالحُ ابنُ الإمامِ أحمدَ رحمهما اللهُ: " كانَ أبي ربما أخذَ القَدّومَ وخرجَ إلى دارِ السكنِ يعملُ الشيءَّ بيدِه "
فيا معاشر الشباب: هؤلاء الأنبياء والمرسلون، والصحابة المتقون، والسلف الصالحون، والعلماء منهم النجارون والمزارعون، ورُعاةُ الأغنام والنَّسَّاجون، ولم يزدهم ذلك إلا رفعة في الدنيا والآخرة، ولم يترفعوا عن هذه الأعمال، فما بالكم تترفعون عنها وتشمئزُّون منها، وترضون بالبطالة. فهل يعي شبابُنا هذا الْمَبدأ، وهو أنْ يعملوا ويَجِدُّوا في طلب المال، ليُحصِّنوا أنفسهم، ولا ينتظروا الوظائف الرسمية، ولا الأعمال الحكومية، فما بالهم يتأخرون عن الزواج، وإحصانِ فرجهم، بدعوى البطالةِ وعدمِ الوظيفة؟ فأين هم مِن نبيِّنا وقُدْوتِنا -صلى لله عليه وسلم-، الذي كان يُتاجر في مال خديجة -رضي الله عنها- أيَّام شبابه، ليتحصل على مالٍ يُغني به نفسه، ويُقدِّمُه مهراً لزواجه؟وأين هم مِن سيدنا موسى -عليه السلام - الذي كان يُؤجِّر نفسه راعيًا للغنم عشر سنين0
آداب العمل
عبــــــاد الله: وإذا كان العمل بهذه الأهمية والمكانة فإن له آداباً وواجباتٍ ينبغي لكل مسلم أن يلتزم بها وهو يقوم بأي عمل من الأعمال، فعليه ابتداء أن يتقن عمله، وتلك صفة عظيمة في حياة المؤمن؛ فالإسلام يَحُضُّ على إحسان العمل وزِيادة الإنتاج والاجتهاد ، ويعدُّ ذلك أمانة ومسؤوليَّة في عنق العامل أو الموظف، فليس المطلوب في الإسلام القيام بالعمل فحسب ، بل لا بُدَّ من الإخلاص والإتقان والإجادة فيه وأدائه بكل أمانة؛ فذلك سبب للوصول إلى محبَّة الله تعالى ، ومن أحبه الله هداه واجتباه، وحفظه ووقاه وأسعده في الدنيا والآخرة لذلك كانت مطالبة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإتقان في الأعمال، فعن عائشة (رضي الله عنها) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (" إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ "( السلسلة الصحيحة (1113)ورواه البيهقي في الشعب )
فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام
المرفقات

خطبة قيمة العمل فى الإسلام للشيخ سعد الشهاوى.doc

خطبة قيمة العمل فى الإسلام للشيخ سعد الشهاوى.doc

خطبة قيمة العمل فى الإسلام للشيخ سعد الشهاوى.pdf

خطبة قيمة العمل فى الإسلام للشيخ سعد الشهاوى.pdf

المشاهدات 5645 | التعليقات 0