خطبة (قبل الانطلاق التام) تنبيهات قبل رفع الحظر في 29/10/1441
ناصر حيده
الحمد لله مالك الملك ، يسبح له من في السماوات والأرض وما بينهما العزيز الحكيم ، خلق الإنسان فسواه ، ومن كل شيء له فيه صلاح الدين والدنيا أعطاه ، وأرشده وهداه ، خلقه الله عجولاً هلوعاً منوعا ، ظلوماً جهولاً ، ليبتلي العباد أيهم أحسن عملاً ولأمره ونهيه ألزم فعلاً وتركا ، بعث نبيه هادياً ومبشراً ونذيراً ، فأخرج الله به العباد من الظلمات إلى النور ، ومن العمى إلى الهدى ، فصلى الله وسلم عليه عدد ما صلى مصلٍّ ودعا ، وعدد ما خلق الله من الخلائق ثم هدى.
أما بعد :
فيا أيها المسلمون : اتقوا الله في سركم وعلانيتكم ، وفي قولكم وفعلكم ، وفيما تأتون وما تذرون ، فإن من بين أيديكم حدث عظيم ، وامتحان جسيم ، لن ينجو فيه إلا المتقين ، وكلنا لا بد لنا منه ، ولا ملاذ لنا عنه ، ذلكم هو ورود النار : " وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً " .
عباد الله :
من علامة فلاح العبد حمده لخالقه ومولاه في السراء والضراء ، ورضاه بما قدر له من أوجه السعادة والشقاء ، فهو يتقلب في العبودية ويدور معها حيث أراد الله وقضى ، عَجِلاً إلى ربه ليرضى .
ومما امتن الله به علينا في قريب الأيام الماضيات عودة الحياة العامة والخاصة شيئاً فشيئاً بعد أيام عجاف شديدة بالوباء مرت بالناس ، فتعطلت حركتهم أو كادت ، وتوقفت مصالحهم إلا قليلا ، فضاقوا بذلك ذرعاً ، وامتلأت بهم البيوت تبرماً وجزعا . فلما أعلنت ساعة الانطلاق بحرية غالب ساعات اليوم انطلق الناس في الشوارع والأسواق والمطاعم والمولات لا يلوون على شيء كأنهم طير فتحت أبواب أقفاصها بعد طول سجن ، ما بين ساعٍ إلى أمر من معاشه لا بد له منه ، وآخرون – ولعلهم الأكثر – خرجوا لمجرد الخروج ، لا لضرورة ولا لحاجة تضطر له وتفوت به مصلحة محققة ، فكان ما لا يخفى عليكم من تزايد أرقام الحالات وعدد الوفيات زيادةً تلفت النظر وتحزن القلب ، كل ذلك والمسئول يحذر وينبه ، ووسائط الإعلام تلاحقنا بالنصائح والتحذيرات بلزوم البيت إلا لخروج ضرورة ، وعودة بحذر.
أيها المسلمون :
وها نحن مقبلون في اليومين القريبين على الحركة التامة بلا قيد ، إلا قيد الوعي والحذر الذي به النجاة والسلامة . وكأني بالمسئول قد ألقى علينا التبعة والمسئولية كاملةً بعد أن بذل كافة الوسع في التوعية والإلزام فيما مضى ، لنقدر للأمر قدره لتجاوز المرحلة بسلام وعافية حتى يأذن الله برفع الوباء ودفع البلاء .
فلنكن على قدر المأمول ، سائلين الله خير مرجو ومسئول ، أن يرفع عنا الوباء ويدفع ، فقد طال بنا ، ولا ملجأ ولا منجا منه إلا بك ربنا ، عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير .
أقول ما تسمعون ، وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين فاستغفروه وتوبوا إليه ، إنه هو الغفور التواب البرُّ الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لك ربنا أهل الثناء والمجد ، لا ينفع ذا الجد منك الجد ، والصلاة والسلام على سيد الخلق محمد ، خير من وطأ الثرى ولربه تعبد ، وعلى الآل والأصحاب وتابعيهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور ، والوقوف بين يدي العزيز الغفور .
أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، فبالتقوى تصلح الدنيا والأخرى ، وبها تنال السعادة وتدفع البلوى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) .
أيها المسلمون :
إن الناظر ليعجب أشد العجب من حال بعض الناس في حياتهم وشئونهم في الأيام القريبة الماضية ، ويحار عقله لما يسمعه ويقرؤه عن تجاوزات واستهتار بضرب الاحترازات والتنبيهات عرض الحائط ، فلا كمامات ولا تباعد ، بل مصافحة وعناق ولقاءات وتجمعات وتصرفات تجلب الآهات وتورد العبد الهلكات ، فتأخذه بسوء فعله ، وليس ذلك وكفى ، بل تُلحق به مخالطيه الأبرياء ، من أب وأم وزوج وأولاد . فإلى متى؟! أما آن لنا أن نعي المطلوب ، ونلتزم قبل أن نعض أصابع الندم ؟!
اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بك اللهم أن نغتال من تحتنا
اللهم أصلح أحوالنا واهد ضالنا وردنا إليك رداً جميلا .
اللهم إنا نعوذ بك من الغلاء والوباء ، والربا والزنا ، والزلازل والمحن ، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وعن سائر بلاد المسلمين .
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك ، وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك .
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ، ودرك الشقاء ، وسوء القضاء ، وشماتة الأعداء .
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المرفقات
الانطلاق-التام
الانطلاق-التام