خطبة عيد الفطر 1445هـ (عبادة وصلة).

أ.د عبدالله الطيار
1445/10/07 - 2024/04/16 11:14AM

 

اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إلهَ إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الْحَمْدُ، الْحَمْدُ لله الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، أَحْمَدُهُ سبحانَهُ مَنَّ عليْنَا بِإِتْمَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وأَعَانَنَا فِيهِ على الصِّيَامِ والْقِيَامِ، فلَهُ الْحَمْدُ على الدَّوَامِ، وأشهدُ ألّا إلهَ إلّا اللهُ، وحْدَهُ لا شَرِيكَ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورسُولُهُ أَرْسَلَهُ اللهُ بالإِسْلَامِ، رحمَةً ومِنْهَاجًا لجميعِ الأنَامِ، صَلَّى اللهُ عليْهِ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ الكِرَامِ، أمَّــا بَـــــعْــــدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ واعْلَمُوا أنَّ هذا يومُ فِطْرِكُم، ويَوْمُ عِيدِكُمْ، ومِنْحَةٌ وهَدِيَّةٌ مِنْ رَبِّكُمْ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)  يونس: [58] فَافْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَوْلاكُمْ، وَكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحمدُ، اللهُ أكبرُ كبيراً، والحمدُ للهِ كثيراً، وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلاً.
أيُّها المُؤْمِنُونَ: إنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ عليْنَا أنْ هَدَانَا للإِسْلامِ، وَاصْطَفَانَا مُسْلِمِينَ وَجَعَلَنَا على الْفِطْرَةِ مُوَحِّدِينَ، قَالَ تَعَالَى: (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ) الحج: [78].
أيُّهَا المُسْلِمُونَ: إنَّ فَرْحَةَ الْعِيدِ لا تَكْتَمِلُ إلا بِوَطَنٍ سَالِمٍ، وأَمْنٍ وَارِفٍ، وَوَحْدَةٍ صَلْبَةٍ تَتَهَشَّمُ عَلَيْهَا أَمَانِي المتَرَبِّصِينَ، وأطْمَاعَ الْحَاقِدِينَ، فاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا، وَاحْمَدُوا الله عَلى وِحْدَةِ الصَّفِّ، واجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، والْأَمْنِ فِي الْأَوْطَانِ، والْعَافِيَةِ فِي الْأَبْدَانِ، وَأَدُّوا شُكْرَ هَذِه النِّعْمَةِ، بِالالْتِفَافِ حَوْلَ وُلَاةِ الْأَمْرِ، ومحبتهم، والدُّعَاءِ لَهُمْ، والذَّبِّ عَنْهُمْ، وجَمْعِ الْقُلُوبِ عَلَيْهِمْ.
عِبَادَ اللهِ: العيدُ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ، وَمَظْهَرٌ لِلتَّكَافُلِ والتَّآخِي بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَعِبَادَةٌ للهِ ربِّ الْعَالمِينَ، قالَ تعالَى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج: [32] وقالَ ﷺ: (إنّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وإنّ عِيدَنا هذا اليَوْمُ) أخرجه البخاري (3931) فأظْهِرُوا الْبِشْرَ والسُّرُورَ، وانْشُرُوا الْفَرْحَةَ فِي التجمعات والدُّورِ، وأعْلِنُوا الْحَفَاوَةَ والاحْتِفَالَ، وكَبِّرُوا اللهَ عَلى كُلِّ حالٍ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الْحَمْدُ.
أيُّهَا المسْلِمُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ عِيدَكُمْ دِينٌ وعِبَادَةٌ، وذِكْرٌ وتَكْبِيرٌ، وَصَلَاةٌ وصِلَةٌ، وشُكْرٌ للهِ عزَّ وجَلَّ عَلى تَمَامِ الْمِنَّةِ، وكَمَالِ النِّعْمَةِ، ومَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ التَّكَافُلِ والتَّآَخِي، فَاجْعَلُوهُ كَمَا أَرَادَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ، ولا تَجْعَلُوا عِيدَكُمْ مَوْسِمًا لانْتِهَاكِ الْمُحَرَّمَاتِ، ومِعْوَلًا لِهَدْمِ الْحَسَنَاتِ، والانْغِمَاسِ في المُبَاحَاتِ، والقعودِ عن الصَّلَوَاتِ، واحْذَرُوا أَنْ تُقَابِلُوا نِعْمَةَ إِتْمَامِ رَمَضَانَ بالوقوع في الآثَامِ،  ففي السُّنَنِ أّنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (إنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُم بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا، يَوم الأضحى، ويوم الفطرِ) أخرجه أبو داود (1134) وصححه الألباني. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الْحَمْدُ.
عِبَادَ اللهِ: العيدُ فُرْصَةٌ لِتَطْهِيرِ الْقَلوبِ مِنْ الآفَاتِ، وإِصْلاحِ مَا فَسَدَ مِنْ الْعَلاقَاتِ، وجَعْلِ الْخِلافَاتِ والنِّزَاعَاتِ فِي طَيِّ النِّسْيَانِ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، وابْدَأُوا بِأَرْحَامِكُمْ، واعْفُوا واصْفَحُوا، فَمَنْ عَفَى وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلى اللهِ، ومَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إلا عِزًّا، وإيَّاكُمْ والْقَطيعَةَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا فَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ إِفْسَادٌ فِي الْأَرْضِ واللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينِ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الْحَمْدُ.
أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالصِّلَةِ في هَذَا الْيَوْمِ خَاصَّةً، الآَبَاءُ والأُمَّهَاتُ، فالْتَفُّوا حَوْلَهُمْ، وتَقَرَّبُوا إلَى اللهِ بِبِرِّهِمْ، وتَفَقَّدُوا حَاجَاتِهُمْ، وابْذُلُوا الْجَهْدَ في إِرْضَائِهِمْ وَوَسِّعُوا على الْأَهْلِ والْعِيَالِ، بِطَعَامٍ حَمِيدٍ، ولِبْسٍ جَدِيدٍ، دونَ إِسْرَافٍ أَوْ تَبْدِيدٍ، وصِلُوا الإِخْوَةَ والْأَخَوَاتِ، وذَوِي الْقُرْبَي والْجِيرَانَ وأَظْهِرُوا الْبَشَاشَةَ والْبِشْرَ على صَفَحَاتِ الْوُجُوهِ، ولِينُوا لإِخْوَانِكُمْ، وأَحْسِنُوا إِلَى ضُعَفَائِكُمْ، وابْدَأُوا إِخْوَانَكُمْ بِالتَّهْنِئَّةِ، فعَنْ جُبيرِ بن نُفيرٍ قال: كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ إذَا الْتَقَوْا يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: تقبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ) حسن إسناده الألباني في تمام المنة (354) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) البقرة: [185]. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الْحَمْدُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة:

اللهُ أكبرُ كلَّمَا صامَ صَائِمٌ وَأَفْطَرَ، اللهُ أكْبَرُ كُلَّمَا لاحَ صَبَاحُ عِيدٍ وَأَسْفَرَ، اللهُ أكبرُ كلَّمَا أَرْعَدَ سَحَابٌ وَأَمْطَرَ، وأشْهَدُ ألا إِلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طَرِيقَ الْعِبَادَةِ وَيَسَّرَ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَفْضَل مَنْ صَلَّى وَصَامَ وَكَبَّرَ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ. اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، لا إله إلا اللهُ، اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الْحَمْدُ.

أَخَوَاتِي الْفُضْلَيَات، وَبَنَاتِي الْعَفِيفَات: اعْلَمنّ أنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَكُنَّ شُهُودُ صَلَاةِ الْعِيدِ، فاحْرِصْنَ عَلى الْجَمْعِ بينَ السُّنَّةِ واجْتِنَابِ الْفِتْنَةِ، واحْذَرْنَ مُزَاحَمَة الرِّجَالِ، والْزَمْنَ السِّتْرَ والاحْتِشَام، وأَكْثِرْنَ مِنَ الذِّكْرِ والتَّهْلِيلِ والتَّكْبِيرِ واحْذَرْنَ مِنَ التَّصْوِيرِ والتَّوْثِيقِ والنَّشْرِ والتَّغْرِيدِ، واحْفَظْنَ نِعْمَةَ اللهِ بِشُكْرِهَا، واحْذَرْنَ المباهاةَ بِهَا فَإِنَّهَا سَبِيلٌ لِفَقْدِهَا.
عِبَادَ اللهِ: لا تَغْفَلُوا فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عن الأَرَامِلِ وَالأَيْتَامِ، ومَنْ أَقْعَدَتْهُم الأَمْرَاضُ وَالأَسْقَامُ أَشْرِكُوهُمْ فِي عِيدِكُمْ، واجْعَلُوا لَهُمْ حَظًّا مِنْ زِيَارَاتِكُمْ.

أَيُّهَا المسلمونَ: كَانَ مِنْ هَدْيِ نَبِيِّكُمْ ﷺ أَنْ يَذْهَبَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ طَرِيقٍ ويَعُودَ مِنْ طَرِيقٍ آَخَرَ، ففي الحديث: (كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ) رواه البخاري (986).
أَسْأَلُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يَجْعَلْ عِيدَنَا عيد نَصْرٍ وَتَمْكِينٍ، وَأَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ كَمَا سَلَّمَنَا رَمَضَانَ أَنْ يَتَسَلَّمْهُ مِنَّا مَقْبوُلًا وأَنْ يَكْتُبْنَا فِيهِ مِنْ عُتَقَائِهِ مِنَ النَّارِ.
أيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: إنَّ لنَا إِخْوَانًا وأَخَوَاتٍ أَفْسَدَ الْعَدُوُّ عِيدَهُمْ، وَعَكَّرَ صَفْوَهُمْ، وَفَرَّقَ جَمْعَهُمْ حَلَّ بِهِمْ الْجُوعُ الأَلِيمُ، وَأَصَابَهُمْ مِنَ الْكَرْبِ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ، فَنَسْأَلُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يَرْحَمَ ضَعْفَهُمْ، وَيَجْبُرَ كَسْرَهُمْ، وَيُهْلِكَ عَدُوَّهُمْ، وَيَنْصُرَهُم نَصْرًا مُوَزَّرًا عَاجِلًا غَيْرَ آَجِلٍ.
اللَّهُمَّ فِي هَذَا الْيَوْم الأَغَرِّ الْمَيْمُونِ اشْفِ مَرْضَانَا، وارْحَمْ مَوْتاَناَ وأَهْلِكْ أَعْدَائَنَا، وَأَجِبْ دُعَاءَنَا، وَارْفَعْ دَرَجَاتِنَا، واكْشِفْ عَنَّا الْهَمَّ والْغَمَّ والْحَزَنَ.

اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أَمْرِ المسلمينَ لكلِّ خيْرٍ، واجْعَلْهُمْ رَحْمَةً عَلَى عِبَادِكَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ سَلْمَانَ بنَ عبدِ الْعَزِيزِ لما تُحِبُّ وتَرْضَى وخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ والتَّقْوَى اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لما فيهِ خيرُ البلادِ والعبادِ ولما فيهِ عزُّ الإسلامِ، وصلاحُ المسلمينَ، وارْزُقْهُم البِطَانَةَ الصالِحَةَ الَّتِي تَدُلُّهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وتُعِينُهُمْ عَلَيْهِ، واحفظْ رجالَ الأمنِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ ومَكْرُوهٍ.

تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا ومِنْكُم صَالِحَ الْأَعْمَالِ، ورزقنَا وإيَّاكُم الإخلاصَ، وأعَادَ اللهُ عليْنَا وعليكُم مِنْ بَرَكَاتِ الْعِيدِ، ونَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ مِنْ فَضْلِهِ الْمَزِيد، إنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مٌجِيبٌ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.    

                                                                                                                                    غرة شوال 1445هـ

 

المشاهدات 197 | التعليقات 0