خطبة عيد الفطر 1435 هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1435/09/26 - 2014/07/23 15:04PM
(اللهُ أَكْبَرُ) تسع مرات


الْحَمْدُ للهِ أَفَاضَ عَلَيْنَا مِنْ خَزَائِنِ جُودِهِ مَا لا يُحْصَر ، وَاللهُ أَكْبَرُ شَرَعَ لَنَا شَرَائِعَ الأَحْكَامِ وَيَسَّر ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِمَامُ الْمُرْسَلِينَ وَرَحْمَةُ اللهِ لِلْعَالَمِين ، صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِين ، وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِين , وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّين .

أَمَّا بَعْدُ : فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ عِيدُكُمْ مُبَارَك ، وَتَقَبَّلَ اللهُ طَاعَاتِكُمْ وَغَفَرَ زَلَّاتِكُمْ , افْرَحُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ بِفِطْرِكُمْ كَمَا فَرِحْتُمْ بِصِيَامِكُمْ , أَدَّيْتُمْ فَرْضَكُمْ وَأَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ وَصُمْتُمْ شَهْرَكُمْ ، فَهَنِيئَاً لَكُمْ مَا قَدَّمْتُم .
افْرَحُوا وَابْتَهِجُوا وَاسْعَدُوا ، وَانْشُرُوا الْمَحَبَّةَ فِيمَنْ حَوْلَكُمْ ، إِنَّهُ مِنْ حَقِّ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ التَّزَاوُرُ وَالتَّقَارُبُ وَالتَّهْنِئَةُ وَالْفَرَحُ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ

أُمَّةَ الإِسْلَامِ : إِنَّنَا بِحَمْدِ اللهِ عَلَى دِينٍ عَظِيمٍ وَصِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ , تَوْحِيدٌ لِلرَّبِّ الْمَعْبُودِ وَإِخْبَاتٌ وَتَذَلُّلٍ لَهُ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ , نَقْبَلُ شَرْعَ اللهِ بِنُفُوسٍ مُنْشَرِحَةٍ , وَنَتَلَقَّى أَقْدَارَ اللهِ بِنُفُوسٍ شَاكِرَةٍ صَابِرَةٍ , إِنْ أَصَابَنَا خَيْرٌ شَكَرْنَا وَإِنْ أَصَابَنَا ضُرٌّ صَبَرْنَا وَإِلَى رَبِّنَا فَزِعْنَا , نَعْلَمُ أَنَّنَا مَخْلُوقُونَ لِحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) فَلَمْ نُخْلَقْ عَبَثَاً وَلَنْ نُتْرَكَ سُدَى . نُؤْمِنُ بِالْجَزَاءِ وَالْحِسَابِ وَنَنْتَظِرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ الْعَظِيمَ , وَنَرْجُو مِنْ رَبِّنَا النَّجَاةَ فِيهِ وَالْفَوْزَ بِجَنَّتِهِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجلَّ (ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) , نُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ , وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ .


اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ دِينَنَا تَوْحِيدٌ لِلرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَاتِّبَاعٌ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً , نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَا أَمَرَنَا رَبُّنَا جَلَّ وَعَلَا , فَنَتَطَهَّرُ لَهَا وَنُؤَدِّيهَا فِي أَوْقَاتِهَا مَعَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ , وَلا نَتَشَبَّهُ بِالْمُنَافِقِينَ الذِينَ يَقُومُونُ إِلَى الصَّلَاةِ كُسَالَى , وَلا يَأْتُونَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا حِينَ يُفْطَنُ لَهُمْ .


نُخْرِجُ زَكَاةَ أَمْوَالِنَا طَيِّبَةً بِهَا نُفُوسُنَا , وَنَعْتَقِدُ أَنَّهَا غُنْمٌ وَطُهْرَةٌ لِنُفُوسِنَا وَنَمَاءٌ لِأَمْوَالِنَا , نُعْطِيهَا مُسْتَحِقِّيهَا وَلا نَرَى لَنَا مِنَّةً عَلَيْهِمْ , بِلِ الْمِنَّةُ للهِ أَنْ هَدَانَا لِدِينِهِ .


نَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ فَتَجُوعُ بُطُونُنَا وَتَعْطَشُ أَكْبَادُنَا وَتَلَحْقُنَا الْكَلَفَةُ وَالْمَشَقَّةُ , وَمَعَ ذَلِكَ نقُولُبِقُلُوبِنَا وَأَلْسِنَتِنَا (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّه)


نَحُجُّ بَيْتَ رَبِّنَا مُلَبِّينَ مُكَبِّرِينَ , فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ , وَنُؤَدِّي مَنَاسِكَنَا كَمَا سَنَّهَا لَنَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالِمِينَ , وَنَبْذُلُ فِي سَبِيلِ ذَلِكَ الْغَالِيَ وَالنَّفِيسَ , وَنَتَذَكَّرُ قَوْلَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)


اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الْمُتَّأَمِّلَ بِعَيْنِ الْبَصِيرَةِ فِيمَا حَوْلَنَا مِنْ أَحْدَاثٍ يَرَى خَطَرَاً دَاهِمَاً وَشَرَّاً قَادِمًا إِنْ لَمْ يَدْفَعِ اللهُ عَنِ الأُمَّةِ الْبَلَاءَ .


إِنَّ الْأَعْدَاءَ مِنْ حَوْلِنَا يُخَطِّطُونَ لِلْإِيقَاعِ بِأُمَّةِ الإِسْلَامِ وَنَهْبِ خَيْرَاتِهَا وَسَلْبِ دِينِهَا . إِنَّهُمْ يَحِيكُونَ الْمُؤَامَرَاتِ وَيَعْقِدُونَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْمُؤْتَمَرَاتِ وَيَبْذُلُونَ مَا فِي وُسْعِهِمْ لِزَرْعِ الْفِتَنِ وَالاضْطِرَابَاتِ .


إِنَّ أَعْدَاءَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْيَهُودِ الْحَاقِدِينَ وَالنَّصَارَى الصَّلِيبِيِّينَ وَالرَّافِضَةِ الصَّفَوِيِّينَ قَدْأَظْهَرُوا تَحَالَفاً كَانُوا يُخْفُونَهُ مِنْ قَبْلَ , وَكَنَّا نَسْمَعُ فِي وَسَائِلِ إِعْلَامِهِمْ تَبَادُلَ السِّبَابِ وَالشَّتَائِمِ وَتَهْدِيدَ كُلٍّ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ , ثَمَّ إذا الأَحْدَاثُ تَتَغَيَّرُ وَالأَيَّامُ تَكَشِفُ مَا كَانَ غَيْرَ مُعْلِنٍ , وَإذَا النَّصَارَى يَضَعُونَ أَيْدِيَهِمْ عَلَناً فِي أَيَدِي الدَّوْلَةِ الْمَجُوسِيَّةِ , وَيُهَدِّدُونَ أَهْلَ السُّنَّةِ فِي كُلِّ مَكَان .


إِنَّ مَا يُسَمَّى بِنِظَامِ الْعَوْلَمَةِ لَهُ أَهْدَافٌ خَطِيرَةٌ وَإِفْرَازَاتٌ مُدَمِّرَةٌ وَنَتَائِجُ قَاتِلَةٌ , وَإِنَّ أَعْظَمَ مَا يُرِيدُونَ إِعَادَةَ تَشْكِيلِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصُّورَةِ التِي يُرِيدُونَ , وَالْهَيْئَةِ الذِي يَرْغَبُون .


إِنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْمُسْلِمِينَ تَبَعَاً لَهُمْ , فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا إِدْخَالَهُمْ فِي دِينِهِمْ فَيُرِيدُونَهُمْ مُسْلِمِينَ بِلا إِسْلَامٍ , وَأُنَاساً بِلَا احْتِرَامٍ , لا يُرَاعُونَ لَهُمْ حَقَّاً وَلا يَحْفَظُونَ لَهُمْ وُدًّا , إِنَّهُمْ يَوَدُّونَ سَحْقَالْإِسْلَامِ وَتَفْتِيتَ دُوَلِهِ ، وَإِذْلَالَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْهَاءَوُجُودِهِمْ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)


اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ


أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ مُهَدَّدُونَ بِأَخْطَارٍ كَثِيرَةٍ , وَأَعْنِي بِذَلِكَ نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ عُمُومَاً , وَأَهْلُ الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ خُصُوصَاً .


انْظُرُوا قَضَايَا الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ كَيْفَ تُدَارُ ؟ وَكَيْفُ يُظْلَمُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَتُؤْخَذُ حُقُوقُهُمْ , فِي عَصْرٍ يَدَّعُونَ فِيهِ مُرَاعَاةَ حُقَوقِ الإِنْسَانِ وَالسَّعْيِ لِعَالَمِ السَّلَامِ , وَإِنَّمَا يُطَبِّقُونَ هَذَا عَلَى مَنْ يُرِيدُونَ وَيَشْمَلُ مَنْ يَشْتَهُونَ , فَأَيْنَ حُقُوقُ الْمُسْلِمِينَ فِي سُورِيَا وَالْعِرَاقِ ؟ وَأَيْنَ مُحَارَبَةِ الإِرْهَابِ فِي غَيْرِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الآفَاقِ ؟


إِنَّنَا فِي الْبِلَادِ السُّعُودِيَّةِ مَحَطُّ أَنْظَارِ الْجَمِيعِ مِنَ الْكُفَّارِ وَمِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمُنْتَسِبِينَ لِلْإِسْلَامِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ فِي بِلَادِنَا يُوْجَدُ شَيْئَانِ لا يُوْجَدَانِ عِنْدَ غَيْرِنَا , فَلَدَيْنَا الدِّينُ السَّلَفِيُّ الصَّحِيحُ النَّقِيُّ مِنَ الْبِدَعِ وَالْخُرَافَاتِ , كَمَا لَدَيْنَا الْحَرَمَانِ الشَّرِيفَانِ مَهْوَى أَفْئِدَةِ الْمُسْلِمِينَ , وَلَدَيْنَا أَكْبَرُ مَخْزُونٍ فِي الْعَالِمِ لِلْبِتْرُولِ ! فَفِي السُّعُودِيَّةِ الدِّينُ وَالدُّنْيَا . فَلا غَرَابَةَ إِذَنْ أَنْ تُحَاكَ التَّحَالُفَاتُ ضِدَّنَا وَلا عَجَبَ أَنْ يُقْلِقُونَنَا فِي بِلادِنَا .


اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ الْمَخْرَجَ مِنْ هَذِهِ الْفِتْنَةِ الْعَظِيمَةِ وَمِنْ هَذَا الْخَطَرِ الْقَادِمِ يَكُونُ بِعِدَّةِ أُمُور :


(أَوَّلاً) الالْتِجَاءُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ بِأَنَّ يُخَذِّلُ أَعْدَاءَنَا وَيَحْفَظَ دِينَنَا وَأَمْنَنَا .


(ثَانِيَاً) الْمُحَافَظَةُ عَلَى دِينِنَا وَالتَّمَسُّكُ بِشَرْعِنَا , فَنُقْبِلُ عَلَى كِتَابِ رَبِّنَا وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَنَدْفَعُ أَوْلادَنَا لِحِفْظِ الْقُرْآنِ وَتَعَلُّمِ السُّنَّةِ وَالْعَمَلِ بِهِمَا , وَلا يُمْكِنُ لَنَا الصُّمُودُ أَمَامَ أَعْدَائِنَا وَنَحْنُ جُهَّالٌ بِدِينِنَا .


(ثَالِثَاً) الالْتِفَافُ حَوْلَ عُلَمَائِنَا النَّاصِحِينَ وَمَشائِخِنَا الرَّاسِخِينَ فَهُمْ بِإِذْنِ اللهِ نَجَاةٌ عِنْدَ الْفِتَنِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)


(رَابِعَاً) الالْتِفَافُ حَوْلَ وُلَاةِ أَمْرِنَا وَالتَّعَاوُنُ مَعَهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَتَقْدِيمُ النُّصْحِ لَهُمْ , وَفِي حَالِ ظُلْمِهِمْ الصَّبْرُ عَلَيْهِمْ , كَمَا تَكَاثَرَتْ بِذَلِكَ النُّصُوصُ الشَّرْعِيَّةُ وَالأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ .


وَأَمَّا السَّعْيُ فِي إِضْعَافِ الدَّوْلَةِ وَتَفْكِيكِ الأَمْنِ فَهُوَ بَابٌ لِلْهَلَاكِ وَطَرِيقٌ يُرِيدُهُ الأَعْدَاءُ , فَمَا أَسْهَلَ اجْتِيَاحُ الْبَلَدِ حِينَ لا تَكُونُ لَهُ حُكُومَةٌ قَائِمَةٌ , وَمَا أَيْسَرَ احْتِلَالُهُ حِينَ تَكُونُ الاضْطِرَابَاتُ الدَّاخِلِيَّةُ مَوْجُودَةً !


أَلَا فَلْيَأْخُذِ الْعُقَلَاءُ بِأَيْدِي السُّفَهَاءِ , وَلْيَكُنْ لَنَا فِيمَا حَوْلَنَا عِبْرَةً , وَلْيَصِرْ مَا حَدَثَ لَنَا أُسْوَةً .


أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ أَحْوَالَنَا وَيَكْبِتَ أَعْدَاءَنَا وَيَنْصُرَ دِينَنَا .



الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ

(اللهُ أَكْبَرُ) سبع مرات .


يا شَبابَ الإِسْلَام : أَنْتُمْ عِمَادُ الأُمَّةِ وَأُمِلُّهَا بَعْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ صَلَحْتُمْ صَلَحَتْ وَإِنِ انْحَرَفْتُمْ هَلَكَتْ , فَكُونُوا مُسَابِقِينَ لِلْخِيرَاتِ مُبْتَعِدِيْنَ عَنِ الشُّرُورِ وَالْمُوبِقَاتِ . حَافِظُوا عَلَى عَقِيدَتِكُمْ بِالْحَذَرِ مِنَ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ , وَحَافِظُوا عَلَى صَلَاتِكُمْ بِإِقَامَتِهَا كَمَا أَمَرَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَوقاتِهَا مَعَ جماعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسَاجِدِ . كُوْنُوا بَارِّيْنَ بِوَالِدِيْكُمْ طَائِعِيْنَ لَهُمْ فِي غَيْرَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ . اِحْذَرُوا الْمُخَدِّرَاتِ فَهِي دَمارٌ لِلدِّينَ وَالدُّنيا , اِحْذَرُوا الْمَوَاقِعَ الْمُحَرَّمَةَ فِي الشَّبكةِ الْعَنْكَبُوتِيَّةِ أَوْ الْمَحَطَّاتِ الْفَضَائِيَّةِ . اِحْذَرُوا الأَفْكَارَ الْمُنْحَرِفَةَ الَّتِي وَفَدَتْ عَلَى بِلادِنَا وَلَيْسَتْ مِنْ دِينِنَا مِنْ التَّكْفِيرِ أَوِ التَّفْجِيرِ أَوِ الْاِنْتِسابِ إِلَى الْجماعَاتِ الْمُحْدِثَةِ الَّتِي جَعَلَتِ الْمُسْلِمِيْنَ فِرَقًا وَأَحْزَابًا .


اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ


أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ : اتَّقِي اللهَ تَعَالَى وَرَاقِبِيه وَاعْلَمِي أَنَّكِ مَخْلَوقُةٌ لِعِبَادِة اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَالرَّجُلِ ، فَحَافِظِي عَلَى تَوْحِيدِ رَبِّكِ وَاحْذَرِي الشَّرْكَ بِهِ , وَابْتَعِدِي عَنْ مَا يُخِلُّ بِالتَّوْحِيدِ كَالسِّحْرِ وَالرِّيَاءِ وَالنِّفَاقِ , احْفَظِي عَفَافَكِ وحِجَابَكِ ، وَإِيَّاكِ أَنْ تَكُونِي فِتْنَةً لِغَيْرِكِ قال الله تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) اجْعَلِي قُدْوَتَكِ أُمَّهَاتِالْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ ، وَالْخَيْرَاتِ مِنْ نِسَاءِ هَذِهِالْأُمَّةِ اللَّاتِي كُنَّ مِثَالاً لِلطُّهْرِ وَالعَفَافِ وَالاسْتِقَامَةِ عَلَى دِينِ اللهِ .


اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَظَاهِرِ الْعِيدِ مَا يَحْدُثُ بَيْنَ الأَهْلِ وَالْجِيرَانِ مِنَ التَّزَاوُرِ وَالسَّلامِ وَتَبَادُلِ التَّهَانِي بِالْعِيدِ , مِمَّا لَهُ الأَثَرُ الْبَالِغُ عَلَى النُّفُوسِ فِي نَشْرِ الْمَحَبَّةِ وَالأُلْفَةِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الأَقَارِبِ , وَهَذِهِ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ جَاءَتْ بِهَا الشَّرِيعَةُ , قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ , وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ, فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيُّ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : إِنَّ الْعِيدَ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ , وَمَنْ تَرَكَ شَيْئَاً للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرَاً مِنْهُ !

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ قَطِيعَةَ الرَّحِمِ وَالتَّهَاجُرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ذَنْبٌ عَظِيمٌ , وَمِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ رَفْعِ الأَعْمَالِ , قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (هَجْرُ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ كَسَفَكِ دَمِهِ) صَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحِ الْجَامِعِ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : إِنَّ الْعِيدَ فُرْصَةٌ سَانِحَةٌ لِلسَّعْيِ بِالصُّلْحِ بَيْنَ الأَقَارِبِ وَالأَصْدِقَاءِ , وَهَذَا عَمَلٌ جَلِيلٌ وَقُرْبَةٌ إِلَى اللهِ , قَالَ اللهَ تَعَالَى (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمُسْلِمَاتُ : إِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَا يَنْقَطِعَ بِانْقِضَاءِ رَمَضَانَ , بَلْ لا نَزَالُ نَتَعَبَّدُ لِرَبِّنَا سُبْحَانَهُ بِالصَّلاةِ وَالْقُرْآنِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ حَتَّى نَلْقَاهُ وَهُوَ رَاضٍ عَنَّا .
وَإِنَّ مِنْ ذَلِكَ صِيَامَ سِتٍّ مِنْ شَوَّال قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ) رواه مسلم
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصِّيِامَ وَالْقِيَامَ وَالْقُرْآنَ , وَأَعِنَّا عَلَى كُلِّ خَيْرٍ وَجَنِّبْنَا كُلَّ شَرٍّ , اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا , وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ , وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعْمَتِكَ مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْك , قَابِلِينَ لَهَا وَأَتَمَّهَا عَلَيْنَا . اللَّهُمَّ كُنْ لَنَا وَلا تَكُنْ عَلَيْنَا , وَانْصُرْنَا وَلا تَنْصُرْ عَلَيْنَا , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ , اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَ إِخْوانِنَا فِي غزة وسُورِيَا واليمن , اللَّهُمَّ عَجِّلْ بِنَصْرِهِمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ , اللَّهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَهُمْ وَاحْفَظْ أَعْرَاضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَاغْفِرْ لِمَوْتَاهُمْ وَاشْفِ مَرْضَاهُمْ , اللَّهُمَّ وَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شِرَارَهُمْ يَا مَنْ بِيَدِهِ الأَمْرُ يَا رَحْمَنُ يَا رَحِيم ! اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي دُورِنَا وَأَصْلِحْ وُلاةَ أُمُورِنَا وَأَصْلِحْ لِوُلاةِ أُمُورِنَا بِطَانَتَهُمْ وَاهْدِهُمْ سُبَلَ السَّلامِ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ , سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ , وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ !

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ,وَاللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ
المرفقات

خطبة عيد الفطر 1435هـ ‫‬.doc

خطبة عيد الفطر 1435هـ ‫‬.doc

المشاهدات 4803 | التعليقات 4

جزاك الله خيرا ونفع بعلمك


خطبة موفقة مباركة يا شيخ محمد،،


بارك الله فيك يا شيخ كم نحن بحاجة لمثل هذه الخطبة في مثل هذه الايام جعلها الله في موازين حسناتك


جزاك الله خيراً شيخ محمد على هذه الخطبة الجميلة الجامعة الشاملة الكافية،،
وهذه خطبتي لعيد الفطر المبارك وقد اعتمدتُ على خطبتك مع التصرف والاضافات،،
فكتب الله أجرك ونفع الله بكم وبعلمكم،،
http://www.youtube.com/watch?v=5YcPJOFDgWU