خطبة عيد الفطر 1445, (وصايا للمسلم والمسلمة)

أحمد بن ناصر الطيار
1445/09/30 - 2024/04/09 19:05PM

 

الحمد لله الذي جعل لنا في الإسلام عيداً، وأجزل لنا فيه فضلاً ومزيداً، وتفضَّل علينا بإكمال شهر رمضان، شهر الرحمة والغفران، فيسَّر لنا فيه الصيام والقيام، ونحن ننعم بنعمة الصحة والأمان.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مالكُ الدنيا ويومِ الدين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, الذي هدى الخلقَ إلى الصراط المستقيم، وأخرجهم من حفرة النار إلى دار النعيم، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه صلاة وسلاماً تامّين إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، ولْنحمد الله تعالى على أنْ يسّر علينا صيامَ شهرِ رمضان, ويسَّر علينا قيام ليلِه بفضلِه ومنّتِه, فنحمدك ربّنا ونشكرك, ونسألك شكرَ نعمتك, ودوام مِنْحَتِك.

أخي المسلم: إنّ الله قد أذاقك الفرح عند فطرك، حيثُ أتممت صيام شهرك امتثالاً لأمر ربك: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)، وقد وعدك الله – ولا يخلف الله الميعاد -، بفرح آخرُ فوقَ هذا كلِّه يومَ قدومك على الله، قال النبيَّ صلى الله عليه وسلم: " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِندَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ".

فتفرح فرحًا عظيمًا يوم قدومك على الله؛ إذ تجد أعمالَك مدَّخرةً لك, أحوجَ ما تكون إليها: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا)، يوم تقوم من قبرك, وإنَّ رائحة فمك أطيبُ من ريح المسك، يومَ تُدْعَى من ذلك الباب المخصَّص لك من أبواب الجنة, ألا وهو باب الريان، تدخل منه، فإذا دخلته ودخل معك الصائمون، أُغلِق ذلك البابُ فلم يدخلْ منه أحد.

أيُّ فرحةٍ وسعادة ستغمرك يا من وفَّقَك الله للصيام والقيام، يوم يُقالُ لك وأنت تتقلب في النعيم المقيم في الجنة: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ}, كُلُوا وَاشْرَبُوا فطالما جعتم وعَطِشتم لأجلي, هَنِيئاً مريئاً بِما قَدَّمْتُمْ لِآخِرَتِكُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فِي الْأَيَّامِ الماضية في الدنيا.

 فاللهم إنا نسألك بكرمك وجودك أن ترزقنا الفردوس الأعلى من الجنة, وأن تُعيذنا من النار, يا حيُّ يا قيُّوم.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله , الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أخي المسلم، يا من أكرمك الله بصيام رمضان وقيامه وتلاوة القرآن، إنّك ما فعلت هذا إلا رغبة في رحمة الله ومغفرته، والمغفرة لا تحصل إلا بانتفاء الموانع، وإن من أعظم ما يمنع أن يَغفر الله لك: حصولَ الشحناء بينك وبين أحد من المسلمين، بسبب أمورٍ دنيوية مهما عظمت، قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى ‌يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى ‌يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى ‌يَصْطَلِحَا».

يا لها والله من خسارة عظيمة، أنْ تتْعب في العمل ثم لا يُغفر لك.

فبادر في مدّ يدِ الصلح إلى من قاطعتَه وهجرته، واذهب إليه إذا كان قريبًا منك، أو اتصل عليه إذا كان بعيدًا، وسلّم عليه وهنِّئْه بالعيد، وأسْمعه كلماتٍ طيّبةً تطيّب قلبك وقلبه، وانظر إلى السعادة التي تغمر قلبك، وقد حُرمتَها زمنًا طويلاً.

بادر وعجّل، فإنك لا تدري من تأتيك منيّتك، فتخسر خسارة عظيمة، وتندم ندامة شديدة.

نسأل الله تعالى, أنْ يجعل عيدنا عيداً مُباركاً على جميع المسلمين, وأنْ يُعجل بالفرج عنهم, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.

**************

الحمد لله المبدئِ المعيد، الفعالِ لما يريد، وأشهد أن لا إله إلا اللهُ الملكُ الديان، وأشكره سبحانه في كل حين وآن.

أما بعد: أختي المسلمة: إن من علامة قبول الله لعملك ورضاه عنك، أن تُداومي على العمل الصالح بعد رمضان، وألا تخالفي ما أمرك به، فاستمري على ما كنت عليه في رمضان، من الحرص على الصلاة وتلاوة القرآن والذكر، والبعد عن الغيبة والنميمة، وعن التبرج والسفور.

وإن الله تعالى قد حرم عليك لبس الشفاف والضيق والقصير، ولو كان بين محارمك.

فاتقي ربك وراقبيه، ولا تكوني سببًا لنشر التبرج والفتن، فتَحْمِلي وزْرك وأوزار من تبعك وتأثّر بك، أو افْتُتِن بك.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله , الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

اللهم تقبلنا منَّا إنك أنت السميع العليم, واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم.

اللهم اجعل اجتماعنا هذا اجتماعاً مرحوماً, وتفرقنا من بعده معصوماً, ولا تجعل فينا ولا من بيننا شقيًّا ولا محروماً.

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.

 عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المرفقات

1712678710_خطبة عيد الفطر 1445

(وصايا للمسلم والمسلمة)..pdf

المشاهدات 1248 | التعليقات 0