خطبة: فضلُ التّوحيدِ وخطرُ الشّرك.

وليد بن محمد العباد
1445/01/22 - 2023/08/09 21:23PM

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم

خطبة: فضلُ التّوحيدِ وخطرُ الشّرك.

الخطبة الأولى

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُه ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا من يهده اللهُ فلا مضلَّ له ومن يضللْ فلا هاديَ له وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُه ورسولُه صلّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا أمّا بعدُ عبادَ الله

إِنَّ اللهَ تَعَالَى فَطَرَ خَلْقَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، قالَ رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ في الحديثِ القدسيّ: إنِّي خَلَقْتُ عِبادِيَ حُنَفاءَ، فَجَاءَتْهُمُ الشَّياطِينُ فاجْتالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ. فبعَثَ اللهُ الأنبياءَ لدعوةِ النّاسِ لعبادةِ اللهِ وحدَه لا شريكَ له، وقد خَتَمَ اللهُ الرّسلَ بمحمّدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، فبَلَّغَ الأمّةَ حقيقةَ التّوحيدِ أكملَ بلاغ، وحذّرَها مِن الشّركِ أشدَّ تحذير، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: مَن لقِيَ اللهَ لا يُشركُ به شيئًا دخلَ الجنّة، ومَن لقيَه يُشركُ به شيئًا دخلَ النّار. فتَرَكَنا على المحجّةِ البيضاءِ لا يَزيغُ عنها إلا هالك. فالحذرَ الحذرَ مِن الشّركِ بجميعِ أنواعِه وصورِه فإنّه يُحبطُ العمل، قالَ تعالى: (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) والشّركُ مِن أوّلِ وأخطرِ ما يُحاولُ الشّيطانُ أنْ يُوقعَ فيه الإنسان، لأنّ صاحبَه خالدٌ في نارِ جهنّم، ومِن صورِ الشّركِ التي أَغْوى بها الشّيطانُ كثيرًا مِن النّاس: عبادةُ غيرِ اللهِ مِن شمسٍ أو قمرٍ أو حجرٍ أو شجر، أو صنمٍ أو طاغوتٍ أو وثن، أو قبرٍ أو وليٍّ مِن الأولياءِ الأحياءِ أو الأموات، أو حلقةٍ أو تميمةٍ أو حبلٍ أو سلسال، أو تعليقةٍ أو خاتم أو سوارٍ، وعبادتُها بأنْ يُعظّمَها ويَعتقدَ أنّها تَنفعُ وتَضرّ، وأنَّها تَحفظُه وتَكونُ واسطةً بينَه وبينَ الله، وهذا كلُّه مِن تَزيين الشّيطانِ وتسويلِه وتلبيسِه، وهو شركٌ وباطلٌ وكذبٌ وافتراء، تعالى اللهُ عمّا يقولونَ علوًّا كبيرًا، فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، وحافظوا على دينِكم وتوحيدِكم وعقيدتِكم، فاللهُ وحدَه هو الذي بيدِه الخلقُ والتّدبير، وليس له مِن خلقِه شريكٌ ولا نظير (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ* إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) وقالَ عزَّ وجلّ (قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيم، وبهديِ سيّدِ المرسلين، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ مِن كلِّ ذنبٍ فاستغفروه، إنّه هو الغفورُ الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وأصلي وأسلمُ على خاتمِ النبيّين، نبيِّنا محمّدٍ وعلى آلِه وصحبِه أجمعين، أمّا بعد عبادَ الله

فاتّقوا اللهَ رحمَكم الله، واعْتنوا بصحّةِ توحيدِكم، وسلامةِ عقيدتِكم، وإخلاصِ دينِكم، والبراءةِ مِن الشّركِ وأهلِه، وتطهيرِ قلوبِكم وأعمالِكم مِن شوائبِ الشّركِ والعقائدِ الفاسدة، واحذروا مِن الضّلالِ والهوى، ومِن الجهلِ والعمى، واتّباعِ المضلّينَ بغيرِ هدى، وتَمسّكوا بكتابِ ربِّكم وسنّةِ نبيِّكم، قالَ عليه الصّلاةُ والسّلام: لقد تَركتُ فيكم ما إنْ تَمسّكتُم به لنْ تَضلّوا بعدي أبدًا، كتابَ اللهِ وسنتّي. وتَعلّموا العلمَ النّافع، الذي به تَسْلَمونَ مِن الشّرك، وتُحققّونَ التّوحيدَ الصّحيح، الذي يُحرِّرُ العبدَ مِن رِقِّ المخلوقينَ الضّعفاء، فلا تَعبدونَ إلا الله، ولا تَرجونَ إلا الله، ولا تَخشونَ إلا الله، ولا تَدْعونَ إلا الله (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)

اللهمّ إنّا نَعوذُ بك أنْ نُشركَ بك ونحن نَعلم، ونَستغفرُك لمَا لا نَعلم، اللهُمَّ لكَ أسلَمْنا وبِكَ آمنا وعليْكَ توكَّلْنا وإليْكَ أنَبْنا وبِكَ خاصمْنا، اللهُمَّ إنّا نَعوذُ بعزَّتِكَ لا إلهَ إلَّا أنتَ أنْ تُضلَّنا، أنتَ الحيُّ الّذي لا يَموتُ، والجِنُّ والإنسُ يَموتُونَ، اللهمّ طهّرْ قلوبَنا مِن الشّركِ والنّفاق، ومِن الرّياءِ وسوءِ الأخلاق، رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، اللهمّ اغفرْ لنا ولوالدِينا وأزواجِنا وذرّيّاتِنا ولجميعِ المسلمين، برحمتِك يا أرحمَ الرّاحمين، وصلى اللهُ وسلمَ وباركَ على نبيِّنا محمّدٍ إمامِ الموحّدين، وقائدِ الغرِّ المحجّلين، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.

إعداد/ وليد بن محمد العباد غفر الله له ولوالديه وأهله وذريته والمسلمين

جامع السعيد بحي المصيف شمال الرياض 24/ 1/ 1445هـ

المشاهدات 2348 | التعليقات 0