خطبة : ( غيث القلوب )

عبدالله البصري
1438/03/02 - 2016/12/01 17:27PM
غيث القلوب 3 / 3 / 1438
الخطبة الأولى :
أَمَّا بَعدُ ، فَـ" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم وَالَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، حِينَمَا تُجدِبُ القُلُوبُ وَتُقفِرُ الصُّدُورُ ، وَيَضعُفُ الإِيمَانُ وَيَتَبَلَّدُ الشُّعُورُ ، وَتَتَجِّهُ مَعَ ذَلِكَ سِهَامُ العَدُوِّ إِلى النُّحُورِ ، فَإِنَّ ذِكرَ اللهِ - تَعَالى - هُوَ خَيرُ مَا شُغِلَت بِهِ الأَوقَاتُ وَعُمِرَت بِهِ السَّاعَاتِ ، وَأَجَلُّ مَا أُغِيثَت بِهِ القُلُوبُ وَسُقِيَ بِهِ زَرعُ الإِيمَانِ فِيهَا " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُم فِئَةً فَاثبُتُوا وَاذكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذكُرُوا اللهَ ذِكرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكرَةً وَأَصِيلاً . هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيكُم وَمَلائِكَتُهُ لِيُخرِجَكُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ وَكَانَ بِالمُؤمِنِينَ رَحِيمًا "
إِنَّهُ لَيسَ أَحَدٌ مِنَّا في هَذَا الزَّمَانِ إِلاَّ وَهُوَ يُحِسُّ بِقَسوَةٍ في قَلبِهِ وَضَعفٍ في نَفسِهِ ، وَيَشعُرُ أَنَّهُ بِحَاجَةٍ إِلى العَودَةِ إِلى رَبِّهِ ، خَاصَّةً مَعَ انتِشَارِ الفِتَنِ وَكَثرَةِ وُرُودِهَا عَلَى القُلُوبِ ، وَمَا يُحِيطُ بِنَا وَنَرَاهُ في بِلادٍ لَيسَت عَنَّا بِبَعِيدَةٍ مِن رَفعِ العَافِيَةِ وَحُلُولِ البَلاءِ ، فَهَل ذَكَرنَا اللهَ – تَعَالى - كَثِيرًا لِيُثَبِّتَنَا ؟!
هَل سَبَّحنَاهُ بُكرَةً وَأَصِيلاً لِيُخرِجَنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلى النُّورِ ؟!
إِذَا نَزَلَتِ النَّوَازِلُ وَأَلَمَّتِ المُلِمَّاتُ ، وَأَحَاطَت بِالمُؤمِنِينَ الشَّدَائِدُ وَالمُشكِلاتُ ، كَانَ ذِكرُ اللهِ هُوَ حِصنَهُم الَّذِي بِهِ يَلُوذُونَ ، وَكَهفَهُم الَّذِي إِلَيهِ يَأوُونَ ، وَرِيَاضَ جَنَّتِهِمُ الَّتي فِيهَا يَتَقَلَّبُونَ ، وَرُؤُوسَ أَموَالِهِمُ الَّتي بها يَتَّجِرُونَ ، بِهِ يَستَدفِعُونَ الآفَاتِ وَيستَكشِفُونَ الكُرُبَاتِ ، وَتَهُونُ عَلَيهِم البَلايَا وَالمُصِيبَاتُ ، فَيَنقَلِبُ حَزِينُهُم ضَاحِكًا مَسرُورًا ، وَيَعُودُ ذَاكِرُهُم مَذكُورًا ، قَالَ – تَعَالى - : " وَاذكُرُوني أَذكُرْكُم "
وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ اللهُ أَنَا عِندَ ظَنِّ عَبدِي بي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَني ، فَإِنْ ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفسِي ، وَإِن ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكَرتُهُ في مَلأٍ خَيرٍ مِنهُم ، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبرًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا ، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ بَاعًا وَإِن أَتَاني يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ .
وَعِندَ التِّرمِذِيِّ وَالنَّسَائيِّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ : " إِنَّ اللهَ أَوحَى إِلى يَحيَى بنِ زَكَرِيَّا بِخَمسِ كَلِمَاتٍ أَن يَعمَلَ بِهِنَّ وَيَأمُرَ بَني إِسرَائِيلَ أَن يَعمَلُوا بِهِنَّ ... " الحَدِيثَ ، وَفِيهِ قَالَ : " وَآمُرُكُم بِذِكرِ اللهِ كَثِيرًا ، وَمَثَلُ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ طَلَبَهُ العَدُوُّ سِرَاعًا في أَثَرِهِ حَتَّى أَتى حِصنًا حَصِينًا فَأَحرَزَ نَفسَهُ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ العَبدُ لا يَنجُو مِنَ الشَّيطَانِ إِلاَّ بِذِكرِ اللهِ "
أَيُّهَا المُسلِمُونَ ، إِنَّ شَرَفَ الذِّكرِ وَعُلُوَّ مَنزِلَتِهِ ، وَعَظِيمَ فَضلِهِ وَبَالِغَ أَثَرِهِ ، وَحَاجَتَنَا إِلَيهِ مَعَ سُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ وَمُضَاعَفِ أَجرِهِ ، لَتَدعُونَا أَن نَكُونَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ – تَعَالى - كَثِيرًا ، وَأَلاَّ نَكُونَ مِنَ المُفَرِّطِينَ الغَافِلِينَ ، غَيرَ أَنَّ ثَمَّةَ طَرِيقًا تُوصِلُ سَالِكَهَا إِلى هَذَا الشَّرَفِ العَظِيمِ ، مَن وَجَدَ نَفسَهُ عَلَيهَا فَهَنِيئًا لَهُ ، وَإِلاَّ فَلْيُدرِكْهَا وَلْيُلزِمْ نَفسَهُ إِيَّاهَا ، وَإِنَّ أَبرَزَ عَلامَاتِ تِلكَ الطَّرِيقِ – أَيُّهَا المُؤمِنُونَ – هِيَ الصَّلَوَاتُ الخَمسُ ، نَعَم – أَيُّهَا الإِخوَةُ - خَمسُ صَلَوَاتٍ وَلَيسَت أَربعًا وَلا ثلاثًا ، خَمسُ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ ، بَأَدَائِهَا وَالمُحَافَظَةِ عَلَيهَا في بُيُوتِ اللهِ مَعَ المُؤمِنِينَ ، يَتَبَيَّنُ لِلمَرءِ مَوقِعَهُ في طَرِيقِ أَهلِ الذِّكرِ الصَّادِقِينَ ، ذَلِكُمُ الطَّرِيقُ الطَّوِيلُ الَّذِي يَبدَأُ مِنَ المَسَاجِدِ ، وَتَكتَنِفُهُ خَيرُ الأَعمَالِ عِندَ اللهِ وَأَزكَاهَا وَأَهَمُّهَا وَأَولاهَا " في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ . رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبصَارُ "
أَجَلْ – أَيُّهَا المُؤمِنُونَ – إِنَّ مَن حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمسِ بِأَركَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا ، وَأَكمَلَ خُشُوعَهَا وَطُمَأنِينَتَهَا ، وَأَتَى بِالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ قَبلَهَا وَبَعدَهَا ، فَقَد نَالَ أَكبَرَ نَصِيبٍ مِن ذِكرِ اللهِ – تَعَالى – ذَلِكُم أَنَّ الصَّلاةَ تَشتَمِلُ عَلَى أَنوَاعٍ عَدِيدَةٍ مِنَ الذِّكرِ ، قِرَاءَةً وَدُعَاءً وَتَمجِيدًا ، وَتَكبِيرًا وَتَسبِيحًا وَتَحمِيدًا ، مَعَ حُضُورِ قَلبٍ وَخُضُوعٍ وَتَذَلُّلٍ وَخُشُوعٍ ، وَلِذَا كَانَ الذَّمُّ مُتَّجِهًا إِلى المُنَافِقِينَ المُتَكَاسِلِينَ عَنِ الصَّلاةِ بِقِلَّةِ ذِكرِهِم للهِ فِيهَا ، قَالَ – تَعَالى - : " إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُم وَإِذَا قَامُوا إِلى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً "
وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – فِيمَن يُؤَخِّرُ صَلاةَ العَصرِ إِلى اصفِرَارِ الشَّمسِ قَبلَ الغُرُوبِ : " تِلكَ صَلاةُ المُنَافِقِ ؛ يَجلِسُ يَرقُبُ الشَّمسَ ، حَتَّى إِذَا كَانَت بَينَ قَرنَيِ الشَّيطَانِ ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَربَعًا لا يَذكُرُ اللهَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
وَبَعدَ أَدَاءِ الصَّلاةِ مَعَ الجَمَاعَةِ ، فَإِنَّ لِلذَّاكِرِينَ رَوضَةً أُخرَى لا يَفُوتُهُم فِيهَا اقتِطَافُ أَزهَارِ الذِّكرِ وَجَنيُ ثِمَارِهِ ، وَمَحَطَّةً يَتَزَوَّدُونَ فِيهَا مِن وَقُودِ الذِّكرِ ، حَيثُ يَجلِسُونَ في مَسَاجِدِهِم وَأَمَاكِنِ صَلاتِهِم مُحتَسِبِينَ ، وَيَتَلَبَّثُونَ وَلا يَستَعجِلُونَ ، وَيَطمَئِنُّونَ حَتَّى يَأتُوا بِالأَذكَارِ الوَارِدَةِ في دُبُرِ الصَّلاةِ ، تَرَى أَحَدَهُم ثَانِيًا رِجلَهُ مُطَأطِئًا رَأسَهُ ، يَعقِدُ بِيَدِهِ التَّسبِيحَ وَالتَّحمِيدَ وَالتَّكبِيرَ وَالتَّهلِيلَ ، ثم يُتبِعُهُ بِقِرَاءَةِ آيَةِ الكُرسِيِّ وَالمُعَوِّذَاتِ ، لا يَلتَفِتُ إِلى غَيرِ ذَلِكَ وَلا يَتَطَلَّعُ إِلَيهِ ، وَلا يَشغَلُ قَلبَهُ بِغَيرِهِ وَلا يَتحَرَّكُ لِسَانُهُ بِسِوَاهُ ، يُرَدِّدُ أَذكَارَهُ بِخُشُوعٍ وَتَأنٍّ وَتَفَكُّرٍ ؛ غَيرَ مُلتَفِتٍ إِلى المُتَهَاوِنِينَ المُستَعجِلِينَ ، الَّذِينَ يُسرِعُ أَحَدُهُم في الانصِرَافِ وَيَسعَى خَارِجًا مِنَ المَسجِدِ ، دُونَ أَن يَأتِيَ بِالأَذكَارِ وَلا يَحظَى مِن مَلائِكَةِ الرَّحمَنِ بِاستِغفَارٍ ، وَلَكَأَنَّمَا كَانَ في سِجنٍ فَفُتِحَ لَهُ البَابُ فَفَرَّ وَوَلَّى هَارِبًا .
وَفي آنَاءِ اللَّيلِ وَأَطرَافِ النَّهَارِ ، سَاعَاتٌ وَلَحَظَاتٌ يَستَثمِرُهَا المُؤمِنُ في تِلاوَةِ كِتَابِ رَبِّهِ ، وَإِلاَّ فَإِنَّ كُلَّ لَحظَةٍ وَحَرَكَةٍ وَالتِفَاتَةٍ ، هِيَ مَجَالٌ خِصبٌ لِذِكرِ اللهِ ، وَفُرصَةٌ لِتَرطِيبِ اللِّسَانِ بِهِ ، فَلِخُرُوجِ المُسلِمِ مِن مَنزِلِهِ ذِكرٌ وَلِدُخُولِهِ ذِكرٌ ، وَلِرُكُوبِهِ سَيَّارَتَهُ ذِكرٌ ، وَعِندَ دُخُولِ الخَلاءِ ذِكرٌ ، وَفي حَالِ الخُرُوجِ ذِكرٌ ، وَإِذَا أَرَادَ أَن يَتَوَضَّأ ذَكَرَ اللهَ ، وَإِذَا فَرَغَ مِن وُضُوئِهِ ذَكَرَ اللهَ ، وَإِذَا لَبِسَ ثَوبًا جَدِيدًا جَاءَ بِمَا وَرَدَ في ذَلِكَ ، وَعِندَ نَومِهِ ذِكرٌ وَفي قِيَامِهِ ذِكرٌ ، وَقَبلَ الأَكلِ ذِكرٌ وَبَعدَهُ ذِكرٌ ، بَل حَتَّى في تَقَلُّبِهِ في فِرَاشِهِ وَإِتيَانِهِ أَهلَهُ ثَمَّةَ ذِكرٌ وَدُعَاءٌ ، وَإِذَا هُوَ حَرِصَ عَلَى تِلكَ الأَذكَارِ وَدَاوَمَ عَلَيهَا وَاستَوعَبَ أَوقَاتَهُ بها ، وَلم يُضَيِّعْ فُرصَةً في ذَلِكَ أَو يُهمِلْهَا ؛ كَانَ حِينَئِذٍ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ - تَعَالى – كَثِيرًا ، فَهَدَاهُ اللهُ وَكَفَاهُ وَوَقَاهُ ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - : " إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِن بَيتِهِ فَقَالَ : بِسمِ اللهِ تَوَكَّلتُ عَلَى اللهِ وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ، يُقَالُ لَهُ حَسبُكَ ، هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ ، وَتَنَحَّى عَنهُ الشَّيطَانُ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَالنَّسَائيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ .
وَقَالَ – عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ – : " إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيتَهُ فَذَكَرَ اللهَ عِندَ دُخُولِهِ وَعِندَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيطَانُ : لا مَبِيتَ لَكُم وَلا عَشَاءَ ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَم يَذكُرِ اللهَ عِندَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيطَانُ : أَدرَكتُمُ المَبِيتَ ، وَإِذَا لم يَذكُرِ اللهَ عِندَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيطَانُ : أَدرَكتُمُ المَبِيتَ وَالعَشَاءَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ .
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ – أَيُّهَا المُسلِمُونَ – وَلْنُرَطِّبْ أَلسِنَتَنَا بِذِكرِهِ لِتَطمَئِنَّ قُلُوبُنَا " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكرِ اللهِ أَلا بِذِكرِ اللهِ تَطمَئِنُّ القُلُوبُ " وَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن أَن نَكُونَ مِمَّنِ" استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ فَأَنسَاهُم ذِكرَ اللهِ أُولَئِكَ حِزبُ الشَّيطَانِ أَلا إِنَّ حِزبَ الشَّيطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ "
" إِنَّ المُسلِمِينَ وَالمُسلِمَاتِ وَالمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَالقَانِتِينَ وَالقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالخَاشِعِينَ وَالخَاشِعَاتِ وَالمُتَصَدِّقِينَ وَالمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالحَافِظِينَ فُرُوجَهُم وَالحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَغفِرَةً وَأَجرًا عَظِيمًا "
الخطبة الثانية :
أَمَّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللهَ – تَعَالى – وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ ، وَاذكُرُوهُ وَلا تَنسَوهُ ، وَاعلَمُوا أَنَّ ذِكرَ الله بِأَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَأَمُّلَ مَعَانِيهَا ، وَالثَّنَاءَ عَلَيهِ بها وَتَوحِيدَهُ بِمُقتَضَاهَا نَوعٌ عَظِيمٌ جَلِيلٌ مِن أَنوَاعِ الذِّكرِ ، وَمِنَ السَّبعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ رَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا فَفَاضَت عَينَاهُ , وَثَمَّةَ نَوعَانِ آخَرَانِ عَظِيمَانِ قَد يَحصُلُ فِيهِمَا التَّقصِيرُ ، أَلا وَهُمَا ذِكرُ الأَمرِ وَالنَّهيِ وَالحَلالِ وَالحَرَامِ ، وَذِكرُ الآلاءِ وَالنَّعمَاءِ وَالإِحسَانِ ، فَاذكُرُوا اللهَ بِفِعلِ مَا أَمَرَ بِهِ ، وَاذكُرُوهُ بِالانتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنهُ ، وَاذكُرُوهُ بِشُكرِ نِعَمِهِ وَحِفظِهَا ؛ فَإِنَّهُ كَمَا تَحيَا الأَرضُ بِنُزُولِ الغَيثِ فَتَهتَزُّ وَتَربُو وَتُنبِتُ مِن كُلِّ زَوجٍ بَهِيجٍ ، فَإِنَّ القُلُوبُ تَحيَا بِذِكرِ اللهِ فَتَصفُو وَتَطِيبُ ، وَمِن ثَمَّ تَصلُحُ الجَوَارِحُ وَتَستَقِيمُ عَلَى الطَّاعَةِ . قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَثَلُ الَّذِي يَذكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ . اللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكرِكَ وَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ .
المرفقات

غيث القلوب.doc

غيث القلوب.doc

غيث القلوب.pdf

غيث القلوب.pdf

المشاهدات 2071 | التعليقات 2

جزاك الله خيراً ونفع بك الإسلام والمسلمين


جزاك الله خيرا