خُطْبَةُ عِيْدِ الفِطْرِ 1445 هـ

مبارك العشوان 1
1445/09/29 - 2024/04/08 11:26AM

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا، اللهُ أكبَرُ كَبِيرًا، والحمْدُ للهِ كَثِيرًا، وسُبحَانَ اللهِ بُكْرةً وأصِيلاً  وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا محمدٍ وآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيما كَثِيراً.

أمَّا بَعْدُ: فَـ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

اِتَّقُوا اللهَ - رَحِمَكُمُ اللهُ - فَتَقْوَى اللهِ خَيرُ زَّادٍ، وَخَيرُ لِبَاسٍ.

تَقْوَى اللهِ سَعَةٌ فِي الرِّزْقِ، وَمَخْرَجٌ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ، وَيُسْرٌ مِنْ كُلِّ عُسْرٍ.

تَقْوَى اللهِ مُوْرِثَةٌ لِلْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالفُرْقَانِ بَينَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ.

وَهَنِيئًا ثُمَّ هَنِيئًا لِكُلِّ تَقِيٍّ؛ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ، وَأَنَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِين، وَأَنَّهُ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ، وَأَنَّ أَكْرَمَ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاهُمْ.

لَا يَتَقَبَّلُ اللهُ إِلَّا مِنَ المُتَّقِيْنَ، وَلَا يُنَجِّي مِنَ النَّارِ إِلَّا الَّذِينَ اتَّقُوا، وَلَا يَبْقَى يَومَ القِيَامَةِ خُلَّةٌ إِلَّا خُلَّةُ المُتَّقِينَ.

السَّعَادَةُ، وَالفَوزُ، وَالفَلَاحُ، وَحُسْنُ المآبِ لِلمْتَّقِينَ؛ يُحْشُرُونَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا  وَيُسَاقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا؛ المُتَّقُونَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ.

عِبَادَ اللهِ: وَقَدْ أَنْعَمَ اللهُ عَلَينَا بِإِتْمَامِ الصِّيَامِ؛ فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ حِكَمِهِ تَحْقِيقُ التَّقْوَى؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [ البقرة 183 ]   فَلْيَكُنْ صِيَامُنَا مُحَقِّقًا لِتَقْوَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ لِنَأْخُذْ مِنْ صِيَامِنَا زَادًا فِي تَقْوَى اللهِ تَعَالَى، وَمُرَاقَبَتِهِ، وَالاِسْتِقَامَةِ عَلَى دِينِهِ وَالثَّبَاتِ عَلَيهِ، لِنَأْخُذْ مِنْ صِيَامِنَا دُرُوسًا فِي حُبِّ الطَّاعَاتِ وَلُزُومِهَا، وَكُرْهِ المَعَاصِي وَالبُعْدِ عَنْهَا؛ وَالصَّبْرِ عَلَى ذَلِكَ.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ

عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا؛ فِي خَتْمِ آيَةِ الصِّيَامِ: { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة 185 ]  يَقُولُ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَلِتَشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنَ الْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَتَيْسِيرِ مَا لَوْ شَاءَ عُسِّرَ عَلَيْكُمْ. اهـ

أَلَا فَلْنَشْكُرِ اللهَ؛ عَلَى مَا أَسْبَغَ مِنَ النِّعَمِ، وَدَفَعَ مِنَ النِقَمِ؛ هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِإِتْمَامِ الصِّيامِ، وَوَفَّقَنَا لِلْقِيَامِ، يَسَّرَ القُرْآنَ لِلذِّكْرِ، وَأَجْزَلَ لِقَارِئِهِ الأَجْرَ، ثُمَّ بَلَّغَنَا هَذَا اليَوْمَ الْمُبَارَكَ؛ وَنَحْنُ فِي أَتَمِّ نِعْمَةٍ؛ أَمْنٌ وَأَمَانٌ، عَافِيَةٌ فِي الأَبْدَانِ؛ رَغَدٌ مِنَ العَيْشِ وَاطْمِئْنَانٌ؛ وَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَنَا الدُّنْيَا؛ فَلْنَعْرِفْ لِهَذِهِ النِّعَمِ قَدْرَهَا، وَلْنَجْتَهِدْ فِي شُكْرِهَا.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ

عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]

أَلَا فَلْنَفْرَحْ بِفِطْرِنَا عَلَى مَا أَحَلَّ اللهُ لَنَا، لِنَفْرَحْ بِامْتِثَالِ أَمْرِ رَبِّنَا وَإِكْمَالِ فَرِيضَتِنَا، لِنَفْرَحْ بِهَذَا، وَلْنَسْأَلِ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُبَلِّغَنَا فَرَحًا عَظِيمًا؛ يَومَ نَلْقَاهُ جَلَّ وَعَلَا؛ فَنَجِدُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى لِصِيَامِنَا، وَنُدْعَى إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ.

لِنَفْرَحْ بِعِيدِنَا؛ وَلْنَسْعَدْ بِهَذِهِ الشَّعِيرَةِ مِنْ شَعَائِرِ دِينِنَا، وَلْنَنْشُرِ الْمَوَدَّةَ، وَلْنُحَقِّقِ الأُخُوَّةَ بَيْنَنَا.

نُفْشِي السَّلَامَ، وَنُطِيبُ الكَلَامَ، وَنُظْهِرُ البِشْرَ وَالِابْـتِسَامَةَ، نَـبَرُّ بَالوَالِدَينِ وَنُحْسِنُ إِلَيْهِمَا، نَصِلُ الْأَرْحَامَ، وَنَقُومُ بِحُقُوقِ الأَهْلِ وَالأَوْلَادِ، نَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَنُوَقِّرُ الكَبِيرَ  نُحْسِنُ إِلَى الْجَارِ، وَنُكْرِمُ الضَّيْفَ، نَتَوَاصَلُ بِالزِّيَارَةِ، وَالمُكَالَمَةِ، وَالرِّسَالَةِ، وَبَذْلِ الهَدِيَّةِ  وَنَكُونُ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بعْضًا، وَكَالجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْه عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى.

نُطَهِّرُ قُلُوبَنَا مِنْ كُلِّ حِقْدٍ أَوْ غِلٍّ أَوْ حَسَدٍ أَوْ كِبْرٍ أوْ غُرُورٍ، نَصْبِرُ عَلَى بَعْضِنَا الصَّبْرَ الجَمِيلَ، وَنَصْفَحُ الصَّفْحَ الجَمِيلَ، نَتَوَاضَعُ حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، نَحْفَظُ لِلنَّاسِ حُقُوقَهُمْ، وَنَرْفُقُ بِمَنْ وَلَّانَا اللهُ أَمْرَهُمْ، نَتَّقِي الظُّلْمَ؛ فَهُوَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ، نَحْذَرُ أَذِيَّةَ المُسْلِمِ بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ؛ ( فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ )

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ

عِبَادَ اللهِ: اسْتَمْسِكُوا بِشَـرْعِ اللهِ، وَاثْبُتُوا عَلَيهِ، وَعَضُّوا عَلَيهِ بِالنَّواجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمَا يَصْرِفُ عَنْهُ؛ مِنْ شَهَوَاتٍ أَوْ شُبُهَاتٍ أَوْ دُعَاةِ ضَلَالٍ. 

اِحْذَرُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - المَعَاصِي؛ فَبِهَا تَحُلُّ النِّقَمُ، وَتَزُولُ النِّعَمُ ويَتَعَرَّضُ النَّاسُ لِغَضَبِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا؛ ابْتَعِدُوا عَنِ المَعَاصِي وَلَا تَقْتَرِبُوا؛ ابْتَعِدُوا عَـنْ أَمْكِنَتِهَا وَعَنْ أَصْحَابِهَا  وَعَنْ كُلِّ وَسِيلَةٍ تُفْضِي إِلَيْهَا؛ فَمَنِ ابْتَعَدَ سَلِمَ - بِإِذْنِ اللهِ - وَمَنِ اقْتَرَبَ؛ فَهُوَ كَالرَّاعِي يَرْعَي حَوْلَ الحِمَى يُوْشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ.

تَنَاصَحُوا - وَفَّقَكُمُ اللهُ - مُرُوا بِالمَعْرُوفِ، وَانْهَوا عَنِ المُنْكَرِ، وَاصْبِرُوا عَلَى مَا أَصَابَكُمْ  وَعَلَيْكُمْ بِالرِّفقِ؛ فَمَا كَانَ فِي شَيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا نُزِعَ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ. 

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ

عِبَادَ اللهِ: آيَةٌ عَظِيمَةٌ؛ وَصَفَهَا عَبْدُاللهِ بنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ بِأَنَّهَا: أَجْمَعَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ.

وَقَالَ عَنْهَا قَتَادَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَيْسَ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَعْمَلُونَ بِهِ وَيَسْتَحْسِنُونَهُ إلَّا أَمَرَ اللهُ بِهِ فِي هَذِهِ الآيَةِ، وَلَيْسَ مِنْ خُلُقٍ كَانُوا يَتَعَايَرُونَهُ بَيْنَهُمْ إلَّا نَهَى اللهُ عَنْهُ وَقَدَحَ فِيهِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ سَفْاسِفِ الأخْلَاقِ وَمَذَامِّهَا.

احْفَظُوا - حَفِظَكُمُ اللهُ - هَذِهِ الآيَةَ، وَتَأَمَّلُوهَا، وَامْتَثِلُوا أَوَامِرَ اللهِ فِيهَا، وَاجْتَنِبُوا نَوَاهِيهِ: { إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ النحل 90 ]

جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْتَـمِعُ القَوْلَ فَيَتَّبِعُ أَحْسَنَهُ، وَمِمَّنْ يُسَلِّمُ وَيَسْتَسْلِمُ وَيَنْقَادُ لِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعَصَمَنَا مِنَ الزَّيْغِ وَالضَّلَالِ وَاتِّبَاعِ الهَوَى.

وَبَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيِ وَالذَّكْرِ الْحَكِيمِ.

وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلُّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخطبة الثانية:

الحمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وًاللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وأصِيلًا.

أَمَّا بَعْدُ: فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: ( أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ) [ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ]

عِبَادَ اللهِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَمَضَانُ آخِرَ عَهْدِنَا بِالصِّيَامِ، وَلَا بِالقِيَامِ، وَلَا بِقِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَلَا بِالدُّعَاءِ؛ فَقَدْ جَاءَتِ الأَدِلَّةُ بِالْحثِّ عَلَى نَوَافِلِ العِبَادَاتِ؛ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: ( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا  وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ...) [رَوَاهُ البُخَارِيُّ]

فَلْنَجْتَهِدْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - فِي النَّوَافِلِ مِنْ صَلَاةِ وَصِيَامٍ وَصَدَقَةٍ وَذِكْرٍ وَدُعَاءٍ... وَغَيْرِهَا.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ

عِبَادَ اللهِ: الأَمْنُ ضَرُورَةٌ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحَيَاةِ، وَلَيْسَ مِنْ فَرْدٍ وَلَا مُجْتَمَعٍ، وَلَا دَوْلَةٍ  إِلَّا وَيَسْعَى حَثِيثًا إِلَيْهِ؛ وَيَبْذُلُ وُسْعَهُ لِتَحْصِيلِهِ؛ وَلَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى الْأَمْنَ فِي الإِيْمَانِ: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } [الأنعام 82 ]

الْأَمْنُ، وَالعِزُّ، وَالغَلَبَةُ، وَالسَّعَادةُ؛ فِي طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ.

وَالشَّقَاءُ، وَالذُّلُّ، وَالْخَسَارُ؛ فِي مَعْصِيَتِه؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ، كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }

وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُحْفَظُ بِهِ الْأَمْنُ؛ وَتُقْمَعُ بِهِ الفِتَنُ: اِجْتِمَاعُ الكَلِمَةِ، وَوَحْدَةُ الصَّفِّ مَعَ العُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ، وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِوُلَاةِ الْأَمْرِ؛ يَقُولُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ  وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ  ) [رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ

عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كَرَّمَ الإِسْلَامُ الْمَرْأَةَ، وَأَمَرَ بِإِكْرَامِهَا، وَحَرَّمَ ظُلْمَهَا، وَأَوْجَبَ لَهَا وَعَلَيْهَا حُقُوقًا؛ فَلْتَتَّقِي اللهَ - أَيَّتُهَا الأُخْتُ الْمُسْلِمَةُ - وَلْتَقُومِي بِحَقِّهِ جَلَّ وَعَلَا، الْتَزِمِي شَرْعَ اللهِ، اِمْتَثِلِي أَوَامِرَهُ، وَاجْتَنِبِي نَوَاهِيَهُ، وَقِفِي عِنْدَ حُدُودِهِ.

قُومِي بِحَقِّ زَوجِكِ؛ طَاعَةً لِلَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ إِرْضَاءً لِزَوْجِكِ، وَحِفَاظًا عَلَى أُسْرَتِكِ مِنَ الشَّتَاتِ، وَعَلَى أَبْنَائِكِ وَبَنَاتِكِ مِنَ الضَّيَاعِ.

إِيَّاكِ أَنْ تُخْدَعِي بِالتَّمَرُّدِ عَلَى زَوجِكِ؛ فَتَطْلُبِي مِنْهُ الطَّلَاقِ أَوِ الْخُلْعَ مِنْ غَيرِ بِأَسٍ أَوْ لِأَسْبَابِ يَمْكُنُ تَجَاوُزُهَا، أَوْ حَلُّهَا.

اِعْتَبِرِي بِمَنْ طَلَبْنَ الفِرَاقَ؛ فَلَمَّا حَصَلَ؛ نَدِمْنَ أَشَدَّ النَّدَمَ.

أَيَّـتُهَا الأُخْتُ الْمُسْلِمَةُ: اِحْرِصِي عَلَى تَرْبِيَةِ أَوْلَادِكِ؛ رَبِّـيهِمْ عَلَى حُبِّ اللهِ تَعَالَى وَحُبِّ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، رَبِّـيهِمْ عَلَى خَوفِ اللهِ وَرَجَائِهِ وَتَعْظِيـمِهِ، رَبِّـيهِمْ عَلَى الِاعْتِزَازِ بِدِينِهِمْ وَتَعْظِيمِ حُرُمَاتِه، رَبِّـيهِمْ عَلَى مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ؛ عَلَى العِفَّةِ وَالْحَيَاءِ، عَلَى نَبْذِ العَادَاتِ السَّيِّئةِ، وَالأَفْعَالِ القَبِيْحَةِ، عَلَى نَبْذِ الفَاحِشِ مِنَ القَولِ وَالفِعْلِ وَاللِّباسِ.

اِحْفَظِي - حَفِظَكِ اللهُ - لِسَانَكِ؛ وَأَحْسِنِي إِلَى خَادِمَتِكِ وَجِيرَانِكِ.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ  اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُـرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا المُسْلِمِينَ فِي فِلِسْطِينَ وَفِي السُّودَانِ وَفِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ عَافِيَةِ.

اللَّهُمَّ وَعَلَيكَ بِأَعْدَائِكَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ عَلَيكَ بِاليَهُودِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ بِهِمْ بَأْسَكَ الَّذِي لَا يُرَدُّ عَنِ القَومِ المُجْرِمِينَ.  

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِم لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وفِّقْنا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

المرفقات

1712564742_خطبة عيد الفطر1445.pdf

1712564778_خطبة عيد الفطر1445.doc

المشاهدات 1971 | التعليقات 0