خطبة عيد الفطر 1436 هـ
مبارك العشوان
1436/09/29 - 2015/07/16 23:32PM
{ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا }، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه، على ما أسبغ من النعماء ودفع من الضراء، أَطْعَمَ وَسَقَى، وَكَفَى وَآوَى، هدانا للإسلام وأعان على الصيام والقيام، يَسَّرَ القرآن للذكرِ، ووفقَ لتلاوته وكسبِ عظيمِ الأجر، ثم بلغنا هذا اليومَ المباركَ؛ فهنيئاً لكم عيدَكم، وفرحَكُم وسرورَكُم.
هنيئاً: ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) رواه البخاري يفرحُ لأنه امتثل أمر ربه حين أمره بالصيام فصام، وحين أمره بالفطر فأفطر، والفرحةُ العُظمى يومَ يلقى الله جل وعلا، فيجد الجزاء الأوفى، يفرحُ الصائمون عندما يُدعون من باب في الجنة: ( يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ... ) رواه البخاري.
عباد الله: يومُ العيدِ يومُ فرحٍ وسرورٍ، لجميع المسلمينَ، فسَلِّم أخي على من عرفت ومن لم تعرف، ابتسم في وجه أخيك فهي لك صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، ابذل الهدية ولو كانت يسيرة أحسن إلى والديك، صِلِ رحمك، أكرم جارك، كُفَّ عن الناسِ أذاك، احفظ حقوقَ الناس، نَفِّس في هذا العيدِ كُربة مكروب يسِّر فيه على معسر، عُدِ المرضى وواسِهم، تلمَّس طُرقَ الخيرِ تُوَفـقْ لها. من كان قاطعا لرحم، أو هاجرا لمسلم، أو عالما بمتهاجرين جاءكمُ العيد؛ { فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } ليكن عيدنا صفاءً لقلوبنا، وعفوًا عن إخواننا، فالله تعالى عفو يحب العفو، ويأمر به؛ قال سبحانه: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ...} أنزلت في الصديق رضي الله عنه كَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ، فلما قال في الإفك ما قال أقسم ألاَّ ينفقَ عليه شيئا، فلما أنزلت قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي فَرَجَعَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا ). انبذوا أحقاداً تُنقَلُ من جيلٍ إلى جيل، تَرَفَّعوا عن أمورٍ جاهليةٍ يرويها الأجداد للأحفاد، حَذَّرَ منها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ...) الحديث رواه مسلم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: بَلَّغنا الله هذا اليوم؛ ونحن في أمنٍ وأمان، ورغدٍ من العيش واطمئنان؛ والناسُ حولنا يُتَخَطَّفُون، فقر وجوع، وحروب وقتل وتشريد، و تسلط حكام ظلمة.
فلتقدِّروا هذهِ النعم، ولا تنسوا إخوانكم، من يدٍ تمدونها، ودعوة صادقة لربكم ترفعونها؛ أن يفرج همهم، ويكشف الضر عنهم.
ثم لتجتهدوا في الشكر؛ فشكر النعم حفظٌ لها، ونيلٌ للمزيدِ عليها: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } إبراهيم 7 اشكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم واعلموا أن من أعظم الشكر: دوام الطاعة، وهو هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ: ويقول:
( أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا ) رواه البخاري وتُسْئل عنه الصِّديقةُ رضي الله عنها: فتقول: ( كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً ) رواه البخاري ومسلم. ثم تأسى به صَحْبُهُ الكرامُ؛ فكانوا إذا عملوا عملا أثبتوه، شعارهم: ( مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ ) فاللهم أرضهم وارض عنهم واجمعنا بهم في مقر رحمتك.
ألا فاستمروا على الإحسان، والزموا طاعة الرحمن، وسلوه تعالى القبول والغفران، ولئن انقضى رمضان فقد رَبَّى النفوسَ على حُبِّ الطاعات، والصَّبرِ عليها، وكُرْهِ المعاصي، والصَّبرِ عنها، ولا يحسنُ بمسلمٍ أن يرجع بنفسه إلى الوراء، وأن يرُدَّها بعد الخير إلى الشر، فقد تعوذ صلى الله عليه وسلم: ( مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني أي: النقصان بعد الزيادة.
خرجتَ من شهرك بصحائفَ بيضاءَ إن شاءَ الله؛ فلا تُسَوِّدها بالمعاصي، احرص غايةَ الحرصِ أن يبقى لرمضانَ أثرٌ في حياتك، وأن تكون بعده خيرا منك قبله،لا تزهد في القُرُبات وتتجرأ على المحرمات لانقضاء شهر، أو موسم من المواسم يقول الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أبَى قَومٌ المُدَاوَمَةَ؛ واللهِ مَا المُؤْمِنُ بالذِي يَعْمَلُ الشَّهْرَ أو الشَّهْرَينِ أو عَامًا أَو عَامَينِ، لاَ وَاللهِ مَا جُعِلَ لِعَمَلِ المُؤْمِنِ أَجَلٌ دُونَ المَوتِ ) ثُمَّ قَرأَ قَولَ الحَقِّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } الحجر 99
وقال بعض السلف: ليس لعملِ المسلمِ غاية دون الموت.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم ... وأقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية:
الحمد لله كثيرا، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ كبيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. أما بعد: فاجعلوا عيدكم أيها الناس عيد شكر؛ ولا تجعلوه مبررا لارتكاب المخالفات الشرعية؛ سواء فيما يتعلق باللباس والزينة، أو بسماع الأغاني، أو بالكبر والتعالي على الناس، أو بالتبذير والإسراف.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: الأمن ضرورة من ضرورات الحياة، وليس من فرد ولا مجتمع، ولا دولة؛ إلا ويسعى حثيثاً لتحقيق الأمن؛ فمن أراد الأمن فليحقق لإيمانه: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام 82 السعادة والعز والغلبة في طاعة الله، والشقاء والذل والخسار في معصيته،{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً } فاطر 10{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } المجادلة 20-21 أيقنوا بهذا عباد الله، وربوا عليه أولادكم ربوهم أن عزَّ المسلم ليس في منصبه، ولا ماله، ولامسكنه، ولا مركوبه وملبوسه، ولا في جاهه، أو قبيلته. إسلامُهم هو عزُّهم، فليستمسِّكوا به ظاهرًا وباطنًا وليثبتوا عليه، وليظهروه وليدعوا إليه؛ علموهم أن أدنى مسلمٍ سِناً أو مكانة، هو أعز وأكرم من كل كافر ولو كان ملكا؛ أعزَّ المسلمَ إسلامُه، وأذلَّ الكافرَ كفرُه قال عمر رضي الله عنه: ( إِنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَلَنْ نَلْتَمِسَ الْعِزَّ بِغَيْرِهِ ) فأخلصوا لله تعالى توحيدكم، وحافظوا على صلاتكم، على أوقاتها وجماعتها، أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، كونوا دعاة إلى الله، مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر على علم وبصيرة وحكمة.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: احذروا دعاة الضلال، شَرُّ الْخَلِيقَةِ: ( قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) الخوارج، ضالون مضلون باغون معتدون؛ ظاهرهم الدين والاستقامة؛ وهم أبعدُ الناسِ من الدين؛ وخوارج عصرنا ( داعش ) يُكَفِّرون المسلمين ويستحلون دماءهم وأموالهم، يقول الرجل لا إله إلا الله فيقتلونه ويكبرون.
يَدَّعون أنهم على الهدى والناسُ كُلُّ الناس على ضلال، اتخذوا لهم رؤوسا جُهالا فسألوهم فأفتوا بغير علم؛ فحللوا وحرموا، وضلوا وأضلوا ـ نعوذ بالله من الضلال.
يأمر الله تعالى بسؤال العلماء، فيكفرون العلماء ويسألون الجهال، يأمر الله بطاعة ولاة الأمر فيكفرونهم ويخرجون عليهم، ويأمر تعالى بالوسطية؛ فيجانبونها، ويأخذون بالغلو والتشدد، فيفسدون بغلوهم ولا يصلحون، ويهدمون ولا يبنون.
من خالفهم جعلوه عدوا، وكفروه، وسعوا في قتله، حتى قال قائلهم: ابدأ بأقرب الناس إليك فاقتله، نعوذ بك اللهم من الضلال، نعوذ بك اللهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، فتنبهوا أيها الآباء، والمعلمون، والمربون، تنبهوا لفلذات أكبادكم، حذروهم وحصِّنُوهم وتابعوهم ، التفُّوا حول علمائكم وحُكَّامكم، فأمة الإسلام اليوم بأمسِّ الحاجة إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصفِّ ضدَّ من يكيد لدينها وأمنها. خذوا بوصية نبيكم صلى الله عليه وسلم تفلحوا: ( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ... ) أخرجه الترمذي.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) رواه مسلم.
من كان عليه قضاء فليبادر به، ثم ليشرع في صيام الست، عمل يسير وأجرٌ كبير. ومن صيام النفل يوم عرفة، وعاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، والاثنين والخميس. وصيام يوم وإفطار يوم، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالترغيب في كل ذلك.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
عباد الله: والقيام في رمضانَ وفي غيره، مدح الله أهله، ووعدهم عظيم الجزاء فقال سبحانه: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }السجدة 16ــ 17
عباد الله: وكذا القرآن احذروا هجره ورتبوا لأنفسكم حزبا يوميا لا تفرطون فيه: فـفي الحديث: ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ( ألم ) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) رواه الترمذي وصححه الألباني.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
عباد الله: في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعَ عيد وجمعة
فصَلَّى اَلْعِيدَ, ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ, فَقَالَ: ( مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ ). فمن حضر صلاة العيد مع الإمام، فله حضور الجمعة وهو أفضل، فإن لم يفعل وجبت عليه صلاة الظهر، ولكن لا تقام صلاة الظهر يوم الجمعة في المساجد. وأما من لم يحضر صلاة العيد مع الإمام فإنه يجب عليه أن يحضر صلاة الجمعة.
أما خطباء الجمعة فعليهم أن يصلوا الجمعة بمساجدهم، وأقل عدد تصح به الجمعة: ثلاثة؛ الإمام واثنان معه.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أيتها المرأة المسلمة: كوني داعية إلى الله في بيتك، داعية لزوجك وأولادك، لإخوانك وأخواتك، كوني قدوة صالحة مربية بأفعالك قبل أقوالك.
قَدِّري مسؤوليتك تُجاه زوجِك وأبنائك، قومي بحق الله فيهم قومي على رعاية دينهم وأخلاقهم، كقيامك على رعاية أجسامهم أو أشد، ربي أولادك على حبِّ وطاعة الله ورسوله، وعلى الاعتزاز بدينهم وتعظيم حرماته، ربيهم على حسن الخلق، على العفة والحياء، على نبذ العادات السيئة، والأفعال القبيحة، على نبذ الفاحش من القول والفعل واللباس والبعد عن أهله.
احذري التبرج والسفور، وكثرة الخروج إلى الأسواق من غير ضرورة فإن أبغض البقاع إلى الله الأسواق وهي منشؤ كثير من الفتن.
احفظي لسانك من الغيبة والنميمة، والقيل والقال، واجعلي نصب عينيك: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق 18
أحسني إلى جيرانك واحذري أذاهم بأقوالك أو أفعالك.
أيتها المسلمة: يقول أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه: ( خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا ) رواه مسلم
فاتقي الله تعالى وقد جعلك مخدومة لا خادمة، هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا تعامله مع الخدم: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }. ثم عليك تعليم خادمتك أمور دينها من طهارة وصيام وحج وغيرها فإنك مأجورة على ذلك.
اللهم اجعلنا هداة ..اللهم أعز الإسلام ... اللهم انصر دينك...
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه، على ما أسبغ من النعماء ودفع من الضراء، أَطْعَمَ وَسَقَى، وَكَفَى وَآوَى، هدانا للإسلام وأعان على الصيام والقيام، يَسَّرَ القرآن للذكرِ، ووفقَ لتلاوته وكسبِ عظيمِ الأجر، ثم بلغنا هذا اليومَ المباركَ؛ فهنيئاً لكم عيدَكم، وفرحَكُم وسرورَكُم.
هنيئاً: ( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ) رواه البخاري يفرحُ لأنه امتثل أمر ربه حين أمره بالصيام فصام، وحين أمره بالفطر فأفطر، والفرحةُ العُظمى يومَ يلقى الله جل وعلا، فيجد الجزاء الأوفى، يفرحُ الصائمون عندما يُدعون من باب في الجنة: ( يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ... ) رواه البخاري.
عباد الله: يومُ العيدِ يومُ فرحٍ وسرورٍ، لجميع المسلمينَ، فسَلِّم أخي على من عرفت ومن لم تعرف، ابتسم في وجه أخيك فهي لك صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، ابذل الهدية ولو كانت يسيرة أحسن إلى والديك، صِلِ رحمك، أكرم جارك، كُفَّ عن الناسِ أذاك، احفظ حقوقَ الناس، نَفِّس في هذا العيدِ كُربة مكروب يسِّر فيه على معسر، عُدِ المرضى وواسِهم، تلمَّس طُرقَ الخيرِ تُوَفـقْ لها. من كان قاطعا لرحم، أو هاجرا لمسلم، أو عالما بمتهاجرين جاءكمُ العيد؛ { فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } ليكن عيدنا صفاءً لقلوبنا، وعفوًا عن إخواننا، فالله تعالى عفو يحب العفو، ويأمر به؛ قال سبحانه: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ...} أنزلت في الصديق رضي الله عنه كَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ وَفَقْرِهِ، فلما قال في الإفك ما قال أقسم ألاَّ ينفقَ عليه شيئا، فلما أنزلت قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَلَى وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي فَرَجَعَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا ). انبذوا أحقاداً تُنقَلُ من جيلٍ إلى جيل، تَرَفَّعوا عن أمورٍ جاهليةٍ يرويها الأجداد للأحفاد، حَذَّرَ منها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَتْرُكونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِي الْأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِي الْأَنْسَابِ وَالْاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ وَالنِّيَاحَةُ...) الحديث رواه مسلم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: بَلَّغنا الله هذا اليوم؛ ونحن في أمنٍ وأمان، ورغدٍ من العيش واطمئنان؛ والناسُ حولنا يُتَخَطَّفُون، فقر وجوع، وحروب وقتل وتشريد، و تسلط حكام ظلمة.
فلتقدِّروا هذهِ النعم، ولا تنسوا إخوانكم، من يدٍ تمدونها، ودعوة صادقة لربكم ترفعونها؛ أن يفرج همهم، ويكشف الضر عنهم.
ثم لتجتهدوا في الشكر؛ فشكر النعم حفظٌ لها، ونيلٌ للمزيدِ عليها: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } إبراهيم 7 اشكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم واعلموا أن من أعظم الشكر: دوام الطاعة، وهو هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ مِنْ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ: ويقول:
( أَفَلَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا ) رواه البخاري وتُسْئل عنه الصِّديقةُ رضي الله عنها: فتقول: ( كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً ) رواه البخاري ومسلم. ثم تأسى به صَحْبُهُ الكرامُ؛ فكانوا إذا عملوا عملا أثبتوه، شعارهم: ( مَا تَرَكْتُهُ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ ) فاللهم أرضهم وارض عنهم واجمعنا بهم في مقر رحمتك.
ألا فاستمروا على الإحسان، والزموا طاعة الرحمن، وسلوه تعالى القبول والغفران، ولئن انقضى رمضان فقد رَبَّى النفوسَ على حُبِّ الطاعات، والصَّبرِ عليها، وكُرْهِ المعاصي، والصَّبرِ عنها، ولا يحسنُ بمسلمٍ أن يرجع بنفسه إلى الوراء، وأن يرُدَّها بعد الخير إلى الشر، فقد تعوذ صلى الله عليه وسلم: ( مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني أي: النقصان بعد الزيادة.
خرجتَ من شهرك بصحائفَ بيضاءَ إن شاءَ الله؛ فلا تُسَوِّدها بالمعاصي، احرص غايةَ الحرصِ أن يبقى لرمضانَ أثرٌ في حياتك، وأن تكون بعده خيرا منك قبله،لا تزهد في القُرُبات وتتجرأ على المحرمات لانقضاء شهر، أو موسم من المواسم يقول الحَسَنُ البَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: أبَى قَومٌ المُدَاوَمَةَ؛ واللهِ مَا المُؤْمِنُ بالذِي يَعْمَلُ الشَّهْرَ أو الشَّهْرَينِ أو عَامًا أَو عَامَينِ، لاَ وَاللهِ مَا جُعِلَ لِعَمَلِ المُؤْمِنِ أَجَلٌ دُونَ المَوتِ ) ثُمَّ قَرأَ قَولَ الحَقِّ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } الحجر 99
وقال بعض السلف: ليس لعملِ المسلمِ غاية دون الموت.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
بارك الله لي ولكم ... وأقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية:
الحمد لله كثيرا، واللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ كبيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. أما بعد: فاجعلوا عيدكم أيها الناس عيد شكر؛ ولا تجعلوه مبررا لارتكاب المخالفات الشرعية؛ سواء فيما يتعلق باللباس والزينة، أو بسماع الأغاني، أو بالكبر والتعالي على الناس، أو بالتبذير والإسراف.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: الأمن ضرورة من ضرورات الحياة، وليس من فرد ولا مجتمع، ولا دولة؛ إلا ويسعى حثيثاً لتحقيق الأمن؛ فمن أراد الأمن فليحقق لإيمانه: { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }الأنعام 82 السعادة والعز والغلبة في طاعة الله، والشقاء والذل والخسار في معصيته،{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً } فاطر 10{ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } المجادلة 20-21 أيقنوا بهذا عباد الله، وربوا عليه أولادكم ربوهم أن عزَّ المسلم ليس في منصبه، ولا ماله، ولامسكنه، ولا مركوبه وملبوسه، ولا في جاهه، أو قبيلته. إسلامُهم هو عزُّهم، فليستمسِّكوا به ظاهرًا وباطنًا وليثبتوا عليه، وليظهروه وليدعوا إليه؛ علموهم أن أدنى مسلمٍ سِناً أو مكانة، هو أعز وأكرم من كل كافر ولو كان ملكا؛ أعزَّ المسلمَ إسلامُه، وأذلَّ الكافرَ كفرُه قال عمر رضي الله عنه: ( إِنَّا قَوْمٌ أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ فَلَنْ نَلْتَمِسَ الْعِزَّ بِغَيْرِهِ ) فأخلصوا لله تعالى توحيدكم، وحافظوا على صلاتكم، على أوقاتها وجماعتها، أدوا زكاة أموالكم طيبة بها نفوسكم، كونوا دعاة إلى الله، مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر على علم وبصيرة وحكمة.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: احذروا دعاة الضلال، شَرُّ الْخَلِيقَةِ: ( قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ) الخوارج، ضالون مضلون باغون معتدون؛ ظاهرهم الدين والاستقامة؛ وهم أبعدُ الناسِ من الدين؛ وخوارج عصرنا ( داعش ) يُكَفِّرون المسلمين ويستحلون دماءهم وأموالهم، يقول الرجل لا إله إلا الله فيقتلونه ويكبرون.
يَدَّعون أنهم على الهدى والناسُ كُلُّ الناس على ضلال، اتخذوا لهم رؤوسا جُهالا فسألوهم فأفتوا بغير علم؛ فحللوا وحرموا، وضلوا وأضلوا ـ نعوذ بالله من الضلال.
يأمر الله تعالى بسؤال العلماء، فيكفرون العلماء ويسألون الجهال، يأمر الله بطاعة ولاة الأمر فيكفرونهم ويخرجون عليهم، ويأمر تعالى بالوسطية؛ فيجانبونها، ويأخذون بالغلو والتشدد، فيفسدون بغلوهم ولا يصلحون، ويهدمون ولا يبنون.
من خالفهم جعلوه عدوا، وكفروه، وسعوا في قتله، حتى قال قائلهم: ابدأ بأقرب الناس إليك فاقتله، نعوذ بك اللهم من الضلال، نعوذ بك اللهم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، فتنبهوا أيها الآباء، والمعلمون، والمربون، تنبهوا لفلذات أكبادكم، حذروهم وحصِّنُوهم وتابعوهم ، التفُّوا حول علمائكم وحُكَّامكم، فأمة الإسلام اليوم بأمسِّ الحاجة إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصفِّ ضدَّ من يكيد لدينها وأمنها. خذوا بوصية نبيكم صلى الله عليه وسلم تفلحوا: ( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ... ) أخرجه الترمذي.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) رواه مسلم.
من كان عليه قضاء فليبادر به، ثم ليشرع في صيام الست، عمل يسير وأجرٌ كبير. ومن صيام النفل يوم عرفة، وعاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، والاثنين والخميس. وصيام يوم وإفطار يوم، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالترغيب في كل ذلك.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
عباد الله: والقيام في رمضانَ وفي غيره، مدح الله أهله، ووعدهم عظيم الجزاء فقال سبحانه: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }السجدة 16ــ 17
عباد الله: وكذا القرآن احذروا هجره ورتبوا لأنفسكم حزبا يوميا لا تفرطون فيه: فـفي الحديث: ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ( ألم ) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ) رواه الترمذي وصححه الألباني.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
عباد الله: في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعَ عيد وجمعة
فصَلَّى اَلْعِيدَ, ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ, فَقَالَ: ( مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ ). فمن حضر صلاة العيد مع الإمام، فله حضور الجمعة وهو أفضل، فإن لم يفعل وجبت عليه صلاة الظهر، ولكن لا تقام صلاة الظهر يوم الجمعة في المساجد. وأما من لم يحضر صلاة العيد مع الإمام فإنه يجب عليه أن يحضر صلاة الجمعة.
أما خطباء الجمعة فعليهم أن يصلوا الجمعة بمساجدهم، وأقل عدد تصح به الجمعة: ثلاثة؛ الإمام واثنان معه.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
أيتها المرأة المسلمة: كوني داعية إلى الله في بيتك، داعية لزوجك وأولادك، لإخوانك وأخواتك، كوني قدوة صالحة مربية بأفعالك قبل أقوالك.
قَدِّري مسؤوليتك تُجاه زوجِك وأبنائك، قومي بحق الله فيهم قومي على رعاية دينهم وأخلاقهم، كقيامك على رعاية أجسامهم أو أشد، ربي أولادك على حبِّ وطاعة الله ورسوله، وعلى الاعتزاز بدينهم وتعظيم حرماته، ربيهم على حسن الخلق، على العفة والحياء، على نبذ العادات السيئة، والأفعال القبيحة، على نبذ الفاحش من القول والفعل واللباس والبعد عن أهله.
احذري التبرج والسفور، وكثرة الخروج إلى الأسواق من غير ضرورة فإن أبغض البقاع إلى الله الأسواق وهي منشؤ كثير من الفتن.
احفظي لسانك من الغيبة والنميمة، والقيل والقال، واجعلي نصب عينيك: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } ق 18
أحسني إلى جيرانك واحذري أذاهم بأقوالك أو أفعالك.
أيتها المسلمة: يقول أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه: ( خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، وَاللَّهِ مَا قَالَ لِي أُفٍّ قَطُّ وَلَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا ) رواه مسلم
فاتقي الله تعالى وقد جعلك مخدومة لا خادمة، هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا تعامله مع الخدم: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }. ثم عليك تعليم خادمتك أمور دينها من طهارة وصيام وحج وغيرها فإنك مأجورة على ذلك.
اللهم اجعلنا هداة ..اللهم أعز الإسلام ... اللهم انصر دينك...