خطبة : (فأخذه الله نكال الآخرة والأولى)

عبدالله البصري
1434/10/08 - 2013/08/15 20:42PM
فأخذه الله نكال الآخرة والأولى 9 / 10 / 1434

الخطبة الأولى :

أَمَّا بَعدُ ، فَأُوصِيكُم ـ أَيُّهَا النَّاسُ ـ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ فَإِنَّهَا وَصِيَّتُهُ وَأَمرُهُ وَأَمرُ أَنبِيَائِهِ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَلَقَد وَصَّينَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَإِيَّاكُم أَنِ اتَّقُوا اللهَ "
وَحَكَى ـ تَعَالى ـ عَن عَدَدٍ مِنَ الأَنبِيَاءِ قَولَ كُلِّ وَاحِدٍ لِقَومِهِ : " فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ "
وَقَالَ ـ جَلَّ وَعَلا ـ : " قَالَ مُوسَى لِقَومِهِ استَعِينُوا بِاللهِ وَاصبِرُوا إِنَّ الأَرضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، لَمَّا نَجَحَ الأَعدَاءُ قَبلَ سَنَوَاتٍ في إِقنَاعِ العَالَمِ بما سَمَّوهُ الإِرهَابَ وَأَلبَسُوهُ المُسلِمِينَ ، وَأَخَافُوهُم بِهِ وَاستَرهَبُوهُم وَجَاؤُوا بِسِحرٍ عَظِيمٍ ، إِذْ ذَاكَ ضَجَّ النَّاسُ كِبَارًا وَصِغَارًا ، وَأَنكَرُوهُ سِرًّا وَجِهَارًا ، وَعَلَت أَصوَاتُ العُلَمَاءِ وَالخُطَبَاءِ بِتَحرِيمِ سَفكِ الدِّمَاءِ وَتَجرِيمِ الاعتِدَاءِ ، وَصَرَّحَ المُفتُونَ بِعِظَمِ النُّفُوسِ عِندَ اللهِ وَشَنَاعَةِ قَتلِ المُسلِمِينَ وَالمُعَاهَدَينِ المُستَأمَنِينَ .
وَإِنَّهُ وَإِن كَانَ ذَلِكَ حَقًّا في الجَانِبِ العِلمِيِّ النَّظَرِيِّ ، وَدِينًا يَدِينُ المُسلِمُونَ بِهِ رَبَّهُم وَيَلقَونَهُ عَلَيهِ ، إِلاَّ أَنَّ الأَيَّامَ أَثبَتَت ، وَصَدَّقَتِ الوَقَائِعُ وَأَكَّدَتِ الأَحدَاثُ ، أَنَّ ذَلِكَ لم يَكُنْ في جَانِبِهِ العَمَلِيِّ الوَاقِعِيِّ ، إِلاَّ كَذبَةً سَافِرَةً وَخَدعَةً ظَاهِرَةً ، وَلِعبَةً مَاكِرَةً وَذَرِيعَةً فَاجِرَةً ، اتُّخِذَت لإِقنَاعِ الرَّعَاعِ وَالغَافِلِينَ ، أَنَّ العَالَمَ الإِسلامِيَّ صَارَ بُؤرَةً لِلإِرهَابِ وَمَصدَرًا لِلخَرَابِ ، وَشَرًّا يُهَدِّدُ السِّلمَ العَالَمِيَّ وَيُزَعزِعُ الاستِقرَارَ الإِنسَانيَّ ، وَأَنَّ مِنَ الوَاجِبِ الوُقُوفَ ضِدَّهُ وَمُحَارَبَتَهُ وَمُوَاجَهَتَهُ . وَكَانَ مَا خَطَّطَ لَهُ الأَعدَاءُ المَاكِرُونَ ، وَحَصَلَ مَا أَرَادَهُ الظَّلَمَةُ الأَفَّاكُونَ ، وَجُعِلَت عَدَدٌ مِن دُوَلِ المُسلِمِينَ هَدَفًا لِقَمعٍ ظَالِمٍ مُجرِمٍ ، وَاستَسَاغَ العَالَمُ الَّذِي تَتَوَلاَّهُ قَائِدَةُ الشَّرِّ وَالفَسَادِ في كُلِّ وَادٍ وَنَادٍ ، أَن يَتَدَخَّلَ في شُؤُونِ المُسلِمِينَ ، وَأَخَذَ يُسَابِقُ الزَّمَنَ في الهُجُومِ عَلَى بُلدَانِهِم وَمُحَارَبَتِهِم في عُقرِ دِيَارِهِم ، في خُطُوَاتٍ مُتَسَارِعَةٍ وَهَجَمَاتٍ مُتَلاحِقَةٍ ، وَتَآمُرٍ ظَاهِرٍ عَلَى الإِسلامِ ، لِحَلِّ عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ وَالوَلاءِ وَالبَرَاءِ مِنَ القُلُوبِ ، وَإِخرَاجِ العِبَادِ مِن دِينِهِم الَّذِي ارتَضَاهُ رَبُّهُم لَهُم ، وَعُدوَانٍ عَلَى المُقَدَّرَاتِ وَنَهبٍ لِلثَّرَوَاتِ ، وَسعيٍ في زَعزَعَةِ الأَمنِ وَنَزعِ الاستِقرَارِ ، وَإِحلالِ الخُوفِ وَزَرعِ المُشكِلاتِ وَالفِتَنِ .
وَإِنَّ مَا حَصَلَ في العِرَاقِ وَالشَّامِ ثم في مِصرَ مِن مَجَازِرَ تَوَلىَّ كِبرَهَا الطُّغَاةُ العُتَاةُ ، مِمَّا لَو جُمِعَ مَا فَعَلَهُ مَن سَمَّوهُمُ الإِرهَابِيِّينَ لم يَكُنْ في جَانِبِهِ كَنُقطَةٍ في بَحرٍ خِضَمٍّ ، إِنَّهُ لَمُثبِتٌ لِمَن كَانَ لَهُ قَلبٌ وَتَجَرَّدَ لِلحَقِّ ، أَنَّ الإِرهَابَ الحَقِيقِيَّ وَالظُّلمَ البَيَّنَ ، وَهَضمَ الإِنسَانِ وَاحتِقَارَهُ واستِصغَارَهُ ، مَا هُوَ إِلاَّ مَا يَفعَلُهُ النِّظَامُ العَالَمِيُّ المَاكِرُ ، وَيُمَارِسُهُ جُنُودُهُ المُخلِصُونَ لَهُ ، مِمَّن أَلسِنَتُهُم عَرَبِيَّةٌ ، وَقُلُوبُهُم يَهُودِيَّةٌ أَو نَصرَانِيَّةٌ ، وَلا يَهنَؤُهُم إِلاَّ سَفكُ الدِّمَاءِ وَهَتكُ أَعرَاضِ النِّسَاءِ ، وَمُمَارَسَةُ كُلِّ أَسَالِيبِ النَّهبِ وَالاعتِدَاءِ ، وَتَروِيعُ الآمِنِينَ وَاستِضعَافُ المُسَالِمِينَ ، وَللهِ الأَمرُ مِن قَبلُ وَمِن بَعدُ ، وَكَم لَهُ عَلَى عِبَادِهِ في جَوفِ كُلِّ مِحنَةٍ مِن مِنحَةٍ ! وَكَم لَهُ عَلَى أَعدَائِهِ مِن نِقمَةٍ في ثَوبِ نِعمَةٍ " وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمرِهِ وَلَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لَا يَعلَمُونَ "

أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ الأُمَّةَ وَهِيَ تَوَاجِهُ هَذِهِ الاعتِدَاءَاتِ السَّافِرَةَ وَتَرزَؤُهَا تِلكَ الحُرُوبُ الغَادِرَةُ ، وَتَعِيشُ هَذَا المَكرَ الكُبَّارَ وَتُرخَصُ أَروَاحُ أَبنَائِهَا وَتُسَالُ دِمَاؤُهُا ، في سُكُوتٍ مُطبِقٍ وَتَجَرُّدٍ ممَّن حَولَهَا مِن كُلِّ قِيمَةٍ إِنسَانِيَّةٍ ، وَمُخَالَفَةٍ لِكُلِّ حُكمٍ شَرعِيٍّ أَو قَانُونٍ دُولِيٍّ ، يَجِبُ أَلاَّ يَغِيبَ عَن قُلُوبِ أَبنَائِهَا وَلا يُفَارِقَ أَذهَانَهُم أَنَّ للهِ في الطُّغَاةِ الظَّلَمَةِ سُنَنًا لا تَتَغَيَّرُ وَلا تَتَبَدَّلُ ، وَلِلمُستَكبِرِينَ عِندَهُ جَزَاءً لا يُخلَفُ وَوَعدًا لا يُكذَبُ ، أَمَّا الجَزَاءُ وَالوَعدُ فَيَكفِي لِتَصَوُّرِهِ أَن يُقرَأَ قَولُهُ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَلَا تَحسَبَنَّ اللهَ غَافِلًا عَمَّا يَعمَلُ الظَّالِمُونَ . إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ فِيهِ الأَبصَار . مُهطِعِينَ مُقنِعِي رُءُوسِهِم لَا يَرتَدُّ إِلَيهِم طَرفُهُم وَأَفئِدَتُهُم هَوَاءٌ . وَأَنذِرِ النَّاسَ يَومَ يَأتِيهِمُ العَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرنَا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَم تَكُونُوا أَقسَمتُم مِن قَبلُ مَا لَكُم مِن زَوَالٍ . وَسَكَنتُم في مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُم وَتَبَيَّنَ لَكُم كَيفَ فَعَلنَا بِهِم وَضَرَبنَا لَكُمُ الأَمثَالَ . وَقَد مَكَرُوا مَكرَهُم وَعِندَ اللهِ مَكرُهُم وَإِن كَانَ مَكرُهُم لِتَزُولَ مِنهُ الجِبَالُ . فَلَا تَحسَبَنَّ اللهَ مُخلِفَ وَعدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ . يَومَ تُبَدَّلُ الأَرضُ غَيرَ الأَرضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا للهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ , وَتَرَى المُجرِمِينَ يَومَئِذٍ مُقَرَّنِينَ في الأَصفَادِ . سَرَابِيلُهُم مِن قَطِرَانٍ وَتَغشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ . لِيَجزِيَ اللهُ كُلَّ نَفسٍ مَا كَسَبَت إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَابِ "
وَأَمَّا السُّنَنُ الَّتي قَبلَ ذَلِكَ ، فَهِيَ مَبثُوثَةٌ في كِتَابِ اللهِ ، فِيمَا ذُكِرَ مِن قِصَصِ المُتَكَبِّرِينَ وَالطُّغَاةِ ، وَيَكفِي مِنهَا تَصَوُّرٌ سَرِيعٌ لِقِصَّةٍ ذَكَرَهَا الجَبَّارُ في القُرآنِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً ، وَأَعَادَ عَرضَهَا بِصُوَرٍ شَتًّى ، وَمَا ذَاكَ إِلاَّ أَنَّ البَشرَ يُبتَلَونَ بَينَ الحِينِ وَالحِينِ بِنَمُوذَجٍ مِنهَا يَعُودُ وَيَظهَرُ وَيَتَكَرَّرُ ، إِنَّهَا قِصَّةُ فِرعَونَ مِصرَ بِعُلُوِّهِ وَتَكَبُّرِهِ وَتَجَبُّرِهِ ، وَطُغيَانِهِ وَظُلمِهِ وَتَجَاوُزِهِ ، وَتَكذِيبِهِ وَإِبَائِهِ وَإِفسَادِهِ ، ثم أَخذِ اللهِ لَهُ وَجَعلِهِ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولى .
نَعَم ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ لَقَد كَانَ فِرعَونُ نَمُوذَجًا لِطُغيَانِ السُّلطَةِ وَظُلمِهَا ، وَمِثالاً لِلإِنسَانِ المُتَجَرِّدِ مِنَ التَّقوَى وَالصَّلاحِ ، وَدَلِيلاً عَلَى أَنَّ قُوَّةَ المُلكِ الدُّنيَوِيِّ إِذَا لم تُكسَرْ بِذِلِّ العُبُودِيَّةِ لِلمَلِكِ الدَّيَّانِ ، فَإِنَّ مِن عَادَةِ صَاحِبِهَا أَن يَطغَى وَيَبغِيَ وَيَعتَدِيَ ، وَأَن يَظلِمَ العِبَادَ وَيُظهِرَ في الأَرضِ الفَسَادَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَفِرعَونَ ذِي الأَوتَادِ . الَّذِينَ طَغَوا في البِلادِ . فَأَكثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ "
وَهِيَ صُورَةٌ تَتَكَرَّرُ مَعَ كُلِّ سُلطَةٍ ظَالِمَةٍ ، ظَهَرَت وَاضِحَةً جَلِيَّةً فِيمَا مَضَى ، وَمَا زَالَت وَسَتَظَلُّ تَبرُزُ فِيمَا يَأتي ، وَلَئِن كَانَ فِرعَونُ هُوَ أَبرزَ أَمثِلَتِهَا في الغَابِرِينَ ، فَقَد ظَهَرَت في هَذَا الزَّمَانِ أَوضَحَ مَا تَكُونُ ، في دَولَةِ الظُّلمِ وَرَاعِيَةِ الطُّغيَانِ العَالَميِّ ، الَّتي انتَشَرَ في كُلِّ نَاحِيَةٍ شَرُّهَا ، وَعَمَّ أَرجَاءَ المَعمُورَةِ فَسَادُهَا ، وَطَالَ كُلَّ صُقعٍ إِفسَادُهَا .
وَلَئِن بَالَغَ النَّاصِحُونَ في بَيَانِ الحَقِّ عَلَى كُلِّ مِنبَرٍ وَسَلَكُوا لإِظهَارِهِ كُلَّ طَرِيقٍ ، فَإِنَّ الطُّغَاةَ في غَالِبِ الأَمرِ لا يُجدِي مَعَهُم نُصحٌ وَلا يَنفَعُهُم إِرشَادٌ ، وَقَد أَرسَلَ اللهُ ـ تَعَالى ـ مُوسى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ إِلى فِرعَونَ الطَّاغِيَةِ ، فَجَاءَهُ بِأَليَنِ قَولٍ وَنَادَاهُ بِأَرَقِّ لَفظٍ ، وَتَلَطَّفَ مَعَهُ لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " اِذهَبَا إِلى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغَى . فَقُولَا لَهُ قَولًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى "
وَقَالَ ـ تَعَالى ـ : " فَقُلْ هَل لَكَ إِلى أَن تَزَكَّى . وَأَهدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخشَى "
وَلَكِنَّ سُحُبَ الطُّغيَانِ غَطَّت بَصِيرَتَهُ وَرَانَت عَلَى قَلبِهِ ، فَكَانَ رَدُّهُ وَجَوَابُهُ مَا حَكَى اللهُ في كِتَابِهِ " فَكَذَّبَ وَعَصَى . ثم أَدبَرَ يَسعَى " " فَكَذَّبَ وَأَبَى . قَالَ أَجِئتَنَا لِتُخرِجَنَا مِن أَرضِنَا بِسِحرِكَ يَا مُوسَى . فَلَنَأتِيَنَّكَ بِسِحرٍ مِثلِهِ فَاجعَلْ بَينَنَا وَبَينَكَ مَوعِدًا لَا نُخلِفُهُ نَحنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى "
نَعَم ، لَقَد كَذَّبَ وَأَبى وَعَصَى ، وَأَدبَرَ مُعرِضًا وَوَلىَّ يَسعَى ، وَجَدَّ في الكَيدِ وَبَالَغَ في المَكرِ ، فَحَشَرَ الجُمُوعَ وَجَلَبَ السَّحرَةَ وَاستَعَانَ بِالسِّحرِ ، وَتَطَاوَلَ وَجَهِلَ وَانخَدَعَ وَاغتَرَّ " فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى " قَالَهَا مَخدُوعًا بِغَفلَةِ حُشُودِهِ ، وَإِذعَانِهِم لَهُ وَصَمتِهِم عَن بَاطِلِهِ ، وَهَكَذَا هُمُ الطُّغَاةُ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، لا يَخدَعُهُم شَيءٌ كَغَفلَةِ المُحِيطِينَ بهم وَذِلَّتِهِم أَمَامَهُم وَطَاعَتِهِم العَميَاءِ لَهُم ، وَانقِيَادِهِمُ الأَرعَنِ بَينَ أَيدِيهِم وَإِلقَائِهِم كَرَامَتَهُم تَحتَ أَقدَامِهِم ، فَيَطغَون لِذَلِكَ وَيَتَكَبَّرُونَ وَيَتَجَبَّرُونَ ، وَتَهِيجُ في نُفُوسِهِم دَوَاعِي الشَّرِّ وَتَنبَعِثُ قُوَى البَطشِ ، وَيُجمِعُونَ أَمرَهُم وَشَيَاطِينَهُم وَيَمكُرُونَ ، وَإِلاَّ فَإِنَّ الأُمَمَ الكَرِيمَةَ وَالشُّعُوبَ الرَّشِيدَةَ ، وَلا سِيَّمَا مَن أَكرَمَهُمُ اللهُ بِالإِسلامِ وَعَمَرَ قُلُوبَهُم بِالإِيمَانِ ، لا يُمكِنُ أَن يَستَذِلَّهُم أَحَدٌ وَلا أَن يَطغَى فِيهِم فَردٌ أَبَدًا ، فَنُفُوسُهُم تَأبى أَن تَذِلَّ لِمَن لا يَملِكُ لها ضَرًّا وَلا رَشَدًا ، فَأَمَّا فِرعَونُ فَقَدَ وَجَدَ في قَومِهِ مِنَ الغَفلَةِ وَالذِّلَّةِ وَخَوَاءِ القُلُوبِ وَخُلُوِّهَا مِنَ الإِيمَانِ , مَا جَرَّأَهُ عَلَى أَن يَقُولَ : " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعلَى " وَقَد كَانَ مِن ضَعفِهِ لَو كَانَ لِقُومِهِ عُقُولٌ رَشِيدَةٌ ، أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ قَتلَ مُوسَى ـ عَلَيهِ السَّلامُ ـ قَالَ : " إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُم أَو أَن يُظهِرَ في الأَرضِ الفَسَادَ " وَلَو كَانَ رَبًّا كَمَا زَعَمَ وَادَّعَى ، لَمَا خَافَ عَلَى قَومِهِ مِن مُوسَى ، بَل وَلَمَا جَمَعَهُم وَلا استَعَانَ بِالسَّحَرَةِ مِنهُم ، فَإِنَّ الرَّبَّ " لا يُعجِزُهُ شَيءٌ في الأَرضِ وَلا في السَّمَاءِ " وَ" لا يُسأَلُ عَمَّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلُونَ " لَكِنَّهَا أَقوَالُ الطُّغَاةِ وَحِجَجُهُم ، تَتَشَابَهُ وَتَتَوَافَقُ وَيَحكِي بَعضُها بَعضًا ، وَحَتى وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنهُم أُسُلُوبُهُ الخَاصُّ في التَّموِيهِ عَلَى النَّاسِ حَسبَ الزَّمَانِ وَالأَحوَالِ ، إِلاَّ أَنَّهُم يُحَاوِلُونَ إِقنَاعَهُم بِكَلِمَاتٍ يَلُوكُونَهَا بِأَلسِنَتِهِم ثم يَلفِظُونَهَا ، زَاعِمِينَ أَنَّهُم يَخَافُونَ عَلَى النَّاسِ مِنَ الإِرهَابِ أَوِ الفَسَادِ أَو تَغيِيرِ دِينِهِم ، وَهُم في الحَقِيقَةِ لا يَستَنِدُونَ عَلَى دَلِيلٍ شَرعِيٍّ ، وَلا يَنطَلِقُونَ مِن مَنطِقٍ عَقلِيٍّ ، وَلا يُؤَيِّدُهُم بُرهَانٌ حِسِيٌّ ، إِذِ البَاطِلُ لا يَعلُو عَلَى الحَقِّ وَإِنِ انتَفَخَ وَانتَفَشَ ، وَلَكِنَّ الحَقَّ بِمُجَرَّدِ مَجِيئِهِ يَدمَغُهُ وَيُزهِقُهُ وَيَمحَقُهُ " وَقَل جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا " " بَل نَقذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ " وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ مِن عَادَةِ الطُّغَاةِ وَطَرِيقَتِهِم ، وَهُمُ الَّذِينَ يُخفِقُونَ دَائِمًا في إِقنَاعِ النَّاسِ بِبَاطِلِهِم ، أَن يُسَارِعُوا فَيُقَرِّرُوا مَا في أَنفُسِهِم وَيُعلِنُوهُ ، وَيَأمُرُوا أَو يَنهَوا بِمُقتَضَاهُ ، وَيَقُولُوا كَمَا قَالَ فِرعَونُ لِقَومِهِ : " مَا أُرِيكُم إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهدِيكُم إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ " وَهُنَا يَأتي دَورُ الحَاشِيَةِ الطَّاغِيَةِ وَالبِطَانَةِ الفَاسِدَةِ ، الَّتي تَنسَى إِنسَانِيَّتَهَا ، فَتَسنُدُ رَأيَ طَاغِيَتِهَا وَتُصَوِّبُ مَسلَكَهُ ، بَل وَتُحَرِّضُهُ عَلَى مُطَارَدَةِ الصَّالِحِينَ بِحُجَّةِ القَضَاءِ عَلَى مِحوَرِ الشَّرِّ وَسَدِّ مَنبَعِ الفَسَادِ ، وَكَانَ هَذَا هُوَ فِعلَ حَاشِيَةِ فِرعَونَ وَقَولَهُم ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " وَقَالَ المَلَأُ مِن قَومِ فِرعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَومَهُ لِيُفسِدُوا في الأَرضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَك " وَمَا يَلبَثُ هَذَا التَّآمُرُ مِنَ المَلأِ وَالتَّنَاجِي بِالإِثمِ وَتَحرِيضُ الطَّاغِيَةِ وَتَخوِيفُهُ عَاقِبَةَ التَّهَاوُنِ ، وَتَحذِيرُهُ مِن ذَهَابِ هَيبَتِهِ وَضَيَاعِ سُلطَانِهِ ، مَا تَلبَثُ أَن تُزَيِّنَ لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ ، وَتَعقِدَ الشَّرَّ في قَلبِهِ ، فَلا يُرَى إِلاَّ هَائِجًا مَائِجًا ، مُستَعِزًّا بِجُنُودِهِ المُستَعبَدِينَ ، مُتَقَوِّيًّا بما يُمَدُّ بِهِ مِن مَالٍ وَبَنِينَ ، مُستَجِيبًا لِصَوتِ البَاطِلِ قَائِلاً كَمَا قَالَ فِرعَونُ : " قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبنَاءَهُم وَنَستَحيِي نِسَاءَهُم وَإِنَّا فَوقَهُم قَاهِرُونَ " وَمِن شِدَّةِ الفِتنَةِ لِلطَّاغِيَةِ في مِثلِ هَذِهِ الحَالِ ، أَن تَغُرَّهُ قُوَّتُهُ وَضَعفُ مُنَاوِئِيهِ ، وَكَثرَةُ مَا لَدَيهِ وَقِلَّةُ مَا يَملِكُونَ ، وَاجتِمَاعُ مَن حَولَهُ عَلَى دَعمِهِ وَاستِضعَافِهِم ، فَيُنَادِي كَمَا نَادَى فِرعَونُ " قَالَ يَا قَومِ أَلَيسَ لي مُلكُ مِصرَ وَهَذِهِ الأَنهَارُ تَجرِي مِن تَحتي أَفَلا تُبصِرُونَ . أَم أَنَا خَيرٌ مِن هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِين ، فَلَولا أُلقِيَ عَلَيهِ أَسوِرَةٌ مِن ذَهَبٍ أَو جَاءَ مَعَهُ المَلائِكَةُ مُقتَرِنِينَ " وَإِذْ ذَاكَ يَخِفُّ مَرضَى العُقُولِ وَمَشلُولُو التَّفكِيرِ ، مِمَّن ضَعُفَ إِيمَانُهُم أَو فُقِدَ ، وَمَاتَت إِنَسانِيَّتُهُم وَدُفِنَت حَمِيَّتُهُم ، فَيَنقَادُونَ لأَمرِ الطَّاغِيَةِ وَيُطِيعُونَهُ ، وَيَسِيرُونَ مَعَهُ حَيثُ سَارَ وَلَو عَلَى الجُثَثِ وَالأَشلاءِ أو في أَنهَارِ الدِّمَاءِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ عَن فِرعَونَ وَقَومِهِ : " فَاستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُم كَانُوا قَومًا فَاسِقِينَ " فَيَا رَبَّنَا وَيَا خَالِقَنَا وَيَا مَولانَا ، إِنَّا نَستَعِيذُ بِكَ الفِتَنِ وَالمَفتُونِينَ ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الطُّغيَانِ وَالطُّغَاةِ ، وَنَدرَأُ بِكَ في نُحُورِ الظَّلَمَة ِوَالبُغَاةِ ، وَنَستَعِينُ بِكَ وَنَتَوَكَّلُ عَلَيكَ وَنُفَوِّضُ أُمُورَنَا إِلَيكَ ، وَنَستَودِعُكَ أَنفُسَنَا وَإِخوَانَنَا المُستَضعَفِينَ ، فَلَا تَجعَلْنَا فِتنَةً لِلقَومِ الظَّالمِينَ ، وَنَجِّنَا بِرَحمَتِكَ مِنَ القَومِ الكَافِرِينَ ، إِنَّكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ شَدِيدُ العِقَابِ ، وَأَقُولُ هَذَا القَولَ وَأَستَغفِرُ اللهَ .


الخطبة الثانية :

أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنتُم بِهِ مُؤمِنُونَ " وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَينَ المَرءِ وَقَلبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيهِ تُحشَرُونَ . وَاتَّقُوا فِتنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُم خَاصَّةً وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ " ثم تَيَقَّنُوا ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ أَنَّ الشَّرَّ مَهمَا استَعلَى وَطَغَى وَبَغَى ، فَلا بُدَّ لَهُ مِن نِهَايَةٍ مُرَّةٍ وَانقِطَاعٍ أَلِيمٍ ، وَأَنَّ المَظلُومِينَ المُستَضعَفِينَ في الأَرضِ هُم في الخِتَامِ الفَائِزُونَ ، قَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ : " نَتلُو عَلَيكَ مِن نَبَإِ مُوسَى وَفِرعَونَ بِالحَقِّ لِقَومٍ يُؤمِنُونَ . إِنَّ فِرعَونَ عَلا في الأَرضِ وَجَعَلَ أَهلَهَا شِيَعًا يَستَضعِفُ طَائِفَةً مِنهُم يُذَبِّحُ أَبنَاءَهُم وَيَستَحيِي نِسَاءَهُم إِنَّهُ كَانَ مِنَ المُفسِدِينَ . وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا في الأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّةً وَنَجعَلَهُمُ الوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُم في الأَرضِ وَنُرِيَ فِرعَونَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنهُم مَا كَانُوا يَحذَرُونَ " وَلا يَنسَيَنَّ غَافِلٌ أَو يَتَنَاسَيَنَّ مُتَجَاهِلٌ أَنَّ ذَلِكَ مُتَحَقِّقٌ لا مَحَالَةُ ، وَلَكِنَّ للهِ في تَأخِيرِ نَصرِ عِبَادِهِ حِكَمًا لا يَعلَمُهَا إِلاَّ هُوَ ، وَلَهُ في الكَونِ سُنَنٌ لا يَعقِلُهَا إِلاَّ العَالِمُونَ ، وَهُوَ ـ تَعَالى ـ بِالمِرصَادِ ، يَرَى وَيَسمَعُ وَيَستَدرِجُ وَيُمهِلُ ، وَلَكِنَّهُ لا يَغفَلُ وَلا يَنسَى وَلا يُهمِلُ ، فَحِينَ يَتَمَحَضُّ الشَّرُّ وَيَكثُرُ الفَسَادُ ، وَتَقوَى شَوكَةُ الطُّغَاةِ وَيَقِفُ الخَيرُ عَاجِزًا وَلا يَستَطِيعُ المُستَضعَفُونَ دَفعَ الصَّائِلِ ، فَإِنَّ اللهَ يُهَيِّئُ بِقُدرَتِهِ مِنَ الأَسبَابِ مَا يُهلِكُ بِهِ الطُّغَاةُ ، وَقَد كَانَت هَذِهِ نِهَايَةَ فِرعَونَ وَقَومِهِ عِندَمَا عَجِزَ مُوسَى وَقَومُهُ عَن مُوَاجَهَتِهِم وَلم يَملِكُوا إِلاَّ أَن يَهرُبُوا مِنهُم " فَصَبَّ عَلَيهِم رَبُّكَ سَوطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرصَاد "
" وَلَقَد أَوحَينَا إِلَى مُوسَى أَن أَسرِ بِعِبَادِي فَاضرِبْ لَهُم طَرِيقًا في البَحرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخشَى . فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِنَ اليَمِّ مَا غَشِيَهُم . وَأَضَلَّ فِرعَونُ قَومَهُ وَمَا هَدَى . يَا بَني إِسرَائِيلَ قَد أَنجَينَاكُم مِن عَدُوِّكُم وَوَاعَدنَاكُم جَانِبَ الطُّورِ الأَيمَنَ وَنَزَّلنَا عَلَيكُمُ المَنَّ وَالسَّلوَى "
" فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمنَا مِنهُم فَأَغرَقنَاهُم أَجمَعِينَ . فَجَعَلنَاهُم سَلَفًا وَمَثَلًا لِلآخِرِينَ "
وَمَا عَذَابُ الطُّغَاةِ بِدُنيَوِيٍّ فَحَسبُ ، وَلَكِنَّهُ دُنيَوِيٌّ وَأُخرَوِيٌّ ، بَل وَفي القُبُورِ وَحَيَاةِ البَرزَخِ ، قَالَ ـ تَعَالى ـ عَن فِرعَونَ : " فَأَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولى "
وَقَالَ ـ سُبحَانَهُ ـ في مُؤمِنِ آلِ فِرعَونَ : " فَوَقَاهُ اللهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرعَونَ سُوءُ العَذَابِ . النَّارُ يُعرَضُونَ عَلَيهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدخِلُوا آلَ فِرعَونَ أَشَدَّ العَذَابِ "
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ ـ أَيُّهَا المُسلِمُونَ ـ فَإِنَّ فِيمَا ذَكَرَهُ اللهُ لَنَا في كِتَابِهِ مِن مَصَارِعِ الظَّالِمِينَ " إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لِمَن يَخشَى "
وَاللهُ ـ سُبحَانَهُ ـ حِينَ يُمهِلُ هَؤُلاءِ الطُّغَاةَ وَيُمِدُّهُم بِأَسبَابِ القُوَّةِ ، وَيَمنَحُهُم مَزِيدًا مِنَ التَّمَكُّنِ وَالقُدرَةِ ، فَإِنَّمَا يَفعَلُ ذَلِكَ ـ سُبحَانَهُ ـ كَيدًا بِهِم وَمَكرًا ، لا حُبًّا لَهُم وَلا نَصرًا ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّهُ يَفجَؤُهُم ـ تَعَالى ـ بِأَمرِهِ عَلَى حِينِ غِرَّةٍ ، وَيَأخُذُهُم أَخذَ عَزِيزٍ مُقتَدِرٍ وَهُم في غَفلَةٍ ، فَعَن أَبي مُوسَى ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " إِنَّ اللهَ يُملِي لِلظَّالِمِ ، فَإِذَا أَخَذَهُ لم يُفلِتْهُ " ثم قَرَأَ : " وَكَذَلِكَ أَخذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
وَمَا هِيَ إِلاَّ قَضِيَّةُ وَقتٍ " وَلَكِنَّكُم تَستَعجِلُونَ " وَلا يَقُولَنَّ قَائِلٌّ : وَمَا بَالُنَا لا نَستَعجِلُ وَنَحنُ نَرَى قَتلَ الرِّجَالَ وَهَتكَ أَعرَاضِ النِّسَاءِ ، وَأَطفَالاً يُتِّمُوا وَزَوجَاتٍ تَأَيَّمنَ ؟! فَيُقَالُ : رَبُّكُم أَعلَمُ وَأَحكَمُ ، وَمَا عِندَهُ خَيرٌ وَأَبقَى ، وَاقرَؤُوا " وَمَا أُوتِيتُم مِن شَيءٍ فَمَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ اللهِ خَيرٌ وَأَبقَى أَفَلَا تَعقِلُونَ . أَفَمَن وَعَدنَاهُ وَعدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَتَّعنَاهُ مَتَاعَ الحَيَاةِ الدُّنيَا ثُمَّ هُوَ يَومَ القِيَامَةِ مِنَ المُحضَرِينَ " وَاقرَؤُوا : " قُلْ لَن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَولَانَا وَعَلَى اللهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنُونَ . قُل هَل تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحدَى الحُسنَيَينِ وَنَحنُ نَتَرَبَّصُ بِكُم أَن يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِن عِندِهِ أَو بِأَيدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُم مُتَرَبِّصُونَ "
المرفقات

فأخذه الله نكال الآخرة والأولى.doc

فأخذه الله نكال الآخرة والأولى.doc

فأخذه الله نكال الآخرة والأولى.pdf

فأخذه الله نكال الآخرة والأولى.pdf

المشاهدات 5245 | التعليقات 9

جزاك الله خيرا شيخنا الحبيب، أجدت وأفدت كعادتك
ما حصل لأخواننا بمصر ظلم عظيم وسفك لدماء معصومة، ونصرتهم بالكلمة أقل واجب يقدم لهم، لا سيما وقد سمعنا من يتشفى بهم ويفرح بما وقع عليهم ولا حول ولا قوة الا بالله.


الله أكبر .. يا لها من خطبة جزلة عظيمة ..!

بارك الله فيكم فضيلة الشيخ ونفع بكم وسدد قولكم وفعلكم


بارك الله فيك على الخطبة التي أجدت فيها وأفدت وقد ضربت أروع مثال على التكبر والجبروت والطغيان ... وسنن الله في أرضه معلومة


كنت أوشك على الانتهاء من خطبتي .. إلا إن ماكتبته شيخنا رائع بحق سأستفيد منه كثيرًا
وفقك الله ونفع بك وأجزل مثوبتك


أحسن الله إليك وبارك في جهودكم ...حقاً خطبتك هي حكمة و فصل الخطاب ...زادك الله علماً نافعاً وعملاً صالحاً...


جزيت خيرا


ماشاء الله لا قوة إلا بالله خطبة رائعة : أقول سبحان الله هذا القرآن بيننا بينَّ لنا كل شيء ولكن نحن عنه غافلون وخاصة عند الخطوب والمدلهمات تختلط عندنا البديهيات إلا من ثبته رب الأرض والسماوات


بارك الله فيك شيخنا على هذه الخطبة الرائعةفي هذا الوقت الذي تمر فيه الأمة بمحن عظيمة ولاتبخل علينا شيخنا بخطبك جمعنا الله وإياك في الجنة


ليس غريبا على شيخنا طرح مثل هذا فهي فعلا خطبة إنصاف بحق وكلام عدل بوضوح فلله در شيخنا وبورك فيك وفي تأصيلك الواضح البين للإرهاب.
ولقد كان هذه العبارة بوابة الدخول لأي جريمة ومفتاح السلوك لأي انتهاك فمن أراد أن يحقق بغيته ويبرر لجريمته ما عليه سوى إلصاق هذه التهمة بمن يريد وتعطيه الضوء الأخضر.