خطبة: قَامُوا كُسَالَى.
وليد بن محمد العباد
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم
خطبة: قَامُوا كُسَالَى.
الخطبة الأولى
إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله
الكسلُ صفةٌ مذمومةٌ في الإنسان، فكيف إذا كانَ الكسلُ في أداءِ أعظمِ عبادةٍ وهي الصّلاة، فقد ذمَّ اللهُ الكُسالى فيها مرّتينِ في القرآنِ قالَ تعالى: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى) وقالَ سبحانَه: (وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى) هذا حالُ المنافقينَ عندَ قيامِهم للصّلاةِ، يَقومونَ إليها كُسالى مُتثاقلينَ مُتأخّرينَ، لا يَرجونَ بأدائِها ثَوابًا ولا يَخافونَ بتركِها عِقابًا، لا يَفرحونَ بأدائِها، ولا يَندمونَ بتركِها وفَواتِها، وإنْ صَلَّوْها نَقَروها لا يَذكرونَ اللهَ فيها إلا قليلًا، وتَراهم يَرَوْنَها عِبْئًا ثَقيلًا عندَ سَمَاعِ النّداءِ لها، ويَشعرونَ بالضّيقِ والهَمِّ عندَ دخولِ وقتِها، قالَ صلى اللهُ عليه وسلم: أَثْقَلُ الصَلَاةِ علَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ وَصَلَاةُ الفَجْرِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوْهُما ولو حَبْوًا. أيْ لو يَعلمونَ ما في الصّلاةِ مِن الأجرِ والخيرِ والبركةِ والسّعادةِ العاجلةِ والآجلة، لأقبلوا إليها برغبةٍ وانشراحٍ، ولكنّهم مَحرومونَ مَخذولونَ، نَسألُ اللهَ العافية، قالَ الشّيخُ ابنُ عُثيمينَ رحمَه الله: مَنْ أَدّى الصّلاةَ على وجهِ الكسل، ففيه شبهٌ بالمنافقين، فاحذرْ أنْ تكونَ مُشابهًا للمنافقين، أَدِّ الصّلاةَ بفرحٍ وسرور، وواللهِ إنّ المؤمنَ حقًّا ليَفرحُ إذا أَقبلَ إلى الصّلاة؛ لأنّه سوفَ يَقِفُ بينَ يَدَيِ اللهِ يُناجيه، وإذا كانَ الواحدُ منّا يَفرحُ أنّه يُلاقي صديقَه وخليلَه ويُعِدُّ لذلك عُدّة، فما بالُك بملاقاةِ اللهِ عزَّ وجلَّ ومناجاتِه، ولهذا إذا رأيتَ مِنْ نفسِك كسلًا في الصّلاةِ فاتَّهمْ نفسَك. انتهى كلامُه رحمَه الله. فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وجاهدوا أنفسَكم على المبادرةِ إلى الصّلاةِ والقيامِ لها بفرحٍ وسرور، قالَ ابنُ عبّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما: يُكرَه أَنْ يَقُومَ الرّجلُ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ كَسْلَانُ، وَلَكِنْ يَقُومُ إِلَيْهَا طَلْقَ الْوَجْهِ عَظِيمَ الرَّغْبَةِ شَدِيدَ الْفَرَحِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِي اللَّهَ تَعَالَى، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَامَهُ يَغْفِرُ لَهُ وَيُجِيبُهُ إِذَا دَعَاهُ. اللهمّ اجعلْنا مِن المعظّمينَ للصّلاةِ وذرّيّاتِنا، اللهمّ أَعِنَّا على إقامتِها في وقتِها بفرحٍ وسرورٍ على الوجهِ الذي يُرضيكَ عنّا، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين.
باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه وإخوانِه، أبدًا إلى يومِ الدّين. أمّا بعدُ عبادَ الله:
اتّقوا اللهَ حقَّ التقوى، واستمسكوا من الإسلامِ بالعروةِ الوُثقى، واحذروا المعاصي فإنّ أجسادَكم على النّارِ لا تقوى، واعلموا أنّ ملَكَ الموتِ قد تخطّاكم إلى غيرِكم، وسيتخطّى غيرَكم إليكم فخذوا حذرَكم، الكيّسُ مَنْ دانَ نفسَه، وعملَ لمَا بعدَ الموت، والعاجزُ من أتبعَ نفسَه هواها وتمنّى على اللهِ الأمانيّ. إنّ أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعةِ المسلمينَ فإنّ يدَ اللهِ مع الجماعة، ومن شذَّ عنهم شذَّ في النّار.
اللهمّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدّين، وانصرْ عبادَك المجاهدينَ وجنودَنا المرابطين، وأنجِ إخوانَنا المستضعفينَ في كلِّ مكانٍ يا ربَّ العالمين، اللهمّ آمِنّا في أوطانِنا ودورِنا، وأصلحْ أئمّتَنا وولاةَ أمورِنا، وهيّءْ لهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهمَّ أبرمْ لأمّةِ الإسلامِ أمرًا رشدًا يُعزُّ فيه أولياؤُك ويُذلُّ فيه أعداؤُك ويُعملُ فيه بطاعتِك ويُنهى فيه عن معصيتِك يا سميعَ الدعاء. اللهمّ ادفعْ عنّا الغَلا والوَبا والرّبا والزّنا والزلازلَ والمحنَ وسوءَ الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهمّ فرّجْ همَّ المهمومينَ ونفّسْ كرْبَ المكروبينَ واقضِ الدّينَ عن المدينينَ واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذريّاتِنا ولجميعِ المسلمينَ برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين
عبادَ الله، إنّ اللهَ وملائكتَه يصلّونَ على النبيّ، يا أيّها الذينَ آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا، ويقولُ عليه الصلاةُ والسلام: من صلّى عليّ صلاةً صلى اللهُ عليه بها عشْرًا. اللهمّ صلِّ وسلمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك نبيِّنا محمدٍ وعلى آلِه وأصحابِه وأتباعِه أبدًا إلى يومِ الدّين. فاذكروا اللهَ العظيمَ يَذكرْكم، واشكروه على آلائِه ونعمِه يَزدْكم، ولذكرُ اللهِ أكبرُ واللهُ يعلمُ ما تصنعون.
إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين
جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 16/ 2/ 1445هـ
تركي العتيبي
خطبك مختصرة مفيدة لها قبول من الناس الله يكتب اجرك
تعديل التعليق