خطبة عيد الفطر 1435

عبدالله بن رجا الروقي
1435/09/30 - 2014/07/27 13:42PM
الحمد لله حمدا كثير والله أكبر كبيرا.
الله أكبر الله أكبر لاإله إلا الله والله أكبر, الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبرُ خلق الخلق وأحصاهم عدداً ، وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً ، الله أكبر عٓزَّ ربُنا سلطاناً ومجداً ، وتعالى عظمة وحِلماً عنت الوجوهُ لعظمته ، وخضعت الخلائقُ لقدرته.
وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

معاشر المسلمين إننا في يوم عظيم شريف هو أحد العيدين لأهل الإسلام أوجب الله فطره وحرم صيامه فالمسلمون في هذا العيد الأغر في ضيافة الرب وإكرامه.
فلله الحمد على ما أنعم به من صيام شهر رمضان ولله الحمد على ما أنعم به من قيامه ، ونسأله تعالى أن يتقبل منا ويتجاوز عن تقصيرنا.

عباد الله إن كان رمضان قد ارتحل فإن أبواب العبادات مازالت مفتوحة ، فقد شرع الله لعباده من نوافل العبادات ما يُكمِّلون به فرائضَهم فيجبرون به نقصَها وخلَلها قال ﷺ « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلاَةُ قَالَ يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلاَئِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِى صَلاَةِ عَبْدِى أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِى مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ أَتِمُّوا لِعَبْدِى فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ » رواه أهل السنن.
فدل هذا الحديث على أن التطوع من العبادات تُكمّلُ به الفرائضُ ففريضةُ الصلاة يكملها تطوعُها وفريضةُ الزكاة يكملها تطوعُ الصدقة وفريضة الصيام يكملها تطوع الصيام وهكذ
فصيام الفريضة يُجبر نقصه بصيام النوافل كصيام الاثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر يقول أبوهريرة رضي الله عنه: أوصاني خليلي ﷺ بثلاثٍ : صيامُ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، وركعتي الضُّحى، وأن أوتِرَ قبلَ أن أنامَ .متفق عليه.
ومن صيام النوافل اتباع صيام رمضان بصيام ستة أيام من شوال قال ﷺ : من صام رمضان . ثم أتبعه ستا من شوال . كان كصيام الدهر.
ومن أعظم أبواب الخيرات صلاة التطوع فمنها الرواتب قال عنها ﷺ: « مَنْ صَلَّى اثْنَتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِىَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِى الْجَنَّةِ ». رواه مسلم.
ومنها صلاة الضحى التي تعدل ثلاثمائة وستين صدقة كما دلت عليه الأحاديث عن النبي ﷺ.
فعلى المسلم ألّا يجعل استكثارَه من الخيرات موقوفاً على رمضان بل ليجتهد في ذلك طيلة حياته قدر الإمكان وليستمر ذلك فإن أحب العمل إلى الله ماداوم عليه صاحبه وإن قل كما أخبر النبي ﷺ.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله: عيدكم هذا كما أنه عيد شكر لله على نعمة أداء ركن من أركان الإسلام فهو كذلك عيد فرح وسرور في حدود ما أباح الله
فعن أنس -رضي الله عنه- قال: "قَدِمَ رسُول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- المَدِينة ولهُم يَوْمَان يَلْعَبُون فيهما, فَقَال: قَدْ أَبْدَلَكُم الله بِهِمَا خَيْراً مِنْهُما, يَوم الأضْحَى ويوم الفِطْر. أخرجه أبو داود.
ففي هذا الحديث لماذكروا أنهم كانُوا فِي الجَاهِلِيَّة يتخذون هذين اليومين أيَّام فرح وسرور بين لهم النبي ﷺ أنَّ الله -جلَّ وعلا- قد أبدلهم بهما عيدي الفطر والأضحى، وهُما من أيَّام الفَرَح والسرور.
فالتوسعة على الأهل والأولاد بما يُدخل السرور عليهم في العيدين هو من شريعة الإسلام ويثاب عليه المسلم.
لكن الحذر من الوقوع فيماحرم الله بدعوى العيد.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

أيها المسلمون : إن العيد ينبغي أن يكون سبباً لصفاء القلوب وزوال الشحناء بين المسلمين فلنصل في هذا العيد أقاربنا ولنحذر من قطيعة أرحامنا ، قال النبي ﷺ: الرحم معلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله. متفق عليه.
وقال ﷺ : لايدخل الجنة قاطع. متفق عليه.
أي قاطع رحم.
ويحرم أن يهجر المسلم أخاه أكثر من ثلاثة أيام لقول النبي ﷺ: لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوق ثلاثٍ ، يلتقيان فيصدُّ هذا ويصدُّ هذا ، وخيرُهما الذي يبدأُ بالسلامِ.رواه البخاري.
وقال ﷺ: تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ، ويوم الخميس . فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا . إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : أنظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.
واعلموا رحمكم الله أنه لايجوز للمسلم أن يصافح امرأة أجنبية عنه لقول النبي ﷺ : "لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" فعلى المسلم أن يكتفي في ذلك بالسلام.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ، الله أكبر ولله الحمد

ربنا لاتجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا .

اقول ماتسمعون وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

...أما بعد فإن النبي ﷺ خطب في العيد خطبة ثانية وخص بها النساء وأمر الرجال أن يجلسوا لها فاقتداء بسنة النبي ﷺ أقول:
إن من واجب النصح تحذيرَ المسلمات من أمر انتشر وهو من كبائر الذنوب ألا وهو التساهل في الحجاب الشرعي ووقوعُهن في معصية التبرج التي نهى الله عنها فترى المرأة تمشي بين الرجال في الأسواق كأنها في بيتها وتلبس عباءة هي في الحقيقة تحتاج إلى عباءة.
إن هذا مجاهرة بالمعصية والنبي ﷺ قال : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين )رواه البخاري ومسلم.
فخروج المرأة متبرجة تبارز الله بالمعصية مجاهرةٌ بها وفتنةٌ للناس وتكون قدوةً سيئة للنساء فهي ظلمات بعضها فوق بعض .
وقد نهى الله عن ذلك بقوله : (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )
ومعنى الآية كما جاء في تفسير ابن سعدي رحمه الله : لا تكثرن الخروج متبرجات متجملات أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى الذين لاعلم عندهم ولا دين .ا.هـ
وفي الصحيحين أن امرأة سوداء جاءت إلى النبي ﷺ فقالت له يا رسول الله إني أُصرٓع وإني أٓتَكٓشّفُ فادع الله لي قال : إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة وإن شئتِ دعوتُ الله عز وجل أن يعافيك قالت اصبر.
ففي الحديث شدة حرصها رضي الله عنها على ستر نفسها فإنه لماّ وعدها النبي ﷺ بالجنة إذا صبرت ذكرت أمرا آخرٓ وهو أنها تنكشف عندما تُصرع فطلبت من النبي ﷺ أن يدعو الله لها ألا تتكشف فدعا لها .

فهذه المرأة حرصت على الستر مع أن هذا ليس بإرادتها فكيف بمن تكشف شيئا مما حرم الله بإرادتها.

ومما يحذر منه النساءُ الاختلاطُ بالرجال والعمل معهم جنبًا إلى جنب في ميادين العمل فإن هذا من أعظم أسباب الفساد للجنسين قال ﷺ : ماتركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
رواه البخاري
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
" ولاشك أن إطلاق البصر واختلاط النساء بالرجال والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها من أعظم وسائل وقوع الفاحشة. وهذان الأمران المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه وهو يعمل مع المرأة الأجنبية كزميلة أو مشاركة في العمل له. فاقتحامها هذا الميدان معه واقتحامه الميدان معها لا شك أنه من الأمور التي يستحيل معها غض البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس وطهارتها" انتهى كلامه رحمه الله.

الا فاتقين الله وسارعن إلى مغفرة من ربكن وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.

(وما كان لمؤمن ولا مؤمنه إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ).

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر ولله الحمد.

معاشر المسلمين ارجعوا من غير الطريق الذي جئتم معه اقتداء بسنة نبيكم ﷺ يقول جابر رضي الله عنه: كان النبي ﷺ إذا كان يومُ عيد خالف الطريق. رواه البخاري
اللهم أصلح المسلمين والمسلمات وقهم الشرور والسيئات ، اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المشاهدات 2541 | التعليقات 0