خطبة عيد النحر المبارك 1433 هـ

الغزالي الغزالي
1433/12/18 - 2012/11/03 21:04PM
خطبة عيد النحر المبارك 1433 هـ
الله أكبر(سبعا)، الله أكبر عدد ما صام صائم وأفطر، الله أكبر عدد ما هَلّل مهلّل وكبّر.. الله أكبر ما وقف الحجيج بصعيد عرفات، وباتوا بمزدلفة في أحسن مبات، ودفعوا إلى منى فرموا الجمرات.. الله أكبر ما اجتمع المسلمون في هذا اليوم وهو أشرف الأيام. الله أكبر ما صلوا وما نحروا وشكروا الله على نعمة الإسلام. الله أكبر ولا إله إلاّ الله، ولا معبود بحقّ سواه، يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويغفر للمسيء إذا تاب وأتاه، ويجبر المنكسر إذا لاذ بحِمَاه.. الله أكبر الله أكبر، لا إله إلاّ الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.. الْحَمْدُ للهِ لا نِدَّ له ولا نظير يُساميه، ولا عديل له ولا مثيل يُدانيه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تعصِمُ صاحبها وتُعليه، وتُقرِّبه لمولاه وتُدنيه، ونشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله من اتبعه فلا البدع تستهويه، ولا الخرافة تُغويه، صلى الله وسلَّم عليه وعلى الخِيَرة المُصطفَيْن من آله، والمُقتدين بشرف فِعاله وكريم خِصاله.. أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَاعلموا أن يومكم هذا يوم أغر، استقبل المسلمون فيه عيدين، عيدًا سنويًّا هو الأضحى، وعيدًا أسبوعيًّا هو الجمعة، ولله الحمد والمنة.. الله أكبر(ثلاثا).. مَعَاشِرَالمُعيدِينَ: هنيئًا لكم عيد الأضحى المبارك وقد هبَّ نسيمه مِسكًا عبِقًا، وخيرًا غدِقًا، هنيئًا لكم يوم الحج الأكبر، هنيئًا لكم يوم الجمع الأعظم، يومٌ يُهراق فيه الدم، ويُوضع فيه الشعر، ويُلقَى فيه التَّفَث، وتحِلُّ فيها الحُرَم، الوقوف في ليلته، والرمي والنحر والطواف في صبيحته، فما أعظمه من يوم، وما أكرمه من جمع. والحجيج في البِقاع المُقدَّسة تبتهل وتضرع، وتُنادي ربها وتخشع، قد طمِعَت في رحمته وغفرانه، وكرمه ورضوانه، وعطائه ونواله، وهو الرحيم التواب، الكريم الوهاب، يفتح بابًا، ويقبل متابًا، ويُعتِق رقابًا، ويُعطي رِغابًا. الله أكبر(ثلاثا)، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. أيها المسلمون: منذ أن وطَّد بواني الدين وأرساها، وشاد شُرف الإسلام وأسماها: إمام الحُنفاء، ووالد الأنبياء، وباني الكعبة المُعظَّمة إبراهيم الخليل ، والوفود المؤمنة تحِنُّ إلى البيت المُكرَّم، والبلد المُحرَّم، لا تقضي منه وطَرًا، ولا تنتهي منه تعبُّدًا وتفكُّرًا ونظرًا، جيلٌ بعد جيل يحمل إرثَ إبراهيم الخليل (ع). ومن دلائل عظمة المولى- جل في عُلاه-: أن جعل لأهل السماء السابعة كعبةً أخرى مُعظَّمة، معمورةً بالطاعة مدى الأوقات، يتعبَّد فيها الملائكة، ويطوفون بها كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم؛ فعن أنس أن رسول الله قال في حديث الإسراء: «.. ثم عرج بنا إلى السماء السابعة، فإذا بإبراهيم(ع) مُسنِدًا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف مَلَكٍ لا يعودون إليه»؛ متفق عليه. فسبحان من دانَت له جميع الكائنات، وذلَّت له جميع المخلوقات، وخضعَت له الملائكة في سائر الأقطار والجهات. الله أكبر(ثلاثا).. أيها المسلمون: اجعلوا الله ذُخركم وملجأكم، ومقصدكم ومفزَعكم، أظهِروا أمره، ولا تُشركوا معه غيره، فما من عبادةٍ عُبِدت، ولا من فريضةٍ فُرِضَت إلا لتكبيره وتعظيمه، وإجلاله وتوحيده، وهو المستحق لأكمل الثناء، وأجلِّ الحمد، وأعلى التعظيم، ولا تليق العبادة إلا له، ولا تنبغي الإلهية إلا لعظمته، تعالى وتقدَّس، وتنزَّه وتعاظَم، وجلَّ وعزَّ أن يكون له شريكٌ أو نظير، أو والدٌ أو ولد، ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ(. من تعلَّق به كفاه، ومن اعتمد عليه وقاه، ومن لجأ إليه حفِظَه وتولاَّه، فكيف يلجأ العبد عند حاجته وشدَّته إلى أضرحة وأموات، وحجارة ورُفَات، وتمائم وحُجُبٍ وخيوطٍ ومُعلَّقات؟! كيف يلجأ العبد عند مرضه وبليَّته لسحرةٍ كفرة، وكهنةٍ مكَرة، ومُشعوذِين فَجرة، لا يلجأ إليهم إلا من وُكِل إلى الضياع والهوان، والخسران والخذلان، {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}. الله أكبر(ثلاثا).. أيها المسلمون: لوذوا بالكتاب والسنة، واعتصموا بهما، واحتموا بهديهما، واحذروا الأفكار الزائغة، والعقائد المنحرفة، والبدع المُضِلَّة، لا تسلكوا غير طريق الشريعة التي جاء بها نبينا محمد ، فهي المَتجر الرابح، والميزان الراجح، والمنهج الصالح. يقول الإمام الزهري -رحمه الله-: "من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم". فعظِّموا نصوص الكتاب والسنة وامتثِلوها، وانقادوا لها ولا تُعارِضوها. الله أكبر(ثلاثا)، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. أيها المسلمون: علِّموا الجاهل، وأرشِدوا السائل، وعِظوا الغافل، ومُروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وكونوا رحماء في نُصحكم، رُفقاء في تعليمكم وإرشادكم، لا تركبوا مركب الغِلظة والشدة، والقسوة والتعنيف، انصحوا برفقٍ ولين جانبٍ وحُسن خِطاب؛ فعن جابر أن رسول الله قال: «إن الله لم يبعثني مُعنِّفًا، ولكن بعَثَني مُعلِّمًا مُيسِّرًا»؛ أخرجه أحمد. رِفقٌ ولين، وشفقةٌ ورحمة تُحقِّق الغاية، وتحسُن بها الهداية، وتندفع بها الغواية. الله أكبر(ثلاثا).. أيها المسلمون: المنايا للخلق راصدة، والحوادث لهم حاصِدة، والغِيَر نحوهم قاصدة، وداء الموت ليس له دواء، من استوفى أجلَه حلَّت ساعته، وقامت قيامته، ومن عاش طويلاً زالَت جِدَّته، ووهَنت قوته، وضعُفت همَّته، وشابَت لِمَّته، وذهبت عزيمته،{وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا}. فيا لها من عبرةٍ للمُعتبِر، وعِظةٍ للمُدَّكِر، وبيِّنةٍ للمُنزجِر، فادلِفوا إلى باب التوبة، ولوذوا بباب الإنابة، وهُبُّوا من رَقدة الهوى، واستفيقوا من غفلة الرَّدَى، واعلموا أن أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عمله صلاتُه؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسِر، فإن انتقص من فريضته شيئًا قال الرب -عزوجل-: " انظروا هل لعبدي من تطوُّع، فيُكمَّل منها ما انتقص من الفريضة". وأدُّوا زكاة أموالكم طيبةً بها نفوسكم. ومن كانت عنده مظلِمةً لأخيه من عِرْضه أو شيء فليتحلَّله منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له عملٌ صالح أُخِذ منه بقدر مظلِمته، وإن لم يكن له حسنات أُخِذ من سيئات صاحبه فحُمِلَت عليه، ثم طُرِح في النار. ولا يزال المؤمن في فُسحةٍ من دينه ما لم يُصِب دمًا حرامًا، ولزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمنٍ بغير حق. ولا يرمي رجلٌ رجلاً بالفسق أو الكفر إلا ارتدَّت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك. والمُتسابَّان ما قالا فعلى البادي منهما حتى يعتدي المظلوم. وحسن الخُلُق وحسن الجوار يُعمِّران الديار، ويزيدان في الأعمار. قال في خطبة الوداع : "إن الشيطان يئس أن يعبده المُصلُّون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم"، يُغري بعضهم ببعض بما يُوجِب الفُرقة، وتنافُر القلوب، وحصول الهُجران، وسوء الظن، وتبادل التهم، والتلاسن والفجور في الخصومة، فكفُّوا عن اللغو والخصام، واعفوا واصفحوا، ولا تكونوا ممن يُصِرُّ على البغيَّة، فما يُبقي للحُسنى بقيَّة. ولا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا. عودوا المريض، وصِلوا الرَّحِم، وأطعِموا الجائع، وأعطوا الفقير، وفُكُّوا العاني الأسير، ووفُّوا حق الأجير، واحنُوا على الوالدين، وأحسِنوا إليهما، وغُضُّوا أبصاركم، واحفظوا فُروجكم. وإيّاكم والغش والمكر والخديعة، ففي الحديث: "من غشّنا فليس منّا". والخداع والمكر في النار، ومن استُعمِل على شيئٍ فليجِئ بقليله وكثيره، ولا يكتم منه شيئًا؛ فإن كتم كان غُلولاً يأتي به يوم القيامة. والراشي والمُرتشي والساعي بينهما ملعونون على لسان رسول الله . يا من ابتُلِي بأكل الربا! تذكَّر يوم يُوضَع القطن على عينيك، وتُلفُّ الأكفان على جانبيك، وتكون أموالك وبالاً عليك. يا من ابتُلِي بالذنوب والمعاصي! أقبِل على مولاك مُنكسرًا، ولُذ بباب جُوده مُعتذرًا، وابسط كفَّ اضطرارك مُفتقرًا، فما للعبد سوى مولاه، أدناه فضلاً منه أو أقصاه.
فما لنا في الحالتين مذهبُ ** عن باب مولانا، إلى من نذهبُ
" إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له". نسأل مولانا وإلهنا، أن يبارك في أعياد المسلمين، ويظهر نورها للعالمين، ويجعل صداها صاخّة لآذان الكافرين والجاحدين.. تقبَّل الله من جَمْعنا، ومن جميع المؤمنين خالص الأُضْحيات، وجعَلَها توسعة ومَودَّة لجميع العائلات، وادَّخَر الله أجورَها في موازين الحسَنات. و أعاد الله علينا وعليكم هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنةً مديدة، ونحن في صحةٍ وعافيةٍ وحياةٍ سعيدة.. (آمين) وأقول قولي هذا..

الله أكبر(ستا)، الله أكبر ما هلل مهلل وكبر، الله أكبر ما تاب تائب واستغفر، الله أكبر ما تلا القرآن قارئ وتدبر، الله أكبر ما وصل مؤمن رحمه وتذكر، الله أكبر ما تجدد العيد بيننا وتكرر. الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا.. الْحَمْدُ للهِ العلي الكبير، اللطيف الخبير، خلق كل شيء فأحسن التقدير، ودبَّر الخلائق فأحسَن التدبير، نحمده وقد صان موارد الدين من التحريف والتكدير، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبدٍ مُعترِفٍ بالضعف والتقصير، شهادة عبدٍ يرجو العفو والغفران والنجاة من عذاب السعير، ونشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وعلى رسل الله وأنبيائه، صلاةً مُتضاعفةً دائمةً إلى يوم تقرير المصير.. أَمَّا بَعْدُ: أيها المعيدون: اتقوا الله تعالى واشكروه على نعمه العظيمة، وآلائه الجسيمة، واعلموا أن الله قد جمع لكم في يومكم هذا عيدين، فَلِلهِ الحَمدُ عَلَى اجتِمَاعِ نِعَمِهِ وَاتِّفَاقِ آلائِهِ، يَومُ الجُمُعَةِ الَّذِي هُوَ خَيرُ يَومٍ طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ، ويوم النحر وهو يوم الحج الأكبر، أفضل الأيام عند الله تعالى، يَوْمٌ غُرَّةٌ في جبين الزمان، يوم يجتمع فيه المسلمون في كل مكان، يوم التعبد لله بإراقة الدماء، وبالصلاة والتكبير والتسبيح والدعاء، يوم شكر وحمد وابتهال وثناء.. الله أكبر(ثلاثا).. أيها المسلمون: الأضحية قُربةٌ جليلة، ونسيكةٌ عظيمة، ومَعلمٌ ظاهرٌ وشعيرة، لا ينبغي للمُوسِر تركها؛ فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «من كان له سَعة ولم يُضحِّ فلا يقربنَّ مُصلاَّنا»؛ أخرجه أحمد وابن ماجه. وفي ذبح الضحايا تقرُب إليه سبحانه بالتقوى: { لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ، كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ}. ولا يُجزئ في الأضحية إلا الأنعام، وهي الغنم والبقر والإبل، ويضحي الرجل عن نفسه وأهل بيته. وأفضل الأضاحي أحسنها وأعظمها، وأكملها وأطيبها. وحاذِروا العيوب المانعة من الإجزاء. وأحسِنوا الذِّبحة، وحُدُّوا الشفرة، ليكون أريح وأرحم. وَاعْلَمُوا أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ ذَبْحِ الأَضَاحِي بَعْدَ صَلاةِ العِيدِ، إلى غروب شمس آخر أيام التشريق، فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَشَاتُهُ شَاةُ لَحْمٍ، ثُمَّ إِنَّ التَّسْمِيَةَ شَرْطٌ لِحِلِّ الذَّبِيحَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}. وَقَالَ النَّبِيُّ الأكرم : (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ) مُتَفَقٌ عَلَيْهِ. والسنة أن لا يطعم شيئا بعد الصلاة حتى يأكل من أضحيته. الله أكبر(ثلاثا).. عباد الله: لقد كان من هديه ألاّ يغفل عن ذكر الله تعالى هذه الأيّام، عملا بقوله تعالى: {كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}، وقد روى مسلم عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :(أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ). فكلوا واشربوا وتصدّقوا، واشكروا الله تعالى واذكروه ذكرا كثيرا هذه الأيّام، دبر الصّلوات، وفي سائر الأوقات. وكان من هديه الإخلاص في نحره وذبحه، فيقول صدقا وحقّا: (بسم الله، والله أكبر، اللهمّ هذا منك ولك، اللهمّ تقبّل منّي). وكان من هديه أنّ يخرج إلى العيد من طريق، ويعود من أخرى.. أَيُّهَا المُسلِمُونَ، جَمِّلُوا عِيدَكُم بِبِرِّ الوَالِدَينِ وَصِلَةِ الأَرحَامِ، وَزَيِّنُوهُ بِإِفشَاءِ السَّلامِ وَإِطعَامِ الطَّعَامِ، تَصَافَحُوا وَتَصَالَحُوا، وَتَعَانَقُوا وَتَسَامَحُوا، لِينُوا وَتَوَاضَعُوا وَلا تَفَاخَرُوا، أَظهِرُوا الإِحسَانَ، وَأَكرِمُوا الجِيرَانَ، وَارحمُوا الفُقَرَاءَ، وَوَاسُوا الضُّعَفَاءَ، " لا تَحَاسَدُوا وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا تَبَاغَضُوا وَلا تَدَابَرُوا"، "وَاعتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا". تقبل الله ضحاياكم، ورضِي عنكم وأرضاكم، وحقَّق في الخير مُناكم، وأسعدكم ولا أشقاكم، وعاوَدَتكم السعود، ما عاد عيدٌ واخضرَّ عود. عباد الله: إن الله أمركم بأمرٍ بدأ فيه بنفسه، وثنَّى بملائكته المُسبِّحة بقُدسه، ونادى المؤمنين من جنه وإنسه، فقال قولاً كريمًا: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. اللهم فصلّ و سلم على سيدنا محمد شجرة الأصل النورانية، و لمعة القبضة الرحمانية، و أفضل الخليقة الإنسانية، و أشرف الصورة الجسمانية، و معدن الأسرار الربّانية، صاحب البهجة السنية، و الرتبة العلية، و بارك عليه وعلى آله و صحبه عدد ما خلقت و أمت و أحييت.. إلى يوم تبعث من أفنيت.. اللهم اجمعنا بنبيّك على كوثره، وفي جنّاتك بصحبته.. اللهم اكتب لنا بركة توصلنا إليه، و تجمعنا عليه، و تقرّبنا إلى حضرته، و تمتّعنا برؤيته.. اللهم اجمعنا معه في أعلى مقام، وارزقنا يا ربّنا في جواره حسن الختام.. اللهم كما آمنّا به و لم نره، فلا تفرّق بيننا و بينه، حتى تدخلنا مدخله، برحمتك يا أرحم الراحمين، يا ربّ العرش العظيم، يا مالك الملك، يا حيّ يا قيّوم، يا ذا الجلال و الإكرام، يا من فتحت بالباقيات الصالحات لنا جنّاتك.. يا من أغلقت برحمتك في وجوهنا أبواب نيرانك.. اللهم اجعل بهجة الأعياد، صدق يقين في قلوب العباد، اللهم اجمع في هذا العيد السعيد شملنا.. ويسر بكل خير أمرنا.. وحقق وفاقنا وأمننا.. وأصلحنا وأصلح بنا، وأصلح ذات بيننا، وأصلح فساد قلوبنا.. واجعلنا لك طائعين كما أمرتنا.. متراحمين كما أوصيتنا.. اللهم اجعل جمعنا هذا جمعًا مرحومًا.. وتفرقنا من بعده تفرقًا معصومًا.. اللهم أصلح لنا الزوجات.. واهد لنا البنين والبنات.. وارحم لنا الآباء والأمهات.. اللهم من كان منهم حيًا فأحيه أسعد حياة.. ومن كان منهم ميتًا فتقبله بأوسع الرحمات.. وأسكنه عندك فسيح الجنات.. يا رفيع الدرجات.. يا عظيم البركات.. ومجيب الدعوات. الله اجعل عيدنا سعيدا.. وعملنا صالحا رشيدا.. اللهم أعده على جمعنا وجميعنا بالصحة في الجسد.. وبالصلاح في الولد.. وبالرخاء والطمأنينة في البلد.. وكل عام وكلنا إلى الله أقرب. اللهم ارفع البلاء والغلاء والغلبة عن المسلمين. اللهم ارزقنا حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وسعيا مشكورا، وتجارة لن تبور. اللهم نجنا من عذاب القبور، ونجنا من هول النشور، واجعلنا في الآخرة من أهل السعادة والسرور. اللهم واحفظ بلدنا من كل المحن، وجنبه يا مولانا كل الفتن، اللهم وفقنا لخير هذا الدين، واجعلنا اللهم في بلدنا آمنين مطمئنين، وكذلك جميع المسلمين، في كل مكان وفي كل حين. اللهم أنزل علينا من بركات هذا اليوم، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، وآتنا ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة، واجعلنا من المحسنين.. أَعَادَ اللهُ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ هذا العيد، وَعَلَى المُسْلِمِينَ بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، والصحة في الأبدان، والأمن في الأوطان، وَتَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحَ الْأَعْمَالِ.. (آمين).. وتصافحوا واصفحوا يصفح الله عنكم، (وَاتَّقُواْ اللّه،َ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوه،ُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين).. (سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين).
المشاهدات 1855 | التعليقات 1

خطبة دوري فيها الجمع والترتيب، والله ولي التوفيق..