خطبة عيد الفطر 1444 هـ

مبارك العشوان 1
1444/09/28 - 2023/04/19 07:21AM

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ.

اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيْمًا كَثِيراً.

أمَّا بَعْدُ: فَـــ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُـونَ }

عِبَادَ اللهِ: يَقُولُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا؛ فِي خَتْمِ آيَةِ الصِّيَامِ: { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } البقرة 185  

يَقُولُ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَلِتَشْكُرُوا اللَّهَ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنَ الْهِدَايَةِ وَالتَّوْفِيقِ وَتَيْسِيرِ مَا لَوْ شَاءَ عُسِّرَ عَلَيْكُمْ. اهـ

أَلَا فَلْنَشْكُرِ اللهَ؛ عَلَى مَا أَسْبَغَ مِنَ النِّعَمِ، وَدَفَعَ مِنَ النِقَمِ؛ هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ، وَمَنَّ عَلَيْنَا بِإِتْمَامِ الصِّيامِ، وَوَفَّقَنَا لِلْقِيَامِ، يَسَّرَ القُرْآنَ لِلذِّكْرِ، وَأَجْزَلَ لِقَارِئِهِ الأَجْرَ، ثُمَّ بَلَّغَنَا هَذَا اليَوْمَ الْمُبارَكَ؛ وَنَحْنُ فِي أَتَمِّ نِعْمَةٍ؛ وَكَأَنَّمَا حِيْزَتْ لَنَا الدُّنْيَا؛ أَمْنٌ وَأَمَانٌ، عَافِيَةٌ فِي الأَبْدَانِ؛ رَغَدٌ مِنَ العَيْشِ وَاطْمِئْنَانٍ؛ فَلْنَعْرِفْ لِهَذِهِ النِّعَمِ قَدْرَهَا، وَلْنَجْتَهِدْ فِي شُكْرِهَا، فَقَدْ أَمَرَ اللهُ بِالشُّكْرِ، وَأَثْنَى عَلَى الشَّاكِرِينَ، وَوَعَدَهُمْ أَحْسَنَ الجَزَاءِ؛ وَبَيَّنَ أنَّ الشُّكْرَ حِفْظٌ لِلنِّعَمِ، بَلْ هُوَ سَبَبٌ لِلمَزِيدِ؛ وَنَهَى جَلَّ وَعَلَا عَنْ جُحُودِ نِعَمِهِ وَالكُفْرِ بِهَا، وَذَمَّ مَنْ لَا يَشْكُرُهُ، وَأنْكَرَ عَلَيْهِمْ، وَتَوَعَّدَهُمْ؛ وَبَيَّنَ أنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلزَّوَالِ وَالْمَحْقِ وَالعُقُوبَةِ؛ قَالَ تَعَالَى: { وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ }البقرة 152 وَقَالَ: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } إبراهيم 7  وَقَالَ: { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } النحل 112

يَقُولُ الْحَسَنُ الْبَصْرِىُّ رَحِمَهُ اللهُ: إِنَّ اللهَ لِيُمَتِّعُ بِالنِّعمَةِ مَا شَاءَ، فَإِذَا لَمْ يُشْكَرْ عَلَيهَا قَلَبَهَا عَذَابًا.

فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

عِبَادَ اللهِ: رَوَى البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ).

أَلَا فَلْنَفْرَحْ بِفِطْرِنَا عَلَى مَا أُحِلَّ لَنَا، لِنَفْرَحْ بِامْتِثَالِ أَمْرِ رَبِّنَا؛ وَإِكْمَالِ فَرِيْضَتِنَا، لِنَفْرَحْ بِهَذَا، وَلْنَسْأَلِ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُبَلِّغَنَا فَرَحًا عَظِيْمًا؛ يَومَ نَلْقَاهُ جَلَّ وَعَلَا؛ فَنَجِدُ الْجَزَاءَ الأَوْفَى لِصِيَامِنَا، وَنُدْعَى إِلَى الْجَنَّةِ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، لِنَفْرَحْ - وَفَّقَكُمُ اللهُ - بِعِيْدِنَا؛ وَلْنَسْعَدْ بِهَذِهِ الشَّعِيْرَةِ مِنْ شَعَائِرِ دِيْنِنَا، وَلْنَنْشُرِ الْمَوَدَّةَ بَيْنَنَا.

سَلِّمْ - سَلَّمَكَ اللهُ  - عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لمَ تَعْرِفْ، اِبْتَسِمْ فِي وَجْهِ أَخِيْكَ فَهِيَ لَكَ صَدَقَةٌ، لَا تَجْرَحْ مُسْلِمًا وَلَو بِشَطْرِ كَلِمَةٍ، أَطِبِ الكَلَامَ، وَصِلِ الأَرْحَامَ، أَحْسِنْ إِلَى وَالِدَيْكَ؛ فَهُمَا أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صُحْبَتِكَ، وَهَكَذَا إِلَى زَوجِكَ وَأَوْلَادِكَ وَإِخْوَانِكَ وَأَخَوَاتِكَ، وَأَقَارِبِكَ؛ فَالأَقْرَبُونَ أَوْلَى بِالْمَعْرُوفِ، ارْحَمِ الصَّغِيْرَ، وَوَقِّرِ الكَبِيْرَ وَأَحْسِنْ إِلَى الْجَارِ، وَأَكْرِمِ الضَّيْفَ، نَفِّسْ فِي هَذَا العِيدِ كُرْبَةَ مَكْرُوبٍ، يَسِّرْ فِيْهِ عَلَى مُعْسِرٍ.

اُرْفُقْ بِمَنْ جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ يَدِكَ، أَوْ تَحْتَ إِدَارَتِكَ وَرِئَاسَتِكَ.

اِحْفَظْ لِلنَّاسِ حُقُوقَهُمْ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُؤْذِيَ مُسْلِمًا بِقَولٍ أوْ بِفِعْلٍ.

( فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ )

اتَّقُوا - أَيُّهَا النَّاسُ - الظُّلْمَ؛ فَإِنَّهُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ.

طَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ مِنْ أَمْرَاضِ القُلُوبِ؛ نَقُّوهَا مِنْ كُلِّ حِقْدٍ أَوْ غِلٍّ أَوْ حَسَدٍ أَوْ كِبْرٍ أوْ غُرُورٍ. تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ.

لِيَكُنْ عِيْدُنَا – وَفَّقَكُمُ اللهُ - صَفَاءً لِقُلُوْبِنَا، وَعَفَوًا وَصَفْحًا عَمَّا شَجَرَ بَيْنَنَا.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

عِبَادَ اللهِ: رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُـولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: ( أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ )

اِسْتَمِرُّوا  - رَحِمَكُمُ اللهُ - عَلَى الطَّاعَاتِ وَكَسْبِ الْحَسَنَاتِ، وَابْتَعِدُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ.

لِنَحْرِصْ غَايَةَ الْحِرْصِ أَنْ يَبْقَى لِرَمَضَانَ أثرٌ في حَيَاتِنَا، وَأَنْ يَكُونَ حَالُنَا بَعْدَهُ خَيْرًا مِنْهُ قَبْلَهُ، لَا تَزْهَدُوا فِي القُرُبَاتِ، أَوْ تَتَجَرَّأْوا عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ لِانْقِضَاءِ شَهْرٍ، أَوْ مَوْسِمٍ مِنَ الْمَوَاسِمِ.

يَقُولُ الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أبَى قَومٌ الْمُدَاوَمَةَ؛ وَاللهِ مَا الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يَعْمَـلُ الشَّهْرَ أَوِ الشَّهْرَينِ أَوْ عَامًا أَوْ عَامَينِ، لَا وَاللهِ مَا جُعِلَ لِعَمَلِ الْمُؤْمِنِ أَجَلٌ دُونَ الْمَوتِ؛ ثُمَّ قَرأَ قَولَ الحَقِّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }الحجر  99                                          

عِبَادَ اللهِ: جَاءَتِ الأَدِلَّةُ بِالْحَثِّ عَلَى القِيَامِ فِي رَمضَانَ وَفِي غَيرِهِ، وَأَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَى أَهْلِهِ، وَوَعَدَهُم عَظِيمَ الْجَزَاءِ؛ قَالَ تَعَالَى: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }السجدة  16ـ 17  

وَهَكَذَا جَاءَتِ النُّصُوصُ بِالْحثِّ عَلَى الصِّيَامِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ؛ وَمِنْ ذَلِكَ صِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَال؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) رواهُ مُسْلِمٌ.

وَهَكَذَا قِرَاءَةُ القُرْآنِ وَتَرْتِيْلُهُ؛ جَاءَ الْحَثُّ عَلَيْهَا: فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ؛ مِنْهَا قَولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ ( الم ) حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ) رواهُ الترمذيُّ وصححهُ الألباني.

فرَتِّبُوا لأنفُسِكُمْ وِرْدًا يَومِيًّا تُدَاوِمُونَ عَلَيهِ، وَإِيَّاكُمْ وَهَجْرَ القُرْآنِ.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنَا بِمَا فِيْهِ مِنَ الآيِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيْمِ، وَأَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمِ.

 

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ كَثِيْرًا، وَاللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيْلًا.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

عِبَادَ اللهِ: الأَمْنُ ضَرُورَةٌ مِنْ ضَرُورَاتِ الْحَيَاةِ، وَلَيْسَ مِنْ فَرْدٍ وَلَا مُجْتَمَعٍ، وَلَا دَوْلَةٍ إِلَّا وَيَسْعَى حَثِيثًا إِلَيْهِ؛ وَلَقَدْ جَعَلَ اللهُ تَعَالَى الْأَمْنَ فِي الإِيْمَانِ: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام 82

الْأَمْنُ وَالعِزُّ وَالغَلَبَةُ وَالسَّعَادةُ فِي طَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ.

وَالخَوفُ وَالذُّلُّ وَالْخَسَارُ والشَّقَاءُ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ، كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }  يَقُولُ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: هَذَا وَعْدٌ وَوَعِيْدٌ، وَعِيْدٌ لِمَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ بِالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي، أَنَّهُ مَخْذُولٌ مَذْلُولٌ، لَا عَاقِبَةَ لَهُ حَمْيْدَةً، وَلَا رَايَةَ لَهُ مَنْصُورَةً؛ وَوَعْدٌ لِمَنْ آمَنَ بِهِ، وَبِرُسُلِهِ، وَاتَّبَعَ مَا جَاءَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ، فَصَارَ مِنْ حِزْبِ اللهِ الْمُفْلِحِيْنَ، أَنَّ لَهُمُ الفَتْحَ وَالنَّصْرَ وَالغَلَبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَهَذَا وَعْدٌ لَا يُخْلَفُ وَلَا يُغَيَّرُ، فَإِنَّهُ مِنَ الصَّادِقِ القَوِيِّ العَزِيْزِ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَيءٌ يُرِيْدُهُ. اهـ

اعْلَمُوا هَذَا - عِبَادَ اللهِ – وَتَيَقَّنُوهُ، وَرَبُّوا عَليهِ أوْلَادَكُمْ ذُكُورَهُمْ وَإِنَاثَهُمْ.

عِزُّ الْمُسْلِمِ لَيْسَ فِي مَنْصِبٍ يَتَوَلَاهُ، أَوْ مَالٍ يَكْتَسِبُهُ، أَوْ قُصُورٍ يَسْكُنُهَا، أَوْ مَرَاكِبَ فَارِهَةٍ، ومَلَابِسَ فَاخِرَةٍ.

لَيْسَ العِزُّ فِي قَبِيلَةٍ يَنْتَسِبُ إِلَيْهَا، أَوْ جِنْسِيَّةٍ يَنْتَمِي لَهَا، أَوْ جَاهٍ يُحَصِّلُه؛ إِسْلَامُهُ هُوَ عِزُّهُ، فَلْيَسْتَمْسِكْ بِهِ، وَلْيَعَضَّ بِالنَّواجِذْ عَلَيهِ، وَلْيَثْبُتْ عَلَيهِ، وَلْيُظْهِرُهُ، وَلْيَدْعُ إِلَيهِ.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

عِبَادَ اللهِ: وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُحْفَظُ بِهِ الْأَمْنُ؛ وَتُقْمَعُ بِهِ الفِتَنُ: اِجْتِمَاعُ الكَلِمَةِ، وَوَحْدَةُ الصَّفِّ مَعَ العُلَمَاءِ الرَّاسِخِيْنَ وَحَوْلَ وُلَاةِ الْأَمْرِ؛ يَقُولُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْـرِ وَالْيُسْـرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَعَلَى أَنْ نَقُولَ بِالْحَقِّ أَيْنَمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ  ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ كَرَّمَ الإِسْلَامُ الْمَرْأَةَ، وَأَمَرَ بِإِكْرَامِهَا، وَحَرَّمَ ظُلْمَهَا، وَأَوْجَبَ لَهَا وَعَلَيْهَا حُقُوقًا. فَلْتَتَّقِي اللهَ – أَيَّتُهَا الأُخْتُ الْمُسْلِمَةُ -، وَلْتَقُومِي بِحَقِّهِ جَلَّ وَعَلَا؛ الْتَزِمِي شَرْعَهُ، وَقِفِي عِنْدَ حُدُودِهِ، قُومِي بِحَقِّ زَوجِكِ، وَتَرْبِيَةِ أَوْلَادِكِ؛ رَبِّيْهِمْ عَلَى حُبِّ اللهِ تَعَالَى وَحُبِّ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، رَبِّيْهِمْ عَلَى خَوفِ اللهِ وَرَجَائِهِ وَتَعْظِيْمِهِ، رَبِّيْهِمْ عَلَى الِاعْتِزَازِ بِدِينِهِمْ وَتَعْظِيمِ حُرُمَاتِه، رَبِّيْهِمْ عَلَى مَكَارِمِ الأَخْلَاقِ؛ عَلَى العِفَّةِ وَالْحَيَاءِ، عَلَى نَبْذِ العَادَاتِ السَّيِّئةِ، وَالأَفْعَالِ القَبِيْحَةِ، عَلَى نَبْذِ الفَاحِشِ مِنَ القَولِ وَالفِعْلِ وَاللِّباسِ.

اِحْفَظِي - حَفِظَكِ اللهُ - لِسَانَكِ؛ وَأَحْسِنِي إِلَى خَادِمَتِكِ وَجِيرَانِكِ.

اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ وَلِلَّهِ الحَمْدُ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، غَيرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَانْصُـرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِينَ، وَاجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ.

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أَمْرِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلَاةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِم لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وفِّقْنا وَإِيَّاهُمْ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَنَا فِي رِضَاكَ.

 ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أَمَرَكُمُ اللهُ باِلصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيهِ؛ فَقَالَ سُبْحَانهُ: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

 

 

 

 

 

المرفقات

1681878058_عيد الفطر 1444 هـ.pdf

1681878082_عيد الفطر 1444 هـ.doc

المشاهدات 1859 | التعليقات 0