خطبة عيد الفطر 1433 و 1430 للشيخ أحمد الحزيمي

الفريق العلمي
1435/09/25 - 2014/07/22 11:20AM
خطبة عيد الفطر 1433هـ

الحمد لله المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، منَّ علينا بصيام رمضان وإدراك العيد، وأمهل عباده ليتوبوا إليه ووعدهم سبحانه بالجنة والمزيد. أحمده سبحانه ما تعاقب الجديدان، وأشكره سبحانه في كل حين وآن. وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الديان، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الكرام والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة، وسلم تسليمًا كثيرًا.
الله أكبر ما صام المسلمون شهر رمضان.
الله أكبر ما أحيوا ليله بالقيام.
الله أكبر ما أخرجوا زكاة فطرهم طيبة بها نفوسهم.
الله أكبر ما اجتمعوا في عيد الفطر يشكرون الله على ما هداهم للإسلام.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
أمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم ـ أَيُّها النَّاسُ ـ ونفسِي بِتَقوى اللهِ عزَّ وَجَلَّ، فَإِنها خَيرُ الزَّادِ لِيَومِ المَعَادِ، وَتَقَلَّلُوا مِنَ الدُّنيَا وَتَخَفَّفُوا مِن أَحمَالِهَا وَأَثقَالِهَا، فَإِنما هِيَ إِلى فَنَاءٍ وَنَفَادٍ،( يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ.
أبشروا ياعباد الله أبشروا، وأبشروا
أبشروا ايها الصائمون، أبشروا أيها القائمون، أبشروا أيها التالون لكتاب ربكم والخاتمون، أبشروا أيها الباذلون والمنفقون، أبشروا أيها الذاكرون والداعون، أبشروا أيها المعتمرون، أبشروا أيها المعتكفون، أبشروا أيها الفائزون برمضان أبشروا جميعاً بالفضل من الله ، أبشروا بروح وريحان ورب غير غضبان لقد وعدكم الكريم وقوله حق ووعده حق، وعدكم بالمغفرة والرضوان والعتق من النيران فما أعظم حظ الفائزين اليوم
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
تسترُ ياعباد الله مدينة فارسيه حصينه حاصرها المسلمون سنه ونصف ثم سقطت المدينه في ايدي المسلمين و تحقق لهم فتحاً مبينا وهو من اصعب الفتوح التي خاضها المسلمون فاذا كان الوضع بهذه الصوره الجميله المشرقه فلماذا يبكي انس بن مالك رضي الله عنه ؟ لماذا يبكي عندما يتذكر الصحابي الجليل موقعه تستر؟ لقد فُتح باب حصن تستر ودار لقاء رهيب بين ثلاثين الف مسلم و مائه وخمسين الف فارسي وكان قتالاً في منتهى الضراوة , وكانت كل لحظة في هذا القتال تحمل الموت , وتحمل الخطر على الجيش المسلم .موقف في منتهى الصعوبة , وأزمة من أخطر الأزمات !
ولكن في النهاية – بفضل الله – كتب الله النصر للمؤمنين , وانتصروا على عدوهم انتصاراً باهراً , وكان هذا الانتصار بعد لحظات من شروق الشمس !
واكتشف المسلمون أن صلاة الصبح قد ضاعت في ذلك اليوم الرهيب ! لم يستطع المسلمون في داخل هذه الأزمة الطاحنة والسيوف على رقابهم أن يُصلَّوا الصبح في وقتها !ويبكي أنس بن مالك رضي الله عنه لضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته , ويبكي وهو معذور , وجيش المسلمين مشغول بذروة الإسلام , مشغول بالجهاد , لكن الذي ضاع أيها المصلون شيء عظيم ! يقول أنس : وما تستر ؟ لقد ضاعت مني صلاة الصبح , ما وددت أن لي الدنيا جميعاً بهذه الصلاة ؟!
الصلاة ياعباد الله قرة عيون المؤمنين وبهجة نفوس الموحدين، إنها الصلاة ركن الدين وعموده، آخر ما يفقد العبد من دينه، فليس بعد ضياعها والتفريط فيها إسلام، هي أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة، فإن قبلت قبل سائر العمل، وإلا رد سائره.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عندما يحس شخص ما بألم في قلبه , فإنه لابد أن يبادر إلى طبيب مختص , الذي يقوم بفحصه فحصاً دقيقاً بما يتوفر لديه من أجهزة دقيقة وتحاليل مخبرية , وإن استدعى الأمر إجراء عملية جراحية لذلك المريض فإنه لابد من المبادرة لذلك وما على ذلك المريض إلى الصبر على آلم العملية والعلاج والمراجعات الذي قد تستمر معه طويلاً , كل هذا خوفاً من أن تفاجئه أزمة قلبية تنهي حياته أو تبقيه طريح الفراش بقية حياته .
كذلك يا عباد الله قلب المؤمن , فعندما يحس بوحشة في قلبه فلا يجد قبولاً لطاعة من الطاعات , أو تثاقلاً في آداء الصلوات أو يجد إعجاباً بعمله القليل , أو بغضاً للحق وأهله , أو استغراقاً في المعاصي بلا خوف من الرقيب سبحانه أو لا يستجيب لنصح ناصح ولا لدعوة داعي , أو تمر عليه المواسم العظيمة والفرص الربانية ولا يلقي لها بالاً
هذا ياعباد الله بعض علامات مرض القلب وهو كما ترون مؤشر خطير ينم عن مرص عضال إن لم يتدارك نفسه , إن لم يراجع نفسه فإنه على خطر عظيم.
إنه يحتاج إلى علاج هو وربي أعظم من إجراء عمليات القلب المفتوح لماذا ؟ لأن القلب مكانته في الإسلام عظيمة , ومنزلة عالية رفيعة , فهو محل نظر الرب ومُستودع التوحيد والإيمان الخالص , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله علية وسلم ( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إل قلوبكم وأعمالكم ) رواه مسلم .
وقد عبر القرآن أكثر من ذلك حينما حصر النجاة والفوز في الدنيا والآخرة في سلامة القلب , وأن أصحاب القلوب لن يفلحوا ولن يفوزوا إلا إذا كانت قلوبهم سليمة ( يوم لاينفع مالٌ ولا بنون إلا من اتى الله بقلب سليم )
قال ابن تيمية : والقلب هو الأصل كما قال أبو هريرة : القلب ملك الأعضاء والأعضاء جنوده واذا خَبُثَ الملكُ خَبُثَ جنوده .
وفي حديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وكله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) متفق عليه .
ويعظم الأمر ويشتد عندما يكون الأمر داخل في شبه من الشبهات التي ربما أدخلته في مزلق خطير قد يصل إلى طوام وعظام فربما وصل به الأمر إلى التشكيك والإلحاد في الذات الآلهية ومقام سيد البشرية صلى الله عليه وسلم وإلى التشكيك في ثوابت هذا الدين .يتسرب هذا إلى بعض الشباب عن طريق الرويات العربية والأجنبية وكتابات المفكرين الغربيين وزنادقة العرب وبعض المواقع المشبوهة
عباد الله الأمر يحتاج إلى علاج طويل وصبر جميل
يحتاج إلى ابتهال إلى الكريم سبحانه أن يتفضل عليه بالخروج من هذه المحنة يحتاج منه أن يعرض نفسه على طبيب رباني مختص على من يثق بعلمه وأمانته ليحاوره بطريقة علمية متينة وإسلوب هادىء رزين وبكل شفقة وحب , ليضع له خارطة طريق , ليتبدد في النهاية ظلام قلبه , وينقشع عنه غبار الظلمة ويستجد للحياة طعم نسأل الله تعالى أن يحمي عقائدنا من كل شر وأن يميتنا وهو راض عنا
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله قرر أهل العلم أن طلب العيش, والاستغتاء عما في أيدي الناس, بنية صالحة نوع من التعبد لله يؤجر ويثاب عليه وإن من نعمة الله على المسلم أن يوفقه إلى تجويد عمله الذي كُلِّف به , ومراعاة حق الله عليه. .
أمانة الوظيفة أمانة تتضمن من الموظف المسلم أن يؤدي عمله بإتقان وإحسان , يؤديه في وقته دون تأخير أو تعطيل أو تلاعب أو تساهل , الأمانة تعني المحافظة على أوقات العمل حضوراً وانصرافاً , وألا ينشغل بوقت العمل عن غيره, الأمانة تعني تطوير مهارة الشخص والسعي إلى تكميل نفسه لأجل إتقان العمل الذي كلف به . الأمانة تعني أن تتعامل مع المراجعين بأخلاق الإسلام العالية وآدابه الرفيعة كبشاشة الوجه, والصدق والحِلم , وتوقير الكبير واحترام الصغير وحسن والمعاملة والرفق واللين أخي الموظف لا تلتفت أبداً إلى المثبطين من زملائك ممن ضيعوا حق الله عليهم , أو من ضعف الرقابة عليك من قبل مرؤوسيك , بل اجعل الله خير مطلع عليك وشاهد .
عباد الله إن التهاون بأمر الدوام الوظيفي , وتأخير العمل من ضعف الديانة وقلة الورع , أين هم من قول الله تعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الآمانات إلى أهلها )
أين هم من قوله صلى الله عليه وسلم : ( أدِ الامانة إلى من آئمنك ولا تخن خانك )
وليعلم المخل بأدآء الأمانة , أن هذا الإخلال و التهاون قد يؤثر في طيب مصدر رزقه وبالتالي يؤثر على طيب مطعمه ومشربه ولباسه , كما يؤثر في قبول دعائه ونزع البركة أو قلتها صح عليه والسلام أنه قال عن الرجل الذي يمد يديه إلى السماء وهو في حالة اضطرار يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له )
أرأيتم ذلك الموظف المتهاون بعمله كيف يكون حاله لو نقص من مرتبه ريال أو ريالان أو أكثر ألا يطالب بها ألا يلح في استرجاعها؟ وكيف يكون به الحال لو تأخر نزول راتبه ليوم أو يومين فيا عجباً لهذا التناقض .
أخيراً تذكر أنك كما تتمني عندما تذهب لدائرة حكومية أو خاصة , وتأمل أن يتم لك مقصودك بأسرع وقت ممكن , وبالصورة التي تريد , إذا كنت كذلك فالناس يأملون منك ما تأمل من غيرك
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد

وفي بلاد الشام اجتمع على أهل السنة فيها دولة بجندها وجيشها وعتادها، يقودها النصيرية لذبحهم، وأمدَّهم باطنية لبنان والعراق وإيران بالجند والسلاح، وترك العالم السوريين يواجهون هذا كله وحدهم، فلما رأوا خذلان الناس لهم؛ تعلقت قلوبهم بالله وحده، وظهر ذلك جليًّا في هتافاتهم وشعاراتهم، فأمدهم الله -تعالى- بقوته، وثبّت قلوبهم بقدرته، وأمال الكفة لهم، وصاروا يثخنون في العدو، ويقتربون من النصر، وتلك آية بينة رأيناها بأنفسنا تدل على أن التعلق بالخلق يورث الذل والخذلان والهزيمة، وأن التعلق بالله تعالى يكسب العز والنصر والقوة.
فعلِّقوا بالله العظيم قلوبكم، علقوا به -سبحانه- قلوبكم في هذا الزمن العصيب الذي تتخطفنا فيه الفتن، وتحيط بنا المحن، ويتكالب علينا الأعداء.
علِّقوا بالله -تعالى- قلوبكم في رد أعدائكم، وعلقوا به قلوبكم في حفظ أوطانكم، وعلقوا به قلوبكم في أمنكم واستقراركم، وعلقوا به قلوبكم في أرزاقكم، وعلقوا به قلوبكم فيما تؤمِّلون في مستقبلكم وما تخافون.ولا تتعلقوا بمخلوق مهما علت منزلته، وبلغت قوته، فإن القوة لله جميعًا، وإن العزة لله جميعًا (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ)
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهديِ سيد المرسلين وأقول قولي هَذا، وأَستغفِر اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذَنب وخطيئةٍ، فاستغفِروه إنّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أكرمنا بأفضل الأديان وأعظم الشرائع، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وعد بجنةٍ عرضها السموات والأرض لكلَّ عابدٍ وطائع, وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله خير ساجد وراكع، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجهم وتابع.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
أمّةَ الإسلام، تفكّروا في نِعَم الله عليكم الظاهرةِ والباطنة، فكلّما تذكّر العباد نعَمَ الله ازدادوا شكرًا لله. تذكَّروا نعمةَ الإسلام أعظمَ النعَم، وتحكيمَ الشريعةِ وتطبيقَها. تذكّروا أمنَكم واستقرارَكم. تذكّروا ارتباطَ قيادتَكم مع مواطنِيها. تذكَّروا هذه النعم، وتفكَّروا في حالِ أقوام سُلِبوا هذه النعم. يطلّ عليكم يومُ العيد وأنتم في نِعمةٍ وفرَح وسرور، وهناك فِئات من المسلمين يعانون الأمرَّين مِن تقتيلٍ وتشريد وتدمير وسفك للدماء وانتهاكٍ للأعراض ونهبٍ للأموال، يعيشون حياةَ شقاءٍ وعناء.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
أيها الأخوات الكريمات لا أظن ديناً من الأديان أو شعباً من الشعوب احتفى بالمرأة أُمَّا وزوجة وبنتاً كهذا الدين القويم يا فتاةَ الإسلام، كوني كما أرادَك الله وكما أراد لك رسولُ الله لا كما يريدُه دعاةُ الفتنة وسُعاةُ التبرُّج والاختلاط، فأنتِ فينا مُربِّيةُ الأجيال وصانعةُ الرجال وغارسةُ الفضائل وكريمِ الخصال وبانيةُ الأمم والأمجادِ، أيها الأخوات:
كسا النبي صلى الله عليه وسلم أُسامةَ بن يزيد قبطيةً كثيفة مما أهداها له دِحيةُ الكلبي فكساها أسامةُ امرأته , فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : مالك لم تلبس القبطية ؟ فقال : كسوتها امرأتي , فقال : مُرها فلتجعل تحتها غِلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها . رواه أحمد وحسنه الالباني , والغلالة : شعارٌ يُلبس تحت الثوب ليُمْنع بها وصف عورة المرأة .قارنوا هذا يا عباد الله بحال بعض نسائنا اليوم بالله عليكم ما أحوالهُن اليوم وهن في سياق محموم لرفع ثيابهن لدرجة لا تصدق بدافع تتبع الموضة لقد تعيت العديد من النساء في الأسواق اليوم فلم يجدوا إلا الثياب القصيرة وبشكل لافت , وهذا والله تحدي لمن يريد الستر لنسائه وبناته
لو رجعنا إلى الوراء عشرين أو ثلاثين سنة هل يًصدق أحد أن يصل لُبس نسائنا إلى هذا التردي ؟وإذا كان الأمر كذلك فكيف سيكون الحال بعد عشر سنوات ,
عباد الله إن لم يلطف الله بنا إن لم نأخذ على أيدي من تحتنا فإنه سيصل الحال إلى أمر خطير لنتعاون سوياً في سد هذا السبيل الجارف الذي يزداد يوماً بعد يوم
إنه لا بد من إطلاق حملة ترشيد تُستخدم فيها كل أساليب الترغيب والإقناع لأجل رد بناتنا إلى اللبس الشرعي المأمور به
فيا أيتها المسلمة، أنقذي نفسك، فإن متاع الدنيا قليل، والآخرة خير لمن اتقى، فلا تغترّي بمالك ولا جمالك، فإن ذلك لا يغني عنك من الله شيئًا.
عباد الله
يقول صلى الله عليه وسلم ( لا يشكر اللهَ من لا يشكر الناس ) عباد الله في بلدنا هذا أبدع أبناءه في أيام هذا الشهر الكريم عبر إقامة أعمال خيرية ومشاريع نوعية , وبرامج تطوعية جهود كبيرة وأعمال جليلة يراها الجميع فاطعموا الجائع , وأحسنوا للفقير , وفطروا الصائم , وعلموا الجاهل واعتنوا بكتاب الله جل وعلا .
كل الشكر وبالغ التقدير وخالص الدعاء للمشرفين على هذه الجهات الخيرية والعاملين معهم المستودع الخيري , مكتب الدعوة جمعية البر جمعية تحفيظ القران
ويبقى دوركم أبها الكرماء في استمرار الدعم والمؤازة , فمشاريعهم قائمة بعد الله على امثالكم .

أيها المسلمون أذكركم جميعًا وأحث نفسي وإياكم على صيام ستة أيام من شوال، ففي الحديث الصحيح: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر)).
أيّها المسلمون، تقبَّل الله طاعاتِكم وصالحَ أعمالكم، وقبِل صيامَكم وقيامكم وصدقاتكم ودعاءَكم، وضاعف حسناتِكم، وجعل عيدَكم مباركًا وأيّامَكم أيامَ سعادةٍ وهناء وفضلٍ وإحسان وأعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركات هذا العيد، وجعلنا في القيامة من الآمنين، وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين،
اللهم اجعل عيدنا فوزًا برضاك، واجعلنا ممن قبلتهم فأعتقت رقابهم من النار، اللهم اجعل رمضان راحلاً بذنوبنا، قد غفرت فيه سيئاتنا، ورفعت فيه درجاتنا.
اللهم إنا خرجنا اليوم إليك نرجو ثوابك ونرجو فضلك ونخاف عذابك، اللهم حقق لنا ما نرجو، وأمِّنا مما نخاف، اللهم تقبل منا واغفر لنا وارحمنا، اللهم انصرنا على عدونا واجمع كلمتنا على الحق، واحفظ بلادنا من مكروه ووفق قيادتنا لكل خير إنك جواد كريم...ألا وصلوا ـ عباد الله ـ على خير البرية أجمعين ورسول رب العالمين، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته المهاجرين منهم والأنصار، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين وبقية الصحب والتابعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.


خطبة عيد الفطر 1430هـ

الحمد لله المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، منَّ علينا بصيام رمضان وإدراك العيد، وأمهل عباده ليتوبوا إليه ووعدهم سبحانه بالجنة والمزيد. أحمده سبحانه ما تعاقب الجديدان، وأشكره سبحانه في كل حين وآن. وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الديان، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه كرام النفوس والأبدان، بذلوا أرواحهم في طاعة الرحمن، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة، وسلم تسليمًا كثيرًا.
لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، لا إله إلا أنت.
في السماء ما ملكت، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي الجنة رحمتك، وفي النار سطوتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، لا إله إلا أنت.
اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.
فالله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
الله أكبر ما صام المسلمون شهر رمضان.
الله أكبر ما أحيوا ليله بالقيام.
الله أكبر ما أخرجوا زكاة فطرهم طيبة بها نفوسهم.
الله أكبر ما اجتمعوا في عيد الفطر يشكرون الله على ما هداهم للإسلام.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
أمَّا بَعدُ: فَأُوصِيكُم ـ أَيُّها النَّاسُ ـ ونفسِي بِتَقوى اللهِ عزَّ وَجَلَّ، فَإِنها خَيرُ الزَّادِ لِيَومِ المَعَادِ، وَتَقَلَّلُوا مِنَ الدُّنيَا وَتَخَفَّفُوا مِن أَحمَالِهَا وَأَثقَالِهَا، فَإِنما هِيَ إِلى فَنَاءٍ وَنَفَادٍ،( يَا قَومِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ.
عباد الله:
بشراكم يا من قُمتم وصُمتم، بُشراكم يا مَن تصدَّقتُم واجتهَدتم وأحسنَتم، هذا يومُ الفرح والسرور والفوز والحبور، ذهب التّعَب، وزال النصب، وثبت الأجرُ إن شاء الله تعالى.
أيها المسلمون : ليلة البارحة انبثق في كبد السماء هلال شوال الوليد ، انبثق ذلك الوليد ليُعلم المسلمون أن خالقهم قد أذن لهم بيوم عيد الفطر، بعد أن ودعت الأمة الإسلامية شهراً كريماً ، شهر رمضان المبارك ، الذي كنا فيه مرغمين الشيطان بكثرة الطاعات والنوافل ، فكانت المساجد مكتظة بالمصلين ، والأصوات مدوية بتلاوة الكتاب المبين ، وفيه أنفقت آلاف المئين ،على ذوي القربى والمساكين ، فيه كان الشيطان مأسوراً مهاناً ، أما اليوم فقد أطلق سراحه فيهتز طرباً معلناً بداية المعركة بينه وبيننا ، فسيهجم علينا بخيله ورجله في كل مكان ، وسيحمل عليكم بكل سلاح هُيئ له ليفتنكم في دينكم ويكدر ما صفى لكم من الطاعات والقربات ، ويفسد ما صلح من أحوالكم في شهر رمضان ، فاحذروه عباد الله ، واستعينوا بالله من شره واستعينوا عليه بطاعة الله وذكره ، إنه يزين للإنسان المعصية وينسيه العقوبة، ويلوح له بسعة الرحمة الإلهية،ليوقعه في الذنب مرة ومرة
لقد مر رمضان أيها المسلمون، فهل رأيتم شهرًا أسرع مرورًا منه، كلا والله، لقد انقضى ما بين غمضة عين وانتباهتها، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات لمن عبد الله فيه وصلى وقام، والحمد لله على كل حال ونسأل الله السلامة والعافية والمغفرة من تقصيرنا وعجزنا وإسرافنا في أمرنا
عبد الله شهر كامل وأنت تجاهد النفس وتصّبرها، وتجمع الحسنات وتحسبها، فهل بعد هذا تراك تنقضها، إن الله تعالى يقول: وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّتِى نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَـٰثًا
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
عبادَ الله، إنّ أعظمَ نعمةٍ منَّ الله بها على عبادِه هدايتُهم للإسلام ، فتلك أعظمُ النِّعم والمِنن،(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ويقول ( يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ)
أيّها المسلم، اعرِف قدرَ هذه النعمة، وقدِّرها حقَّ قدرِها، واشكر اللهَ عليها قائما وقاعِدًا وفي كل لحظاتِ حياتك، اشكر الله على هذه النعمة؛ أن شرح صدرَك للإسلام، ومنَّ عليك بقَبوله والعمل به،
أمّةَ الإسلام، هذه الأمّةُ المحمّديّة هي الأمّة المرحومَة، هي الأمّة المعصومة، هي الأمّة المنصورَةُ، هي الأمة التي حُفِظ لها دينها، ((ولا تزالُ طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على الحقّ، لا يضرّهم من خذَلهم ولا من خالفهم حتى يأتيَ أمر الله))
اختارَها الله لتكونَ خيرَ أمّةٍ أخرِجَت للناس، (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) اختارها الله فجَعَلَها أمَّةً وسطًا عَدلاً خِيارًا، شاهدةً على الأمَم بأنَّ أنبياءَهم قد بلَّغوهم رسالاتِ الله،(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) اختارَ اللهُ لها سيّدَ الأوّلين والآخرين وخاتمَ الأنبياء والمرسلين، أفضلَ خلقِ الله؛ ليكونَ رسولاً لهذه الأمّة، ليبلِّغَهم رسالات الله، وربّك يعلم حيث يجعل رسالتَه. اختارَ لها القرآنَ العظيمَ كلامه جلّ وعلا، هذا الكتابُ العظيم والذّكر الحكيم الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يدَيه ولا مِن خلفه، تنزيلٌ من حكيمٍ حميد. فهو سَبَب هدايةِ الأمّة وسَبَب صلاحِها.
عباد الله، دينكم لا يشبهه دين، وشريعتكم ليس كمثلها شريعة،(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا
وإذا كانت كل أمة تفاخر بأنظمتها وتعتز بمبادئها من ديمقراطية واشتراكية ورأسمالية فإننا ـ نحن المسلمين ـ مطالبون بالاعتزاز بديننا لأنه شرع ربنا، قال تعالى )وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإسْلَـٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
أيها الناس، أذكركم ونفسي بتلك الشعيرة العظيمة، بتلك الفريضة الجليلة، بالصلوات الخمس؛ الله الله في الصلاة، فإنها آخر وصايا محمد صلى الله إذ جعل يقول وهو يجود بنفسه: ((الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم))؛ وذلك لأن الصلاة عمود الإسلام وثاني أركانه وآخر ما يبقى منه، لقد كنتم من المصلين ومن روّاد المساجد طيلة شهر رمضان فواصلوا هذا الخير، الصلاة هي الناهية عن الفحشاء والمنكر، ولا دين ولا إسلام لمن تركها، أقيموها جماعة في بيوت الله0
عباد الله لاحظ في الإسلام لمن تركها، من تركها فعليه لعنة الله، من تركها خرج من دين الله، من تركها انقطع عنه حبل الله، تارك الصلاة عدو الله، عدو لرسول الله، عدو لأولياء الله.
تارك الصلاة مغضوب عليه في السماء، مغضوب عليه في الأرض.
تارك الصلاة تلعنه الكائنات، والعجماوات، تتضرر النملة في جحرها من تارك الصلاة، وتلعنه الحيتان في الماء لأنه ترك الصلاة. تارك الصلاة يأتي ولا حجة له يوم العرض الأكبر.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
عليكم معاشر المسلمين ببرِّ الوالدين وصِلة الأرحام والإحسان إلى الفقراء والأيتام، فذلك عملٌ يعجِّل الله ثوابَه في الدنيا مع ما يدَّخر الله لصاحبه في الآخرة من حُسن الثّواب، كما أنَّ العقوقَ والقطيعة ومنعَ الخير ممّا يعجّل الله عقوبته في الدنيا، مع ما يؤجَّل لصاحبه في الآخرةِ من أليمِ العقاب.
وارعَوا أيها المؤمنون حقوقَ الجار ففي الحديث: ((لا يؤمِن من لا يأمَن جاره بوائقَه)) أي: شرَّه. ومُروا بالمعروف، وانهَوا عن المنكر، فإنّهما حارسان للمجتمع وسياجان للإسلام وأمان من العقوباتِ التي تعمُّ الأنام.
وإيّاكم وقتلَ النّفس المحرّمة والزّنا، فقد قرن الله ذلك في كتابه بالشّرك بالله فقال: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ، وفي الحديثِ عن النبي : ((لا يزال المرء في فسحةٍ من دينه ما لم يصِب دمًا حرامًا))رواه البخاري
وعملُ قوم لوط من أعظم الذنوب، فقد لعن عليه الصلاة والسلام من يعمل عمل قوم لوط والسِّحاق نوعٌ من الزنا وخبثٌ من الخبائث المحرّمة. وإيّاكم والربا فإنّه محق للكسب وغضبٌ للرب، عن البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعًا: ((الرّبا اثنان وسبعون بابًا، أدناها مثلُ إتيان الرّجل أمَّه)) صححه الألباني رحمه الله
وإيّاكم والتعرضَ لأموالِ المسلمين والمستضعفين، فإنّ اختلاطَه بالحلال دمارٌ ونار. وإيّاكم والرشوةَ وشهادةَ الزور فإنّها مضيِّعةٌ للحقوق مؤيِّدة للباطل فقد لعن رسول الله (الراشيَ والمرتشي وقرن الله شهادةَ الزور بالشّرك بالله.
إيّاكم وحقوق العمّال والأُجَراء والخدم والصِّبيان، أعطوا الأجير أجره قَبل أن يجفَّ عرقُه، يقول الله تعالى في الحديث القدسي: ((ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمَه خصمتُه: وذكر منها رجلٌ استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره)) رواه البخاري
إيّاكم والخمر وأنواعَ المسكرات والدّخان والمخدِّرات، فإنّها تفسِد القلب، وتغتال العقل، وتدمّر البدن الذي هو أمانة عندك، وتمسَخ الخُلُق الفاضل، وتُغضِب الربَّ، وتفتِك بالمجتمع عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله قال: ((كلّ مسكرٍ حرام، وإنّ على الله عهدًا لمن يشرب المسكر أن يسقيَه من طينة الخبال))، قالوا: يا رسول الله، وما طينةُ الخبال؟ قال: ((عرَق أهل النار)) أو ((عصارة أهل النار)) رواه مسلم
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
أيها المؤمنون بالله واليوم الآخر إن ديننا العظيم عندما دعى إلى التمسك بالأخلاق الإسلامية أجزل لصاحبها أعظم الجزاء وأوفر الثناء إسمع لقول حبيك صلى الله( إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار صححه الألباني
يظنّ بعض الناس أن الأخلاق كلّها فطرية، وأن ليس للإنسان من الخصال إلا ما جبل عليها ولن تجد لما خلق الله تبديلاً ولا تحويلاً، وقد رُفعت الأقلام وجَفَّت الصحف!
وتلك حُجّة فارغة ، فإن الله تعالى يدعو الى تزكية النّفوس فيقول: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وقَدْ خَابَ مَنْ دسَّاهَا}
ولمعارضتها هدي النبي عليه الصلاة والسلام في دعوته الى تهذيب الأخلاق في قوله: «اللهمّ اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئها لا يصرف عني سيِّئها إلا أنت» أخرجه مسلم، وقوله في الحديث الصحيح: إنما العلم بالتعلم و الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتوق الشر يوقه " .
عبد الله إن من جميل الأخلاق أن تنادي الآخرين بأحب الأسماء إليهم، وكن صادقا في تحيتك لهم، وبادر بها مع الابتسامة، وصافحهم عند اللقاء، كن مصغيا جيدا لمن يحدثك، وأقبل عليه بكليتك، تعامل مع الناس بالرفق واللين، ولا تغضب فإنها وصية رسول الله ودرب نفسك على كظم الغيظ، الفت نظر الآخرين إلى أخطائهم بشكل غير مباشر، ولا تهنهم وأنت تنصحهم، وعليك بـ"ما بال أقوام"، عود نفسك أن لا تتدخل فيما لا يعنيك، فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، كن سمحا دائماً، واقبل العذر وإن كان أقل مما تريد، لا تكثر التشكّي فيملَّك الناسُ وربما وقعت في المحذور، لا تعامل الناس باحتقار واستعلاء مهما كانت حسبك ونسبك، فالمسلم أخو المسلم، وبحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه، أدخل السرور على قلوب إخوانك ابتسم ثم ابتسم ثم ابتسم فأنت بالابتسامة أجمل فالابتسامة مفتاح القلوب ومنها يعرف الآخرون أنك تحبهم وتحترمهم، عن جرير بن عبد الله البجلي قال: ما رآني النبي رسول الله منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي
وإذا بحثتَ عن التقي وجدتَهُ *** رجلاً يُصدِّق قولَهُ بفعالِ
وإذا اتقى اللّه امرؤٌ وأطاعه *** فيداه بين مكارمٍ ومعالِ
وعلى التقي إذا ترسَّخ في التقى *** تاجان: تاجُ سكينةٍ وجلالِ
وإذا تناسبتِ الرجالُ فما أرى *** نسبًا يكون كصالحِ الأعمالِ
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
وهذه رسالة إلى أحبابنا من أساتذة ورجال بذلوا أيام حياتهم الوظيفية وقدموا ما في وسعهم واستفرغوا جهدهم ثم ترجلوا بعد هذا العطاء ليفسحوا المجال للآخرين0
إلى إخواني المتقاعدين أقول:
شكر الله عملكم وجزيتم الخير كله نظيرا ما أسديتم إبان عملكم فأعمالكم شاهدة لكم بما قدمتم وأبدعتم0
أيها الكرام
إن ما تملكونه الآن من خبرات واسعة وتجارب محكمة لمقدر تماما إن أناساً بهذا القدر مع ما أنعم عليهم الرب الكريم بموفور الصحة والعافية ليعطينا دلالة على أنهم ما زالوا قادرين على العطاء قادرين على البذل فالكثير منكم ترجل عن عمله وهو في ذروة النضج والمعرفة والإدراك والفهم والخبرة إن المجتمع بحاجة إليكم بحاجة إلى فكركم وتجاربكم وخبراتكم, وليس كما ينظر البعض إلى التقاعد بأنه خلود إلى الراحة وطريق إلى الكسل فساهموا يا رعاكم الله في ركب الحياة تعليما وتوجيها وإرشادا وإشرافا وإنتاجا واستشارة0
إن البلد ينتظر منكم الكثير، لا تنتظروا أن يطرق بابكم أحد فلربما انتظرتم طويلا0
إن بلدنا هذا مقبل بإذن الله على نهضة واسعة فلنعد لها سويا 0
إنني أدعوكم إلى التفكير الجاد والمشاركة الفاعلة في مشاريع خيرية أو اجتماعية أو بيئية 0
فالعقول ـ وأنتم روادها ـ موجودة والشباب المتدفق حماسا ينتظر الإشارة 0
والداعمون من الموسرين لا يتأخرون فهيا يدا واحدة نواصل العطاء 0
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهديِ محمّد وأقول قولي هَذا، وأَستغفِر اللهَ لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذَنب وخطيئةٍ، فاستغفِروه إنّه هو الغفور الرحيم.الله أكبر الله أكبر لا إلهَ إلا الله، والله أكبر الله أكبر وللهِ الحمد. الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلا. وصلّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمّد وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليما كثيرا


الخطبة الثانية:
الحمد لله معيد الجمع والأعياد، ومبيد الأمم والأجناد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا مضاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المفضّل على جميع العباد، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وعلى أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم التناد، وسلم تسليما كثيراً.
الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
أمّةَ الإسلام، تفكّروا في نِعَم الله عليكم الظاهرةِ والباطنة، فكلّما تذكّر العباد نعَمَ الله ازدادوا شكرًا لله. تذكَّروا نعمةَ الإسلام أعظمَ النعَم، وتحكيمَ الشريعةِ وتطبيقَها. تذكّروا أمنَكم واستقرارَكم. تذكّروا ارتباطَ قيادتَكم مع مواطنِيها. تذكَّروا هذه النعم، وتفكَّروا في حالِ أقوام سُلِبوا هذه النعم. يطلّ عليكم يومُ العيد وأنتم في نِعمةٍ وفرَح وسرور، وهناك فِئات من المسلمين يعانون الأمرَّين مِن تقتيلٍ وتشريد وتدمير وسفك للدماء وانتهاكٍ للأعراض ونهبٍ للأموال، يعيشون حياةَ شقاءٍ وعناء.
أمةَ الإسلام، نعمة الأمنِ نعمة عُظمى نعمةٌ كبرى، ((مَن أصبح آمنًا في سِربِه معافًى في بدنِه عنده قوت يومِه وليلته فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها)) نعمةٌ عظيمة نسأل الله المزيدَ من فضله، وأن تكونَ عونًا لنا على ما يُرضِي اللهَ عنا.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
إن شبابنا الكرام وهم في حماس متدفق ،ونشاط متجدد قادرين بإذن الله على الإنجاز والإبداع والتفكير الجاد0
وما يملكونه من عقليات على قدر كبير من الابتكار والتحدي شبابنا يملك هذا وأكثر بل إنهم يفوقون غيرهم بما عندهم من عقيدة ودين الدين الذي يدعو للعمل يدعو للكسب يدعو للبذل ثم يقدم لهم الجزاء الواسع من الله عز وجل بعد ذلك0
لكن أرأيتم يوم أن يدفن هذا الحماس ، وتموت تلك القدرات وتُنعى تلك المواهب وتؤد تلك الإبدعات بسبب مداومة السهر في الاستراحات أو عبر الجلوس الساعات والساعات لمشاهدة أنواع القنوات ،أو متابعة رياضة محلية أو عالمية ،والعكوف على تحليلها الساعات الغاليات ثم يكمل هذا بالتفاتة إلى الشبكة العالمية وملاحقة المنتديات0
أشغلتهم والله عن كل شيء فلا بر بالوالدين ولا التفاتة إلى زوج أو ولد ولا تجارة تكتسب ولا خدمة تقدم للبلد
أيها الشاب التفت يميناً ثم التفت شمالاً تجد أن الناجحين في الحياة الذين تذكر أسمائهم أو تشاهد صورهم لم يولدوا هكذا إنما جاء هذا الإنجاز بعد جهد جهيد وصبر كبير وحفظ للوقت من أن يسرقه غيرهم تركوا المتعة قليلاً وتوسدوا العناء برهة حتى تحقق بفضل مرادهم0
أيها الأخوة دعوة للتصحيح نعم لتصحيح أوضاعنا ومراجعة حساباتنا لنرقع الخطأ ونجبر الكسر فالوقت ما زال فيه فسحة والميدان يسع الكثير0
يقول أحد الحكماء: من كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة نعم أيها الشاب وقت البناء والتشييد فيه تعب فيه مشقة لكن في النهاية يحمد القوم السرى وستصفق لك الجماهير ويدعو لك الجمع الغفير0
فهلا بادرت الآن؟
أيها الشباب
صبرا أمام الشهوات، وما أكثرها والله في هذا الزمان، شهوة الجنس التي أُسقِطت بها دول وزلزِلت بها عروش، يقول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)). فصبرا يا شباب، إنكم في زمن ثورة الشهوات، هواتف خلوية وقنوات رقمية وشبكات معلوماتية. صبرا يا شباب، إن هي إلاّ لحظات وتردون الجنة، بل هي جنات. صبرا يا شباب، فأنتم في جهاد، فالمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.
كان من هدي النبي تخصيص النساء بحديث خاص يوم العيد، وحيث إن ما ذكرنا اليوم يهمّ الرجال والنساء على حد سواء فليس هناك مزيد إلا التأكيد على دور المرأة في المجتمع والأسرة وأنه دور كبير ومهم ومؤثر، فالله الله، إياكنَّ أن تتخلين عن دورِكُنَّ أو تتنازلن عنه لأحد سواء من الخادمات أو غيرهن، فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، بيوتنا ـ أيها الأخوات ـ اليوم بحاجة لأم حانية على أولادها، تربيهم على الإيمان والتقوى ومعالي الأمور، وبحاجة إلى مرشدة ومعلمة لأسرتها يُقتدى بها في الخير وتُحفِّز عليه، بحاجة إلى زوجة عطوف متوددة إلى زوجها تكرمه إذا حضر وتحفظه إذا غاب، تعينه إذا أقبل على الخير وتثنيه عن الشر إذا توجه إليه، فإن رباط الزوجية وثيق، فهو رباط مصاحبة لا ينقطع بالموت نحن بحاجة إلى معلمة في المدارس لبنات المسلمين تربيهن على حسن الأدب ومكارم الأخلاق قبل المعارف والعلوم، مع الموازنة بين حق العمل والمنزل بجميع معطياته. كل هذه المهام وغيرها مطلوبة من امرأة واحدة، إنه تحدٍّ لا يقدر عليه إلا الموفقات، فسلام من الله عليهن وبركات.
أختي المؤمنة تأملي ماذا يقول عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال هذه المرأة السوداء، أتت النبي فقالت: إني اصرع وإني أتكشف، فادع الله لي، قال: ((إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك))، فقالت: أصبر، ثم قالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها. رواه البخاري ومسلم.
فدعا لها، فكانت تصرع ولا تتكشف، فيا سبحان الله! امرأة سوداء، تحمّلت الصرع وآلامه، ولم ترض أن تتكّشف وهي معذوره شرعًا، فما بال بعض نسائنا أغرقن بالتبرج والسفور، بل سعين إليه زرافات ووحدانا بعد أن جلب عليهن الشيطان الرجيم بخيله ورجله؟!
فيا أيتها المسلمة، أنقذي نفسك، فإن متاع الدنيا قليل، والآخرة خير لمن اتقى، فلا تغترّي بمالك ولا جمالك، فإن ذلك لا يغني عنك من الله شيئًا.
عباد الله
أذكركم جميعًا وأحثكم على صيام ستة أيام من شوال، ففي الحديث الصحيح: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر)).
أيّها المسلمون، تقبَّل الله طاعاتِكم وصالحَ أعمالكم، وقبِل صيامَكم وقيامكم وصدقاتكم ودعاءَكم، وضاعف حسناتِكم، وجعل عيدَكم مباركًا وأيّامَكم أيامَ سعادةٍ وهناء وفضلٍ وإحسان وأعاد علينا هذه الأيام
وأعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركات هذا العيد، وجعلنا في القيامة من الآمنين، وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين، عليه الصلاة من رب العالمين.
اللهم اجعل عيدنا فوزًا برضاك، واجعلنا ممن قبلتهم فأعتقت رقابهم من النار، اللهم اجعل رمضان راحلاً بذنوبنا، قد غفرت فيه سيئاتنا، ورفعت فيه درجاتنا.
اللهم إن عبادك خرجوا اليوم لصلاة العيد يرجون ثوابك وفضلك ويخافون عذابك، اللهم حقق لنا ما نرجو، وأمِّنا مما نخاف، اللهم تقبل منا واغفر لنا وارحمنا، اللهم انصرنا على عدونا واجمع كلمتنا على الحق، واحفظ بلادنا من مكروه ويسرنا لليسرى وجنبنا العسرى، واغفر لنا في الآخرة والأولى، إنك جواد كريم...ألا وصلوا ـ عباد الله ـ على خير البرية أجمعين ورسول رب العالمين، (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار وصحابته المهاجرين منهم والأنصار، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين وبقية الصحب والتابعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أرحم الراحمين

المشاهدات 2252 | التعليقات 0