خطبة (فضل قراءة المعوذتين ) للدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي الجمعة 17/4/1436هــ

د صالح بن مقبل العصيمي
1436/04/14 - 2015/02/03 17:46PM
الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ،ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ،ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا . أمَّا بَعْدُ ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ،وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا ، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ،وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ .
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَسْعَى لِمَعْرِفَةِ مَا يُحِبُّهُ اللهُ, فَيَأْتِيَهُ وَمَا يُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ فَيَجْتَنِبَهُ . قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيةَ رَحِمَهُ اللهُ: أَمَّا الأَعْمَالُ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ -مِنَ الوَاجِبَاتِ وَالمُسْتَحِبَّاتِ, الظَّاهِرَةِ وَ البَاطِنَةِ- فَكَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَكَذَلِكَ حُبَّهُ لِأَهْلِهَا أَوْلِيَاءِ اللهِ المُتَّقِينَ، وَقَدْ دَلَّ الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتٍّفَاقُ سَلَفِ الأُمَّةِ عَلَى أَنَّ اللهَ يُحِبُّ وَيَرْضَى, يُحِبُّ الْمَأْمُورَاتِ دُونَ المَنْهِيَّاتِ, وَيُحِبُّ الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ وَالصَّابِرِينَ، وَالتَّوَابِينَ وَالْمُتَطَهِّرِينَ. فَالأُمَّةُ مُجْمِعَةُ عَلَى أَنَّ اللهَ يُحِبُّ وَيُحَبُّ. الَّلهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَحْبَابِكَ، وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تُحِبُّهُمْ وَتَرْضَى عَنْهُمْ.
عِبَادَ اللهِ, إِنَّ مَحّبَةَ الصَّحَابَةِ لِلْخَيرِ, وَحِرصَهُمْ عَلَيهِ, بَلَغَ مَدَاهُ وَغَاَيتَهُ وًمُنْتَهَاهُ، فَنَقَلُوا لَنَا هَذَا الدِّينَ الْعَظِيمَ، وَسِيرَةَ النَّبِيِّ الأَمِينِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيهِ.وَهَا هُوَ صَحَاِبيٌ جَلِيلٌ, يَنْقِلُ لَنَا مَوْقِفاً مِنْ مَواقِفِهمْ, مَعَ النَّبِيِ،صَلَّىَ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ تُبَيِّنُ لَنَا بِجَلَاءٍ وَوُضُوحٍ, بَعْضً الْأَعْمَالِ الَّتِي تُحَبِبُنَا إِلَى رَبِّنَا, جَلَّ وَعَلَا، فَهَا هُوَ عُقْبَةُ بنُ عَامِرٍ,- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الَّذِي تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِالْقُرآنِ، وَكَانَ مِنْ أَعْمِدَةِ الحِلَقِ فِي الْمَسَاَجدِ, فكَمْ نَقَلَ لَنَا هَذَا الصَّحَابِيُ الجَلِيلُ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - مَا يَزِيدُنَا حُبَّاً لِلقُرْآنِ,وحباً لِلْمُكْثِ فِي المَسَاجِدِ، فهَا هُوَ يَنْقُلُ لَنَا موَقَفاً مَرَّ بِهِ مَعَ النَّبِي،صَلَّىَ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، لِنَعْرِفَ مَا عَرَفَ, وَنَسْتَفِيدَ كَمَا اسْتَفَادَ ، يُقُولُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- تَعَلَّقْتُ بِقَدَمِ رَسُولِ اللهِ ,صَلَّىَ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَقُلْتُ: يَا رَسُول اللهِ، أَقْرِئْنِي سُورَةَ (هُودٍ), وَسُورَةَ (يُوسُفَ)،يَقُولُ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّىَ اللهُ, عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَاعُقْبَةُ اِبنَ عَامِرٍ: ( إِنَّكَ لَمْ تَقْرَأْ سُورَةً أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلا أَبْلَغَ عِنْدَهُ مِنْ :(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)،وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)؛ ((فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَلَّا تَفُوتَكَ فِيِ صَلَاةٍ فَافْعَلْ). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ( )
اللهُ أَكْبَرُ: مَا أَعَظَمَ هَذَا النَّبِيَّ, ,وَ أَحْرَصَهُ عَلَى أَصْحَابِهِ, وَأَنْصَحَهُ لَهُمْ, يَسْأَلُهُ الصَّحَابِي أَنْ يُقْرِأَهُ مِنْ السُّورِ الطِّوَال, فَعَلَمَ النَّبِيُّ،صَلَّىَ اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ, مَدَى حُبِّهِ وَحِرْصِهُ, وَدَافِعِهِ, فَأَرْشَدَهُ إِلَى مَا هُوَ أَحَبُّ إلَى اللهِ ممَا طَلَبَهُ، فَكَلَام ُاللهِ كله عَظِيمٌ, وَمُحَبَبٌ إِليِه،فَالقُرْآنُ العَظِيمُ, عَظِيمٌ عِندَ اللهِ، وَعَظِيمٌ عِندَ رَسُولِ اللهِ ,صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَعَظِيمٌ عِندَ أَهْلِ الإِيمَانِ، وَلَكِنْ بَعضُه عِندَ اللهِ أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ، وَأَحَبُ مِنْ بَعْضٍ. وَقِصَرُ هَذِهِ السُّورَةِ لَمْ يَمْنَعهَا أَنْ تَكُونَ أَحَبَ الكَلَامِ إِلَى اللهِ, فَقُلْ :(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)مِنَ السُّوَرِ العِظَامِ, التِي اشْتَمَلَتْ عَلَى التَّوْحِيدِ, حَيْثُ تُلْجِيءُ العِبَادَ إِلَى رَبِّ العِبَادِ,عَزَّ وَجَلَّ، فَإِلَيْهِ المُشْتَكَى وَ المُلْتَجَى وَإِلَيْهِ المُعَاذُ, فَبِهِ يُسْتَعَاذُ, وَهُوَ القَوِىُ الجَبَّارُ. عِبَادَ اللهِ :كَانَ النَّاسُ فِي جَاهِلِيَّتهِمْ يَخْشُونَ (الجَانَ) وَيَخَافُونَهُمْ وَيَسْتَعِيذُونَ بِهِمْ خَوْفاً مِنْهُمْ ,قَالَ تَعَالَى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً * (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً) (الجن : 6 ، 7 )كَانُوا يَسْتَعِيذُونَ مِنْ أَسْيَادِ الوَادِي, فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الوَادِي .
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ،رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ،صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ الْمُعَوِّذَتَيْنِ. قَالَ عُقْبَةَ: «فَأَمَّنَا بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاودَ وَالنَّسَائِيُّ،وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ . وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :( يَا عُقَيْبُ، أَلَا أُعَلِّمُكَ سُورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ سُورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَأَقْرَأَنِي (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، (وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ؛ فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَرَأَ بِهِمَا، ثُمَّ مَرَّ بِي قَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَ يَا عُقَيْبُ ؟ اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْتَ وَكُلَّمَا قُمْتَ) رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ( ) ،وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ) رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ( ) ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدِ أَصْحَابِهِ: يَا ابْنَ عَابِسٍ أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ،صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، وَأَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ) رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ...



الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ،وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ،تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ،وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . أمَّا بَعْدُ ...... فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى،وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى،وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى .
عِبَادَ الله:إِنَّ لَهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الإِسْلَامِ,وهَا هُوَ عُقْبَةُ بَنُ عَامِرٍ,- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يُحَدِّثُنَا عَنْ فَضْلِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ العَظِيمَتَيْنِ, فَيَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَمْ تَرَ آيَاتٍ أُنْزِلَتْ اللَّيْلَةَ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطُ:(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وَ (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) ، رَوَاهُ مُسْلِمُ فِي صَحِيحِهِ.وَفِي رِوَايةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أيْضاً: (أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَاتٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُنَّ قَطْ المِعٌوذَتَيْنِ) . فَهَاتَانِ السُّورَتَانِ مِنْ أَحَبِ الكَلَامِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَمِنْ أَعْظَمِ سُوَرِ القُرْآنِ ، وَمِنْ أَيْسَرِ سُوَرِهِ, مَعَ تَيْسِيرِ اللهِ العَظِيمِ لِسَائِرِ كَلَامَهُ، قَالَ تَعَالَى:(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) [القمر : 17 ]. وَلَقَدْ أَرْشَدَتْ هَذِهِ السُّورَةُ العَظِيمَةُ بِأَنَّ المُسْتَعَاذَ بِهِ هُوَ اللهُ، وَالمُسْتَعَاذُ مِنْهُ شِرَارُ مَا خَلَقَ اللهُ؛ فَأَكْثِرُوا مِنْ قِرَاءَتِهِمَا فِي أَوْرَادِ اللَّيلِ وَالْمَسَاءِ، وَقَبْلَ النَّوْمِ، وَعَلِّمُوهُمَا لِأَوْلَادِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ .
الَلهمُّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ وَ حُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ وَحُبَّ العَمَلِ الذِي يُقَرِّبُنَا إِلَى حُبِّكَ .
المرفقات

مَشْكُولَةٌ.docx

مَشْكُولَةٌ.docx

مَشْكُولَةٌ.pdf

مَشْكُولَةٌ.pdf

غير مشكولة.docx

غير مشكولة.docx

المشاهدات 3268 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا