خطبة : فضائل رمضان وخصائصه
عبدالرحمن المقيبلي
عباد الله
كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر الصحابة رضي لله عنهم بقدوم رمضان
فيقول " أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ, لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ "
ويصف النبي صلى الله عليه وسلم أول ليلة من رمضان ... فيقول
((إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، فتّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهنّم ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ، وينادَى مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ))
فمرحبا برمضان , شهر البركات والخيرات , شهر الرحمات والنفحات , شهر التوبة والإحسان , و العتق من النيران
وقد خص الله عزوجل رمضان بفضائل عظيمة , وأجور كبيرة ... حَرِيٌ بالمسلم الموفق أن يسعى في تحصيلها وأن يجتهد في نيل ثوابها، ومن هذه الخصائص والفضائل
أولا : أن الله عزوجل جعل صيام رمضان تكفير للخطايا والسيئات
قال النبي( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) متفق عليه
وقال "الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ، إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ". رواه مسلم
فينبغي على المسلم أن يجتهد في هذا الصيام , وأن يبتعد عن كل شيء يؤثر على صيامه ,
فيحفظ لسانه من الغيبة , ومن كل آفات اللسان , ويحفظ بصره عن الحرام , و يبتعد عن كل معصية
لأن بعض الصائمين , حظه من صيامه الجوع والعطش , كما قال النبي (رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ )
فهو قد صام بطنه عن الطعام , لكن لم يصم سمعه عن الحرام , ولانظره عن الحرام , ولا لسانه عن الحرام .
مع أن الغاية والحكمة من الصيام , والهدف الأساسي من الصيام : هو تقوى الله عزوجل ,
بأن تخاف الله , فتفعل أوامره وتجتنب نواهيه
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }
ثانيا : من فضائل رمضان وخصائصه: أن الله عزوجل أنزل فيه القرآن
قال تعالى { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }
فأنزل الله عزوجل القرآن الكريم في هذا الشهر الفضيل واختاره من بين سائر الشهور, لعظمه , ولعلوا مكانته عند الله
فحري بالمسلم أن يجتهد في رمضان في قراءة القرآن الكريم , فهذا شهر القرآن
وكان جبريل عليه السلام يلقى النبي كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن
والنبي يقول (الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ويقول أيضا ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ ) رواه مسلم
فالله الله في قراءة كتاب الله العظيم , في هذا الشهر العظيم
ثالثا : من فضائل شهر رمضان وخصائصه:
أن من قام رمضان وصلى التراويح غفرله ماتقدم من ذنبه
قال النبي (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه
وقال أيضا (مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ) رواه أبو داود , وصححه الألباني
فالحمدلله على هذا الفضل العظيم
تصلي التراويح دقائق معدودة ,فيغفر لك ماتقدم من ذنبك , ويكتب لك أجر قيام ليلة كاملة , كأنك قائم تصلي من غروب الشمس إلى طلوع الفجر , فلاشك أن هذا فضل عظيم وأجر كبير , لا ينبغي لمسلم أن يفرط فيه
رابعا : من فضائل شهر رمضان وخصائصه: أن الله عزوجل جعل فيه ليلة القدر
التي هي خير من ألف شهر قال تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}
وقال النبي في فضل قيام ليلة القدر(مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه
خامسا : من فضائل رمضان وخصائصه : أن العمرة في رمضان تعدل حجة
قال النبي (عُمرَةٌ في رمَضَانَ تَعدِلُ حجة). وفي لفظ (حَجَّةً مَعِي )
فينبغي للمسلم إغتنام الفرصة , وأداء العمرة في رمضان
وألا يفرط في هذا الأجر العظيم
الخطبة الثانية
عباد الله
أقبل شهر رمضان , شهر الخير والإحسان, فينبغي على كل مسلم أن يجتهد في طاعة الله , فرمضان موسم مضاعفة الحسنات , وتكفير السيئات
فيجتهد المسلم في الصيام والقيام وقراءة القرآن
وكذلك يجتهد في الصدقة والإنفاق , والنبي كان أجود الناس , وكان أجود ما يكون في رمضان , كان أجود بالخير من الريح المرسلة
ننفق ونتصدق , ونساهم في إفطار الصائمين
قال النبي ( مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ , غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا ( رواه الترمذي وصححه الألباني
نجتهد في الدعاء قال النبي ( ثلاثة لاترد دعوتهم: وذكر منهم (الصائم حتى يفطر ) وفي لفظ (حين يفطر)
نجتهد في كل عمل صالح ’ صلة الرحم , صلاة الضحى , عيادة المريض , الإكثار من التسبيح وذكر الله , وغير ذلك من العبادات
فيجتهد المسلم في شهر رمضان فهو والله شهر مغنم ومربح ,
والمسلم الموفق هو من يستغل كل لحظات هذا الشهر الفضيل .. في طاعة الله
و يكون من السابقين والمتنافسين فيه , قال الله تعالى : { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}