خطبة عيد الفطر 1440هـ (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)

أبو المقداد الأثري
1440/10/01 - 2019/06/04 02:10AM

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واحمدوه على ما منّ به من بلوغ رمضان والتوفيقِ فيه للصيام والقيام وعلى ما من به من إكمال العدة وبلوغ التمام اللهم كما تفضلت علينا بإكمال الشهر فمنّ علينا بقبول الأعمال والفوز بالجنان والعتق من النيران إنك ذو الجود والإحسان.

عباد الله:

يقول الله تعالى في محكم كتابه (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) والاعتصام بحبل الله هو التمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله ﷺ والتمسك بما كان عليه سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

ومن الاعتصام بحبل الله لزوم جماعة المسلمين بالسمع والطاعة لولي الأمر وعدم منازعته والخروج عليه.

وقد جمع الله لنا هاتين النعمتين نعمة التمسك بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ونعمة الاجتماع على ولي الأمر.

فلنشكر الله تعالى على ما أولى وأنعم وأسدى وذلك بصدق الولاء للكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة والاعتزاز بهذا الانتماء وتصديقه بالأقوال والأفعال والمواقف.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

إخوة الإسلام:

إن الواجب علينا لتحقيق الاعتصام بحبل الله إفرادَ الله بالعبادة وعدمَ الإشراك به لأن توحيد الألوهية هو أساس الدين وقاعدته وأصله، فلا ندعو أحداً غير الله لا عليّاً ولا الحسين ولا الجيلاني ولا البدوي ولا غيرهم ممن يُدعى ويُعبد مع الله، كما قال تعالى (فادعوا الله مخلصين له الدين) وذلك لا نستغيث عند الكربات بأحد غيرِ الله كما قال تعالى (إذ تستغيثون ربكم) وكذلك لا نقدم النذور والقرابين ونذبح الذبائح لجن ولا لساحر ولا لكاهن ولا لقبر ولا لصنم ووثن وإنما ننذر لله وحده ونذبح الذبائح لله وحده ونذكر اسم الله عليها وحده قال تعالى (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)

 الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

و من الواجب علينا أيضاً لتحقيق اعتصامنا بحبل الله لزوم سنة محمد ﷺ ومجانبة البدع والمحدثات والزيادة في الدين لقوله ﷺ (من رغب عن سنتي فليس مني) وقوله ﷺ (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)

ومعرفة السنة يكون بتعلمها ودراستها وأخذها على أيدي العلماء الربانيين الراسخين في العلم لا من يتشبه بهم من دعاة الفتن والأحزاب والجماعات الضالة فهؤلاء دعاة ضلالة لا هدى لأنهم يدعون إلى أحزابهم وجماعاتهم وفرقهم لا إلى الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة. ولذا يكثر تقلبهم وتلونهم وتغيرهم لأنهم يدورون مع مصلحة أحزابهم حيث دارت ولا يدورون مع الحق حيث دار.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله ولله الحمد

ومن الواجب علينا لتحقيق اعتصامنا بحبل الله محبة أصحاب النبي ﷺ جميعاً ومحبة أزواجه أمهات المؤمنين ومحبة أهل الإيمان من أهل بيته ﷺ فعلامة المعتصمين بالكتاب والسنة حبهم لجميع الصحابة وتوليهم والترضي عنهم مع اعتقادهم فضل أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي على جميع الصحابة ومع اجتناب الغلو في أحد منهم. ومع البراءة ممن يبغضهم أو يلعنهم أو يتهمهم بالردة أو النفاق أو يسخر منهم أو يتنقصهم أو يذكرهم بالسوء لقوله ﷺ (لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه) فهم الذين آمنوا به حين كفر به الناس وهم الذين نصروه حين حاربه الناس وهم الذين حفظوا لنا القرآن والسنة والدين كله فلو لم يفعلوا ذلك لمات الدين بموت محمد ﷺ. اختارهم الله لصحبة نبيه اختياراً وزينهم بالإيمان والتقوى والصدق والعدالة والأمانة والقوة والشجاعة والحفظ والنباهة وكل الصفات اللازمة لحفظ الدين ونقله لمن بعدهم بأكمل صورة وأتمها.

فمن يطعن فيهم أو يتنقصهم أو يشكك فيهم فإنه عدو للإسلام يريد أن يسقط الإسلام من أساسه والعياذ بالله.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعتصموا بحبله ولا تفرقوا، واعلموا أن من الواجب علينا لتحقيق الاعتصام بحبل الله لزومَ جماعة المسلمين، وذلك بالسمع والطاعة لولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز  أيده الله وولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظه الله  في غير معصية الله في المنشط والمكره واليسر والعسر وعلى أثرة علينا. قال ابن مسعود في تفسير قوله تعالى  (واعتصموا بحبل الله جميعاً) قال: “هُوَ الْجَمَاعَةُ” وَقَالَ: “عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّهَا حَبْلُ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَإِنَّ مَا تَكْرَهُونَ فِي الْجَمَاعَةِ وَالطَّاعَةِ خَيْرٌ مِمَّا تُحِبُّونَ فِي الْفُرْقَةِ”.

وقد أمرنا الله بطاعة أولي الأمر فقال تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) وقال عبادة رضي الله عنه «بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ..»  الحديثَ. متفق عليه.

وبلزوم الجماعة تتحد الكلمة وتأتلف القلوب وتأمن البلاد ويتفرغ الناس لمصالح دينهم ودنياهم. فحافظوا على هذه النعمة التي تتفيؤون ظلالها فكم من بلاد بجواركم تمردوا ونازعوا الأمر أهله فذاقوا لباس الجوع والخوف والتشرد. نسأل الله أن يلطف بأحوالهم وأن يصلح ذات بينهم.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إخوة الإسلام: إن ما يقوم به ولاة أمرنا من جهود عظيمة سياسية وعسكرية وغيرها في سبيل الدفاع عن أمنها وأمن إخوانها وجيرانها ووقوفها في وجه قوى الشر والفساد والعدوان عمل عظيم يجب أن نقابله بالدعاء لهم والثناء عليهم والوقوف الصادق معهم، والتيقظ لمؤامرات أعدائنا ومكائدهم ولا سيما ما يقومون به من التضليل الإعلامي للتشكيك في ديننا وعقيدتنا أو قيادتنا أو علمائنا أو قدراتنا، علينا أن نحذر مكرهم وكيدهم ومؤامراتهم بقوة الالتفاف حول قيادتنا وبقوة الحرص على أمننا ووحدتنا وتماسكنا واجتماع شملنا.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

عباد الله إن من أعظم ما تُحفظ به النعم هو شكر الله عليها بطاعته وامتثال أمره واجتناب معصيته فاتقوا الله تعالى في سركم وجهركم واحذروا أسباب غضبه وموجبات نقمته، غضوا الأبصار واحفظوا الفروج ولازموا الحياء والعفة، مروا نساءكم بالحشمة والستر والبعد عن مخالطة الرجال وحذروهم من عواقب التبرج والسفور فإن الله ما حرّم علينا إلا ما فيه ضرر علينا في دنيانا وأخرانا.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات اللهم ارحم موتى المسلمين اللهم اغفر لهم وتجاوز عن سيئاتهم وافسح لهم في قبورهم ونور لهم فيها اللهم جازهم بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا منك وغفرانا، اللهم فرج هم المهمومين واقض الدين عن المدينين واشف مرضانا ومرضى المسلمين.

اللهم أمّن حدودنا وانصر جنودنا اللهم ثبت أقدامهم واربط على قلوبهم وأنزل السكينة عليهم اللهم اشف مصابهم وتقبل شهداءهم واخلفهم في أهلهم بخير يا رب العالمين، اللهم اهزم عدوهم وفرق كلمتهم وزلزل الأرض من تحت أقدامهم. إنك أنت القوي العزيز.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

منقوله من موقع/ الدكتور علي الحدادي حفظه الله

المشاهدات 988 | التعليقات 0