خطبة عيد الفطر ونعمة استقرار بلاد الحرمين السعودية

أبو المقداد الأثري
1433/09/30 - 2012/08/18 23:57PM
الخطبة الأولى
أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا النَّاسُ اتّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتهِ واشْكُرُوهُ عَلَى نعَمهِ وآلائهِ، وَمِنْهَا أَنْ بَلّغَكُمْ هَذَا الْعيدَ السَّعِيدَ الذِّي خَتَمَ اللهُ بِهِ شَهْرَ القُرْآنَ وَالصِّيَامَ وَالقِيامَ، وَافْتَتَحَ بِهِ أَشْهُرَ الْحَجِّ إِلَى الْبَيْتِ الْحرَامِ.
يَوْمٌ عَظِيمٌ لِمَنْ أَتَمَّ اللهُ عَلَيْهِ نِعْمَتَهُ فَقَبِلَ صِيَامَهُ وَقِيَامَهُ، وَغَفَرَ زَلَلَـهُ وَإِجْرَامَهُ، وَكَتَبَ لَهُ الْجَنَّةَ دَارَ المُقَامَةِ.
إخوةَ الإِيْمَانِ
إنَّ نِعَمَ اللهِ عَلَيْنَا لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى، وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّهَا وَأَعْظَمِهَا أَنْ هَدَانَا للإِسْلاَمِ وَأَنْقَذَنَا مِنَ الشِّرْكِ، وَأَنْ تَفَضَّلَ عَلَيْنَا بِاْلعَقِيدَةِ الصَّافِيَةِ النَّقِيَّةِ عَقِيدَةِ السَلَفِ الصَّالِحِ عَقِيدَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلمَ، أسْوَةُ هَذِهِ الأُمَّةِ وَقُدْوَتُهَا وَنِبْرَاسُهَا العَمَلِي.
فَمَنْ لَقِيَ اللهَ مُوَحِّدًا لاَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَحَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ فَلَا يُخَلَّدْ فِيهَا، وَمَنْ لَقِيَ اللهَ يُشْرِكُ مَعَهُ آلهةً أخْرَى دَخَلَ النَّارَ وَحَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَالْعِيَاذُ باللهِ.
وَمَنْ لَزِمَ طَرِيقَةَ السَّلَفِ الصَّالِحِ عَقِيدَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى الصِّرَاطِ المُستقيمِ وَالْمَنْهَجِ القَوِيمِ.
فَالْعَقِيدَةُ الصَّحِيحةُ هِيَ الَّتِي بِهَا يَعرِفُ العَبـْدُ رَبَّهُ حَقًّا بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي جَاءَتْ فِي كِتَابِ اللهِ الكريمِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ الصَّادِقِ الأَمِينِ الَّتِي تَتَلَخِصْ فِي الإِيْمَانِ بِأَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ عَلَى حَقِيقَتِهَا مِنْ غَيْرِ تَمْثِيلٍ للهِ بِشَيْئٍ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ({لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]) عَلَى خِلَافِ الْمَذَاهِبِ المُضِلَّةِ الَّتِي لاَ تَزِيدُ أَصْحَابَهَا باللهِ إِلَّا جَهْلًا وَلاَ تُفِيدُهُمْ إِلَّا حَيْرَةً وَضَلَالًاـ..
وَبِالْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ يَقُومُ بِحَقِّ رَبِّهِ الَّذِي خَلَقَهُ مِنْ أَجْلِهِ فَيَعْبُدُهُ وَحْدَهُ وَلاَ يُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا، فَذَلكَ أَعْظَمُ حُقوقِ اللهِ علَى عِبَادِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ. وَمَنْ ضَلَّ عَنْهَا تَرَاهُ يُرَدِّدُ كَلِمَةَ التَّوْحيدِ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ وَلَكِنَّهُ يُشْرِكُ مَعَ اللهِ فِي الْعِبَادَةِ، فَيَسْتَغِيثُ بِالأَوْلِياءِ وَيَدْعُو الأَنْبِيَاءَ، وَيُنْذِرُ للقبورِ وَيَتَبَرَّكُ بِالأَضْرِحَةِ، فَأَيْنَ هِيَ حَقِيقَةُ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ عِنْدَ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ.
وَالْعَقِيدَةُ الصحيحة هي الَّتِي يتفيأُ الحاكمُ والمحكومِ فِيهَا ظِلَالَ الأَمْنِ وَالأَمَانِ وَالأُلْفَةِ والاجْتِمَاعِ ، لِأَنَّهَا تُوجِبُ عَلى أَهْلِهَا أَنْ يَسْمَعُوا وَيُطِيعُوا لِوُلاَةِ أَمْرِهِمْ فِي الْمَعْرُوفِ، وَأَنْ لاَ ينزعُوا يدًا مِنْ طَاعَةٍ وَإنْ جَارُوا وَظَلَمُوا مَعَ القيامِ بِواجِبِ المُنَاصَحَةِ وَالإِصْلَاحِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ. لِأَنَّ عَدَمَ الصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الوُلاَةِ وَظُلمِهِمْ وَالإِقْدَامِ عَلَى مُقَابَلَتِهِمْ بِالْقُوةِ وَالْخُروجِ يُؤَدِّي إلى فَتَنٍ عَظِيمَةٍ وَشُرُورٍ مُسْتَطِيرَةٍ، مِنْ دِمَاءٍ تُسْفَكُ وَأَعْرَاضٍ تُنْتَهكُ وَسُبُلٍ تُقْطَعُ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مِنْ تَفـَرُّقِ القُلوبِ وتسلطِ الأَعْدَاءِ وَضَيَاعِ الأَمْوَالِ وَازْدِيَادِ الفَقْرِ، كَمَا يَشْهَدُ بِذَلكَ التاريخُ الذِي نَقْرأُهُ والحاضِرُ الذِي نُبْصِرُهُ.
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ؛ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَلله الْحَمْدُ.
إخوة العقيدة أن أعدائكم كثير وإن حسادكم أكثر وكلهم يسعى لتغيير أوضاعنا وتبديل أحوالنا وأكثر ما يحرصون عليه أن يكون التخريب والتغيير بأيدي أبنائنا وشبابنا وفتياتنا لذا يخططون ويدربون وينفقون الأموال من أجل الوصول إلى هذه الغاية
ومن خططهم تهييج الناس ببعض القضايا وقد علم كل دارس منصف لمخططاتهم أنهم لا يقصدون إقامة معروف ولا تغيير منكر وإنما يريدون التهييج والإثارة والتغيير السياسي.
ومن أخبث وسائلهم لشدة خفائها الأسلوب المتمثل في استغلال بعض الأخطاء أو الملحوظات التي لا يكاد يخلو منها مجتمع وتضخيمها وتهويلها وجعلها وسيلة لحقن النفوس وإلهاب القلوب وإثارة الأحقاد في قلوب الرعية ضد دولتهم.
كما يفعلون الآن مع مشكلة الإسكان والبطالة والتوظيف والفساد الإداري والمالي..
إن الدولة بلسان أكبر مسؤوليها تقر وتصرح بوجود مشكلات وكل يوم ولله الحمد والقرارات يتلو بعضها بعضاً لتصحيح الأوضاع وعلاج الأمراض ولكن لا أحد يملك أن يقول للأمر كن فيكون الإ الله..
وهؤلاء المصطادون في المياه العكرة لو صدقوا في أنهم يريدون الإصلاح لسلكوا منهج المصلحين الصادقين الذين يصدعون بالحق وبالأدب أمام أصحاب القرار بالتي هي أحسن وبالأسلوب السري الذي يجمع بين إبراء الذمة وبين الحفاظ على سلامة القلوب واجتماع الشمل.
لأن هذا الأسلوب التهييجي إنما ينتج عنه _ وهم يدركون_ شحن القلوب على ولاة أمرهم وقد تكون العواقب إلى اشتعال فتنة تأكل الأخضر واليابس وعندها لا يفكر المرء في سكن ولا وظيفة وإنما يفكر في روحه وحياته وحياة أهله وأعراض نسائه..
إنهم بمنزلة من يهدم البيت على رأس أهله بدعوى إصلاح بعض الخلل والفساد في جزء منه.
فهل يفعل هذا إلا سفيه.
ونحمد الله جل وعلا أننا في هذه البلاد ننعم بنَعْمَةِ الأَمْنِ والاجْتِمَاعِ وَالأُلْفَةِ ووحدة الصف والكلمة بين الراعي والرعية فولي أمرنا من وعلى ديننا ولنا علماء إجلاء من سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ وإخوانه العلماء ممن شابت لحاهم في العلم ، وعرفوا بالتقوى والخوف من الله تعالى فهم مرجعيتنا الدينية ، والمسلمين قد أجمعوا في شرق الأرض ومغاربها على محبتهم والأخذ بفتاواهم ، ونحن في هذه البلاد خاصة لن نقبل المزايدين ودعاة الثورة والأحزاب المستأجرة والمتلونين السياسيين ولو تظاهروا بالدين فهم دعاة شر وفتنة وما نراه اليوم من تساهلهم في الفتاوى بحجة التيسر وعدم الجمود حتى ميعوا كثير من أحكام الشريعة فنالوا من بعض صحابة رسول الله r كمعاوية رضي الله عنه وغيره، ومن أخر مكايدهم وتلاعبهم بدين الله عزوجل أفتوا وساهموا في إجازة وتهوين شأن تمثيل الصحابة وخالفوا فتاوى علماء السنة والهيئات والمجاميع العلمية منذ عصر التأريخ حتى يومنا هذا، حتى وصل بهم الأمر لتمثيل عمر بن الخطاب رضي الله عنه والحسن والحسين وحمزة بن عبدالمطلب وغيرهم وعرضهم في القنوات الفاسدة يقوم بدورهم من فسد في خلقه ودينه ، مقابل متاع قليل زائل، نَعُوذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنَ الزَّيْغِوَالضَّلاَلِ، وَمِنَ الجُرْأَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ الكِرَامِ
فَاحذروا اخوة الإيمان من دعاة الباطل وسْتَمْسِكُوا بِعقيدتكم وَلاَ تُغَيِّرُوهَا فَإِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّروا مَا بِأَنفُسِهِمْ.
اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ لا إله إلا الله.. الله أكبرُ اللهُ أكبرُ ولله الحمد الله
إخوةَ الإِسْلامِ:
لَقَدْ وَدَّعْنَا بالأمسِ شهرَ رمضانَ بَعدَ أنْ عشنَا نهارَهُ صِيَامًا وليلَهُ قيامًا وَساعَاتهِ ذِكْرًا وقرانًا، تلذذنا فيها بالعبادةِ وَأَنَسَنَا بِالقربِ من اللهِ فَانْشرحَتْ الصدُورُ، وَاطمأنَتِ القلُوبُ، وَتِلْكَ جَنَّةٌ عاجِلَةٌ للمؤمنِ يذوقُ فيهَا أثاَرَ عِبَادةِ اللهِ، فَإذَا لَقِيَ رَبَّهُ أدخلهُ الجنَّةَ الباقيةَ الخالدِةَ.
عِبَاد اللهِ
إِنْ كانَ رمضانُ قَدْ مضَى وَانْقَضَى فَإِنَّ اللهَ حيٌّ لا يموتُ وَشَاهِدٌ لا يَغيبُ، فاجعلُوا العمرَ كُلَّهُ _ وإنهُ لَقَصِيرٌ _ مَوِسِمَ طَاعَةٍ وعبادَةٍ، تقربُوا إلى اللهِ بمَا يُرضيهِ، واجتَنِبُوا ما يُسْخِطَهُ مِنْ مَنَاهِيهِ بالعنايةِ بالواجِبَاتِ الشرعِيَّةِ، فَإِنَّ أحبَّ مَا تَقَربَ بِهِ العبدُ إلى رَبِّهِ ما افترضَهُ عليهِ، وَبِالاستكثَارِ مِنَ النَّوافِلِ، فقيامُ الليلِ مشرُوعٌ فِي العامِ كُلهِ وَيَا خَيبَةَ وَخَسَارةَ مَنْ كَانَ يَقُومُ الليلَ ثُمَّ تَركهُ فقدْ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لِبَعضِ أصحَابهِ مُحذرًا: (يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ، فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ) متفق عليه
وَصِيامُ النافِلَةِ مَشْرُوعٌ فِي السُّنةِ وفي الشهرِ وَفِي الأُسْبُوعِ، فَيُسَنُّ صيامُ سِتةِ أيامٍ مِنْ شَوالٍ، وَيُسَنُّ أيضًا صِيامُ الاثنينِ والخميسِ من كُلِّ أُسْبُوعٍ وَصيامُ ثَلاَثَةِ أيامٍ مِنْ كُل شهرٍ وَصِيامُ عَاشُورَاءَ وَصيامُ عَرَفَةَ لغيرِ الحاجِّ، وَصِيامُ مُحَرَّمٍ وَصِيَامُ أَكْثَرِ شَعْبَانَ، وَيشرعُ للمسلمِ أَنْ يَستكثرَ مِنْ تِلاَوةِ القرآنِ بِتَدَبُّرٍ وَتَأملٍ فِي كلِّ وَقْتٍ، ولَهُ فِي تِلاوتِهِ مِنَ الأجورِ وَالحَسَناتِ مَا لاَ يَخْطُرُ عَلَى البالِ..
عبادَ اللهِ:
منَ النَّاسِ مَنْ يُعِرِضُ عَنْ ربِّهِ بعدَ رَمضانَ إعراضًا كَبيرًا، فَتَراهُ يَهجُرُ صَلاةَ الفريضَةِ فَلاَ يصليهَا، وذَاكَ يَهْجُرُ المَسْجِدَ فلا يَدْخُلُهُ إِلاَّ مِنَ الجمعةِ إِلى الجُمِعةِ مَعَ أنه كانَ في رمضانَ كَحَمامةِ مَسْجِدٍ لا تكادُ تُخْطِئُهُ فريضةٌ.
أوْ تراهُ مَا إنْ يَخْرُجْ رمضانَ حتَّى عادَ إلى سيرتهِ الأولَى مِنْ تَركِ الطاعاتِ وَارتِكاِب المنكراتِ بَعْدَ أَنْ أَصْلَحَ حَالَهُ فِي رمضانَ.
فَلْيَسْألُوا أنفسهَمْ بِصدقٍ لِمَ يَفعلونَ ذَلكَ، أليسَ ربَّ رمضانَ هُوَ ربُّ شوالَ وَرَبُّ العامِ كُلِّهِ
هلِ اللهُ أمرَ أنْ يُعبدَ فِي رَمَضانَ وَأنْ يُعْصَى فِي غَيرِهِ.
هلْ يعتقدونَ أنهُمْ ضَمنُوا المغفرةَ للذنوبِ السَّابقةَ واللاَّحقَةَ وَأَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا عَذَابَ اللهِ فَلَنْ يُعَذَّبُوا أبدًا
لقَدْ كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعيذُ باللهِ مِنَ الضلاَلَةِ بَعْدَ الهُدَى، وَمِنَ الزَّيغِ بَعدَ الهِدَايةِ، وَذَلكَ أَنَّ الأعمالَ بالخواتيمِ، وَمَنْ زَاغَ بَعْدَ الهُدَى فَقَدْ تُدرِكُهُ المَنِيَّةَ عَلَى سيئِ عَمَلهِ فَيلْقَى رَبَّهُ مُفرِّطًا مُضيِّعًا فَيَتَحسرُ حينَ لاَ تَنفعُ الحسرةُ، وَينْدَمُ حِينَ لاَ تنفعُ الندامةُ
فالصلاة ياعبادالله هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين فلا تتهاونوا فيها، واسمعوا إلى ربكم وهو يتوعد المتهاونين في الصلاة حيث قال: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم:59]، وقال سبحانه: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) [الماعون:4، 5]. قال العلماء: هم الذين أخروا الصلاة عن وقتها لغير عذر ثم صلوها في غير وقتها، فلهم تهديد وعذاب من الله إليم.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
بارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القرآنِ العَظِيمِ، وَنَفعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فيهِ منَ الآياتِ والذِّكرِ الحكيمِ
أقُولُ هَذَا الْقولُ، وأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغفروهُ إِنَّهُ هُوَ الغفورُ الرَّحِيمُ
الخطبة الثانية
أما بعد:
فاتقوا اللهَ عِبادَ اللهِ واعلمُوا أَنَّ اللهَ شَرَعَ في هَذَا اليومِ صَدَقَةَ الفِطْرِ مِنَ الطَّعَامِ تُعْطَى للفقراءِ وَالمَسَاكينَ لِتَكونَ طُهْرَةً للصائمِ مِنَ اللَّغْوِ والرَّفَثِ، فَمَنْ أَخْرَجَهَا فَتَقَبَّلَ اللهُ مِنْهُ، وَمَنْ لَمْ يُخْرِجْهَا فَلْيُبادرْ إِلى إِخْرَاجِهَا وَلاَ يُؤَخِرَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيَتْرُكُ فَرْضٍا فرضَهُ اللهُ عَلَيْهِ.
أيُّهَا الإِخوةُ
إِنَّ العيدَ مُناسَبَةٌ سَعِيدَةٌ وَفُرْصَةٌ ثًمِينَةٌ لإِصلاحِ ذَاتِ البينِ وَإِنْهَاءِ المشَاحنَاتِ والخُصُومَاتِ بَيْنَ الأقَارِبِ وَالأَصْهَارِ وَالأَصْدِقَاءِ والزُّمَلاءِ، وَذَلكَ بالعَوْدةِ إِلَى التَّوَاصُلِ وَالتَّزَاوُرِ وَالتَّسَامُحِ وَالتَّصَافِي والتَّنَازُلِ عَنْ بَعْضِ الحُقُوقِ أَوْ كُلِّهَا رَغْبةً فيمَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الأَجْرِ وَالْمَثُوبَةِ ({فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40])
وَتَذَكَّرُوا أَنَّ مَوَاسِمَ الخيرِ وَالغُفْرَانِ قَدْ يُحْرَمُ مِنْهَا الْعَبْدُ بِسَبَبِ مُشَاحنَةٍ وَبَغْضَاءَ وقَطِيعَةٍ وَهُجْرَانٍ تَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهِ فَلاَ يُغْفَرْ لهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا..
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله اكبر ولله الحمد
أَيَّتُهَا المُسْلِمَاتُ:
إِنَّ اللهَ أَمَرَكُنَّ بِالقرارِ فِي البُيُوتِ فَلاَ تَخْرُجْنَ إِلاَّ لِحَاجَةٍ لاَبُدَّ مِنهَا، وَإِذَا خَرَجْتُنَ فَالْزَمْنَ الحِجابَ الشَّرْعِيَ السَّاتِرَ فَإِنَّ تَبَرُّجَ المَرْأَةِ وَسُفُورَهَا مِنْ أَسِبَابِ الفتنةِ والفَاحِشَةِ والانْحِطَاطِ الأَخْلاَقِي.
إنَّ مِنَ الأُمورِ المُشَاهَدَةِ المَصْحُوبَةِ بِالأَسَى والأسَفِ مَا يُلاَحَظُ مِنْ تَساهلِ بَعضِ النساءِ فِي أَمْرِ الحجابِ والتستُّرِ، وَاسْتِبْدَالِ مَا أَلِفْنَاهُ مِنْ عَبَاءَاتٍ وَافَقَتْ الشَّرْعَ فِي تَفْصِيلِهَا إِلى عَباءَاتٍ لاَ تُوافِقُ الشَّرْعَ؛ بَلْ تُخُالِفُهُ تمامًا، بالزَّرْكَشَةِ وَالزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ للرجَالِ، حَتَّى أَصْبَحَتْ هَذِهِ العَبَاءَاتُ مِنْ عَلاَمَاتِ السُّفُورِ والفِتنَةِ، فَعَلى الأُسْرَةِ أَنْ تعتني بتربيةِ الأَبْنَاءِ والبَنَاتِ عَلَى أَخْلاَقِ الإِسْلاَمِ وآدَابِهِ وَقِيَمِهِ، وعلَى وِقَايَتِهِمْ مِنَ التأثُّرِ بِوَسَائِلِ الفَسَادِ مِنْ إعلاَمٍ أوْ صَدَاقَاتٍ أَوْ سَفَرِيَّاتٍ أَو مَنْهَجِ تَعْليمٍ يَسِلُخُ أَوْلاَدنَا ذُكورًا وَإناثًا عَنْ قِيَمِهِمُ الْحَمِيدَةِ وَسِيرَتِهِمُ الرَّشيدَةِ، وَإِنَّ الْغَزْوَ الفِكْرِيَّ وَحَرَكاتِ التَّغْريبِ لاَزَالتْ تَعْمَلُ لإفْسَادِ مُجْتَمَعِنَا المُحَافِظِ عَلَى دِينِهِ لِنَزعِ حِجَابِ نِسَائِنَا، فَإذَا تَسَاهَلْنَا فِي هَذَا الِجَانبِ حَصَلَ ما يُريدُ الأُعْدَاءُ، وَلَا تَسْأَلُ عَنْ حَالِنَا بَعْدَ ذَلكَ، والسَّعيدُ مَنْ حافظَ علَى دِينهِ وَوَعظَ بِغَيْرِهِ.
إِنَّ الشُّعُوبَ المُتقَدِّمَةَ فِي المُختَرَعَاتِ الدنيويةِ مُتأَخِّرَةً كلَّ التَّأَخُرِ فِي قَضِيَّةِ العِفَّةِ والطُّهْرِ فَلاَ يَصْلُحْ أَنْ يَكُونُوا لنَا قُدوةً فِيمَا هُمْ عَلَيهِ مِنَ الانْحِطاطِ الأَخْلاَقيِّ وَلاَ سِيَّمَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالمَرْأَةِ وَلِبَاسُهَا وَعِلاَقَتُهَا بِالرَّجُلِ الأَجِنَبِيِّ عَنِهَا. بَلْ القدوةُ الصَّحِيحَةُ هُنَّ النساءُ المؤمنَاتُ الأُولَيَاتُ مِنَ المُهَاجِرَاتِ والأَنصَارِيَّاتِ وَعَلَى رَأْسِهِنَّ أُمَّهَاتُ المُؤْمِنِينَ رُضْوانُ اللهِ عَلَيْهِنَّ أَجْمَعينَ.
عَلَى الزَوْجَةِ أَن تَتقِي اللهَ فِي بيتِهَا وَزَوْجِهَا وَأوْلاَدِهَا طَاعَةٍ وَرِعَايَةً وَتَرْبِيَةً وَصَبْرًا وتَغَاضيًا عَنْ بَعْضِ حُقُوقِهَا فَإِنَّ استقْرَارَ الأُسرَةِ اسْتِقْرَارٌ للْمُجْتَمَعِ واضطرَابُهَا اضطرابٌ وَخَلَلٌ يَنْجَرُّ عَلَى المجتمعِ كُلِّهِ فَمَا المجتمعُ إِلَّا مَجْمُوعَةٌ مِنَ الأُسَرِ.
إنَّ كثيرًا مِنْ نُزَلاءِ السُّجُونِ وَأَصْحَابَ السَّوابِقِ والإفْسَادِ فِي الأَرضِ خَرَجُوا مِن أُسَرٍ مُفَكَّكةٍ وبيُوتٍ مُهَلهَلَةٍ فَقَدُوا التربيةَ والتوجيهَ والأمانَ والدفءَ، فَتَلَقَّفتْهُمُ الأرصفَةُ والطُّرقَاتُ وَعصَابَاتُ الجَرِيمةِ والمخَدِرَاتِ فَـَهلكُوا وَأَهْلَكُوا وَفَسدُوا وَأفْسَدُوا.
حمَى اللهُ أبنَاءَنَا وَبَنَاتنَا مِنْ كلِّ سوءٍ إِنهُ سَمِيعٌ مُجيبٌ.
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
عباد الله اوصيكم في هذا اليوم باتباع سنة نبينا محمد عليه أفضل الصلاةوالسلام والحذر من المخالفات الشرعية كالمصافحة بين الرجال و النساءالأجنبيات ( من غير المحارم ) إذ هذا من المحرمات والكبائر وقد جاء في الحديثالصحيح:"لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُمِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ".
وإياكم وتخصيص يوم العيد أو يوم الجمعة من كل أسبوع بزيارة القبور فان هذا التخصيص بدعة منكرة لم يفعلها رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليهوسلم والسنة زيارة القبور متى تيسر للمسلم دون تخصيص وقت معين يعتاد فيه الزيارة ومن السنن يوم العيدتغيير طريق العوده من المسجد من الطريق الذي اتيت منه قدرالمستطاع
ويشرع للمسلمينالتهنئة بالعيد لثبوتها عن الصحابة رضي الله عنهم ، فعن جبير بن نفير قالكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : "تقبل منا ومنك"
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
إخوةَ الإيمانِ تَذَكَرُوا باجتمَاعِكُمْ هَذَا اجتِمَاعَكُمْ يَوْمَ الحشْرِ والعَرْضِ عَلَى اللهِ فَمَا أسْرَعَ القدومَ عَلَيْهِ والمصيرَ إليهِ، فَكمْ وَكَمْ مِمَّن حَضَر مَعَنَا مثلَ هَذَا اليومَ فِي العيدِ الماضِي وَسَمِعَ مثلَ هذهِ الذكرَى قَدْ صارَ إلى رَبِّهِ، مُوَسَّدًا فِي قَبْرِهِ ، مُرْتَهِنًا بِعَمَلهِ، فاستعدُّوا لذَلِكَ اليومِ بالـإيْمَانِ الصادقِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ وَسُرْعَةِ التَّوْبَةِ والإنَابَةِ قَبْلَ فَوَاتِ الأوانِ وَهُجُومِ الآجَالِ وانْقِطَاعِ الأعمَالِ واللهُ المستعانُ.
اللهُ أَكبرُ اللهُأَكبرُ، لاإِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكبرُ ، اللهُ أَكبرُ وَللهِالحَمدُ .


اللهم إنّااجتمعنا في هذا المكان رجالا ونساء نرجو رحمتَك وثوابَك، ونخشى عذابك وعقابك , اللهم فتقبّل مساعيَنا وزكِّها، وارفع درجاتِنا وأعلها. اللهمّ آتنا من الآمالِمنتهاها، ومن الخيرات أقصاها.


اللهم تقبّل صيامنا وقيامنا ودعاءنا يا أرحمالراحمين.


اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا والزلازلوالمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن. عن بلدنا هذا خاصة وعن بلاد المسلمينعامة.


اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات؛ اللهم أرِنا الحقَّ حقًا وارْزقْنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً، وارزقنا محاربته واجتنابه، اللهم وفقنا لهداك واجعل عملنا في رضاك؛ اللهم اهدنا لما اختُلِف فيه من الحق بإذنك؛ إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.


اللهم أنزل على الحاضرين والحاضرات رحمة من عندك تغفربها ذنوبهم وتستر بها عيوبهم وترفع بها درجاتهم وتشف بها مريضهم وتعاف بها مبتلاهموتفرج بها همومهم وتقضي بها ديونهم وتيسر بها أمورهم وتصلح بها نساءهم وتهدي بهاشبابهم وكبيرهم وصغيرهم


اللهم يارحمن يا رحيم ..أنج المستضعفين من المسلمين اللهم احقن دماءهم واكشف بلاءهم وارفعضراءهم وفك أسراهم واشف جرحاهم وتقبل شهداءهم


اللهم ولي على إخواننا في ليبيا وتونسومصر واليمن خيارهم واكفهم شرارهم واجمع كلمتهم على الحق والهدى ووفقهم لتحكيم كتابك وسنة نبيك صلى الله عليهوسلم


اللهمإنا نشكوا إليك ضعف إخواننا في سوريا وبورما واراكان اللهم ان نشكوا إليك قلة حيلتهم وهوانهم على الناس اللهم كن لهممعينا ونصيرا وظهيرا على القوم الكافرين عاجلا غير آجل


وأرنا في النصيرية والبوذيين الأرجاس أشد بأسكالذي لا يرد عن القوم المجرمين


اللهم عليك بم يحارب دينك ويصد عنسبيلك ويستهزئ بسنة نبيك ويطعن في محكمات الدين وينشر الفساد والتغريب في بلادالمسلمين ويشيع الفاحشة بين المؤمنين اللهم عليك بدعاة الشر والفتنة اللهم اجعل تدبيرهم تدميرا عليهم يارب العالمين اللهم اكفناهم بما شئت يا قوي يامتين
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أوطاننا وَأَصْلِحْ أئمتنا ووُلاةَأُمُورِنَا ووفق بالحق إمامنا وولي أمرنا وولي عهده وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تدل على الخير وتعينهم عليه, سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّايَصِفُونَ , وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّالْعَالَمِينَ
المشاهدات 2504 | التعليقات 2

لدي استفسار أخي في الله..
مالحكمة من إضافة ( السعودية ) في آخر عنوان الخطبة مع أنه معروف لدى القاصي والداني من أن بلاد الحرمين هي السعودية..

فمن وجهة نظري يا حبذا تغيير العنوان ليكون:

نعمة استقرار بلاد الحرمين
أو
نعمة استقرار السعودية


الحمدلله اني لم احضر خطبتك