خطبة عيد الفطر (١٤٤٥هـ)

تركي بن عبدالله الميمان
1445/09/27 - 2024/04/06 20:05PM

خُطْبَةُ عِيْـدِالفِطْــر

(1445هـ)

 

ا

 

 
 
 

 

 

 

 

 

 

 

قناة الخُطَب الوَجِيْزَة

https://t.me/alkhutab
 
 

(نسخة للطباعة)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الخُطْبَةُ الأُوْلى

إِنَّ الحَمْدَ لِلهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إِلَيه، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا، ﴿وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ﴾.

وَالحَمْدُ للهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْكُمْ بِإِتْمَامِ شَهْرِكُمْ، وَتَيْسِيْرِ أَمْرِكُمْ!﴿يُرِيْدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيْدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوْهُ في السِرِّ والنَّجْوَى؛ فَأَهْلُ التَّقْوَى: هُمْ أَهْلُ البُشْرَى! ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى في الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾.    

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ الإِسْلَامَ دِينٌ كامِلٌ، وأَنَّ الحَقَّ غَالِبٌ!﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾.

وَالاِنْتِسَابُ لِدِيْنِ الإِسْلامِ؛ عِزٌّ وَمَفْخَرَةٌ، والحَيَاةُ في ظِلِّهِ حَيَاةٌ طَيِّبَةٌ؛ فَأَيُّ نِعْمَةٍ أَعْظَمَ مِنْ أَنْ هَدَانَا اللهُ لِلْإِسْلَام، وَاصْطَفَانَا مِنْ بَيْنِ الأَنَام! ﴿هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ﴾.

قال ابنُ عُثَيْمِين: (إِنَّ التَّمَسُّكَ بِدِيْنِكُمْ؛ يَكْفُلُ لَكُمُ الحَيَاةَالطَيِّبَةَ؛ وأَكْبَرُ شَاهِدٍ على ذَلِك: أَنَّ النبيَّ ﷺ بُعِثَ في قَومٍ أُمِّيِّينَ مُتَخَلِّفِينَ، وَحِينَ تَمَسَّكُوا بِالإِسْلَامِ؛صَارُوا قَادَةَ العَالَمِ في الأَخْلَاقِ والعِلْمِ والحَضَارَةِ، وَسَادُوا النَّاسَ عِزَّةً بَعْدَ الذُّلِّ، وتَقَدُّمًا بَعْدَ التَّخَلُّفِ؛فَلَوْ تَمَسَّكَ المُسْلِمُوْنَ بِالدِّيْنِ، وَطَبَّقُوهُ في جَمِيعِأُمُوْرِهِمْ؛ لَسَادُوا العَالَمَ: كَما حَصَلَ لِأَسْلَافِهِمْ!﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾).

وَمِنْ مَحَاسِنِ دِيْنِ الإِسلام: الفَرَحُ بِـ(عِيْدِ الفِطْرِ)، بَعْدَ صَوْمِ رَمَضَان، فَهذا العَيْدُ: شَعِيْرَةٌ دِيْنِيَّةٌ، يَتَمَيَّزُ بِهَا المُسْلِمُ عَنْشِعَارَاتِ الكُفْرِ وَالجَاهِلِيَّةِ! قال U: ﴿لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ﴾. قال ﷺ: (إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا؛ وَهَذَا عِيدُنَا).

وَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَدِيْنَةَ، وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُوْنَ فِيْهِمَا في الجَاهِلِيَّةِ؛ فَقَال ﷺ: (إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الفِطْرِ، وَيَوْمَ النَّحْرِ).

والأَعْيَادُ الشَّرْعِيَّةُ ثَلاثَةٌ:

أَوَّلاً: عِيْدُ الأُسْبُوعِ (وَهُوَ يَومُ الجُمُعَةِ).

ثَانِيًا: عِيْدُ الفِطْرِ.

ثَالِثًا: عِيْدُ الأَضْحَى. 

وَلَيْسَ في الإِسْلَامِ عِيْدٌ سِوَاهَا!

والأَعْيَادُ فِي الإِسْلام: شَرِيْعَةٌ وَعِبَادَة، لا تَقْبَلُ الزِّيَادَةَ؛فَهِيَ دِيْنٌ وَتَشْرِيْعٌ، وذِكْرٌ وَتَكْبِيرٌ، وَصَلَاةٌ وَصِلَةٌ! قال U: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ﴾.

وتَعْظِيمُ الأَعيَادِ الشَّرْعِيَّةِ؛ وعَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا بِـ(أَعْيَادٍ مُحْدَثَةٍ)؛ دَلِيلٌ على تَقْوَى القَلْبِ، وَتَعْظِيْمِ الرَّبِّ! ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.

وَجَاءَ عَيْدُ الفِطْرِ؛ لِيَكُوْنَ فَرْحَةً لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ الصِّيَامِ والقِيَامِ!﴿قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾. قالَ ابْنُ حَجَر: (إِظْهَارُ السُّرُورِ فِي الأَعْيَادِ؛ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ).

والعِيْدُ فُرْصَةٌ لِتَطْهِيرِ القَلْبِ مِنَ الحَسَدِ وَالبَغْضَاءِ، وَنَشْرِ المَحَبَّةِ وَالصَّفَاءِ! قال ﷺ: (دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ. وَالبَغْضَاءُ هِيَ الحَالِقَةُ: حَالِقَةُ الدِّينِ لَا حَالِقَةُ الشَّعَرِ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ؛ لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَفَلا أُنَبِّئُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ: أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ!). قال بَعْضُهُمْ: (خَيرُ لِبَاسِ العِيدِ: لِبَاسُ التَّسَامُحِوالصَّفْحِ. أَمَّا الحَاقِدُ والحَاسِدُ؛ فَهُوَ العَارِي، وَلَوِاكْتَسَى بِالغَالِي!).

وَعِيْدُ الفِطْرِ: شُكْرٌ للهِ على إِكْمَالِ الصِّيَامِ، وَلَيْسَ مَوْسِمًالِارْتِكَابِ الآثَام! ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا﴾. قالَ ابْنُ رَجَب: (فَأَمَّا مُقَابَلَةُ نِعْمَةِ التَّوْفِيْقِلِصِيَامِ رَمَضَان، بِارْتِكَابِ المَعَاصِي بَعْدَهُ؛ فَهُوَ مِنْ فِعْلِ مَنْ بَدَّلَ نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا!).

وَلَيْسَ لِلْطَّاعَةِ زَمَنٌ مَحْدُوْدٌ؛ فَعِبَادَةُ اللهِ لَيْسَتْ مَقْصُوْرَةً عَلَى رَمَضَان! قَال الحَسَنُ: (إنَّ اللهَ لم يَجْعَلْ لِعَمَلِ المُؤْمِنِ أَجَلًا دُوْنَ المَوْتِ).

وَمِنْ عَلامَةِ قَبُولِ الحَسَنَةِ: فِعْلُ الحَسَنَةِ بَعْدَهَا. وَمِنَ الحَسَنَاتِالَّتِي تُفْعَلُ بَعْدَ رَمَضَان: صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّال؛ يقول ﷺ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّال؛ كانَ كِصَيامِ الدَّهْرِ!).

وَصِيَامُ السِتِّ بَعْدَ رَمَضَان؛ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ بَعْدَ الفَرِيْضَةِ، فَهِيَ تَجْبُرُ مَا حَصَلَ في رَمَضَانَ مِنْ خَلَلٍ وَنَقْصٍ؛ فَإِنَّ الفَرَائِضَ تُكَمَّلُ بِالنَّوَافِلِ يَوْمَ القِيَامَةِ!

فَاثْبُتُوْا عَلَى الطَّاعَةِ، وَوَاظِبُوا عَلَى العِبَادَةِ، (وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إِلَى اللهِ؛ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ).

وَاحْذَرُوا تَرْكَ الوَاجِبَاتِ، أَوْ فِعْلَ المُحَرَّمَات؛ فَرَبُّ رَمَضَانَ، هُوَ رَبُّ بَقِيَّةِ الشُّهُوْرِ! ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيْر﴾.

عِبَادَ الله: لا تُوَدِّعُوا رَمَضَانَ، بَلِ اصْطَحِبُوهُ مَعَكُمْ إلى بَاقِي العَامِ!فَالصَّوْمُ لا يَنْتَهِي، وَالقُرْآنُ لا يُهْجَر، وَالمَسْجِدُ لا يُتْرَك! قال I: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾.

أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِيْ وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَة

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيْقِهِ وَامْتِنَانِه، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُه.

أَمَّا بَعْدُ: أَيَّتُهَا المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ: أَنْتِ مَدْرَسَةُ الأَجْيَالِ، وَمَصْنَعُالرِّجَالِ الأَبْطَال؛ فَكُوْنِي قُدْوَةً بِأَخْلَاقِك، مُعْتَزَّةً بِإِسْلَامِك، فَخُوْرَةًبِحِجَابِكِ وعَفَافِك، مَسْؤُوْلَةً عَنْ زَوْجِكِ وأَوْلَادِك! قال ﷺ: (إِذَا صَلَّتِالمَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا؛ قِيلَ لَهَا: "ادْخُلِي الجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الجَنَّةِ شِئْتِ"!).

أَيَّتُهَا المَرْأَةُ العَاقِلَةُ: اِحْذَرِي أَنْ تَكُوْنِي فَرِيْسَةً يَسِيْرَةً، لِأَصْحَابِ القُلُوبِ المَرِيْضَةِ: الَّذِينَ يُشَوِّهُونَ الحَقَّ والفَضِيلَةَ، وَيُزَخْرِفُونَ البَاطِلَ والرَّذِيْلَةَ، وَيُشَكِّكُونَ في الثَّوَابِتِ والعَقِيدَة! ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُوْلَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾.

 

 

*******

* اللَّهُمَّ كما أَكْمَلْتَ لَنَا شَهْرَ رَمَضَان، وأَعَنْتَنَا على الصِّيَامِوالقِيَامِ والقُرْآن، فَأَتْمِمْ نِعْمَتَكَ بِالقَبُولِ وَالغُفْرَان.

* اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ والمُسْلِمِينَ، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمُشْرِكِيْن.

* اللَّهُمَّ فَرِّجْ هَمَّ المَهْمُوْمِيْنَ، وَنَفِّسْ كَرْبَ المَكْرُوْبِين.

* اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُوْرِنَا، وَوَفِّقْ (وَلِيَّ أَمْرِنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ) لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِمَا لِلْبِرِّ والتَّقْوَى.

* عِبَادَ الله: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

* فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ﴿وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾.

قناة الخُطَب الوَجِيْزَة

https://t.me/alkhutab
 

المرفقات

1712423054_‎⁨خطبة عيد الفطر (1445هـ) نسخة مختصرة⁩.pdf

1712423055_‎⁨خطبة عيد الفطر (1445هـ) خط كبير⁩.pdf

1712423055_‎⁨خطبة عيد الفطر (1445هـ) نسخة للطباعة⁩.pdf

1712423057_‎⁨خطبة عيد الفطر (1445هـ) خط كبير⁩.docx

1712423057_‎⁨خطبة عيد الفطر (1445هـ) نسخة مختصرة⁩.docx

1712423057_خطبة عيد الفطر (1445هـ) نسخة للطباعة.docx

المشاهدات 1720 | التعليقات 0